• عدد المراجعات :
  • 651
  • 5/22/2011
  • تاريخ :

تونس الجديدة أمام طريق وعرة

تونس الجديدة

يبدو الرأي العام التونسي منقسماً؛ إذ تقترح أصوات كثيرة في عالم المدونات في تونس أن هذه التعليقات المتهورة هدفت إلى إحراج الحكومة والترويج على الأرجح لمسيرة الراجحي السياسية، وتعكس وجهات النظر هذه التعب الذي خلّفه موسم طويل من التظاهرات والإضرابات.

يبدو الرأي العام التونسي منقسماً؛ إذ تقترح أصوات كثيرة في عالم المدونات في تونس أن هذه التعليقات المتهورة هدفت إلى إحراج الحكومة والترويج على الأرجح لمسيرة الراجحي السياسية، وتعكس وجهات النظر هذه التعب الذي خلّفه موسم طويل من التظاهرات والإضرابات.

عندما أطاح التونسيون بزين العابدين بن علي في الرابع عشر من يناير، عقب 23 سنة من حكمه الذي تميز بالجشع والفساد، لم يطلقوا ثورتهم الخاصة فحسب، بل أثاروا أيضاً موجة من التغيير في مختلف أرجاء المنطقة، ولكن على الرغم من مرور أربعة أشهر، مازالت تونس تعاني الاضطرابات، فقد طالب المتظاهرون في العاصمة تونس بسقوط الحكومة المؤقتة، مما أدى إلى أربعة أيام من أعمال الشغب والنهب التي لم تنتهِ إلا مع إعادة فرض حظر التجول ليل الثامن من مايو، كذلك، عاودت الشرطة اللجوء إلى التكتيكات القاسية، بما فيها ضرب الصحافيين، وكثرت أيضاً الشائعات عن استمرار مؤامرة تحوكها النخبة القديمة لاستعادة السلطة، رغم الوعود بالديمقراطية.

 قد تكون هذه الأدلة على التراجع بوجود ثورة مضادة مضللة، صحيح أن تونس لم تقف بعد على قدمَيها، إلا أنها تشعر أنها أحرزت تقدماً كبيراً مقارنة بمنافستها في السباق العربي نحو الديمقراطية، مصر، فتُعدّ تونس اليوم التحضيرات اللازمة للانتخابات العامة المقرر عقدها في الرابع والعشرين من يوليو لاختيار هيئة مؤلفة من 260 شخصاً مهمتها وضع دستور جديد. وبعد أسابيع من الصراع، وافقت الحكومة على نظام تصويت حزبي نسبي يكون نصف مرشحيه من النساء، كذلك، عُيّنت لجنة مستقلة من 16 عضواً مهمتها الإشراف على عملية الاقتراع، علاوة على ذلك، مُنع من الترشح نحو 10 آلاف عضو بارز من الحزب الحاكم السابق، الذي هيمن على الحياة السياسية في تونس طوال العقود الخمسة الماضية.

 إذن، لمَ لاتزال الأجواء التونسية مضطربة؟ في مطلع هذا الشهر، أظهر شريط مصور على موقع Facebook فرحات الراجحي (إصلاحي شهير خدم فترة وجيزة وزيراً لـ'الداخلية' في بداية عهد الحكومة المؤقتة) وهو يشكك على نحو فادح بالتزام زملائه السابقين بالديمقراطية،

 إذن، لمَ لاتزال الأجواء التونسية مضطربة؟ في مطلع هذا الشهر، أظهر شريط مصور على موقع Facebook فرحات الراجحي (إصلاحي شهير خدم فترة وجيزة وزيراً لـ'الداخلية' في بداية عهد الحكومة المؤقتة) وهو يشكك على نحو فادح بالتزام زملائه السابقين بالديمقراطية، ففي تعليقات التقطتها كاميرا مخبأة كان يحملها أحد المراسلين، أخبر الراجحي أنه أُزيل من منصبه كوزير للداخلية لأنه اعترض على تعيين مسؤولين (بمن فيهم حكام محافظات) جمعتهم علاقات مريبة بالعهد الماضي، ولعل أخطر ما جاء في هذا الشريط قوله إن الجيش التونسي كان مستعداً للتدخل في حال فاز في الانتخابات حزب 'النهضة' الإسلامي، الذي كان محظوراً خلال العهد السابق، إلا أنه استعاد نشاطه بقوة منذ اندلاع الثورة.

 تلاقت آراء الراجحي مع شكوك واسعة الانتشار عن أن الحكومة المؤقتة، التي يرأسها الباجي قائد السبسي (84 سنة)، تتباطأ في تطبيق الإصلاحات، مما أشعل التظاهرات الغاضبة، إلا أن السبسي أنكر هذه الادعاءات بحزم، حتى إن الجيش التونسي يقول إنه قد يقاضي الراجحي بتهمة القدح والذم.

 يبدو الرأي العام التونسي منقسماً؛ إذ تقترح أصوات كثيرة في عالم المدونات في تونس أن هذه التعليقات المتهورة هدفت إلى إحراج الحكومة والترويج على الأرجح لمسيرة الراجحي السياسية، وتعكس وجهات النظر هذه التعب الذي خلّفه موسم طويل من التظاهرات والإضرابات، ولذلك، صار تونسيون كثر اليوم تواقين إلى المضي قدماً.

 لطالما عانت السياسات التونسية بسبب الحديث عن أيادٍ خفية تتلاعب بمجرى الأحداث، لكن المختلف اليوم أن هذا الحديث ما عاد يدور في السر، بل بات علنياً، إلا أن تونس اليوم دولة هشة، خصوصاً مع تراجع قطاعها السياحي وتفاقم مشاكلها الكثيرة، مثل نسبة البطالة المرتفعة بين الشبان وتفشي الفقر، وكذلك، تفوق توقعات التغيير قدرة الدولة على تلبيتها. صحيح أن وتيرة التغيير قد تبدو بطيئة في نظر الشبان غير الصبورين، غير أن هذا البلد يسير بخطى ثباتة على الدرب الصحيح، وإن كان وعراً بعض الشيء، نحو التحول إلى ديمقراطية عربية راسخة متعددة الأحزاب.

*ذي ايكونوميست

مصدر: العالم

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)