وجوه المجاز العقلی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

وجوه المجاز العقلی - نسخه متنی

محمد حسین الصغیر

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

د

د. محمد حسين الصغير

وجوه المجاز العقلي


وقد تفنن علماء البلاغة، بإبراز علاقات هذا المجاز باعتباراته الخطابية والأسلوبية، وهذهالعلاقات ما هي إلا وجوه يقع عليها هذا المجاز، ويدور في فلكها، نكتفي بإيراد أشهرها ذيوعاً، وأكثرها استعمالاً في القرآن الكريم، كأنموذج أعلى تقتفي خطاه الاستعمالاتالأخرى في اللغة العربية، فما يرد في كلام البلغاء من العرب يقاس عليه، وما يستنبط منه يرجع إليه: وفيما يأتي نستعرض ملخصاً إجمالياً، وقد يكون إحصائياً في الوقت نفسه،بوجوه المجاز العقلي، مطبقة على نماذج من كتاب الله.

1 _ السببية، هي أكثر الوجوه استعمالاً في القرآن الكريم، وأشهر العلاقات ارتباطاً فيه، وأمثلته متوافرة في حدودكثيرة لا تحصى، ومعالمه منتشرة لا تستقصي، إذ كثيراً ما يطلق هذا المجاز في القرآن مسنداً إلى السبب، وإن بدا العامل فيه الفاعل، ولكن التحقيق يبدي خلاف ذلك مما يوحيبطبيعة إرادة المجاز:

أ _ قال تعالى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءَايَتُهُ زَادَتهُم إِيمَاناً} فقد نسبت زيادة الإيمان في الآية إلى آيات الله تعالى ولما كانالأصل في الإيمان وزيادته هو التوفيق الإلهي الصادر عن الله تعالى، علم أن زيادة الإيمان هنا بالنسبة للآيات مجاز عقلي بوصفها سبباً فيه.

ب _ قال تعالى: {يَهَمَنُابْنِ لِي صَرْحاً لَّعَليَ أَبْلُغُ الأَسْبَبَ}.

فخطاب فرعون لهامان فيما اقتصه القرآ الكريم، لا يوحي بأنه متولي هذا البناء بنفسه، ولكنه المأمور به، إذ لم يباشرالبناء، وإنما بناه عماله وفعلته، ولما كان هامان سبباً في بناء هذا الصرح، أسند إليه الفعل مجازاً، وعلم أن وجه ذلك السببية.

2 _ الزمانية، وذلك فيما بني فيه الكلامللفاعل وأسند للزمان، ولا أثر للزمان في ذلك، وغنما اعتبر الزمان باعتبار الإسناد إليه، والعامل والمؤثر غيره، وأبرز مصاديقه من القرآن الكريم قوله تعالى: {وَالضُّحَىوَالَّيلِ إذَا سَجَى}.

فسجى بمعنى سكن، والليل وإن وصف بالسكون فسكونه مجازي لأنه غير قابل للحركات المباشرة التي قد توصف بالهدوء حيناً وبالفعالية حيناً آخر،وغنما المراد به سكون الناس فيه عن الحركات، وخلودهم فيه إلى السبات، واستسلامهم إلى الراحة.

3 _ المكانية، وذلك فيما بني فيه الكلام للفاعل وأسند للمكان، ولا أثرللمكان في ذلك، وإنما اعتبر المكان باعتبار الإسناد إليه، والعامل الحقيقي غيره، فلما أسند للمكان كان مجازاً عقلياً بسببه، وأبرز مصاديقه من القرآن الكريم، التعبير عنجريان الأنهار في عدة آيات كريمة، منها قوله تعالى:

{مَثَلُ الجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ المُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحتَها الأَنَهرُ...} والأنهار وعاء للماء ومستقر له،وهي ثابتة غير متنقلة، وهي مكان الجري، وما يجري فيها هو الماء، إلا أن مكانه الأنهار، فعبر عن جريان ذلك الماء بجري الأنهار بوصفها مكاناً له.

4 _ الفاعلية: فيما بنيفيه الكلام للمفعول وأسند للفاعل الحقيقي: وقد ينظر لهذا بقوله تعالى:

{وَإِذَا قَرَأتَ القُرءَانَ جَعَلنَا بَينَكَ وَبَينَ الَّذِينَ لاَ يُؤمِنُونَبِالأَخِرَةِ حِجَاباً مَّستُوراً}.

فمستور هنا بمعنى ساتر على قول يعتد به، ولم ينقل هذا اللفظ عن وضعه الأصلي في اللغة ليعد مجازاً لغوياً، وإنما المراد به عينلفظه، وإنما كانت صيغته دالة على الفاعل وغن وردت بصيغة المفعول.

6 _ المصدرية، وهو فيما بني فيه الكلام للفاعل، وأسند إلى المصدر، مع قرينة مانعة من الإسناد الحقيقي،ومثاله قوله تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفخَةٌ وَاحِدَةٌ} فقد أسند الفعل إلى مصدره 'نفحة' ولم يسند إلى نائب فاعله الحقيقي، وذلك لعلاقة المصدرية التي نقلتالكلام إلى مجازه العقلي.

وليس ملزماً لأحد ما ذهب إليه بعضهم من أن هذا المجاز من مباحث علم الكلام وأولى به أن يضم إليها، لأنه كما اتضح من تفصيلات عبد القاهر،وإشارات القزويني، يعد كنزاً من كنوز البلاغة، وذخراً يعمد إليه الكاتب البليغ والشاعر المفلق والخطيب المصقع، وليس أدل على ذلك من أن القدماء استعملوه في كلامهم، وأنالقرآن الكريم حفل بألوان شتى منه، وأن البلاغيين والنقاد أشاروا إليه وذكروا أمثلته، وإن لم يطلق عليه الاسم إلا مؤخراً على يد عبد القاهر. وهذا كله يدل على أن المجازالعقلي لون من ألوان التعبير، وأسلوب من أساليب التفنن في القول، ولا يخرجه من البلاغة إفساد المتأخرين له، وإدخال مباحث المتكلمين فيه عند تعرضهم للفاعل الحقيقي.



المصدر : أصول البيان العربي في ضوء القرآن الكريم.

/ 1