شبهات حول المکی و المدنی من القرآن و تفنیدها نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شبهات حول المکی و المدنی من القرآن و تفنیدها - نسخه متنی

غازی عنایة

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

د

د. غازي عناية

شبهات حول المكي والمدني من القرآن وتفنيدها


ـ الشبهة الأولى: تعارض الأساليب

إنّ أسلوبي القرآن المكي، والمدنيمتعارضان. فالأسلوب القرآني المكي يتسم بالعنف، والتشدد، والحدة، والقسوة، والغضب، والوعد، والوعيد، والتهديد، والترهيب، بينما يتسم الأسلوب القرآني المدنيبالليونة، والصفح، والسماحة، والعفو، والفضل، والاستنارة.

تفنيد هذه الشبهة:

إن نظرة عقلانية فاحصة في أسلوبي القرآن المكي، والمدني تفند هذه الشبهة، وتدخضافتراءات التعارض بينهما. فالقرآن الكريم بقسميه المكي، والمدني يشمل على الشدة، والعنف، والليونة، والصفح، وهو في دعوته إلى الحق، والفضيلة، والاقتناع، والإفحام،والشرح، والتوضيح، يستخدم شواهد الحكمة والتشدد، والعقلانية، والتسامح في قسميه، وهو يستخدم أسلوب الترغيب والترهيب، والوعد والوعيد، والشدة والتسامح في مكيه،ومدنيه.

أولاً: فالعنف، والشدة، والحدة، والقسوة ليس قصراً على القرآن المكي. فالقرآن المدني يتسم في كثير من آياته بمثل هذه الصفات والشواهد.

فقد قال تعالى فيسورة البقرة، وهي مدنية: (وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون. وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلواإلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون. الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون) آية 13 ـ 15.

وقال تعالى في سورة آل عمران، وهي مدنية (إن الذين كفروا لن تغنيعنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئاً وأولئك هم وقود النار. كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب. قل للذين كفرواستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد) آية 10 ـ 12.

وقال تعالى في سورة النساء، وهي مدنية: (إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالاً بعيداً. إن الذين كفرواوظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقاً. إلا طريق جهنم خالدين فيها أبداً وكان ذلك على الله يسيراً) آية 167 ـ 169.

ثانياً: وكذلك فإن الليونة، والتسامح، والصفحليس قصراً على القرآن المدني. فالقرآن المكي تفيض آياته في الكثير من سوره بمثل هذه الصفات، والشواهد. فقد قال تعالى في سورة الأنعام، وهي مكية: (وإذا جاءك الذين يؤمنونبآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءاً بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم) آية 54.

وقال تعالى في سورة الأعراف، وهي مكية:(وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون) آية 46.

وقال تعالى في سورة يونس، وهي مكية: (ألا إن أولياءالله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. الذين آمنوا وكانوا يتقون. لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم) آية 62 ـ 64.

ـ الشبهةالثانية: (انقطاع الصلة)

إن القسمين المكي، والمدني منقطعا الصلة.

فالقرآن المكي تتسم سوره، وآياته بالقصر، أما المدني فتتسم سوره وآياته بالطول.

تفنيد هذهالشبهة:

يمكننا تفنيد هذه الشبهة بأمرين إثنين.

الأول: إن القول بانقطاع الصلة بين القرآنين المكي، والمدني استناداً إلى شواهد الطول، والقصر أمر تنقصه الدقة،ويحتاج إلى دليل. ونحن نسأل: متى كان الطول والقصر معياراً صحيحاً في الحكم على نظم أعظم كتاب، وأعجز فرقان، إلا أن يكون السوء ي النية، والتطاول في الكفر، والتمادي فيالباطل؟!!.

ومع الإقرار بصفة القصر للمكي، والطول للمدني، فإننا لا نشعر بأي تفاوت أو انقطاع بينهما بل بكمال الصلة، والتناسق، وجمال الانسجام، وانتظام الأحكام.

ولو كان الأمر كما يدعون، لما غاب ذلك عن أئمة الفصاحة والبيان من العرب، والذي نزل فيهم، وتحداهم فلم يجرؤوا ـ وعلى تماديهم في التحدي ـ على القول بانقطاع الصلة بينقسميه المكي والمدني. وعلى العكس من ذلك، فقد شهدوا له بسميه المكي، والمدني بمراعاة قانون التحكم في قواعد البلاغة، والتناسق في السرد، والتلاوة، والانتظام في النظم،والأسلوب، وهو ينتقل من المكي إلى المدني بالنسبة للسور، ومن الآيات المكية في السور المدنية، والآيات المدنية في السور المكية بالنسبة للآيات.

وما القصر للمكي،والطول للمدني إلا شاهد بياني، وبلاغي في أسلوب المخاطبة, والتناسب مع الأحوال. فأهل مكة اتسموا بالتمتع، والتشدد، والغلظة، والصلافة، فكان أسلوب الزجر المتسم بشواهدالقصر مناسباً لهم. وعلى العكس من ذلك فأهل المدينة اتسموا باللين، والسماحة، والقبول، فكان أسلوب الإطناب، والإسهاب المتصف بشواهد الطول مناسباً لهم. وعلى العكس من ذلكفأهل المدينة اتسموا باللين، والسماحة، والقبول، فكان أسلوب الإطناب، والإسهاب المتصف بشواهد الطول مناسباً لهم. وهذه غاية التناسق، والتناسب في التخاطب. وهكذا اقتضتشواهد التناسب في المخاطبة مع الأحوال أن يأتي القرآن المكي في معظمه موجزاً قصيراً، والمدني في معظمه طويلاً مطنباً.

الثاني: إن القول بقصر المكي، وطول المدني ليسمقبولاً على إطلاقه بل هو على الغالب، ولذا فقد احتوى القسم المكي على سور طويلة كسورة الأنعام، وقد احتوى القسم المدني على سور قصيرة كسورة النصر. ولو كان القول بقصرالمكي، وطول المدني على الأكثر والأغلب، لكان صحيحاً، ونحن نسلم به. أما القول بذلك على الإطلاق، فلا يمكن قبوله، وخاصة أن هذا مصحوب بسوء النية، والافتراء على القرآن،والكافر لا يعدم الوسيلة، ولو اتصفت بالتفاهة، والسفاهة للنيل من قرآن ربنا، قرآننا.

ـ الشبهة الثالثة: (التأثر بالبيئة)

إن القرآن المكي تأثر بالبيئة. ودليل ذلكالقَسَمُ فيه بالكثير من المحسوسات كالليل، والنهار، والضحى، والشمس، والقمر، والتين، والزيتون، وطور سنين، والرياح، والخيل. وهذا عكس القرآن المدني حيث خلا من كل ذلك.

تفنيد هذه الشبهة:

يمكننا تفنيد هذه الشبهة من خلال أمرين إثنين:

أولاً: إن القَسَم بالأمور الحسية إنما هو من قبيل رعاية مقتضى الحال. والقرآن المكي ـ وهويخاطب صناديد قريش، وأئمة الشرك، وجبابرة العناد ـ أجاد في طرح دلائل الألوهية، وتفنن في عرض أساليب الإفحام بالقسم بالأمور الحسية، والتذكير بشواهد الخلق، والنعمالمحيطة بأهل مكة، نبذاً لعقائد الشرك من عقولهم، وطرحاً لشواهد الجحود من أذهانهم سيما وأنهم يؤمنون بتوحيد الربوبية، وهي نسبة أفعال الله إليه تعالى: كالخلق، والرزق،والحياة، والممات، والشفاء، والمرض، وكل ذلك حتى يلفت أذهانهم إلى حقيقة الألوهية، وأنها الخالقة لكل، ولمثل هذه المخلوقات، والنعم، والأمور الحسية التي أقسم اللهبها.

وكما يقول أستاذنا المرحوم محمد عبدالعظيم الزرقاني: بأن المصاب بداء الشرك لا سبيل لإنقاذه منه إلا بمثل الطريقة المثلى التي سلكها القرآن بعرض دلائل التوحيدمن آيات الله في الآفاق على أنظار المشركين. وهذا سبيل متعين في خطاب كل مشرك، ولو كان واحد الفلاسفة، ووحيد العباقرة، وأستاذ المثقفين، والمستنيرين. فحلف القرآن بأمثالهاتيك المخلوقات والحسيات، ليس سبيلاً إلى الطعن في القرآن.

ثانياً: إن القسم بالأمور الحسية يوحي، وينبئ بوجود أسرار عظيمة أودعها الله تلك المخلوقات الحسية، والتيأقسم بها. وغني عن البيان: أن هذه الأسرار لا يدركها، ولا يستشفها إلا أولو الألباب من الناس أصحاب العقول الكبيرة حيث إنها لم تُشرح، ولم تفسر في القرآن الكريم. فاللهتعالى عندما أقسم بالتين، والزيتون، وطور سنين، وهذا البلد الأمين، فهو يذكرنا بعظم الأسرار، والحوادث، والآثار المحيطة، والنازلة ببني البشر. قال العلامة المرحومالشيخ محمد عبده في تفسيره لسورة التين: ((وقد يرجح أنها (أي التين، والزيتون) النوعان من الشجر. ولكن لا لفوائدهما كما ذكروا، بل لما يذكران به الحوادث العظيمة التي لهاالآثار الباقية في أحوال البشر. فالله تعالى أراد أن يذكرنا بأربعة فصول من كتاب الإنسان الطويل، فإنه كان يستظل في تلك الجنة التي كان فيها بورق التين. وعندما بدت له،ولزوجته سوآتهما، طفقا يخصفان عليهما من ورق التين. والزيتون: إشارة إلى عهد نوح (ع) وذريته. وذلك أنه بعد أن فسد البشر، وأهلك من أهلك منه بالطوفان، ونجي نوح في سفينته،واستقرت السفينة نظر نوح إلى ما حوله، فرأى المياه لا تزال تغطي وجه الأرض، فأرسل بعض الطيور لعله يأتي غليه بخبر انكشاف الماء عن بعض الأرض، فغاب، ولم يأت بخبر. فأرسلطيراً ىخر، فرجع إليه يحمل ورقة من شجر الزيتون، فاستبشر، وسر، وعرف أن غضب الله قد سكن، وقد أذن للأرض أن تعمر، ثم كان منه ومن أولاده تجديد القبائل البشرية العظيمة فيالأرض التي أمحى عمرانها، فعبر عن ذلك الزمن بزمن الزيتون. والإقسام هنا بالزيتون للتذكير بتلك الحادثة، وهي من أكبر ما يذكر من الحوادث)).

وطور سنين: ((إشارة إلى عهدالشريعة الموسوية، وظهور نور التوحيد في العالم بعدما تدنست جوانب الأرض بالوثنية، وقد استمر الأنبياء بعد موسى يدعون قومهم إلى التمسك بتلك الشريعة إلى أن كان آخرهمعيسى (ع) جاء مخلصاً لروحها مما عرض عليه من البدع. ثم طال الأمد على قومه، فأصابهم ما أصاب من قبلهم من الاختلاف في الدين، وحجب نوره بالبدع، وإخطاء معناه بالتأويل،وإحداث ما ليس منه بسبيل. فمنّ الله على البشر ببداية تاريخ بنسخ جميع تلك التواريخ. ويفصل بين ما سبق من أطوار الإنسانية، وبين ما يلحق، وهو عهد ظهور النور المحمدي من مكةالمكرمة. وإليه أشار بذكر البلد الأمين. وعلى هذا القول الذي فصلنا بيانه يتناسب القسم والمقسم عليه)) *



* محمد عبدالعظيم/ مناهل العرفان/ ج1/ ص224ـ 225

/ 1