• عدد المراجعات :
  • 1545
  • 2/22/2011
  • تاريخ :

نشأة العرفان و التصوف عند المسلمين

الورد

من العلوم التي ولدت في حجر الثقافة الاسلامية و ترعرعت و تطورت، ما يسمي بالعرفان.

و يمكننا الكلام حول العرفان من جانبين: احدهما الجانب الاجتماعي، و الآخرالجانب الثقافي .

للعرفاء فرق مهم عن سائر طبقات أصحاب الثقافة الاسلامية كالمفسرين و المحدثين و الفقهاء و المتكلمين و الفلاسفة و الأدباء و الشعراء. . و هو أنهم بالاضافة الي تكوينهم طبقة ثقافية و علمية باسم العرفاء و ظهور علماء كبار بينهم، و كتب مهمة أوجدوا فرقةأجتماعية خاصة في عالم الاسلام، تختلف عن سائر طبقات اصحاب الثقافة كالفقهاء و الحكماء و غيرهم، الذين ليسوا سوي طبقة ثقافية غير متميزة عن سائر الطبقات، أماأهل العرفان فحين يذكرون بعنوانهم الثقافي يذكرون بعنوان«العرفاء»و حينما يذكرون بعنوانهم الاجتماعي يذكرون بعنوان«المتصوّفة».

إن العرفاء و المتصوفة، و ان لم يعدّوا فرقة مذهبية في الاسلام، و هم لا يدّعون هذا، و هم موجودون في كل أو جلّ الفرق و المذاهب الاسلامية الحاضرة، مع ذلك هم فرقةاجتماعية متصلة،

إن العرفاء و المتصوفة، و ان لم يعدّوا فرقة مذهبية في الاسلام، و هم لا يدّعون هذا، و هم موجودون في كل أو جلّ الفرق و المذاهب الاسلامية الحاضرة، مع ذلك هم فرقةاجتماعية متصلة، و هناك سلسلة من الافكار و الآداب في المعاشرات و الالبسة، و الأزياءو كيفية تنظيم شعر الرأس و اللحية و السكني في التكايا و الخانقات و غيرها، تصبغهم بصبغة فرقة خاصة مذهبية و اجتماعية، نعم كان هناك و لا سيما في الشيعة عرفاء لم تكن لهم ميزة ظاهرة عن الآخرين، و هم مع ذلك متشددون في سلوكهم العرفاني، و العرفاء الحقيقيون هم هذه الطبقة، و ليس تلك الفرق التي اخترعت صنوف الآداب و أوجدت عشرات البدع.

و لا نبحث في هذه الابحاث التاريخية عن الجانب الاجتماعي و المذهبي أي جانب«التصوف»من العرفان، و انما نبحث هنا في الجانب الثقافي بالنظر الي تطوره التاريخي، أي أنا ننظر الي العرفان علما و فرعا من فروع الثقافة الاسلامية التي كانت في طول التاريخ وحدة متصلة، و بلا وقفة، و ليس بعنوان فرقة أو طريقة اجتماعية.

و العرفان بوصفة حقلا علميا و ثقافيا له قسمان: قسم عملي، و آخر نظري.

القسم العملي هو: ذلك القسم الذي يبين وضائف الانسان و علاقاته مع نفسه و مع العالم و مع الخالق، و العرفان في قسمه هذا كالاخلاق، أي هو«علم»عملي مع ملاحظةنذكرها بعد هذا، و هذا القسم من العرفان يسمي علم«السير و السلوك»و هذا القسم من العرفان يبين أن«السالك»الي اللّه كي يصل الي«التوحيد»أوقمة الانسانية من اين يجب أن يبدأ و أي مرحلة يجب أن يطوي و اي حال يعرض له في المنازل بين الطريق، و يجب أن يكون ضمن هذه المنازل و المراحل اشراف و مراقبة انسان كامل، قد طوي هذا الطريق و وعي رسوم هذه المنازل، و ان لم تصحب السالك همّة انسان كامل هددته المخاطر، و يعبّر العرفاء عن هذا الانسان الكامل الذي لابد من اصطحابه مع السالكين: «بالخضر»و «طائر القدس».

يقول الحافظ الشيرازي ما معناه: «فيا«طائر القدس»اصطحبني بهمّة*فان طريق الوصل جدّ طويل»و يقول: «و لا تتركن هذي المراحل دون أن*تكون مع«الخضر»الظلام و خيم».

القسم العملي هو: ذلك القسم الذي يبين وضائف الانسان و علاقاته مع نفسه و مع العالم و مع الخالق، و العرفان في قسمه هذا كالاخلاق،

و التوحيد الذي ينظر اليه العارف أنه قمة الانسانية المنيعة و أنه آخر مراحل سيرالعارفين، يختلف مع التوحيد في نظر العوام، و حتي مع توحيد الفيلسوف في أن واجب الوجود واحد لا شريك له، اختلافا اساسيا كالبعد بين الأرض و السماء، ان توحيد العراف يعني أن الموجود الحقيقي منحصر بذات اللّه تعالي، و ان ما سوي اللّه ظاهرة وجود لا نفس الوجود. توحيد العارف يعني: لا شي ء إلاّ اللّه، توحيد العارف يعني التوصل الي مرحلةلا يري فيها السالك العارف إلاّ اللّه، و لا يؤيد هذه المرحلة من التوحيد، مخالفو العرفاء، بل يرونه أحيانا الحادا و كفرا، في حين يعتقد العرفاء أن هذا هو التوحيد الحقيقي و ان كل مراتب التوحيد لا تخلو من شرك، و يري العرفاء أن الوصول الي هذه المرحلة ليس من علم الفكر و العقل، بل هو من عمل القلب، و المجاهدة و السير و السلوك و تصفية النفس و تهذيبها.

و علي أية حال، فان هذا القسم من العرفان هو القسم العملي، و هو بهذا النظر كعلم الاخلاق يبحث عما يجب أن يعمل، و لا يعمل مع الثلاثة فوارق الآتية:

أولا ان العرفان يبحث عن علاقات الانسان مع نفسه و مع العالم و مع اللّه، و عمدةنظرة في علاقات الانسان بربه، بينما لا يري جميع الأخلاقيين ضرورة أن يبحثوا حول علاقات الانسان بربه، إلاّ الأخلاقيون المتديّنون، فهؤلاء يعنون بهذا الجانب من علاقات الانسان.

ثانيا: ان السير و السلوك أمران متحركان كما يبدوا من مفهوم هاتين الكلمتين بخلاف الأخلاق، فانه بحث هادئ ساكن، الكلام في العرفان عن نقطة البدء و عن المقصدو المنازل و المراحل التي يجب علي السالك سلوكها ليصل الي النهاية، العارف يري بدون أية شائبة أن للانسان صراطا لا يصل الي منزل حتي يجتاز منزلا سابقا، و يري العارف أن روح الانسان كروح الطفل أو النبات، و كماله في تطوره وفق نظام خاص، بينماليس الكلام في الأخلاق إلاّ عن لزوم اتصاف الروح بسلسلة من الفضائل من قبيل الصدق و العدالة و العفة و الاحسان و الانصاف و الايثار و غيرها، الاخلاق تري أن روح الانسان يجب أن تزين بسلسلة من الزينة و الحلي و النقوش، و في العرفان أيضا يأتي الكلام عن العناصر الاخلاقية، و لكن بصورة ديالكتيكية متحركة.

ثالثا: أن العناصر الروحية و الاخلاقية محدودة بمفاهيم و معان معروفة لأكثر الناس، في حين ان الكلام في السير و السلوك العرفاني يأتي عن أحوال و خطرات لا قلبية تحصل إلاّ لسالك السبيل في خلال المجاهدات و طي الطرق، و لا سبيل لسائر الناس الي هذه الأحوال و الخطرات.

القسم الآخر من العرفان في تفسير الوجود، أي تفسير الخالق و العالم و الانسان، و العرفان في هذا القسم كالفلسفة يحاول تفسير الوجود، بخلاف القسم الأول الذي هوكالأخلاق، يحاول تغيير الانسان الي الافضل، و كما هناك فوارق بين الأخلاق و العرفان كذلك هنا توجد فوارق بين العرفان و الفلسفة.

الاسلام و ايران ، مرتضي المطهري


طريقة إثبات الإسلام والشرائع السابقة

علم الكلام و رصد الحركات الإلحادية

ما هو الدّين؟

عقيدتنا في الإسلام

مفهوم الدين‏

فصل الدين عن العلم

عقيدتنا في القرآن الكريم

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)