• عدد المراجعات :
  • 862
  • 2/16/2010
  • تاريخ :

هل في نهج البلاغة دخيل

الامام علي(ع)

ذهب شطر من الكتاب وفيهم الكاتب المعتزلي عبد الحميد بن أبي الحديد فيلسوف المؤرخين إلى القول بأن المجموع في نهج البلاغة من الدفة إلى الدفة معلوم الثبوت قطعي الصدور من أمير المؤمنين من فمه أو من قلمه.

وإليك من مقاله الآتي في شرحه على نهج البلاغة، ج10، ص546 بعد إيراده لخطبة ابن أبي الشحناء المشهورة ما نصه: كثير من أرباب الهوى يقولون أن كثيراً من نهج البلاغة كلام محدث صنعه قوم من فصحاء الشيعة وربما عزوا بعضه إلى الرضى أبي الحسن وغيره، وهؤلاء قوم أعمت العصبية أعينهم فضلوا عن النهج الواضح ونكبوا بينات الطريق ضلالة وقلة معرفة بأساليب الكلام وأنا أوضح لك بكلام مختصر ما في هذا الخاطر من الغلط فأقول: لا يخلو إما أن يكون كل نهج البلاغة مصنوعاً منحولاً أو بعضه والأول باطل بالضرورة لأنا نعلم بالتواتر صحة إسناد بعضه إلى أمير المؤمنين وقد نقل المحدثون كلهم أوجلهم والمؤرخون كثير منهم وليسوا من الشيعة لينسبوا إلى غرض في ذلك؛ والثاني يدل على ما قلناه لأن من قد آنس بالكلام والخطابة وشد طرفاً من علم البيان وصار له ذوق في هذا الباب لابدّ أن يفرق بين الكلام الركيك وبين الفصيح والأفصح وبين الأصيل والمولد. وإذا وقفت على كراس واحد يتضمن كلاماً لجماعة من الخطباء أو لاثنين منهم فقط فلابدّ أن تفرق بين الكلامين وتميز بين الطريقتين.

ألا ترى: إنا مع معرفتنا بالشعر ونقده لو تصفحنا ديوان أبي تمام فوجدناه قد كتب في أثنائه قصائد أو قصيدة واحدة لغيره لعرفنا بالذوق مباينتها لشعر أبي تمام ونفسه وطريقته ومذهبه في القريض؟

ألا ترى : أن العلماء بهذا الشأن حذفوا من شعره قصائد كثيرة منحولة إليه لمباينتها لمذهبه في الشعر؟ وكذلك حذفوا من شعر أبي نؤاس شيئاً كثيراً لما ظهر لهم أنه ليس من ألفاظه ولا من شعره ولم يعتمدوا في ذلك إلا على الذوق خاصة؟ وأنت إذا تأملت نهج البلاغة وجدته كله ماءاً واحداً وأسلوباً واحداً كالجسم البسيط الذي ليس بعض من أبعاضه مخالفاً لباقي الأبعاض في الماهية، وكالقرآن العزيز أوله كأوسطه وأوسطه كآخره وكل سورة منه وكل آية مماثلة في المأخذ والمذهب والفن والطريق والنظم لباقي الآيات والسور.

ولو كان بعض نهج البلاغة منحولاً وبعضه صحيحاً لم يكن ذلك كذلك فقد ظهر لك بهذا البرهان الوضح ضلال من زعم أن هذا الكتاب أو بعضه منحول إلى أمير المؤمنين (عليه السلام). واعلم أن قائل هذا القول يطرق على نفسه ما لا قبل له به، لأنا متى فتحنا هذا الباب وسلطنا الشكوك على أنفسنا في هذا النحو لم تثق بصحة كلام منقول عن رسول الله أبداً وساغ لطاعن أن يطعن ويقول هذا الخبر منحول وهذا الكلام مصنوع. انتهى كلامه.

وكذلك ما نقل أن الخطب والكتب والكلم المرويات في نهج البلاغة حالها كحال الخطب المروية عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) التي بعضها متواتر قطعي الصدور وبعضها غير متواتر فهو ظني السند لا تحكم عليه بالانتحال والافتعال إلا بعد قيام الدليل العلمي على كذبه، كما أننا لا نحكم بصحته جزماً إلا بعد قيام الدليل عليه وعليه فالاعتدال والحق الذي أحق أن يتبع يقضيان علينا بأن نجعل لهذا الكتاب من القيمة الدينية ما نجعله لغيره من الجوامع الصحاح والكتب الدينية المعتبرة ونعترف بقيمته الأدبية وتفوقها من هذه الجهة على كل كتاب بعد كتاب الله عزّ وجلّ.


أهمية الحكومة في نهج البلاغة

الإمام (عليه السلام) يصف التقوى

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)