• عدد المراجعات :
  • 901
  • 1/25/2010
  • تاريخ :

مذكرات الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر(3)

الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر

الأمريكان في خطر:

خلال تلك المدة كنا منهمكين بترحيل الأمريكان الذين أرادوا مغادرة إيران، فمنذ بداية الأزمة استقدمنا "25" ألف أمريكي من إيران، وكان هناك "20" ألف أمريكي بعد. وقال "سوليفان" لا يمكننا الآن حماية الجالية الأمريكية باستثناء أعضاء السفارة وعليهم مغادرة إيران فوراً. لأن الملايين من الإيرانيين متواجدون في الشوارع والقتلى بالمئات نتيجة الاشتباكات مع القوى النظامية. وبالرغم من أن [الإمام] الخميني كان يصورنا في أذهان أنصاره بالشياطين، لكنه وبصورة عجيبة لم يلق أحد من الأمريكان أي أذى أو اعتداء. وبعد ذلك بأيام ـ وبسهولة ـ تفكك ونهزم الجيش الإيراني [كان يعتقد كارتر أن الجيش انضم إلى الثورة والشعب] وفي 11 فبراير استقال بختيار ونواب مجلس الشورى والشيوخ [لم يستقل بختيار ولا النواب وإنما هربوا من إيران وتمت تنحية الكثير منهم من السلطة بقوة الشعب]، بعدها استلم مهدي بازركان رئاسة الوزراء وبدأ ـ بدعم من [الإمام] الخميني ـ في تقوية أركان سلطته وبازركان الذي انتخب أعضاء وزارته من المثقفين الذين درسوا في الغرب، تعاونوا معنا، فحكومته حافظت على السفارة الأمريكية وهيأت كل وسائل الراحة والأمان لمغادرة الجنرال فيليب غاست معاون الجنرال هايزر، وبعث لنا برسائل تعبر عن الصداقة والمحبة، ولم يخف بازركان رغبته لإقامة علاقات صداقة طيبة مع أمريكا، وقد أعلن ذلك صراحة، لكنه واجه وبسرعة ثوار [الإمام] الخميني فقد كونوا شريطاً مسلحاً في جميع أنحاء إيران لملاحقة الشعب وتضييق الخناق عليه!!

ثم جاءنا خبر بأن راداراتنا وأجهزة الإنصات العسكرية المستقرة في شمالي إيران حوصرت من قبل الثوار، ولا يستطيع فنيونا مراقبة الصواريخ والتجارب الروسية على طول الحدود.

وجاءت حادثة احتلال سفارتنا في فبراير عام 1979 واحتجز أعضاء السفارة وقد تألمنا لذلك، لكن ذلك لم يستمر وغادر المحتلون السفارة، ثم ألقى الإيرانيون القبض على عشرين أمريكياً يعملون في القوة الجوية في إحدى قواعد الإنصات والمراقبة ثم أطلق سراحهم بعد أيام.

أما تظاهرات الشعب الإيراني في الشوارع فقد وصل عداؤها للأمريكان إلى حد الحمى. في هذه الظروف، وبكل هدوء وبدون ضجيج قمنا بإخلاء الأمريكان من إيران بالسرعة الممكنة.

وقبل وبعد خروج الشاه من إيران طلبنا منه المجيء إلى أمريكا، لكنه قرر البقاء في المغرب، وفيما بعد بدأ ملك المغرب يتخوف من بقائه بصورة أو بأخرى ويرى وجوب مغادرته المغرب، وفي 15 مارس طلب الملك الحسن منا بصورة رسمية الموافقة على مجيء الشاه إلى أمريكا. لكنني رفضت ذلك أخذاً بنظر الاعتبار كراهية وحقد الجماهير العظيمة في إيران تجاه الأمريكان، خاصة وهم يسيطرون على الشارع الإيراني ومما يجعل الأذى على بقايا الأمريكان في إيران أمراً لا مفر منه. فأصدرت الأوامر إلى "سايروس فانس" ليساعده "الشاه" للحصول على مكان آخر يقيم فيه. وقرر الشاه الذهاب إلى باهاما لكنه غيّر رأيه مدعياً التكاليف المالية الباهضة واتجه إلى المكسيك، وبالرغم من امتلاكه ثروة عظيمة فإنه كان مستاء وغير مرتاح لمشاهدة الناس يريدون خداعه وامتصاص أمواله، فكان يرغب في المجيء إلى أمريكا حيث فيها الكثير من أعوانه ومحبيه. ثم اتصل بي كيسنجر طالباً مني السماح للشاه بدخول أمريكا. وتبين لي بعد ذلك أن هذه الخطة رسمها بريجنسكي مستشاري في الأمن القومي وهنري كيسنجر معاً.

وجاء الكثير ـ ولعدة مرات ـ والتقوا بي وبسايروس فانس لإقناعنا بمجيء الشاه، وفي كل مرة كنا نقول لهم إن ذلك يشكل خطراً على الأمريكان الموجودين في إيران، ناهيك عن أن المكان الحالي للشاه في المكسيك هو مريح، لكن الكثير ـ ومنهم بريجنسكي ـ كان يصر على مجيئه مدعياً إظهار القدرة والوفاء لصديق مخلص كالشاه حتى لو تعرض بعض الأمريكان للأذى، وكنت أرفض وأقاوم هذه الاقتراحات بشكل شدة وقساوة.

فالأوضاع قد تغيرت عما كان عليه سابقاً عندما دعوت الشاه إلى أمريكا، فالرعايا الأمريكان الآن في خطر وليس هناك ما يدعو مجيء الشاه إلى هنا، وكما كان متوقعاً فإن سفارتنا أوصتنا بعدم دعوة الشاه إلى أمريكا. كان أعضاء السفارة قبل بداية الثورة 1500 شخص وانخفض عددهم بعد الثورة إلى 75 شخصاً، حيث أجرينا بعض التعديلات في مجال المحافظة على السفارة، واقتنعنا بأن حكومة بازركان تجعل رعايانا في مأمن واستقرار. على أي حال فإن توصيات السفارة جعلتني أكثر إصراراً في إخلاء بقية الأمريكان والإبقاء على الشاه في المكسيك.

اعداد القسم العربي- تبيان


مذكرات الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر

مذكرات الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر

من باريس إلى طهران بالارقام

 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)