قرآن یتجلی فی تکوین کوکب الأرض نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

قرآن یتجلی فی تکوین کوکب الأرض - نسخه متنی

نزیه القمیحا

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

القرآن يتجلى في تكوين كوكب الأرض

الشيخ نزيه القميحا

الأرض كوكب سابح في الفضاء ضمن مجموعة تابعة للشمس، عاش عليهابلايين البشر على مدى الزمن.

يرد ذكرها في القرآن كثيراً، وأنها خلقت بعد السماء، قال سبحانه وتعالى: (والأرض بعد ذلك دحاها) النازعات/ 30.

وأنها منة من الباريسبحانه لخليفته فيها (إني جاعل في الأرض خليفة) البقرة/ 30.

وأنها لم تُخلق، مع المخلوقات التي عليها، عبثاً بدون سبب أو حكمة.

إنها باب الحياة الفُضلى، والطريقالموصل إلى النهاية الخالدة.

إنها ذات حجم أصغر من حجم الشمس بمليون و 300 ألف مرة،

وأن وزنها اقل من وزن الشمس بـ / 332 ألف مرة،

وأن بعدها عن الشمس/ 93 مليون ميل،

وأن دورتها اليومية حول نفسها تتم بـ 24 ساعة،

وأن دورتها السنوية حول الشمس تتم في مدة / 365 يوماً ونحو ربع اليوم،

وأن شكل مدارها حول الشمس اهليليجي،

وأنسرعة دورانها حول نفسها ألف ميل في الساعة،

وأن سرعة دورانها حول الشمس/ 18 ميل في الثاني،

وأن وضعها على مدارها مائل بزاوية قدرها/ 23 درجة،

هذا ما أثبته العلمالحديث من معلومات عن الارض بعد دراسات طويلة، وتجارب مريرة.

ويقول العلم أيضاً: لو كان حجم الأرض أكبر مما هو عليه الآن، أو أصغر. أو كان ثقلها وكثافتها أقل أو أكثر،لاختلّ أمر الحياة، أو تغير، أو تشوه.

إن حجمها متناسب مع سرعتها، ومع دورتها.

وثقلها متناسب مع قوة جذبها، وهكذا ..

فلو زاد الحجم، أو نقص لتغيرات السرعة،والمدة في دورتها.

ولو قل جذبها لأفلت الأوكسجين منها.

ولولا الدورة اليومية حول نفسها لما كان لنا ليل ونهار.

ولو زادت سرعة دورانها حول نفسها عن ألف ميل فيالساعة، أو قلت، كما هو الحال في بقية الكواكب، لاستحالت الحياة عليها.

فمثلاً: لو كانت سرعتها مئة ميل في الساعة بدل ألف! لأصبح طول النهار/ 120 ساعة، ولاحترق الزرع منطول النهار، وشدة الحر، ولزوى في زمهرير الليل، ولاختل ميزان العمل في النهار، والراحة في الليل.

ولكن الله سبحانه الخالق الحكيم، جعل هذه السرعة ثابتة فلم يطرأعليها أي تبديل ولو بمقدار ثانية واحدة منذ بلايين السنين.

وبحكمته عزوجل جعل الإنسان مشدوداً إليها بقانون الجاذبية.

وقانون الجاذبية هذا اكتشفه العلم الحديث،وعرفه من آثاره، ولم يدركه بأي حاسة من الحواس الخمس، وعليه يتوقف العلم اليوم.

فالأرض مع جيرانها من الكواكب ترتبط بالشمس بوساطة الجاذبية، والشمس بدورها ترتبطبالمجرة بوساطة الجاذبية، والمجرة ايضاً ترتبط بالكون بوساطة الجاذبية.

وهكذا نجد الكون كله مترابطاً متماسكاً تحت قانون عرفوه من آثاره، وأسموه الجاذبية.

بينما المؤمن بالله تعالى يقول: إن الكون يرتبط ارتباطاً وثيقاً بقدرة الخالق، المكون، المدبر، الحكيم، وهو خالق الأسباب والمسببات والقوانين، وهوا لمشرف على إدارتهوتدبيره، لا يغيب عنه: (حي قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما فيا لسماوات والأرض) البقرة/ 255.

فأبناء العلم العصري يسألون المؤمن، هل رأيتَ ربك بعينك؟!.

فهل للمؤمن أنيسأل أبناء العلم اليوم: أنتم تؤمنون بوجود الجاذبية، بل وتعتقدون أن الكون مترابط بها وقائم عليها، فهل رأيتم الجاذبية؟ أو لمستموها بإحدى الحواس الخمس؟!.

لابد أنيكون جوابهم: أننا آمنا بالجاذبية وعرفناها من آثارها!

فنقول لهم: لماذا يحق لكم ما لا يحق لغيركم؟!.

ـ القرآن يتجلى في حركة الأرض وكرويتها:

منذ مئات السنينوالخلاف على أشده: هل الأرض، كروية ومتحركة، أم أنها ثابتة ومسطحة؟!.

بنظر الإنسان الساذج تبدو ثابتة والشمس متحركة، ولكن العلماء اخترعوا المراصد وأثبتوا من خلالهاأن كل الأجرام السماوية متحركة، وهذا ما جاء به القرآن الكريم منذ مئات السنين: (وكل في فلك يسبحون) يس/ 40.

قبل أن نذكر الآيات القرآنية التي تثبتُ حركة الأرض ودورانها،علينا أن نذكر مقدمة تمهيدية:

نزل القرآن الكريم في زمان كان يغلب على أهله الجهل والتخلف والفساد، فنهض بأبنائه، وحثهم على العلم والمعرفة والكشف عن أسرار الكون ...

ثم تحكم بالأمة مَن ليس أهلاً للحكم، وسيطر العدو الكافر من جديد...

وما ذلك إلا لابتعاد الناس عن قانون السماء، الذي رسمه الحق سبحانه هدى ورمة، وطريق أخلاقومعرفة.

وكان الغرب من ناحيته يرزح تحت حكم الجهل، باسم الدين، ويقمع كل علم لا يتماشى مع مفهوم الكنيسة للخلق والحياة.

هذا (كوبرنيكوس) ثبت له علمياً أن الأرضمتحركة، وكان هذا مخالفاً لتعاليم الكنيسة في ذلك الحين، (مع أنه كان أسقفاً من أساقفتها)، فرفع كتابه إلى البابا بولس الثالث، يقول في مقدمته: ((إذا وجدت أُناساً أخذواعلى عاتقهم، رغم جهلهم بالرياضيات، أن يحكموا على هذه الآراء وفقاً لآية من الكتاب المقدس شوهوا صفوها حتى يوافق هواهم، فإنني لا أقيم لها وزناً، بل أحتقر حكمهم الأحمق،وإنني لأرفع بحثي في هذا الموضوع إلى قداستكم، ثم إلى أعلام الرياضيين ليحكموا فيه. ولم يمتد العمر بكوبر نيكوس طويلاً، إذ أُصيب بشلل أقعده ثم مات بعد أن ظلّ هدفاًللسخرية والإزدراء.

ثم جاء بعده (برونو) وأعلن قبوله للنظام (الكوبرنيكي)، فعدّ ذلك منه خروجاً على الكنيسة، فلجأ إلى جمهورية البندقية، ولكنه حُوكم، وحُكم عليهبالسجن، وبعد ست سنوات، رأى أولو الأمر أن السجن لا يكفي في معاقبته، فحُكم عليه بالموت حرقاً، وكانت آخر كلماته: إنكم وأنتم الحاكمون علي أشد خوفاً مني أنا المحكومعليه، فقد كافحتُ وهذا كثير.

أما النصر ففي أيدي القدر. أما كيف يكون حكم القدر فالعصور المقبلة لن تنكر علي ـ أياً كان المنتصر ـ إنني لم اخشَ الموت! فآثرتُ الموت علىحياة الجبن.

وجاء دور (غاليلو) الذي تأكد علمياً من صحة رأي كوبرنيكوس، فأعلن رأيه وجاء بالأدلة والبراهين على صحة ما ذهب إليه.

اصتدر رجال الدين أمراً بطلبه إلىروما حيث قرر مجمع الكرادلة، اعتبار كتابات (كوبرنيكوس) محرمة، ويعاقب قائلها وناشرها ومعتقدها.

وبذلك وجد غاليلو نفسه بين خطرين: إما السجن والتعذيب، وإما ترك آراءكوبرنيكوس، وهي الحق كل الحق ..

فآثر السلامة، وسلّم بما لابد منه ..

وبعد أن توفي البابا بولس الخامس، وخلفه البابا أربان الثامن، (وكان من أصدقاء العالم غاليلو)،ظنّ أن العهد الجديد سيكون عهد تساهل، فوضع كتاباص على نمط محاورة بين ثلاثة أشخاص:

أحدهم يمثل رأي كوبرنيكوس، والثاني يمثل رأي أرسطوطاليس وبطليموس، والثالث يُديرالمناقشة. وجعل الغلبة لرأي كوبرنيكوس.

صودر الكتاب، وأُستدعيَ غاليلو للمحاكمة، وأمام مجمع الكرادلة حكموا بإعدام مؤلفاته! ولكن نظراً لكبر سنه، واعتدال صحته،وإعلانه لتوبته، اكتفت المحكمة بسجنه في ديوان التفتيش طول عمره ..

وخرج من المحكمة وهو يقول كلمته المعروفة: (ومع ذلك فهي تدور)، وظل سجيناً إلى أن مات ... .

وعندماكنتُ أكتب هذه الكلمات عن تسلط علماء الدين الجهلة في الماضي، وحكمهم على أهل الفكر والعلم بالسجن والإعدام، طالعتنا مجلة الكفاح العربي في عددها رقم/ 904 الصادر في تاريخ27/ 11/ 1995 بكتاب لمفتي الديار السعودية، الشيخ عبدالعزيز بن باز يقول فيه: إن الأرض باثتة، والشمس هي المتحركة، وكل مَن يقول غير ذلك فهو كافر، ويجب قتله بعد أن يستتاب.

وقال أيضاً: إن الفكر هو الكفر! لأنهما يتألفان من نفس الأحرف.

قال الله تعالى: (يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل) الزمر/ 5.

اللغة: يكور، أي يلف، ومنهكّور العمامة على رأسه أي أدارها على هيئة حلزونية.

عبر الله سبحانه عن كروية الارض بشكل علمي حديث.

إن العلماء بعد أن صعدوا في الفضاء، وراقبوا الأرض عن بُعد،(بعد سنة/ 1958)، وجدوا أن الجانب المواجه للشمس مضيء دائماً، والجانب الآخر مظلم دائماً، وهي تدور حول محورها، وهذا الدوران المستمر أي اللف المتعاقب والدائم، موصوف فيكلام الله تعالى: (يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل).

قال الله سبحانه هذا القول في زمان لم يكن عند أهله أي فكرة عن حركة الأرض، أو دورانها حول نفسهن أوحول الشمس. وقد أشار سبحانه إلى دورتها وحركتها بآيات أخرى.

منها قوله تعالى: (يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً) الأعراف/ 54.

هل هناك تعبير أوضح وأبين من هذا الكلام،الذي يوضح أن الليل يطلب النهار بسرعة وإلحاح، وأن لا نهاية لهذا الطلب، أو الملاحقة، وأنه يغشاه ويتداخل به؟.

ومنها قوله تعالى: (وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذاهم مظلمون) يس/ 37.

هل رأى الإنسان كيف يتداخل الليل مع النهار، أو كيف ينسلخ أحدهما من الآخر؟.

ما هذا إلا كلام الله عزوجل، العالم بسر الخلق، وعظمة الصنعة، وقدرةالخالق المهيمن سبحانه.

ومنها قوله تعالى: (ألم ترَ أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل) لقمان/ 26.

عباراتنا شتى وحسنك واحد وكل إلى ذاك الجمال يشير

هل إيلاج الليل في النهار إلا دخوله فيه؟!.

وهل هناك تعبير أجمل وأوضح من هذا على كروية الأرض وحركتها؟.

ومنها قوله سبحانه وتعالى: (يقلب الله الليل والنهار إنفي ذلك لعبرة لأولي الأبصار) النور/ 44.

حقاً إنه كلام الله سبحانه، عالم الماضي، والحاضر، والمستقبل، إنه الحكيم الخبير.

إنه يخاطب أولي الألباب، أصحاب المعقولوالأفهام.

ومنها قوله تعالى: (لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون) يس/ 40.

وقوله تعالى: (وهو الذي خلق الليل والنهار والشمسوالقمر كل في فلك يسبحون) الأنبياء/ 33.

هنا يذكر القرآن الكريم بوضوح أمراً جوهرياً، ألا وهو وجود مدار لكل من الشمس والقمر، وأ هذين الجرمين ينتقلان في الفضاء كلبحركة حقيقية خاصة به.

كل من تأمل هاتين الآيتين وجد أن الله سبحانه قد ذكر الشمس والقمر صراحة.

وذكر الأرض بذكر الليل والنهار، ليدل العلماء على أن الأرض تدور حولمحورها فتؤلف الليل والنهار.

وعلاوة على ذلك قال سبحانه: إن هذه الأجرام التي نراها، ونعيش عليها، كلها في فلك تسبح!

وهذه من التشبيهات الجميلة التي عرفها الإنسانالحديث بوساطة التلسكوب، ورأى كيف أن كل ما في الفضاء من نجوم ومجرات وكواكب تسير وتسبح في ظل نظام دقيق، وقانون لا تحيد عنه.

ومنها قوله تعالى: (حتى إذا أخذت الأرضزخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون) يونس/ 24.

في هذه الآيةالكريمة بين سبحانه كروية الأرض وحركتها بشكل واضح، لأن قوله: (ليلاً أو نهاراً) يوضح المعنى.

وأنه سبحانه يخبر بأنه سيحطم الأرض ويدمرها بعد أن تصل المدنية إلى أوجعزها، ويأتيها هذا الأمر في وقت يكون نصفها في حالة الليل، والنصف الآخر في حالة النهار.

وهذا ينسجم تماماً مع الشكل الكروي للأرض كما هو معلوم.

ومنها قوله تعالى:(والأرض مددناها) ق/ 7.

في هذه الآية دلالة واضحة على كروية الأرض، لأن السائر عليها تبدو له لأول وهلة أنها غير كروية، فهي ممتدة أمامه امتداداً فسيحاً، ولكنه إذا سارلا يصل إلى طرفها، بل يعود إلى نقطة انطلاقه.

يصل إلى طرفها، بل يعود إلى نقطة انطلاقه.

أوَليس في ذلك دلالة واضحة على أنها كروية ممدودة أمام الإنسان؟.

ومنهاقوله تعالى: (والأرض بعد ذلك دحاها) النازعات/ 30.

الدحو في اللغة: الدحرجة، قالوا: دحى الولد الكرة أي دحرجها.

ولا تتحقق للأرض الدحرجة إلا إذا كانت كروية مثل الكرة.

وهذه من الآيات الدالة بوضوح على كروية الأرض وحركتها.

ومنها قوله تعالى: (وأورثنا القوم الذين كانوا يُستضعفون مشارق الأرض ومغاربها) الأعراف/ 137.

وقوله تعالى:(رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق) الصافات/ 5.

وقوله تعالى: (فلا أُقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون) المعارج/ 40.

ففي هذه الآيات دلالة واضحة وبينة،لكل مَن أمعن النظر، على كروية الأرض.

فإن طلوع الشمس على أي جزء من أجزاء الكرة الأرضية بلازم غروبها عن جزء آخر، فيكون تعدد المشارق والمغارب، دليلاً واضحاً علىكرويتها وحركتها.

ومنها قوله تعالى: (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء) النمل/ 88.

هل هناك أدل وأوضح من هذا الكلام الإلهيالعظيم على حركة الأرض ودورانها بسرعة هائلة؟!.

إن الآية تنبئ عن نظرتين للجبال الراسية: نظرة ظاهرة للعين المجردة، ترى الجبال جامدة ـ لأن الجبال والناظر إليهايتحركان بحركة واحدة مع الأرض ـ .

ونظرة أخرى مفكرة واعية، أو عصرية علمية كاشفة، ترى أن الأرض ومعها الجبال الراسيات تدور وتتحرك بسرعة كبيرة، وما ذلك إلا لأنها صنعالله سبحانه الذي أتقن كل شيء.

وقد أشار سبحانه بآية أخرى إلى أن النجوم كلها تجري: (فلا أقسم بالخنس * الجوار الكنس) التكوير/ 15 ـ 16.

ومنها قوله تعالى: (الذي جعل لكمالأرض مهداً) طه/ 53 والزخرف/ 10.

وهذه الآية الكريمة كسابقتها بالدلالة على حركة الأرض، لأن المهد في اللغة والعرف: هو السرير الذي أُعد للطفل، لكي يُهز له بنعومةوراحة.

فشبه سبحانه الأرض بسيرها وحركتها بأهلها بأنها مثل مهد الطفل، تتحرك بنعومة، وتسير بهم سيراً مؤنساً، ليكون عليها معاشهم ومنامهم.

وما يقرب من هذه الآية،قوله تعالى: (وهو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) الملك/ 15.

فالذلول من الإبل والجمال يطلق لغة وعرفاً على الصنف الذي يمتاز عنغيره بنعومة الحركة، وسرعة السير، وسهولة الركوب على مناكبه.

وحيث أن الله سبحانه أطلق اسم الذلول على الأرض نستظهر منه الحركة والسير مثل الناقة الذلول.

وأيضاًنستظهر الحركة من قوله تعالى: (ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين) فصلت/ 11.

ـ وأما الأخبار:

ومما يعضد تفسير تلكالآيات الكريمة بحركة الأرض، ما ورد عن أهل بيت النبوة (ع) الذين هم ترجمان القرآن، وأعلم بتفسيره وتأويله.

فقد ورد عنهم روايات تصرح بحركة الأرض ودورانها.

رويَ فيكتاب الاحتجاج، عن الإمام جعفر الصادق (ع) أنه قال في أجوبته للزنديق:

((إن الأشياء تدل على حدوثها من دوران الفلك بما فيه، .. وتحرك الأرض ومَن عليها .. )).

ففي هذاالخبر يستدل الإمام الصادق (ع) على حدوث الكون من دوران الفلك بما فيه من كواكب ومجرات، وأيضاً من تحرك الأرض ومن عليها من المخلوقات والكائنات.

وفي نهج البلاغة: عنأمير المؤمنين (ع) بعد توصيفه خلق الأرض، وجعل الجبال أوتاداً لها قال: ((فسكنت على حركتها من أن تميد بأهلها، وتسيخ بحملها، أو تزول عن مواضعها)).

إن أمير المؤمنين (ع)يريد أن يُثبت أن الأرض لولا الجبال التي أعطتها الاستقرار والتوازن لمادت، وساخت وتداخل بعضها في بعض، وتدمرت ولم يكن لها أي استقرار على حالتها من الحركة والدوران حولنفسها.

ـ الخلاصة:

إذن نستطيع تلخيص ما ذكره القرآن بثلاث حركات للأرض:

الحركة الرحوية: التي يدور بها الجرم على نفسه.

والحركة الفلكية: التي يسبح فيها ولايحيد عنها.

والحركة المسيرية: التي يسير فيها الجرم ضمن كوكبة المجرة كلها إلى مستقر بها.

ومما يدل على الحركة الأولى قوله تعالى: (والأرض بعد ذلك دحاها) النازعات/30.

إن الله سبحانه بعد أن فتق الأرض وفصلها عن كتلة التجمع التي كانت متصلة بها، رماها في الفضاء وأدارها على نفسها كما يدير الماء الحصى عندما يدفع به على وجه الأرض.

وذلك من حكمة الخالق الحكيم، إذ لولا هذا الدوران لما كان الليل والنهار، ولا كانت الرياح، ولا نزلت الأمطار، ولا أمكن للحياة أن توجد في زمن من الأزمان، قال اللهتبارك وتعالى: (قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون * قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً إلى يومالقيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون * ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون) القصص/ 70 ـ 72.

ومما يدل علىحركة الأرض، وسيرها في فلكها المحدد لها، قوله تعالى: (والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم * والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم * لا الشمس ينبغي لهاأن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون) يس/ 36 ـ 39.

فقوله تعالى: (وكل في فلك يسبحون) صريح بأن كلاً من الشمس والقمر يسبح في فلك لا يسبح فيه الآخر. وإذاكان الشمس والقمر يسبحان في فلكيهما فغيرهما من الكواكب يسبح كل في فلكه.

اقتصر الله تعالى على ذكرهما دون غيرهما، لأنهما أظهر الكواكب للعيان، من باب إطلاق الجزءوإرادة الكل.

وأما ما يدل على سيرها الدائب إلى مستقرها الذي ينتهي فيه أجلها فقوله عز وجل: ( ... وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى) الزمر/ 4.

إن كلمة (إلى) تفيدانتهاء الجري المذكور قبلها، وإذا انتهى جريان الشمس والقمر انتهت حياتهما وحياة الكواكب التابعة لهما.

ولا يخفى أن المراد جنس الشموس والأقمار وما يتبعها.

فكلها في مسيرة كبرى دائبة إلى أجل ينتهي فيه هذا السير، وتكون النهاية الشاملة لسماء المجرة كلها.

وجاء في سورة (يس) أن حلول هذا الأجل يكون عند بلوغ كواكب المسيرةالمستقر النهائي، وذلك في قوله تعالى: (والشمس تجري لمستقر لها) فإن (اللام) هنا تفيد معنى (إلى)، والمعنى: والشمس تجري إلى مستقرها.

تلك هي الحركات الثلاث التي أثبتهاالقرآن الكريم لكل أجرام الفضاء قبل أن يثبتها العلم بمئات السنين.

أليس ذلك من دلائل إعجازه، وأنه وحي من لدن خبير عليم.

أما العلم فقد أثبت خمس حركات للأرض:

1ـ دورتها الرحوية حول نفسها في كل أربع وعشرين ساعة، التي يتألف منها الليل والنهار.

2 ـ دورتها الكاملة حول الشمس في كل سنة، التي يتولد منها الفصول الأربعة.

3 ـحركتها مع الشمس، التي تسير مع مجموعتها بالنسبة إلى النجوم المجاورة لها.

4 ـ حركتها مع الشمس ضمن مجرة التبانة، أي أن المجرة بجميع نجومها وشموسها تتحرك وتدور حولنفسها.

5 ـ حركتها ضمن مجرة التبانة، متباعدة عن أخواتها، كما تتباعد أخواتها عنها في حركة دائبة في الكون.

ـ القرآن يتجلى في تكوين: تربة الأرض والماء

ممااكتشفه العلم مؤخراً، هو أن الأرض مهما اختلفت أنواعها لها مسام بتخللها الهواء.

بل إن اختلاف حجم المسام وعددها هو السبب الرئيسي في اختلاف نوع الأرض.

فالأرضالطينية السوداء تحبس الماء، لأن مسامها ضيقة، بينما الأرض الرملية ذات المسام الواسعة لا تحفظ الماء، إذ ينصرف منها بسرعة، والأرض الصفراء وسط بين هذين النوعين منالأرض.

وقد عرف أخيراً أن هذه المسام بها هواء، وأن نزول الماء على الأرض يدفع الهواء أمامه ويحل محله.

ومع تقدم العلم والاختراع عُرف أن الطين يتمدد بالماءوينكمش بالجفاف.

وعُرف أيضاً أنه عند امتلاء مسام الأرض بالماء تتحرك جزئيات الطين بقوة دفع الماء في المسام، فكأن الأرض، إذا ما نزل عليها الماء، تتحرك وتزداد فيالحجم.

قال الله تعالى: (وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج) الحج/ 5.

ـ القرآن يتجلى في تكوين الجبال: التي هي أعمدة لتثبيتالأرض

قال تعالى: (وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم .. ) النحل/ 15.

وقال تعالى: (والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي .. ) الحجر/ 19.

وقال تعالى: (ألم نجعل الأرض مهاداً* والجبال أوتادا) النبأ/ 7.

وقال تعالى: (وإلى الجبال كيف نصبت) الغاشية/ 19.

هذا نموذج من الآيات التي تذكر أن الجبال هي أعمدة وأوتاد للأرض، وبها أصبحت راسية ثابتةمحمية من الاضطراب.

ويتكون القلب الداخلي على الأرجح، من مادتي الحديد والنيكل في حالة صلبة ودرجة حرارة عالية تصل إلى/ 500 درجة مئوية، ومن ثم القلب الخارجي من نفسالمادة ولكنه أقل حرارة من الداخل وهو سائل.

ويتكون الرداء من الصخور المنصهرة.

وأما القشرة: فيبلغ سمكها من/ 20 إلى/ 25 ميلاً في المتوسط تحت القارات ويزداد إلى ضعفهذا المقدار تحت الجبال العالية.

والقشرة هي الجزء الهام الذي يغطي سطح الأرض.

ومن المعروف علمياً أن قشرة الأرض أكثر عمقاً تحت الجبال، مما يؤكد وجود جذور لسلاسلالجبال العالية تصل إلى عمق قدره/ 40 ميلاً تحت سطح الأرض طبقاً لأحدث قياسات القرن العشرين، مع العلم بأن أعلى قمم الجبال المعروفة تصل إلى ارتفاع 8884م فوق سطح الأرض.

وقد شبه سبحانه الجبال بالأوتاد، لأن الخيمة عند العرب لا تثبت إلا بالأوتاد التي تُغرس في الأرض، وبقدر ما تكون الخيمة كبيرة ينبغي على الأوتاد أن تكون كذلك لتثبيتها.

فقال سبحانه: (ألم نجعل الأرض مهاداً * والجبال أوتاداً) النبأ/ 6 ـ 7.

فالأوتاد تغوص تحت الأرض لتمسك الخيمة بقوة المطرقة.

بينما الجبال تغوص تحت الأرض بقوةالجاذبية، هكذا يُقرر العلم.

ووظيفة الأوتاد هو تثبيت الخيمة ومنعها من الوقوع.

بينما الجبال تعمل كهيكل عظمي يُمسك بالأنسجة التي تمثل الأرض المحيطة بالجبال.هذا ما يقرره العلم أيضاً.

وقد أثبت العلم: أن الجبال راسية في الأرض! كما ترسي السفن في البحار.

لأن الجبال المكونة من مواد صلبة تطفو بعمق متوازن مع حجمها فيالتراب الرخو كالسفن الراسية في عرض البحار.

ومن المدهش أن القرآن الكريم استعمل فعل (أرسى) وكأنه يشبه الجبال الراسية في التراب بالسفن الراسية في المياه، فقالسبحانه: (ألم نجعل الأرض كفاتاً * أحياءً وأمواتاً * وجعلنا فيها رواسي شامخات) المرسلات/ 25 ـ 27.

وهكذا نجد العلم يكتشف ما قاله القرآن الكريم، بعد مئات السنين من نزوله.

إن الرسول الكريم وآله الأطهار (صلوات الله عليهم أجمعين) كانوا قد وعوا هذه الحقيقة بحيث رويَ عنه (ص) أنه قال: ((لما خلق الله الأرض جعلت تميد ـ أي تضطرب وتميل ـ فأرساهابالجبال)).

وهذا أمير المؤمنين (ع) يقول على ما روي عنه في خطب نهج البلاغة: ((ووتد بالصخور ميدان ـ أي اضطراب ـ أرضه)).

فإنه (سلام الله عليه) أشار إلى أن الأرض كانتمضطربة، وأنه سبحانه أرساها بالجبال ((فسكنت على حركتها))، وهذه الحركة ناجمة عن الاضطراب والميدان لا عن الحركة المقوننة والدوران.

إن القرآن يقول: إن هذه الجبالراسية في الأرض، متوازنة وحافظة لميدانها واضطرابها، ومع قساوتها وصلابتها، فإنها خاضعة لله تعالى، متصدعة من الذل والخشوع له سبحانه.

قال تعالى: (لو أنزلنا هذاالقرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون) الحشر/ 21.

بإمكاننا القول: إن كل ما على الأرض من مخلوقات: إنسانهاوحيوانها ونباتها وحتى صخورها وحديدها وفولاذها، كلهم يسبحون بحمد الله ويقدسونه، ولكن لا نفقه تسبيهم، لأن لكل لغته الخاصة.

قال تعالى: (وإن من شيء إلا يسبح بحمدهولكن لا تفقهون تسبيحهم) الإسراء/ 44.

أما وعندما تدق ساعة النهاية، نهاية الحياة، ونهاية الدنيا، ونهاية الأرض، عندها يُرحل الإنسان عن الأرض، ويخرج منها: إما إلىنعيم دائم في جنة الخلد وإما إلى عذاب دائم في نار الجحيم، يومها تدمر هذه الأرض، وتحطم تلك الجبال الراسية، التي كانت بمثابة الأعمدة والأوتاد للأرض، وتطير بالهواءخفيفة كالقطن أو الصوف، قال تعالى: (وتكون الجبال كالعهن المنفوش) القارعة/ 5.

وفي آية أخرى عبر سبحانه عنها بأنها مثل الرمل، فقال تعالى: (وكانت الجبال كثيباً مهيلاً)المزمل/ 14.

وفي آية ثالثة قال عنها سبحانه أنها تسير: (وإذا الجبال سيرت) التكوير/ 3.

وهكذا نرى أن العلم يتفق مع قول الله تعالى بأن لهذا الكون نهاية وأنه سيعود إلىأصله الذي بدأ منه. فالأرض بجبالها الضخمة، وكل ما عليها وحتى الكواكب والمجرات لابد لها من نهاية كما قال سبحانه: (كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين)الأنبياء/ 104.

بعد هذه الجولة في رحاب الأرض، لابد من ذكر تعداد الأرضي، وكم يوجد مثل أرضنا، وهل هناك أحياء عليها أم لا؟

قال القرآن الكريم أن الأراضي عددها مثل،السماوات، سبع: (الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن) الطلاق/ 12.

وأما في الأدعية والأخبار فقد ورد ذكر تعداد الأراضي كثيراً.

روي عن أبي عبدالله الصادق (ع)أنه سُئل عن السماوات السبع؟

فقال: ((سبع سماوات ليس منها سماء إلا وفيها خلق، وبينها وبين الأخرى خلق، حتى ينتهي إلى السابعة)).

قلتُ: والأرض؟

قال (ع): ((سبع،منهن خمس فيهن خلق من خلق الرب، واثنتان هواء ليس فيهما شيء)) وسائل الشيعة/ ح رقم 2645.

هذا كل ما نعلمه عن الأراضي من هذا الطريق، التصريح بوجودها فقط، وحصر عددهابالسبعة.

وأما من ناحية العلم العصري، فإنه لم يتوصل إلى معلومات تذكر، سوى ما ذكرته جريدة السفير اللبنانية الصادرة بتاريخ 28 / 10 / 1995م نقلاً عن مجلة (نيوساينتست) عنأحد العلماء الأمريكان، قوله: باحتمال أن يكون هناك حياة في المريخ، وهو كوكب أحمر اللون، مترب، وشديد البرودة.

ـ القرآن يتجلى في تكوين القمر: مصباح الأرض ورفيقها

قال الله تعالى: (ألم ترَ كيف خلق الله سبع سماوات طباقاً * وجعل القمر فيهن نوراً وجعل الشمس سراجاً) نوح/ 15 ـ 16.

وقال تعالى: (وسخر لكم الشمس والقمر دائبين) إبراهيم/ 33.

وقال سبحانه: (فائقُ الإصباح وجعل الليل سكناً والشمس والقمر حسباناً ذلك تقدير العزيز العليم) الأنعام/ 96.

هذه بعض الآيات التي ذكرها الله في كتابه المجيد والتيتتحدث عن القمر.

فالقمر جرم غير منير بذاته، ولكنه يستمد نوره بانعكاس ضوء الشمس عليه، فهو كالمرآة يعكس نور الشمس إلى الأرض، بينما نور الشمس ذاتي، فهي مشتعلة أبداًإلى ما شاء الله سبحانه.

وهذا ما صرح به القرآن الكريم بقوله تعالى: (وجعل القمر فيهن نوراً وجعل الشمس سراجاً) نوح/ 16.

وصرح العلم أيضاً بأن القمر تابع للأرض،يسايرها، ويدور معها، بنفس دورتها من الغرب إلى الشرق.

وأن له وجهين: وجهاً مضيئاً أبداً لمواجهته للشمس، ووجهاً مظلماً أبداً لأنه مول لها ظهره.

وأن له دورتين:دورة حول نفسه، ودورة حول الأرض.

وقد قضت حكمة البارئ سبحانه أن يتم الدورتين في آن واحد.

ذلك أن الأرض تتم دورتها حول نفسها في يوم كامل، وتتم دورتها حول الشمس فيسنة كاملة، أي تدور حول نفسها/ 365 دورة في السنة.

أما القمر فيتم دورته حول نفسه وحول الأرض معاً في مدة شهر قمري واحد أي أنه في المدة التي يدور بها حول الأرض لا يدورعلى نفسه إلا مرة واحدة، يتجه بها دائماً بوجه نحو أمه الأرض، لا يوليها ظهره أبداً.

وقضت حكمة الخالق الحكيم أن يقطع القمر في دورته الشهرية كل يوم/ 13 درجة، ويتأخر كليوم/ 49 دقيقة نحو الشرق، ليكشف للأرض عن جانبه المنير كشفاً متدرجاً، يبدأ به هلالاً، ثم بدراً، ثم يرجع كالعرجون القديم، حتى يختفي ويطلع بعد/ 29 يوماً و / 8 ساعات هلالاًجديداً، نعرف به عدد السنين والحساب.

وهذا ما أشار إليه سبحانه في الآية: ( .. والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصلالآيات لقوم يعلمون) يونس/ 5.

ويُعتبر القمر أقرب أجرام السماء إلى الأرض، فإن بعده عنها حوالي/ 240 ألف ميل تقريباً.

ولا يوجد قمر متناسب مع أرضه كما هو قمرناالحالي، مع كثرة ما اكتشف العلم من أقمار تابعة إلى الكواكب الأخرى، فلو لم يكن القمر يدور حول نفسه وحول الأرض في آن واحد، ولو لم يكن يقطع في دورته كل يوم/ 13 درجة، ويتأخرنحو/ 49 دقيقة لما كان يتنقل في منازله المختلفة، لنرى وجوهه المتغيرة ولما كان يتم الدورة في شهر واحد ليستأنف شهراً جديداً، نعرف به عدد السنين والحساب.

لو نظر أهلالعلم إلى هذا التكوين البديع، المحكم، المقدر بدقة متناهية، لتعرفوا على الخالق القادر الحكيم سبحانه.

إن العالم العاقل يعلم أن القمر له تأثير كبير على الأرض،وعلى دوام الحياة عليها.

فلو كانت المسافة بين القمر والأرض أقل مما هي أو أكثر، أو كان حجمه أكبر مما هو أو أصغر، أو كانت دورته أطول أو أقصر، لاختل هذا النظام كله بللربما زال القمر من الوجود، لأنه لو قرب من الأرض لزاد جذبه، فأصب المد في البحار طاغياً، يغمر اليابسة كلها، ولو زاد أكثر لجذبته الأرض إليها، وزال من الوجود.

ولوبعد عن الأرض لتعطل عمل المد والجزر بقلة الجذب، ولو زاد البعد أكثر لانجذب لكوكب آخر غير الأرض، وخسرت الأرض فوائده.

ولو كان حجمه أكبر مما هو عليه لزادت قوة جذبه،ولو كان أصغر من ذلك لقلت.

وهكذا لو كانت دورته مثل دورة بقية الأقمار التابعة لكواكب أخرى قصيرة قصيرة في ساعات، أو طويلة طويلة في سنين لاختل النظام الذي جعله اللهلأهل الأرض حسباناً، وعاد شهرنا القمري أسبوعاً، أو سنين!.

فهل هذا النظام الدقيق، وذاك القانون المتقن، إلا دليل على عظمة المكون والمدبر عزوجل!! سبحان الله وتعالىعن جهل الجاهلين، وعناد المعاندين؟.

(وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون) الزمر/ 67.

ـالقرآن يتجلى في: تكوين المياه

هذا الماء وسره الكبير!

مَن الذي سطح البحار، وأوقد من تحتها النار؟

مَن الذي طير الماء البخار، فحمله السحاب وسار؟

مَنالذي وزع السحاب في الأقطار، ليسقي به الأراضي القفار؟

مَن الذي جعل الجبال للماء قراراً، وفتق منها الجداول والأنهار؟

مَن الذي جعل المياه موزعة بعدل على أقطارالأرض لتأخذ اليابسة حقها من الأمطار؟

مَن الذي أحكم هذه الأسرار؟ وضبط هذه المقادير بمقدار؟

إنها حكم الواحد القهار، ذي المن والفضل والاقتدار.

قال اللهتعالى: (أفرأيتم الماء الذي تشربون * أأنتم أنزلتموه من المُزن أم نحن المنزلون) الواقعة/ 68 ـ 69.

وقال تعالى: (الله الذي خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماءً فأخرجبه منن الثمرات رزقاً لكم) إبراهيم/ 32.

وقال تعالى: (والله الذي أرسل الرياح فتثير سحاباً فسُقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور) فاطر/ 9.

أثبتَالعلم أن البخار المتصاعد من الأرض والذي تحمله الرياح إلى طبقات الجو العليا، يحمل كثيراً من الأحياء المجهرية المضرة، لكن أشعة الشمس، وخاصة الأشعة ما فوق البنفسجية،وما تحت الحمراء، وغاز الأوزون ـ وهو غاز مطهر قاتل للجراثيم ـ والبرق، ومركبات كيميائية أخرى موجودة في مختلف طبقات الغلاف الجوي، هي التي تجعل الماء طهوراً بقتلهاالجراثيم والأحياء المجهرية التي تحملها الغيوم والرياح.

ـ القرآن يتجلى في: تكوين المياه العذبة

الماء بمنظار العلم والعلماء له قانون، ونظام، وناموس لا يحيدعند أبداً!

كان اعتقاد العلماء سابقاً أن مصدر المياه هو السماء، ولا أحد يعرف كيف تمطر السماء. وبقي هذا الاعتقاد سائداً حتى أوائل القرن العشرين حيث أثبت العلم أنالأرض كانت كتلة ملتهبة بعد انفصالها عن الشمس، وأنه بعد مرور ملايين السنين بردت أجزاؤها الخارجية تدريجياً بفعل فقدانها لبخار الماء المتصاعد منها، والذي ما لبث أنتكثف وتحول إلى غيوم بعد وصوله إلى الطبقات العليا من الجو، ثم تساقط أمطاراً على الأرض الملتهبة التي حولته من جديد إلى بخار، وهكذا دواليك.

وقد أشار الله سبحانه إلىأن الماء من الأرض بقوله: (والأرض بعد ذلك دحاها * أخرج منها ماءها ومرعاها) النازعات/ 30 ـ 31.

وأما المياه الجوفية، التي تخرج من جوف الأرض عن طريق الأنهار والجداولوالينابيع، فقد كان المعتقد السائد بين العلماء حتى القرن السابع عشر أنها تأتي من البحر، الذي تتسرب مياهه إلى جوف الأرض حيث تتخلص من ملوحتها، وتتخزن في باطنها، ثمتتفجر ينابيع وجداول وأنهاراً.

وفي سنة/ 1670م أتى العالم الفرنسي (كلود بيرو) ومن بعده (ماريوت) الذي أثبت بصورة حسابية قاطعة أن كمية المياه المتواجدة في الأنهارمتعلقة بصورة مباشرة بكمية المياه المتساقطة من السماء.

وكان القرآن الكريم قد أشار إلى ذلك منذ مئات السنين بقوله سبحانه وتعالى: (وأنزلنا من السماء ماءً بقدرفأسكناه في الأرض) المؤمنون/ 18.

وقال تعالى: (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماءً فسلكه ينابيع في الأرض ... إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب) الزمر/ 21.

وقال سبحانهأيضاً: (وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماءً فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين) الحجر/ 22.

إذن لقد أثبت العلم ما أشار إليه القرآن الكريم، وهو أن دورة المياهالعذبة التي تخرج من البحار بوساطة التبخر الحاصل من حرارة الشمس التي تضرب الأرض بصور مختلفة بين المناطق الإستوائية والمعتدلة والقطبية، هي التي تحول قسماً من هذهالمياه إلى بخار غير منظور.

ومن جهة أخرى فإن ما يساعد على تسخين مياه البحار والمحيطات هو حرارة جوف الأرض الذي ما زال على أصله من الانصهار والحم والدرجات العاليةمن الحرارة.

يرتفع هذا البخار في الجو فتحمله الرياح إلى الطبقات الباردة، حيث يتكثف ويتحول إلى غيوم مرئية.

وما الغيوم في الحقيقة إلا قطيرات مائية صغيرة جداً.قال تعالى: (هو الذي يريكم البرق خوفاً وطمعاً وينشئ السحاب الثقال) الرعد/ 12.

وهكذا نجد أن دورة المياه من الأرض، وإلى الأرض تعودن لا يزاد عليها شيء، ولا ينقص منهاشيء.

ـ القرآن يتجلى في: نعمة البحار وأسرارها

قال تعالى: (الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفُلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون) الجاثية/ 12.

وقالتعالى: (ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمة الله) لقمان/ 31.

نعم الله لا تُعد ولا تُحصى، ومن نعمه سبحانه أن خلق البحار على الحالة التي هي عليها، من العمق والملوحة،وملأها بالأسماك التي هي من أعظم الأغذية للإنسان، وخلق فيها كثيراً من الحيوانات المفيدة له.

وجعلها سبحانه أيضاً قابلة لمل السفن التي تسير فيها من بلد إلى بلد،للتواصل والتجارة.

فلولا هذا السطح العظيم من الماء الذي يغمر ثلثي الكرة الأرضية، لما تمت عملية التبخر، ولما تمت عملية المطر الدورية، التي هي قوام الحياة علىالأرض.

ولو جعل ماء البحار عذباً، لدبّ فيه الفساد، بما فيه من الحيوانات، وبما يصب فيه من سواقط اليابسة. ولو جعل في ناحية منعزلة من الكرة الأرضية، غير مفرق بينالقارات، لتعطلت دورة المياه العجيبة، في صعوده من البحر بالتبخر، وعودته إليه من طريق الأنهار والأمطار، ولعادت اليابسة مستنقعاً لمياه الأنهار.

وقد ذكر سبحانه فيآيات كتابه المجيد نعمة جريان السفن في البحر، (وفيه إشارة خفية إلى قانون (أرخميدس) الذي تُبنى على أساسه الفلك).

فهل كان هذا الناموس المحكم المتزن الدقيق، الذي يجعلكل جسم غاطس في الماء يتلقى من الأسفل إلى الأعلى دفعاً عمودياً قائماً مساوياً لوزن الماء المعادل لحجمه.

فإذا فاق وزن الجسم وزن الماء غرق، وإن نقص عنه طفا!.

هذاالناموس الذي بسره تسبح الأسماك، ويستطيع الإنسان أن يبني سفناً كالأعلام، ضخامة، وإتساعاً، ووزناً.

ويجعلها لو شاء من حديد، ويحمل في جوفها ما شاء من الأثقال،ويضمن بالحساب الدقيق أن يلقيها في البحر فلا تغرق!.

ـ القرآن يتجلى في البرزخ: بين البحار والأنهار

إن ما لفت نظر أهل العلم في زماننا هو أن مياه بعض البحار لاتمتزج مع مياه بحر آخر، فمثلاً عندما تلتقي مياه المحيط الأطلسي بمياه البحر الأبيض المتوسط لا تمتزج المياه مع بعضها! بل إن مياه المتوسط تسير تحت مياه الأطلسي، لأنهاأثقل منها.

وكذلك عندما تلتقي مياه البحر الأسود بمياه المتوسط عند مضيق (البوسفور) فإنهما يشكلان ماءين متلاصقين فوق بعضهما البعض، مياه البحر الأسود فوق مياه البحرالأبيض المتوسط، لأن المتوسط أشد ملوحة فهو أثقل من الأسود.

ومن المعروف أن مياه الأنهار الحلوة لا تمتزج مع مياه البحار والمحيطات المالحة، فإنها يمكن أن تختلط معهافي مكان مثل اختلاط الزيت مع الماء، ولكنها لا تمتزج بها بحيث يذوب أحدها بالآخر.

فإن ماء نهر (الأمازون) الذي يصب في المحيط الأطلسي يجعل الماء حلوة إلى مسافة مئاتالكيلومترات.

وهناك أنهار لا تمتزج مع أنهار أخرى، مثل نهري (الكنج) و (الجامونا) في مدينة (الله آباد) في الهند.

وفي باكستان الشرقية أيضاً هناك نهران يسيران جنباًإلى جنب ولا يمتزجان مع بعضهما، ويمكن مشاهدة أحدهما منفصلاً عن الآخر، وكأن هناك حداً يفصل بينهما.

وقد أشار سبحانه وتعالى بكثير من آيات كتابه المجيد إلى هذهالخاصية للماء، وأن هناك برزخاً وحاجزاً بين المياهين لا يبغي بعضها على بعض، ولا يمتزج بعضها ببعض.

قال تعالى: (وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملحأُجاج ومن كل تأكلون لحماً طرياً تستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون) فاطر/ 12.

وقال تعالى: (وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فراتوهذا ملح أُجاج وجعل بينهما برزخاً وحجراً محجوراً) الفرقان/ 53.

وقد قيل: أن من الأسباب التي جعلت عالم البحار المعروف (خوستو) يعتنق الإسلام قوله تعالى:

(مرجالبحرين يلتقيان * بينهما برزخ لا يبغيان) الرحمن/ 19 ـ 20.

أوَليس هذا النظام الدقيق، والقانون العميق دليلاً على عظمة الخالق المكون سبحانه وتعالى؟.

ـ عظمة القرآنالكريم:

يقول أحد الغربيين الذين اعتنقوا الإسلام: هل يتأتى لجميع فلاسفة العالم أن يثبتوا غلطة واحدة في القرآن، حتى لو ارتكنوا إلى كل ما في أيديهم من العلومالعصرية؟!.

إنهم لو وجدوا فيه خطأ صغيراً ما كانوا إلا مظهريه.

ولكن أنى لهم ذلك، والعلوم كل يوم في تبدل وتغير، وفي كل لحظة تظهر معان باهرة لآيات قرآنية، ما كنالنفهم معناها إلا بعد تقدم العلوم؟.

لنضرب لذلك مثلاً: كان الفلكيون يدعون أولاً أن الأرض ثابتة والشمس متحركة، ثم قالوا: بل الأرض متحركة والشمس ثابتة، ثم جاءوااليوم يقولون علمنا الآن أن كلاً في فلك يسبحون، وأن الشمس تجري لمستقر لها.

من هنا علمنا أن العلوم تتغير وتترقى، وأن القرآن ثابت لا يتغير بالحوادث.

فإن وجد فيالكتاب الحكيم شيء لا نفهمه، لوجب علينا أن ننتظر رقى العلوم وأن لا نشك لحظة في صحة القرآن.

* المصدر:القران يتجلى في عصر العلم


/ 1