• عدد المراجعات :
  • 1785
  • 5/31/2011
  • تاريخ :

مناقشة أدلة تحريم البكاء على القبور

الورد

والعجب من ابن تيمية أنه كيف استدل برواية أبي الهياج على منع البناء على القبر وأنه من صنع أهل الشرك، والحال أنه عند قول العلامة من أن المشروع تسطيح القبور وإنما تركته أهل السنة وذهبوا إلى التسنيم لما صار شعاراً للشيعة قال: إن مذهب أبي حنيفة وأحمد أن تسنيم القبور أفضل كما ثبت في الصحيح أن قبر النبي كان مسنماً، والشافعي يستحب التسطيح لما روى من الأمر بتسوية القبور. ورأى أن التسوية هي التسطيح. قال بعض الأصحاب: إن هذا شعاراً للرافضة فيكره ذلك، وخالفهم جميع الأصحاب وقالوا بل هو المستحب وإن فعلته الرافضة انتهى.

فإنك ترى أنه كيف أقر ثانياً بما أنكره أولًا، فذهب إلى ما هو المجمع عليه بين الأصحاب، وعليه صحيح الخبر كما في البخاري من رجحان جعل الأثر للقبر وتعليته عن الأرض مسطحاً، وحمل هو أخيراً خبر أبي الهياج تبعاً للشافعي على التسطيح، مع أنه حمله أولًا على الطمس، إذ لا أقل من الاحتمالين في اللفظ بين الطمس والتسطيح مع علو القبر كما ذهب إلى الاحتمالين شارح النسائي من غير ترجيح.

لكن يؤيد الاحتمال الثاني بعد ما صح الخبر عن أنه كان قبر رسول الله مرتفعاً عن الأرض لا مساوياً ما عن الشافعي وغيره: من أن رسول الله سطح قبر ابنه إبراهيم، وما في كتب الحديث: من أنه جعل قبر أبي بكرمثل قبر النبي صلى الله عليه وآله مسطحاً ورش عليه الماء، وأقامت عليه عائشة النوح.

 

المراد من التسوية للقبور

فعلى ذلك لا محيص لابن تيمية عن أحد الأمور: إما الحكم بشرك جميع الأصحاب الذين قالوا بمقالة الإمامية من رجحان تعلية النبي وتسطيحه، أو رفع اليدٍ عن خبر أبي الهياج رأساً، لأنه منفرد بهذا الحديث في كتب الأحاديث كما عن شارح النسائي ناسباً له إلى السيوطي، وإما حمله على أحد الأمرين:

 (الأول) أن المراد من التسوية التعديل بهدم سنام القبر إن كان مسنماً أو هدم شرفه إن كان ذا شرف، كما وقع التصريح بالشرف في الرواية.

 (الثاني) حمله على استحباب، أو وجوب تخريب قبور المشركين ونبشها كما عقد لذلك باباً في صحيح البخاري وسنن النسائي وابن ماجه «وذكروا فيها أن النبي صلى الله عليه وآله لما قدم المدينة وأمر ببناء المسجد فأمر بقبور المشركين فنبشت ثمّ بالخراب فسويت الحديث.

وفي اقتران لفظ التسوية بطمس التماثيل دلالة على أن الأمر المبعوث إليه تسوية قبور المشركين، فإن الصور والتماثيل وجعلها في مقابرهم أو معابدهم من سنن المشركين، كما يشهد له ما في البخاري عن عائشة أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأتاها بالحبشة فيها تصاوير، فذكرتا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة. أوردها البخاري أيضاً في باب نبش قبور مشركي الجاهلية.

هذا، فلم يبق في البين ما يصح الاعتماد عليه من السنة إلّا ما رواه مسلم والترمذي وغيرهما: من نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن تجصيص القبور والبناء عليها وأن يكتب على القبر.

والجواب عن الرواية: (أولًا) أن النهي أعم من الحرمة والكراهة سيما الواقع منه في الأحاديث، (وثانياً) أنها غير معمول بها في شي‏ء من فقراتها الثلاث.

قال محمد بن عبد الهادي الحنفي المعروف بالسندي: أنه قال الحاكم بعد تخريج هذا الحديث في المستدرك: الإسناد صحيح وليس العمل عليه، فإن أئمة المسلمين من الشرق إلى الغرب يكتبون على قبورهم، وهو شي‏ء أخذه الخلف عن السلف انتهى.

أقول: ومثل الكتابة على القبر البناء عليه، فإن إجماع الأمة فضلًا عن الأئمة على البناء على قبور أئمتهم وحفظ مراقدهم عن الإندراس والانطماس حيث يكون الحفظ عندهم شعاراً للدين، فلا يعارض الخبر الواحد الظني هذا الإجماع القطعي بين المسلمين.


الوهابية ومؤسسها

نقض فتاوى الوهابية - تسطيح القبور

نقض فتاوى الوهابية - الاحاديث الواردة في زيارة قبر النبي (ص)

نقض فتاوى الوهابية - تهديم القبور

اجماع الامة في رد الوهابية

سطور من تاريخ الفرقة الوهابية

الرد على الوهابية - زيارة القبور

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)