مفهوم القرآنی للتأریخ نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مفهوم القرآنی للتأریخ - نسخه متنی

عبدالله الفریجی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

المفهوم القرآني للتأريخ

المفهوم القرآني للتأريخ


* عبدالله الفريجي

التأريخ ـ هذه اللفظة التي تعنينا كثيراً، لم تكن أبداً مجردة عنمدلولاتها ومعانيها التي تشكل مجموعة من العلاقات المعرفية، مرتبطةً بعدد من المفاهيم، متحركةً ومتفاعلةً مع سواها من أجل فهم أفضل لجوانب مهمة من حركة الوجود وتفاعلأكبر مع هذه الحركة ـ هذه المجموعة من العلاقات المعرفية التي أصبحت فيما بعد تدعى بنظريات تفسير التأريخ أثبتت تارةً نجاحها في الكشف عن أسرار ما حدث وأخفقت تارةً فيالكشف عن أسرار أخرى. فما الذي نعنيه أولاً بلفظة «تأريخ».

إن أول ما يتبادر إلى الذهن من سماعنا لكلمة تأريخ، هو صورة الحوادث التي جرت والتي أثّرت في مسار الحياة،وخصوصاً حياة الأبطال والعظماء والانجازات العظيمة للشعوب. وربما لا يلوح لأذهان الكثيرين إن هناك مدلولاً آخر لهذه الكلمة. إلا إذا كان السامع من أصحاب التخصص، والذييعلم على وجه الدقة ان هذا المعنى ليس دقيقاً، حتى ولو كان قريباً جداً من المعنى الأكاديمي، فالتأريخ إذا كان يعني تدوين وضبط الظواهر والحوادث التي وقعت في حياةالانسان، فإنه ـ إذن ـ لا ينحصر بالمهم أو المؤثر من الحوادث بل ربما يعني بضبط كل الوقائع بلا استثناء، سواء كانت مهمة، أم أنها غير متصفة بهذه الصفة، كل الوقائع تستحقأن تدوّن، رغم أن هذه العملية ستبدو غير ممكنة، لأن حياة المجتمع ليست سوى حياة عشرات ومئات وآلاف وربما ملايين من البشر، وكل واحد من هؤلاء معني بصنع الوقائع والحوادث،سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عن طريق مساهمة الفرد بدفع الواقع باتجاه معين من غير اكتراث، أي إن عدم الاكتراث والسلبية هو أيضاً طريقة من طرق صنع الحدث أو المساهمةفي صنعه، وربما كان هذا موازياً لمواقف بعض الأفراد الذين يقومون بتوجيه الأحداث وجهات محددة، أعني بذلك الأبطال والعظماء وقادة الثورات وحركات التغيير الاجتماعية.

وهذا الأمر بحد ذاته، من مواطن الخلاف بين المهتمين بالتأريخ. وأولئك الذين يحاولون الخروج بقواعد وتعميمات، إذ يحاول بعضهم اعطاء الأولوية للأفراد، ويحاول آخرون أنتكون للجماعات الأولوية في صناعة الأحداث.

وهكذا يواجهنا موقفان من كلمة «تأريخ» أو فهمان لها. الأول: هو الذي يعني بالقواعد والتعميمات. والثاني: الذي يرى الحوادثمجردة، أي أن هناك في التأريخ مفهومين: موضوع التأريخ وعلم التأريخ، اشتركا بلفظ واحد لبيان مدلولاتهما.

إن موضوع علم التأريخ يطلق على مجموعة الظواهر والحقائق(العلاقات) الأفعال، والانفعالات، الولادات والوفيات من جراء الحوادث. نشوء الطبقات، ظهور واضمحلال الحضارات والمجتمعات. جميع الظواهر والحوادث التي تخص الانسانوعلاقته بالطبيعة، وبالآخرين، ومنذ العصور الغابرة وحتى يومنا الحاضر.

ويتناول الأمر الثاني، علمنا واطلاعنا وإيماننا بالعلاقة بين هذه الظواهر، كما يشمل هذاالأمر إيماننا بالطريق الذي سلكته البشرية على مر العصور والقوانين التي يتحرك ضمن اطارها الانسان وتجعله يزاول نشاطاته الحياتية المتكاملة، وهذا التعريف ينطبق على«علم التأريخ، والذي يسمى بدوره تأريخاً».

غير أن التمييز ليس مستعصياً. وخصوصاً في الفترة التي بات فيها الاهتمام بالتعميمات معروفاً، وأخذت حيزها في عالم اليوم،في ما عرف بـ«فلسفة التأريخ» أو محاولات الكشف عن عوامل حركة التأريخ واتجاه سيره وما إلى ذلك مما يدخل في هذا الاطار، الذي عرف بأنه «علم صيرورة الانسان» والذي قال عنهالشيخ محمد مهدي شمس الدين ـ في معرض تعريفه للتأريخ ـ بأنه: «حركة الشيء في محيطه خلال الزمن، وبعبارة أخرى، عملية التحول والتغير والانتقال «الصيرورة» من حالة إلىحالة، التي ينجزها خلال علاقته بعناصر محيطة عبر الزمن».

وكما يلوح أن التأريخ بالمعنى الأول، أي موضوع علم التأريخ سيشكل اهتمامنا به من هذه الزاوية، أي انه هو الذييوفر المادة العلمية التي تمكننا من الوصول إلى تعميمات، بينما يبقى الجانب الآخر مهماً، لأنه يتكفل بالإجابة على أسئلة غاية في الحيوية، ويساهم في بناء رؤانا الشاملةللكون والحياة.

ولهذا جعلنا المعنى الثاني مدار اهتمامنا، لأسباب، منها: انه يمكن أن لا تأتي نتائجه واحدة، وثانياً: لأنه يرتبط بأدق خصوصيات الانسان وعقائده.

ونعني بالأول، إن هناك فلسفات للتأريخ، ونعني بالثاني، ان هذه الفلسفات ترتبط بالنظرة الكلية للكون والحياة.

فالفلسفة، أو قوانين الصيرورة التأريخية للانسانتعنينا من حيث أنها ترتبط بعقائدنا، ولهذا سعى العلماء للحديث عنها والبحث فيها. وما سنحاوله الآن هو الخروج بتعريف للتأريخ نستلّه من الرؤية القرآنية له، أي إننا سنسعىلتوضيح المقابل القرآني لما أطلق عليه تسمية تأريخ.

إذا تتبعنا النصوص القرآنية، فقد لا نجد استخداماً لكلمة تأريخ ضمن هذه النصوص، ولهذا، فإننا سنقصر سعينا للبحثفي المضامين، إذ أن القرآن تطرق إلى الحديث عن التأريخ بصورة واسعة، وأعطاه مساحة مهمة في بنائه النظري. ولهذا، فإننا نتوقع العثور على مقابل مفردة تأريخ من هذا الباب.

فالقرآن دأب على سرد الوقائع التأريخية والأحداث، ثم انتقل إلى الخروج بتعميمات بصورة مباشرة، أو اكتفى ـ أحياناً ـ بدعوتنا إلى استنتاجها والانتفاع من هذه الحقائقللاعتبار. وللدلالة على هذا، نورد النصوص الآتية: (أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم..) غافر/ 82.

(قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض..) آلعمران/ 137.

(أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمّر الله عليهم) محمد/ 10.

(قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين) الأنعام/ 11.

وتطالعنا آيات أخرى تدعو لاستخراج التعميم من خلال الواقعة التأريخية: (فتلك بيوتهم خاويةً بما ظلموا..) النمل/ 52.

(فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلاً..) القصص/58.

فهذه الأمثلة، والدعوة إلى الاعتبار لبعض المشاهد، تأتي لدعم التعميم القرآني.

من جهة أخرى، أشار الله تعالى إلى كتابه والتي سماها ذكراً (.. قل سأتلوا عليكممنه ذكراً) الكهف/ 83.

فتكون الخلاصة، هي أن القرآن سمى الحوادث بالذكر، لأنها تأتي من خلال التذكر، لوقوعها ماضية مما يجعلها صالحة لأن تكون مقابلاً لكلمة تأريخ، التيتعني تدوين حوادث الماضي، كما أشار إلى علاقات وتعميمات يمكن التوصل إليها من خلال الواقعة التأريخية والتي ذكرها أحياناً بصراحة من خلال حديثه عن السنن، مميزاً لها عنالزمن الذي سماه بالأجل، والذي نراه ممتزجاً بكلمة التأريخ، لتمنح المفهوم القرآني للتأريخ ميزة خاصة به، ألا وهي عدم تضمنه للزمن، بل إن الزمن قضية مستقلة لها اطارهاالخاص، الذي سنبحثه بصورة مستقلة.

ويظهر أن سورة الكهف اختصت بنقل تفصيلي لبعض الوقائع التأريخية التي تعلق غرض القرآن ببيانها من قبيل حادثة أهل الكهف، وحادثة لقاءموسى بالخضر (ع)، وجانب من حياة ذي القرنين، وقال عنه (سأتلوا عليكم منه ذكراً). فعبّر عن نقل الوقائع السالفة والتي نسميها نحن بالتأريخ بالذكر، وقد قال صاحب (مجمع البيان)في معرض تفسيره للآية: «أي خبره وقصته»، ثم قال: «معناه، قل يا محمد سأقرأ عليكم خبراً وقصة».

وبعد هذا سنبدأ ببحث مفهوم الأجل من زاوية تعلقه بقضية فلسفة التأريخلنخرج بالمفهوم القرآني له.

ـ ما هو الأجل؟

وردت كلمة «أجل» في ما يقرب من خمسين آية للدلالة على زمن معين محدد، وقد شمل البعد الزمني للحياة الانسانية في جزء كبيرمن تلك الآيات، وفي البعض الآخر، دلت لفظة الأجل على بعد زمني للكون بمعناه الواسع.

وقد فسّر صاحب «الميزان»، الأجل في معرض تفسيره للآية الثانية من سورة الأنعام (هوالذي خلقكم من طين ثم قضى أجلاً وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون) بقوله: «يشير إلى خلقه للعالم الانساني بعد الاشارة إلى خلق العالم الكبير فيبيّن أن الله سبحانه هو الذيخلق الانسان ودبره بضرب الأجل لبقائه الدنيوي ظاهراً، فهو محدود الوجود بين الطين الذي بدأ منه خلق نوعه، وإن كان بقاء نسله جارياً على سنّة الزواج والوقاع».

وفيالصفحة نفسها قال: «ومن الممكن أن يراد بالأجل ما تقارن الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى..» وقد أبهم الأجل بإتيانه منكراً في قوله: (ثم قضى أجلاً) للدلالة على كونه مجهولاًللانسان لا سبيل له إلى المعرفة به بالتوسل إلى العلوم العادية.

وقوله: (أجل مسمى عنده) تسمية الأجل تعيينه، فإن العادة في العهود والديون ونحو ذلك، يذكر الأجل، وهوالمدة المضروبة.

ثم يقول: «إن المراد بالأجل الأول ما بين الخلق والموت، والثاني بين الموت والبعث ذكره عدد من الأقدمين، وربما روي عن ابن عباس، وقد أورده ضمنالتفسيرات الغريبة».

وقد أشار لدى تصديه للآية السابعة من سورة الروم: (ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى..) بقوله: «إن الله سبحانه ما خلق هذاالعالم كلاً ولا بعضاً إلا خلق ملابساً للحق أو مصاحباً، أي لغاية حقيقية، لا عبث بلا غاية له وإلى أجل معين فلا يبقى شيء منها إلى ما لا نهاية له بل يغنى وينقطع».

وهكذا يحدد معنى كلمة «أجل» بمعنى الزمن المحدد الذي يتحرك فيه الانسان، وكذلك الكون نحو غايته، وهذا أهم ما يميز كلمة الأجل عن كلمة التأريخ; فالأجل وقت معين، تنتهيحياة الانسان عنده كجماعة، على العكس من كلمة تأريخ التي لا تنطوي على دلالة من هذا النوع.

ومن خلال هذا نكشف أن المفهوم القرآني للتأريخ يرتبط بقوة بالحدود،فالانسان فرداً أو جماعة يعيش فترة محددة لا يتعداها، كما دلّ على ذلك بعض الآيات التي أكدت هذا المفهوم، إذ قالت: (إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعةً..) يونس/ 83.

إذن،المفهوم الاسلامى للتأريخ تضمن تحديد فترة زمنية يعيشها الانسان، وهذا يقتضي وجود بداية ونهاية، وإن القرآن بهذا التحديد لا يترك مجالاً للتخرص والظن بل يحدد تلكالبداية بوضوح وقاطعية، ومنذ السورة الأولى (البقرة) ويظل يؤكد المضمون نفسه في بقية السور بنفس درجة التأكيد والقاطعية. كما انه لا يفتأ يذكر بنهاية الانسان بالموتونهاية الحياة البشرية بفناء مشابه، يسميه يوم القيامة، والذي يعبّر عن انقضاء أجل الحياة البشرية. بل يعمد القرآن إلى مهاجمة الآراء والفرضيات التي تقول باستمرارالحياة وديمومتها. وبعد هذا سيكون الأجل (هو الزمن الذي يتحرك خلاله الانسان منذ بداية وجوده ككائن وحتى نهاية هذا الوجود).

مع ما يترافق مع هذه الحركة من تطوراتوخبرات وانتكاسات. وسيكون الفرق في هذا المفهوم عما سواه، بكونه يرتبط ببداية ونهاية، ويشترك مع ما سواه بكونه صيرورة الانسان، مضافاً إلى ما أشار إليه القرآن منالتداخل في الآجال. فهناك أجل كلي للجماعة وأجل خاص بالفرد.

كما إن المفهوم ينطوي على علاقة خاصة قائمة بين مؤجل ومؤجل له ونفس الأجل. وهذا فضلاً عن نفي العبثيةوالاقرار بوجود هدف يسعى إليه الوجود. وهكذا نكتشف جملة من خصائص المفهوم الاسلامي للتأريخ، وهي:

1 ـ انّه صيرورة محددة بزمن.

2 ـ انّه الزمن محدد ومتداخل (الأجل).

3 ـ انّه ينطوي على علاقة بين مؤجل ومؤجل له.

4 ـ نفي العبثية وتأكيد الهدفية.

ليكون التعريف الاسلامي للتأريخ هو: «الأجل الذي تحدث خلاله صيرورة الانسان وصولاًإلى الهدف الكوني الكبير».

وهذا التعريف يتضمن الإقرار بوجود معنى وفلسفة للتأريخ ثم وجود روابط وعلاقات لابد من اكتشافها وتحديدها، استكمالاً للتعريف.

/ 1