دین و الفن فی القصة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

دین و الفن فی القصة - نسخه متنی

سید قطب

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

سيد قطب

سيد قطب

الدين والفن في القصة


إن خضوع القصة للغرض الديني، لم يمنع بروز الخصائص الفنية في عرضها ومن أثر هذا الخضوع بروز خصائصفنية بعينها تحسب في الرصيد الفني للقصة في عالم الفنون الطليق؛ وتصدق ما قلناه من أن القرآن (يجعل الجمال الفني أداة مقصودة للتأثير الوجداني، فيخاطب حاسة الوجدانالدينية، بلغة الجمال الفنية).

***

ومن الخصائص الفنية في القصة:

(أ‌) كان من أغراض القصة في القرآن إثبات وحدة الاله، ووحدة الدين، ووحدة الرسل، ووحدة طرائقالدعوة، ووحدة المصير الذي يلقاه المكذبون على نحو ما بينا في أول هذا الفصل.

فنشأ عن خضوع القصة لهذه الأغراض أن يعرض شريط الأنبياء والرسل الداعين إلى الايمان بدينواحد، والانسانية المكذبة بهذا الدين الواحد، مرات متعددة بتعدد هذه الأغراض؛ وأن ينشيء هذا ظاهرة التكرار في بعض المواضع. ولكن هذا أنشأ جمالاً فنياً من ناحية أخرى،ذلك أن عرض هذا الشريط يخيل للمتأمل أنه نبي واحد وأنها إنسانية واحدة على تطاول الأزمان والآماد: كل نبي يمر وهو يقول كلمته الهادية، فتكذبه هذه الانسانية الضالة، ثميمضي، ويجيء تاليه فيقول الكلمة ذاتها ويمضي، وهكذا...

(لقد أرسلنا نوحاً إلى قومه، فقال: يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره، إني أخاف عليكم عذابَ يوم عظيم. قالالملأ من قومه: إنا لنراك في ضلال مبين. قال: يا قوم ليس بي ضلالة، ولكني رسولٌ من رب العالمين، أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم، وأعلم من الله ما لا تعلمون. أو عَجبتم أن جاءكمذكرٌ من ربكم على رجل منكم لينذركم، ولتتقوا ولعلكم تُرحمون؟ فكذبوه، فأنجيناه والذين معه في الفلك، وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا، إنهم كانوا قوماً عَمين).

وكلماتكرر هذا الاستعراض، كان هناك مجال لتملي هذا الشريط، الذي يقف مرة عند كل نبي، ثم يمضي في عرضه مطرداً... حتى يقف محمد أمام كفار قريش فاذا هو يقول القولة الواحدة، وإذا هميردون ذلك الرد المكرور. وفي تأمل الشريط على هذا النحو جمال فني أكيد.

***

(ب‌) وكان من آثار خضوع القصة للغرض الديني أن تعرض منها الحلقات التي تقتضيها هذه الأغراض.وقد نشأ عن هذا ما يشبه أن يكون نظاماً عاماً. ذلك أن آخر حلقة تعرض _بحسب ترتيب السور _ تتفق مع أظهر غرض ديني صيغت القصة من أجله، وفي الوقت ذاته يتفق هذا الختام مع الأصولالفنية؛ ويبدو كأنه ختام فني لذاته، لا للغرض الديني من ورائه.

وقد لاحظنا في قصة موسى أن آخر ذكر لها يرد في سورة المائدة، والحلقة التي تعرض فيها هي حلقة التيه.فهؤلاء بنو إسرائيل قد أغدق الله عليهم نعمته، وأملى لهم في رحمته؛ ثم هاهم أولاء في النهاية لا يحافظون على النعمة، ولا يدخلون الأرض المقدسة، وقد جهد موسى ما جهد لردهمإليها؛ فيكون تأديبهم على هذا المطال، تركهم في التيه لا مرشد لهم ولا معين، حتى يأتي الأجل المعلوم.

ذلك غرض ديني بحت. ولكن تُرى كان هناك ختام فني أجمل من مشهدالتيه، في نهاية ذلك الجهد الجهيد، وبعد ذلك التردد الشديد؟ إن مشهد التيه هو المشهد الفني الأنسب، لو كانت القصة مطلقة من جميع القيود.

فلنتتبع هذه الظاهرة في قصصأخرى.

1_ هذه قصة إبراهيم ترد في حوالي العشرين موضعاً، ثم يكون آخر موضع ترد فيه هو 'سورة الحج' (103) فتعرض منها الحلقة التالية: (وإذ بؤّنا لابراهيم مكانَ البيت أن لاتُشرك بي شيئاً؛ وطَهّر بيتيَّ للطائفين والقائمين والرُّكع السجود؛ وأذّن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فجّ عميق).

فهنا _من الوجهة الدينية _ربط بين شعائر الحج في الاسلام وشعائره في دين إبراهيم: وذلك غرض _كما قلنا _ مقصود؛ وقد ورد في ختام السورة نفسها آخر ذكر لابراهيم في قوله: (ملة أبيكم إبراهيم هو سَمّاكمالمسلمين من قبل) ولكن لننظر من الوجهة الفنية البحتة. أكان هناك مشهد تختم به قصة إبراهيم، أليق من مشهده يؤذن في الناس للحج؛ وهو باني البيت، ومودع طفله إسماعيل هناكقبل البناء؟ إنه أليق ختام فني بلا جدال، ولو لم يكن الغرض الديني هو الذي اقتضاه.

2_ وهذه قصة عيسى ابن مريم ترد وروداً أساسياً في ثمانية مواضع، وآخر حلقة منها تعرضفي سورة المائدة (112) على النحو التالي: (وإذ قال الله: يا عيسى ابنَ مريم: أأنت قُلت للناس أتخذوني وأمي إلهين من دون الله؟ قال: سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق. إنكنتُ قلتهُ فقد علمته. تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك. إنك أنت علام الغيوب. ما قلتُ لهم إلا ما أمرتني به: أن اعبدوا اللهَ ربي وربكم. وكنتُ عليهم شهيداً ما دُمت فيهم،فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم، وأنت على كل شيء شهيد. إن تعذبهم فانهم عبادك، وإن تغفر لهم فانك أنت العزيز الحكيم).

فهذا الختام هو ختام ديني وختام فني في آنواحد، لقصة كقصة عيسى. مولده عجيب، وعن هذا المولد نشأت شبهات تأليهه، وحول هذه النقطة المعقدة ثارت المشكلات. فها هو ذا في اللحظة الأخيرة أمام خالقه يعترف بعبوديته،ويشهد بما قاله لقومه. ويفوض الأمر فيهم إلى الله العزيز الحكيم.

الفن يقتضي هذا الختام، حين تساق القصة مساقها في القرآن.

3_ وحتى القصص المشتركة بين عدد منالأنبياء _وأغراضها الدينية معلومة _ قد اتسق آخر عرض لها مع الخاتمة الفنية في اختصار:

(وإن يكذبوك، فقد كذّبت قبلهم قومُ نوح، وعادٌ وثمودُ، وقوم إبراهيمَ وقومُلوط، وأصحابُ مَدينَ، وكُذّب موسى، فأمليتُ للكافرين ثم أخذتهم. فكيف كان نكير؟) وذلك ختام واقعي، وختام ديني، وختام فني في آن.

4_ أما قصة يوسف فكان فيها توافق فيالختام من نوع خاص يتفق مع القصة في الابتداء. فقد بدأت القصة برؤيا يوسف فختمت بتحقق هذه الرؤيا، وسجود أخوته له وأبويه، ثم بالمشهد الأخير: ويوسف ينفض يديه من كل شيءويتوجه إلى ربه بهذا الدعاء الخالص المنيب: (رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت ولي في الدنيا والآخرة، توفني مسلماً وألحقنيبالصالحين)... ولم يخط خطوة وراء هذا كما فعلت التوراة، لأن الغرض الديني قد تحقق، وتحقق معه للقصة أجمل ختام.

***

(ح) وكان من مقتضى الأغراض الدينية للقصة أن تتساوقمع الوسط الذي تعرض فيه؛ فأنشأ التساوق نوعاً من التناسق الفني.

فالآن نذكر لسياق القصة نماذج يتفق فيها الغرض الديني، والتناسق الفني تمام الاتفاق:

1_ في سورةالأعراف عرض قصة آدم على النحو التالي:

(ولقد خلقناكم، ثم صورناكم، ثم قلنا للملائكة: اسجدوا لآدم. فسجدو إلا إبليسَ لم يكن من الساجدين. قال: ما مَنعك ألا تسجدَ إذأمرتُك؟ قال: أنا خيرٌ منه؛ خلقتني من نار، وخلقته من طين. قال: فاهبط منها، فما يكون لك أن تتكبر فيها، فاخرج إنك من الصاغرين. قال: أنظرني إلى يوم يُبعثُون. قال: إنك منالمنظرين. قال: فبما أغويتني لأقعدَن لهم صراطك المستقيم! ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم، ولا تجدُ أكثرهم شاكرين. قال: اخرج منها مذؤوماًمدحوراً. لمن تَبعكَ منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين. ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة، فكلا من حيثُ شئتما، ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين. فوسوس لهما الشيطانُليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما، وقال: ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين، أو تكونا من الخالدين؛ وقاسَمهُما إني لكما لمن الناصحين؛ فدلاّهما بغرور،فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما، وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة، وناداهما ربهما: ألم أنهكُما عن تلكما الشجرة، وأقل لكما: إن الشيطان لكما عدوٌ مبين؟ قالا: ربناظلمنا أنفسنا، وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. قال: اهبطوا، بعضكم لبعض عدو، ولكم في الأرض مُستقر ومتاع إلى حين. قال: فيها تحيون، وفيها تموتون، ومنهاتُخرجون).

ثم يستمر السياق، فيدعو بني آدم بعد هذه القصة أن يحذروا الشيطان: (يا بني آدم لا يفتننكم الشيطانُ كما أخرج أبويكم من الجنة). وأن يتمتعوا في الحدود المباحة،وألا يحرّموا كذلك ما أحل الله، وأن يطيعوا الرسل الذين يأتونهم من عند الله: (إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لايؤمنون)... ثم يستطرد إلى يوم القيامة حيث يستعرض موقفالمؤمنين الذين اتبعوا هدى الله وموقف الكافرين الذين اتبعوا غواية الشيطان، حتى ينتهي الاستعراض إلى دخول هؤلاء النار ودخول أولئك الجنة.

فكأنما كانت هذه 'عودةالمهاجرين وأوبة المغتربين' عن دار النعيم. وكأنما استحقوا الاياب وأورثوا الجنة، لأنهم عصوا الشيطان. بعد أن كان اتباعه سبب الخروج.

وفي هذه 'الأوبة' تناسق في العرضمع ذلك 'الخروج' كان مكانه هناك في فصل 'التناسق' فهو بلا شك من مستوى ذلك الطراز.

ومثل هذا التناسق ملحوظ في القصص، نكتفي منه بهذا المثال، ليقرأ القارئون على هداهسائر القصص في القرآن.



المصدر : التصوير الفني في القرآن

/ 1