قرینة المجاز العقلی فی القرآن نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

قرینة المجاز العقلی فی القرآن - نسخه متنی

محمد حسین الصغیر

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

د

د. محمد حسين الصغير

قرينة المجاز العقلي في القرآن


وانتشار المجاز العقلي في القرآن يوحي بأصالة كنهه البلاغي دون ريب في نص هو أرقىالنصوص العربية على الإطلاق، وهو وإن كان متعلقاً بالإسناد الجملي لا بألفاظ مجردة، ولكن لا بد من قرينة تدلنا على إرادة الاستعمال المجازي دون الحقيقي، وقد قسموا هذهالقرينة الدالة على ذلك إلى:

1_ قرينة لفظية، وتستفاد من إطلاق اللفظ فتدرك بها موضع المجاز باعتبارات لفظية تنطق بها الكلمات، حتى أنك بعد التحقيق لا يخامرك شك فيإرادة المجاز، وأمثلة ذلك كثيرة في القرآن الكريم:

أ_ قوله تعالى: (وَقيلَ يا أرضُ ابلعي مآءَكِ ويا سماءُ أقلعي).

لقد عبر سبحانه وتعالى عن إرادته في الكينونةالمطلقة، على سبيل المجاز بـ 'قيل' وإنما هي أمر كائن لا محالة، وكانت قرينة هذا المجاز خطاب من لا يعقل، وهو الجماد الذي لا يخاطب 'يا أرض' و 'يا سماء' إذ هو ليس مما يعيالخطاب، أو يدرك الأمثال، فكان ذلك قرينة لفظية في دلالة هذا المجاز العقلي.

ولك أن تقول أن الله قادر على أن يخاطب الجماد، ويجيب ذلك الجماد، فيكون ذلك على سبيلالحقيقة، وحتى لو حصل هذا على سبيل الإعجاز، فلا مانع منه، ويبقى المدرك مجازياً لأنه في العموم خطاب لمن لا يعقل ولا يجيب ولا يسمع ولا يتكلم، وإن سمع وأجاب وامتثل علىسبيل الإعجاز.

ب_ وفي قوله تعالى: (فَوَجدا فيها جِداراً يريدُ أن يَنقضَّ فأقامهُ قالَ لو شِئتَ لتَّخذت عليهِ أجراً).

يتجلى المجاز العقلي مستشرفاً إذ الجدار ليسكائناً ذا إرادة، ولا هو بمريد شأن من يريد في الفعل أو الترك، ولكنه البعد المجازي الذي وهب الحياة للجماد، وأشاع الحسّ في الكائنات، وكذلك التعبير الموحي الذي أضفى صفةمن يصدر عنه الفعل على من لا يصدر عنه الفعل، وحقيقة من يريد على من لا يريد في الأصل. وكانت قرينة هذا المجاز إرادة هذا الجماد وهو لا يريد.

ج_ وفي هذا السياق يجب أننلاحظ ما لاحظه ابن قتيبة (ت: 276 ه‍) من ذي قبل، من أن هذه الأفعال ونظائرها _ونعني بها أفعال المجاز كما في الأمثلة السابقة _أفعال لا تخرج منها المصادر، ولا تؤكدبالتكرار، فلا تقول: أراد الحائط أن يسقط إرادة شديدة، فليس هذا من كلام العرب، فإذا جاء التوكيد بالمصدر علمت أن ذلك مبني على الحقيقة، والله تعالى يقول: (وَكَلَّم اللهموسى تكليماً). فوكد بالمصدر معنى الكلام، ونفى عنه المجاز. وقال تعالى: (إنّما قَولنا لشيءٍ إذا أردناهُ أن نقولَ له كُن فيكونُ) فوكد القول بالتكرار، ووكد المعنى بأنما،فكان ذلك على سبيل الحقيقة لا المجاز.

2_ قرينة غير لفظية، وتستفاد من الجملة باستحالة صدور ذلك الشيء من فاعله عقلاً، وإنما يكون من أمره، وفي نطاق مقدوره ودائرته،وقد ورد ذلك في القرآن العظيم بأكثر من موضع، وتكرر وجوده في مختلف الجزئيات بأكبر من ملحظ:

أ_ قوله تعالى: (وجاء ربُّكَ والملكُ صفا صفا).

فالمجيء هنا لأمر اللهوقدرته وقوته وإرادته، وليس لذاته القدسية، لأنه لا يوصف بالذات المتنقلة: القادمة أو الذاهبة أو المتحركة. تعالى عن ذلك علواً كبيراً. وإنما هذا على سبيل من قوله تعالى:(فإذا جاءَ أمرُ اللهِ قُضي بالحقِ وخَسِرَ هُنالك المبطلونَ).

وقوله تعالى: (يا إبراهيم أعرض عن هذا إنّهُ قد جاءَ أمرُ ربكَ...). وقوله تعالى: (إلا أن تأتيهُمُالملائكةُ أو يأتي أمرُ ربك).

وهنا نكتة بلاغية جليلة، فالله سبحانه وتعالى كما لا يجوز عليه المجيء بالوجه الذي بيناه، فإن أمره لا يمكن أن يأتي أو يجيء إلا على وجهمجازي محض، فأمر الله تعالى يصدر، ولا يأتي، وينفذ ولا يجيء، ويطبق ولا يناقش، ولما جاء التعبير عنه بالقرآن بالإتيان تارة، والمجيء، ويطبق ولا يناقش، ولما جاء التعبيرعنه بالقرآن بالإتيان تارة، والمجيء تارة اخرى، علمنا هنا من دلالة النص الفنية، وبذائقة فطرية خالصة أن تأكيد صدوره وكونه قدراً مقضياً، قد أكد بالإتيان والمجيءللتعبير عن حتمية وقوعه جزماً، وتجسيد نفاذه فوراً حتى شخص وكأنه قادم آت متمثل قائم.

ب_ وفي قوله تعالى:

(الرَّحمن على العرشِ استوى).

مجاز عقلي تقتضيه ضرورةأن الله سبحانه وتعالى ليس قالباً حسياُ، ولا مثالاً مرئياً، ولا جسماً متحركاً يعرض للتنقل كأجسامنا، فاستواؤه هنا سيطرته وقدرته وإحاطته حتى لا يفوته شيء، كما يستويصاحب الملك على أطراف مملكته، إذ ليس لمعنى الاستواء بالنسبة إليه تعالى تطبيق خارجي، أو مدرك وجودي ينطبق على ذاته القدسية، كانطباقه على إستوائنا وسيطرتنا من إحكامللأمر، أو ضبط للشؤون، بأسباب وحراس أو قوى وأجهزة مادية، وإنما ذلك بالنسبة للباري عز وجلّ فوق مدرك عقولنا إذ هو حقيقة تعبيرية عن الإحاطة المطلقة التي لا تفوتهاالجزئيات غير المرئية، وتنظير للاستقطاب التام الذي لا يحتاج معه إلى مساعد أو معين أو موقّت، وتمثيل لاستيلائه على العوالم الكونية، والمكنونات العلوية والسفلية دونالنظر في الوسائل والأسباب والمعدات، فيكفي أنه استولى على هذه الشؤون بهذه الشمولية في سيطرة فعلية أفادها معنى الاستواء بالنسبة اليه، وهذا لا يمانع أن يكون لفظ العرشفي الآيتين قد جاء على طريقة المجاز اللغوي في نقلة عن الأصل، للدلالة على الملك المطلق غير المحدود مراعاة لإدراكنا المحدود في تصور العرش حينما يجلس عليه ذو الملك وهوفي أطراف دولته، أو جالساً على سرير مملكته، وتعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

ج_ وفي قوله تعالى: (سنفرغُ لكُم أيهَ الثَّقلان)، نلمس مجازاً عقلياً نستفيده لا بقرينةلفظية مقالية، بل بقرينة معنوية حالية، أدركها العقل، وسلّمت بها الفطرة من خلال أحكام الألفاظ في العبارة، وسياق الإسناد في التركيب، فالله سبحانه وتعالى لا يشغله أمرعن أمر، ولا يلهيه شأن عن شأن، فهو قائم لا يسهو، وإنما أراد بهذا التفرغ، التوجه نحو الثقلين توجه المتفرغ الذي لا يعنيه غير هذا الموضوع في الوقت الذي يدير فيه جميعالعالم، ويستوعب جميع صنوف التدبير، وذلك على طريقة العرب في سنن الكلام لدى التعبير عن التهيؤ والجد والتشمير، فهو قاصد إليهم بعد الترك في فسحة الحياة ومحيط بهمالإمهال قبل الموت، لا أنه كان مشغولاً ففرغ، أو في كائنة وانتهى منها؛ وإنما هو المجاز بعينه الذي أشاع روح الرهبة في الوعيد، وانتهى بأجراس النقمة في المجازاة، دون شغلأو عمل صارفين.

د_ وتبقى ميزة التعبير القرآني مقترنة بالأسلوب العربي المبين، في وضع المجاز بموضعه المناسب من الفن القولي، حتى يكتسب ذلك التعبير في مجازيتهالعقلية طائفة مشرقة من الاعتبارات الإيحائية، التي تلتصق بالمعاني الأصلية، أو هي مقاربة ومجاورة لها، كما هي الحال في استعمالات المجاز العقلي في القرآن، بما يتوصلإليه بقرينة ذهنية نصل معها إلى مناخ مجازيته الفعلية بما أضفته من مسلك دقيق قد لا تتوصل إليه إلا الأفهام الثاقبة، والطباع الرقيقة، كما في قوله تعالى: (والسماءِ ذاتالرَّجع، والأرضِ ذات الصَّدع، إنَّهُ لقولٌ فصلٌ، وما هوَ بالهزلِ).

فأنت ترى أن الفصل والهزل، وهما ههنا وصفان للقرآن الكريم، والوصفية هنا قد تكون أدل على المعنىالمراد من المصدرية؛ وذلك لأن الوصفية قد تغطي الدلالة الإيحائية مضافاً إلى الدلالة المركزية بأن: هذا الوصف فضلاً عن كونه مصدراً فهو مما يصلح أن يوصف به هذا الكتابالعظيم، فيكون التأكيد على جديته وحاكميته أرقى من خلال التعبير النافذ، فيكون ذلك ألصق به، والمراد منه أشد وضوحاً من إرادة المصدر بمفرده، فاشتمل على المعنيين بوقتواحد، وهذا أبرز معلم من معالم الاستعمال المجازي في القرآن.



المصدر : مجاز القرآن

/ 1