تفسیر القرآن الکریم؛ سورة الهود (1) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر القرآن الکریم؛ سورة الهود (1) - نسخه متنی

محمود الشلتوت

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

تفسير القرآن الكريم

تفسير القرآن الكريم

لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الاكبر المرحوم الشيخ محمود شلتوت

شيخ الجامع الازهر

سورة هود

-1-

التعريف بسورة هود - من هو هود - السورة تتحدث عن الاصول الثلاثة للدين: التوحيد، و الرسالة، و البعث - الحروف التي بدئت بها السور القرآنية: ما بدىء بحرف، و ما بدىءبحرفين، و ما بدىء بثلاثة، و بأربعة، و بخمسة - تلخيص لاراء العلماء في المقصود بها، و تعقيب نافع بعد هذا التلخيص فيه تقرير للمنهج السليم في استقبال هداية القرآن والبعد عما يثير خلاف المتعصبين - تقسيم سورة هود باعتبار ما اشتملت عليه من الموضوعات إلى فصول ثلاثة: (الفصل الاول في تقرير الدعوة المحمدية بأصولها الثلاثة - الفصلالثاني في تقرير أن هذه الدعوة بأصولها هي دعوة الرسل السابقين - الفصل الثالث في توجيه الخطاب للنبي و صحبه في الاستمساك بدعوة الله) - عرض للايات الواردة في أغراض الفصلالأول مع بيان ما تتضمنه هذه الآيات تصريحاً و اشارة - تمهيد بذكر ما يتضمنه الفصل الثاني اجمالا - و التفصيل للعدد الاتي.

سورة هود: هي السورة الحادية عشرة من القرآنالكريم على حسب الترتيب المصحفي، و هي من القسم المكي الذي نزل قبل الهجرة.

/ صفحه 180/

و هود: اسم النبي الذي بعث إلى قوم عاد، و قد قالوا انه أول من تكلمبالعربية، و هو من ولد سام بن نوح، الاب الثانى للبشر بعد آدم، و ((عاد)) الذي ينسب اليه قوم هود: هو الولد الثالث لسام بن نوح والجد الثالث لهود (عليه السلام).

و قدذكر هود فى القرآن باسمه سبع مرات: مرة فى سورة الاعراف، و مرة فى سورة الشعراء، و خمس مرات فى هذه السورة التى سميت باسمه، و لكثرة وروداسمه فيها أضيفت اليه، و عرفت به، معأنها تتحدث عن غيره من الرسل السابقين، و مع أن غيرها من السور تتحدث عنه.

و لما كانت هذه السورة مكية; تحدثت عما تتحدث عنه السور المكية من تقرير أصول الدين: التوحيد، والرسالة، و البعث، و اقامة الادلة عليها; كونية، و وجدانية، و تاريخية، و رد الشبه التي يثيرها حولها المعارضون، و نحو ذلك.

و سورة هود: هي احدى السور المبدوءة بحروفهجائية تنطق مقطعة بأسمائها لابمسمياتها، و قد بدئت بثلاثة أحرف، هي: ألف. لام. راء.

و في القرآن الكريم من تلك السور:

* ما بدىء بحرف واحد، و هو: ص، ق، ن.

* و مابدىء بحرفين، و هو: غافر، فصلت، الزخرف، الدخان، الجاثيه، الاحقاف.

* و ما بدىء بثلاثة أحرف، و هو: البقرة، آل عمران، العنكبوت، الروم، لقمان، السجدة، يونس، هود،يوسف، ابراهيم، الحجر.

* و ما بدىء بأربعة أحرف، و هو: الاعراف، و الرعد.

* و ما بدىء بخمسة أحرف، و هو: مريم، الشورى.

و قد تكلم العلماء عن هذه الحروف، فاختلفوافى المراد بها - كما جاء فى تفسير الامام الرازي - على واحد و عشرين قولا:

/ صفحه 181/

فمنهم من يرى أن كل حرف من هذه الحروف يرمز إلى اسم من أسماء الله تعالى.

ومنهم من يرى أن ما بدئت به السور من هذه الحروف، انما هو ألقاب لها.

و منهم من يرى أنها الحروف الهجائية بعينها، و لم تجعل رمزاً، و لا لقباً، و انما أريد بها التنبيهعلى أن القرآن لم يؤلف الا من حروف لغتهم التى يعهدون، فان كان القرآن - كما يزعمون - من عند محمد، فليأتوا بمثله، فهم أرباب اللغة التى هذه حروفها، و ان عجزوا; فذلك برهانعلى أنه من عندالله.

و من العلماء من يرى أن هذه الحروف انما جيء بها للتنبيه على أهمية ما سيأتي بعدها، و توجيه النفوس اليه، فهي أدوات تنتبيه خاصة بالقرآن الكريم، وعلى هذا فهي الحروف الهجائية التي ليس لها فى اللغة العربية مدلول سوى أنها الحروف المعهودة.

و بعض العلماء يرون أن هذه الحروف مما استأثر الله بعلمه، فهى حقائقمستورة لم تكشف لنا.

الى غير ذلك من الاقوال، التي ليس للناس حاجة فى أن يعلموها، أو يتجادلوا فيها، فان القرآن الكريم واضح بآياته المحكمة، مستغن عن المناقشة والمجادلة فى أمثال هذه الموضوعات، و كم رأينا الناس ينصرفون عن هدايته إلى التكلم فى موضوعات الجبر و الاختيار، أو الاستواء، أو تعليل الافعال، أو الوعد و الوعيد، أوالعمل و الايمان- مما هو نظريات لها شبه بالعقائد، و كذلك نراهم يتكلمون فى مثل آيات القتال، و هل نسخت آيات العفو، و في القصص القرآني و ما أضيف اليه من الاسرائيليات، وكذلك نراهم يطبقون القواعد الفقهية و الاصولية على القرآن، أو ينزلون معاني آياته على المذاهب التى يتعصبون لها.

و قد كان علماء السلف - رحمهم الله تعالى - يكتفون بماقرره القرآن فى العقائد و الاخلاق و القصص، و لايحاولون التوسع فيه، و لا السؤال عن تفاصيله، و ما كانوا يسألون الا عن آيات الاحكام ذات الوجهين فى الدلالة.

/ صفحه182/

و ان منهجهم فى ذلك لهو المنهج السليم الذى يندرىء به الخلاف الضار فى أصول الدين، و تنقع به العصبية العمياء التى تقطع أواصر الاخوة بين المسلمين.

* * *

هذا و يمكن تقسيم هذه السورة باعتبار ما اشتملت عليه من الموضوعات إلى ثلاثة فصول:

الفصل الاول: فى تقرير الدعوة المحمدية بأصولها الثلاثة المتقدمة.

الفصلالثاني: فى تقرير أن هذه الدعوة بأصولها هي دعوة الرسل السابقين، و أنهم عليهم صلوات الله و سلامه، قد أصيبوا من قومهم بالاذى و الكيد، كما أصيب محمد صلى الله عليه و آله وسلم من قومه و أن عاقبة المكذبين كانت هي الدمار و الهلاك، و عاقبة الرسل كانت هى الظفر و النجاة.

الفصل الثالث: توجيه الخطاب للنبي و صحبه فى الاستمساك بدعوة الله، والتحذير من الطغيان و الخروج عنها.

* * *

الفصل الاول: بدأت السورة بتقرير الدعوة، و ذلك بعد آية المطلع الخاصة بأوصاف القرآن الكريم، و بيان أنه كتاب جمع بينالاحكام و التفصيل، فلم تكن دقته مخلة بتقصيله، و لم يكن تفصيله مخلا بدقته، لانه من لدن اله لايفوت حكمته و لا خبرته شيء، و ذلك قوله تعالى: ((الر، كتاب أحكمت آياته، ثمفصلت من لدن حكيم خبير)).

و قد استغرق تقرير الدعوة - بعد هذه الاية - ثلاثاً و عشرين آية تبدأ من الاية الثانية: ((ألا تعبدوا الا الله، انني لكم منه نذير و بشير)) و تنتهيبالاية الرابعة و العشرين: ((مثل الفريقين كالاعمى و الاصم و السميع و البصير هل يستويان مثلا، أفلا تذكرون)).

و قد قررت هذه الايات:

/ صفحه 183/

* و حدانية اللهفى العبادة: ((ألا تعبدوا الا الله)).

* و أنه هو المرجع فى طلب المغفرة، و فى التوبة: ((و أن استغفروا ربكم ثم توبوا اليه)).

* و قررت مهمة الرسول، و هى الانذار والتبشير: ((انى لكم منه نذير و بشير)).

* كما قررت عقيدة البعث: ((إلى الله مرجعكم و هو على كل شىء قدير)).

* و أشارت فى أثناء ذلك إلى نوعى سعادة الدنياو الاخرة المرتبةعلى الايمان بتلك الدعوة: ((يمتعكم متاعاً حسناً إلى أجل مسمى، و يؤت كل ذى فضل فضله)).

* كما أشارت إلى الشقاء الابدى الذى يصيبهم بالتولى و الاعراض عنها: ((و ان تولوافانى أخاف عليكم عذاب يوم كبير)).

* ثم عرضت فى هذا السياق إلى تصوير اعراض الجاحدين، و أنهم مهما حاولوا تغطية أنفسهم عن سماع الحق، فان الله يعلم ما يسرون و ما يعلنون:((ألا انهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه، ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون و ما يعلنون، انه عليم بذات الصدور)).

* ثم نبهت على بعض أدلة التوحيد فى العبادة و الربوبيةبأن الله أعد لكل كائن حى رزقه و ما يحتاج اليه فى هذه الحياة، كما أنه خلق الكون بسمائه و أرضه، و ولّده من الماء، فكان هذا العالم بما فيه من أسرار مسخراً للانسان، وميداناً لعمله فيه، أيعمل بالخير فيكون من الشاكرين، أم بالشر فيكون من الكافرين: ((و ما من دابة فى الارض الا على الله رزقها، و يعلم مستقرها و مستودعها، كل فى كتاب مبين،و هو الذى خلق السموات و الارض فى ستة أيام و كان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا)).

* و قد عرضت بعد ذلك إلى بعض الكلمات التى يثيرها المعارضون للتشكيك فىالدعوة، و صرف الناس عنها مع وضوح أدلتها فى رزق الاحياء، و خلق

/ صفحه 184/

الكون مسخراً للإنسان: ((و لئن قلت انكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا انهذا الا سحر مبين، ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن: ما يحبسه؟ ألا يوم يأتيهم ليس مصروفاً عنهم و حاق بهم ما كانوا به يستهزئون)).

ثم تشير الايات إلى أنوقفة هؤلاء المعارضين دون الايمان ترجع إلى زعزعة نفوسهم و اضطاربها بين اليأس و الكفر عند إذاقتها الرحمة ثم نزعها منه، و بين الفرح و البطر عند النعماء تصيبهم بعدالضراء، و لو أنهم قدورا الابتلاء، و أنه يكون بالشكر عند النعماء، و بالصبر عند البلوى; لاطمأنت قلوبهم إلى ما هم فيه، و رجعوا به إلى مصدره الاول، و هو الله سبحانه وتعالى: ((و لئن أذقنا الانسان منا رحمة ثم نزعناها منه انه ليؤوس كفور، و لئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عنى انه لفرح فخور، الا الذين صبروا و عملواالصالحات، أولئك لهم مغفرة و أجر كبير)).

* ثم أخذت الايات تبعد بالنبى عن جو الضيق، و روح التبرم حين يسمع منهم الايات المقترحة: ((فلعلك تارك بعض ما يوحى اليك و ضائق بهصدرك أن يقولوا لو لا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك، انما أنت نذير و الله على كل شىء وكيل)).

* ثم أخذت تتحداهم بالقرآن، و تدعوهم إلى الاستعانة بمن يستطيعون علىالاتيان لابمثله; بل بعشر سور مثله ان كانوا صادقين: ((أم يقولون افتراه، قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات و ادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين، فان لم يستجيبوالكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله، و أن لا اله الا هو فهل أنتم مسلمون)).

* ثم ترشد إلى أن هذه الوقفة منهم لم تكن بناء على حجة و لا برهان، و انما هو سلطان الدنيا، وسيمكنون فيها مما يريدون، و سيكون لهم الجزاء المعد لامثالهم فى الاخرة: ((من كان يريد الحياة الدنيا و زينتها نوف اليهم أعمالهم

/ صفحه 185/

فيها و هم فيهالايبخسون، أولئك الذين ليس لهم فى الاخرة الا النار و حبط ما صنعوا فيها و باطل ما كانوا يعملون)).

* ثم أخذت تزيد النبى صلى الله عليه و آله و سلم ثقة بحقية دعوته، بأنمن كان على بينة من ربه و يتلوه شاهد منه و من قبله كتاب موسى اماما و رحمة; فهذا و أمثاله يؤمنون به، و حسبك أن يؤمن بدعوتك من يفهمها و يدرك سر اتصالها بدعوة الله السابقة:((أفمن كان على بينة من ربه، و يتلوه شاهد منه، و من قبله كتاب موسى اماماً و رحمة، أولئك يومنون به، و من يكفر به من الاحزاب فالنار موعده، فلا تك فى مرية منه، انه الحق منربك، ولكن أكثر الناس لايؤمنون)).

* أما من لم يؤمن بها فهو الظالم المفترى على الله كذباً و زوراً، و قد وصف الله هؤلاء الذين ظلموا الحقيقة، و ما سيكون لهم من فضيحةعلى رءوس الاشهاد، و ما ينالهم من خسران و سوء عاقبة: ((و من أظلم ممن افترى على الله كذباً، أولئك يعرضون على ربهم و يقول الاشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم، ألا لعنةالله على الظالمين، الذين يصدون عن سبيل الله و يبغونها عوجا، و هم بالاخرة هم كافرون، أولئك لم يكونوا معجزين فى الارض و ما كان لهم من دون الله من أولياء، يضاعف لهمالعذاب ما كانوا يستطيعون السمع و ما كانوا يبصرون، أولئك الذين خسروا أنفسهم و ضل عنهم ماكانوا يفترون، لاجرم أنهم فى الاخرة هم الاخسرون)).

* ثم تضع الايات طائفةالمؤمنين بازاء هؤلاء فى آية واحدة تبين جزاءهم و ما أعد لهم من نعيم: ((ان الذين آمنوا و عملوا الصالحات و أخبتوا إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون)).

* ثم تزيدالأمر توضيحا فى الفرق بين المؤمنين و الكافرين فتضرب لهم المثل المحس الذى يرونه بأعينهم: ((مثل الفريقين كالاعمى و الاصم و البصير و السميع هل يستويان مثلا؟ أفلاتذكرون)).

/ صفحه 186/

الفصل الثانى: أما الفصل الثانى فهو فى تقرير أن هذا الدعوة التى شرحت بأصولها و بأدلتها و نتائجها فى الدنيا و الاخرة، و ما كان من اعراضعنها - ان هذه الدعوة هى دعوة الرسل السابقين من مبدأ الخليقة إلى عهد محمد صلى الله عليه و آله و سلم، و فى هذا أولا تسلية للنبى صلى الله عليه و آله و سلم كاخوانهالسابقين، و فيه ثانياً عظة و ذكرى لقومه بما حدث لاسلافهم المتقدمين.

و انا لنلمح من هذه القصص التى يسوقها القرآن الكريم عن الرسل السابقين أن شبه المبطلين الذينيلقون بها لاخفاء الحق واحدة فى كل عصر، و اننا لنرى مثل هذا اتوحد فى أساليب الخصومات السياسية، و لعل ذلك يرجع إلى أن المبطل ينتحل أدلته، و لايأخذ فيها بواقع صحيح، أماالمحق فالكون كله شاهد له:

و فى كل شىء له آية * * * تدل على أنه الواحد

و إلى العدد الآتي ان شاء الله تعالى، لنورد التفصيل الذى كتبه فضيلة الأستاذ المغفور لهالامام الراحل الشيخ محمود شلتوت لهذا الفصل الثانى، عن القصص التى جاءت بها سورة هود.

/ 1