• عدد المراجعات :
  • 1043
  • 6/8/2011
  • تاريخ :

نصيحة في نقل الحلم

القرآن الکريم

للرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله نصيحة دقيقة في الرؤيا. إنه يقول: "لا تقصها إلا على وادٍ، أو ذي رأي"1. أما بالنسبة إلى الواد (الصديق) فانه إن لم يكن يعرف طريقة تفسير الحلم، فلا أقل من أنه لا يعجل للانسان بفكرة مشؤومة، وخاطرة سيئة، "وإن لم يكن عالماً بالعبارة، لم يعجل بما يغمك"... ثم يتطرق صلّى الله عليه وآله إلى بيان فوائد ذكر الحلم لمن يجيد تفسيره فيقول: "ولعله أن يكون في تفسيرها موعظة يردعك عن قبيح ما أنت عليه".

 

فرويد ونظريته البتراء

إن الموضوع الجدير بالانتباه هو أن نظرية فرويد حول الأحلام بتراء وغير ناضجة. لقد نظر فرويد كغيره من الماديين إلى جميع الأمور نظرة مادية فقط. وكما انحرف عن الطريق السوي في موضوع الخالق والدين، فقد انحرف لاتجاهه المادي البحت في موضوع الأحلام أيضاً، ولم يستطع أن يدرك الواقع من جميع جهاته. إنه يرى الأحلام مظهراً للأفكار الباطنة فقط.

"يمكن وصف الحلم بأنه تحوير الأفكار المخفية إلى الشكل الظاهر. والخلاصة أن الحلم ليس موجداً، لا يخلق شيئاً من نفسه ولا يحكم أو يستنتج".

"إن عمل الحلم عبارة عن التلخيص أو الايجاز، التبديل أو التحوير، تغيير الصورة أو التمثيل... ومن ثم فهو التنظيم والطلي بالشكل الذي انتهينا من شرحه قبل قليل".

"والذي يبدو لي أن قسماً من محتويات الحلم يكون نتيجة للنشاط الذهني في النوم، ولكن الذي يتضح من تحليل الحلم أن هذه التعقلات كانت موجودة في الأفكار الباطنة للشخص الحالم. وظهرت بعينها في النوم".

"كل قصة منطقية واستنتاجية تشاهد في الحلم هي نفسها التي كانت موجودة في الأفكار الباطنة"2.

وكما أن الكهنة كانوا يفسرون الأحلام بالتنبؤات عن الوقائع المستقبلة وكان تفسيرهم خاطئاً...

وكما أن طائفة من علماء القرن السادس عشر والسابع عشر كانوا يرونها معلولة لسلسلة من الأعمال العضوية ونشاطات بعض الأنسجة العصبية، وكانت نظرتهم هذه خاطئة...

كذلك نظرية فرويد في حصر جميع الأحلام بخصيصة نفسية واحدة وهي أنها مظهر للوجدان الباطن... فانها غير صحيحة، إن ما لا شك فيه أن طائفة من الأحلام عبارة عن تجليات الضمير الباطن وهذا القسم منها يعتبر سليماً يربط وادي النفس الخفية بوادي النفس الظاهرة. وهذا ما قال عنه الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله: "والذي يحدث به الانسان نفسه، فيراه في منامه".

وهذه الطائفة هي التي قام بتفسيرها على أحسن وجه إبن سيرين في عدة موارد. لقد توهم فرويد أن جميع الأحلام يجب أن تفسر وتعبر بنفس اللغة، وإن منشأ خطأه هو حصره هذا.

 

الحقائق المجهولة

ما أكثر الأشخاص الذين توصلوا إلى اكتشاف حقائق مجهولة في الماضي والحاضر عن طريق الأحلام، ولطالما كان الحلم مخبراً بصورة صريحة أو مع شيء من التحوير وبمساعدة التفسير عن بعض الحقائق التي لم تكن تخطر على بال الحالم أو ضميره الباطن! وإن هذه الطائفة من الأحلام من الكثرة بمقدار أنها لا تقبل الانكار والتكذيب. وهناك في الأسر الشرقية والغربية أفراد عديدون تقع لهم أمثال هذه الأحلام.

لقد توفيت زوجة أحد العلماء القديرين المعاصرين، وكانت تطلب في أيام حياتها مبلغاً مهماً من المال من شخص ما، ويوجد عندها سند يثبت الدين، والمدين طالبهم بالسند الرسمي، ولقد قامت ابنة المتوفاة بالبحث عن السند في البيت كله، وفي أي مكان تحتمل وجوده فيه من دون أن تصل إلى نتيجة. ولم يكن المدين مستعداً لدفع دينه دون أن يقبض السند الرسمي. فيئس الورثة من استحصال الدين. وفجأة رأت الخادمه في الحلم أنها رأت سيدتها المتوفاة تأمرها بأن تخبر ابنتها بأن السند في جيب الثوب الفلاني. فذهبت البنت إلى مكان ذلك الثوب ووجدت السند فيه كما أخبرت به الخادم. هذه الرؤيا لا يمكن تفسيرها حسب أصول التحليل النفسي لفرويد. فليست ظهوراً لمكنونات الضمير الباطن للخادم. فإن الخادم لم تكن تعرف عن موضوع الدين والسند أي شيء أصلاً، حتى تعرف محله!.

لهذا النوع من الأحلام حساب خاص، أوضحه النبي صلّى الله عليه وآله بقوله: "... بشرى من الله" كمامر، وهي نوع من الالهام الإلهي، وهي كثيرة إلى درجة أنها لو جمعت من كل عصر لأصبحت بصورة كتاب كبير. لم يتحدث فرويد عن هذا النوع من الأحلام أصلاً، ولا يستطيع أن يقول شيئاً عنها، ذلك ان فرويد رجل مادي، وإن الاعتراف بهذا النوع من الأحلام والاذعان لها (وهي تكشف عن حقائق مجهولة تماماً) لازمه اعتراف بالمبادئ الروحية، والتصديق بعالم ما فوق المادة، والاعراض عن المذهب المادي، وفرويد غير مستعد للاعتراف بهذا الأمر. هب أن امتناعه عن الاعتراف بالحقيقة، لا يغير من الواقع شيئاً، ولا تستطيع أفكاره الهوجاء إخفاء حقيقة مسلمة تملك آلاف الشواهد الحية عند شعوب العالم المتحضر.

الطفل بين الوراثة والتربية، محمد تقي فلسفي

--------------------------------------------

المصادر:

1- البحار ج 14ص437.

2- تفسير الأحلام. تأليف فرويد ص:62.


الأحاديث والروايات الدالة علي مشروعية الاستخارة

الاستخارات المأثورة مظهراً من مظاهر الإيمان باللّه 

العقدة النفسية

التحليل النفسي في الاسلام

اهل البيت يفسرون بالاستقسام بالأزلام

الروح الضعيفة

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)