• عدد المراجعات :
  • 1329
  • 2/23/2011
  • تاريخ :

المسلمين قبل الظهور -ما هي دوافع البعض من خلال استغلال القضية المهدوية ؟

الحجة(عج)

قبل الإجابة عن هذا التساؤل لابد لنا من معرفة الكيفية التي يحصل بها الانحراف عن القضية المهدوية، أو كيفية استغلال البعض للقضية المهدوية، ثم إننا إذا عرفنا الكيفية، توصلنا إلى الغائية، ودوافع انحراف البعض عن القضية المهدوية.

من خلال استقراء التاريخ استقراءا ناقصا، إذ لا يسع المقام للاستقراء التام، لقصور في الظرف وليس في المظروف، فإننا سنجد أنماطا مختلفة لهذا الانحراف، منها :

ادعاء المهدوية.

ادعاء النيابة الخاصة.

ادعاء النيابة العامة.

وهذه الأنواع والأنماط الثلاثة يتفرع عنها عدة أنماط وأنواع ثانوية، تختلف بحسب اختلاف المدعي للمهدوية، فقد يترقى الشخص المدعي للمهدوية إلى الادعاء بالنبوة أو الرسالة وحتى الإلوهية والعياذ بالله.

وادعاء السفارة الخاصة (البابية)، قد يتفرع عنه ادعاء اللقاء والمشاهدة في كل وقت وحين، مع انسداد باب السفارة بالسفراء الأربعة رضوان الله تعالى عليهم.

أما ادعاء النيابة العامة فقد تدفع المدعي لها إلى الادعاء بالاعلمية والولاية المطلقة على المسلمين دون وجه حق أو حظ من علم، بل لجلب وجوه الناس إليه من اجل تحصيل المنفعة الخاصة فقط. 

مناقشة في الدعوات الثلاث.

 

ادعاء المهدوية:

إن ادعاء المهدوية يكاد يكون من أكثر الادعاءات الثلاثة، رواجا ووضوحا في التاريخ، وبطلان ادعاء هؤلاء يكاد يكون من أوضح الواضحات، وذلك لأسباب عديدة منها:-

أولا :- انحصار المهدوية في الإمام الحجة ابن الحسن عجل الله تعالى فرجه الشريف، على ضوء ما دلت عليه الروايات والأخبار الصحيحة السند والمروية من طرق معتبرة، والشاملة لأحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم و أئمة أهل البيت عليهم السلام، والكثير ممن شاهد الإمام في فترة حياة أبيه العسكري عليه السلام، والتي لا يمكن لمنصف إن ينكرها، إلا إذا كان أعمى البصر والبصيرة.

نعم قد تدعي بعض الطوائف والأمم إن الموعود منها، وتخالفنا نحن الشيعة الأمامية في الرأي، وهذا الأمر لا يغير في القضية شيء إذ نحن أصحاب الدليل نميل حيثما يميل، ولما كانت كل الأدلة والبراهين العقلية والنقلية، قاطعة بحقيقة المهدي الإسلامي، وكونه هو الحجة بن الحسن عجل الله تعالى فرجه الشريف، مع بطلان دعاوى البعض، وعدم وجود الأدلة الشرعية لدى البعض الآخر في إثبات مهديهم، فلا حجة داحضة لهم علينا بل العكس هو الصحيح فكل حججنا في إثبات المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، وانه الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام، حجج دامغة لا يمكن إنكارها لمن كان يبحث عن الحقيقة.     

ثانيا :- إن الكثير من هؤلاء لم يكونوا سوى أناس عاديين لاحظ لهم من علم أو تقوى أو رشاد، ولم يقيموا الحجة على أحقيتهم في الإتباع والإطاعة، وكانوا قاصرين عن الإحاطة بكل ما يجري من حولهم من أحداث ووقائع، مما أدى إلى هلاكهم مع بعض من اتبعهم، ولم يتبعهم إلا من كان غافلا عن حقيقتهم التي كانوا يخفونها بقناع ادعاء المهدوية والتلبس بزي الإيمان والتنسك والزهد، في حين إن الحقيقة هي خلاف ذلك.

ومن الواضح إن كثير من هؤلاء(المدعين للمهدوية) لم يكونوا محيطين أو مطلعين على تفاصيل الحركة المهدوية الموعودة، والتي بشرت بها الشرائع السماوية كافة، والشريعة الإسلامية خاصة، من خلال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة والتي رسمت لنا خارطة التحرك المهدوي باجلى صورة وأوضحها، لا بل لو أتيحت لهم الفرصة لكي يحفظوا هذه الحركة بأدق تفاصيلها لما تسنى لهم النجاح فيما يدعون. قال تعالى "وما تشاءون إلا إن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما، يدخل من يشاء في رحمته والظالمين اعد لهم عذابا اليما"(1).

 

ادعاء النيابة الخاصة :

أما النيابة الخاصة فان طريق ادعائها مسدود بنص الإمام المنتظرعجل الله تعالى فرجه الشريف، من خلال التوقيع المبارك الصادر عنه عجل الله تعالى فرجه الشريف، إلى السفير الرابع علي بن محمد السمري، فقد روي عن..(جماعة عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه قال حدثني أبو محمد الحسن بن احمد المكتب، قال كنت بمدينة السلام في السنة التي توفي فيها الشيخ أبو الحسن علي بن محمد السمري قدس سره فحضرته قبل وفاته بأيام فاخرج إلى الناس توقيعا نسخته:

(بسم الله الرحمن الرحيم: يا علي بن محمد السمري أعظم الله اجر إخوانك فيك فانك ميت ما بينك وبين ستة أيام فاجمع أمرك ولا توص إلى احد فيقوم مقامك بعد وفاتك فقد وقعت الغيبة التامة فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالى ذكره وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جورا وسيأتي لشيعتي من يدعي المشاهدة إلا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم). (قال) فنسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده فلما كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه فقيل له: من وصيك من بعدك ؟ فقال (لله أمر هو بالغه ) وقضى، فهذا آخر كلام سمع منه رضي الله عنه وأرضاه."(2)

والسفراء الأربعة للإمام المنتظرعجل الله تعالى فرجه الشريف، أمرهم بيّن للخاصة والعامة على حد سواء بل إن كثيرا من أبناء العامة يتشرفون بزيارة مراقدهم المعظمة في بغداد، ويقدسونهم اشد تقديس، لما علموا منهم من إيمان وتقوى وورع وزهد، جعلتهم محط أنظار الداني والقاصي، حتى استحقوا الثناء الجميل من قبل الأئمة عليهم السلام، إذ لم يصل إلى درجتهم ومكانتهم احد في تلك الفترة العصيبة والى يومنا هذا على الرغم من وجود كبار العلماء من إتباع وأصحاب الأئمة عليهم السلام، وجهابذة علماء الشيعة. فمن يدعي هذه المكانة الرفيعة قبل خروج السفياني والصيحة فيجب تكذيبه ونبذه لصريح النص في انغلاق باب السفارة الخاصة، ووقوع الغيبة الكبرى.

أما النيابة العامة فهي مكانة ودرجة رفيعة يتشرف بها كل عالم ثبتت أعلميته واجتهاده من خلال شهادة أهل العلم والخبرة من ذوي الاختصاص والشأن، وقد دلت الروايات المروية عن أهل البيت عليهم السلام على وجوب أتباع العلماء في فترة الغيبة الكبرى، منها التوقيع المروي عن الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف  (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم.

والحديث المروي عن أمير المؤمنين عليه السلام: مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله، الأمناء على حرامه وحلاله)(3).

وقد حددت شروط كثيرة لكي يكون الإنسان مستحقا لشرف النيابة العامة، وقد ذكرها الكثير من العلماء والفقهاء، منها: العقل والعدالة والإيمان والفقاهة والاعلمية، وغيرها من الأمور التي تجعله مهيئا لهذا المنصب الخطير والعظيم، وقد ورد في (التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام: فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا لهواه، مطيعا لأمر مولاه، فللعوام إن يقلدوه)(4).

فاجتهاد الشخص لا يكفي فقط لكي يكون نائبا عاما فلابد من كونه اعلم، فان أكثر العلماء يفتون بعدم جواز تقليد مجتهد بوجود مجتهد آخر اعلم منه.

فادعاء النيابة العامة والمرجعية والاعلمية من قبل البعض لا يكفي لكي يكون دليلا على أتباعهم من قبل العامة إذ لابد من التحقق من صحة ادعائهم هذا من خلال سؤال أهل الخبرة وهم المجتهدون ومن هم بدرجتهم، ممن لهم باع طويل في تحصيل العلم من أهل التقوى والورع من الثقاة، فأهل مكة اعرف بشعابها.                           

نعم قد يعترض البعض علينا في تصنيفنا لمن يدعي الاجتهاد والمرجعية في كونه منحرفا عن القضية المهدوية، فيقول إن القضية المهدوية شيء والمرجعية شيء آخر.

ونحن نجيب بان القضية واحدة مترابطة كالسلسلة لا ينفك بعضها عن البعض الآخر، إذ إن الحكمة من توجيه الإمام للقواعد الشعبية في إتباع أوامر وإرشادات السفراء الأربعة رضوان الله عليهم في فترة الغيبة الصغرى هي نفسها الحكمة التي يدعونا فيها الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف إلى إتباع علمائنا الأعلام من المجتهدين الثقاة، والتي اشرنا إلى وجوبها من خلال النصوص الشريفة السابقة الذكر، في فترة الغيبة الكبرى، وإلا كيف يمكن الحفاظ على الدين والشريعة الإسلامية إلى حين الظهور.

الكاتب عماد جميل خليف 

المصدر:رافد

-----------------------------------------------------------------------

الهوامش:

 (1) الإنسان 30-31

(2) دعوى السفارة في الغيبة الكبرى، آية الله الشيخ محمد السند ص41.

(3) الاجتهاد والتقليد، الشيخ محمد مهدي الآصفي، ص95.

(4) المصدر السابق ص105.


يعتقد الشيعة والسنة

الإنتظار والصِّراع بين المستضعفين والمستكبرين

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)