• عدد المراجعات :
  • 1027
  • 1/18/2011
  • تاريخ :

المستبصرخوشابا شمعون حنا الشيخ

الورد

المستبصرخوشابا شمعون حنا الشيخ (علي الشيخ) - العراق - مسيحي

 

وقفة مع كتابه: (هبة السماء، رحلتي من المسيحية إلى الإسلام)

ولد عام 1964م في بغداد عاصمة العراق، وترعرع في أجواء عائلة مسيحية ملتزمة بطقوسها الدينية.

يتحدث الأخ خوشابا شمعون حول نبذة عن حياته قائلا:

"في الأيام الأولى من حياتي أجريت لي مراسيم التعميد(1) في الكنيسة كبقية الأطفال، وفي سن السابعة أرسلني والدي لأخذ التناول(2). فكانت هذه الفترة من الفترات الجميلة في حياتي، إذ فيها تعلمت الكثير من الأمور".

 

التأثر بالأجواء المسيحية المحطية:

يضيف الأخ خوشابا شمعون: "عندما بلغت وأشتد عودي، ترسخت في نفسي هذه العقائد والتعاليم فكنت أمارس الطقوس الدينية من صلاة وصيام، وأذهب إلى الكنيسة بانتظام ولا سيما في (القداس الكبير) عصر يوم الأحد، وتعلمت كيفية اعلان التوبة وطلب المغفرة من الرب، بالاعتراف أمام الأب في الكنيسة، إذ كان الأب يجلس في داخل غرفة صغيرة لا تتعدى متر المربع مصنوعة من الخشب، ولها باب واحد توضع عليه ستارة ذات فتحتين صغيرتين في الوسط منها تقريباً، واحدة للرجال وأخرى للنساء، فكنا نجلس أمام الأب ونعترف له بخطايانا، فيأمرنا بعدم الرجوع إليها ويوجب علينا قراءة بعض الصلوات والتراتيل لمغفرة تلك الخطايا.

وأشتد حبي للمسيحية أكثر حينما بعث والدي أخي الصغير إلى (الدير)، للاشتغال بطلب العلوم الدينية ليصبح (قسيساً). وكان أخي لا يأتي إلى البيت إلاّ مرّةً واحدة في السنة ولفترة قصيرة، ولهذا كان والدي يرسلني لزيارته بين حين وآخر في الدير، فكنت أرى الأجواء الروحية التي كانت تهيمن على ذلك المكان فتترك في نفسي الأثر الروحي، وكذلك كنت أسال أخي عن كيفية الدراسة والموضوعات التي يدرسونها، فكان يحدثني عن مسائل كثيرة لم أكن أفهمها في ذلك الوقت، ولا أخفي فأني كنت في قرارة نفسي أغبطه على تلك الحياة التي يعيشها منزوياً عن الناس والدنيا".

 

موانع توسيع آفاق المعرفة:

يقول الأخ خوشابا شمعون: "وعندما تجاوزت العشرين تعمقت في المعتقدات المسيحية، ولكن ـ للأسف ـ لا عن وعي وبحث بل عن تقليد أعمى، وقبول كل تعاليم الكنيسة على أنها أمور صحيحة ومسلّم بها على أنها تعاليم سيدنا يسوع المسيح (عليه السلام) .

ولم يكن ليخطر ببالي في يوم من الأيام أن أبحث وأحقق في هذه العقائد، ولعلي لا أكون ملوماً على هذه المسألة، لأني كنت أرى أغلب الناس على هذه الحال، فالانشغال والانغماس في الحياة المادية والدنيوية والتعلق بها، ادى إلى حصر الفكر والعقل في زاوية وجهة واحدة وهي التفكير في تهيئة أسباب ووسائل لحياة سعيدة في الدنيا.

وأما الآخرة والدين والعبادات والعقائد فلم تكن تعدو كونها عادات وتقاليد مأخوذة من الآباء والأجداد ونؤديها تقليداً ليس الاّ.

وكذلك فإن الحضور في الكنيسة لم يكن من أجل تعلم العقائد المسيحية بالشكل الصحيح، بل لمجرد أداء الطقوس التي كانت تأمر بها الكنيسة ولأعلان التوبة وطلب المغفرة، وفي أحسن الأحوال الاستماع إلى بعض النصائح الأخلاقية والتربوية".

 

عقبة التعصّب والتقديس الوهمي:

يقول الأخ خوشابا: "من أهم المعتقدات التي كنت أؤمن بها بقوة، هي أن المسيحية فقط هي الدين الحق، وباقي الأديان الأخرى كلّها خرافات وأباطيل، فاليهودية باطلة لأن اليهود لم يتبعوا المخلّص يسوع المسيح (عليه السلام) فهم يستحقون غضب الرب، والمسلمون كذلك، وعلى هذا فمن لم يكن مسيحياً فهو لا يدخل الجنة مهما فعل، والمسيحي الذي يؤمن بيسوع المسيح (عليه السلام) ويحبه ويتبعه فإنّ مصيرة لا محالة إلى الجنة مهما كان عمله لأن ذنوبه وخطاياه قد غفرت بالمسيح (عليه السلام) ".

 

حمل الصورة المشوهة عن الاسلام:

ويضيف الأخ خوشابا: "كانت الصورة التي يحملها أبي عن الإسلام والمسلمين سيئة جداً، فإذا ما دار الحديث حول الاسلام والمسلمين كان والدي يصفهم بشكل سيء، وكان ينقل لنا القصص والحكايات التي تشين بشخصية النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله)، ويقول لنا بأن المسلمين يسيئون إلى يسوع المسيح (عليه السلام) الذي هو ابن الله وإلى أمه، ويكذبونهما ويسخرون منهما، وأني أذكر عندما كان يتلى القرآن من التلفاز كان والدي يأمرنا بأن نغلقه كي لا نستمع إليه.

فكنت أبغض الإسلام في نفسي، وكانت الصورة التي ارتسمت في ذهني عنه هو أنه ليس سوى خرافات وأباطيل جاء بها رجل من الجزيرة العربية اسمه محمّد(صلى الله عليه وآله)، وأن القرآن وهو الكتاب الذي يزعمون أنه سماوي ومقدس كان والدي يقول أنه من كتابة وتأليف محمد(صلى الله عليه وآله) نفسه وينسبونه زوراً إلى الله سبحانه وتعالى، واعتقد بأنّ أغلب المسيحيين متفقون على هذا الاعتقاد!".

 

توفّر الأجواء المحفزة على البحث:

شاءت الأقدار الالهية أن تشمل الأخ خوشابا رحمة الرب الرحيم بانتقاله إلى إيران بعد انتصار الثورة الإسلامية، فسنحت له فرصة طيبة للبحث والمطالعة لبعض المسائل الدينية الإسلامية، واللقاء مع الكثير من العراقيين المسلمين في إيران أيضاً، حيث كانت تدور بينه وبينهم النقاشات حول الإسلام والمسيحية ولم تكن تنتهي غالباً بهدوء، إذ أنّهم كانوا يطرحون بعض الاشكالات والتساؤلات عن المسيحية، فكان الأخ خوشابا يعجز عن الاجابة.

فكان يقول في نفسه: أن لكل هذه الاشكالات أجوبة وأن العلماء المسيحيين وآباء الكنيسة هم الذين يقدرون على تفسير المفردات الدينية كالبنوّة والتجسيد والتثليث وغيرها لأنها تعتبر من أسرار المسيحية التي لا يستطيع فهمها وأدراكها الاّ المسيحي المملوء بروح القدس.

 

التوجه الجاد لمعرفة الاسلام:

يقول الاخ خوشابا: "مضيت في مطالعتي للعقائد الاسلامية، ومن ضمن الكتب التي كان يدفعني الشوق لقراءتها القرآن الكريم وخصوصاً عندما عرفت أن في هذا الكتاب المقدس آيات كثيرة تتحدث عن قصة يسوع المسيح (عليه السلام) وأمه العذارء مريم(عليها السلام).

وشرعت في قراءة الكتاب السماوي (القرآن) ولا سيما الآيات التي تخص عيسى المسيح (عليه السلام) وأمه العذراء(عليها السلام)، فملكني الاعجاب عن الصفات العظيمة التي يصف القرآن الكريم بها المسيح (عليه السلام) وأمه، ولم أكد أصدق فأني كنت أعتقد أن المسلمين ـ وكما ذكرت ـ يسيئون إلى المسيح وأمه(عليها السلام)، ولكني وجدت عكس ذلك تماماً، فالآيات القرآنية التي تتحدث عنهما تذكرهما بكل عظمة ووقار، كما بحثت عن الآيات التي تتحدث عن العقائد المسيحية الاخرى كالتثليث والبنوّة والصلب والفداء وغيرها، فرأيت الأدلة القوية التي يقيمها القرآن الكريم على بطلانها".

ويقول الأخ خوشابا الذي سمى نفسه "علي" بعد اعتناقه للاسلام الأصيل: "أعتقد أن التعصب والجهل واتباع الهوى والغفلة هي العوامل الرئيسية التي تصرف الإنسان عن الاذعان للحق وقبوله".

 

بوادر الاقتناع بالدين الاسلامي:

يقول الأخ خوشابا: "بعد هذه المطالعات بدأت أشعر في نفسي بميل نحو هذه الأفكار والمعتقدات التي يطرحها الإسلام، ولكني أخفيت هذا الشعور في داخلي، وكنت أحاول قدر الامكان من خلال لقاءاتي مع المسلمين السؤال عن الشبهات التي كانت تراودني ولكن بصورة لا يفهم منها هذا الميل والشعور".

 

نشأة حالة صراع العقل والنفس:

يضيف الأخ خوشابا: "مرّت الأيام وكنت كلما أطالع وأبحث كان هذا الميل يزداد، فبدأت أعيش قلقاً وأجد في نفسي صراعاً لكننّي لا أدري ماذا أفعل.

وفي أحد الأيام سمعت أحد العلماء يتحدث عن موضوع هداية الإنسان وموانعها، وتلا آية قرآنية هزتني من أعماقي فكأنها تتحدث عن حالتي بالذات، وهي قوله تعالى: (فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) (الزمر: 17 ـ 18).

وبعدها اشتد هذا الصراع في داخلي أكثر، وملكني القلق والاضطراب، فقد بدأت أشعر بأن عقلي قد بدأ يستسلم لهذه الحجج والأدلة التي يطرحها الإسلام، وبدأت أحس أن هذه الاعتقادات الإسلامية هي أقرب إلى فطرتي من عقائد آبائي وأجدادي، وكذلك قلبي هو الآخر قد تغير، فبعد معاشرتي للمسلمين الملتزمين عن كثب انكشف لي حبهم وتعظيمهم ليسوع المسيح وأمه العذراء(عليهما السلام)ولا سيما من خلال النقاشات، فهم لم يكونوا يذكرون المسيح أو أمه إلاّ واردفوهما بـ (عليه السلام) .

وأيضاً بذكرهم الأحاديث الواردة عن نبيّ الإسلام وأئمة الدين بحق المسيح وأمه(عليهما السلام)، من حيث مدحهم وتعظيمهم كل ذلك أدّى إلى أن تتحول تلك البغضاء وذلك الحقد إلى مودة وأنس".

 

عقبات دون الاستسلام للحقيقة:

يقول الأخ خوشابا: "بدأت أعيش مزيجاً من الفرح والخوف، ولا أبالغ لو قلت أنه كانت تجري في أعماقي معركة حقيقية بين جنود الرحمن وجنود الشيطان، فجنود الرحمن يدفعونني للاستسلام لنداء الفطرة والعقل واتباع الحق الذي انكشف لي، وفي المقابل كانت جنود الشيطان توسوس لي بانك كيف تستطيع أن تترك دين آبائك وأجدادك؟ وهل حقاً كانوا جميعهم على الباطل غافلين عن هذه الحقائق التي أكتشفتها أنت؟ وكذلك الأمر بالنسبة إلى أهلك فهل تستطيع أن تقنعهم بهذه الحقيقة؟ وهل يقبلونك فيما لو عرفوا بأنك قد تركت دينهم واعتنقت الإسلام وأنت تعلم شدة العداوة والبغضاء التي يحملونها إزاء الاسلام؟ فكل هذه الوساوس كانت تعيش في صدري وتقف حاجزاً دون إذعاني للحق".

 

قمة الصراع بين العقل والنفس:

وراحت هذه المعركة تشتد في سريرة الأخ خوشابا، حيث يصوّرها قائلا: "أذكر أني ولمدة ثلاثة أيام لم أكن اشتهي طعاماً ولا شراباً فكنت لا آكل إلاّ إذا اشتد بي الجوع، وكذلك أصابتني حالة من الأرق في هذه المدّة، وفقدت القدرة على اتخاذ القرار، لا سيما وأنا شاب واتخاذ قرار مصيري في هكذا ظرف يعتبر أمراً شبه مستحيل.

وفي أحدى الليالي بدأت أتضرع إلى ربي وخالقي ببكاء وبصدق واطلب منه المعونة لإخراجي من هذا الصراع ومن هذا الارتباك والقلق الذي أجهدني، وفي صباح اليوم التالي شعرت في نفسي بقوة عظيمة لم أعهدها من قبل، وأحسست انشراحاً عجيباً في صدري، حطمت بها كل الحواجز والوساوس التي كان يضعها الشيطان في طريق هدايتي، واتخذت أصعب قرار في حياتي بكل سكينة واطمئنان وقررت أن اعتنق الإسلام واتبع سبيل الحق، وأترك دين آبائي وأجدادي التقليدي، فبدأت حياتي الجديدة بهذه الولادة السعيدة".

 

تعميق المعرفة بالدين الاسلامي:

عكف الأخ خوشابا بعد هذا ولسنين على البحث والمطالعة بشكل دقيق ومكثف، للتعمق في أصول الإسلام وفروعه وآرائه وأحكامه، وكذلك بالبحث والتدقيق في ديانته السابقة وبتعمق أكثر، وقام بالمقارنة بينهما من حيث العقائد والتعاليم فرأى الحق واضحاً جلياً كنور الشمس، وأيقن أن العقيدة التي كان يحملها (المسيحية) فيها من التناقضات ما يأبى العقل عن قبولها فيما كان يعتبرها أسراراً لأن العقل لا يدركها، كالتثليث والبنوّة والتجسيد وغيرها من العقائد، وعلى العكس من هذا وجد كل عقائد الإسلام تبتنى على أدلة عقلية ولا سيما الأصل الذي تعتمد عليه وهو التوحيد إذ فيه من المعارف الالهية ما يجعل الإنسان من خلال فهم تلك المعارف يعيش حياة توحيدية سعيدة في الدنيا قبل الآخرة.

 

تجربته في الاستبصار:

ويقول الأخ خوشابا الذي سمى نفسه "علي" بعد اعتناقه للاسلام الأصيل: "أعتقد أن التعصب والجهل واتباع الهوى والغفلة هي العوامل الرئيسية التي تصرف الإنسان عن الاذعان للحق وقبوله".

ومن هنا فإنّه يرى بأن البحث والمطالعة والتنقيب لا تنفع لوحدها ما لم يوطن ويمهد الإنسان لها أرضية قبول الحق في قلبه بتهذيب نفسه وتطهير سريرته عن جميع الشوائب التي تقف عقبه دون اذعان الانسان بما لا يتلاءم مع مصالحه الشخصية وموروثاته العقائدية المترسخة في كيانه والممزوجه بعواطفه، والتي لا يتمكن الإنسان أن يتخلى عنها بسهولة إلاّ بعد مجاهدته لنفسه واخضاعها لقبول الحق.

المصدر:مرکز الابحاث العقائدية

--------------------------------------------------------------------------------

الهوامش:

1- التعميد هو طقس الغسل بالماء رمزاً للنقاوة، وهو علامة على التطهير من الخطيئة والنجاسة وعلى الانتساب رسمياً إلى كنيسة المسيح (عليه السلام) .

2- التناول وهو المتعارف عندنا في الكنيسة الشرقية وبالتأكيد في بغداد بأن الطفل عندما يبلغ سن السابعة، يرسل إلى الكنيسة في العطلة الصيفية ولفترة من ثلاثة أسابيع إلى شهر وذلك لتعلم الصلاة وبعض الطقوس والاناشيد الدينية.


المستبصرنرسيسو اتونيو 

المستبصر محمد حبيب سو 

المستبصره مونتسدات روفيرا 

المستبصر ابوان (أبا ذر) 

المستبصر ابراهيم زنكو 

مؤلف ثم اهتديت في تبيان 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)