• عدد المراجعات :
  • 1459
  • 6/3/2011
  • تاريخ :

الفقر والغنى المادي والمعنوي

الورد

أن الفقر والغنى لا ينحصران بالفقر والغنى المالي والمادي، بل هناك فقر وغنى آخر، وعلى الإنسان أن لا يخطئ ويصاب بفقر آخر بدافع من رفع فقره المادي، وعليه أن يعلم بأن الغنى المعنوي أفضل من الغنى المادي.

يقول علي عليه السلام: "ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء طلباً لما عند الله، وأحسن منه تيه الفقراء على الأغنياء اتكالاً على الله" مفهوم عبارة "تيه" تشابه تقريباً مفهوم التفاخر والتكبر، ولكن التكبير بهذا المعنى ليس مذموماً، والقصد منه هو حفظ الشخصية وعدم تحقير النفس لأجل الثروة والغنى أي لا تنحني لأجل ثروة الآخرين، بل كن شامخاً أمامهم.

المراد هنا تأكيد الشعور بعزة النفس وشرفها وكرامتها أيضاً، وقال عليه السلام أيضاً: "البخل عار، والجبن منقصة، والفقر يخرس الفطن عن حجته، والمقل غريب في بلدته، والعجز آفة، والصبر شجاعة، والزهد ثروة، والورع جنّة".

أن الفقر والغنى لا ينحصران بالفقر والغنى المالي والمادي، بل هناك فقر وغنى آخر، وعلى الإنسان أن لا يخطئ ويصاب بفقر آخر بدافع من رفع فقره المادي، وعليه أن يعلم بأن الغنى المعنوي أفضل من الغنى المادي.

هنا يذم البخل والجبن والفقر والعجز لأسباب سنذكرها، ويمدح الصبر والزهد والورع لأدلة أخرى، الأدلة التي تنفي وتثبت كلها تقوم على أساس شعور الإنسان بشخصيته، وعلى أساس الشعور بالعزة والكرامة.

البخل عار، فمن يخشى العار، عليه أن لا يكون بخيلاً.

والجبن منقصة للإنسان، فلا يحسن به أن يتحمل هذا النقص.

الفقر يخرس الفطن عن حجته، فمهما كان الإنسان قوياً في بيانه، فإن الفقر سوف يفقد هذا البيان، إذاً الفقر مذموم بدليل أنه يحقر ويصغر الإنسان، المقل غريب في بلدته، ـ يختلف المقل عن الفقير ـ المقلُّ، هو الذي عنده مال قليل فهو غريب حتى في بلدته، الجزع آفة للإنسان وليس كمالاً: وفي المقابل يكون الصبر شجاعة.

والورع جنة والزهد ثروة، لأنه يجعل الإنسان مستغنياً عن الآخرين لماذا يريد الإنسان الثروة؟ لأجل الغنى، والزهد نفسه يجعل الإنسان غنياً ـ سئل الإمام السجاد عليه السلام: "من أعظم الناس خطرا؟ قال عليه السلام: "من لم ير الدنيا خطراً لنفسه"، أي يكون من كرامة النفس وعزتها بحيث لو وضعت الدنيا بأكملها في كفة ميزان ووضع شرف النفس وكرامتها في الكفة الأخرى فسوف يرجح كفة نفسه.

يقول الإمام السجاد عليه السلام: "من كرمت عليه نفسه هانت عليه الدنيا"، يريد أن يقول إن الإنسان لو عرف عظمة نفسه وكرامتها سوف تصغر الدنيا في عينه.

في نهج البلاغة جملتان ـ تؤكدان موضوع الكرامة والعزة ـ وهما قوله عليه السلام "الصادق على شفا منجاة وكرامة، والكاذب على شرف مهواة ومهانة".

وهناك آيتان توضحان الفكرة جيداً قال تعالى "وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ * هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ"، يمكن أن يقال: إن كثرة الحلف والقسم تنشأ من المهانة، فالإنسان الذي يشعر بالعزة في نفسه لا يؤكد كلامه بالحلف المكرر، لذلك فإن القسم الكاذب حرام والحلف الصادق مكروه.

وأكثر من هذا تصريحاً الآية الشريفة "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً".

التكريم نوعان، أحدهما تكريم الإنسان لأخيه الإنسان، وهذا أمر اعتباري، مثلاً عندما تدخلون بيتي استطيع أن أعاملكم بصورتين: إحداهما أن لا أعتني بمجيئكم وذهابكم، والثانية أن أحترمكم وأتواضع لكم، ولكن عندما يقول الله تعالى: (ولقد كرمنا) ليس قصده هو أننا عاشرنا الإنسان لفترة، واحترمناه وجعلناه أفضل الموجودات، إنما قصده هو أننا كرمناه في الخلق والإيجاد أي جعلنا الكرامة والشرف والعظمة في خلقته وطبيعته، في الواقع ان العزة والكرامة والعظمة جزء من طبيعة الإنسان، لذلك فإن الإنسان لو عرفت نفسه بما هي، لعرف العزة والكرامة.


للمسلم على أخيه ثلاثون حقاً (1)

للمسلم على أخيه ثلاثون حقاً (2)

للمسلم على أخيه ثلاثون حقاً (3)

دور التآخي في بناء الفرد

خصلتان لاخوان الثقة

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)