• عدد المراجعات :
  • 973
  • 12/21/2010
  • تاريخ :

اعتبار المندوحة وعدمه (2)

الورد

نعم ، في بعض الاخبار ما يدل على اعتبار عدم المندوحة في ذلك الجزء من الوقت وعدم التمكن من رفع موضوع التقية.

مثل رواية أحمد بن محمد بن أبي نصر (1) عن إبراهيم بن شيبة (2) قال : كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام عن الصلاة خلف من يتولى أمير المؤمنين عليه السلام وهو يرى المسح على الخفين ، أو خلف من يحرم المسح على الخفين وهو يمسح؟ فكتب عليه السلام : « إن جامعك وإياهم موضع لا تجد بدا من الصلاة معهم ، فأذن لنفسك وأقم ، فإن سبقك إلى القراءة فسبح » (3).

فإن ظاهرها اعتبار تعذر ترك الصلاة معهم. ونحوها ما عن الفقه الرضوي (4) من المرسل عن العالم عليه السلام قال : « ولا تصل خلف أحد إلا خلف رجلين : أحدهما من تثق به وبدينه (5) وورعه ، وآخر من تتقي سيفه وسوطه وشره وبوائقه وشنيعته (6) ، فصل خلفه على سبيل التقية والمداراة ، وأذن لنفسك وأقم واقرء فيها فإنه غير مؤتمن به » (7) إلى آخره.

وفي رواية معمر بن يحيى (8) الواردة في تخليص الاموال عن أيدي العشار (9) : « أنه كلما خاف (10) المؤمن على نفسه فيه ضرورة ، فله فيه التقية » (11).

وعن دعائم الاسلام (12) عن أبي جعفر الثامن صلوات الله عليه : « لا تصلوا خلف ناصب ولا كرامية (13) ، إلا أن تخافوا على أنفسكم أن تشهروا ويشار إليكم ، فصلوا في بيوتكم ثم صلوا معهم ، واجعلوا صلاتكم معهم تطوعا » (14).

ويؤيده العمومات الدالة على أن التقية في كل شيء يضطر إليه ابن آدم (15) ، فإن ظاهرها حصر التقية في حال الاضطرار ، ولا يصدق الاضطرار مع التمكن من تبديل موضوع التقية بالذهاب إلى موضع الامن مع التمكن وعدم الحرج.

نعم ، لو لزم من التزام ذلك حرج أو ضيق ، من تفقد المخالفين وظهور حاله في مخالفتهم سرا ، فهذا أيضا داخل في الاضطرار.

وبالجملة فمراعاة عدم المندوحة في الجزء من الزمان الذي يوقع فيه الفعل أقوى ، مع أنه أحوط.

نعم ، تأخير الفعل عن أول وقته لتحقق الامن وارتفاع الخوف مما لا دليل عليه ، بل الاخبار بين ظاهر وصريح في خلافه كما تقدم.

الشيخ مرتضى الانصاري

-------------------------------------------------------------

الهوامش:

1 ـ هو : أبو جعفر أو أبو علي أحمد بن محمد بن أبي نصر مولى السكوني المعروف بالبزنطي ، كوفي لقي الرضا عليه السلام وكان عظيم المنزلة عنده ، وهو ثقة جليل القدر ، وكان له اختصاص بأبي الحسن الرضا وأبي جعفر عليهما السلام ، أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصح عنه وأقروا له بالفقه ، توفي سنة 221 ه‍ بعد وفاة الحسن بن علي بن فضال بثمانية أشهر.

2 ـ هو : إبراهيم بن شيبة الاصبهاني ، مولى بني أسد ، وأصله من قاشان ، عده الشيخ الطوسي من أصحاب الامام الجواد عليه السلام وأصحاب الامام الهادي عليه السلام ، وعده البرقي من أصحاب الامام الجواد عليه السلام من غير توصيف له بالاصبهاني.

رجال البرقي : 56 ، رجال الشيخ : 398 و 411 ، معجم رجال الحديث 1 / 235.

3 ـ التهذيب 3 / 226 حديث 807 ، باختلاف.

4 ـ وهو كتاب اختلف الاصحاب في مؤلفه ، فبعض نسبه للامام الرضا عليه السلام ، وبعض احتمل كونه ألف بأمر الامام الرضا عليه السلام ، وبعض ذهب إلى احتمالات أخر ، وعلى كل حال فهو كتاب شامل لاكثر أبواب الفقه.

5 ـ في المصدر : وتدين بدينه.

6 ـ في ( ك ) : وشيعته ، وفي المصدر : وشنعه.

7 ـ الفقه المنسوب للامام الرضا عليه السلام : 144 و 145.

8 ـ هو معمر بن يحيى بن سالم العجلي ، كوفي عربي صميم ثقة متقدم ، روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام.

9 ـ العشار مأخوذ من التعشير ، وهو أخذ العشر من أموال الناس بأمر الظالم ، مجمع البحرين 3 / 404 عشر.

10 ـ في ( ط ) : أخاف ، والمثبت من ( ك ) والمصدر.

11 ـ نص الحديث هكذا : عن معمر بن يحيى ، قال : قلت لابي جعفر عليه السلام : إن معي بضائع للناس ونحن نمر بها على هؤلاء العشار فيحلفونا عليها فنحلف لهم ، قال : « وددت أني أقدر أن اجيز أموال المسلمين كلها وأحلف عليها ، كلما خاف ... » كتاب النوادر : 73 حديث 154.

12 ـ كتاب دعائم الاسلام في معرفة الحلال والحرام والقضايا والاحكام ، يشتمل على الاحاديث المأثورة عن أهل البيت عليهم السلام.

وهو تأليف القاضي أبي حنيفة نعمان بن أبي عبد الله محمد بن منصور بن أحمد بن حيون قاضي مصر من قبل الخليفة الفاطمي معز الدين ، وفي مذهبة اختلاف بين العلماء ، فبعض ذهب إلى أنه مالكيا ثم استبصر ، وبعض طعن فيه ، وبعض توقف فيه ، توفي سنة 363 أو 367 ه‍.

الذريعة 1 / 60 ، 8 / 197 ، معجم رجال الحديث 19 / 168.

13 ـ في المصدر : ولا كرامة.

14 ـ دعائم الاسلام 1 / 151 و 152.

15 ـ انظر : الوسائل 11 / 467 باب 25 من أبواب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.


اعتبار المندوحة وعدمه (1)

التقية ومقامتها

فلسفة الحج في الأحاديث الشريفة

ما أكثر الضجيج و أقل الحجيج

آداب الإفطار والسحور

استهلال شهر رمضان

رجب ،أفضل أوقات العمرة

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)