شبهة إسقاط دعاء من القرآن نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شبهة إسقاط دعاء من القرآن - نسخه متنی

غازی عنایة

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

د

د. غازي عناية

شبهة إسقاط دُعاء من القرآن


إن الصحابي أُبي بن كعب أسقط من المصحف دعاءً كان يُتلى. وكان يتلوه، وكان يسميه سورة الخلعوالحفد، وهو: «أللهم إنّا نستعينك، ونستهديك، ونستغفرك، ونتوب إليك، ونؤمن بك، ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير كله، نشكرك، ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياكنعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك، ونخشى عذابك، إن عذابك الجد بالكفار ملحق».

ـ تفنيد هذه الشبهة:

أولاً: عدم صحة ما نقل عن أبي بن كعب أنه أثبتهذا الدعاء في مصحفه على أنه قرآن. وكونه أنه أثبته في مصحفه لا يعني أنه اعتبره قرآناً، ولم تقم الحجة عليه أنه قرآن، ولو كان ذلك لكان أبي بن كعب أعلم به من غيره.

قالصاحب (الانتصار) ما نصه: «إن كلام القنوت المروي عن أبي بن كعب أثبته في مصحفه، ولم تقم الحجة بأنه قرآن منزل، بل هو ضرب من الدعاء، وأنه لو كان قرآناً لنقل إلينا نقلالقرآن، وحصل العلم بصحته».

ثانياً: من المحتمل أن يكون دعاء القنوت كلاماً من القرآن منزلاً، ثم نسخ، وأبيح الدعاء به، وخلط بما ليس بقرآن. أما ما روي أنه أثبته فيمصحفه كقرآن، فهذا لا دليل له.

قال صاحب (الانتصار) ما نصه: «ويمكن أن يكون منه كلام كان قرآناً منزلاً، ثم نسخ، وأبيح الدعاء به، وخلط بما ليس بقرآن، ولم يصح ذلك عنه،إن ما روي عنه أنه أثبته في مصحفه».

ثالثاً: إن الادعاء بأن أبي بن كعب أثبت دعاء القنوت في مصحفه على أنه قرآن ادعاء باطل يعوزه الدليل، وتنقصه الحجة، ويفتقد إلىالسند، فالصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ أعلم من غيرهم بالقرآن، وما أثبتوه أجمعوا عليه حفظاً، وتلاوة، وكتابة، وتواتراً فليس من العقلانية السليمة بشيء الاعتقاد أنصحابياً مثل أبي بن كعب قد خرج عن هذا، وانفرد دون الصحابة بالادعاء بأن دعاء القنوت قرآن، وحاشا أن يفعل ذلك صحابي جليل هو أبي بن كعب.

ـ شبهة إنساء الرسول (ص) آيات منالقرآن:

قالوا: إن الرسول (ص) قد أسقط عمداً، أو أنسي آيات من القرآن الكريم. وحجتهم في ذلك حديث شريف، وآية قرآنية. أما الحديث الشريف فهو ما رواه الشيخان في صحيحهما.

أ ـ روى البخاري في صحيحه عن هشام بن عروة عن عائشة (رض) قالت: سمع النبي (ص) رجلاً يقرأ في المسجد، فقال: «يرحمه الله، لقد أذكرني كذا وكذا آية من سورة كذا»، وزاد فيرواية أخرى، وقال: «أسقطتهن من سورة كذا وكذا».

ب ـ روى مسلم في صحيحه عن هشام عن أبيه عن عائشة أن النبي (ص) سمع رجلاً يقرأ من الليل، فقال: «يرحمه الله، لقد أذكرني كذاوكذا آية كنت أسقطها من سورة كذا وكذا».

وأما الآية القرنية فهي قوله تعالى: (سنقرئك فلا تنسى * إلا ما شاء الله) سورة الأعلى آيات 6 ـ 7. فالاستثناء الواقع فيه يدل على أنالرسول (ص) قد أسقط عمداً، أو أنسي آيات لم يتفق له من يذكره إياها.

ـ تفنيد هذه الشبهة:

يمكننا معالجة هذه الشبهة من حيث تفسير الحديث والآية.

أولاً ـ من حيثالحديث:

أ ـ إن هذا الحديث لا يصلح حجة، ولا يستقيم سنداً في تأييد هذه الشبهة، وإنما هو حجة عليها. فإن كلمة «أسقطتهن» التي وردت في الحديث معناها الإسقاط نسياناً،وليس عمداً. وما يقوي معنى النسيان، ويؤكده هو مرادفها في نفس الحديث، وهي كلمة: «أنسيتها».

ب ـ إن العقلانية السليمة، وشواهد الإيمان الحقة تقتضي استحالة أن يغيرالرسول (ص) أو يبدل في القرآن شيئاً إلا إذا أمره الله بذلك، أو كان بإيحاء من الله تعالى كالنسخ، وغيره وإلا لما بلغ الرسول (ص) الرسالة، ولما أدى الأمانة، والله تعالىيشهد على أمانة رسوله، إذ يقول على لسانه: (قل ما يكون لي أن أُبدِّله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إليَّ) يونس آية 15.

ج ـ إن نسيان الرسول (ص) الوارد في الحديث ليسنسيان تبليغ، وإنما هو نسيان غفلة، وغيبة، وتذكر. وهذا ما يتعرض إليه البشر عادة، والرسول (ص) من البشر ينسى، ويغفل، ويغيب عليه الأمر أحياناً. فروايات الحديث لا تعنيأبداً أن الآيات القرآنية التي سمعها الرسول (ص) من الرجل الذي كان يقرأها، وهو عباد بن بشار لا تعني أنها قد انمحت من ذهن الرسول (ص) وإنما غاية ما عنته: أن تلك الآيات كانتغائبة عن الرسول (ص)، وكان لا يتذكرها في تلك اللحظة، ثم ذكرها، وافتكرها بقراءة عباد بن بشار. ومن المعلوم أن غيبة الشيء، وغفلة الذهن غير محوه. والدليل على ذلك أنالإنسان بطبعه ـ والرسول إنسان ـ قد يغيب عنه النص أحياناً إذا اشتغل الذهن بغيره، وهو يدرك في نفس الوقت أن النص مخزون في ذهنه سيستحضره إذا ما نبه إليه، وسيفتكره،وسيتذكره إذا ما ذكر إليه. أما النسيان التام المرادف لإمحاء الشيء من الذاكرة، فهذا مستحيل على الرسول (ص)، وخاصة فيما يتعلق بمهام التبليغ للرسالة، والبيان للقرآن.فنسيان الرسول (ص) لم يكن نسيان تبليغ، أو نسيان بيان للقرآن أبداً، فهو قد أبلغ ما نزل عليه من قرآن، وأطاع أمر الله في التبليغ، والله تعالى يقول: (يا أيها الرسول بلغ ماأنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) سورة المائدة آية 67.

والله تعالى قد تكفل ببيانه وتبليغه للناس على لسان رسوله. فهو يقول: (لا تحرك به لسانك لتعجل به * إنعلينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه * ثم إن علينا بيانه) سورة القيامة الآيات 16 ـ 19.

وقد ذكر الشيخ محمد عبدالعظيم الزرقاني في كتابه (مناهل العرفان): «وقالالجمهور: جاز النسيان عليه فيما ليس طريقة البلاغ، والتعليم، بشرط ألا يقر عليه، لابد أن يذكره، وأما غيره فلا يجوز قبل التبليغ، وأما نسيان ما بلغه كما في الحديث فهوجائز بلا خلاف».

د ـ إن نسيان الرسول (ص) الوارد في الحديث ليس نسيان ضياع، أو فقد، وليس إسقاطاً للقرآن الكريم. والدليل على ذلك: أن ما نسيه الرسول (ص) من آيات قرآنيةكان قد حفظها، وبلغها لأصحابه، وبينها لهم، فحفظوها ووعوها، وحفظوها في صدورهم، وعقولهم، وقلوبهم، وكتبوها في سطورهم، وفي كتبهم، وفي مصاحفهم. وليس هناك ما يدل على أنهملم يبلغوها، أو لم يحفظوها، أو نسوها حتى يخاف عليها من الضياع، والفقدان. والقرآن كله بآياته، والتي بلغت حوالي ستة آلاف ومائتي آية وأكثر، تعهدته العناية الإلهيةبالحفظ من الضياع مصداق قوله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) سورة الحجر آية 9.

هـ ـ إن نسيان الرسول (ص) الوارد في الحديث إنما هو بمعنى غياب التذكر، والذيينتاب الإنسان من بعد غفلة، ولكن سرعان ما يضمحل الغياب، ويصفو التذكر. فقد روى أبو منصور الأرجاني في كتاب (فضائل القرآن) أن النبي (ص) كان يقول عند ختم القرآن: «أللهمذكرني منه ما نسيت، وعلمني منه ما جهلت، وارزقني تلاوته آناء الليل والنهار، واجعله حجة لي يا رب العالمين».

ولنا القول: بأن النسيان الوارد في الحديث لا يعنيالإسقاط، كما لا يعني نسيان التبليغ. وإنما هو نسيان غفلة، وغيبة، وعدم تذكر من عدم حفظ، ومن بعد وعي، ومن بعد تبليغ. وهذه صفات بشرية، والرسول بشر، يصح منه النسيان، ويصحأن يغفل عما حفظ من القرآن سيتذكره فيما بعد، ولو حصل منه شيء من ذلك النسيان، أو الغفلة، فهذا لا يعني إسقاطاً، ولا امحاءً، لأن القرآن سبق أن حفظ، ودون، وجمع من قبلالرسول (ص) وصحابته.

ثانياً: وأما بالنسبة للآية القرآنية التي استندوا إليها في تأييد شبهتهم: بأن الرسول (ص) أسقط عمداً، أو أنسي شيئاً من القرآن، فهي قوله تعالى فيسورة الأعلى: (سنقرئك فلا تنسى * إلا ما شاء الله) سورة الأعلى آية 6 ـ 7.

وأصحاب هذه الشبهة يرون أن ما جاء في الآية يدل بطريق الاستثناء الواقع فيه على أن محمداً (ص) قدأسقط عمداً، أو أنسي آيات لم يتوفر له من يذكره إياها.

ويرد عليهم: بأن الاستثناء الوارد في الآية بجملة: (إلا ما شاء الله) معناه: أن عدم نسيان الرسول (ص) هو بفضل من اللهتعالى، ومشيئته، ولا يعني النسيان بذاته، قوله تعالى: (إلا ما شاء الله) يعلق وقوع النسيان على مشيئة الله إياه، والمشيئة لم تقع، والنسيان لم يقع، وبالقاعدة: فإن عدم حصولالمعلق عليه، «وهو مشيئة الله» يستلزم عدم حصول المعلق، وهو النسيان. ودليل ذلك أن العناية الإلهية، والمشيئة الربانية، اقتضتا جمع القرآن، ومن ثم بيانه، وتبليغه علىلسان الرسول (ص)، وهذا يتنافى مع وقوع النسيان مصداق قوله تعالى: (إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرآنه فاتبع قرآنه * ثم إن علينا بيانه). ومن هنا يبقى الاستثناء الوارد فيالآية استثناءً صورياً، وليس حقيقياً، فالله تعالى وعد رسوله أن يقرئه القرآن فلا ينساه، وعلى وجه التأييد.

قال الإمام محمد عبده في تفسيره للاستثناء الوارد فيالآية ما نصه: «ولما كان الوعد على وجه التأييد، واللزوم، ربما يوهم أن قدرة الله لا تسع غيره، وأن ذلك خارج عن إرادته (جل شأنه) جاء بالاستثناء في قوله: (إلا ما شاء الله)،فإنه إذا أراد أن ينسيك شيئاً، لم يعجزه ذلك، فالقصد هو نفي النسيان رأساً. وقالوا: إن ذلك كما يقول الرجل لصاحبه: «أنت سهيمي فيما أملك إلا ما شاء الله» لا يقصد استثناءشيء وهو من استعمال القلة في معنى النفي. وعلى ذلك جاء الاستثناء في قوله تعالى في سورة هود: (وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربكعطاء غير مجذوذ) أي غير مقطوع، فالاستثناء في مثل هذا للتنبيه على أن ذلك التأبيد والتخليد إنما هو بكرم من الله وفضل منه لا بإيجاب وإلزام عليه، ولو أراد عكس ذلك، أي أنيأخذ ما وهب، لم يمنعه من ذلك مانع».



* شبهات حول القرآن

/ 1