• عدد المراجعات :
  • 902
  • 6/22/2011
  • تاريخ :

الخروج على القانون

القانون

وتوجد بين النساء الملوثات بالانحرافات الجنسية، طائفة لا تملك الايمان كي يراقبن الخوف من الله ولا تملك سمعة حسنة في المجتمع كي يخفن من انفضاح الأمر، ولذلك فيرتكبن الزنا من دون اكتراث ولا يرين فرقاً بين الاتصال القانوني وغير القانوني. فإذا حملت هذه المرأة من الزنا، فبالرغم من أنها لم تصب بالاضطراب والقلق طلية أيام الحمل، ولكن في ضميرها نقص مهم، وفي فكرها إنحراف أهم، وهو الخروج على القانون... وهذه الصفة نفسها كسائر الصفات الرذيلة تخلق تربة مساعدة في الطفل للخروج على القانون. وفي كل مرة تحمل هذه المرأة من الزنا تؤثر حالتها النفسية في نفسية الطفل وتجر على المجتمع آثاراً سيئة.

يقول الامام الصادق عليه السلام: "لا تزوجوا المرأة المستعلنة بالزنا، ولا تزوجوا الرجل المستعلن بالزنا، إلا أن تعرفوا منهما التوبة"1.

إن المرأة المحصنة التي تفكر في رجل أجنبي وتتمنى معاقرة الخمر والوصول بالنصر بن حجاج إذا حملت من زوجها القانوني نطفة، فإن انحرافها سيؤثر في نفس طفلها.

إن بعض النساء يتزوجن ولكن نفوسهن القذرة الدنيئة تميل إلى الرجال الأجانب، ومن الممكن أن ترتكب الزنا بالرغم من أنها ذات زوج وتستفيد من ذلك لأنها تجعل الزوج حصناً منيعاً أمام التهم الاجتماعية. إن ما لا شك فيه أن هذه المرأة مصابة بالانحراف النفسي. وحتى إذا حملت من زوجها القانوني، فإن الطفل بالرغم من كونه قانونياً حسب المقررات الشرعية ولكنه من جهة الانحراف الروحي والفساد النفسي لا يقل عن ولد الزنا، إذ ان الطفل يرث الصفات الرذيلة من أمه فهو ينزع إلى الإجرام والخروج على القانون دائماً، يقول النبي صلّى الله عليه وآله:

"واشتد غضب الله على إمرأة ذات بعل ملأت عينها من غير زوجها، أو ذي محرم منها. وانها إن فعلت ذلك أحبط الله كل عمل لها فإن أوطأت فراشها غيره، كان حقاً على الله أن يحرقها بالنار بعد أن يعذبها في قبرها"2.

كان الحجاج بن يوسف الثقفي فرداً غير طبيعي، وخطراً في نفس الوقت، والتاريخ أحصى له جرائم وجنايات عظيمة سودت وجه البشرية. إن مما لا شك فيه أن عوامل عديدة تدخلت في إنحراف سلوك هذا الانسان مما جعلته خطراً وشريراً إلى هذه الدرجة، ومن الممكن أن قسطاً وافراً من ذلك يرجع إلى روح أمه المنحرفة.

إن أم الحجاج (فارغة) كانت زوجة (المغيرة بن شعبة) قبل أن تتزوج يوسف الثقفي وكان عمر بن الخطاب يسير في أزقة المدينة في بعض الليالي... فسمع امرأة تغني في أحد البيوت وتنشد البيت الآتي:

هل من سبيل إلى خمر فاشربها    أم من سبيل إلى نصر بن حجاج؟

فتأثر عمر من هذا البيت، وساءه أن تكون في عاصمة حكومته امرأة تترنم بغرام شاب أجنبي بالرغم من أنها متزوجة، فأحضر النصر إبن الحجاج وكان شاباً جميلاً فحلق رأسه وسفره إلى البصرة"3.

إن المرأة المحصنة التي تفكر في رجل أجنبي وتتمنى معاقرة الخمر والوصول بالنصر بن حجاج إذا حملت من زوجها القانوني نطفة، فإن انحرافها سيؤثر في نفس طفلها. إن المرأة التي لا تفهم لاحترام القوانين الالهية والتعاليم الدينية معنى، لا يستغرب منها أن تلد طفلاً مثل الحجاج في فساده وانتهاكه حريم الناس وأرواحهم وأموالهم.

والإسلام ينظر إلى أولاد الزنا من جهة القابلية التربوية بنفس هذه النظرة ويخضعهم للمراقبة التربوية والإيمانية شأنهم في ذلك شأن الأولاد القانونيين

 

الأمهات العفيفات

إن من سعادة الرجل وحسن حظه أن تكون أمه عفيفة، متصفة بالأخلاق الفاضلة. يقول الامام الصادق عليه السلام: "طوبى لمن كانت أمه عفيفة"4.

نستنتج من البحوث السابقة: أن أولاد الزنا ليسوا طبيعيين مائة في المائة. ومما لا شك فيه أن الأشخاص المجرمين قد ورثوا العوامل المساعدة على الانحراف من آبائهم. ولكن من الجهة العلمية ليست تلك الانحرافات حتمية في نفوسهم، ولم تسلبهم الارادة والاختيار، وبعبارة أخرى فإن كون الطفل ابن زنا ليس علة تامة لشقائه وانحرافه، فإن ظروف المحيط والعوامل التربوية يمكن أن تعطل العوامل الوراثية وتبدلها بالصفات الحسنة وتهدي صاحبها إلى طريق الخير والصلاح.

المراقبة التربوية

والإسلام ينظر إلى أولاد الزنا من جهة القابلية التربوية بنفس هذه النظرة ويخضعهم للمراقبة التربوية والإيمانية شأنهم في ذلك شأن الأولاد القانونيين ولذلك فهو يدعوهم كغيرهم إلى التعاليم الخلقية والملكات الطاهرة والإيمان وعبادة الله، ويقيدهم بالتكاليف الشرعية فيجازي ولد الزنا على أعماله كما يجازي غيره ويعاقب كما يعاقب، سواء بسواء. يقول الامام الصادق عليه السلام: "إن ولد الزنا يستعمل، إن عمل خيراً جزي به وإن عمل شراً جزي به"5.

يرى البعض أن أولاد الزنا محرومون عن الفيض الالهي والرحمة الربانية بسبب كونهم ناشئين من زنا، وأن عليهم أن يحيوا بشقاء ومصيرهم إلى جهنم بلا ريب... لكن هذا ينافي العدل الالهي، فالله تعالى لا يعذب شخصاً بما هو خارج عن اختياره. فإذا أسلم من ولد من الزنا بإخلاص وعمل بوظائفه الشرعية فانه يمارس الحقوق التي يحق لكل مسلم أن يتمتع بها في الدنيا، ويشمله الفيض الالهي العظيم في الآخرة.

 

مراقبة أشد

إن ولد الزنا يمكن أن يصل إلى درجات الكمال كغيره من أفراد المسلمين مع فارق واحد، هو أنه عليه أن يخضع لمراقبة أشد، كي يتمكن بذلك من مواجهة آثار الانحراف الوراثي ويؤمن نفسه من أخطاره الجسيمة.

ونظراً لأن الأساليب التربوية والظروف البيئية تختلف، وأن القوى الوراثية متفاوتة في الأفراد كما يقول الدكتور الكسيس في النص الذي نقلناه أنه يعامله معاملة غيره مع إضافة تشديد المراقبة عليه في تلقيه الدروس الإيمانية والأخلاقية... فانه يبقى في حيطة من أمره ومن مزاجه القائم على الانحراف. ولذلك فلا يرضى بأن يسلم زمام الحكم ومقدرات الأمة بيده.

إن ولد الزنا لو كان أعلم علماء عصره فانه لا يحق له أن يتقلد منصب مرجعية التقليد العام للمسلمين، وقيادة الأمة الاسلامية، ومهما كان صاحب ذوق رفيع ونبوغ كامل في العلم، فالاسلام لا يرضى له أن يتقلد منصب القضاء بين المسلمين، لأن من الممكن أن تظهر صفته الوراثية الرذيلة فجأة، وتلتهب نار الفساد الكامنة تحت الرماد، وتقطع بذلك القيود الدينية والتربوية، وتجر بذلك الويل والثبور للذين يتقلد زمامهم.

وملخص ما مر أن بعض الصفات الوراثية تتصف بصفة الحتمية وهي من مصاديق القضاء والقدر الذي لا يقبل التغيير. والبعض منها يسلك كعامل مساعد فقط في سلوك الطفل فهو ليس قضاء حتمياً وقدراً لازماً...

وإن الأساليب التربوية وعوامل المحيط إن اتفقت مع تلك الصفات الوراثية ظهرت بسرعة. وإن خالفتها فإن التربية تتغلب على الوراثة، والمحيط يكون أقوى من الصفات الموروثة.

ولهذا فإن الاسلام يهتم بتربية الأفراد الذين يملكون تربة مساعدة للفساد والانحراف ويأمل وطيداً باحتمال إصلاحهم وسلوكهم سبل السعادة.

وحجر الأم هو المحيط الأول لتربية الطفل. فطوبى للأطفال الذين يولدون من آباء وأمهات طاهرين إهتموا بتربيتهم وتنشئتهم نشأه دينية صالحة...

والاسلام يحترم هذا النوع من الآباء والأمهات... ويوصي الأطفال بأن يخضعوا لهم يقوموا بواجب الاطاعة والاحترام تجاههم، جزاء على جهودهم، ويأمرهم بن يدعوا لهم بدعاء الخير.

﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا...﴾(الإسراء:24).

------------------------------------------------------------------------------

المصادر:

1- مكارم الأخلاق للطبرسي ص:104.

2- لئالي الأخبار ص 496.

3- يراجع عن تفاصيل القصة: الكامل لابن الأثير 1-344، وشرح إبن أبي الحديد ج 2-100 ط دار الكتب، وعيون الأخبار ج 4-24.

4- بحار الانوار ج 23-79.

5- سفينة البحار مادة زنى ص:560.


مقومات الدينية للأسرة

تفكك الأسرة وآثاره على شخصية الطفل

مقومات الصحية و الاجتماعية للأسرة  

عندما تواجه الاسرة ازمة

الصحة النفسية في العلاقات الزوجية

لمساعدة المتزوجين في التفاهم- قصة عقلين

العائلة والمجتمع في فكر الإمام الخميني‏

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)