• عدد المراجعات :
  • 1867
  • 8/17/2010
  • تاريخ :

انتشار التشيّع في الريّ في عصرِ آل بُوَيْه

التشيّع في الريّ

يمكن القول بأنّ آل بُوَيه كانوا أحد الثمار التي أثمرها ظهورُ العلويّين في منطقة طَبَرستان، على الرغم من أنّنا لا نمتلك علائمَ واضحةً عن تشيّعٍ خاصّ لدى آل بُوَيه خلال حياتهم السياسيّة قبل تسنّمهم السلطة في طَبَرستان.

وكان عمادُ الدين ـ مؤسس الدولة البويهيّة ـ وأخَواه الاثنان من أهل الدَّيلَم، حيث ترعرعوا في أجواء إسلاميّة شيعيّة تمخّض عنها السعيُ الدؤوب للشيعة في تلك المناطق. وكانوا في أوائل أمرهم في بلاط ماكان بن كاكي، ثمّ في بلاط مرداويج مؤسّس أُسرة آل زيار.

يمكن القول بأنّ آل بُوَيه كانوا أحد الثمار التي أثمرها ظهورُ العلويّين في منطقة طَبَرستان، على الرغم من أنّنا لا نمتلك علائمَ واضحةً عن تشيّعٍ خاصّ لدى آل بُوَيه خلال حياتهم السياسيّة قبل تسنّمهم السلطة في طَبَرستان.

وكان بداية أمرهم أنّ مرداويج عيّن عمادَ الدولة عاملاً على كَرَج (1)، ثمّ ندم على تعيينه له دون أن يتمكّن من عزله، فقد سيطر عماد الدولة على كرج وقمع طائفة من الخرّم دينيّة كانوا فيها، وكانت منطقة كرج قبل ذلك في يد أبي دُلَف وقومه، وكان أبو دُلَف معروفاً بحبّه للعلويّين (2).

ثمّ إنّ عماد الدولة تحرّك من كرج إلى إصفهان فغَلَب عليها، ثمّ توجّه صوبَ فارس فتوقّف عند مدينة أرجّان، ثمّ سيطر على مدينة شيراز وحطّ رحاله فيها، بينما توجّه أخوه الأصغر معزّ الدولة إلى بغداد فأخضع الخليفةَ فيها لسلطته، وساهم الأخُ الثالث ركن الدولة في إرساء قواعد حكومة آل بُوَيه في إيران.

وقد استطاع ركن الدولة البُوَيهيّ ( ت 366 هـ ) المحافظةَ على حكومة البويهيّين في إيران على الرغم من وجود خصوم سياسيّين كثيرين؛ واختار إصفهان مقرّاً لحكومته مدةً من الزمن، ثمّ جعل الريَّ عاصمة لحكومته.

وكانت منطقة الريّ في عصر البويهيّين إحدَ أهم مراكز السلطة السياسيّة لآل بُوَيه، كما كانت إحدى أهم المناطق الثقافيّة في إيران.

وخلف ركنَ الدولة ابنُه مؤيّدُ الدولة، ثمّ وصلَ الحكمُ إلى أخيه فخر الدولة بفضل المساعي التي بذلها الصاحبُ بن عَبّاد الوزير الشيعيّ المعروف. ثمّ إنّ ابن عبّاد توفيّ سنة 385 هـ وتوفيّ بعده فخر الدولة سنة 387 هـ، فخلفه ابنه مجد الدولة، لكن صِغَر سنّ ابنه أدّى إلى أن تصبح زوجةُ فخر الدولة ( أمّ الحاكم الجديد ) هي المتصرّفة في الأمور، حتّى نشأ ابنُها وأمسك زمام الأمور بنفسه.

التشيّع في الريّ

واستمرّت حكومة مجد الدولة في الريّ إلى سنة 421 هـ، حيث تغلّب السطان محمود الغَزْنويّ على الريّ وقضى على حكم البويهيّين.

ومن هنا يتبيّن بجلاء أنّ حكومة آل بُوَيه في منطقة الريّ التي استمرّت ثمانين عاماً كان لها بالغ الأثر في ازدهار التشيّع في تلك المنطقة؛ نظراً للنزعة الشيعيّة التي كانت لدى آل بويه (3)، كما أنّ الأوضاع في سائر النقاط الخاضعة لسلطة آل بويه كانت أيضاً كما على هذه الشاكلة.

وكان الصاحب بن عبّاد الوزير المقتدر لدى آل بُوَيه من المشغوفين بأهل البيت عليهم السّلام وممّن يتمسّك بالولاء لهم، وقد أنشد الصاحبُ ما يزيد على نصفِ أشعاره في مدح أهل البيت عليهم السّلام وذِكر مناقبهم (4). وقد ساهم الصاحب بن عبّاد في إبعاد مخالفي أهل البيت عليهم السّلام وتقريب الشيعة والمعتزلة، الأمر الذي أدّ إلى تغيير في ملامح الجوّ المذهبي في منطقة الريّ.

وقد أشار المَقْدِسيّ ـ وهو من الحنابلة في القرن الرابع الهجريّ ـ إلى وجود الحنابلة في الريّ (5)، لكنّ آثار الحنابلة اختفت من منطقة الري بعد ذلك، وكان الشافعيّة والحنفيّة هما المذهبَين الوحيدين اللذين بقيا من مذاهب العامّة في الريّ.

أمّا عن انتماء آل بُوَيه إلى مذهب الإماميّة أو الزيديّة، فهناك اختلاف في النقول التي وصلت إلينا، لكنّ الأمر المسلّم الذي لا مِراء فيه هو أنّ النزعة الشديدة الشيعيّة لدى آل بويه قد ساقتهم ـ فضلاً عن المشاركة في السياسة ـ إلى التسامح المذهبيّ.

ومن هنا يتبيّن بجلاء أنّ حكومة آل بُوَيه في منطقة الريّ التي استمرّت ثمانين عاماً كان لها بالغ الأثر في ازدهار التشيّع في تلك المنطقة؛ نظراً للنزعة الشيعيّة التي كانت لدى آل بويه (3)

ومن جملة آثار الشيعة في عصر آل بويه: المكتبات والمدارس الكثيرة، وقد اندثر بعض هذه المكتبات والمدارس على يد السلطان محمود الغزنويّ الذي عُرف بالتعصّب المذهبيّ الشديد للمذهب السنّي والجَبْريّ، لكنّ ذلك لم يُضعِف ـ كما سنرى ـ التشيّع في منطقة الريّ.

ومَن آثار التشيّع في عصر البويهيّين: نُضجُ الطبقة المثقّفة الواعية في الشيعة في منطقة الريّ، وكان لهذه الطبقة دور في المواقع الحكوميّة، وفي تدوين الآثار العلميّة البارزة أيضاً.

ومن الوجوه البارزة في هذا الشأن: أبو سعد الآبِيّ الذي شَغَل منصب الوزارة في حكومة مجد الدولة البويهيّ رَدْحاً من الزمن، والذي وافاه الأجل سنة 421 هجريّة، وكان أبو سعيد الآبيّ تلميذاً من تلامذة الشيخ الصدوق عليه الرحمة، ومن الوزراء الإماميّين في دولة الوبهيّين. ومن أهمّ تأليفات أبي سعد الآبيّ كتابه القيّم « نثر الدرّ » الذي طُبع مؤخّراً في مصر في ستّة مجلّدات (6).

ويتجلّى في هذا الكتاب بوضوح عمقُ العقيدة الشيعيّة لهذا الوزير، ومدى التسامح الموجود لديه، وسعة مطالعاته ومواهبه الأدبيّة.

والظاهر أنّ هذا الأثر يضمّ أوّل فهرس موضوعيّ لآيات القرآن الكريم، ويُعدّ هذا الفهرس ابتكاراً مهمّاً في هذا المجال.

وقد تطرّق الآبيّ في كتابه إلى ذِكر أئمّة الشيعة واحداً فواحداً، ونقل عن كلّ منهم عدداً من الروايات والأخبار.

وقد ألّف الآبيّ أيضاً كتاباً في تاريخ الريّ ظلّ متداولاً بعده عدّة قرون، ثمّ فُقد فلم يصل إلينا منه شيء (7).

----------------------------------------------------------------------

الهوامش:

1- تقع منطقة کرج الي جوار منطقة "بهرام اباد" الحالية و تبعد عن مدينة همدان حدود ستين ميلا و تقع الي جنوب الشرقي من همدان و لا علاقه لها بمدينة کرج المعروفة حاليه في طهران.

2- فرمانروايان گمنام=القادة المجهولون

3- تاريخ تشيع در ايران=تاريخ التشيع في ايران

4- ديوان صاحب بن عباد

5- احسن التقاسيم للمقدسي

6- نثر الدر، تحقي محمدعلي قرننه،مصر،لهيئة المصريه العامة للکتاب

7- وردت اثار من هذا الکتاب في اثار اخرتحدث عنها المحدث الارموي في تعقيبات "الفهرست"

المصدر:شبکة الامام الرضاعليه السلام


العلويّون والتشيّع في الريّ

انتشار التشيّع في الريّ(2)

بداية التشيّع في الريّ

الشيعة في سائر مناطق الشرق

الشيعة في أندونيسيا

الشيعة في أفغانستان

المدن الشيعيّة في شبه القارّة الهنديّة

 

 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)