عمر الإمام المهدی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

عمر الإمام المهدی - نسخه متنی

السید علی السبزواری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الوجه الأول، الإمكان

أجوبة الشبهات

فإذا أراد الخصم تكرار شبهاته، لا سيما ما يتعلّق منها بطول عمر المهدي الموعود عليه الصلاة والسلام، فيمكن الجواب عنها بوجوه:

الوجه الأوّل: الإمكان

إنّ طول عمر فرد من أفراد الإنسان تارة يبحث عنه من حيث الإمكان العام ـ وهو الذي يقع في مقابل الواجب والممتنع ـ وأخرى من حيث الإمكان الخاص ـ وهو الذي يكون بالنسبة لموضوع خاص، كعمر إنسان معيّن ـ فإنّ غير الممتنعات إنّما يقع البحث عن إمكانها بأحد هذين الوجهين على سبيل منع الخلو.

الإمكان العام:

أمّا البحث عن الإمكان العام في طول الأعمار فلم ينكره أحد، إذ لم يقل فرد بأنّه من الممتنعات الذاتية ـ كاجتماع النقيضين واجتماع الضدّين ـ وبذلك يعترف الخصم أيضاً، فلا جدوى في البحث عن هذه الجهة.

الإمكان الخاص:

أمّا الإمكان الخاص، فتارة نبحث فيه من حيث قدرة الخالق البارئ العظيم جلّ وعلا، وأخرى من حيث استعداد المخلوق وقابليته لإطالة العمر ـ أي وجود المقتضي لطول العمر ـ وثالثة من حيث وجود المانع بعد التسليم بتماميّة المقتضي، فإذا بحثنا عن هذه الجهات وتمّ الكلام فيها فلا بدّ للخصم من الاعتراف.

جهات الإمكان:

ويمكن بحث هذه الجهات كما يلي:

الجهة الأولى : قدرة الخالق

لا ريب أنّ البحث فيها من المسلمين، بل المعترفين بالخالق من جميع الملّيين غير صحيح، لأنّ إنكاره يستلزم نسبة العجز إليه سبحانه وتعالى، وبطلانه عند الجميع من الواضحات.

أمّا المنكرين للخالق من الدهريين والماديين وغيرهم، فلنا معهم كلام آخر ليس المقام موضع ذكره.

الجهة الثانية: المقتضي

والصحيح أنّ كل إنسان بحسب استعداده له القابلية للبقاء وطول العمر، وذلك لأنّ الذي يحكم بهذا الأمر إمّا العقل، أو العلوم والتجارب وأهل الخبرة، أو الشرع

أولاً: العقل:

إنّ العقل إمّا أن يحكم في هذا الموضوع الذي نبحث فيه بالتحديد وأنّ أعمار الإنسان مؤقّتة ومحدودة بوقت خاص، أو يحكم بالإطلاق فيه، أو يتوقّف ولا يحكم بأحد الأمرين.

وفي الأوّل لا بدّ من التوقّف عند ذلك الحدّ والقيد، فإذا تعدّى فرد من أفراد الإنسان ذلك العمر المحدود إنّما يكون من خرق العادة، وحينئذ لا تكون قاعدة مطّردة باعتراف الجميع.

وفي الثاني لا قيد ولا تحديد في الأعمار وإن كان خلاف الطبع، وهو يحتاج إلى برهان.

وفي الثالث يتوقّف العقل في الحكم لا سلباً ولا إيجابياً.

ولا ريب أنّ حكم العقل بأحد الأمرين إنّما يكون من جهة إدراك الحسن والقبح ونحو ذلك ممّا له دخل في هذا الموضوع، أو يرجع إلى الحجّة والبرهان ممّا يقع تحت دائرة الحسن من التجربة والاختبار ونحوهما. ومسألة عمر الإنسان من الأخير دون الأوّل، والظاهر أنّه لم يختلف فيه اثنان، فإنّ موضوع البحث من الأمور العاديّة التي يدركها الإنسان من تلك النواحي التي ذكرناها آنفاً.

ومن المعروف أنّ أدل دليل على إمكان الشيء وقوعه في الخارج، وقد تحقّق العمر الطويل في بعض أفراد الإنسان، وأخبر بذلك الكتاب العزيز كما في نوح وغيره، وأثبته التأريخ المعتبر بما لا يصح إنكاره أبداً.

ثانياً: العلوم والتجارب:

إنّ التجارب الحديثة والعلوم الحياتية أقرّت بأنّ الإنسان لو خلّي وطبعه له قابلية البقاء وطول العمر إلى ما يشاء الله تعالى.

وقد ألّف العلماء في هذا الأمر كتباً ورسائل، ونشروا بحوثهم في المجلاّت العلمية المعتبرة، شأنه شأن غيره من الموضوعات التي كشفتها العلوم الحديثة وأقرّ بها الجميع.

ثالثاً: الشرع:

وسيأتي بيانه في موضوع ( المانع).

إذن؛ قد ثبت أنّ الإنسان له اقتضاء البقاء في الحياة وطول العمر ما لم يكن هناك مانع يرفع أو يمنع من تأثيره كما هو ثابت في علمي المنطق والفلسفة، فلا بدّ من البحث في المانع.

الجهة الثالثة: المانع

إنّ ما يمكن تصويره في المانع إمّا أمور طبيعية خارجية، أو أمر إلهي تكويني دلّ الدليل عليه من الشرع، فيستفاد منه أنّ عمر الإنسان محدود بفترة زمنية معينة لا يتجاوزها، وذلك لإرادة إلهية قاهرة تقهر العباد على الموت. وهذا ما يدّعيه بعضهم حيث تمسّك ببعض الأخبار.

أولاً: الموانع الشرعية:

القرآن:

إنّ من أمعن النظر في آيات الكتاب العزيز يرى خلاف ذلك، فإنّها بيّنت كثيراً من شؤون الإنسان، كخلقه وأدوار تكوينه وعمره في دار الدنيا وغير ذلك، ولكنها لم تتطرّق إلى مسألة تحديد العمر أبداً، لا من قريب ولا من بعيد.

فمثلاً إنّ قوله تعالى : ) وَاللهُ خَلَقَكُمْ ثُمّ يَتَوفّاكُم وَمِنْكُم مَن يُرَدّ إلى أَرْذَلِ العُمُرِ لِكَي لا يَعْلمَ بَعْدَ عِلْمٍ شيئاً إنّ اللهَ عَليمٌ قَديرٌ (. (1)

يبيّن الخلق وعمر الإنسان ووفاته، ولكنّه لم يشر إلى المدّة التي يعيش فيها، بل الإشارة إلى طول عمره حتّى يصل إلى مرحلة متأخّرة تؤثّر في بعض أحاسيسه وعلومه واضحة.

وكذا غيره ممّا ورد في حياة الإنسان في هذه الدار الفانية، فلم يرد فيها ما يرشد إليه، ولو على سبيل الإشارة والإيماء.

ولم يقدر الخصم أن يتمسّك بالكتاب العزيز لإثبات مطلوبه، إلاّ إذا كان على سبيل التفسير بالرأي، الذي هو مرفوض عند الجميع.

السنّة:

وأمّا الاستدلال بالأخبار، فإنّ أقصى ما أمكن للخصم الاستدلال به الحديث المروي عن نبينا الأعظم صلّى الله عليه وآله أنّه قال في آخر عمره: ( أرأيتم ليلتكم هذه فإنّه على رأس مائة سنة منها لا يبقى على وجه الأرض ممّن هو اليوم عليها أحد). (2)

أو الحديث الآخر المروي عنه: ( أكثر أعمار أمّتي بين الستين والسبعين). (3)

ولكن الكلام في إخباره صلّى الله عليه وآله في مثل تلك الروايات هل هو إخبار عن إرادة تكوينية إلهية تعلّقت بالتحديد؟ أم إرادة تشريعية؟

لا ريب في انتفاء الثاني، ولا سبيل إليه بوجه من الوجوه المعروفة، ولم يختلف اثنان في أنّ الأعمار من الأمور التكوينية التي ترجع إلى إرادة الباري تبارك وتعالى.

فإن كان إخباره صلوات الله عليه عن أمر طبيعي، وقد عرفت آنفاً عدم التحديد، إلاّ أن يكون المراد من إخباره صلّى الله عليه وآله لبيان كثرة الموانع، فيكون من قبيل الإخبار بالملزوم وإرادة اللازم، فهو صلوات الله عليه وآله يخبر عن أمر طبيعي في أنّ الأعمار ـ لا سيّما في أمّته ـ في تناقص لأسباب عديدة منها كثرة الحروب، وزيادة الهموم والغموم، ومنها الاعتماد على المادّيات والإعراض عن المعنويات وغير ذلك.

وهذا صحيح، ويعدّ من معجزاته صلّى الله عليه وأله حيث أخبر عن أمر غيبي، وذلك لما منحه الله عزّ وجل من العناية واللطف، أو استفاد ذلك بذهنه الثاقب من القرآن الكريم الذي فيه تفصيل كل شيء.

ولكن ذلك لا يتنافى مع كون بعض أفراد أمّته ممّن لا تعتريهم تلك الموانع، فتطول أعمارهم، كما هو المنقول والمشاهد والمحسوس، أو تكون هناك جهوداً جبّارة من العلماء لإزالة تلك الموانع وتشخيص أمور ترجع إلى إطالة عمر الإنسان.

فيكون شأن هذه الأخبار شأن تلك التي وردت في بيان خواص الأعشاب والأدوية، فإنّه لا تعبّد فيها بوجه.

هذا مع قطع النظر عن أسانيد مثل تلك الأخبار، فراجع.

هذا كله بحسب ما يمكن استفادته من الموانع الشرعية التي أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وآله.

ثانياً: الموانع الطبيعية:

أمّا الموانع الطبيعية، فلا يمكن لأحد إنكارها، وهي كثيرة وأسبابها متعدّدة، وتختلف بحسب الأعصار والأمصار بحيث لا يمكن حصرها تحت ضابطة عامّة أو قاعدة كلية، وكلّما مرّ زمان ظهر مانع جديد.

إلاّ أنّها مع كثرتها وتعدّدها قد تصدّى لها العلماء والباحثون لكشف أسبابها وعلاجها أو القضاء عليها، كما لا يخفى على المتتبّع الخبير.

فإذا أمكن السيطرة عليها فلا ريب في أنّ في إزالة المانع يؤثّر المقتضي، وقد عرفت أنّه يفيد الدوام والاستمرار.

بل يمكن أن يتصدّى الشخص نفسه لإزالة الموانع التي تخصّه، إمّا بفضل علمه وجهوده العلمية، كما نراه عند بعض الأفراد لا سيما الأطبّاء والمهتمين بصحّتهم، أو بفضل ما يمنحه الله تعالى من الإلهام، كما بالنسبة إلى الأولياء الصالحين، فتطول أعمارهم.

فليكن الإمام المهدي صلوات الله عليه من كلتا الطائفتين أو من أحدهما، ولا مانع يتصوّر في ذلك، كيف وهو سليل خليل الرحمان الذي حكى عنه الله عزّ وجل قوله: ) وإذا مَرِضْتُ فَهُوَ يُشْفِينِ (. (4)

والحاصل أنّه لا استحالة في طول العمر مطلقاً، ولا سيما في خصوص الإمام عجّل الله فرجه الذي هو من أولياء الله تعالى الذي يرعاه بلطفه وعنايته الخاصّة.

هذا كلّه بالنسبة إلى الشبهة الأولى من الشبهات الأربعة التي تقدّم ذكرها في بداية الندوة.

(1) النحل (16): 70

(2) صحيح البخاري : 1/141، مسند أحمد: 2/88 و131، البداية والنهاية: 1/392، كتاب الفتن للمروزي: 427.

(3) كنز العمال: 15/177 الحديث 42697، مسند أبي يعلى: 10/390 الحديث 5990، الشرح الكبير لابن قدامة: 7/141، فقه السنة: 1/511، البداية والنهاية : 13/36.

(4) الشعراء (26): 80.

/ 40