سنة و ثبوت العقیدة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

سنة و ثبوت العقیدة - نسخه متنی

محمود شلتوت

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

محمود شلثوث

محمود شلثوث

السنة ... وثبوت العقيدة


منشأ ظنية السنة:

إذا كانت العقيدة لا تثبت إلا بنص قطعي في وروده ودلالته، كان لابد منتبيين المبادئ التي تقوم عليها قطعية السنة أو ظنيتها.

وأول ما يجب التنبه له في هذا المقام أن (الظنية) تلحق السنة من جهتي الورود والدلالة: فقد يكون في اتصال الحديثبرسول الله (ص) شبهة فيكون ظني الورود، وقد يلابس دلالته احتمال. فيكون ظني الدلالة، وقد يجتمع فيه الأمران: الشبهة في اتصاله، والاحتمال في دلالته، فيكون ظنياً في ورودهودلالته ومتى لحقت (الظنية) الحديث على أي نحو من هذه الثلاثة فلا يمكن أن تثبت به عقيدة يكفر منكرها، وإنما يثبت الحديثُ العقيدة وينهض حجة عليها إذا كان قطعياً في ورودهوفي دلالته.

التواتر والآحاد:

ولكي يتضح مناط (القطعية والظنية) في ورود الحديث ينبغي أن نبين ما قرره العلماء في (التواتر والآحاد) ليكون مناراً يهتدي به من يريدالوصول إلى الحق:

قسم العلماء (السنة) إلى قسمين: ما ورد بطريق التواتر، وما ورد بطريق الآحاد. وضابط التواتر أن يبلغ الرواة حداً من الكثرة تحيل العادة معه تواطؤهمعلى الكذب. ولابد أن يكون ذلك متحققاً في جميع طبقاته: أوله ومنتهاه ووسطه، بأن يروى جمع عن النبي (ص)، ثم يروى عنهم جمع مثلهم، وهكذا حتى يصل إلينا، وهو عند التحقيق روايةالكافة عن الكافة.

الآحاد لا تفيد اليقين:

أما إذا روى الخبر واحد، أو عدد يسير ولو في بعض طبقاته، فإنه لا يكون متواتراً مقطوعاً بنسبته إلى رسول الله (ص)، وإنمايكون (آحاديا) في اتصاله بالرسول شبهة، فلا يفيد اليقين.

وقال البزدوي: (وأما دعوى علم اليقين ـ يريد في أحاديث الآحاد ـ فباطلة بلا شبهة لأن العيان يرده؛ وهذا لأن خبرالواحد محتمل لا محالة، ولا يقين مع الاحتمال، ومن أنكر هذا فقد سفه نفسه وأضل عقله).

وقال الغزالي: (خبر الواحد لا يفيد العلم وهو ـ أي عدم إفادته العلم ـ معلومبالضرورة. وما نُقل عن المحدثين من أنه يوجب العلم فلعلهم أرادوا أنه يفيد العلم بوجوب العمل إذ يسمى الظن علما'.

وقال الأسنوي: (وأما السنة فالآحاد منها لا يفيد إلاالظن).

وهكذا نجد نصوص العلماء من متكلمين وأصوليين مجتمعة على أن خبر الآحاد لا يفيد اليقين، فلا تثبت به العقيدة، ونجد المحققين من العلماء يصفون ذلك بأنه ضروري لايصح أن ينازع أحد في شئ منه، ويحملون قول من قال: (إن خبر الواحد يفيد العلم) على أن مراده العلم بمعنى الظن كما ورد، أو العلم بوجوب العمل. على أن الكلام إنما هو في إفادتهالعلم على وجه تثبت به العقيدة، وليس معنى هذا أنه لا يحدث علماً لإنسان ما، فإن من الناس من يحدث العلمُ في نفسه بما هو أقل من خبر الذي نتحدث عنه، ولكن لا يكون ذلك حجةعلى أحد، ولا تثبت به عقيدة يكفر جاحدها، فإن الله تعالى لم يكلف عباده عقيدة من العقائد عن طريق من شأنه ألا يفيد إلا الظن، ومن هنا يتأكد أن ما قررناه من أن أحاديثالآحاد لا تفيد عقيدة ولا يصح الاعتماد عليها في شأن المغيبات قولٌ مجمع عليه وثابت بحكم الضرورة العقلية التي لا مجال للخلاف فيها عند العقلاء!

ندرة المتواتر:

ذهب قوم إلى أنه لا يوجد حديث متواتر فيما روى لنا من الأحاديث ودون في الكتب، ولعل هؤلاء بنوا رأيهم هذا على اشتراط عدم الإحصاء في رواة المتواتر. وقال ابن الصلاح: (لايكاد يوجد المتواتر في رواياتهم، من سئل عن إبراز مثال له فيما يروى من أهل الحديث أعياه تطلبه، وحديث (إنما الأعمال بالنيات) ليس من ذلك السبيل وإن نقله عدد التواتروزيادة، لأن ذلك طرأ في وسط إسناده ولم يوجد في أوله. نعم حديث (من كذب عليّ) نراه مثالاً لذلك، فإن رواته أزيد من مائة صحابي وفيهم العشرة المبشرون بالجنة، ولا يعرف حديثيروى عن أكثر من ستين صحابياً إلا هذا الحديث الواحد).

وذهب آخرون إلى أن المتواتر كثير في هذه الكتب. قالوا: (إن هذه الكتب المشهورة المتداولة بأيدي أهل العلم شرقاًوغرباً مقطوع بصحة نسبتها إلى مصنفيها، فإذا اجتمعت على إخراج حديث، وتعددت طرقه تعدداً تحيل العادة معه تواطؤهم على الكذب إلى آخر الشروط أفاد ذلك العلم اليقيني بصحةنسبته إلى قائله، ومثل ذلك في الكتب كثير).

وليس بنا حاجة إلى أن نعرف مدى هذه الكثرة التي يراها هؤلاء، ويذكرونها في مقابلة القول بالعدم، أو في مقابلة القول بالندرةوإعياء تطلب المثال، وإنما يهمنا أن نلفت النظر إلى أنه لا يحكم لحديث بالتواتر ـ حتى على أكثر هذه المذاهب توسعاً ـ إلا إذا اجتمعت فيه الشروط الآتية:

1_ أن تخرجه جميعكتب الحديث المشهورة المتداولة.

2_ أن تتعدد طرق إخراجه تعدداً تحيل العادة معه التواطؤ على الكذب.

3_ أن يثبت هذا التعدد في جميع طبقاته: أوله وآخره ووسطه.

وإذن:فالحديث الذي لم تخرجه جميع الكتب المتداولة المشهورة أو أخرجته جميعها ولكن لا بطرق متعددة، أو أخرجته بطرق متعددة ولكن لا في جميع الطبقات، بل في بعضها دون بعض ـ لايكون متواتراً باتفاق العلماء أجمعين!

الإسراف في وصف الأحاديث بالتواتر وأسبابه:

ويجدر بنا بعد هذا أن نعرض لظاهرة غريبة شاعت في الناس، وإن الحق ليتقاضى فيهاواجبه من العلماء المسئولين أمام الله وأمام الرسول: تلك الظاهرة هي أنه على الرغم مما قرره العلماء في شأن المتواتر تحديداً ووجوداً، وعلى الرغم من هذا التحفظ الشديد فيالحكم لحديث مما دون في الكتب بالتواتر ـ نرى بعض المؤلفين قديماً وحديثاً يسرفون في وصف الأحاديث بالتواتر، وقد يقتصدون فيخلعون عليها أوصافاً أخرى كالشهرة والاستفاضةوالذيوع على ألسنة العلماء، وتلقى الأمة إياها بالقبول والثبوت في كتب التفسير وشرح الحديث، أو في كتب التاريخ والمناقب... الخ. وقد يشتط أناس في سلوك هذه السبيل، فنراهميتتبعون مع هذا أسماء الصحابة والتابعين والأئمة والمؤلفين الذين جرى ذكرهم على ألسنة النقلة في رواية الحديث، وهم يعلمون أنها روايات ضعيفة لا تصبر على النقد، وأن هذهالأسماء التي يحرصون على جمعها توجد في كل حديث حتى في الأحاديث الموضوعة، ولكنهم مع ذلك يجمعونها، ويجتهدون في عدها وإحصائها وذكر الكتب التي اشتملت عليها لأنهم يريدونأن يخطفوا أبصار العامة، ويستغلوا عاطفتهم الدينية، ويزعموا لهم أن هذا الحديث أو تلك الأحاديث قد وردت عن نبيكم في هذه الكتب الكثيرة، وعلى لسان هذا الجم الغفير منالرواة بين صحابة وتابعين، فهي متواترة لاشك في تواترها، وهي متصلة بالرسول لاشك في اتصالها، ومن حاول الطعن فيها؛ أو الحط من درجتها، فقد ضل ضلالاً بعيداً، وحاد عن سبيلالمؤمنين!

ولهذه الظاهرة أسباب:

منها؛ وقد يكون أقلها خطراً، اشتهار الحديث في طبقة أو طبقتين فتسحب الشهرة على جميع طبقاته، ويحكم عليه حكماً عاماً بالتواتر أوالشهرة من غير تحقيق ولا تمحيص؛ وقد لا يصل الحديث إلى حد الشهرة في طبقة ما، ولكنه جاء في (الخلافيات) فقهية أو كلامية فتعصب له أتباع المذاهب وخلعوا عليه وصف الشهرة أوالتواتر تأييداً لمذهبهم، وتناقلته الكتب، موصوفاً بذلك منسوباً إلى جمع من رجال الرأي والمذهب فيخاله الناس مشهوراً أو متواتراً وهو ليس بمتواتر ولا مشهور!

ولقدكان للقائمين (بالترغيب والترهيب) ونقل الملاحم والفتن وغرائب الأخبار التي تميل النفوس إلى التحدث بها والاستماع إليها، أثر عظيم في خلع أوصاف الشهرة والتواتر علىأنواع خاصة من الأحاديث التي ليست بمشهورة ولا متواترة بل ربما كانت غير صحيحة، وقد تأثرت بذلك طبقة من الخاصة لم تعن بتحقيق الرواية، ولا بمعرفة درجة الحديث، واكتفتبنقل ما يقوله هؤلاء وإجرائه على ألسنتهم وفي كتبهم حتى شاع واشتهر.

وإنما استباحوا ذلك معتمدين على ما قرره بعض علماء المصطلح من (جواز التساهل في الأسانيد ورواية ماسوى الموضوع من أنواع الأحاديث الضعيفة من غير اهتمام ببيان ضعفها فيما سوى صفات الله تعالى وأحكام الشريعة من الحلال والحرام وغيرهما، وذلك كالمواعظ والقصص وفضائلالأعمال وسائر فنون الترغيب والترهيب مما لا تعلق له بالأحكام والعقائد).

وبذلك رووا الأحاديث الضعيفة بل الموضوعة، ثم توسعوا فوصفوا الآحاد بالتواتر، والضعيفبالصحيح، وتناسوا مقاييس التواتر والآحادية، ومقاييس الصحة والضعف، ومن هنا رأينا من يصف (المعجزات الحسية) كانشقاق القمر وتسبيح الحصى وكلام الغزالة وحنين الجذعبالتواتر مع أنها غير متواترة، وإنما هي آحادية كما قرره علماء الأصول. وكذلك رأينا من يصف أخبار المهدى والدجال ويأجوج ومأجوج وما إلى ذلك مما يذكر باسم (أشراط الساعة)بالشهرة أو التواتر.

بقى بعد هذا أمر لابد من تقريره: وهو أن تلك الأحاديث كيفما كانت ليست من قبيل المحكم الذي لا يحتمل التأويل حتى تكون قطعية الدلالة، فقد تناولتهاأفهام العلماء قديماً وحديثاً ولم يجدوا مانعاً من تأويلها.

ـ كما يعتقد سائر العلماء الذين يعرفون الفرق بين ما يقبل التأويل وما لا يقبله ـ أن ما تدل عليه ألفاظ تلكالأحاديث ليس عقيدة يجب الإيمان بها، فمن أداه نظره إلى أن يؤمن بظاهرها فله ذلك، ومن أداه نظره إلى تأويلها فله ذلك، شأن كل ظني في دلالته.



المصدر :الإسلام.. عقيدة وشريعة

/ 1