• عدد المراجعات :
  • 447
  • 4/11/2011 11:00:00 PM
  • تاريخ :

التوبة واجب فوري

الورد

يحكم العقل بوجوب التوبة فوراً، لأنها اجتناب عن القبيح بقاء، وترك للعدوان استدامة، ومثل ذلك لا يصح فيه التأخير والتراخي.

أضف إلى ذلك أنّ العقل يُحرض على التوبة فوراً، لئلا يفوت أوانها ويكون ممّن لا تقبل توبته قال سبحانه:"وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ اعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً"(النساء:18).

وما ذكرناه هو خيرة المعتزلة أيضاً حيث قالوا بفورية الوجوب وأنّه يلزم بتأخيرها ساعة اثم آخر يجب التوبة منه أيضاً، حتى أن من أخّر التوبة عن الكبيرة ساعة واحدة، فقد فعل كبيرتين، وساعتين أربع كبائر، الاوليان، وترك التوبة عن كل منهما، وثلاث ساعات، ثمان وهكذا1.

ولكن لا دليل على هذا التفصيل.

 

الأمر السادس - أثر التوبة

إن أثر التوبة هو ازالة السيئات النفسانية التّي تجر إلى الانسان كل شقاء في حياته الأُولى والأُخرى، فيرجع التائب بعد ندمه وعزمه على الترك في المستقبل، أبيض السريرة، كيوم ولدته أُمّهُ، وبالتالي يسقط عنه العقاب.

وأما الأحكام الشرعية المترتبة على الأعمال السابقة فتبقى على حالها، اذ ليس للتوبة تأثير الا في إصلاح النفس واعدادها للسعادة الأُخروية ولذلك يجب الخروج عن مظالم العباد أوّلا، وتدارك ما فات من الفرائض ثانياً، فإنّ السيئة العارضة على النفس بسبب هضم حقوق الناس لا ترتفع إلا برضاهم، لأنّه سبحانه احترم حقوقهم في أموالهم وأعراضهم ونفوسهم، وعدّ التعدي على واحد منها ظلماً وعدواناً، وحاشاه أن يسلبهم شيئاً مما جعله لهم من غير جرم صدر منهم وقد قال عز من قائل: "إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً"(يونس:44).

قال المفيد رحمه الله : "انّ من شرط التوبة الى الله سبحانه من مظالم العباد الخروج الى المظلومين من حقوقهم بأدائها اليهم أو باستحلالهم منها على طيبة النفس بذلك، والاختيار له، فمن عدم منهم صاحب المظلمة وفقده خرج الى أوليائه من ظلامته أو استحلهم منها" 2 .

ولأجل ذلك قال الامام أمير المؤمنين عليه السَّلام : "والثالث: أن تؤدي الى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى اللّه أملس ليس عليك تبعة، والرابع: أن تعمد الى كل فريضة ضيّعتها فتؤدّي حقها"3.

هذا، وانّ المتبادر من الآيات والروايات أنّ التوبة بنفسها مسقطة للعقاب، يقول سبحانه: "كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءاً بِجَهَالَة ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ"(الانعام:54) فان ّالظاهر منه أن نفس التوبة تجرّ الغفران، وغير ذلك من الآيات، وهذا الأمر من المسائل القرآنية الواضحة.

وأما حقوق اللّه، فيتبع هناك لسان الدليل الشرعي، فربما تكون التوبة مسقطة للحدّ كما في قوله سبحانه:"إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الاَْرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِنْ خِلاَف أَوْ يُنفَوْا مِنَ الاَْرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الاْخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ"(لمائدة:33ـ 34). فالاستثناء صريح في أنّ التوبة تُسقط الحدّ الوارد في الآية.

قال المحقّق الحلّي: "انّ شارب الخمر اذا تاب قبل قيام البينة، يسقط الحد، وإن تاب بعدها لم يسقط"4وقال: "اذا تاب اللائط قبل قيام البيّنة سقط الحدّ ولو تاب بعده لم يسقط"5.

الإلهيات،آية الله جعفر السبحاني

-------------------------------------------------------------------

الهوامش:

1- شرح المقاصد، ج 2، ص 242.

2- اوائل المقالات، ص 62.

3- نهج البلاغه، قسم الحكم، الرقم 417.

4- شرائع الاسلام، كتاب الحدود، الباب الرابع في حدّ المسكر.

5- المصدر السابق، الباب الثاني، في أحكام اللواط.


هل الموت نهاية ام بداية؟

أسماء أخرى للنفخ في الصور

أدلة مُثْبتي الإحباط

هل يجوز طلب الشفاعة؟

هل المعاد جسماني أم روحاني؟

لو كان القول بالإحباط مستلزماً للظلم

أدلة نفاة الإحباط

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)