• عدد المراجعات :
  • 1370
  • 10/30/2010
  • تاريخ :

نقض فتاوى الوهابية - الاحاديث الواردة في زيارة قبر النبي (ص)

الورد

بين يدي كذلك كتابان جليلان لعالمين جليلين من كبار مشاهير علماء السنة والجماعة: أحدهما كتاب «شفاء السقام في زيارة خير الانام، للامام الحافظ قاضي قضاة المسلمين في القرن الثامن الشهير بتقي الدين ابي الحسن السبكي، ويسمى ايضاً ب: شن الغارة على من انكر فضل الزيارة » وقد نشر هذا الكتاب ومثله للطبع سنة 1318 في مطبعة بولاق لعالم الفن العلامة الجليل احد اكابر علماء مصر القاهرة الشيخ محمد بخيت المطبعي، رئيس المحكمة الشرعية العليا بمصر، وقد حضرنا دروسه بمصر سنة 1330 فوجدناه في اكثر العلوم بحراً مواجاً، وسراجاً وهاجاً، شعلة ذكاء وفهم، وإحاطة وحزم؛ ودفع الينا جملة من مؤلفاته منها ذلك الكتاب الذي نشر في صدره مقدمة في بعض احوال ابن تيمية مؤسس مذاهب الوهابية وبعض بدعه في الدين وتكفيره من جمهور علماء المسلمين، وقد اجاد في تلك المقدمة، واحسن النظر في الموضوع وعلله واسبابه.

اما ذات كتاب الامام السبكي فقد رتبه على عشرة ابواب:

- الاول: في الاحاديث الواردة في الزيارة .

- الثاني: في الاحاديث الدالة على ذلك وان لم يكن فيها لفظ الزيارة .

- الثالث: فيما ورد في السفر اليها .

- الرابع: في نصوص العلماء على استحبابها.

- الخامس: في كونها قربة.

- السادس: في كون السفر لها قربة.

- السابع: في دفع شبه الخصم وتتبع كلماته .

- الثامن: في التوسل والاستغاثة .

- التاسع: في حياة الانبياء .

- العاشر: في الشفاعة.

 وذكر في الباب الاول من الاحاديث الواردة في زيارة قبر النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ ، وفضلها، والحث عليها خمسة عشر حديثاً، واطنب في تصحيح سند كل واحد منها، عن رجال السند وعلله فصحح اسانيد اكثرها، مثل: « من زار قبري وجبت له شفاعتي‎» (1)،وقد افاض في البحث عن سند هذا الحديث في خمس اوراق وبمضمونه حديثان آخران ومثل: ‎« من حج فزار قبري بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي» (2) وافاض في النظر والبحث عن سنده في اربع اوراق ومثل: « من حج البيت ولم يزرني فقد جفاني » (3) الى امثال ذلك من الاحاديث التي آخرها في هذا الباب: « من اتى المدينة زائراً لي وجبت له شفاعتي يوم القيامة» و « من مات في احد الحرمين بعث آمنا‎ »(4) .

 ثم استوفى القول والحديث في الباب الثاني، ودخل بعده في الباب الثالث وذكر مفصلاً زيارة بلال من الشام التي هاجر اليها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله ـ وانه راى في المنام وهو يقول له: « ما هذه الجفوة يا بلال، اما آن لك ان تزورني ؟ !» فانتبه حزيناً وجلاً، فركب راحلته وقصد المدينة فأتى قبر النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ الى آخر الحديث. وكان ذلك في زمن اكابر الصحابة كالشيخين وغيرهما، وعقّبه بذكر زيارة جماعة من الصحابة والتابعين لقبره ـ وشد الرحال اليه .

 الكتاب الثاني بين ايدينا كتاب« الجوهر المنظم في زيارة قبر النبي المكرم » تأليف العالم الشهير صاحب المؤلفات الطائرة الصيت، ـ أحمد بن حجر الشافعي، المطبوع ذلك الكتاب بمطبعة بولاق ايضاً في مصر، القاهرة سنة 1279، ورتبه ـ كسابقه ـ على فصول:

- الاول: في مشروعية زيارة قبر النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ، واستدل عليها من الكتاب بآيات، ومن السنة بأحاديث كثيرة صحح اسانيدها من الطرق المتفق عليها عند جمهور المسلمين، ثم استدلّ بإجماع علماء المسلمين، وزاد على ماذكره الحافظ السبكي لتأخر زمانه عنه.

 قال ابن حجر ـ بعد ان استوفى الكلام في سرد الحديث والاجماع على فضل الزيارة فضلاً عن مشروعيتها، صفحة 13ـ ما نصه:

 فإن قلت: كيف تحكي الاجماع السابق على مشروعية الزيارة والسفر إليها وطلبها وابن تيميه من متأخري الحنابلة منكر لمشروعيّة ذلك كله كما رآه السبكي في خطه، وقد اطال ابن تيميه في الاستدلال لذلك بما تمجه الاسماع وتنفر عنه الطباع، بل زعم حرمة السفر لها إجماعاً وانه لا تقصر فيه الصلاة، وان جميع الاحاديث الواردة فيها موضوعة، وتبعه بعض من تأخر عنه من اهل مذهبه ‎؟!

قلت: من هو ابن تيمية حتى ينظر اليه او يعول في شيء من امور الدين عليه ؟! وهل هو الا كما قال جماعة من الائمة الذين تعقبوا كلماته الفاسدة؛ وحججه الكاسدة؛ حتى اظهروا عوار سقطاته؛ وقبائح اوهامه وغلطاته؛ كالعز بن جماعة: عبد اضله الله تعالى واغواه، والبسه رداء الخزي وارداه، وبوأه من قوة الافتراء والكذب ما اعقبه الهوان؛ واوجب له الحرمان.

 ولقد تصدى شيخ الاسلام، وعالم الانام، المجمع على جلالته، واجتهاده وصلاحه وامامته، التقي السبكي، قدس الله روحه، ونور ضريحه؛ للرد عليه في تصنيف مستقل افاد فيه (5)واجاد واصاب واوضح بباهر حججه طريق الصواب؛ ثم قال: هذا ما وقع من ابن تيمية مما ذكر، وان كان عثرة لاتقال ابداً، ومصيبة يستمر شؤمها، ليس بعجيب، فإنه سولت له نفسه وهواه وشيطانه انه ضرب مع المجتهدين بسهم صائب؛ ومادرى المحروم انه اتى بأقبح المعائب اذ خالف اجماعهم في مسائل كثيرة‎، وتدارك على أئمتهم سيما الخلفاء الراشدين باعتراضات سخيفة شهيرة، حتى تجاوز الى الجناب الاقدس المنزه ـ سبحانه ـ عن كل نقص، والمستحق لكل كمال انفس، فنسب اليه الكبائر والعظام ، وخرق سياج عظمته بما اظهره للعامة على المنابر من دعوى الجهة والتجسيم، وتضليل من لم يعتقد ذلك من المتقدمين والمتأخرين، حتى قام عليه علماء عصره؛ والزموا السلطان بقتله او حبسه وقهره، فحبسه الى مات وخمدت تلك البدع، وزالت تلك الضلالات، ثم انتصر له اتباع لم يرفع الله لهم رأساً، ولم يظهر لهم جاها‎ ولا بأساً، بل ضربت عليهم الذلة والمسكنة باؤوا بغضب من الله ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، انتهى.

هذا بعض كلام ابن حجر العالم الذي ليس له في علماء السنة مدافع؛ ولا ينازع في جلالة شأنه وعظيم فضله منازع، ولسنا الآن في صدد تعداد مثالب ابن تيمية وبدعه في الدين، وما أدخله من البلية على الإسلام والمسلمين، فإن ذلك خارج عما نحن بشأنه من مواقف الحجة والبرهان، والنظر في الادلة على نهج علمي لا يخرج عن دائرة آداب المناظرة.

 واما حال ابن تيمية ... فقد كفانا مؤونة إشاعة فضائعه ووقائعه علماء الجمهور من اهل السنة والجماعة شكرت مساعيهم الجميلة .

----------------------------------------------------------

الهوامش:

الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ـ طاب ثراه

(1) سنن الدار قطني 2/ 278 ح 194، الجامع الصغير للسيوطي ـ نقلاً عن البيهقي ـ 2/ 605 ح 8715، كنز العمال 15/ 615 ح 42583، وفاء الوفاء 4/ 1336، الكامل لابي احمد بن عدي 6/ 2350، واورد العلامة الاميني في الغدير 5/ 93ـ 96 «41» مصدراً، فراجع.

(2) سنن الدار قطني 2/ 278 ح 192، سنن البيهقي 5/ 246، كنز العمال 5/ 135 ح 12368 و 15/ 651 ح 42582، وفاء الوفاء 4/ 1340 وفيه: كان كمن زارني، الكامل لأبي احمد بن عدي 2/ 790، الجامع الصغير للسيوطي ـ نقلاً عن الطبراني ـ 2/ 594 ح 8628، واورد العلامة الاميني في الغدير 5/ 99ـ 100«9» مصادر، فراجع .

(3) كنزالعمال 5/ 135 ح 12369، وفاء الوفاء 4/ 1342، شفاء السقام: 23، واورد الاميني «9» مصادر في الغدير 5/ 100.

(4) وفاء الوفاء 4/ 1348، شفاء السقاء: 34، وقد اورد السبكي في شفاء السقام كل الاحاديث السابقة في الفصل الاول .

(5) وكذا ناقسه في شفاء السقام في باب شبهة الخصم 98 ـ 115.


الرد على الوهابية - زيارة القبور

الرد على الوهابية - في توحيدالله في العبادة

الردّ على الوهّابيّة- تمهيـــد

من هم الشيعة من خلال الروايات

مس المرأة لا ينقض الوضوء عند الإمامية

مبدأ التشيع وتاريخ نشأته

من دوافع تعدد زيجات الرسول ( صلى الله عليه وآله )

 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)