• عدد المراجعات :
  • 630
  • 7/26/2010
  • تاريخ :

نقمة العلماء والفقهاء على السهروردي

السهروردي

أن نقمة العلماء والفقهاء على السهروردي لم يكن بسبب الاختلاف الفكري فقط، بل لأنه كشف أمام الملك الظاهر جهلهم أيضاً، ونافسهم على مجالسة الملك وصداقته، وقد علموا- ولا ريب – أن السهروردي إذا تمكّن من قلب الملك فسيخسرون مناصبهم ونفوذهم، فقرروا كما أوضح فخر الدين أن يقضوا عليه ليس فكرياً فقط، وإنما أن يقتلوه جسداً وفكراً.

وكان صلاح الدين أحوج الناس في ذلك الوقت إلى وحدة الصف في دولته المترامية الأطراف، والتي كانت تخوض مواجهة حامية ضد الفرنج غرباً، وصراعاً خفياً ضد الزنكيين في الموصل وأطرافها، وضد السلاجقة في الأناضول، بل أحياناً كانت ثمة خلافات تحت الرماد مع بطانة الخليفة العباسي نفسه في بغداد. وكان الفقهاء والعلماء والمدرسون هم جيشه الضارب في تحقيق تماسك صفه الداخلي، فهم الذين يمسكون الجماهير من خناقها في كل عصر، ويوجّهونها الوجهة التي يريدونها.

وأحسب أن صلاح الدين – وهو السلطان السني الشافعي الأشعري- أخذ كل هذه المعطيات بعين الاعتبار، وأرسل إلى ولده الملك الظاهر بحلب كتاباً بخط القاضي الفاضل يقول فيه: " إن هذا الشاب السهروردي لا بد من قتله، ولا سبيل أنه يُطلَق، ولا يبقى بوجه من الوجوه ".

إذاً قد حُكم على السهروردي بالموت.

لكن كيف تمّ تنفيذ الحكم؟!

الروايات في هذا الصدد مختلفة.

ولعل أصحها هو ما أورده ابن أبي أُصَيْبعة، إنه قال:

" ولما بلغ الشهاب ذلك، وأيقن أنه يُقتل، وليس جهة إلى الإفراج عنه، اختار أن يُترك في مكان منفرد، ويُمنع من الطعام والشراب، إلى أن يلقى الله تعالى. ففُعل به ذلك، وكان في أواخر سنة (586 هـ) بقلعة حلب، وكان عمره نحو ست ثلاثين سنة ".

وكأنما السهروردي قد تنبّأ بالمصير الذي سيلقاه في قصيدة جاء فيها:

 

أبداً تحنّ إليكـــمُ الأرواحُ ووصـالكمْ رَيحـانُها والراحُ 

 

وقلوبُ أهل وِدادكمْ تشتاقكـمْ وإلى لذيذ لقــــائكمْ ترتاحُ

 

وا رحمتا للعاشقـين! تكلّفوا سترَ المحبّة، والهـوى فضّاحُ

 

بالسرّ إن باحوا تباحُ دماؤهمْ وكذا دمـــاءُ العاشقين تُباحُ

 

 

****************

ألا إنه بقدر ما تعرف تقترب من الحقيقة.

وبقدر ما تقترب من الحقيقة تختلف مع الآخرين.

لا أقصد كل الآخرين، وإنما أقصد الآخرين النمطيين.

أولئك الذي يرتعدون هلعاً من انطلاقات الفكر الحر.

وقد دفع السهروردي حياته ثمناً لأفكاره ولفلسفته.

وليس هذا فحسب، وإنما دفع حياته ثمناً لشجاعته الفكرية.

وصحيح أنه خسر سنوات كان من المحتمل أن يعيشها.

لكنه ربح موقعاً ناصعاً في سجل الخالدين.

-------------------------------------------------------------------

المراجع

1. الدكتور إبراهيم مدكور (مشرف): الكتاب التذكاري شيخ الإشراق شهاب الدين السهروردي في الذكرى المئوية الثامنة لوفاته، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1974 م.

2. الإصطخري: المسالك والممالك، تحقيق محمد جابر عبد العال، دار القلم، 1961 م.

3. ابن حوقل: صورة الأرض، دار مكتبة الحياة، بيروت، 1979 م.

4. خير الدين الزركلي: الأعلام، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة السابعة، 1986 م.

5. السهروردي: اللمحات في الحقائق، تحقيق وتقديم الدكتور محمد علي أبو ريّان، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1988 م.

6. عمر رضا كحالة: معجم المؤلفين، مكتبة المثنى، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1957 م.

7. الدكتور محمد علي أبو ريّان: أصول الفلسفة الإشراقية عند شهاب الدين السهروردي، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، 1978 م.

8. الدكتور محمود محمد علي محمد: المنطق الإشراقي عند شهاب الدين السهروردي، مصر العربية للنشر والتوزيع، القاهرة، الطبعة الأولى، 1999 م.


أبو نصر محمد الفارابي

السهروردي و فكره الفلسفي الإشراقي

الخوارزمي و اللغه العربيه

جلال آل احمد

ابن سينا: الطبيب الفيلسوف والعالم الوسوعي

الرازي الطبيب العالم

البيروني شهد له التاريخ بالنبوغ

 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)