خفاء الشبه الاستعاری نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

خفاء الشبه الاستعاری - نسخه متنی

محمد حسین الصغیر

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

د

د. محمد حسين الصغير

خفاء الشبه الاستعاري


فقد لا يظهر في الاستعارة وجه الشبه، ويكون إلى الخفاء أقرب، وعن الإدراك أبعد، فيعدونه من أحسنأنواع الاستعارة.

وقد عبر عن هذه الظاهرة العلوي (ت: 749 ه‍) في حديثه عن التمثيل قال:

'ثم إنه (يعني التمثيل) قد يتفاوت في الحسن لأنه يستعمل على وجهين:

أحدهما: أنلا يظهر وجه التشبيه في الاستعارة بل يكون تقدير التشبيه فيها عسراً صعباً، فما هذا حاله بعد من أحسن أنواع الاستعارة، وهذا كقوله تعالى:

(فأذاقها اللهُ لِباسَالجُوعِ والخوفِ...).

فما هذا حاله استعارة لا يظهر فيها وجه التشبيه، فلو أردت التكلف في إظهار وجه المشابهة لخرج الكلام عن حد البلاغة، وكلما ازدادت الاستعارة خفاءازدادت حسناً ورونقاً، وهذا هو مجراها الواسع المطرد.

وثانيهما: أن يكون هناك مشبه ومشبه به من غير ذكر أداة التشبيه، فما هذا حاله من الاستعارة دون الأولى في الحسن،والتمثيل في القرآن كقوله تعالى:

(صُمٌ بُكمٌ عٌميٌ فهم لا يرجِعُونَ).

فالآية إنما جاءت مسوقة على أن حال هؤلاء الكفار قد بلغوا في الجهل المفرط والعمى المستحكمفي الإصرار والجحود على ما هم عليه من الكفر والعناد، بمنزلة من هو أصم أبكم أعمى فلا يهتدي إلى الحق، ولا يرعوي عما هو عليه من الباطل'. والحق أن ما ذكره العلوي واردبالنسبة للشق الأول في التقرير لا في المثال، وذلك أن وجه الشبه الاستعاري في الاذاقة واللباس حسي إلى معنوي عقلي وهما الجوع والخوف، إلا أن يريد بوجه التشبيه العلاقةالقائمة بين المشبه والمشبه به لا نسبة هذا الشبه، فيكون الأمر كما قرر.

وأما ما أورده في الطرف الثاني فمناقش فيه إذ قوله تعالى: (صُمٌ بُكمٌ عُميٌ فَهُم لا يَرجعونَ)من التشبيه البليغ على أسلم الوجوه، لا من الاستعارة كما يتوهم، إذ قد تختلط الاستعارة بالتشبيه البليغ لتوهم اشتمالها على ذكر الطرفين، كما في الآية.

وهذا ردٌ علىمن زعم أن في الآية استعارة، وهذا التقرير وارد لأمرين:

الأول: إن الحديث عن المنافقين، وهم يملكون أداة السمع ولكن لا يفقهون قولاً، ويحملون آلة النطق وهي اللسان،ولكن لا ينبسون ببنت شفة، وهم يتمتعون بوجود العين، ولكن لا يبصرون شيئاً، إذ لم يسخروا هذه الجوارح في طرقها المشروعة بوصفها وسائل للهداية، ودلائل إلى الحق، لهذاوصفوا بالصم والخرس والعمى، تشبيهاً بمن لا يمتلك هذه الجوارح، فهو أصم حقيقة، وأبكم واقعاً، وأعمى تشخيصاً، ولما اشتمل البيان هنا على المشبه والمشبه به عاد تشبيهاًبليغاً لا استعارة.

الثاني: لو قيل أن في الآية استعارة لوجب أن يكون المستعار له غير مذكور، ولما كان المستعار له مذكوراً وهو (المنافقون) بأعيانهم حملت الآية علىالتشبيه البليغ، إلا أن يقال أن المستعار له حال المنافقين لا أشخاصهم فتكون حينئذٍ الاستعارة تبعية تصريحية.

وليس ما يجري على سنن الاستعارة من طي ذكر المشبه منالاستعارة، بل يرد إلى التشبيه عادة، ففي قوله تعالى:

(أَو كصيّبٍ مِنً السّماءِ فيه ظُلُماتٌ ورعدٌ وبرقٌ...).

تشبيه أشياء بأشياء مع طي ذكر المشبهات، ففيها صيبوظلمات ورعد وبرق، ويجاب عنه: بأن ذكر المشبهات قد جاء مطوياً على سنن الاستعارة، إذ المراد شيء واحد من التشبيه وهو المنافق في حالاته وضلالالته، فكأن القرآن أرادتمثيلاً مركباً من عدة أوصاف وحقائق، لموصوف واحد، وحقيقة واحدة حتى تعود الأوصاف كلها بتداخلها وتضامنها شيئاً واحداً وهو التشبيه التمثيلي المركب، المنتزع من صورمتعددة.

نعم هناك نوع من الاستعارة الدقيقة التي وردت في ألفاظ القرآن الكريم، وكيفيتها 'أن يسكت عن ذكر المستعار ثم يومي إليه بذكر شيء من توابعه وروادفه تنبيهاًعليه... ومنه قوله تعالى: (الّذينَ يَنقُضونَ عهدَ اللهِ من بَعدِ ميثاقِهِ...) فنبه بالنقض الذي هو من توابع الحبل وروادفه على أنه استعار للعهد الحبل لما فيه من باب الوصلةبين المتعاهدين'.

وهذا ملحظ دقيق للغاية، يمكن أن يقال عنه بأنه داخل تحت هذا الباب إذ سكت فيه عن ذكر المستعار.



المصدر : أصول البيان العربيفي ضوء القرآن الكريم

/ 1