• عدد المراجعات :
  • 440
  • 9/12/2010
  • تاريخ :

غالبية أوباما اليهودية الصامتة

باراک اوباما الرئيس الامريکي

يبدو أنّ كاتب العمود الخاص في صحيفة "تايمز"، تشارلز م. بلو، كان يفتقر إلى الأفكار لعموده الأسبوعي منذ بضعة أيام، ولذلك قرّر الخوض في مياه "هل أوباما جيّد لليهود". كان الأجدى به أن يبقى على اليابسة.

المسألة هي أنّ هناك من هم مستعدّون لقول أي شيء في ما يتعلّق باليهود. هل يدعم اليهود المركز الاجتماعي "بارك 51"؟ نعم، يدعمونه. هل يعارضونه؟ بالطبع. هل يعارضون سياسة الاستيطان الإسرائيلية؟ بالتأكيد. هل يدعمونها؟ حتماً يدعمونها.

الأشخاص الذين يشتكون من أوباما بأعلى صوتهم هم الأشخاص أنفسهم الذين لم يريدوا أن يُنتخَب في الأصل. وعددهم يصل إلى نحو 31 شخصاً.

أيّ سلطة تخوِّل بلو أن يجزم أن معظم اليهود الأميركيين يصوّتون بالاستناد إلى المسألة الإسرائيلية فقط، أو أنّ سياسات أوباما حيال إسرائيل ليست شعبية لدى اليهود؟

وللدفاع عن حجّته، يتحوّل بلو نحو جون بولتون، أحد الأعضاء الأكثر راديكالية في إدارة بوش، والذي يدعو باستمرار إلى شنّ هجوم إسرائيلي على إيران. ليس مفاجئاً أن يصف بولتون خطاب أوباما في القاهرة في حزيران 2009 بأنّه "الخطاب المناهض لإسرائيل الأكثر راديكالية الذي يصدر عن رئيس بحسب ما أذكره". كان جورج إيتش دبليو بوش وجيمس بايكر أشدّ صلابة في موضوع إسرائيل مما هو عليه أوباما، أو مما يمكن تخيّل أن يكون عليه. وإيد كوتش، حسناً، بالله عليكم. عمدة مدينة نيويورك السابق مجنون جداً في المسائل التي تتعلّق بـ"القبيلة" إلى درجة أنه طالب ذات مرة بأن تقاطع الولايات المتحدة فرنسا (وودي آلن).

وهل هو خبر جديد فعلاً أن النائب مايك بنس، رئيس المؤتمر الجمهوري، قال لشبكة "كريستشان برودكاستينغ": "أعتقد أن إدارة أوباما هي الإدارة الأكثر مناهضة لإسرائيل في التاريخ الحديث لإسرائيل وفي علاقتنا معها"؟ أظنّ أنّه لو لم يتفوّه بمثل هذا الكلام، لكان هذا خبراً جديداً. الأشخاص الذين يشتكون من أوباما بأعلى صوتهم هم في شكل أساسي، على غرار بولتون، الأشخاص أنفسهم الذين لم يريدوا أن يُنتخَب في الأصل. وعددهم يصل إلى نحو 31 شخصاً.

ويوسّع بلو شِباكه قليلاً، فيتطرّق إلى استطلاع آراء حديث أجراه معهد "بيو" وأظهر أن الدعم اليهودي للجمهوريين "يبلغ الآن أعلى مستوى له منذ البدء بتسجيل البيانات"، على الرغم من أنّه لا يذكر متى بدأ تسجيلها. تعود الأرقام التي أورِدت إلى عام 2006 فقط، عندما كان دعم الجميع للديموقراطيين أعلى بكثير مما هو عليه اليوم. يصرّ بلو على أن "هذا هو بلا شك رد فعل، على الأقل جزئياً، على تبنّي إدارة أوباما موقف خطابي قاسٍ حيال إسرائيل فيما تولي وقتاً وعناية خاصَّين لعلاقتنا مع العالم الإسلامي".

حقاً؟ حسناً، أشكّ في ذلك. يبقى باراك أوباما، على غرار كل الديموقراطيين قبله، أكثر شعبية عند اليهود من أي مجموعة إتنية أخرى في أميركا، ما عدا السود. نسبة التأييد له في أوساط اليهود التي تستقرّ عند حدود الستين في المئة، هي أعلى بحوالى 15 في المئة من النسبة لدى غير اليهود. يتوقّع المحافظون الجدد تحوّل اليهود نحو الجمهوريين منذ حصول جورج ماكغوفرن على نحو ثلثَي أصوات اليهود فقط – هذا صحيح، الثلثين فقط – ومع ذلك لم يحدث هذا التحوّل حتى الآن. (انظر مثلاً تعليق ميلتون هيملفارب "هل يصبح اليهود جمهوريين؟" في آب 1981. بعدما نفد صبر الجمهوريين، بدأوا يتذمّرون ممّا أسماه إرفينغ كريستول من دون كثير من الاعتزاز "غباء اليهود السياسي"). على الرغم من ذلك، أي سلطة تخوّل بلو أن يجزم أن معظم اليهود الأميركيين يصوّتون بالاستناد إلى المسألة الإسرائيلية فقط، أو أنّ سياسات أوباما حيال إسرائيل ليست شعبية لدى اليهود؟ ربما لا تساور بلو أي شكوك حول هذه النقاط، لكنّه لا يملك أيضاً أي أدلّة موثوقة.

 يبقى باراك أوباما، على غرار كل الديموقراطيين قبله، أكثر شعبية عند اليهود من أي مجموعة إتنية أخرى في أميركا، ما عدا السود.

وفقاً لاستطلاع آراء أجري في ربيع 2010 لمصلحة "جي-ستريت"، وهو لوبي يهودي أميركي "موالٍ للسلام ولإسرائيل"، يدعم اليهود الأميركيون السياسات التي تنتهجها إدارة أوباما حول السلام في الشرق الأوسط بنسبة ثلاثة أو أربعة إلى واحد، بحسب طريقة طرح السؤال. وهم منقسمون بالتساوي إلى حد كبير حول ما إذا كان انتقاد الولايات المتحدة علناً لإسرائيل – كما فعل أوباما رداً على استهزاء حكومة نتنياهو المتعمّد بأميركا في موضوع السياسة الاستيطانية – هو فكرة جيّدة، مع موافقة أكثرية صغيرة من 40 إلى 44 في المئة على أنه "يجب أن تعرب الولايات المتحدة علناً عن الاختلافات في وجهات النظر وتطلب من إسرائيل تغيير بعض السياسات".

يستند بلو من جديد إلى عكّاز كاتب العمود، فيتّكئ على مراسلة "تايمز"، هيلين كوبر، التي كتبت "لا يزال غير واضح إذا كانت يد أوباما الممدودة في الآونة الأخيرة سوف تطمئن اليهود الأميركيين والرأي العام في إسرائيل حيث تراجعت نسبة التأييد لأوباما". أجل، كل الأشياء المستقبلية "تبقى غير واضحة"، ولا سيما عندما يرفض الشخص تحديد عباراته. المثير للدهشة هو أنه يبدو أن بلو لا يميِّز، على غرار كوبر، بين اليهود الأميركيين و"الرأي العام في إسرائيل"، على الرغم من أن أفراد المجموعتين مواطنون في بلدَين مختلفين كلياً واحد منهما فقط يرأسه أوباما. ثم يزعم بلو أنّ المسألة المطروحة على المحك هي الأصوات اليهودية، لكنه يضيف بغموض أنّ "تأثيرهم يفوق حجمهم". اللافت هو أن بلو لا يُزعج نفسه بذكر السبب. لا أخالفه الرأي بالتأكيد، لكنني لا أرى ما المقصد من المغازلة في هذا الشأن، إلا إذا كان يعمل لحساب آبي فوكسمان [المدير الوطني لرابطة مكافحة التشهير].

في الواقع، يمكن المحاججة بأنّ أوباما رئيس عظيم لإسرائيل واليهود الأميركيين بالسهولة نفسها التي يمكن بها سوق الحجّة المعاكسة. ويمكن حتى القيام بذلك عبر استعمال العبارات نفسها التي يستخدمها هؤلاء "اليهود الموالون لإسرائيل" لتحديد معالم النقاش. لقد كان أوباما الزعيم العالمي الوحيد تقريباً الذي جارى الحجّة الإسرائيلية الجنونية عن السبب الذي دفع إسرائيل إلى الهجوم على بعثة مساعدات سلمية متوجّهة إلى غزة والتسبّب بمقتل تسعة أشخاص. وكما أوردت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأسبوع الماضي، "زادت المساعدات العسكرية الأميركية إلى إسرائيل إلى حد كبير هذه السنة.

لقد كان أوباما الزعيم العالمي الوحيد تقريباً الذي جارى الحجّة الإسرائيلية الجنونية عن السبب الذي دفع إسرائيل إلى الهجوم على بعثة مساعدات سلمية متوجّهة إلى غزة والتسبّب بمقتل تسعة أشخاص.

قام جنود أميركيون وإسرائيليون كبار بجولات مكّوكية بين تل أبيب وواشنطن بوتيرة غير معتادة في الأشهر الأخيرة. وقد شارك عدد قياسي من الجنود الأميركيين في سلسلة من التدريبات العسكرية المشتركة في إسرائيل في الأشهر الأخيرة". حتى "اللجنة الأميركية الإسرائيلية للشؤون العامة" (أيباك) تؤيّد أوباما، على الأقل عند طرح سؤال مباشر عليها. فقد قال الناطق باسمها جوش بلوك عندما طلب منه مشروع Think Progress تعليقاً "من الواضح أن إدارة أوباما لا تزال ملتزمة بعمق التحالف الأميركي-الإسرائيلي، ودعم المساعدات لإسرائيل وترسيخ تعاوننا العسكري هما أحد جوانب هذا الالتزام". هل يريد تشارلز بلو حقاً أن يذهب إلى قبره وهو أكثر "موالاة لإسرائيل" من أيباك؟

اسمعوا، إنها مهمّة أوباما أن يحضّ إسرائيل ويدفعها نحو السلام، مهما بلغ تعنّت الحكومة اليمينية هناك. هذا جيد لإسرائيل التي تحتاج إلى السلام أكثر من أي شيء آخر، وجيّد لأميركا. كما قال الجنرال ديفيد بيترايوس أمام الكونغرس في آذار الماضي، النزاع المستمر هو محفِّز أساسي لعدم الاستقرار ومعاداة أميركا في المنطقة. لذلك من مصلحة الأمن القومي الأميركي أن تتم تسوية النزاع.

في الاسابيع الاخيرة نجح أوباما، بطريقة أو بأخرى، في إقناع السلطة الفلسطينية بالموافقة على إعادة إطلاق محادثات السلام من دون القبول بأيّ من مطالبها. قال دانيال ليفي، وهو مفاوِض إسرائيلي سابق في محادثات السلام، لصحيفة "تايمز": "أراد عباس إشارة واضحة إلى حدود 1967؛ وبدلاً من ذلك أعطي 12 شهراً ليستمرّ في طرح قضيّته أملاً في أن يتدخّل الأميركيون بطريقة حاسمة".

بالنسبة إلى كل من يتمنّون الخير لإسرائيل، ما يثير القلق أكثر من هذا النزاع المزعوم مع أوباما هو ما يتحدّث عنه بلو بدقّة (هذه المرّة): "في الآونة الأخيرة، أجرى المستطلِع الديموقراطي ستانلي غرينبرغ و"المشروع الإسرائيلي"، وهو منظّمة غير ربحية في واشنطن، استطلاعاً أظهر، وفقاً لهما، أنّ الدعم الأميركي لإسرائيل يتراجع كثيراً". ربما ليست المشكلة في واشنطن بقدر ما هي في القدس. ففي مختلف الأحوال، إسرائيل هي التي تحتاج إلى دعم أميركا للبقاء، وليس العكس، يا صاح.

مصدر: العالم الاخباري

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)