دلالة الهامشیة فی المثل القرآنی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

دلالة الهامشیة فی المثل القرآنی - نسخه متنی

محمد حسین علی الصغیر

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

د

د. محمد حسين علي الصغير

الدلالة الهامشية في المَثَل القرآني


وهي أوسع الدلالات مجالاً، لأنها تعتمد على تعدد التخصص في الاستنتاج، فهيتبع لنوعية ثقافة المفسر، ودقة نظره، وزاوية إفادته، على مختلف الاتجاهات والثقافات عند المفسرين، فقد تجد في سياق العبارات من الألفاظ أثراً للمطابقة والمقابلة فيمجانسة الأضداد والجمع بين المتقالين، والتفريق بين المتجانسين مما يلحظه البلاغي بحسب ذائقته الفنية، بينما يلحظ فيها النحوي مجالاً آخر في الاستفادة من تخريج اللفظعلى الوجه النحوي في الاستعمال القياسي أو السماعي، حتى لا يهم اللغوي منه هذا الفهم أو ذاك بل يبحث عن ضالته في تكثيف معجمه اللغوي بما يفيده هذا اللفظ أو ذاك.

وهكذانجد الدلالة الهامشية مجالاً خصباً لمختلف الاجتهادات، إلا أننا نجدها هنا أكثر تحكماً من قبل البلاغي، لاستخراجه لها من عدة وجوه واحتمالات، أي أنه ـ نتيجة لعلاقةتحمسه بالألفاظ أقدره من غيره على توجيه هذه الدلالة تجاه مساره البلاغي.

وسنلقي ضوءاً ـ فيما يلي ـ على الفهم المتفاوت لنصوص الألفاظ، بحسب تخصص المتلقي على الوجهالتالي:

أ ـ اللغوي لا يرى بأساً بأن يجد بألفاظ أية واحدة من آيات المثل القرآني حروف المعجم العربي قاطبة، فيحقق بذلك بغيته في التأكيد على هذا الجانب من الألفاظ،والآية هي: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم فيالتوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً)الفتح/ 29.

فهو ينظر إلى هذا النص نظرة جانبية، ويدور معه حول هامشه غير ناظر إلا لحروف الألفاظ، وكيف قد كونت حروف الهجاء.

ب ـ والنحوي ينظر إلى اللفظ من زاويتهالخاصة، فاستعمال (الذي) بدل (الذين) في قوله تعالى: (مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً) البقرة/ 17، يقوم بتوجيه الفراء نحوياً فيقول: (إنما ضرب المثل للفعل، لا لأعيان القوم،وإنما هو مثل للنفاق، فقال: مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً، ولم يقل: الذين استوقدوا) فالفراء قد أفاد من اللفظ ما يفيده النحوي في التخريجات ووجه علة تصحيح النصوص أداء،فحمل صيغة العدول عن الجمع إلى المفرد، على العدول من أعيان المنافقين وهم جمع، إلى النفاق وهو مفرد، لأن الحديث منصب على النفاق لا الأشخاص، أما حينما أراد المثل الحديثعن المنافقين بالذات وهم جمع أشار إليهم بالجمع، فقال: (ذهب الله بنورهم) البقرة/ 17.

ج ـ والمنطقي كسابقيه اللغوي والنحوي، إنما ينظر إلى اللفظ من وجهة نظره المحدد بينالتصور والتصديق، فيستفيد من كلمة (حبة) مضمومة إلى كيفيتها في الإنبات بقوله تعالى: (كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة..) البقرة/ 261، بأنه (لا يلزم أن توجد حبةبهذه الصفة. إنما المقصود تصوير زيادة الأجر لا غير، فإن وجدت صورة توافق المذكور في أكثر الخصوصيات أو كلها كان من قبيل لزوم ما لا يلزم) وقد عقب الطبرسي على السنبلة مننفس الآية، وعلل تصورها بالفهم نفسه، فقال: (متى قيل: هل رؤي في سنبلة مئة حبة حتى يضرب المثل بها، فجوابه أن ذلك متصور وإن لم يرَ، كقول امرئ القيس: ومسنونة زرق كأنيابأغوال. وقوله تعالى: (طلعها كأنه رؤوس الشياطين) الصافات/ 65).

د ـ والبلاغي حينما ينظر إلى اللفظ يستطيع بشكل وآخر أن يؤول هذا اللفظ بعدة اعتبارات يغوص بعضها فيالأعماق ويطفو بعضها على السطح، وزيادة على تمرسه باستخراج الصور البلاغية الأصيلة كالمجاز والتشبيه والاستعارة، فإن فهمه الخاص يقوده إلى استنباط جمال اللفظ بوجوهمختلفة، نجمل بعضها بما يلي:

أ ـ الآيتان (إن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذاأراد الله بهذا مثلاً يضل به كثيراً ويهدي به كثيراً وما يضل به إلا الفاسقين * الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئكهم الخاسرون) البقرة/ 26-27.

استخرج منها السيوطي عدة مقابلات في الألفاظ، أجملها بأن الله تعالى قد (قابل بين (بعوضة فما فوقها)، وبين (فأما الذين آمنوا) و(أما الذينكفروا)، وبين (يضل) و(يهدي)، وبين (ينقضون) و(ميثاقه) وبين (يقطعون) و(أن يوصل) ).

وما أفاده السيوطي واستخرجه من مقابلة هذه الألفاظ عبارة عن منحنى جانبي يتعلق بالألفاظ،هذا المنحنى الجانبي هو المعبر عنه بالدلالة الهامشية، لأنه بحث موقع لفظ من لفظ.

ب ـ قوله تعالى: (كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا) البقرة/ 20، فإن هذاالجزء من الآية لعجيب حقاً في مقابلاته، فهو مركب من تسع كلمات تقابلت كلها باستثناء (فيه): (كلما ـ إذا) و(أذاء ـ أظلم) و(لهم ـ عليهم) و(مشوا ـ قاموا)، وأن تأتي هذه المقابلةمتجانسة وضعاً وتسلسلاً وصياغة وقد عرض لجزء من فنون هذا الجزء الزمخشري بتعليقه:

فإن قلت كيف قيل مع الإضاءة (كلما) ومع (الإظلام (إذا).

قلت: لأنهم حراص على وجود ماهمهم به معقود من امكان المشي وتأتيه فكلما صادفوا منه فرص انتهزوها، وليس كذلك التوقف والتحبس بينما لم يشر إلى ملاءمة أضاء لأظلم، ولهم لعليهم، ومشوا لقاموا فيما تعطيمن جودة التركيب وعظيم الدلالة.

ج ـ (وقد يجيء نظم الكلام على غير صورة المقابلة في الظاهر، إذا تؤمل كان من أكمل المقابلات) ونموذج هذا الرأي قوله تعالى: (مثل الفريقينكالأعمى والأصم والبصير والسميع..) هود/ 24، (فإنه يتبادر فيه سؤال، وهو لم لا قيل: مثل الفريقين كالأعمى والبصير، والأصم والسميع، لتكون المقابلة في لفظ الأعمى وضدهبالبصير، وفي لفظ الأصم وضده بالسمع).

د ـ ومن المقابلات ذات الدلالة الهامشية قوله تعالى: (وما يستوي الأعمى والبصير * ولا الظلمات ولا النور * ولا الظل ولا الحرور *وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع مَن يشاء وما أنت بمسمع مَن في القبور) فاطر/ 19-22، فجعل الأعمى في مقابل البصير وهو الأمر الطبيعي في مقابلة الأضداد، وكذلك جعلالظلمات في مقابل النور، والظل إزاء الحرور، والأحياء قبل الأموات، وإن الله يسمع مَن يشاء مقابل وما أنت بمسمع مَن في القبور.

وقد اعتبر ابن الزملكاني الجزء الأخيرمنه في الإفراط في التنزيل والغاية في التحقير.

ثانياً: في استعمال اللفظ للتعريض وفي الكناية خرج البلاغي دلالة هامشية بمثل هذه التخريجات:

أ ـ الكلمة (قرية) فيقوله تعالى: (وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة..) النحل/ 112، وقد استعمل فيها اللحن وهو (التعريض بالشيء من غير تصريح، أو الكناية عنه بغيره). فقد عرض الله بأهل مكة وما يصيبهممن العذاب شأن الأمم السابقة، ولم يصرح بذلك كما هي عادته في هذا المجال، وإنما يشير إلى ذلك لحناً صوراً وبالرمز صور أخر، كما عرض بالمنافقين وذكر أوصافهم في ألفاظمخصوصة بهم، ولكنه أمسك عن ذكر أسمائهم إبقاء عليهم وتألفاً لقلوبهم.

ب ـ وفي استعمال الكلمة (امرأة) بالنسبة لامرأة نوح وامرأة لوط في قوله تعالى: (ضرب الله مثلاًللذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط..) التحريم/ 10، دلالة هامشية حملها الزمخشري على التعريض بقوله: (وفي طي هذين التمثيلين تعريض بأمي المؤمنين المذكورتين في أول السورة(عائشة وحفصة) وما فرط منهما من التظاهر على رسول الله (ص) بما كرهه، وتحذير لهما على أغلظ وجه وأشده.. وأن لا تتكلا على أنهما زوجا رسول الله، فإن ذلك الفضل لا ينقصهما إلامع كونهما مخلصتين. وأسرار التنزيل ورموزه في كل باب بالغة من اللطف الخفاء حداً يدق عن تفطن العالم ويزل عن تبصره).

ج ـ والكلمتان (يخرج) و(خبث) في قوله تعالى: (والبلدالطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكداً) الأعراف/ 58، فيهما دلالة هامشية يعتمدها البلاغي بالكناية: على أن المؤمن يؤمل منه الخير، ويؤثر عنه الهدى، ويرجىفيه الصلاح، وأن الكافر لا يؤمل خيره، ولا يحتمل نفعه، ولا يؤتمن شره.

د ـ الكلمة (ثابت) في قوله تعالى: (أصلها ثابت وفرعها في السماء..) إبراهيم/ 24، فيها دلالة هامشيةبالكناية عن علو الشجرة ورفعتها وسموها، وتأكيد لرسوخ الأصل، لأن الأصل إذا رسخ ارتفع الفرع.

هـ ـ وكلمة (الكفار) في قوله تعالى: (كمثل غيث أعجب الكفار نباته..) الحديد/20، فيها اشارة دقيقة تصور لنا الكافر متعلقاً ومعجباً بالحياة الدنيا، وإن هذا الإعجاب شديد.

ثالثاً: في مجال الظهور والغبانة يؤول البلاغي اللفظ بحسب ذائقته علىالوجه التالي:

أ ـ الكلمة (انسلخ) من قوله تعالى: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها..) الأعراف/ 175، تحقق لنا في مقام الإبانة عن الجانب الآخر للفظ: شدةالنزع وعظم الانسلاخ تدريجياً دون مطاوعة واتساق فيما يبدو لنا من الظهور العرفي لمفهوم سلخ الشاة وإضرابها.

ب ـ الكلمة (عبادنا) في قوله تعالى: (كانتا تحت عبدين منعبادنا صالحين) التحريم/ 10.

أفاد منها الزمخشري دلالة هامشية تعني بحقيقة الصلاح بصفة العبد، والتي تنظر ـ وحدها ـ من قبل الله تعالى.

قال الزمخشري: (فإن قلت: مافائدة قوله (من عبادنا)؟ قلت: لما كان مبنى التمثيل على وجود الصلاح في الانسان كائناً من كان، وأنه وحده هو الذي يبلغ به الفوز وينال ما عند الله. قال: عبدين من عبادناصالحين، فذكر النبيين المشهورين العلمين بأنهما (عبدان) لم يكونا كسائر عبادنا، من غير تفاوت بينهما وبينهم إلا بالصلاح لا غيرن وإن ما سواه مما يرجع به الناس ليس بسببللرجحان عنده).

ج ـ والكلمة (تسعى) في قوله تعالى: (وجاء من أقصا المدينة رجل يسعى..) يس/ 20.

فيها رصد هامشي لبعد السعي في دلالته على الجدية والحث والمواظبة لا المشيوالسير بسرعة فحسب، بل هو اشتراك فعال في حسم النزاع، وفض الخصومة، والدعوة إلى الإصلاح، بجنان ثابت، متواصل، وجهد ملموس، حتى عد الرجل ساعياً، لتحقق الدلالة في أنه(يسعى).

ويبدو مما تقدم أن دلالة الألفاظ في مجالاتها المتنوعة الفسيحة قد أضفت برداً فضفاضاً من الأحاسيس التي يتأملها الانسان فيقف خاشعاً متطلعاً إلى فلسفة هذاالاختيار في لفظ دون لفظ، وكلمة بدل كلمة، مما يحقق في جزء كبير منه معنى الإعجاز، حتى في حدود الكلمة المفردةن وإلا فلا أقل من تحقيق جزء من عناصر الصورة الفنية.

المصدر: نظرية النقد العربي-رؤية قرانية معاصرة-

/ 1