علامات الظهور جدلیة صراع أم تحدیات مستقبل؟ نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

علامات الظهور جدلیة صراع أم تحدیات مستقبل؟ - نسخه متنی

السید محمد علی الحلو؛ ت‍ح‍ق‍ی‍ق‌: م‍رک‍ز‌ ال‍دراس‍ات‌ ال‍ت‍خ‍ص‍ص‍ی‍ه‌ ف‍ی ‌الام‍ام ‌ال‍م‍ه‍دی‌

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


علامات الظهور جدلية صراع أم تحديات
مستقبل؟ \n


علامات الظهور جدلية صراع أم تحديات
مستقبل؟


تأليف


السيد محمّد علي الحلو


مقدمة المركزبسم الله الرحمن الرحيم


مقدمة المركز


الحمد لله ربّ العالمين, والصلاة والسلام
على خير خلقه أجمعين محمّد وآله الطيبين


الطاهرين, واللّعنة الدائمة على أعدائهم
أجمعين...


أمّا بعد:


فقد أولى الدين الإسلامي الحنيف بعض
الأفكار والقضايا العقائدية اهتماماً
خاصاً


وأولوية مميّزة, ولعلّنا لا نبالغ ولا
نذيع سرّاً إذا قلنا بأنّ الثقافة
المهدوية


تعدّ من أوائل تلك القضايا ترتيباً من حيث
الأهمية والعناية التي أولاها المعصومون


عليهم السلام من أهل البيت الذين أذهب
الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً, وقد
سبقهم


إلى ذلك الرسول الأكرم صلى الله عليه
وآله, فكان ينتهز المناسبة تلو الأخرى
ليطبع


في ذهن الأمّة وتفكيرها مصطلحات ثقافة
انتظار القائد المظفّر الذي سيرسم ملامح


القسط والعدل على ربوع الأرض بعد أن تغرق
في غياهب الظلم والجور, محقّقاً بذلك


الحلم السرمدي الذي نامت البشرية حالمة
به على مرّ العصور, والذي كان هو الأمل


الأكبر الذي سعى إليه الأنبياء كافة.


وإذا كانت مقاييس الأهمّية والرفعة
والخطر الذي تحظى به كل القضايا تتمثل
بطرفين


هما مبدأ ومآل كل قضية. فإنّ قضيتنا
المقدّسة _ التي نحن بصدد الحديث عنها _ لا


تدانيها قضية في الفكر الإسلامي.


فلو تحقّقنا في مبدأ هذه القضية وأصلها
لوجدنا أنّ النبي الأعظم صلى الله عليه


وآله يعادل بينها وبين مجموع رسالة
السماء المباركة الخالدة التي حملها إلى


البشرية, فقد ورد عنه صلوات الله وسلامه
عليه وعلى آله أنّه قال: «من أنكر القائم


من ولدي فقد أنكرني»،(1) ولا نجد أنفسنا
بحاجة إلى مزيد من التوضيح لأهمية فكرة


يعدّ إنكارها إنكاراً لخاتم الأنبياء
والمرسلين صلوات الله عليه وعلى آله
الطاهرين.


بل يمكن القول بأنّ عدم الإيمان بهذه
العقيدة يوازي عدم الإيمان بكل رسائل


الأنبياء, وهو الذي عبّر عنه بالضلالة عن
الدين, فقد ورد في الدعاء في زمن الغيبة :


«اللّهم عرّفني نفسك فإنّك إن لم تعرّفني
نفسك لم أعرف نبيّك, اللّهم عرّفني رسولك


فإنّك إن لم تعرّفني رسولك لم أعرف حجّتك,
اللّهم عرّفني حجّتك فإنّك إن لم تعرّفني


حجّتك ضللت عن ديني», ومن واضحات الأمور
نوع العلاقة والارتباط بين عدم معرفة


الحجّة وبين الضلالة عن الدين, إذ أنّ
هناك ثوابت ورواسخ لا يمكن أن تنفك بحال من


الأحوال عن قاموس الفكر العقائدي الشيعي,
بل الإسلامي بكل أطيافه, منها أنّ الذي


يموت دون أن يعرف إمام زمانه, أو دون أن
تكون في عنقه بيعة لإمام زمانه يموت ميتة


جاهليّة كما ورد في الأحاديث الشريفة
التي تناقلها المحدّثون من كافة الطوائف


الإسلامية, وأي تعبير أفصح وأصرح من
التعبير بالميتة الجاهلية عن بيان
الضلالة في


الدين؟!


هذا بالنسبة إلى الطرف الأوّل من طرفي
مقياس أهمّية القضايا, والذي هو مبدأ هذه


القضية وأصلها والإيمان بها.


وأمّا بالنسبة للطرف الثاني لهذه الفكرة
المقدّسة التي حرص النبي والأئمّة من أهل


بيته عليهم السلام على غرسها في صميم
أفكار الفرد المسلم, وهو المآل الذي تؤول
إليه


أو الثمرة التي تنتجها, فإنّ فيها تحقيق
حلم الأنبياء وهدفهم الذي سعوا لأجله على


مرّ العصور, والأمنية التي رافقت العقل
البشري منذ اليوم الأوّل لترعرعه, لأنّ
هذا


القائد المؤمّل هو الذي سينـزع عن
البشرية قيود الظلم والعبودية, وهو الذي
سيخلع


عليها حلّة العدل والإنصاف, فإنّه سيملأ
الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً


وجوراً.


وليس بعيداً عن توقّع كل عاقل أنّ مثل هذه
القضية التي تحمل بين طيّاتها كل هذا


المقدار من الأهمية والخطورة ستتعرّض _
حالها في ذلك حال كل مفاهيم العدالة


الربّانية _ إلى وابل من سهام الغدر
والعداوة, حيث أنّها تمثّل الخط العقائدي


الإسلامي الأصيل الذي رسم ملامحه الناصعة
نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وواكبه على


ذلك الأئمّة المعصومون عليهم السلام.
فلقد أبت القوانين الدنيوية إلاّ أن تضع
بإزاء


كل حق باطلاً ينازعه ويناوئه, فتكالب
أعداء الحقيقة من كل حدب وصوب ليوجّهوا
نبال


التشويه والتشكيك, وكل أنواع المحاربة
لهذه العقيدة التي هي من مسلّمات العقل


الإسلامي, الذي تعامل مع هذه الفكرة منذ
أعماق تأريخه على أنّها أمر لا يمكن
الغفلة


عنه أو التنكّر له.


وهذا واحد من أهم الأسباب التي حفّزت فينا
الشعور بعظم المسؤولية الملقاة على


عاتقنا في الحفاظ والدفاع عن هذه العقيدة
المباركة التي حظت بهذا المقدار العظيم من


الرعاية الإلهية. هذا الأمر هو الذي دفعنا
للنهوض لتحمّل جزء من أعباء هذه


المسؤولية وإنجاز هذا التكليف الذي لا
مناص من تحمّله, وإيصال ما يمكن إيصاله إلى


المؤمنين المهتمّين بشؤون دينهم
وعقائدهم, وذلك بعون الباري جل جلاله,
ورعاية من


المرجع الديني الأعلى سماحة آية الله
العظمى السيّد علي الحسيني السيستاني دام
ظلّه


الوارف, فكان تأسيس مركز الدراسات
التخصّصية في الإمام المهدي عليه السلام,
وقد عني


هذا المركز بالاهتمام بكل ما يرتبط
بالإمام المنتظر عليه السلام, ومن هذه


الاهتمامات:


1 _ طباعة ونشر الكتب المختصّة بالإمام
المهدي عليه السلام, بعد تحقيقها.


2 _ نشر المحاضرات المختصّة به عليه السلام
من خلال تسجليها وطبعها وتوزيعها.


3 _ إقامة الندوات العلمية التخصصية في
الإمام عليه السلام, ونشرها من خلال
التسجيل


الصوتي والصوري وطبعها وتوزيعها في
كتيّبات أو من خلال وسائل الإعلام وشبكة


الانترنيت.


4 _ إصدار مجلّة شهرية تخصّصية باسم
«الانتظار».


5 _ العمل في المجال الإعلامي بكل ما
نتمكّن عليه من وسائل مرئية ومسموعة, بما
فيها


شبكة الانترنت العالمية من خلال الصفحة
الخاصّة بالمركز.


6 _ نشر كل ما من شأنه توثيق الارتباط بين
الأطفال وإمامهم المنتظر عليه السلام.


وقد سعى مركزنا بكافة ما يملك من طاقات
لأن يعمل على أداء ما يقع على عاتقه من
مهام


ضمن هذه المحاور من العمل.


فكان من بين ما وفقنا الله لإنتاجه سلسلة
من الكتب المتخصّصة في ما يتعلّق بالإمام


المهدي عليه السلام, أسميناها: «سـلسـلة
اعرف إمامك», نقـدّم بين يديك _ عزيزي


القارئ _ هذا الكتاب كحلقة من هذه السلسة
التي نسأل الباري جل جلاله أن يوفّقنا


للتواصل في العمل بها لتوفير كل ما يمكن
أن يخدم إخواننا المؤمنين وإعطائهم ما


يحتاجون في رفد أفكارهم العقائدية
المرتبطة بالإمام الغائب عليه السلام.


وإذ يتقدم المركز بالشكر الجزيل للمجهود
العلمي القيم الذي بذله سماحة المؤلف
السيد


محمد علي الحلو دام عزه فإن من دواعي
سروره واعتزازه أن يقدم للقراء وللمكتبة


العقائدية الإسلامية الكتاب الثالث في
سلسلة «إعرف إمامك» والذي سبقه كتابان هما


«القائد المنتظر» و«الغيبة والإنتظار»
سائلين المولى تعالى أن يوفقنا لنيل رضاه


ورضا أهل بيته الكرام الميامين.


والحمد لله ربّ العالمين


السيد محمد القبانچي


مركز الدراسات التخصّصية


في الإمام المهدي عليه السلام


النجف الاشرف


الهوامش


(1)- منتخب الأثر: 492.


الاهداء الإهداء


إنها بشائر مستقبل موعود...


فإلى كل متطلّعٍ لصباحٍ مشرق


ومنتظرٍ لغدٍ وضّاءٍ جميل


أهدي تطلعاتي المتفاءلة...


محمدّ عليّ


مقدمة المؤلفبسم الله الرحمن الرحيم


مقدمة المؤلف


لم تكن الدعوةُ للكتابةِ في علامات
الظهور مسألةَ بحثٍ تقليديٍ يُظهر الباحث
فيها


مقدرته على ممارسة الوعي لتفهّمِ واقعٍ
علميٍ، أو توجهٍ ثقافي، أو متعةٍ أدبيةٍ


يستطرد بها الباحث مباراته الفنية، أو
أحاسيسه الوجدانية، أو رغباته الذوقية،
بقدر


ما هي حالةُ استقصاء مستقبلٍ تحدده
جدليةُ صراع، أو تقليدية تاريخ، أو تركةُ
ماضٍ


أثقل كاهل إنسانٍ عاش زمناً دائم التوتر
ليزحف عليه بكل تداعياته فيُأجج في وجدانه


نزعة التمرّد على مخلّفاتِ هذا الماضي
العتيد بذكرياته التي أحالته إلى آلةٍ
تدخل


في معادلات المصالح، أو عينةِ اختبارٍ
ترسمُ معالم توجّهٍ معين.


ويبقى الماضي شاخصاً في ذاكرة الفرد
المسلم كما هو شاخصٌ في ذاكرة الأحداث
التي


تتدخلُ في صنع قرارٍ أو تعملُ على رؤيةٍ
معيّنةٍ أو تعين على توجّه يحددُ مساراً


ما، وهكذا، فبين ماضٍ ثقيل بتركته وبين
حاضرٍ مهزومٍ بتداعياته تلوحُ آفاقُ
مستقبلٍ


يساهمُ في شخصية الفرد بكل آماله ومناه
ليُحققَ ما تصبو إليه نفسه من العدل


والسلام.


إذن كيف يصنعُ انسانُ الحاضرِ نفسهُ من
مستقبلٍ منظور؟ وكيف ينفضُ تركة الماضي عن


ذاته التي علتها غبار الأحداث الطائشة؟
وكيف تتكامل شخصيته وهو في مخاض الانتظار


القريب للحدث القادم؟


هذا ما تنطوي عليه علامات الظهور التي
ستقرأُ فيها الأحداث القادمة من خلال ماضٍ


سحيق يرتسمُ فيه المستقبل، فهي ليست
تكهناتِ احتمالٍ، أو نبوءات تفاؤلٍ، أو
توقعات


إنذارٍ بقدر ما هي علاقة ماضٍ بمستقبلٍ
مقروء من خلال تلك العلامات الواردة في


أحاديث الأئمة عليهم السلام لتقدّم لنا
معادلات تلك الجدليةِ من الصراعات
السالفة


لترتبط بتحديات مستقبلٍ منظور.


ومركز الدراسات التخصصية للإمام المهدي
عليه السلام يُدركُ ما لأهمية هذه
العلامات


والتثقيف عليها ثقافة وعيٍ من الأهمية
بمكان، بل من الخطورة ما يستحق معها أن
يولي


هذا المركز المبارك جهده في رفد الثقافة
المهدوية بدراساتٍ تفتقر إليها المكتبة


الإسلامية، بل تخلو منها العقلية المسلمة
لئلا تنخرط في مكائد العبث وأحابيل الدجل


التي من خلالها تنفذُ بعض التشكيلات إلى
صفوف البسطاء، وتستغل شوقهم لليوم
الموعود


فتوجه هذا الشوق للإطاحة بقيمٍ ومبادئ
طالما حرصت الأمة على التمسك بها.


ذكرى ولادة الإمام الحسن المجتبى عليه
السلام


1425هـ


محمد علي السيد يحيى الحلو


حتميّة الظهورحتميّة الظهور


لا تعني حتميّة الظهور اُمنيةً مجرّدةً
تُنتزعُ من دواعي الحاجة الملحّة للتغيير


المجرّد، بل هي «خلاصة» الغرض الإلهي
الذي من شأنه أن يخلق الخلق «ليعبدوه»،


«ليوحّدوه»، «ليعرفوه»، «ليطيعوه»(1)،
والعبادة هذه والوحدانيّة والمعرفة
والطاعة


لا يمكن الوصول إليها ما لم يكن هناك
تبليغٌ عن الله تعالى لاُولئك الخلق الذين
هم


عبادهُ ومطيعوه، ولا يتسنّى ذلك إلاّ عن
طريق من اصطفاهم من عباده ليكونوا الوسائط


بينه وبين خلقه.


فبعث الله النبيّين، وأنزل كتبهُ منذرةً
ومبشّرةً، وهاديةً وداعيةً، ولم تنطلق
دعوة


الهداية دونما هناك قيّمٌ عليها، متبصّرٌ
بشؤونها، مسدّدٌ من قِبل الله تعالى في


بيانها، وكلّ ذلك من لدن رسل الله
وأوصيائهم حتّى يختمه الله بنبيّه محمّد
صلى الله


عليه وآله ليتوارثه أوصياؤه واحداً بعد
واحد مبلّغين، منذرين، داعين إلى الله
وحده،


وتركِ كلّ وليجةٍ دونه... ولم يئل الأمر
إلى ذلك حتّى يتزايد الصراع بين الحقّ


والباطل، ويسود الظلم ويعمّ الجور.


ولم تزل فوضى الإمتهان والهدر لكرامة
الإنسان تتصاعد وتائرها بشكل تتفاقم معها


الأزمات، وتتضاءل احتماليّة الحلول،
وتُستبعد إمكانيّة الانقاذ من تلك المحن


المحدقة بالوجود الإنساني فضلاً عن
كرامته.


ومع هذه الانهيارات المهدِّدة لمستقبل
الإنسان في ظل الاُطروحات المبثوثة في
عالم


الصراع السياسي، أو التنظير الحزبي، أو
التصنيف الفئوي... تتزايد الحاجة الملحّة


لانتشالِ العالم من ورطته، وتصبو النفوس
المتطلّعة لإنقاذ الإنسان من محنته،


وتتوجّه «عفويّة» الفطرة إلى الأمل
المنشود بعد أن حطّت رحالها جميع تلك
الاُطروحات


«المدّعية» للإصلاح، وسئمت الشعوب
المقهورة من محاولات الإصلاح «الماكرة»
والشعارات


الخادعة التي تعِدْ الشعوب بإنقاذها ممّا
هي عليه من البؤس والشقاء... مع هذه


الانهيارات الفكريّة، والانحرافات
الأخلاقيّة، والانتهاكات الإنسانيّة
التي يشهدها


عالمٌ «طائشٌ» باُطروحاته التنظيريّة،
وإصلاحاته الوضعيّة، تشخصُ الأبصار إلى


السماء متطلّعة إلى حلٍّ ينشرُ معه
السلام في ربوع هذه الأرض المقهورة... أجل


تتعلّقُ هذه النفوس المنكسّرةِ بكلّ شوقٍ
إلى من ينقذها... إلى منْ يصرخُ في وجوه


الظلم ليزلزل عروش الطغيان... إنّه المنقذ
الموعود الذي تتطلّعُ إليه كلّ الآهات


وزفرات المعذّبين تحت وطأة أنظمة الجور
والعدوان.


إذن لابدّ من إنقاذ هذا العالم الممتحن،
وانتشال المحرومين والمستضعفين... وإذا
كان


الأمر كذلك فسينعم العالم بالسلام،
وينتشر العدل بعد معاناة من الصراعات
الدامية


التي شهدتها الإنسانيّة على طول تاريخها
المضرّج بالدماء، وستنتهي الفوضى ومعها


أعاصير الفتن وتيّارات المحن الهائجة
التي تعصفُ بكلّ ما هو جميل، وتقتلعُ كلّ


خير... ومن ثَمّ تتوطّدُ قيم المحبّةِ
والعدلِ والوئام، وينشد الجميع هدفاً
واحداً،


وهو العدل والسلام، ومن ثَمّ يتطلّعُ
العالم إلى نظامٍ واحد يكفل طموحاته
المشرقة


بالأمن والرخاء، أي سيصبو المجتمع
الإنساني إلى اتّجاهٍ واحدٍ ونظرةٍ
كونيّةٍ


موحّدة يضمنها دين واحد، أي الطاعة
لنظامٍ واحد، وهو العبوديّة الخالصة لله
تعالى،


وسيكون الدين لله وحده... وبهذا سيتحقّق
الهدف الإلهي لهذا الكون، والحكمة من هذا


الخلق... ولا يتمّ ذلك إلاّ من خلالِ
قيادةٍ عالميّةٍ موحّدة ضمن نظامٍ
إصلاحيٍ


عالميٍ موحّد، وهو ما يعتقدهُ المسلمون
بظهور هذا المصلح، وهو المهدي من آل
محمّد،


الذي يملأها قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت
ظلماً وجوراً... أي نهاية كافّة مظاهر
الصراع


الدولي، أو الإقليمي، أو القبائلي، أو
الفردي، بعد ما تسود اُطروحة الإصلاح التي


سيقدّمها ذلك المصلح المنتظر.


الهوامش


(1)- أنظر: علل الشرائع / الصدوق: 1 / 9 (باب 9 /
علة خلق الخلائق واختلاف


أحوالهم).


حتميّة الانتظارحتميّة الانتظار


وبهذا ظهر أنّ فكرة الإمام المهدي عليه
السلام قضيّة إسلاميّة، بل من ضرورات


الإسلام، لا تختصّ بها طائفة دون اُخرى،
ولا معنى للاعتقاد بأنّها قضيّة اختصّ بها


الشيعة الإماميّة...نعم، إنّ اهتمام
الإماميّة بقضيّة الإمام المهدي عليه
السلام


أعطت بُعداً آخر، وهو أنّ الإماميّة
مارسوا فكرة الإمام المهدي عليه السلام
ممارسةً


حيّة، وتعاطوا معها بشكلٍ برز على مجمل
تحرّكهم التاريخي وأنشطتهم الفكريّة،


وجهودهم السياسيّة، والسعي الحثيث إلى
معايشة القضيّة المهدويّة بشكل ينسجم


وأهمّيتها البالغة في أحاديث النبيّ 9،
والتأكيد عليها من قِبل أئمّة أهل البيت


عليهم السلام، ممّا دعا الإماميّة إلى
إحياء هذه القضيّة وإبرازها إلى الخارج
بشكلٍ


يضمن حيويّتها، وكونها قضيّةً مسلّمةً
تجري الاستعدادت للتهيّؤ لها، حتّى إنّ
ظهور


المهدي عليه السلام باتت قضيّة بديهيّة
في الفكر الشيعي الديني والتنظير
السياسي،


وكون عملية الظهور مسألة وقت ليس
أكثر،وأنّها على مشارفِ الواقع يتعامل
معها الفرد


الشيعي تعاملاً حيّاً يُبرزه من خلال
تحرّكاته...وبمعنى آخر: أنّ الإماميّة
عمدوا


إلى إحياء الأحاديث النبويّة المبشّرة
بظهور المهدي عليه السلام، وبعثوا فيها


روحيّةً تضمن عافيتها ونظارتها.


إذن، فالقضيّة المهدويّة تنبعثُ
أهميّتها من حتميّتها التي أكّدتها
الأحاديث


النبويّة المتواترة، فضلاً عن الآيات
الكريمة، كما أنّ العقل والفطرة يدعوان
إلى


الاستجابة للحقيقة المهدويّة دون ريب، بل
أضحت القضيّة المهدويّة أمل الإنسان بما


هو إنسان يطمح إلى إيجاد مناخٍ حرٍّ سليم
يعيش فيه الجميع ضمن الحقوق الإنسانيّة


الداعية لها جميع الأديان السماويّة،
فضلاً عن الإسلام الذي يطمح أن يعيش
الإنسان


حرّاً كريماً... وإذا كانت أهمّية الظهور
تنطلقُ من حتميّة الاستعداد لمستقبلٍ


جديد، فإنّ ذلك يعزّز من شعور المرتقبين
لظهور الإمام عليه السلام بما يضمن لهم


أهمّية هذا الترقّب المتفاءل الذي يعزّز
معه إمكانيّة العمل في تكاملٍ دائمٍ،


وإبداعٍ دؤوب ينفي معه حالات اليأس
والتشاؤم، أو أسباب الهزيمة والانكسار...
لأنّ


الانتظار حالة تقويض وحركة بناء، فهو
تقويضٌ لتبعاتِ الظلم والاضطهاد التي
يعانيها


الإنسان وما ينجم عن ذلك من حالاتِ إحباطٍ
وانهزام، وفي الوقت نفسه فهو حالة بناء


لأملٍ يتطلّع إليه المضطهد، ويترقّبه
اُولئك المحرومون، ومعنى هذا فإنّ
الانتظار


حالةً إيجابيّةً تحتّمها شروط انتظار
الإمام عليه السلام، وليس حالةً سلبيّة
كما


يظنّها البعض، فالمنتظِر (بالكسر) يكافح
من أجل تشييد مواهبه التي يرقى بها إلى


حالات التكامل التي تؤهّله من خلالها أن
يكون فرداً فعّالاً إبّان ظهور الإمام
عليه


السلام، وليس حالة انكسارٍ وهزيمةٍ
تمليان على المنتظِر الخنوع لظروفه
الجبّارة


الظالمة، بل هو سعيٌ حثيث لإيجاد قاعدةٍ
متينة يستند إليها الإمام عليه السلام عند


ظهوره.


فإذا كانت أهمّية الانتظار ترقى إلى
حالات بناء الإنسان وتكامله استعداداً
لذلك


اليوم الموعود، فإنّ معرفة اليوم الموعود
بمكانٍ يحتّم على المكلّف البحث عن


علاماته وملامحه، وهذه العلامات لم
تغفلها الروايات، بل تظافرت على بيانها
أحاديث


الفريقين، وعقد كتب الملاحم والفتن من
كلا الفريقين فصولاً تنذرُ بهذا اليوم
الآتي،


وتبشّر بالموعود المنتظر.


أهل البيت عليهم السلام وحتمية الانتظار


ولم تخلُ الروايات الواردة عن أهل البيت
عليهم السلام من الإشارة إلى أهمية


الانتظار، والتأكيد على ضرورة التكامل
الروحي الذي يتمتع به المنتظِر، وكون


الانتظار حالة إعادة بناء لنفوسٍ مضطهدةٍ
تحت ظروفٍ قاهرةٍ تستعيدُ النفوس من خلال


ممارسة برنامج تربوي هيمنتها على الاحداث
المحدقة بها وصمودها للاحداث القادمةِ


المستقبلية التي تنتظرها بعد ذلك.


روى الصدوق بسندٍ صحيح عن أمير المؤمنين
عليه السلام أنه قال: التاسع من ولدك يا


حسين هو القائم بالحق، المظهر للدين،
والباسط للعدل، قال الحسين: فقلت له: يا
أمير


المؤمنين وإن ذلك لكائن؟ فقال عليه
السلام: أي والذي بعث محمداً 9 بالنبوة
واصطفاه


على جميع البرية، ولكن بعد غيبة وحيرة فلا
يثبت فيها على دينه إلاّ المخلصون


المباشرون لروح اليقين، الذين أخذ الله
جل جلاله ميثاقهم بولايتنا وكتب في قلوبهم


الإيمان وأيدهم بروح منه.

/ 62