• عدد المراجعات :
  • 763
  • 8/17/2011
  • تاريخ :

دستور الجمهورية الاسلامية

الثوره السلاميه

الدستور هو وثيقة طموحات وينبغيات أمّة ، وتعود أهميته بغضّ النظر عن كونه القانون الأم لسائر قوانين البلاد ، إلى أنه دوّن في وقت اختار فيه الشعب كلّه وبصوت واحد أهدافاً معينة ، وتحرك بصورة متسقة وموحدة . ومثل هذا الوضع يعد نادراً وفرصة ثمينة ، والقانون الذي يدون في مثل هذا الظرف يمثل تسجيلاً لروح أمّة ، وإطاراً يمكن أن يشبع حاجات الحاضر والمستقبل .

وطبعاً بما أن متطلبات الزمن ، تحتم تغييرات مستحدثة ، فقد ترك طريق الإصلاح مفتوحاً ـ بشرط عدم التضارب مع نواة ولباب مبادئ الشعب ـ لتلبية مثل هذه الاحتياجات ، إلاّ إذا تغيّر الشعب في يوم من الأيام بصورة كلية شاملة ، وقرّر طموحات وأوضاعاً مختلفة .

من البديهي انّه لا سبيل للاطلاع التام على الدستور سوى بقراءة جميع فصوله ومواده . ومع ذلك حاولنا أن نقدِّم إيضاحات رئيسية في ثماني فقرات تفصح قدر المستطاع عن أهمية دستور الجمهورية الاسلامية الايرانية ومكانته ومحتواه وتأثيراته .

1 ـ 1 ـ سرعة تدوين الدستور والمصادقة عليه :

يتمتع «القانون» بمحورية مميزة بالنسبة لبلد قام بثورة . ذلك أن أمسّ الحاجات بعد انتصار الثورة هو ترتيب الأمور والأوضاع على أساس معيار يحظى بالقبول والاحترام ، وبمستطاعه كإطار عام أن يوجه الأنشطة والتحركات في سياق أهداف الثورة . وعليه كان تدوين مجموعة قوانين يتألف منها «الدستور» ذا أهمية حيوية ، إذ أعقبت الثورة وبسرعة كبيرة ظروفٌ صعبة متتالية لم تكن بالحسبان . وما لم تعالج هذه الظروف على أساس معيار موثوق مقبول ، لعمت الفوضى التي تلت الثورة كل أنحاء البلاد بشكل منفلت غير قابل للسيطرة ، ولضاعت أهداف الحرية والاستقلال وذهب أدراج الرياح .

وإذن ، يمكن اليوم تثمين وعي المسؤولين وإدراكهم يومذاك ، حيث عكفوا بيقظة وفهم عميق على إنجاز هذه المهمة ممهدين الأرضية لصيانة الثورة . في حوار أجري في مقر الحزب الجمهوري الاسلامي ، أشار أحد المراسلين إلى أن عمر الدستور سيمتد إلى سنوات طوال ، فما هو السبب في التسرع في تدوينه ؟ وأجاب الدكتور شيباني : اتّضح من الدراسات التي أجريت لبلدان مختلفة ، أنّ مجلس المؤسسين استمر فترة طويلة . ففي إسبانيا مثلاً استمر سنة ونصف السنة . غير أن الحال في بلادنا تختلف عنها في بلدان أخرى . لقد وقعت هنا ثورة ، وبعد الثورة لابدّ لنا من إرساء القواعد والأسس التي يقوم عليها مصير البلاد . وكلّما تمت هذه العملية بسرعة أكبر ، كانت النتائج أفضل . ومع أن عدد الأفراد كان محدوداً ألا إنّهم كانوا من جميع شرائح المجتمع . وقد أدلى الناس برأيهم حول المسودة التي كتبت ، وتشكلت لجان متعددة درست الآراء التي جمعت . ولنفترض أنّه قد تشكل مجلس خبراء من 700 شخصية ، فإن هؤلاء السبعمئة لن يكتبوا القانون جميعهم ، بل تحال المهمة إلى لجنة من عشرين شخصاً تتولى كتابة القانون وتعرضه على المجلس ذي السبعمئة شخص . ولكم أن تعتبروا هؤلاء السبعين شخصاً مثل تلك اللجنة ، فهم يدونون الدستور الذي سيعرض تالياً على الرأي العام . وهذه برأينا أفضل طريقة عملية ممكنة .

وعندها عاد ذلك المراسل ليقول : ولكن في تلك الحالة سيصادق عليه 700 شخص وليس 70 شخصاً ؟ فأجاب الدكتور شيباني : كان رأينا أن يصادق عليه بدل 700 شخص 35 مليون نسمة هم سُكان إيران . أي لو لم يكن السبعون شخصاً مقبولين لدى الجماهير وقالوا لا ، سيضطرون لتدوين دستور جديد ، ولكن إذا قالوا نعم ، حينئذ سيصادق عليه 35 مليون نسمة [1] .

والواقع أن ما صنعوه كان في البداية تدبيراً تقف وراءه فكرة أن «تحديد الدستور أحد سبل تكريس الاستقرار في البلاد» مع أن بعض المواد سيبقى حسب الظاهر غير مستعملة لأعوام طويلة ، ألا إنّ الذي حدث كان شيئاً آخر . يوضح الدكتور جلال الدين مدني هذه المسألة بحيرة مصحوبة بالإعجاب على النحو التالي : مع أنه لم تمض إلاّ سنوات معدودة على المصادقة على الدستور وتنفيذه ، ولا تزال الكثير من القوانين العادية ذات الصلة بتنفيذ مواده غير مدونة ولا مصادق عليها ، إلاّ أن تحولات البلاد وتطوراتها فعّلت الدستور ونشّطته إلى درجة أن بعض مواده التي كان المتوقع لها أن لا تستعمل إلاّ بعد زمن طويل ، خضعت في غضون هذه المدة القصيرة للبحث والمناقشة والتفسير والتطبيق . فمثلاً ، المادة رقم 110 حول قيادة الولي الفقيه للقوات المسلحة والتي طرحت العديد من النقاشات حول سبل تطبيقها ، ظهرت ضرورات تطبيقها بشكل جد مركز وفي أرقى الدرجات مع اندلاع الحرب المفروضة من قبل العراق على إيران ، بل وبرزت حالات تفويضها الموقت . الشق الخامس من هذه المادة ، والذي ساد التصور بأن لا تكون ثمة حالات تستدعي تطبيقه حتى بعد قرن من الزمان ، توفر له مصداق بارز في غضون أعوام قليلة ، وتمّ عزل أوّل رئيس جمهورية وفقاً له . صوّت مجلس الشورى على عدم الكفاءة السياسية لرئيس الجمهورية ، وأصدر القائد أمراً بعزله نظراً لمصالح البلاد . وفي غضون هذه الفترة القصيرة كان ثمة شخص بين المرشحين لرئاسة الجمهورية مشكوك في أصله الإيراني فاعتزل المعركة الانتخابية لهذا السبب . الشورى الموقتة لرئاسة الجمهورية التي نادراً ما تتوفر ضرورات تشكيلها ، تشكلت مرّتين ، وأعدّت لانتخابات رئاسة الجمهورية الثانية والثالثة خلال خمسين يوماً كما لوحظ في الدستور ، بل سنرى أن واحداً من أندر أشكال هذه الشورى الموقتة تحقق باستشهاد رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ، وبناءً على تفسير مجلس صيانة الدستور للمادة 130 ، تمّ تشكيل الشورى الموقتة لرئاسة الجمهورية من شخصين متقاربين في وجهات النظر ، فتألفت الشورى من رئيس مجلس الشورى الاسلامي ورئيس ديوان القضاء العالي في البلاد ، فاقترحا بالاتفاق رئيس وزراء جديد على المجلس . وبدا أن بالمستطاع معالجة العقد النادرة التي قد يحتويها الدستور ، بفضل ما يقدمه مجلس صيانة الدستور من تفسيرات له . وهكذا يلوح أن دستور الجمهورية الاسلامية الفتي ذو مرونة وقابليات جمّة ، وقدرة عالية على التناغم السريع مع الظروف العصيبة [2] .

وإذن ، لو لم يدون الدستور بسرعة ويصادق عليه بسرعة ، لما أمكن معالجة المشكلات اللاحقة .

الهوامش:

[1] ـ الوحدة الثقافية لمؤسسة الشهداء، بهشتي السيد المظلوم (الكتاب الثاني) الطبعة الأولى 1982، ص639 ـ 640.

[2] ـ الدكتور جلال الدين مدني ، الحقوق الأساسية في جمهورية ايران الاسلامية (المجلد الأوّل) ، منشورات سروش ، ط4 ، 1997 ، ص34 ـ 35 .


التدين بعد الثورة الاسلامية (1)

مذكرات معاق- الحركة

بينوکيو و التماسيح البعثية

الجنون حتي القيامة

مذکرات الاحرار-نحن منافق

مذکرات الاحرار- القرد الكبير

مذکرات -الجسر

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)