• عدد المراجعات :
  • 1788
  • 2/27/2011
  • تاريخ :

حديث علي عليه السلام ونظرية نسبية الأخلاق

علي عليه السلام

ان البحث يدور حول مسألة نسبية الأخلاق، فتكون التربية نسبية تبعاً لذلك، فهل تختلف الأخلاق تبعاً لاختلاف الأزمنة والأمكنة والأفراد؟ لا يمكننا أن نعطي قاعدة خلقية لجميع أفراد البشر ولجميع العصور، وكل طرح خلقي من أي مذهب يصدر أعم من الإسلام وغيره يجب أن يكون محدوداً بمنطقة خاصة وزمن خاص وفي ظل ظروف خاصة، ويجب أن يحكم قانون آخر غيره إذا اختلفت الظروف.

 

إن الأخلاق هي عبارة عن مجموعة من الخصال والسجايا والملكات المكتسبة يرتضيها الإنسان بوصفها قواعد خلقية،

 

توصلنا في بحثنا إلى أن هناك فرقاً بين الأخلاق والسلوك، إن الأخلاق هي عبارة عن مجموعة من الخصال والسجايا والملكات المكتسبة يرتضيها الإنسان بوصفها قواعد خلقية، وبعبارة أخرى هي قالب روحي للإنسان، تصهر روح الإنسان في ذلك القالب الذي هو أمر مطلق وعام ودائم، إلا أن سلوك الإنسان الذي هو عبارة عن تطبيق تلك الروحيات في الخارج يختلف تبعاً للظروف المختلفة، وبعبارة أخرى: ان مظاهر الأخلاق الإنسانية وتجلياتها تختلف باختلاف الظروف، ففي ظرف ينبغي أن يكون نفس الإنسان في مكان ما بشكل وفي مكان آخر يكون له شكل آخر، فهناك فرق كبير بين أن نقول: إن الإنسان نفسه يتغير بتغير العصور والأمكنة، وبين أن نقول: إنه يمكن أن تكون للإنسان قابلية عالية وسامية في المحافظة على أصالته، ولكن تختلف فيه مظاهره السلوكية باختلاف الأزمنة والظروف المختلفة.

من المحتمل أن يقال: أن هناك توجيهات في الإسلام بشأن أخلاقية المرأة والرجل، وهناك بعض الأخلاقيات التي ارتضاها للرجل ولم يرتضها للمرأة، وبالعكس فهل تختلف الأخلاق في نظر الإسلام؟ وتختلف الأطوار الإنسانية للرجل والمرأة؟ أي هل يعتبران في النظرة الإنسانية نوعين من الإنسان؟ بحيث يجعل الإسلام لهما نوعين من السلوك يتقلبان في إطارهما روحياً وان المرأة ينبغي لها أن تصنع في قالب نسميه خلقاً والرجل في قالب آخر؟ فإذا كان الأمر كذلك فإذن يتضح أن القول بأن الأخلاق حقيقة مطلقة وثابتة متزلزلة، وانه لا أساس لهذا الكلام وأول دليل يقام على ذلك هو تفريقه بين المرأة والرجل.

توجد في نهج البلاغة جملة من المحتمل أن يطرحها شخص، تقول: خيار خصال النساء شرار خصال الرجال: الزهو والجبن والبخل، نعلم أن التكبر قد عرف بأنه خلق سيئ جداً وحتى في نظر علماء النفس عد نوعاً من الأمراض النفسية، وأما الجبن فواضح أمره فهو ضعف وعجز، وأما البخل فهو ليس إلا حب المال، وهذه خلق وسجايا تعدّ من أقبح ما يتصف به الرجل، وفي نهج البلاغة يقول عنها: انها احسن خصال المرأة وسجاياها، وينبغي لها أن تتحلى بها، فكيف ذلك؟ بعد ذلك يعطي  عليه السلام  توضيحاً يحل لنا هذه المشكلة: فإذا كانت المرأة مزهوة لم تمكن من نفسها، وإذا كانت بخيلة حفظت مالها ومال بعلها، وإذا كانت جبانة فرت من كل شيء يعرض لها.

والجواب

في البداية أعرض موضوعاً قد يؤدي إلى تصور أني أريد القول: إن هذا الحديث ليس قوياً جداً، ولكن ليس الأمر كذلك، فعلينا أولاً: أن نرى ما هو مفهوم هذه الجملة ومعناها الواقعي، وما الذي يريد أن يقوله الإمام  عليه السلام ؟ وثانياً: هل إنها تتفق مع سائر التعاليم الدينية الواقعة في صلب الإسلام ومن بينها كلماته  عليه السلام  نفسها؟

إن المقدمة التي أريد أن أذكرها هي ما يراه الأدباء من أن الألفاظ المرتبطة بحالات الإنسان النفسية قد تستخدم لا باعتبار تلك الحالة النفسية، بل باعتبار الأثر الذي عادة ما يصدر عن الإنسان في تلك الحالة النفسية، مثلاً العطف أو الرحمة، فإنه حالة نفسية واحساس لدى الإنسان، فأحياناً تستخدم هذه الكلمة في مورد نفس هذا الإحساس بعنوان أنه حالة نفسية، وأحياناً تستخدم في الموضوع الذي يظهر فيه أثر ذلك الإحساس حتى وإن لم يكن له وجود، فنقول: إن فلاناً يعطف على فلان، أي يعمل من أجله شيئاً نوع من العطف، سواء كانت فيه حقيقة العطف أو لم تكن؟ أو مثلاً في مورد الله سبحانه تستخدم هذه اللغات الإنسانية في حين أن هذه اللغات لا تصدق على الله في مفهومها الإنساني، إلا أنها صادقة في مفهوم أثرها كأن نقول: ?الله يستهزئ بهم?. أو أن نقول: "إن الله يستحي من هذا الشيء، والحياء لفظ وضع للإنسان، فالحياء في الإنسان حالة عفة وانفعال وخجل وتأثر، إنه حالة نفسية، ولا يصح التأثر والانفعال بالنسبة لله سبحانه، ولكن أحياناً يكون السلوك الذي يتخذه الله في قبال الإنسان نظير الحالة التي تصدر عن الحياء والخجل، فيقال: إن الله يستحي، يقول (سعدي) في بداية (الكلستان):

يدعو العبد أول مرة فلا يستجاب له، فيدعو مرة ثانية وثالثة، بعد ذلك يصل الخطاب: يا ملائكتي أجيبوه فقد استحييت من عبدي، وكذلك الاستهزاء بالنسبة للإنسان حالة روحية لها انعكاسات، ولكن قد يفعل الله فعلاً ببشر يجعله في معرض سخرية الناس، فيقول تعالى: (الله يستهزئ بهم).

ولا يختص هذا الأمر بالله، وإنما في موارد أخرى كثيرة تستخدم هذه الألفاظ في مورد البشر أيضاً، ولكن باعتبار السلوك الذي عادة ما يكون معلولاً لتلك الحالة ولكن كيف؟

الألفاظ الثلاثة التي وردت هنا وهي (التكبر والجبن والبخل)، إن من الواضح كون التكبر حالة نفسية لدى الإنسان، أذكر لكم قرائن قبل أن أشرح لكم هذا الحديث، قالوا لنا: التكبر على المتكبر عبادة، لا يريد أن يقول: إن التكبر بعنوان أنه حالة نفسية وهي العجب ممدوحة، ولو واجهت شخصاً متكبراً فكن متكبراً في الواقع، بل انه يريد أن يقول: كن متواضعاً دائماً ولابد أن تكون نفسك متواضعة دوماً إلا أن سلوكك مع الإنسان المتكبر ينبغي أن يكون استعلائياً حتى تمرغ أنفه في التراب، فلا يتكبر بعد ذلك.

التربية والتعليم في الاسلام،الشيخ مرتضى مطهري


المتکبر مطرودا من رحمة الله

إرضاء الميول الغريزية

السعي وراء اللذة

الرهبانية و الطريق إلى السعادة

استغلال القوى الطبيعية

حجر الأساس في السعادة

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)