تفسیر القرآن الکریم؛ سورة الأنعام (2) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر القرآن الکریم؛ سورة الأنعام (2) - نسخه متنی

محمود الشلتوت

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

والغضب من الخطأ في إدراكه أو الطغيان فيه إذا ما ترك لعقله وتفكيره الانساني تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكونللعالمين نذيرا . وبالحق أنزلناه وبالحق نزل وما أرسلناك إلا مبشراً ونذيراً . إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذي يعملون الصالحات أن لهم أجراًكبيراً، وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما . وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها . رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكونللناس على الله حجة بعد الرسل وهكذا إلى آخر الآيات الدالة على التربية الإلهية التشريعية.

وهذه الأنواع بجملتها، هي جماع ما أنعم الله به على الإنسان، وما من خيرينعم به عليه في جسمه أو عقله أو سعادته الفردية أو الاجتماعية إلا كان أثرا من آثار هذه النعمة الكبرى، نعمة التربية المطلقة العامة التي انتظمت الإنسان من جميع جهاته،وما من شر كان بعرض أن يقع الإنسان فيه فيلويه عن طريق الخير والسعادة، ولكنه اتقاه وحيل بينه وبينه، فسلم منه وسلم من مغبته، إلا كان أثراً سلبياً من آثار هذه النعمةالكبرى، نعمة التربية المطلقة العامة.

وهذا سر استحقاقه تعالى للحمد واختصاصه به:

وإذن، فالحمد والثناء، الذي يجب أن تقابل به هذه النعمة الكبرى وأن يوجه إلىمصدرها، لا ينبغي في عقل عاقل، ولا تقدير منصف أن يضاف إلى غير الله. فالحمد كله، والشكر كله، خاصان بمن هيأها وأفاضها وأحاط الإنسان بها، وهو الله رب العالمين.

وبتقرير هذا الحق لصاحبه وهو الله سبحانه، ولفت الأنظار اليه، بذكر آثاره، وشق طريق التفكير فيها، جاءت هذه السور الخمس تقرر في مبدئها ثبوت الحمد له سبحانه، وقد جاءمنها في النصف الثاني، سورتا: سبأ وفاطر، وجاء منها في منتصف القرآن، سورة الكهف.

مناهج السور الخمس في بيان هذا السر: منهج فاتحة الكتاب:

ومع اشتراك هذه السورالخمس في الافتتاح بتقرير استحقاق الحمد لله على

هذه النعمة الكبرى، كان لكل سورة منها، منهج خاص فيما عرضت له من أنواع تلك النعمة، وقد جاءتالفاتحة بالنسبة لسائرها في هذا الشأن، كما جاءت هي لجميع القرآن بالنسبة لكل ما تضمنته، جاءت، أماً تجمع فروع التربية وأنحاءها التي وزعت على السور الأربع، وتقاسمتها،فهي تقول: الحمد لله رب العالمين فتربط استحقاق الحمد لله بربوبيته للعالمين، والربوبية المطلقة تنتظم التربية الخلقية جسمية وعقلية، بالخلق والايجاد، كما تنتظمالتربية التشريعية، بالوحي والرسالة، فكما لا خالق ولا مانح للعقل وقوى التفكير سواه، لا مشرع ولا مرشد ولا هادي سواه.

منهج الأنعام:

وتجئ بعد الفاتحة سورةالأنعام، فتثبت أيضا استحقاق الحمد لله وحده، وتسير في طريق نوع من أنواع التربية العامة وهو نوع الخلق والايجاد للكائنات وظواهرها الحمد لله الذي خلق السموات والأرضوجعل الظلمات والنور، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ثم تسير في وصف عظمة الله في آياته الكونية، في سمائة وأرضه، في نباته وحيوانه، وتعرض لاستدلال ابراهيم على وحدانيةالله بظاهرة البزوغ والأفول للأجرام السماوية التي لا ينفك الإنسان عن رؤيتها وتقليب بصره فيها وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقفنين، فلما جنعليه الليل، رأي كوكبا، قال هذا ربي، فلما أفل، قال لا أحب الآفلين، فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين، فلما رأىالشمس بازغة قال هذا ربي هذا اكبر فلما أفلت قال يا قوم إني برئ مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين .

وأخيراً تقول في نتيجةهذا السبح الطويل: بديع السموات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شئ وهو بكل شيء عليم، ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شئوكيل، لا تدركه

الأبصار، وهو يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير، قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه، ومن عمي فعليها، وما أنا عليكم بحفيظ، وكذلكنصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون .

منهج الكهف:

ثم تجئ بعد ذلك سورة الكهف فتأخذ روح التربية بالوحي الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعلله عوجا، قيما لينذر بأساً شديداً من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعلمون الصالحات أن لهم أجراً حسنا ماكثين فيه أبدا ثم تسير في طريق هذه التربية، فتخفف من الضغط علىنفسه صلى الله عليه وسلم بسبب إصرار القوم على الكفر بها فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا . واتل ما أوحى إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولنتجد من دونه ملتحداً . وتذكر قصة الفتية الذين آمنوا بربهم، وقصة موسى وفتاه مع العبد الصالح، وقصة ذي القرنين، الملك القوي العادل الذي أنقذ الضعفاء من الطغاةالمعتدين، وكل هذه القصص مما لا سبيل إلى معرفته والاعتبار بمغزاه، إلا عن طريق الوحي وإنزال الكتاب، ثم يكون ختام السورة مقررا لمنهجها الخاص بنوع التربية قل إنما أنابشر مثلكم يوحى إلى أنما إلهكم اله واحد، فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعباده ربه أحدا .

منهج سبأ:

ثم تجئ سورة سبأ فتبدأ بإثبات الحمد للهأيضا، ونأخذ نوعا من أنواع التربية المطلقة، يرجع إلى الملك، والتصرف الحكيم، والتدبير المحكم الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة، وهوالحكيم الخبير يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور ، ثم يجئ ما في السورة مقررا للعلم الشامل، والقدرة النافذة،والإرادة الحكيمة.

منهج فاطر:

ثم تجئ بعد ذلك سورة فاطر، وهي آخر السور الخمس، فتذكر استحقاق الله وحده الحمد، وتجمع في سبيله نوعي التربية،الجسمية والسماوية، ولكن على تفصيل لم يذكر في سورة الفاتحة، فتذكر خلق السموات والارض، وتذكر رسل الوحي من الملائكة، وتذكر إن الله مصدر الرحمة، بيده إمساكها وبيدهإرسالها، ثم تسير في ذكر بعض ظواهر الكائنات من إرسال الريح وإثارة السحاب وخلق الإنسان من تراب، وتصريف الليل والنهار والشمس والقمر، واختلاف الناس والدواب فيالألوان، ثم تذكر الذين ينقادون لتربية الوحي، وترشد إلى أن ما أوحي به إلى محمد هو الحق المصدق لما بين يديه، وأن الله يورث الكتاب من يصطفيهم من عباده، وهكذا تمزجالتربيتين: الخلقية والتشريعية في منهجها، واقرأ: الحمد لله فاطر السموات والارض، جاعل الملائكة رسلا … ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها، وما يمسك فلا مرسلله من بعده … والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت، فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور … والله خلقكم من تراب ثم من نطفة، ثم جعلكم أزواجا… يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل، وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى، ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير … ألم تر أنالله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها، ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها، وغرابيب سود (1)، ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك …والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق، مصدقا لما بين


(1) الجدد (بضم ففتح) جمع جدة بجيم مضمومة فدال مشددة مفتوحة: هي الطرائق المختلفة الألوان وإن كانالجميع حجراً أو تراباً. والغرابيب جمع غربيب (بكسر الغين): هي الشديدة السواد. والمعنى أن في الجبال طرائق تخالف ألوان الجبال. بعضها أبيض وبعضها أحمر وبعض ثالث أسود شديدالسواد. كما أن الناس والدواب والأنعام ألوان مختلفة بياضا وحمرة وسواداً كذلك.

/ 3