محتویات القرآن نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

محتویات القرآن - نسخه متنی

محمد شحرور

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

د

د. محمد شحرور

محتويات القرآن


إنَّ الكتابَ المتشابهَ هو السبعُ المثاني والقرآن العظيمُ. فالتشابه في السبع المثاني جاء في قوله تعالى:(اللهُ نَزلَ أَحسنَ الحَديثِ كِتاباً مُّتشَابهاً مَّثانِيَ تَقشَعرُّ مِنهُ جُلودُ الَّذينَ يَخشونَ رَبَّهمْ ثُمَّ تَلينُ جُلُودهُمْ وَقُلوبهُمْ إِلَى ذِكرِاللهِ ذَلكَ هُدَى اللهِ يَهدِي بِهِ مَن يَشاءُ وَمَن يُضللِ اللهُ فَمالهُ مِنْ هَادٍ) (سورة الزمر/ 23).

نلاحظ هنا كيف جاءت كلمة 'كتاب' منكرة ولذلك فهي لا تعني كلمحتويات المصحف، وإنما وصف هذا الكتاب بصفتين هما التشابه والمثاني. ويعني ذلك أنَّ مجموعةَ السبعِ المثاني هي كتابٌ متشابهٌ ومثانٍ معاً.

أما بالنسبة للقرآن فيجبأن نميز بين القرآن معرفاً كقوله: (شَهرُ رَمضانَ الَّذِي أُنزلَ فِيهِ القُرآنُ) (سورة البقرة/ 185) وقوله (وَلَقدْ أَتَينَاكَ سَبْعاً مِّنَ المَثَانِي وَالقُرآنَالعَظِيمَ) (سورة الحجر/ 87) وقوله (بَلْ هُوَ قُرآنٌ مَّجيدٌ* فِي لَوحٍ مَّحفُوظٍ) (سورة البروج/ 21-22) وقوله (يس* وَالقُرآنِ الحَكيمِ) (سورة يس/ 1-2) ولم يقل يس* وقرآن حكيم.

فعندما يأتي القرآن معرّفاً فإنه يأخذ المعنى نفسَهُ، أما إذا جاء منكراً فيمكن أن يعني جزءاً منه. فالقرآنُ الحكيم هو القرآنُ العظيمُ نفسهُ وهو الذي أنزل في رمضان.وليست عبارةُ (قرآن مجيد) هي بالضرورة (القرآن العظيمَ). ولكنّها من جنسه وتعني جزءاً منه، لا كُلَّه. وقد جاء الدليل على أنّ القرآنَ كُلّه مُتشابِه وأنه هو الحقُّ فيسورة يونس في قوله (وَمَا يَتبعُ أَكْثرهُمْ إِلاَّ ظَناً إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغنِي مِنَ الحَقِّ شَيئاً إِنَّ اللهَ عَليمٌ بِمَا يَفعَلونَ) (سورة يونس/ 36) (وَمَا كَانَالقُرآنُ أَن يُفْترَى مِن دُونِ اللهِ وَلَكنِ تَصدِيقَ الَّذِي بَينَ يَديهِ وَتَفصيلَ الكِتابِ لاَ رَيبَ فِيهِ مِن رَّبِّ العَالمِينَ) (سورة يونس/ 37) (أَمْ يقُولونَافْتَراهُ قُلْ فَأتُوا بِسورَةٍ مِّثلهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتطعْتُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنتُمْ صَادِقينَ) (سورة يونس/ 38) (بَلْ كَذبُوا بِمَا لَمْ يُحيطُوا بِعلمِهِوَلمَّا يَأْتهِم تَأوِيلهُ كَذَلكَ كَذَّبَ الَّذينَ مِن قَبلهِمْ فَأنظرْ كَيفَ كَانَ عَاقِبةُ الظَّالمِينَ) (سورة يونس/ 39).

وها هنا نلاحظ أن سياق الآيات يتكلمعن القرآن وأنه احتوى على معلومات لم يحيطوا بها وأنَّه لم يأت تأويلهُ بعدُ. ونلاحظ أيضاً ما جاء في الآية 7 آل عمران أن التأويل هو للمتشابه فقط.

أما إذا نظرنا إلىمحتويات القرآن فنرى يتألف من موضوعين رئيسيين وهما:

1ـ الجزء الثابت: (قُرآنٌ مَّجيدٌ* فِي لَوحٍ مَّحفُوظٍ) (سورة البروج/ 21-22) وهذا الجزء هو القوانين العامة الناظمةللوجود كله ابتداء من خلق الكون (الانفجار الكوني الأول، وفيه قوانين التطور 'الموت حق' وتغير الصيرورة 'التسبيح' حتى الساعة ونفخة الصور والبعث والجنة والنار. وهذا الجزءلا يتغير من أجل أحد وهو ليس مناط الدعاء الإنساني، وإن دعا كلُّ أهل الأرض والأنبياء لتغييره فلا يتغير، وهذا الجزء العام هو الذي تنطبق عليه عبارة (لاَ مُبدِّلَلِكلمَاتِهِ) (سورة الكهف/ 27).

فكلمات الله هي عين الموجودات أي الأشياء (قَولهُ الحَقُّ) (سورة الأنعام/ 73). وفي اللوح المحفوظ يوجد القانون العام الصارم لهذا الوجود،ولا تبديل لهذا القانون من أجل أحد. أما التشابه في هذا الجزء فهو منسوب إلى الفلسفة وهي أم العلوم، أي معرفة الإنسان بالقوانين العامة الناظمة للوجود.

2- الجزءالمتغير من القرآن: وهذا الجزء عبر عنه بأنه مأخوذ من أمام مبين في قوله (إِنَّا نَحنُ نُحِي المَوتَى وَنَكتبُ مَا قَدَّمُوا وَأَثَارهُمْ وَكُلَّ شَيءٍ أَحْصَيناهُفِي إِمَامٍ مُّبينٍ) (سورة يس/ 12).

فالإمام المبين يحتوي على شقين:

أـ أحداث وقوانين الطبيعة الجزئية: مثل تصريف الرياح واختلاف الألوان وهبة الذكور والإناثوالزلازل والطوفان وهي قابلة للتصريف، وغير مكتوبة سلفاً على أي إنسان وغير قديمة. فمثلاً القانون العام في اللوح المحفوظ يقول: إن 'الموت حق'، ولكن الأحداث الجزئية فيالطبيعة يمكن أن تسمح بوجود ظواهر تطيل الأعمار وظواهر تقصرها. فالتصريف هو بطول العمر وقصره، وليس بإلغاء الموت. فأحداث الطبيعة الجزئية أطلق عليها مصطلح آيات الله(وَمِن آيَاتهِ خَلقُ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَاخْتلافُ أَلسِنَتكُم وَأَلوانِكُمْ) (سورة الروم/ 22) (تِلكَ آياتُ الله) (سورة الجاثية/ 6). فآيات الله تختص بظواهر الطبيعةوقد جاءت في الكتاب في مصطلح 'كتاب مبين' في قوله: (وَعِندهُ مَفاتحُ الغَيبِ لاَ يَعلمُها إِلاَّ هُوَ وَيَعلمُ مَا فِي البَرِّ وَالبَحرِ وَمَا تَسقطُ مِن وَرقةٍإِلاَّ يَعلمُها وَلاَ حَبةٍ فِي ظُلمَاتِ الأَرضِ وَلاَ رَطبٍ وَلاَ يَابسٍ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُّبينٍ) (سورة الأنعام/ 59) وهذه الأحداث ليست مبرمجة سلفاً وليست قديمة.

وعندما عطف عبارة (كتاب مبين) على القرآن في أول سورة النمل عطف خاصاً على عام. لنرجع إلى الآية 75 التي تقول: (وَمَا منْ غَائبةٍ فِي السَّماءِ وَالأَرضِ إِلاَّ فِيكِتابٍ مُبينٍ)، فعندما يورد لفظ 'كتاب مبين' في القرآن يتكلم فيه عن جزئيات ظواهر الطبيعة، كالحركة الكيميائية (ولا رطب ولا يابس) والموقع (ولا حبة في ظلمات الأرض)والحركة الميكانيكية (وما تسقط من ورقة إلا يعلمها).

هذا الجزء الذي سماه بعبارة 'كتاب مبين' فيه التصريف والتغير وهو مناط التدخل الإلهي وفقاً للنواميس الكونيّة التيارتضاها وقرّرها، فتارة يعمل لصالح زيد وأخرى لصالح عمرو، وهو مناط الدعاء. فنحن ندعو الله أن يرسل لنا مطراً، لأن المطر يأتي من تصريف الرياح أو أن يهب لنا ذكوراً أوإناثاً. لأن كل هذه الأشياء ليس لها علاقة باللوح المحفوظ وإنما هي أحداث جزئية في ظواهر الطبيعة وإلاّ فلا معنى لقوله عليه السلام: الدعاء مُخّ العبادة وقوله أيضاً: لايردّ القضاء إلاّ الدعاء. وهي أيضاً مناط العلوم كلها الطب والفلك والفيزياء والكيمياء.. الخ ما عدا الفلسفة والتاريخ. ويقوم التشابه في آيات الكتاب المبين 'آيات الله'على نسبة تقدم المعارف الإنسانية بأحداث الطبيعة وظواهرها وهو الذي ينطبق عليه (إِذَا قَضى أَمراً فَإِنمَا يَقولُ لَهُ كُن فَيكُونُ) (سورة آل عمران/ 47 ـ سورة مريم 35).

ب ـ أفعال الإنسان الواعية: وهو ما نسميه القصص. لقد أكدَّ في الكتاب أن القصص من القرآن في قوله: (نَحنُ نَقصُّ عَليكَ أَحسنَ القَصصِ بِمَا أَوحَينَا إِليكَ هَذَاالقُرآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبلهِ لَمنَ الغَافِلينَ) (سورة يوسف/ 3). فقد أشار إلى أن تتبعَ أفعالِ الإِنسانِ المسجلة عليه بعد وقوعها يتم في (إمام مبين) ليميزه عن (لوحمحفوظ) (إِنَّا نَحنُ نُحِي المَوتَى وَنَكتبُ مَا قَدَّمُوا وَأَثَارهُمْ وَكُلَّ شَيءٍ أَحْصَيناهُ فِي إِمَامٍ مُّبينٍ) (سورة يس/ 12). وقد أورد منه أحداثاً متكاملةلتتبع تطور التاريخ الإِنساني، وتطور المعارف في النبوات والتشريع في الرسالات، أي كيف تفاعل الإنسان مع القانون العام للوجود والقوانين الجزئية من جهة، وكيف تفاعلَ معالرسالات من جهةٍ أخرى. وبما أنه أعطى هذا الخط في القصص فقد سماه 'أحسن القصص'.

أما أن القصص جزء من القرآن فقد ورد في قوله: (وَإِن كُنتَ مِن قَبلهِ لَمنَ الغَافِلينَ)(سورة يوسف/ 3) فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهل القصص والقرآن معاً، وكان القصصُ ليس جزءاً من القرآن لجاءت الصيغة المثنى أي: وأن كنت من قبلهما، وهذه الصيغة 'منقبله' تصح في حالة أن القرآن شيء والقصص شيء آخر في حالة واحدة وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهل القرآن ولا يجهل القصص، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهلالقصص أيضاً لقوله في سورة هود بعد قصة نوح: (تِلكَ مِن أَنبَاءِ الغَيبِ نُوحيهَا إِليكَ مَا كُنتَ تَعلمُهَا أَنتَ وَلاَ قَومُكَ مِن قَبلِ هَذَا فَاصْبِر إِنَّالعَاقبةَ لِلمتَّقِينَ) (سورة هود/ 49). من هنا نستنتج النتيجة الوحيدة وهي أن القصص جزء من القرآن.

أما العنوان العام الذي أعطاه الكتاب للقصص وهو عبارة 'الكتابالمبين' فقد جاء ثلاث سور فيها قصص وهي سورة يوسف (آلر تِلكَ آياتُ الكِتابِ المُبينِ)، وسورة الشعراء (طسم* تِلكَ آياتُ الكِتابِ المُبينِ)، وسورة القصص (طسم* تِلكَ آياتُالكِتابِ المُبينِ).

ولنشرح الآن لماذا سمى القصص الكتابَ المبينَ وسمى ظواهر الطبيعة كتاباً مبيناً.

السبب أولاً أن كليهما أُوحي عن الإِمام المبين وليس مناللوح المحفوظ. وثانيهما أن القصص أعطت مواضيع متكاملة منتقاة لتتبع تطور التاريخ الإِنساني، لذا سميت 'أحسنَ القصص'، وعُرِفت بالكتاب المبين. أما أحداث الطبيعةوظواهرها فقد أورد فيها آيات متفرقة لذا سماها 'كتاباً مبيناً'.

ونشير إلى أنَّ التشابه في القصص منسوبٌ إلى تطور المعارف الإِنسانية حول تطور التاريخ الإِنساني،فكلما زادت هذه المعارف تمكنا من تأويل آيات القصص.

وهكذا نفهم أن القرآن هو الجانب الموضوعي في الكتاب 'الحق' (وَإِذَا تُتلَى عَليهِمْ آيَاتُنا بَيِّناتٍ قَالُوامَا هَذَا إِلاَّ رَجلٌ يُريدُ أَن يَصدَّكُم عَما كَانَ يَعبدُ آبَاؤُكُم وَقَالُوا مَا هَذَا إِلاَّ إِفكٌ مُّفترىً وَقَالَ الَّذينَ كَفَروا لِلحقِّ لَمَّاجَاءَهُم إِنْ هَذًا إِلاَّ سِحرٌ مُّبينٌ) (سورة سبأ/ 43) وفي قوله: (وَإِذَا تُتلَى عَليهِمْ آياتُنَا بَيِّناتٍ قَالَ الَّذينَ كَفرُوا لِلحقِّ لَمِّا جَاءَهُم هَذَاسِحرٌ مُّبينٌ) (سورة الأحقاف/ 7).

هنا نرى أنَّ الإِعجاز جاء في القرآن فقط، وليس في أم الكتاب إذ أن أم الكتاب ذاتية، وهكذا لا يمكن أن نرى في أي آية من آيات الأحكاممصطلحَ (قالَ الله)، هذا مستحيل.. إنما نرى أن آيات الأحكام جاءت ضمن الصيغ التالية:

ـ صيغة أمر: (إِنَّ اللهَ يَأمرُ بِالعَدلِ وَالإِحسَانِ وَإِيتاءِ ذِي القُربَىوَيَنهَى عَنِ الفَحشَاءِ وَالمُنكرِ وَالبَغيِ) (سورة النحل/ 90).

ـ صيغة نهي: (وَلاَ تَقرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحشةً وَسَاءَ سَبيلاً) (سورة الإسراء/ 32)(وَقَضَى رَبُّك أَلاَّ تَعبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ) (سورة الإسراء/ 23).

ـ صيغة فريضة وكتاب: (قَدْ فَرضَ اللهُ لَكُم تَحلَّةَ أَيْمانكُمْ) (سورة التحريم/ 2).

(كُتبَعَليكُم الصِّيامُ) (سورة البقرة/ 183).

(وَالمُحصنَاتُ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ مَا مَلكتْ أَيمَانكُمْ كِتابَ اللهِ عَليْكُمْ) (سورة النساء/ 24).

ـ صيغة وصايا:(يُوصيكُمُ اللهُ فِي أَولادِكُم لِلذَّكرِ مِثلُ حَظِّ الأُنثَيينِ) (سورة النساء/ 11).

أي أنه لا يمكن أن نرى آية واحدة من آيات الرسالة 'الأحكام' فيها عبارة (قالالله)، لأنه لو جاءت بهذه الصيغة (قال الله صلوا) أو (قال الله صوموا)، مع الأخذ بالحسبان أن قول الله هو الحق (قوله الحق) (سورة الأنعام/ 73) ـ فهذا يعني أن الصلاة والصومحقيقة موضوعية موجودة خارج الوعي. ولأصبحت الصلاة والصوم ناموساً لا يمكن مخالفته. ولرأينا أن الناس جميعاً دون استثناء صاموا وصلوا من دون أن يكون لهم أي خيار في ذلك،ولأصبحت الصلاة والصوم كعملية هضم الطعام ونبض القلب يلتزم بأدائهما الناس آلياً.

من هنا يجب أن نفهم أن كلمات الله نافذة لا مجال لتبديلها ولا خيار لنا في تنفيذها أوعدم تنفيذها لأن كلماتِهِ عينُ الوجود ونواميسُهُ العامةُ وأحداثهُ الجزئيَّةُ حينَ وقوِعها. لذا قال عن القرآن: (وَاتلُ مَا أُوحِيَ إِليكَ مِن كِتابِ رَبِّكَ لاَمُبدلَ لِكلمَاتِهِ وَلَن تَجدَ مِن دُونهِ مُلتَحَداً) (سورة الكهف/ 27) هنا قال عن كلمات الله: إنها غير قابلة للتبديل وإن الإنسان لا يستطيع أن يحيد عنها (وَلَن تَجدَمِن دُونهِ مُلتَحَداً)، فلو كانت الآية (يُوصيكُمُ اللهُ فِي أَولادِكُم لِلذَّكرِ مِثلُ حَظِّ الأُنثَيينِ) (سورة النساء/ 11) هي من كلمات الله، ورأينا أناساً لايلتزمون بها ويبذلونها، لكان ذلك يعني كذب ما جاء في الآية (لاَ مُبدِّلَ لِكلمَاتِهِ).

وهكذا نفهم قوله تعالى: (قُل لَّو كَانَ البَحرُ مِدَاداً لِكلماتِ رَبِّيلَنَفدَ البَحرُ قَبلَ أَن تَنفدَ كَلماتُ رَبِّي وَلَو جِئنَا بِمثلهِ مَدَداً) (سورة الكهف/ 109). بما أن كلمات الله هي عينُ الموجودات ونواميسُها العامةُ والخاصةُ حينوقوعها، ونعلم الآن مدى كبر هذا الكون حسب معلوماتنا، فلو أراد الله سبحانه وتعالى أن يصف لنا الموجودات من خلال كلام الإنسان، للزم أن يكون البحر مداداً لهذه الكلماتولا يكفي.

أما قوله تعالى: (وإِذ قُلنَا ادخُلُو هَذهِ القَريةَ فَكُلُوا مِنهَا حَيثُ شِئتُمْ رَغَداً وَادخُلُوا البَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَّغْفرلَكُم خَطَايَاكُم وَسنَزيدُ المُحسِنينَ) (سورة البقرة/ 58) (فبدَّلَ الَّذينَ ظَلمُوا قَولاً غَيرَ الَّذِي قِيلَ لَهُم فَأَنَزلنَا عَلَى الَّذينَ ظَلمُوا رِجْزاًمِّنَ السَّماءِ بِمَا كَانُوا يَفسُقونَ) (سورة البقرة/ 59).

هنا الآية 58 في سورة البقرة تبدأ بقوله (وإذ قلنا) والقائل هو الله، فقوله نافذ ولكنه ينطبق فقط على الفقرات(ادخُلُو هَذهِ القَريةَ فَكُلُوا مِنهَا حَيثُ شِئتُمْ رَغَداً) (وَادخُلُوا البَابَ سُجَّداً) أي أنهم دخلوا القرية وأكلوا ودخلوا الباب سجداً. ولكن جملة (َقُولُواحِطَّةٌ نَّغْفر لَكُم خَطَايَاكُم وَسنَزيدُ المُحسِنينَ) هي جملة أمر (ضد النهي) وليست قولاً، ولكي يبين أن هذه جملة أمر قابلة للعصيان والطاعة وليست كلمة فقد أتبعهابالآية (فبدَّلَ الَّذينَ ظَلمُوا قَولاً غَيرَ الَّذِي قِيلَ لَهُم).

وليست كلمةً نافذةً لا محالةَ.

ولو كانت جملة (َقُولُوا حِطَّةٌ نَّغْفر لَكُم خَطَايَاكُم)كلمة من كلمات الله وليست أمراً لتناقضت مع قوله تعالى (لاَ مُبدِّلَ لِكلمَاتهِ) إذ كيف يقول (لاَ مُبدِّلَ لِكلمَاتهِ) ويقول أيضاً (فبدَّلَ الَّذينَ ظَلمُوا قَولاًغَيرَ الَّذِي قِيلَ لَهُم) لذا فقد أفرد آية خاصة هي الآية 59 من سورة البقرة لكي يؤكد عدم التناقض.

وقد أكد هذه الناحية أيضاً في الآيتين 161-162 في سورة الأعراف (وَإِذْقِيلَ لَهُمُ اسْكنُوا هَذهِ القَريةَ وَكُلُوا مِنهَا حَيثُ شِئتُم وَقُولُوا حِطةٌ وَادخُلُوا البَابَ سُجداً نَّغفرْ لَكُم خَطيئَاتِكُم سَنَزيدُ المُحسِنينَ)(سورة الأعراف/ 161).

(فَبدلَ الَّذينَ ظَلَمُوا مِنهُم قَولاً غَيرَ الَّذِي قِيلَ لَهُم فَأَرسَلنَا عَليهِم رِجْزاً مِّن السَّماءِ بِمَا كَانُوا يَظلِمونَ) (سورةالأعراف/ 162).

أما قوله تعالى: (وَقالَ اللهُ لاَ تَتخِذُوا إِلهَينِ أثْنَينِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ وَاحدٌ فَإيَّايَ فَارْهبُونَ) (سورة النحل/ 51).

لنقارن هذه الآيةمع الآية: (ذَلكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحقُّ وَأَنَّ مَا يَدعونَ مِن دُونهِ هُوَ البَاطلُ) (سورة الحج/ 62) أي أن وحدانية الله هي حقيقة موضوعية خارج الوعي الإنساني وأنالتعددية غير ممكنة موضوعياً حيث أن أي تعددية هي باطل ووهم. فالأصنام هي حجارة خارج الوعي الإنساني وليست آلهة. لذا بدأت الآية بقوله: (قال الله).



المصدر : الكتاب والقرآن ـ قراءة عصرية

/ 1