• عدد المراجعات :
  • 1002
  • 12/19/2010
  • تاريخ :

المستحب من التقية

الورد

وأما المستحب من التقية فالظاهر وجوب الاقتصار فيه على مورد النص ، وقد ورد النص : بالحث على المعاشرة مع العامة ، وعيادة مرضاهم ، وتشييع جنائزهم ، والصلاة في مساجدهم ، والاذان لهم  ، فلا يجوز التعدي عن ذلك إلى ما لم يرد فيه النص من الافعال المخالفة للحق ، كذم بعض رؤساء الشيعة للتحبب إليهم.

وكذلك المحرم والمباح والمكروه ، فإن هذه الاحكام على خلاف عمومات التقية ، فيحتاج إلى الدليل الخاص.

 

وأما المقام الثاني :

فنقول : إن الظاهر ترتيب آثار العمل الباطل على الواقع تقية وعدم ارتفاع الآثار بسبب التقية إذا كان دليل تلك الآثار عاما لصورتي الاختيار والاضطرار ، فإن من احتاج لاجل التقية إلى التكتف في الصلاة ، أو السجود على ما لا يصح السجود عليه ، أو الاكل في نهار رمضان ، أو فعل بعض ما يحرم على المحرم ، فلا يوجب ذلك ارتفاع أحكام تلك الامور بسبب وقوعها تقية.

نعم ، لو قلنا بدلالة حديث رفع التسعة على رفع جميع الآثار ، تم ذلك في الجملة.

لكن الانصاف ظهور الرواية في رفع المؤاخذة ، فمن اضطر إلى الاكل والشرب تقية أو التكتف في الصلاة ، فقد اضطر إلى الافطار وإبطال الصلاة ، لانه مقتضى عموم الادلة ، فتأمل.

 

المقام الثالث :

في حكم الاعادة والقضاء إذا كان المأتي به تقية من العبادات.

فنقول : إن الشارع إذا أذن في إتيان واجب موسع على وجه التقية ـ إما بالخصوص كما لو أذن في الصلاة متكتفا حال التقية ، وإما بالعموم كأن يأذن بإمتثال أوامر الصلاة أو مطلق العبادات على وجه التقية ، كما هو الظاهر من أمثال قوله عليه السلام : « التقية في كل شيء إلا في النبيذ والمسح على الخفين » (1) ونحوه (2) ـ ثم ارتفعت التقية قبل خروج الوقت ، فلا ينبغي الاشكال في إجزاء المأتي به وإسقاطه ، للامر ، كما تقرر في محله : من أن الامر بالكلي كما يسقط بفرده الاختياري كذلك يسقط بفرده الاضطراري إذا تحقق الاضطرار الموجب للامر به ، فكما أن الامر بالصلاة يسقط بالصلاة مع الطهارة المائية كذلك يسقط مع الطهارة الترابية إذا وقعت على الوجه المأمور به.

أما لو لم يأذن في امتثال الواجب الموسع في حال التقية خصوصا أو عموما على الوجه المتقدم ، فيقع الكلام في أن الوجوب في الواجب الموسع هل يتعلق بإتيان هذا الفرد المخالف للواقع بمجرد تحقق التقية في جزء من الوقت ، بل في مجموعه ؟ وبعبارة أخرى : الكلام في أنه هل يحصل من الاوامر المطلقة بضميمة أوامر التقية أمر بامتثال الواجبات على وجه التقية أو لا ؟ بل غاية الامر سقوط الامر عن المكلف في حال التقية ولو استوعب الوقت.

والتحقيق : أنه يجب الرجوع في ذلك إلى أدلة تلك الاجزاء والشروط المتعذرة لاجل التقية.

فإن اقتضت مدخليتها في العبادة من دون فرق بين الاختيار والاضطرار ، فاللازم الحكم بسقوط الامر عن المكلف حين تعذرها لاجل التقية ولو في تمام الوقت ، كما لو تعذرت الصلاة في تمام الوقت إلا مع الوضوء بالنبيذ ، فإن غاية ذلك سقوط الامر بالصلاة رأسا لاشتراطها بالطهارة بالماء المطلق المتعذرة في الفرض ، فحاله كحال فاقد الطهورين.

وإن اقتضت مدخليتها في العبادة بشرط التمكن منها دخلت المسألة في مسألة اولي الاعذار : في أنه إذا استوعب العذر الوقت لم يسقط الامر رأسا ، وإن كان في جزء من الوقت ـ مع رجاء زواله في الجزء الآخر ، أو مع عدمه ـ جاء فيه الخلاف المعروف في اولي الاعذار ، وأنه هل يجوز لهم البدار أم يجب عليهم الانتظار.

فثبت من جميع ما ذكرنا أن صحة العبادة المأتي بها على وجه التقية تتبع إذن الشارع في امتثالها حال التقية.

 

والاذن متصور بأحد أمرين :

أحدهما : الدليل الخارجي الدال على ذلك ، سواء كان خاصا بعبادة أو كان عاما لجميع العبادات.

والثاني : فرض شمول الاوامر العامة بتلك العبادة لحال التقية.

لكن يشترط في كل منهما بعض ما لا يشترط في الآخر :

فيشترط في الثاني كون الشرط أو الجزء المتعذر للتقية من الاجزاء والشرائط الاختيارية ، وأن لا تكون للمكلف مندوحة : بأن لا يتمكن من الاتيان بالعمل الواقعي في مجموع الوقت ، أو في الجزء الذي يوقعه مع اليأس من التمكن منه فيما بعده أو مطلقا على التفصيل والخلاف في اولي الاعذار ، وهذان الامران غير معتبرين في الاول ، بل يرجع فيه إلى ملاحظة ذلك الدليل الخارجي ، وسيأتي أن الدليل الخارجي الدال على الاذن في التقية في الاعمال لا يعتبر فيه شيء منهما.

ويشترط في الاول أن تكون التقية من مذهب المخالفين ، لانه المتيقن من الادلة الواردة في الاذن في العبادات على وجه التقية ، لان المتبادر التقية من مذهب المخالفين ، فلا يجري في التقية عن الكفار أو ظلمة الشيعة ، لكن في رواية مسعدة بن صدقه (3) الآتية ما يظهر منه عموم الحكم لغير المخالفين (4) ، مع كفاية عمومات التقية في ذلك ، بعد ملاحظة عدم اختصاص التقية في لسان الائمة صلوات الله عليهم بالمخالفين ، لما يظهر بالتتبع في أخبار التقية التي جمعها في الوسائل (5).

------------------------------------------------------------

الهوامش:   

الشيخ مرتضى الانصاري

1 ـ الكافي 2 / 172 حديث 2 باب التقية.

2 ـ انظر : وسائل الشيعة 11 / 467 باب 25 من أبواب الامر بالعروف والنهي عن المنكر.

3 ـ هو : أبو محمد أو أبو بشر مسعدة بن صدقة العبدي أو العسيدي ، له كتب ، روى عنه هارون بن مسلم ، وهو إما تبري أو عامي.

رجال ابن داود : 188 و 278 ، نقد الرجال : 343.

4 ـ راجع : هامش ( 5 ) من صفحة ( 58 ).

5 ـ الوسائل 11 / 459 ـ 483 ، من باب 24 إلى باب 32 من أبواب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. والوسائل هو أحد الجوامع المتأخرة الكبرى ، واسمه تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة ، ويقال له الوسائل تخفيفا.

وهو تأليف الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي المشغري ، عالم عامل محدث جليل القدر ، توفى سنة 1104 ، ودفن في الصحن المطهر للامام الرضا عليه السلام ، وله مقبرة تزار وتقصد لحد الآن.

هدية الاحباب : 123 ، الوسائل 4 / 352.


فلسفة الحج في الأحاديث الشريفة

ما أكثر الضجيج و أقل الحجيج

آداب الإفطار والسحور

استهلال شهر رمضان

رجب ،أفضل أوقات العمرة‏

الاحرام قبل الميقات لعمرة رجب

منطق الشهيد

 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)