• عدد المراجعات :
  • 944
  • 4/30/2011
  • تاريخ :

لوازم الاُنس الإلهي – التشابه - العصمة

الورد

ورد في الخبر الشريف : عبدي أطعني أجعلك مَثلي ـ بفتح الميم ـ أقول للشيء كن فيكون وتقول للشيء كن فيكون . فمن وصل إلى مقام الاُنس بالله بالطاعة والعبادة والإخلاص ، وحاز شرف الحضور والمشاهدة ولذّة المناجاة . كيف لا تتجلّى فيه أسماء الله وصفاته ، ويكون مظهراً لقدرة الله وعلمه وكمالاته ، وينصبغ بصبغة الله سبحانه وتعالى ، فيكون سبحانه سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ، اتّقِ من فراسة المؤمن فإنّه ينظر بنور الله .

فمن وصل إلى مقام الاُنس بالله بالطاعة والعبادة والإخلاص ، وحاز شرف الحضور والمشاهدة ولذّة المناجاة . كيف لا تتجلّى فيه أسماء الله وصفاته ، ويكون مظهراً لقدرة الله وعلمه وكمالاته

 

العصمة :

حريّ بمحبّ الله أن يعتصم من الذنوب ، إذ كيف من يدّعي حبّ الله والاُنس به يعصيه سبحانه ، فعجباً لمن ينتحل حبّ الله كيف يعصي الله ، بل من وصل إلى مقام الاُنس بالله ، فإنّه يعصم نفسه عن الذنوب ويصل إلى مقام العصمة الأفعالية ، إذ العصمة الذاتية الكلّية مختصّة بالأنبياء والأوصياء الأئمة الأطهار (عليهم السلام) .

عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) : قال الله سبحانه : إذا علمت أنّ الغالب على عبدي الاشتغال بي نقلت شهوته في مسألتي ومناجاتي ، فإذا كان عبدي كذلك فأراد أن يسهو حلتُ بينه وبين أن يسهو ـ وهذا معنى العصمة ـ اُولئك أوليائي حقّاً ، اُولئك الأبطال حقّاً . يقول الله عزّ وجلّ : إذا كان الغالب على العبد الاشتغال بي جعلت بغيته ولذّته في ذكري ، فإذا جعلت بغيته ولذّته في ذكري عشقني وعشقته ، فإذا عشقني وعشقته رفعت الحجاب فيما بيني وبينه ، وصيّرت ذلك تغالباً عليه ، لا يسهو إذا سها الناس ، اُولئك كلامهم كلام الأنبياء ، اُولئك الأبطال حقّاً .

عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : من اُلهم العصمة أمِنَ الزلل ، كيف يصبر عن الشهوة من لم تعنه العصمة ، الناس مع الملوك والدنيا إلاّ من عصم الله .

فالمستأنس بالله كيف لا يستوحش من هؤلاء الناس ؟

" ومن يعتصم بالله فقد هُدي إلى صراط مستقيم "(1) .

ومن هدي إلى الصراط المستقيم ، فقد أنعم الله عليه ، ومن أنعم عليه فهو مع النبيّين والصالحين والشهداء في مقعد صدق عند مليك مقتدر ، وحسن اُولئك رفيقاً .

أمّا موجبات العصمة كما في الروايات فمنها : الاعتبار والتصبّر على المكروه ، وعن علي (عليه السلام) : إنّ التقوى عصمة لك في حياتك وزلفى لك بعد مماتك ، وبالتقوى قرنت العصمة ، والحكمة عصمة ، والعصمة نعمة .

فعصم السعداء بالإيمان ، وخذل الأشقياء بالعصيان ، من بعد اتّجاه الحجّة عليهم بالبيان .

وعن الإمام الباقر (عليه السلام) : إذا علم الله تعالى حُسن نيّة من أحد اكتنفه بالعصمة .

          قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : بالتقوى قرنت العصمة .

قال نوف البكالي : رأيت أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه ) مُوليّاً مبادراً فقلت : أين تريد يا مولاي ؟ فقال : دعني يا نوف إنّ آمالي تقدّمني في المحبوب . فقلت : يا مولاي وما آمالك ؟ قال : قد علمها المأمول واستغنيت عن تبيينها لغيره ، وكفى بالعبد أدباً ، أن لا يشرك في نعمه وأربه غير ربّه . فقلت : يا أمير المؤمنين ، إنّي خائف على نفسي من الشره ، والتطلّع إلى طمع من أطماع الدنيا ، فقال لي : وأين أنت عن عصمة الخائفين ، وكهف العارفين ؟ فقلت : دُلّني عليه ، قال : الله العليّ العظيم ، تصل أملك بحسن تفضّله ، وتقبل عليه بهمّك ، واعرض عن النازلة في قلبك ، فإن أجّلك بها فأنا الضامن من موردها ، وانقطع إلى الله سبحانه فإنّه يقول : وعزّتي وجلالي لأقطعنَّ أمل كلّ من يؤمّل غيري باليأس ، ولأكسونّه ثوب المذلّة في الناس ، ولاُبعدنّه من قربي ، ولأقطعنّه عن وصلي ...

في المناجاة : إلهي في هذه الدنيا هموم وأحزان وغموم وبلاء ، وفي الآخرة حساب وعقاب ، فأين الراحة والفرج ؟ إلهي خلقتني بغير أمري ، وتميتني بغير اُذني ، ووكلت فيّ عدوّاً لي له عليَّ سلطان ، يسلك بي البلايا مغروراً ، وقلت لي استمسك ، فكيف أستمسك إن لم تمسكني .

إلهي لا حول لي ولا قوّة إلاّ بقدرتك ، ولا نجاة لي من مكاره الدنيا إلاّ بعصمتك ، فأسألك ببلاغة حكمتك ونفاذ مشيئتك أن لا تجعلني لغير جودك متعرّضاً .

في مناجاة المعتصمين : إلهي أسكنتنا داراً حفرت لنا حُفر مكرها ، بك نعتصم من الاغترار بزخارف زينتها ... إلهي فزهدنا فيها وسلّمنا منها بتوفيقك وعصمتك ... وطهّرني بالتوبة وأيّدني بالعصمة ، واستصلحني بالعافية .

قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : بالتقوى قرنت العصمة .

وهذا يعني أنّ العصمة لازمها التقوى أو بالعكس ، فالمتّقي يكون معصوماً ، والمستأنس بالله كيف لا يكون متّقياً متورّعاً عن كلّ ما فيه غير الله ، وكيف لا يتّقي الناس ويستوحش منهم ، وإنّما يطلب الأتقياء في أطراف الأرض ـ كما ورد في الخبر الشريف ـ وهو مع الناس جسداً ، ومع الله روحاً وقلباً ، ناجاه الله في سرّه وعقله ، فإنّه أقرب إليه من حبل الوريد ، فيشاهده بقلبه وبصيرته ، ويستأنس بذكره وجماله .

وجماع التقوى في قوله تعالى : " إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان"(2) .

----------------------------------------------------------------

الهوامش:

(1) آل عمران : 101 .

(2) النحل : 90 .


لماذا نبحث عن وجود الله سبحانه؟

لماذا نبحث ونفكر لمعرفة خالق الكون

دليل النظام - دليل الامكان باسلوب آخر ( 1 )

تامل في هذا الطائر تعرف الخالق

 

 

 

 

 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)