• عدد المراجعات :
  • 795
  • 12/7/2009
  • تاريخ :

في ميدان السياسة وصد الهجوم الثقافي

شهيد دستغيب

بدأ الجهاد السياسي للشهيد دستغيب الكبير منذ أن وجد أساس الدين في خطر بتولي رضا خان للحكم؛ ولهذا كان يعمل على توعية الناس من خلال منبر الخطابة، حيث تجلى ذلك بشكل خاص في اعتراضه الشديد على نزع الحجاب الإجباري الذي كان أول خطة استهدفت ضرب الإسلام وفتح الباب أمام المفاسد والمنكرات في المجتمع ليتزايد بالتالي نفوذ الأجانب في جميع شؤون البلد الإسلامي. وعندما راح رضا خان يواجه علماء الدين، كان هو أيضاً في الصف الأول من المعارضة، حتى إن جلاوزة رضا خان منعوه من ارتقاء المنبر والخطابة، حيث يقول الشهيد نفسه في هذا الصدد: إن هذه المضايقات بلغت حداً أضطر فيه إلى الجلوس على الأرض من أجل موعظة الناس. وعندما كان أفراد النظام يعترضون عليه كان يقول في الجواب: "إنما منعوني من ارتقاء المنبر، لا من التحدث جالساً على الأرض"!

في أواخر عام 1341هــ.ش، إبان مشروع لجان المحافظات والمدن وتصاعد صوت المعارضة من قم بقيادة الإمام الخميني، ووصول أول بيان لقائد الثورة العظيم من قم إلى يد الشهيد دستغيب، قال هو صريحاً: "كل وجودي في خدمة الإسلام". ومن حينها لم يهدأ لحظة وأخذ ينظم حركته كماً وكيفاً مع حركة الإمام معرضاً بالكامل في ذلك عن جانبي الإفراط والتفريط. ولما كان يرى ضرورة التعاون مع غيره من العلماء، ذهب إلى بيوت العلماء آنذاك فرداً فرداً واستطاع بشكل من الأشكال إقناعهم ــ إلا اثنين أو ثلاثة ــ بالمشاركة في المجلس الأسبوعي العام في ليالي الجمعة في مركز الجهاد (المسجد الجامع في شيراز). فكان يقوم من خلال خطبه الشديدة التي يفضح فيها النظام بتوعية الناس وإعدادهم لمواجهة الطاغوت. كان شريط خطبه يوزع في أنحاء البلاد، وكان بعض خطبه على درجة من التأثير والفائدة بحيث كانت تستنسخ بأمر الإمام وتوزع بأعداد كبيرة. 

بعد اعتقال السيد الإمام في 15 خرداد 1342، تحرك ليلاً رجال الساواك وقوات الحرس الخاصة من طهران إلى شيراز ليهاجموا داره. كانت الساعة الثالثة بعد منتصف الليل تقريباً، وكان الناس يحتملون هجوماً من هذا القبيل، فظلوا من أول الليل في الدار والزقاق والمسجد المجاور وقاوموا هجوم أفراد النظام وأخذه بعضهم إلى دار الجيران. فكسر أفراد النظام الزجاج والباب والنافذة وانهالوا بالضرب على الناس العزل حتى النساء والأطفال وجرحوا الكثير منهم. ضربوا النساء بشكل فظيع إلى حد أن آثار الضرب بدت من بعد خمس عشرة سنة على بدن سيدة علوية زوجة أحد الشهداء. وبعد مرور يومين من التعطيل العام في شيراز ومقتل عدة أفراد كان أحدهم ابن أخته، (الشهيد خليل دستغيب)، واعتقال نحو من خمسمئة شخص من أقربائه وأتباعه من قبل السلطات العسكرية في المدينة، أرسل هو بلاغاً إلى السلطات بأنكم إذا كنتم تؤذون الناس بهذا الشكل من أجل الوصول إليّ فإني على استعداد لتسليم نفسي بشرطين:

- الأول هو إطلاق سراح كل المعتقلين،

- والثاني هو أني لست على استعداد للذهاب إلى طهران والمثول أمام المحكمة.

فأجابوه بقبول الشرطين، ولكن قالوا لأن الشاه أمر بنفسه مراراً فلا مفر من الذهاب إلى طهران، ولكن تسهيلاً لك نرسلك بالطائرة. ثم ذهب المحافظ في حينها مع مدير الساواك إليه وأرسلاه إلى طهران بطائرة خاصة ليدخل هناك إلى سجن عشرت آباد مباشرة. وفي عام 1343 هاجم أزلام النظام داره أيضاً في منتصف الليل وأرسلوه مباشرة إلى طهران ليدخل سجن قزل قلعة، حيث حل بعد إطلاق سراحه ضيفاً على الإمام الخميني مدة ثلاثة أيام.

لقد قام شهيد المحراب الكبير في أيام نفي الإمام في النجف الأشرف بزيارته عدة مرات؛ فنقل له أخبار البلاد والتحرك القائم آنذاك وعاد إلى إيران بالتوجيهات القيمة للإمام.. كان وجود الشهيد دستغيب مادة خير وبركة على الدوام. يقول الشيخ هاشمي رفسنجاني في هذا الصدد: " في غياب الإمام، عندما كان يصعب الاتصال به أحياناً، كنا نستشير في بعض ما يتعلق بقضايا الداخل بعض السادة؛ وكان أحد الشخصيات التي كنا نستشيرها باستمرار وكانت آراؤه مفيدة دائماً هو [الشهيد دستغيب]".

ولأجل توعية الناس، كان سماحة آية الله دستغيب يسافر إلى شتى المدن من قبيل فسا، مرودشت، كوار، داراب، فيروزآباد، اصطهبانات، ني ريز، سروستان، اقليد، آباده وغيرها ليحدث تغييرات كبيرة في تجمعات الناس.

إحدى تحركاته الرائعة في عام 1357 التي ارعبت النظام العميل، عكسها تقرير الساواك المؤرخ 10/10/57 بالشكل التالي: "طبقاً للمعلومات التي بلغتنا، في تاريخ 26/9/57 صرح آية الله دستغيب في مستشفى نمازي في شيراز بأنه من التاريخ أعلاه تُعلن حكومة عسكرية إسلامية وخلال ثماني وأربعين ساعة من الحكومة العسكرية الإسلامية لا يراجع أحد الدوائر في شكوى أو قضية. راجعوني أنا لأحل لكم مشاكلكم"!

وعند تصاعد الثورة الإسلامية واقتراب النصر النهائي في 22 بهمن 1357، اتصل هو برئيس الشرطة وقال له أن يسلم نفسه ويفكر بروحه وأرواح الناس، ولأن السقوط قريب فلا يعرض نفسه وغيره للموت. وبالطبع سلّمت وحدات الجيش ولا سيما قوات الدرك الواحدة تلو الأخرى. ومع أن انتصار الثورة لم يكن قد أعلن عنه بعد، إلا أن دار الشهيد كانت محط قادة الجيش والضباط بين داخل وخارج.

كان اهتمامه بالجيش وحرس الثورة وزياراته لمواقع القوات وتحدثه إلى الأفراد، وكذلك اشتراكه في المراسم الصباحية للشرطة وتعاونه مع قوات الأمن الداخلي والقوات العسكرية في بداية الثورة، قد أدى إلى أن يستعيد الجيش انسجامه بسرعة في منطقة فارس.

أصبح آية الله دستغيب بعد انتصار الثورة الإسلامية المباركة نائباً عن محافظة فارس في مجلس الخبراء. وعلى أثر طلب أهالي شيراز بإمضاء طومار بطول ثمانين متراً، عيّنه السيد الإمام إماماً لجمعة شيراز.  


العروج الملكوتي

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)