تفسیر القرآن الکریم نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر القرآن الکریم - نسخه متنی

محمود شلتوت

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

تفسير القرآن الكريم

لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الجليل الشيخ محمود شلتوت

سورة آل عمران

قلنا فيما كتبناه عن سورة آل عمران، إن السورة عنيت بتقرير الحق في مسألة الألوهية وما يتعلق بها من أمر الدين والوحي والرسالة، وعنيت بتقرير العلة التي من شأنها أنتصرف الناس عن معرفة الحق، والعمل بمقتضاه، وإن هذه العلة ترجع إلى شدة الحرص على التمسك بالسلطان، والقبض لعي زخارف هذه الحياة.

وفيما بين الأمرين عرضت لكثير منعناد أهل الكتاب، وإثارتهم للشبه والشكوك في نفوس المسلمين، ومحاولتهم زعزعة الإيمان من قلوبهم، كفراً وعناداً، وصداً عن سبيل الله.

وفي جو هذه المواقف كلها وجَّهتالسورة جملة نداءات للمؤمنين، ترشدهم فيها إلى ما يحفظون به أنفسهم من التأثر بحيل أعدائهم وخصومهم، ويركزون به وحدتهم، ويصونون كتلتهم، ويبقون به على شخصيتهم كأمةقوية متماسكة، لا يتسرب اليها شيء من عوامل الضعف والانحلال، لا من داخلها، ولا من خارجها.

وقد رأينا أن نتقدم إلى قراء (رسالة الإسلام) بكلمات عن هذهالنداءات التي سيجدون فيها القوى التي يحتمها الاجتماع لصيانة كل مجتمع، وما أجدرنا ـ معشر المسلمين ـ وبخاصة في هذا الوقت الذي انحلت فيه عرى الوحدة الإسلامية وتمكنتمن المسلمين عوامل الإفساد داخلية وخارجية؛ ما أجدرنا أن نستمع إلى هذه النداءات الإلهية، وأن نتدبرها، وأن نعقل معناها، وأن ندرك وحيها، وأن نجعلها نبراسنا في الحياة،لتعود الينا صولة الأمة القوية، ومكانة الاخلاق القويمة، وننزل المنزلة التي أرادها الله لنا، وأنزل كتابه لأجلها (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبعرضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم).

يتسرب الخلل إلى الجماعات، ويلحقها الضعف والوهن من نواح متعددة: يلحقها منجانب ضعفها النفسي، وقبولها التأثر بما يثار بينها من المثيرات، وما يذاع فيها من الأراجيف والاباطيل، ويلحقها من جهة انحلال أفرادها، وعدم تكتلهم حول هدفها وغايتها،ويلحقها من جانب السكوت عما يرتكب أبناؤها في داخلها من مخالفات وفسوق وآثام، فتنتشر حمي ذلك الوباء، فتعم الأمة، وتصبح كلها بعيدة عن الخير والفلاح، ويلحقها من جهةانخداعها بظواهر خصومها واعتقادها فيهم الإخلاص والصدق، فتمتزج بهم، وتلقي بحبال المودة إليهم، وتلحقها من جهة القسوة تملأ قلوب أغنيائها فتحول بينهم وبين الشعوربحاجة فقرائها، فلا يمد الغني يده بالمساعدة والمعونة للفقير المحتاج، فيضطغن ذلك الفقير بما يتقلب فيه من بؤس وشقاء، على ذلك الغني بما ينعم به من نعيم ورخاء، وبعد هذاوذاك يلحقها الضعف والوهن بأخلاق الجزع والهلع لما يصادفها من أحداث وصعاب، فتفقده قوة المقاومة وقوة التوقي، وتخر صريعة أمام الأحداث والخطوب، والأعداء والمحاربين.

ولعلنا بالتطبيق لهذه المبادئ على الأمم وأطوارها في قوتها وضعفها، سواء

أكانت متدينة أم غير متدينة؛ ندرك تماماً أنه ما من أمة بقيت وقويت واستقروجودها، واشتد ساعدها، واستمر لها الملك والسلطان، إلا كان الاحتياط من هذه الثغرات شأنها ودينها، وما من أمة أكلها الدهر، وأفتنها الحياة، إلا كانت ناحية أو أكثر منهذه النواحي مصدراً لنكبتها وما صارت إليه، (سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا).

ولعلنا ندرك إذا انتهينا من هذا التطبيق، ووافانا التاريخالصادق بالمثل عليه في جانب الإيجاب والسلب؛ لعلنا ندرك أن القرآن الكريم بإشارته إلى هذه المبادئ، وتحذيره من هذه الثغرات في مقام تكوين الأمم والاحتفاظ بعواملبقائها؛ لم يفاجئ الناس بما ليس من سنن الله في كونه، ولم يكلفهم بغير ما تقضي به طبيعة الوجود، أو بما لم تجربه التجارب في مختلف الأمم والأزمان والآباد.

ولعلنا إذندرك هذا، ندرك أيضا أن ورود هذه المبادئ الاجتماعية الدقيقة، وهذه الارشادات التي لا يعرفها ولا يدرك آثارها إلا من رسخت في السياسة والاجتماع والتاريخ أقدامهم،وكانوا طول حياتهم في بحث وتنقيب عن علل الاجتماع، وما تبرأ به تلك العلل، وليس من المعقول أن محمداً (صلى الله عليه وسلم) بنشأته المعروفة، وفي بلده المحدود، وفيمحيطه المعروف، قد وصل بنفسه إلى ذلك العلم، وأحاط به هذه الإحاطة الشاملة الكاملة التي تناولت علل الظاهر، وعلل الباطن، وعلل الداخل، وعلل الخارج، وأبرزه ذلك الإبرازالقوي في تلك المناسبات التي تلتئم بمواضعها كل الالتئام، فسبحان من علمه هذا العلم، وأوحي إليه بهذا البيان (إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى).

ولنرجع إلى هذهالنداءات فتعرض لها بعد هذه المقدمة بشيء من التفصيل: كان أول هذه النداءات هو قوله تعالى:

(يأيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب يردّوكم بعدإيمانكم كافرين، وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله، ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم).

كثيراً ما كشف القرآن الكريم عننيات الكفار وأهل الكتاب للمؤمنين، وأنهم لا يألون جهدهم في ردهم عن الحق الذي أشرقت أنواره على قلوبهم، وأنهم كانوا يتخذون لذلك صورا وألواناً من الشبُّه وإثارة الفتنوالإيقاع بينهم، وفي ذلك يقول الله عز وجل في سورة البقرة: (ودّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق) ويقولفيها: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) ويقول: (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا) ويقول في سورتنا هذه: (ودت طائفة من أهل الكتاب لويضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون) (وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون).

وكان من هذا ما رواهالمفسرون بصدد آيتنا هذه: (إن تطيعوا فريقا من الذين اوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين): مرّ شاس بن قيس اليهودي ـ وكان عظيم الكفر، شديد الطعن على المسلمين، شديدالحسد لهم ـ على نفر من الانصار يجمع بين الأوس والخزرج، بعد أن استل الإسلام ما كان بينهما من أحقاد وضغائن، فشق عليه أن رآهم وقد طابت نفوسهم، وجلسوا يتبادلون أحاديثالمودة والإيمان والإخاء، فجلس إليهم، وأخذ يجرهم شيئاً فشيئاً إلى أحداث الماضي حتى وقع بهم فيما كانوا فيه، وجرت بينهم ذكريات ذلك الماضي الذي جللهم بسواد العداوةوالخصومة، وأخذ ينشدهم بعض ما قيل في حروبهم من الشعر، فحرك من وجدانهم، وهاج من شعورهم، وما زال بهم حتى تنادوا فيما بينهم، وعلي أنفسهم: السلاحَ السلاحَ، ولكن اللهالذي كفلهم برعايته، وطهرهم من رجس الجاهلية، وعداواتها الغاشمة، وملأ بالإيمان قلوبهم، وأقام على الألفة والأخوة أمرهم، لم يمهل هذا الشيطان الذي نفث فيما بينهمسمومه، فأحبط سعيه، وأبطل كيده (وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) فما هي إلا لحظات حتى بلغ الخبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فخرج إليهم تحيط به قلوب أخلصت

لله ورسوله من المهاجرين والأنصار وصاح فيهم: أترجعون إلى أحوال الجاهلية وأنا بين أظهركم وقد أكرمكم الله بالإسلام وألف بين قلوبكم؟! فسكنت ثائرتهموأغمدوا سيوفهم، ورجعوا إلى الله ورسوله تائبين نادمين مستغفرين، وهكذا التأم الجرح الذي حاول هذا المفسد أن ينكأه، وعانق بعضهم بعضا، ثم انصرفوا مع رسول الله (صلىالله عليه وسلم) وإخوانهم راضين مطمئنين، وأنزل الله هذه الآية: (يأيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردّوكم بعد إيمانكم كافرين).

ولنقف هناقليلا لنستخلص العبرة من هذا الموقف كله

فنقول أولا: إنه لا يزال هذا الشأن الذي تناوله شاس بن قيس في جماعة المؤمنين الأولين، يتناوله أعدأء المسلمين في كل عصورالتاريخ حتى يومنا هذا، وإن للمسلمين في كل عصر من هؤلاء الخصوم النافسين عليهم مكانتهم، الحريصين على تمزيق شملهم، وتفريق كلمتهم، المنفرين لهم عن اجتماعهم حولكتابهم، (شاسا) يعمل هذا العمل، ويأب عليه جاهداً، لا وانياً عنه ولا مقصراً، ولكن هناك فرقا بين شاس اليوم وشاس الأمس، فقد كان الأول فرداً ضعيفاً ضئيلا، أو كان أفراداًمعدودين ليست لهم قوة، ولا يستعينون بعلم ولا نظام ولا سلاح، ولا يملكون من الجاه والمال والسلطان ما يجذبون به عشاق المال والجاه والسلطان، أما شاس اليوم فيتمثل في دولمختلفة ذات قوة وعتاد وعلم وسلطان، وكيد وتدبير، تتجاذب المسلمين في كل أقطارهم، وتتفق جميعاً في غاية شاس الأول من هدم الإسلام وتمزيق أهله، وإحياء العداوات التي أطفأالله نيرانها من قبل، وإذ كاء نار الخصومة والبغضاء فيهم حتى جعلوهم كأرباب الأديان المتفرقة، ينفس بعضهم على بعض، ويكيد بعضهم لبعض، ويظن بعضهم الظنون ببعض، وقطعوهمأمما وشيعا، كل حزب بما لديهم فرحون.

ونقول ثانياً: إن شاس الأمس لم يستطع أن يصنع بتلك الكتلة المتراصة القوية شيئا مع وجود ذلك القلب القوي الرحيم، قلب محمد (صلىالله عليه وسلم)،

ومن حوله جنود الإيمان والإخلاص، فأبطل الله بهم كيد الكائدين، ورد الألفة والمحبة إلى جماعة المؤمنين، فما أجدر المؤمنين اليومأن يتنبهوا إلى شاسهم الذي يعمل في صفوفهم، وما أحوجهم إلى قائد قوي ذي عزمات يجمع شملهم، ويذود عنهم أعداءهم، ويطهر جوهم من فتن المفسدين، وكيد الكائدين.

وأحب أنألفت الأنظار إلى ما تضمنته هذه الآية من عدالة في الحكم وإنصاف لأهل الكتاب، وعدم تجاوز للواقع في شأنهم، فإن أهل الكتاب، ككل أمة، فيهم الخبيث والطيب، والمحسنوالمسيء، ومحب الخير ومحب الشر، وظروف الحياة والتعامل والاشتراك في الوطن، وبخاصة المصاهرة التي شرعها الله بيننا وبينهم، كل ذلك يقضي بإباحة تبادل مظاهر الحياة، ولاتخلو من أمر وإرشاد ونهي وإبداء رغبة وإشفاق وتعاون وشهادة ونحو ذلك مما يقضي به الاجتماع، وليس من الحكمة أن يُفَوِّت المسلمون على أنفسهم الانتفاع بما قد يجدونه منهؤلاء خاليا عن الإيذاء، محضا للنفع والخير، لهذا ندى القرآن في مثل هذا المقام يقصد في حكمه، ويعبر التعبير المتزن الذي يفتح للمسلمين باب التعامل مع أهل الكتاب، ويصدرالحكم في التحذير منهم جزئياً لا كلياً، أنظر إلى قوله تعالى: (ودت طائفة من أهل الكتاب). (وقالت طائفة من أهل الكتاب) (ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقيطار يؤده إليك ومنهم منإن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا مادمت عليه قائما). (أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه). (وإن منهم لفريقا يلوونألسنتهم بالكتاب). (ليسوا سواء).

وعلي هذه السنة العامة جاء التعبير في آيتنا هذه: (إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب) وعلي هذه السنة الغالبة يُنزَّل قوله تعالى:(يأهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون، يأهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وأنتم تعلمون، يأهل الكتاب لم يصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا وأنتم شهداء،وما الله بغافل عما تعملون).

ثم يذكر الله للمؤمنين الذين يتعرضون لمثل هذه المواقف أن لديهم إذا رجعوا إلى نفوسهم وقلوبهم ما يعصمهم من التردي في هذهالحفرة التي يحفرها لهم أعداؤهم، لديهم آيات الله، وفيهم رسوله، آيات الله كتابه الناطق ودلائله الصامتة، وحِكم تشريعه البينة الواضحة، ومثله الماضية والحاضرة، أمارسوله فقد كان بشخصه في الأولين، وهو بسنته وسيرته وأخلاقه في الآخرين.

وإذا كان شخص الرسول قد غاب عن أعين الآخرين، فهو حاضر في قلوبهم، ماثل في أنفسهم، ولم تنقطعأسوتهم به، ولا متابعتهم له، فهم يذكرونه في الصباح والمساء، ويسمعون النداء باسمه في كل صلاة مفروضة، ويجرون اسمه لعي ألسنتهم في كل توحيد وتشهد، فمنزلة وجوده بعدمماته هي منتزلة وجود الكتاب فيهم، كلاهما متواتر يتلقاه جيل من المؤمنين عن جيل.

وقد صح في الخبر أن الرسول صلوات الله وسلامه عليه، قال: (تركت فيكم أمرين لن تضلوابعدي ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي)(1) والتمسك بهما هو الاعتصام بالله الذي جعله الله وقاية من الضلال والهلاك، وسبيلا إلى النجاة والهدى (ومن يعتصم بالله فقد هدى إلىصراط مستقيم).

ثم جاءت الآية الثانية تشرح لنا سبيل هذا الاعتصام، وفي هذا السبيل أوصت بأمور:

(1) تقوى الله حق تقاته.

(2) الاعتصام بحبل الله.

(3) ذكرنعمة الله في تأليف قلوبهم بعد العداوة.

(4) الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.

(5) الحذر من الوقوع فيما وقع فيه السابقون من التفرق والاختلافبعد مجيء البينات.

هذا هو ما تضمنه النداء الثاني، وهو قوله تعالى

(يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون. واعتصموابحل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا، وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكمآياته لعلكم تهتدون، ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون، ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البيناتوأولئك لهم عذاب عظيم).

أما تقوى الله حق تقاته، فللمتقدمين في معناها عبارات: منها أن يطاع الله فلا يعصي، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر، ومنها أن يجاهدوا فيالله حق جهاده، ولا تأخذهم في الله اومة لائم، وأن يقوموا لله بالقسط ولو على أنفسهم وآبائهم وأبنائهم.

وقد أخذ بعضهم من بعض هذه العبارات: أن العباد قد كلفوا في هذهالآية بما لا طاقة لهم به، ويروون في ذلك عن ابن عباس، أنه لما نزلت هذه الآية شق الأمر على المسلمين، فانزل الله بعدها (فاتقوا الله ما استطعتم) ونسخ ذلك قوله (اتقوا اللهحق تقاته) وبقى عجز الآية (ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) وهذا لون ما كان لنا أن نراه في كتب التفسير، وما كان لأحد أن ينقله عن أحد في بيان معنى كلام الله، فإن تقوى الله حقتقاته، هي تقوى الله ما استطاع الإنسان. ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وهي ترجع إلى حفظ النفس من كل ما يدنسها خوفا من غضب الله وطمعاً في مرضاته، وعملا على إقرار الحقوالصلاح في العالم، وأن يكون ذلك كله بقدر ما تحتمل قوى الانسان من فعل الخير والمعروف مع الإخلاص فيهما دون تفريط في مقدور، وظاهر أنه لا تعارض بين الآيتين حتى يقال إنإحداهما ناسخة للأخرى.

وهذا الأمر يرسم للمؤمنين سبيل صلاحهم، واستقرار مجتمعهم، ويربطهم في هذا الشأن برابطة وثيقة لا تنفصم عروتها، فإن كل إنسان إذا اتقى اللهوراقبه وامتلأت نفسه بعظمته، فخاف غضبه، ورجا رضاه، طهرت نفسه، وأشرق عليها

نور الحق واليقين، واتجهت إلى الخير في خلوتها وجلوتها، وسرائهاوضرائها، وسائر أحوالها، فأفادت واستفادت، وهذا هو أساس الاصلاح الاجتماعي الحق، الذي يكون منبعه القلب، ومبعثه الإيمان، لا ذلك الذي يسوق اليه القانون، وتدفع إليهالرهبة والخوف من السلطان، ولعل الفساد الذي نراه متفشياً في العالم، ضارباً أطنابه في ربوعه، إنما نشأ من إهمال هذا الجانب، وتركيز الحياة على أسس لا تتصل بالقلب، ولاتمت إلى الروح.

ومرة أخرى نلفت الأنظار إلى أن تحديد هذا المعنى أساساً للصلاح، والمناداة به في غير ما آية من كتاب الله، وفي غير ما حديث عن رسول الله، لمن آيات اللهعلى صدق محمد، وعلي أنه يتلقى عن الله العليم بخفيات النفوس، الخبير بطبائعها وما تصلح عليه.

وقد جاء قوله تعالى (ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) من مقتضيات تقوى الله حقتقاته، ومعناه لتستمروا على الإيمان، ولتجتنبوا عوامل الخسران والكفران، ولتسدوا دون قلوبكم وأعمالكم منافذ الضلال والبهتان، فلا تتأثرون بشبهة، ولا تركنون إلىخديعة، ولا تغترون بظاهرة، فإنكم إذا كان ذلك منهجكم وسنتكم لم يفارقكم إسلامكم لحظة، ولم يأتكم الموت إلا وأنتم مسلمون.

هذا وقد كثر في القرآن أمر الناس بتقوى الله،وجاء ذلك على أساليب مختلفة وتنبيهات متعددة، ومذكراً حيناً بنعمة الخلق، وحيناً بنعمة الرزق، وحيناً بهول الساعة ويوم الجزاء، (يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم مننفس واحدة وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالا كثيرا ونساء) (يأيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم) يأيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوماً لا يجزي والد عن ولده ولامولود هو جاز عن والده شيئا). (واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون) إلى غير ذلك.

وقد كان الأمر بالتقوى شأنا عاما على ألسنة جميع الرسل، كما أنموجبات

تقواه والخوف منه عامة في جميع الأمم، وبذلك التقت الرسل أولهم مع آخرهم على هذه الكلمة: (أفلا تتقون). (فاتقوا الله وأطيعون).

إذا وجدتالتقوى في النقوس دفعت إلى التمسك بكتاب الله، والاعتصام بحبله، وذلك يكون بتعرف أحكام الله أوامره ونواهيه، والعمل بها، والخضوع لها، ونبذ ما سواها والعمل على نشرها.

وحبل الله كما روي مرفوعا عن النبي (صلى الله عليه وسلم) هو القرآن الكريم، الذي يهدي للتي هي أقوم، وهو هدى الله الذي بعث به الأنبياء، وختم به الرسالات، وعُبر عنهبالحبل ـ والحبل أداة الربط والحفظ ـ للإشارة إلى أن الكتاب بتعالميه أحكامه يربط العاملين به بعضهم ببعض، ويربطهم جميعاً بربهم، ويكون عصمة لهم من التردي في مهاويالأهواء والشهوات.

وبعد أن تأمر الآية المؤمنين بالتمسك والاعتصام بحبل الله، المقتضي لجمع الكلمة، تصرح بالنهي عن التفرق (ولا تفرقوا) وقد أطلق النهي عن التفرقإطلاقا، فشمل التفرق الناشيء عن الاعتداد بالعصبيات والجنسيات، كما كانت سنة أهل الجاهلية التي أبطلها الإسلام، والتي لأجلها نزلت هذه الآيات، والتي جاء فيها قوله(صلى الله عليه وسلم): (ليس منا من دعا إلى عصبية) وشمل التفرق الناشئ عن الآراء المبتدعة التي سحر بها فريق من الناس، وآثروها على كتاب الله فنبذوه وراءهم ظهرياً،واتبعوا ما تملي عليهم الشهوات والأهواء، وصاروا بها شيعا يضرب بعضهم رقاب بعض (إن الذين فرقوا دينهم وكانو شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوايفعلون).

وليس من التفرق المنهي عنه أن تختلف الآراء والأفهام فيما جعله الله محلا للآراء والأفهام، ووكل أمره إلى اجتهاد المجتهدين عن طريق النظر في الأدلة والمصالحومراعاة ما ينفع الناس، وإنما التفرق المنهي عن هو التفرق عن سبيل الله الواضحة البينة، والإعراض عما نص الله عليه، وتحكيم الهوى في الدين والمصلحة، وعدم الرجوع في معرفةالحق والصالح إلى قواعد التشريع العامة التي تضمنها كتاب الله

وهديه (وأن هذا صراطى مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) (ومن يشاققالرسول من بعد ما بين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا).

فالاختلاف في التوحيد وصور العبادات وعقيدة البعث والجزاء تفرق فيالدين، والاختلاف في جعل أساس التشريع هو كتاب الله، تفرق في الدين، واتخاذ الاختلاف في الرأي فيما جعله الله محلا للرأي سبيلا للتقاطع والتدابر تلبيةً لورح العصبيةالمذهبية، تفرق في الدين.

وقد اختلفت الصحابة والتابعون والأئمة المجتهدون هذا الاختلاف المذهبي، ولم ينكر منهم أحد على أحد، ولم يقاطع منهم أحد أحدا، بل اقتديالشافعي بالحنفي والحنبلي بالمالكي، وبجل عبدُ الله بن عمر، عبدَ الله بن مسعود، وكانوا جميعاً في كل عصورهم مع اختلافهم في الفهم والرأي إخواناً في الله، معتصمين بحبلالله، وما كان أجمل صورة المسلمين وقد اجتمعت وفودهم في المؤتمر الإسلامي الأول بفلسطين في المسجد الأقصى، فصلى بهم أحد كبار مجتهدي الشيعة الإمامية فضيلة الأستاذالشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء، لا فرق بين من يدعى بسنى، ولا من يدعي بشيعي، وكانوا جميعاً صفوفا متراصة خلف إمام واحد، يدعون رباً واحداً، متجهين إلى قبلة واحدة (إنهذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون).

وما أجمل أن ترى جماعة التقريب وقد التف أعضاؤها حول منضدة واحدة يبحثون في شئون الإسلام ويستعرضون أحواله ويرسمون خططالدعوة إلى الله، وفيهم الزيدي والإمامي والحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي، وفيهم رجال الدين ورجال الدولة وغاية الجميع واحدة هي العمل على ضم صفوف المسلمينوتنقيتها من أشواك التفرق.

وهذا هو الوضع الديني الصحيح، ولكن نفراً من المسلمين في الماضي والحاضر لذَّلهم ـ لأمر ما ـ أن يتخذوا من الاختلاف في الآراء والمذاهبسبيلا للتشنيع الذي ولد البغضاء بين المسلمين وفرق كلمتهم، وفي اعتقادي إن هذا النفر

لا يصدر في موقفه هذا عن رأي يدين به، ولكن عن مصلحة يحاولالحصول عليها أو استبقاءها، ومصداق ذلك قوله تعالى في الخلف الطالح: (فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه.ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب ألا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون).

وفي سبيل النهي عن التفرق يذكر الله المؤمنينالأولين، وقد حل بينهم بفضل التمسك بكتاب الله والاعتصام به الودُّ والصفاء محل البغض والجفاء ـ يذكرهم بتلك الأخوة التي أفرغها عليهم الأيمان بالله، والتي أنعم اللهبها عليهم فقضت على ما كان بينهم من حروب طاحنة، وتباغض مستمر، وعداء مستحكم، ووحّدت في نفوسهم الإحساس والشعور والرغبة في تحقيق الأغراض السامية، وأصبحوا بفضل هذاالصفاء وتلك الأخوة أسرة واحدة على قلب رجل واحد متحابين متعاونين شعارهم تقوى الله وصالح الناس، وفي هذا إيجاء جلى واضح لمؤمني العصور من بعدهم بأن هذه النعمة ـ نعمةالأخوة ـ تدوم بينهم وثمراتها، بما وجدت به في أولهم من التمسك بالكتاب والاعتصام بحبل الله.

وبعد أن تأمرهم بتقوى الله والاعتصام بحبله، وتنهاهم عن التفرق، تأمرهمبما يحفظ عليهم الأخوة والاعتصام، ويقيهم شر التدهور والانحلال، ويبعث فيهم الشعور بالتضامن في مسئولية بعضهم عن بعض، وفي مسئوليتهم عن الناس جميعا، قتطلب منهم دعوةالناس إلى الحق، وتطلب منهم الائتمار فيما بينهم بالمعروف والتناهي عن المنكر، وقد جعل الإسلام ذلك فرضا من فروض الدين، وعنصراً من عناصر الحياة الطيبة، وأقسم اللهسبحانه وتعالى بالعصر، أن الانسان لا يسلم من خسران في هذه الحياة إلا إذا ضم إلى إيمانه وعمله الصالح، التواصي بالحق، والتواصي بالصبر، وهما عمادا الأمر بالمعروفوالنهي عن المنكر، وقصن علينا مصير الأولين، الذين انحطت فيما بينهم الفضيلة وتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى تركز البغي فيما بينهم، واستشرى الفساد فيجميع شئونهم (فلولا

كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوامجرمين وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون). (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، كانوا لا يتناهون عن منكرفعلوه لبئس ما كانوا يفعلون).

وقد تلقى المسلمون الأولون هذا المبدأ العظيم، وعرفوا به مسئوليتهم عن الناس، ومسئولية بعضهم عن بعض، فدعوا غيرهم إلى الحق، وقاموا فيمابينهم بالنصح والإرشاد، وتقبل المنصوحون من الناصحين شاكرة ألسنتهم، مطمئنة قلوبهم، فاستقامت لهم الشئون، وتقدمت بهم الحياة، وكانوا أقوياء أعزاء يملون ولا يمليعليهم، ويقولون ويفعلون ما يقولون، وظلوا كذلك حتى نبتت فيهم جراثيم الهوى والشهوة، فأفسدت عليهم تصورهم للحياة، وظنوها مادة عليها يتنافسون، وأموالا وجاها وملكا بهايتفاخرون، فانحلت من بينهم الروابط، واندفعوا في طريق الجاهلية الأولى، يرون المنكر فيسكتون عنه، بل يدافع كل منهم عن سفهائه، ويتعصب لأوليائه، ونسوا بذلك حبل اللهفأنساهم الله أنفسهم، وسلط عليهم شرارهم وأعداءهم، وكاد يحل بهم ما حل بالأمم قبلهم، وتعرضوا للعذاب العظيم، وكتاب الله قائم بينهم، وناطق بالحجة عليهم، يحذرهم وينهاهمأن يسلكوا سبيل المفسدين، وأن يفعلوا كما فعل الذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات.

أما النداء الثالث فهو قوله تعالى.

(يأيها الذين آمنوا لاتتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون، هأنتم أولاء تحبونهم ولايحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور).

إن كتاب اللهيضع للمؤمنين الحد الفاصل بين من يصح مخالطتهم والتعاون معهم من المخالفين في الدين، ومن لا يصح معه ذلك، كما يبين مدى هذا التعاون وحدوده، فإنه لم يجعل مجرد المخالفة فيالدين سببا من أسباب الحرب والخصام، أو من أسباب التقاطع وعدم التعاون، وإنما جعل السبب في ذلك العداء الذي يدفع المخالفين إلى إيذاء المسلمين، وفتنتهم عن دينهم،واخراجهم من ديارهم وأوطانهم، وسلب حقوقهم، وخنق حرياتهم، والاعتداء عليهم، ولذلك يقرر حسن معاملة المخالفين الذين لم يكن لهم من عداوة المؤمنين، ما يدفعهم إلى البغيوالعدوان، وفي هذا يقول الله تعالى.

(لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا اليهم إن الله يحب المقسطن. إنما ينهاكمالله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولَّوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون).

فهذا الصنف الأخير من المخالفين الذين يبارزونالمسلمين بالعداء، أو بالمظاهرة للأعداء، هم الأعداء الذين يجب على المؤمنين إن يحذروهم، وأن يبتعدوا عن موالاتهم، حذراً من الوقوع في شرهم، وقد كثرت آيات التحذير فيالقرآن الكريم عن موالاة هؤلاء، وجعل القرآن مودتهم مظهراً من مظاهر عدم الإيمان بالله واليوم الآخر، وخروجاً على جماعة المؤمنين، وهدما لشخصيتهم التي بها يعتزون (لاتجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم) (يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من ونالمؤمنين. أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا) (يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون اليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسولوإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون اليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل إنيثقفوكم يكونوا لكم أعداء

ويبسطوا اليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون، لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم، واللهبما تعملون بصير).

جاءت هذه الآية مقررة للمبدأ الذي قررته سائر الآيات الواردة في الموضوع وتبين أوصاف هذا الصنف من المخالفين في الدين. الذي ينهانا الله عن مخالطته:ينهانا أن نتخذ خلصاء نعتمد عليهم فيما يعظم من شئوننا فنفضي إليهم بأسرارنا، ونستشيرهم في أمورنا، من قوم غيرنا لا يدخرون جهدا في إلحاق الضرر بنا، ومن أحب أمانيهم أننقع في الشر والمكروه ونلاقي العنت والمشقة، قد انطوت قلوبهم على البغضاء وامتلأت بالحقد حتى فاضت على ألسنتهم، لا يبادلوننا حباً بحب ولا يوافقوننا فيما نؤمن به منالكتاب، فنحن نؤمن به كله، وهم يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، وهم ينافقوننا، فاذا التقوا بنا ظهروا لنا بمظهر المودة، وقالوا آمنا، وإذا خلا بعضهم إلى بعض ظهرتعليهم أمارات الحقد والغيظ، ثم هم بعد هذا وذاك يفرحون بالشر يحيط بنا ويحزنون للخير يمسنا.

تلك أوصافهم، فيجب أن نتعرفهم بها، وأن نتدرع في مكافحتهم بالصبر والتقوى،فلا نأذن للوساوس أن تدفع بنا إلى موالاتهم، ولا نركن إلى الظواهر التي ترغبنا فيهم، وتخدعنا عن حقيقتهم، وتزين صحبتهم والانتفاع بهم، فإن الحزم أن يترك الخير المتوهمللشر المحقق، وقد ضمن الله لنا بالصبر والتقوى، السلامة من كيدهم والنجاة من شرهم.

هذه هي الآيات الثلاث التي اتسع المقام اليوم للتحدث فيها، ولنا عودة إلىالتحدث عن بقية النداءات الواردة في هذه السورة.

فإلى العدد المقبل إن شاء الله تعالى.

/ 1