قرآن الکریم و علم النفس نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

قرآن الکریم و علم النفس - نسخه متنی

عبدالمنعم الجداوی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

عبد المنعم الجداوي

عبد المنعم الجداوي

القرآن الكريم وعلم النفس


(.. وكان الانسان أكثر شيء جدلاً)

لا السماء بما فيها من عوالم، ولاالفضاء بكواكبه، ونجومه؛ ومجراته، وشموسه، ولا الأرض بكنوزها، ومعادنها، وبحارها أكثر جدلا من الانسان... ولا أعقد مما يطويه في صدره، وما يسبح بين فؤاده داخل حناياه،وما يدور في تلك العظمة المجوفة التي تسمى الجمجمة.. وهكذا يؤكد القرآن الكريم ان الانسان أعقد ما دب على الارض من المخلوقات وأعظمها أيضا.. وحينما منح ذلك الحيوانالمتكلم القدرة على فهم أسرار هذا الكون.. شغله الوصول إلى أسرار ما حوله عن الوصول إلى أسرار نفسه.. تلك النفس التي وضعها القرآن الكريم في كفة واحدة مع الكون كله بما فيهمن عوالم.. واستحقت من المسلمين الذي قرأوا القرآن وقفة طويلة، إذ تقول الآية الكريمة (سنريكم آياتنا في الافاق وفي أنفسكم).

الشعور بالذنب!

وقد فرق القرآن الكريمبين الروح والجسد والنفس، وجاءت آياته تتحدث في بساطة بأدق نظريات علم النفس الحديث.. وفي قصة الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك التي قادها رسول الله (ص). يصف القرآنمعاناة الشعور بالذنب، ويتحدث عن عذاب الضمير للثلاثة الذين تخلفوا في دقة مذهلة ومعجزة.. فلما مضت الغزوة احسوا بالاثم، وقاطعهم اهل المدينة إلى ان نزل فيهم حكم الله،والقرآن الكريم يقول في هذه الأزمة النفسية التي عصفت بالرجال.. (وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم انفسهم وظنوا ان لا ملجأ من الله إلااليه ثم تاب عليهم ليتوبوا..).

غريزة حب البقاء!

وفي سورة 'الكهف' تصور الآية مشهد اهل الكهف، وقد تعاقبت عليهم السنون، فتحولوا إلى صورة تفزع القلب، وتروع النفسفتقول (لو اطلعت عليهم لوليت منهم رعبا)، وتجيء احدث نظريات علم النفس بعد اربعة عشر قرناً لتقول: ان الإنسان حينما يفزع من خطر.. فان غريزة حب البقاء تدفعه إلى الفراربعيداً عن مصدر الخطر.. مجرد احساسه بالخطر يحشد فيه قوة غير عادية لا يمكن أن يحصل عليها في حالات الاطمئنان، وتجعله يأخذ نفسه بعيداً بعيداً.. كالذي يقفز من الطابقالثاني إذا ما شعر بأن بيته محاصر بالنيران.. وقد ينطلق بعد القفز فاراً مبتعداً عن مكمن الخطر.. ثم يتبين بعد ذلك انه قد اصيب أو لحق به أي أذى.. والآية تحدد بدقة حالة غريزةحب البقاء حينما تقول.. لوليت منهم فراراً مما يقع عليه بصرك من بشاعة ما فعلته الأيام بالجثث.. إذ لن تستطيع ان تحدد ان كانوا موتى أو أحياء.. فإذا فررت بعيداً.. امتلأتبالرعب بعد ذلك.

الغضب

وموسى عليه السلام كان ذا شخصية انفعالية سريع الغضب.. وإذا رجعنا إلى طفولته وسلطنا عليها أضواء علم النفس الكاشفة.. فسوف نجد انها مشحونةبالتوترات ملأى بالقلق بعيدة عن كل ما يوفر الشعور بالأمان لطفل رضيع.. وقد توصل أحد أطباء الأمراض النفسية للأطفال إلى أن الأم والرضيع يكونان وحدة واحدة من الوجهةالنفسية، وان أية انفعالات للأم كثيراً ما تنعكس على الرضيع، والأم التي تعاني من القلق أو من الحزن ينصحها طبيب الأطفال بعدم ارضاع طفلها فترة حزنها أو قلقها.. وأم موسىهي التي قلقت أعظم قلق حينما وضعته في الصندوق، وحينما أرسلت أخته تتبع آثاره على الشاطىء.. ثم حينما عاد اليها لترضعه، كل ذلك جعل موسى عليه السلام عصبياً.. يثور عندالغضب إلى حد يلقي فيه بالألواح.. ويصور القرآن الكريم 'الغضب' على انه من الحالات النفسية التي يسقط الإنسان فيها تحت وطأة قوة أقوى منه.. يتملك الغضب فيها ضحيته ويوسوساليه بما يريد. بل يدفعه دفعاً دون أن يملك الغاضب الخروج من حالة الغضب.

الكبت والانحراف!

وفي سورة (يوسف) أبدع الصور النفسية لكل الحيل اللاشعورية التي يلجأاليها الإنسان في معاملاته النفسية، والتي يسميها علم النفس آليات عقلية يغالب بها المرء احباطه، وقلقه، وتوتره الذي يتولد من فشله في محاولاته تحقيق رغباته كلها أوبعضها..

فأخوة يوسف مثلا ظلوا ضحايا الكبت الذي يحاولونه لكي يدفنوا رغبتهم في التخلص من يوسف حتى يخلو لهم حب أبيهم، ولكنهم كانوا يفشلون في اخفائها وكبتها فكانتتبدو فيما يصدر منهم من اعمال أو كلمات ضد يوسف عليه السلام..

التبرير والاسقاط!

وقد وقعوا في حالة (التبرير) التي يقول عنها علم النفس وهي الحيلة التي تقي الإنسانمن الإعتراف بالأسباب الحقيقية لسلوكه غير المقبول، ويعمد المذنب إلى تفسير سلوكه ليبين لنفسه وللناس ان لسلوكه هذا أسباباً معقولة.. فهم يقولون (يا أبانا إنا ذهبنانستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب، وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين).

وإذا كان (الاسقاط) هو حيلة يسقط بها المرء نقائصه وعيوبه على الناس والآخرين.. ويهمهبالدرجة الأولى. أن يلصقها بمن يظن انه ينافسه مباشرة.. كالزوج الذي يخون زوجته.. ثم يتهمها بالخيانة.. إذا كان هذا هو مفهوم الاسقاط في علم النفس.. فإن القرآن الكريم روىذلك عن أخوة يوسف. حينما دس يوسف صاع الملك في متاع أخيه والقى القبض عليه بتهمة السرقة ليستبقيه دون أن يكشف لهم عن شخصيته إذ تقول الآية الكريمة على لسانهم (ان يسرق فقدسرق أخ له من قبل).

العمى النفسي!

وحينما عاد الاخوة ليفجعوا والدهم في ابنه الثاني شقيق يوسف، وأحب أولاده اليه بعد يوسف، وقد جددت هذه الصدمة الجديدة أحزانهالقديمة على يوسف إذ تقول الآية (وتولى عنهم وقال يا أسفي على يوسف، وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم). مع انهم نقلوا اليه خبر ابنه الثاني وليس يوسف، وذلك ما يطابق أحدثنظريات علم النفس.. وتبيض عيناه من الحزن.. فلم يعد يبصر فقد انتابته رغبة في العمى. رغبة قوية سيطرت على ارادته.. فهو لا يريد أن يرى الدنيا وقد خلت من ولديه الحبيبين.. وذلكهو العمى النفسي، ويدرك يوسف عليه السلام، وهو الذي أوتي علماً وحكمة بنص القرآن ان هذا العمى نتيجة لصدمة نفسية، وانه يمكن ان يشفى بصدمة مضادة، وتقول الآية على لسانه(اذهبوا بقميصي هذا فالقوه على وجه أبي يأت بصيرا).

ثم الرمزية التي جاءت في تفسير يوسف للأحلام الثلاثة.. حلم السجين الذي رأى نفسه يعصر خمراً، والآخر الذي رأى انهيحمل طعاماً فوق رأسه ويأكل منه الطير.. ثم حلم الملك الشديد الرمزية.. ان كل ذلك يجعل القرآن الكريم يتفوق في تفسيراته للنوازع والرغبات والسلوك الإنساني.. تفوقاً يجل عنالمقارنة، ويتنزه عن المنافسة لمجهودات كائناً من كان من البشر في هذا المضمار!!



المصدر : القرآن _ نظرة عصرية جديدة

/ 1