مهدی المنتظر (عج) فی حدیث السنة المعتبر نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مهدی المنتظر (عج) فی حدیث السنة المعتبر - نسخه متنی

عادل الحریری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

بسم الله الرحمن الرحيم

المهدي المنتظر (عج) في حديث السنة المعتبر

الشيخ عادل الحريري

المقدمة

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا و نبينا محمد و آله الطاهرين و صحبه المنتجبين .

ان قضية المهدي المخلص (عج) من أهم القضايا التي نعيش مسؤولية التحرك نحوها ، فلم يكن المسلم في عصر النبي محمدٍ (ص) ليعيش فكرة تحمل المسؤولية تجاه المهدي المخلص (ع) إلا عبر الايمان بها كنموذج غيبي من النماذج الغيبية التي أخبر عنها الرسول (ص) . .

و هكذا بقيت هذه الفكرة في ذلك العصر تبرز يوماً و تخبو آخر ، حتى جاء ذلك اليوم الذي احتاجت فيه البشرية إلى ذلك اليعسوب الذي يرشدها و يعلمها و يخرجها من تلك الظلمات بعد أن فقدت الأمة تلك الأنوار و الحجج التي سبقته . . .

فبدأ الهمُّ نحو الرسالة من اولئك الفتية الخُلّص الذين آمنوا بها و استيقنتها أنفسهم . . . انهم الطليعة الواعية التي قامت الرسالة الإلهية على اعتاق امثالهم . . . انهم الخواصُ الذين أطاعوا الله و اطاعوا الرسول و اولي الامر منهم . . . و هكذا بدت معالم الدرب ، و بدأت الخطة انها قضية التمهيد لقدوم المخلٍّص . . .

انها انتظار القائم من آل محمد (ص) . . . ذلك الفرد هو بصيص الامل الذي تتطلع اليه البشرية بكل دياناتها و مختلف تفكيرها . . انه الرجل المسدد الذي يمكن الوثوق به ، و الوقوف إلى جانبه ، و العمل معه قبل بروزه الى ساحة العمل . . .

انه المنقذ الذي يمسح دموع اليتامى و المضطهدين ، انه سيف الله الذي يقتص من كل الظالمين الذين أرادوا أن يطفئوا نور الله بأفواههم . . .

انه الماضي و الحاضر و المستقبل . . انه عصارة الماضين ، و سلالة الأنبياء و المرسلين حجة الله على خلقه أجمعين محمد بن الحسن المهدي ( عليه السلام ) . . اقدم بين يديه هذه الوريقات التي اخذتها عن كبار مصادر علماء أهل السنة راجياً منه قبولها و من الله التوفيق .

اللهم إنا نسألك الراحة عند الموت و العفو عند الحساب . . .

عادل الحريري

تقسيم البحث

- هل المهدي حقيقة ؟!

- من هو المهدي ؟

-آراء أساطين العلم من السنة في نسب و ولادة الامام المهدي (ع)

- حقيقة العمر الطويل علمياً و عملياً ؟

- حقيقة الغيبة ؟ و لماذا غاب القائد عن أمته ؟

- متى يظهر الغائب ؟ و هل لظهوره وقت أو علامة ؟

هل المهدي حقيقة

لقد وردت الروايات حول المهدي بشكل كثير بلغ حد التواتر1 ، ما لم يبق مجالاً للشك في هذه العقيدة ، و الطرق المتعددة باختلاف الرواة زاد في قوة هذا التواتر .

فأجمعت فرق المسلمين كلها ، بخروج المهدي في آخر الزمان ، حيث الظلم و الاضطهاد ، من قتلٍ و سجنٍ و سلبٍ و غيره مما ملأ المعمورة ليغير ذلك كله الى العدل والامان و القسط.

إلا أنه قد روى بعض من شذّ و ندر بأن المهدي ليس له وجود آخر غير وجود عيسى حيث لا مهدي إلا عيسى ( حديث ابن ماجه ) و قد رذّه أحمد بن محمد الصديق قائلاً :

( ففي التذكرة للامام القرطبي ، و فتح الباري لامير الحفاظ العسقلاني ، نقلاً عن الحافظ ابي الحسين الآبري انه قال : رداً لحديث ابن ماجه الموضوع الآتي فيه انه ( لا مهدي إلى عيسى) ما نصه : قد تواتر الاخبار و استفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى (ص) في المهدي و انه من اهل بيته ، و انه يملأ الأرض عدلاً و أن عيسى عليه الصلاة و السلام يخرج فيساعده على قتل الدجال ، و انه يؤم هذه الامة و عيسى خلفه . . . ) 1 .

و عليه فمن ينكر ذلك التواتر المنقول عن خيرة صحابة الرسول 2 ، لا يمكن وصفه إلا كمن أنكر الشمس في وضح النهار ، و قد كتب الاستاذ ناصر الدين الالباني في رده على سؤال رده على سؤال ورده من مجلة التمدن الاسلامي قال :

و خلاصة القول : ان عقيدة خروج المهدي عقيدة ثابتة متواترة عنه (ص) يجب الايمان بها لانها من امور الغيب ، و الايمان بها من صفات المتقين كما قال تعالى : { الم ، ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين ، الذين يؤمنون بالغيب } و ان انكارها لا يصدر الا من جاهل أو مكابر ، أسأل الله ان يتوفانا على الايمان بها . . . 1 .

و الآن نبقى مع بعض الأحاديث التي اعتمد عليها الرواة في اثبات تواترهم في عقيدة المهدي .

جاء في سنن ابي داود عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة قالت : سمعت رسول الله (ص) يقول : ( المهدي من عترتي ، من ولد فاطمة )./ سنن ابي داود : حديث رقم 4284 ج4 ص 107 )

و جاء في الجامع الصحيح قال : قال رسول الله (ص) : ( لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من اهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ) . / سنن الترمذي : حديث رقم 2230ج 4 ص 505 ط مصر .

وجاء في المعجم الكبير قال : عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله (ص) : ( لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من اهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ، يملأ الأرض عدلاً و قسطاً ، كما ملئت ظلماً و جوراً ) . / المعجم للحافظ : حديث 10214 ج10 .

و عليه فلا مجال للشك في هذا الاعتقاد عند فرق المسلمين اجمع .

بل إن بعض الديانات الغير اسلامية ، تؤمن بفكرة المهدي كفكرة عامة .

يقول الدكتور أحمد محمود صبحي : ان مسيحيي الأحباش ينتظرون عودة مليكهم ( تيودور ) كمهدي في آخر الزمان . . . و يعتقد المغول ان ( تيمورلنك ) أو ( جنكيز خان ) قد وعد قبل موته بعودته الى الدنيا لتخليص قومه من الحكم الصيني ، و في الأساطير الفارسية : ينتظر المجوس ( اشيد ربابي ) احد أعقاب ( زرادشت ) ، وفي الديانات المصرية القديمة و كتب الصينين و عقائد الهنود القدامى المتعلقة بتناسخ الأرواح عقائد مماثلة لما عند الفرس القدامى / ( كتابه : نظرية الامامة ) .

فمن هو هذا الرجل المخلص الذي تنتظره البشرية عبر كل تلك السنين ؟

آراء أساطين العلم من السنة في نسب و ولادة الامام المهدي (ع)

نسبه و مولده :

لقد سلم من آمن بعقيدة المهدي ، بأنه من نسل النبي محمد (ص) حيث نصَّ (ص) على ذلك و انه من ولد فاطمة الزهراء (ع) و أنّ جده الحسين بن علي (ع) و الروايات في ذلك كثيرة[1] .

ولكنهم اختلفوا في ولادته ، فذهب بعض بالقول بانه سيولد في آخر الزمان ، و ذهب البعض الآخر- و هم الأكثر- بانه ولد و ان أباه الحسن بن علي العسكري ، و يشير إلى هذا الخلاف الشيخ ابوبكر النيسابوري الشافعي حيث قال :

" اختلف الناس في امر المهدي فتوقف جماعة و أحالوا العلم إلى عالمه و اعتقدوا أنه واحد من أولاد فاطمة بنت رسول الله (ص) يخلقه الله متى شاء يبعثه نصرةَ لدينه .

و طائفة يقولون : ان المهدي الموعود ولد يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين ، و هو الامام الملقب بالحجة القائم محمد بن الحسن العسكري ". / راجع كتاب شعب الايمان .

و لا يمكننا نحن اثبات شيء إلا من خلال نقل آراء اساطين العلم و جهابذته الذين يشار لهم بالبنان حيث يمكن الوثوق بقولهم للتواتر الذي سوف تراه في أقوالهم .

1-يقول العلامة أبو سالم الشافعي في مطالب السؤال : " . . . فهو من ولد الطهر البتول ، المجزوم بكونها بضعة من الرسول . . . فأما مولده فبسر من رأى (سامراء) في ثالث و عشرين سنة ثمان و خمسين و مائتين للهجرة ، و أما نسبه اباً و اماً ، فأبوه الحسن الخالص بن علي المتوكل ، بن محمد القانع ، بن علي الرضا ، بن موسى الكاظم ، بن جعفر الصادق ، بن محمد الباقر ، بن علي زين العابدين ، بن الحسين الزكي ، بن علي المرتضى أمير المؤمنين . . . " ./ مطالب السؤال : ج2 الباب 12 .

و جاء في ينابيع المودة قال : و منها ( أي من الروايات في المهدي ) عن حذيفة بن اليمان قال : خطبنا رسول الله (ص) فذكر ما هو كائن ثم قال : " لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوَّل الله تعالى ذلك اليوم حتى يبعث الله رجلاً من ولدي اسمه اسمي .

فقال سلمان : يا رسول الله : من أي ولدك هو ؟

قال : من ولدي هذا ( و ضرب بيده على رأس الحسين عليه السلام ) . / ينابيع المودة : من الاربعين حديثاً الذي جمعه ابو نعيم في المهدي ص 490 .

2-و يؤيد انه قد ولد و ان اباه الحسن العسكري ما ذهب اليه الشيخ القطب الفوثي محي الدين بن العربي في الفتوحات قائلاً : " اعلموا انه لا بد من خروج المهدي و هو من عترة رسول الله (ص) من ولد فاطمة (رض) جده الحسين بن علي بن ابي طالب ، و والده الامام حسن العسكري ، ابن الامام محمد التقي ، ابن الامام علي الرضا ، ابن الامام موسى الكاظم ، ابن الامام جعفر الصادق ، ابن الامام محمد الباقر ، ابن الامام زين العابدين علي ، ابن الامام الحسين ، ابن الامام علي بن ابي طالب رضي الله تعالى عنه . . . " . / مشارق الانوار للشيخ حسن الحمزاوي ص 112 طبع 1307 هـ .

3-وهذا ما ذهب اليه ايضاً العلامة سبط ابن الجوزي حيث قال : " هو : محمد بن الحسن ، بن علي ، بن محمد ، بن علي ، بن موسى ، بن جعفر ، بن محمد ، بن علي ، بن الحسين ، بن علي بن ابي طالب ، و كنيته ابو عبدالله و ابو القاسم و هو الخلف الحجة صاحب الزمان القائم و المنتظر و التالي ، و هو آخر الأئمة ، انبأنا عبدالعزيز بن محمود بن البزاز عن ابن عمر قال : قال رسول الله (ص) يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي ، اسمه كاسمي ، و كنيته ككنيتي ، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً فذلك هو المهدي ، و هذا حديث مشهور . / تذكرة الخواص : ص 363 طبع 1964 م النجف .

و كذا روى ابراهيم الجويني عن عبد الله بن عباس قال : " سمعت رسول الله (ص) يقول : انا و علي و الحسن و الحسين و تسعة من ولدي مطهرون معصومون " . / فرائد السمطين : المجلد الثاني .

4-و يقول ابن الصباغ : " ولد ابو القاسم محمد بن الحجة بن الحسن الخالص بسر من رأى ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين للهجرة ، و اما نسبه اباً و اماً فهو : ابو القاسم محمد الحجة بن الحسن الخالص ، بن علي الهادي ، بن محمد الجواد ، بن علي الرضا ، بن موسى الكاظم ، بن جعفر الصادق ، بن محمد الباقر ، بن علي زين العابدين ، بن الحسين بن علي بن علي بن ابي طالب صلوات الله عليهم اجمعين و امه : ام ولد يقال لها نرجس . . . " . / الفصول المهمة : الباب الثاني عشر .

5-و يقول الشيخ عبد الله بن محمد بن عامر الشبراوي الشافعي في كتابه ( الاتحاف بحب الأشراف ) في معرض حديثه عن الامام الحسن العسكري ( عليه السلام ) : " و يكفيه شرفاً ان الامام المهدي المنتظر من اولاده ، فلله دُر هذا البيت الشريف ، و النسب الخضم المنيف ، ناهيك به فخاراً ، و حسبك فيه من علوه مقداراً ، فهم جميعاً في كرم الارومة (الأصل) ، متعادلون ، و لسهام المجد مقتسمون قيل له من بيت عالي الرتبة ، يامي المحلة ، فلقد طال السمّاك عُلاً و نبلاً ، و سما على الفرقدين منزلة و محلاً ، و استغرق صفات الكمال ، فلا يستثنى فيه بِغيرٍ ، انتظم في المجد هؤلاء الأئمة ، انتظام اللآلئ ، و تناسقوا الشرف ، فاستوى الأول و التالي ، و كم اجتهد قوم في خفض منارهم ، و الله يرفعه ، و ركبوا الصعب و الذلول في تشتيت شملهم ، و الله يجمعه ، و كم ضيعوا من حقوقهم ، ما لا يهمله الله ، و لا يضيّعه ، احيانا الله على حبهم ، و أماتنا عليه ، و ادخلنا في شفاة من ينتمون في الشرف اليه (ص) ، و خلّف بعده ( أي الحسن العسكري ) ولده و هو الثاني عشر من الأئمة ، ابو القاسم ، محمد الحجة ، ولد بسر من رأى ، ليلة النصف من شعبان سنة (255) قبل موت ابيه بخمس سنين ، و كان ابوه قد أخفاه حين ولد ، و ستر أمره ، لصعوبة الوقت ، و خوفه من الخلفاء ، فانهم كانوا في ذلك الوقت يتطلبون الهاشميين ، و يقصدونهم بالحبس و القتل ، و يرون اعدامهم سلطنة الظالمين ، و هو الامام المهدي ( عليه السلام ) كما عرفوا ذلك من الأحاديث التي وصلت اليهم من الرسول الأكرم (ص) و أخبرَتْهم ان الامام المهدي الموعود المنتظر ( عليه السلام ) يقطع دابر الظالمين ، و يستولي على الدنيا ، و لا يترك احداً منهم في الأرضين .

ثم قال بعد ذلك :

و قد اشرق نور هذه السلسلة الهاشمية ، و البيضة الطاهرة النبوية ، و العصابة العلوية ، و هم اثنا عشر اماماً ، مناقبهم علية ، و صفاتهم سنية ، و نفوسهم شريفة أبية ، و ارومتهم كريمة محمدية ، وهم ، محمد الحجة بن الحسن الخالص ، بن علي الهادي ، بن محمد الجواد ، بن علي الرضا ، بن موسى الكاظم ، بن جعفر الصادق ، بن محمد الباقر ، بن علي زين العابدين ، بن الامام الحسين ، اخو الامام الحسن ، ولدي الليث الغالب علي بن أبي طالب ( رضي الله عنهم اجمعين ) . / الاتحاف بحب الأشراف : ص 178 ، طبع مصر ( 1316 هـ ) .

6-و يقول الشيخ حسين بن محمد بن الحسن الديار بكري المالكي في كتابه تاريخ الخميس :

" الثاني عشر (من الأئمة) محمد ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا يكنى ابا القاسم . . . ولد في سر من رأى في الثالث و العشرين من رمضان سنة ثمان و خمسين و مائتين هـ . " / تاريخ الخميس الجزء 2 ص 321 .

7-و يقول الشيخ المحدث الفقيه محمد بن ابراهيم الجويني الحمويني الشافعي في فرائد السمطين ، قال : " و اما شيخ المشايخ العظام اعني حضرات : شيخ الاسلام احمد الجامي النامقي ، و الشيخ عطار النيسابوري ، و الشيخ شمس الدين التبريزي ، و جلال الدين مولانا الرومي ، و السيد نعمة الله الولي ، و السيد النسيمي ، و غيرهم ذكروا في اشعارهم في مدايح الأئمة من أهل البيت الطيبين ( رضي الله عنهم ) مدح المهدي في آخرهم متصلاً بهم فهذه ادلة ( واضحة ) على أن المهدي ولد أولاً . . . و من تتبع آثار هؤلاء الكاملين العارفين يجد الأمر واضحاً عيانا ً" . / فرائد السمطين .

8-و يقول الشيخ محمد بن محمد بن محمود النجار المعروف بـ(خواجا يارسا) في كتابه ( فصل الخطاب) في حديثه عن الامام الحسن العسكري (ع) : " و كان مدة بقاء الحسن العسكري بعد ابيه ست سنين ، و لم يخلف ولداً غير ابي القاسم ، محمد المنتظر ، المسمى بالقائم ، و الحجة و المهدي ، و صاحب الزمان ، و خاتم الأئمة الاثنى عشر عند الامامية ، و كان مولد المنتظر ليلة النصف من شعبان ، سنة خمس و خمسين و مائتين ، امه ام ولد يقال لها نرجس ، توفى ابوه و هو ابن خمس سنين ، فاختفى إلى الآن . . . و طول الله تبارك و تعالى عمره كما طول عمر الخضر (عليه السلام ) .

9-و يقول الشيخ ابو المعالي ، سراج الدين الرفاعي في كتابه ( صحاح الأخبار في نسب السادة الفاطمية الأخيار ) : " و أما الحسن العسكري فأعقب الحجة المنتظر ولي الله الامام المهدي ( عليه السلام ) " .

10-و يقول الشيخ المحقق بهلول بهجت افندي مؤلف كتاب ( المحاكمة في تاريخ آل محمد ) ( مترجم بالتركية و الفارسية ) : " ولد في الخامس عشر من شعبان سنة (255) و ان اسم امه نرجس " .

11-و يقول الشيخ الفاضل البارع عبد الله بن محمد ، المطيري شهرةً ، و المدني مسكناً ، و الشافعي مذهباً ، في كتابه ( الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبي و عترته الطاهرة ) : " ان ابنه ( اي ابن الامام الحسن العسكري ) الامام الثاني عشر محمد القائم المهدي . . . و قد ورد النص عليه في الأحاديث من جده علي بن أبي طالب ( عليهما السلام ) و من بقية آبائه الكرام ، اهل الشرف و المقام و هو صاحب السيف ، القائم المنتظر كما ورد في الصحيح من الخبر . . . و له غيبتان . . . " .

12-و يقول الشيخ ابو المواهب الشيخ عبدالوهاب بن أحمد بن علي الشعراني في كتابه ( اليواقيت و الجواهر ) : " و هو ( المهدي ) من اولاد الامام حسن العسكري ، و مولده 0 عليه السلام ) ليلة النصف من شعبان ، سنة خمس و خمسين و مائتين ، و هو باقٍ إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم ( عليه السلام ) فيكون عمره إلى وقتنا و هو سنة ( 958 هـ) سبعمائة و ست و ستين سنة " / اليواقيت و الجواهر ص 142 ط مصر 1307 هـ .

13-و يقول الشيخ شهاب الدين احمد بن حجر الهيثمي ، الشافعي ، في كتابه ( الصواعق المحرقة ) : " و لم يخلِّف ( اي الامام الحسن العسكري) غير ولده ( ابي القاسم محمد الحجة ) و عمره عند وفاة ابيه ، خمس سنين ، آتاه الله الحكمة و يسمى القائم و المنتظر ، قيل : لانه سُتر و غاب " . / الصواعق المحرقة ، ص127 ، ط مصر 1308 هـ .

وهناك جمع غفير من علماء المسلمين ، ذهبوا الى انه من ولد في الخامس عشر من شهر شعبان عام 255 هـ و حيث لا مجال لذكر كل اقوالهم فنكتفي بذكر اسماءهم

و محل حديثهم :

14-سيد مؤمن الشبلنجي في كتابه نور الأبصار .

15-سيد علي الخواص في اسعاف الراغبين لابو العرفان ص 35 .

16-الشيخ شمس الدين محمد بن طولون ، و ابن الازرق في تاريخ ( ميّافارقين ) في كتاب ابن طولون - الأئمة طبع بيروت 1958 مـ .

17-الشيخ شهاب الدين ابوعبد الله ياقوت الحموي الرومي البغدادي في معجم البلدان ج6 ص 175 طبع مصر 1324 هـ .

18-الشيخ العارف فريد الدين العطار في كتابه مظهر الصفات .

19-الشيخ جلال محمد العارف البلخي الرومي المعروف بالمولوي ، ذكر ذلك في ديوانه الكبير .

20-الشيخ الكامل صلاح الدين الصفدي ، في كتابه شرح الدائرة .

21- الشيخ جمال الدين بن علي بن مهناّ ، في كتابه عمدة الطالب ص 186 طبع النجف 1323 هـ .

22-الشيخ ابو عبد الله بن عفيف الدين اليافعي اليمني المكي الشافعي ، في كتابه مرآة الجنان جزء رقم (2) ص 107 - 172 طبع ايران 1328 هـ .

23-الشيخ شهاب الدين و الدولة أبادي في كتابه هداية السعداء .

24-الشيخ شمس الدين بن احمد الذهبي الشافعي ، في كتابه دولة الاسلام جزء (1) ص 122 طبع حيدر آباد 1377 هـ .

25-الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كرم الريش المطل على بركة الرطل بمصر .

26-الشيخ نور الدين بن احمد بن قوام الدين المعروف بجاني الشافعي الشاعر المعروف ، في كتابه شواهد النبوة .

27-الشيخ نور عبد الرحمن مؤلف كتاب مرآة الأسرار .

28-الشيخ مير خواند ، المؤرخ المشهور في كتابه روضة الصفا ج 3 .

29-الشيخ شمس الدين محمد بن يوسف الزرندي ، في كتابه معراج الوصول إلى فضيلة آل الرسول .

30-الشيخ حسين بن معين الدين الميبدي ، في شرح الديوان ص 123 - 371 .

31-الشيخ الجليل عبد الكريم اليماني ذكر ذلك في شعره ( راجع ينابيع المودة الطبعة القديمة ص 466 ) .

32-الشيخ عبد الرحمن البسطامي في كتابه درة المعارف .

33-الشيخ سعد الدين الحموي ( راجع الينابيع الطبعة القديمة ص 477 ) .

34-الشيخ صدر الدين القونوي ( راجع الينابيع ص 468 ) .

35-العلامة ابو المجد عبد الحق الدهلوي البخاري في كتابه المناقب .

36-العلامة الشيخ حسن العدوي الحمزاوي ، مشارق الانوار .

37-العلامة ابن الاثير الخدري ، في تاريخ الكامل ج7 ص 90 .

38-العلامة أبي فداء اسماعيل بن محمود الشافعي ، في كتابه تاريخ أبي الفداء ج2 ص 52 .

39-الشيخ محمد أمين البغدادي أبو الفوز السوري ، في كتابه سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب ص 77 باب 6 .

40-الشيخ علي الهروي القاري ، في كتابه الموافاة في شرح المشكاة .

41-الشيخ موفق الخوازمي الحنفي ، في المناقب .

42-الشيخ عامر البصري ، في قصيدته المسماة بذات الأنوار .

43-الشيخ جواد الساباطي ، في كتابه البراهين الساباطية .

44-الشيخ نظر بن علي الحظمي النصري .

45- الشيخ حسين بن علي الكاشفي ، مؤلف جواهر التفسير .

46-الخليفة العباسي الناصر لدين الله احمد بن المستضيء بنور الله .

47-العلامة الشيخ احمد الفاروقي النقشبندي المعروف بالمجدد .

48-العلامة ابو الوليد محمد بن شحنة الحنفي ، في كتابه روضة المناظر .

49-القاضي فضل بن روزبهان ، شارح الشمائل للترمذي .

50-الشيخ بن همدان الحصيني .

51-العلامة شمس الدين التبريزي ، استاذ المولوي الرومي .

52-العلامة الشيخ ابو الفتح بن ابي الفوارس ، في اربعينه .

53-العلامة الشيخ عماد الدين الحنفي .

54-الشيخ وليُّ الله الدهلوي في النزهة .

55-الشيخ رشيد الدين الدهلوي الهندي ، في كتابه ايضاح لطافة المقال .

56-الشيخ مير خواند المؤرخ المشهور محمد بن خاوند شاه بن محمود في كتابه ( روضة الصفا ) الجزء الثالث .

و غيرهم ممن فاتنا ذكرهم رحمهم الله جميعاً .

و اختم هذا البحث برواية ينابيع المودة نقلاً عن كتاب فرائد السمطين حيث اخرج بسنده عن مجاهد عن ابن عباس قال : " قدم يهودي يقال له نعثل الى رسول الله (ص) فقال : يا محمد اسألك عن أشياء تلجلج في صدري منذ حين فإن أجبتني عنها أسلمت على يديك .

قال (ص) : سل يا أبا عمارة .

فقال : يا محمد صف لي ربك .

فقال (ص) : إن الله لا يوصف إلاّ بما وصف به نفسه ، و كيف يوصف الخالق الذي تعجز العقول أن تدركه ، و الأوهام ان تناله ، و الخطوات ان تحده ، و الأبصار ان تحيط به ، جلًّ و علا عما يصفه الواصفون ، ناءٍ في قربه ، قريبٌ في نأيه ، و هو كيّف الكيف و أيّن الأين ، فلا يقال له أين هو ، منقطع الكيفية و الأينونية ، فهو الأحد الصمد كما وصف نفسه ، و الواصفون لا يبلغون نعته ، لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفواً احد .

فقال نعثل : صدقت يا محمد ، فأخبرني عن قولك إنه واحد لا شبيه له أليس الإله واحد و الإنسان واحد ؟

فقال (ص) : الله عزُّ و علا واحدٌ حقيقيٌ أحديُّ المعنى أي لا جزء له و لا تركيب له ، و الإنسان واحدٌ ثنائيُّ المعنى ، مركبٌ من روحٍ و بدن .

فقال نعثل : صدقت ، فأخبرني عن وصييك من هو ، فما من نبي إلا و له وصي ، و إنا نبينا موسى بن عمران أوصى إلى يوشع بن نون .

قال (ص) : إن وصيي علي بن أبي طالب و بعده سبطاي الحسن و الحسين ، تتلوه تسعة أئمة من صلب الحسين .

فقال نعثل : فسمهم لي .

قال (ص) : إذا مضى الحسين ، فابنه علي ، فإذا مضى علي ، فابنه محمد ، فإذا مضى محمد ، فابنه جعفر ، فإذا مضى جعفر ،فابنه موسى ، فإذا مضى موسى ، فابنه علي ، فإذا مضى علي ، فابنه محمد ، فإذا مضى محمد ، فابنه علي ، فإذا مضى علي ، فابنه الحسن ،فإذا مضى الحسن ، فابنه الحجة محمد المهدي فهؤلاء إثنا عشر .

قال نعثل : أخبرني عن كيفية موت علي والحسن و الحسين .

قال (ص) : يقتل عليّ بضربة على قرنه و الحسن يقتل بالسم ، و الحسين بالذبح .

قال نعثل : فأين مكانهم ؟

قال (ص) : في الجنة في درجتي .

قال نعثل : أشهد أن لا إله إلا الله ، و أنك رسول الله ، و أشهد أنهم الاوصياء بعدك ، و لقد وجدت في كتب الأنبياء المتقدمة ، و فيما عهد إلينا موسى بن عمران (عليه السلام ) ، أنه اذا كان آخر الزمان ، يخرج نبيُّ يقال أحمد و محمد و هو خاتم الانبياء ، و لا نبيُّ بعده ، فيكون أوصياؤه بعده إثنا عشر أولهم ابن عمه و ختنه- (الختن : زوج البنت ) .

ثم سأله النبي (ص) فقال له : أتعرف الأسباط ؟

قال نعثل : نعم ثم عدًّدهم . . .

فقال (ص) : كائنٌ في أمتي ما كان في بني اسرائيل حذو النعل بالنعل ، و القذّة بالقذة و إنّ الثاني عشر من ولدي يغيب حتى لا يرى و يأتي على أمتي بزمنٍ لا يبقى من الاسلام إلا اسمه و لا يبقى من القرآن إلا رسمه . فحينئذٍ يأذن الله تبارك و تعالى بالخروج ، فيظهر الله الاسلام به و يجدده ، طوبى لمن أحبهم و اتبعهم و الويل لمن أبغضهم و خالفهم ، طوبى لمن تمسك بهداهم .

فأنشأ نعثل هذه الأبيات :

صلى الإله العلى عليك يا خير البشر * انت النبي المصطفى و الهاشمي المفتخر

بكم هدانا الله ربنا و فيك نرجو ما أمر * و معشر سميتهم أئمةً اثنا عشـــــر

حباهم رب العلى ثم اصطفاهم من كدر * قد فاز من والاهم و خاب من عادى الزُّهر

آخرهم يسقي الظما و هو الامام المنتظر * عترتك الأخيار لي و التابعين ما أمـــــر

من كان عنه معرضاً فسوف تصلاه سقر

ينابيع المودة الجزء الثاني باب 31 ص 440 .

و عليه فلا يبقى مجالاً للشك في انه ابن الامام الحسن العسكري (ع) ، و ثبت عبر الروايات السالفة الذكر و لكن هل يعق بقاءه حياً إلى يومنا هذا .

اذ يفترض لحد الأن قد عاش اكثر من الف سنة ؟! و هل حدث هذا العمر الطويل لغيره ممن سبقه في الخلق ؟

هذا ما سنجيب عليه في البحث القادم انشاء الله تعالى .

[1] الا بعض الروايات النادرة التي تدل على انه من ولد العباس عم النبي (ص) او انه من ولد الحسن بن علي و لم يأخذ بها الأصحاب لتواتر ما دلّ على انه من ولد فاطمة و من ولد الحسين عليهم جميعاًُ سلام الله .

العمر الطويل علمياً و عملياً

هل يمكن لانسان ان يعيش قروناً كثيرة حيث يتجاوز عمره عمر الانسان العادي اضعاف الاضعاف ؟

ان المؤمن اذا أتينا له بدليل قرآني أو روائي فانه يسلّم بذلك ، و لكن بعض من -في قلوبهم مرض و بعض من لم يؤمن بالكتاب و السنة - يحتاج إلى دليل من نوع آخر و هو ما يطلقون عليه اسم الدليل العلمي ، و نرى لزوماً علينا من باب اكمال الحجة و البرهان ان نذكر بعض ما يطلبوه فنقول : لقد اثبت الأطباء امكانية بقاء الانسان حياً لفترة طويلة من الزمن و كمثال على ذلك فلقد اجريت بعض التجارب على بعض الحيوانات فامتد عمرها اكثر باضعاف عن عمرها الطبيعي ، والى هذا اشار الأطباء اصحاب مجلة المقتطف قائلين : " . . . العلماء الموثوق بعلمهم يقولون : ان كل الانسجة الرئيسية في جسم الحيوان يقبل البقاء الى ما لا نهاية له ، و انه بالامكان ان يبقى الانسان الوفاً من السنين اذا لم تعرض عليه عوارض تصرم حبل حياته ، و قولهم هذا ليس مجرد ظن ، بل هو نتيجة علمية مؤيدة بالامتحان . .

و غاية ما ثبت الآن ( اي قبل 34 عاماً ) من التجارب المذكورة ان الانسان لا يموت بسبب بلوغ عمره الثمانين او مائة سنة بل لان العوارض - كالصدمات التي تحصل للانسان بسبب فقد حبيب على نفسه من مال أو أخ أو زوج أو . . . - تنتاب بعض اعضائه فتتلفها ، و لارتباط اعضائه ، بعضها ببعض تموت كلها ، فاذا استطاع العلم ان يزيل هذه العوارض ، او يمنع فعلها لم يبق مانع من استمرار الحياة مئات السنين . . . " / مجلة المقتطف المصرية من المجلد 59 ص 239-240 طبع عام 1379 هـ .

و عليه فالامكانية العلمية موجودة و مجربة و لا مانع منها سوى عدم استطاعة العلم لحد الآن ان يزيل تلك العوارض ، هذا من ناحية العلم .

و أما من ناحية الواقع العملي ، فان العمر الطويل لم يكن مستهجناً في العصور السالفة بل كان امراً عادياً طبيعياً ، و لهذا نرى الشيخ ابوعبدالله محمد بن يوسف الكنجي ( في كتابه البيان في اخبار صاحب الزمان ) يستدل على كون المهدي ابن الامام الحسن العسكري و بالتالي فهو مولود و هو لا يزال حياً حيث يقول : " من الادلة على كون المهدي حياً باقياً بعد غيبته و الى الآن ، وانه لا امتناع في بقائه : بقاء عيسى بن مريم ، و الخضر ، و الياس من اولياء الله تعالى ، و بقاء الاعور الدجال و ابليس اللعين ، من اعداء الله تعالى ، و هؤلاء قد ثبت بقاؤهم بالكتاب و السنة .

اما عيسى : فالدليل على بقاءه قوله تعالى : " و إن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته" / سورة النساء آية 159 . و لم يؤمن به مذ نزول هذه الآية إلى يومنا هذا أحد ، فلا بد أن يكون في آخر الزمان . . .

و أما الخضر و الياس (ع) ، فقال ابن جرير الطبري : الخضر و الياس باقيان يسيران في الأرض . . .

و اما الدجال : فقد روى مسلم في صحيحه عن ابي سعيد الخدري حديثاً طويلاً عن الدجال فكان فيما حدّثنا انه قال : " يأتي ( الدجال ) و هو مُحرمٌ عليه ان يدخل عتبات المدينة ، فينتهي الى بعض السباخ التي تلي المدينة فيخرج اليه رجل هو خير الناس . . . فيقول الدجال : ان قتلتُ هذا و احييته أتشكو في الأمر ، فيقولون لا ، فيقتله ثم يحيه ، فيقول ( المقتول) حين يحييه : و الله ما كنت فيك قط اشد بصيرةً مني الآن ، فيريد الدجال ان يقتله ، فلن يسلط عليه ، قال ابراهيم ابن سعيد : يقال ان هذا الرجل هو الخضر . . .

و اما الدليل على بقاء اللعين ابليس ، فالكتاب و هو قوله : " انك من المنظرين " .

و اما بقاء المهدي ، فقد جاء في تفسير الكتاب عن سعيد بن جبير في تفسير قوله تعالى : "لُيظهره على الدين كله و لو كره المشركون " . سورة الصف ، آية 9 .

قال هو المهدي من ولد فاطمة رضي الله عنها ، و اما من قال انه عيسى ، فلا منافات بين القولين ، اذ هو مساعد المهدي ، و قد قال مقاتل بن سليمان و من تابعه من المفسرين في تفسير قوله تعالى : " و إنه لعلمٌ للساعة " ./ سورة الزخرف ، آية 61 .

هو المهدي يكون في آخر الزمان ، و بعد خروجه تكون امارات الساعة و قيامها . / نور الابصار للسيد مؤمن بن حسن بن مؤمن الشبلنجي ".

و كمثال آخر ما ذهب اليه العلامة سبط ابن الجوزي حيث قال : " و في التوراة : ان ذا القرنين عاش ثلاثة آلاف سنة و ستمائة سنة ، ولد في حجر آدم و عناق امه ، و قتله موسى بن عمران ، و ابوه سيحان ، و عاش الضحاك وهو ( بيورسب ) الف سنة ، و كذلك ( طهمورث ) و اما من الانبياء فخلق كثير بلغوا الالف ، و زادوا عليها ، كآدم ، و نوح ، و شيت ، و نحوهم . . . " . / تذكرة الخواص ص 364 طبع النجف 1964 م .

و بقي ان نذكر بعض الآيات القرآنية الحاكية عن نوح عليه السلام و عن يونس عليه السلام : يقول الله تعالى : " و لقد ارسلنا نوحاً الى قومه فلبث فيهم الف سنة الا خمسين عاماً ، فأخذهم الطوفان و هم ظالمون " . /سورة العنكبوت ، آية 14 .

فهذه الأية تشير ان دعوة نوح لقومه كانت (950 ) عام ، فكم كان عمره قبل البعثة ؟ و كم عاش بعد الطوفان ؟ فعن الامام جعفر بن محمد الصادق (ع) بسند صحيح انه قال : " ان نوحاً عاش الفي و ثلاثمائة سنة ، منها ثمنامائة و خمسون قبل البعثة ، و الف الا خمسين مع قومه يدعوهم ، و خمسمائة بعد نزوله من السفينة " .

و يقول الله تعالى حكاية عن وضع يونس (ع) : " و لولا انه كان من المسبحين للبث في بطنه الى يوم يبعثون " . / سورة الصافات ، آية 143 .

فيونس عليه السلام لو لم يكن من المسبحين لله تعالى و هو في جوف ذلك الحوت لبقي حياً كما قال تعالى إلى يوم البعث و هو يوم القيامة .

و عليه فان كان هذا العمر الطويل طبيعياً فلماذا نستغربه في المهدي المخلٍّص .

و فوق كل ما تقدم من دليل نقول : ان العظمة الالهية ، و القدرة التي لا يردها شيء ، الذي يقول للشيء كن فيكون ، و الذي قال للنار كوني برداً و سلاماً فكانت كذلك لابراهيم (ع) و الذي نصر دينه مع قلة الناصر و كثرة العدو . . اليس بقادر ان يمد في عمر المهدي ؟ بلى ، انه لقادر على كل شيء .

و بعد هذا يتبادر السؤال عن غيبة المهدي عن امته ، ترى ما هي اسباب غيبته عنا ؟

و هذا ما سنجيب عليه في البحث القادم انشاء الله تعالى .

الغيبة اقسامها و اسبابها

عن جابر بن عبدالل الأنصاري (رض) قال : قال رسول الله (ص) : " المهدي من ولدي ، اسمه اسمي ، و كنيته كنيتي ، أشبه الناس بي خلقاً و خلقاً ، تكون له غيبة و حيرة ، يضلُ فيها الامم ، ثم يقبل كالشهاب الثاقب ، يملؤها عدلاً و قسطاً ، كما ملئت جوراً و ظلماً " ./فرائد السمطين للجويني المجلد 2 الباب 16 ص 335 طبع بيروت 1398 هـ .

و جاء ايضاً في فرائد السمطين بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) : " . . . و من ولده ( أي علي عليه السلام ) القائم المنتظر الذي يملأ الله به الأرض عدلاً و قسطاً ، كما ملئت ظلماً و جوراً ، و الذي بعثني بالحق بشيراً ، ان الثابتين على القول بامامته في زمان غيبته لأعز من الكبريت الأحمر .

فقام اليه جابر بن عبدالله الأنصاري فقال : يا رسول الله (ص) و للقائم من ولدك غيبة ؟ فقال (ص) : اي و ربي ليمحص الله الذين آمنوا و ليمحق الكافرين ، يا جبر ان هذا لأمرٌ من الله ، و سر من سر الله ، مطوية عن عباده ، فإياك و الشك ، فان الشك في امر الله كفر . " / فرائد السمطين : آخر الجزء الثاني ، و اخرجه ينابيع المودة ص 489 مع اختلاف ببعض الفاظه ، و نقله في المناقب للخوارزمي الحنفي .

اما معنى الغَيبة : فنريد بها الاسلوب الذي يتبعه الامام لاحتجاجه عن الناس ، فله صورتان :

الصورة الأولى : و هي الصورة المتعارفة في اذهان الناس و التي تقول : ان المهدي يختفي بجسمه عن الأنظار فهو (ع) يرى الناس و لا يرونه - الا في بعض الحالات التي تكون هناك مصلحة في ظهوره على بعض الناس من اجل توجيههم او انذارهم - .

الصورة الثانية : و هي صورة خفاء العنوان و التي تقول : ان الناس يرون الامام المهدي (ع) بشخصه من دون ان يكونوا عارفين او ملتفتين لحقيقته .

و يظهر من كلام كبار العلماء و الذي سندوه ببعض الروايات ان الصورة الثانية هي الأصح اذ ورد ان الامام يحضر بعض الاماكن فقد ورد الحديث عن النائب الثاني الشيخ محمد بن عثمان العمري انه قال : " و الله ان صاحب هذا الأمر ليحضر الموسم كل سنة يرى الناس و يعرفهم ، و يرونه و لا يعرفونه " .

و لعل السبب في ذلك عدم كشف شخصه ( سلام الله عليه ) .

سبب الغيبة :

لقد علَّل بعض من كتب عن المهدي المخلص في بيان سبب الغيبة بان الظروف القاسية التي كان يعيشها المجتمع في ظل العباسيين ، من قتلٍ و نهبٍ و سجنٍ و إرهاب هي التي دعت الامام المهدي إلى الغيبة .

و ذكر البعض مميزاً بين الغيبة الكبرى و الصغرى بأن الغيبة الصغرى - و التي استمرت حوالي السبعين عاماً- كان سببها الحكم الظالم في ذلك الوقت ، أما الغيبة الكبرى- و التي هي مستمرة الى يومنا هذا بل الى أن يأذن الله تعالى - فجاءت لتمحيص الناس و تمييزهم المؤمن من الكافر من الفاسق الخ . . . و قد قيل غير ذلك مما يطول الكلام بذكره .

فهل هذه اسباب الغيبة ؟! و لبيان ذلك لابد من مقدمة صغيرة .

فنقول : صحيح ان الوضع الذي كان في عصر الامام الحسن العسكري و ولده الحجة ( عليهما سلام الله ) و انصارهم كان لا يحتمل ، فمن قتلٍ الى سجنٍ الى تشريدٍ الى تجويع ٍ الى تخويفٍ .

إلا أن هذا كله لا يستدعي ان يغيب الامام عن أنظار الناس لانه عاش ذلك و عرفه و صبر عليه من خلال سيرة اجداده الكرام حيث انه : ما منهم إلا مقتول أو مسموم .

و الإجابة عن سبب الغيبة تقتضي بيان أمرين :

الأمر الأول : إن التخطيط الالهي اقتضى الغيبة ، و بمعنى آخر كانت مشيئة الله سبحانه و تعالى و حكمته ان يغيب القائد الأخير عن انظار أمته و جماعته لفترةٍ معينة من الزمن ، و هذه الغيبة هي سرٌ من الأسرار الغيبي التي لا يعلمها إلا الله عز و جل و من ارتضى ...

أما السبب الواقعي للغيبة فلا نعلمه ، نعم نستفيد ظناً و لا دليل على ذلك بأن الامتحان و الاختيار و ان لا يكون لأحد في عنقه بيعة هي بعض اسباب الغيبة اما السبب الحقيقي فهو سرٌ من أسرار الله تعالى و لهذا نجد الرواية عن الامام جعفر بن محمد الصادق (ع) و التي نقلها عبد الواحد بن محمد الميدايني عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال : سمعت الصادق جعفر بن محمد (ع) يقول :

إن لصاحب هذا الأمر غيبة لا بد منها ، يرتاب فيها كل مُبطل .

فقلت : و لم جعلت فداك ؟

قال : لأمرٍ لم يؤذن لنا في كشفه .

قلت : فما وجه الحكمة في غيبته ؟

قال : وجه الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره ، إن وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلا بعد ظهوره كما لا ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر- من خرق السفينة ، و قتل الغلام ، و إقامة الجدار - لموسى (ع) إلا وقت إفتراقهما . يا بن الفضل : إن هذا الامر أمرٌ من أمر الله تعالى ، و سرٌ من أسراره ، و غيبٌ من غيب الله ، و متى علمنا أنه عز و جل حكيم صدّقنا بأنّ أفعاله و أقواله كلها حكمة ، و إن كان وجهه غير منكشف لنا .

/ منتخب الأثر : باب 28 ص 271 عن كمال الدين .

و في رواية اخرى عن محمد بن محمد بن عصام الكليني عن اسحاق بن يعقوب محمد بن الحسن المهدي (ع) ، في آخر التوقيع الوارد عن أحمد بن عثمان العمري ، يسأله عن هذا الأمر أجاب (ع) : " إن الله عز و جل يقول : " يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤءكم " .( سورة المائدة/ آية 101 ) .

فاغلقوا باب السؤال عما لا يعنيكم ، و لا تكلفوا علم ما قد كفيتم ، و أكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإن ذلك فرجكم و السلام عليك يا إسحاق بن يعقوب الكليني و على من اتبع الهدى "

و بالتمعن بهاتين الروايتين نجد أن الامامين عليهما السلام يريدان من أتباعهما و من السائلين عدم الخوض نجد أن الامامين عليهما السلام يريدان من أتباعهما و من السائلين عدم الخوض في هذا الأمر ، و أرجع ذلك إلى علم الله تعالى و حكمته ، بل إن الامام الصادق (ع) قد ضرب مثالاً توضيحياً عن عدم كشف هذا السر الغيبي كما انه لن يكشف سر خرق السفينة و قتل الغلام و اقامة الجدار لموسى (ع) إلا بعد انقضاء الأجل المضروب من الحكيم ( عز و علا ) لهذا الأمر .

و تأكيداً لمسألة الغيبة و أنها من الغيبيات و الاسرار حديث النبي الذي دار بينه و بين نعثل فراجع ما تقدم .

الأمر الثاني : فإذا كانت الغيبة مخطط لها منذ زمن النبي (ص) و هي سرُ من اسرار الله تعالى فلماذا تنقسم الى صغرى و كبرى ؟!

نقول : إن الغيبة الصغرى تعبر عن المرحلة الاولى من إمامة المهدي (ع) ، فقد قدر لهذا الامام- كما يرى بعض الكتاب المعاصرين- أن يستتر عن المسرح العام و يظل بعيداً باسمه عن الأحداث و إن كان قريباً منها بقلبه و عقله .

و الغيبة الكبرى من دون الصغرى تكون صدمة كبيرة للقواعد الشعبية في الامة الاسلامية لأن هذه القواعد إعتادت ان تكون متصلة دائماً بقيادتها الشرعية و الرجوع لها في كل الأمور ، و هذا يعني أن الغيبة الكبرى من دون الصغرى فراغ دفعي هائل يعصف بالكيان الشعبي .

فكان لا بد من التمهيد لهذه الغيبة الكبرى لكي تألفها هذه القواعد بالتدريج ، و تكيف نفسها شيئاً فشيئاً على أساسها و كان هذا التمهيد هو عبارة عن الغيبة الصغرى و التي اختفى بها الامام المهدي عن المسرح العام غير أنه كان دائم الصلة بقواعده ىالشعبية و ذلك عن طريق وكلائه و نوابه الثقاة من أصحابه الذين يشكلون همزة الوصل بينه و بين الناس المؤمنين بخطه الامامي .

و قد استغل مركز النيابة عن الامام في غيبته الصغرى اربعة ممن اجمعت تلك القواعد الشعبية من تقواهم و ورعهم و نزاهتهم التي عاشوا ضمنها .

و كانوا على الترتيب فاذا مات احدهم خلفه الآخر بأمر من الامام المهدي و هو كما يلي :

1-عثمان بن سعيد العمري .

2-محمد بن عثمان بن سعيد العمري .

3-ابو القاسم الحسين بن روح .

4-ابو الحسن علي بن محمد السمري .

و هؤلاء النواب كانوا همزة الوصل بين الناس و الامام المهدي فكانوا يحملون اسئلة و مشاكل الناس إلى الامام و يحملون الأجوبة و الحلول من الامام إلى الناس ، و لقد وجدت القواعد الشعبية بهذه النيابة العزاء و السلوة عن فقدهم الامام مباشرة ، و كانوا يلاحظون توقيعات الامام و خط يده منذ اول نائب و حتى الأخير و استمرت هذه الغيبة الصغرى حوالي سبعين عام و كان السمري هو آخر النواب حيث أعلن عن قرب أجله حيث أخبره الامام عن بدء مرحلة الغيبة الكبرى و انتهاء مرحلة الغيبة الصغرى ، و كان ذلك عام 329 هـ ، و كان عمر الامام المهدي آنذاك اربع و سبعون عاماً قضى منها اربع سنين و نصف مع والده و تسعة و ستون عاماً و نصف العام في غيبته الصغرى و كان آخر حديث له : " و أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم ، و انا حجتة الله عليهم . . . " .

و تميزت الغيبة الكبرى عن الصغرى ان لا أشخاص معينون بالذات للوساطة بين الامام القائد و شعبه .

فتبين مما تقدم ان الغيبة الصغرى كانت مهمتها تحصين الامة تدريجياً عن الصدمة و الشعور بالفراغ الهائل الذي يسببه غياب الامام القائد .

و إذا عرفنا الغيبة و زمنها فيأتي السؤال متى تنتهي هذه الغيبة و متى يظهر الامام المهدي (ع) ؟

و هذ ما سنجيب عليه في البحث القادم إنشاء الله .

متى يظهر الامام ؟

و للاجابة عن هذا السؤال نطرح تساؤلين و نجيب عليهما :

-السؤال الأول : هل لظهوره وقت محدد مؤرخ نعرفه نحن ؟

-السؤال الثاني : هل هناك علامات و امور تدل على قرب ظهوره (ع) ؟

أما الإجابة عن السؤال الأول فنقول :

إن لظهور المهدي عليه السلام وقت محدد لا نعلمه نحن و كل الروايات التي وردت في هذا الموضوع أكدت على كذب من يحدد وقتا تاريخياً معيناً .

و أما الإجابة على السؤال الثاني فانه قد وردت روايات كثيرة تشير الى بعض العلامات التي تسبق المهدي و تشير الى بعض آخر تظهر مع المهدي (ع) .

و يمكن تقسيم كل هذه العلامات الى قسمين :

-القسم الأول : العلامات العامة ، و التي تشير الى الانحرافات التي تنتشر في الأوساط الاسلامية و غيرها ، و تتلوث بها المجتمعات البشرية ، و هذه العلامات تكون قبل ظهور المهدي (ع) بفترةٍ زمنية و ربما تكون قبل ظهور المهدي (ع) بسنوات طويلة فسي ليست ملازمة مباشرةً لظهوره (ع) و نذكر هنا بعض الروايات التي تشير الى ذلك .

جاء في حديث قُرّة بن أياس المزني بسنده عن معاوية بن قرة عن أبيه قال : قال رسول الله (ص) : " لتملأن الأرض جوراً و ظلماً ، فإذا ملأت ظلماً و جوراً ، بعث الله عزّوجل رجلاً مني ، اسمه اسمي . . . " / مسند الحرث بن ابي اسامة .

و هذه الحالة - الجور و الظلم- لا يمكن أن تكون إلا عبر فترةٍ زمنية ٍ طويلةٍ حيث يتمكن الظلمة من السيطرة على العروش فيفسدون المجتمعات و يمنعون اعلان الايمان و يقلبون المجتمع الاسلامي رأساً على عقب و ساعتئذٍ يمكن ان نقول ملئت بالجور و الظلم لكل الأرض .

يقول الحاكم : . . . عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله (ص) : "لا تقوم الساعة حتى تملأ الأرض جوراً و عدواناً ، ثم يخرج رجل من أهل بيتي ، يملئها قسطاً و عدلاً كما ملأت ظلماً و عدواناً " .

و جاء في عقد الدرر و قد أخرج بسنده عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) انه قال : " لا يخرج المهدي حتى يقتل ثلث ، و يموت ثلث ، و يبقى ثلث " / عقد الدرر حديث 101 الباب اربعين و قد أخرجه المقري في سننه و الحافظ نعيم بن حماد في كتاب الفتن و اخرجه العرف الوردي ج 2 ص 68 و اخرجه كنز العمال ج 7 ص 268 مع اخلاف يسير في اللفظ .

و جاء في عقد الدرر حيث أخرج بسنده عن أبي عبدالله الحسين بن علي عليه السلام قال : " لا يكون الامر الذي تنتظرونه - يعني ظهور المهدي (ع) - حتى يبرأ بعضكم من بعض ، و يشهد بعضكم على بعض ، و يلعن بعضكم بعضاً .

فقلت : أفي ذلك الزمان من خير ؟

فقال (ع) : الخير كله في ذلك الزمان ، يخرج المهدي فيرفع ذلك " . / عقد الدرر حديث 103 الباب الرابع .

و عن اسعاف الراغبين قال : و في الفتوحات لمحي الدين : أن ظهور المهدي (ع) بعد أن يخسف القمر في اول ليلةٍ من شهر رمضان و تنكسف الشمس في النصف منه ، فإن مثل ذلك لم يوجد منذ خلق الله السموات و الارض .

و نلاحظ أن هذه المسألة إعجازية لعدم امكان ذلك فلكياً إذ المعتمد و الجاري حسب تنظيم الله تعالى عكس ذلك تماما ً .

وفي بعض الروايات علاماتٍ اخرى حصل بعضها و لم يحصل البعض الأخر و نذكرها اجمالاً : " إذا أمات الناس الصلاة ، و أضاعوا الأمانة ، و استحلوا الكذب ، و أكلوا الربا ، و أخذوا الرشا ، و باعوا الدين بالدنيا و استعملوا السفهاء ، و قطعوا الارحام ، و اتبعوا الاهواء ، و استخفوا بالدماء ، . . . و منها : نزول الترك الجزيرة ، و نزول الروم الرملة ، نار تظهر بالمشرق طولاً و تبقى في الجو ثلاثة ايام أو سبعة ايام ( هذا الترديد الى الشك من الراوي ) ، و قتل مصر أميرهم و خراب الشام ، و موت ذريع ، و نقص في الاموال و الانفس و الثمرات ، و اختلاف صنفين من العجم ( كل ما هو غير عربي ) و سفك دماء كثيرة بينهم و تشبه النساء بالرجال و الرجال بالنساء ، و اكتفاء النساء بالنساء و الرجال بالرجال .

و غير ذلك في العلامات العامة التي حصل قسم منها .

أما القسم الثاني و هي العلامات التي تظهر في سنة خروج المهدي (ع) أو في ايام خروجه و نستطيع القول بأن هذه العلامات حتمية الوقوع لكثرة الروايات المؤكدة لذلك و هي خمسة علامات : السفياني ، اليماني ، النداء ، خسف في البيداء ، قتل النفس الزكية .

عن عقد الدرر عن ابي عبدالله الحسين بن علي (ع) انه قال : " للمهدي ( أي لخروجه ) خمس علامات : السفياني ، و اليماني ، و الصيحة من السماء ، و الخسف في البيداء ، و قتل النفس الزكية " . / عقد الدرر حديث 157 من الفصل الثالث .

و سنعرض عرضاً موجزاً لهذه العلامات الخمسة .

السفياني

و هو الرجل الذي يقود جيش الضلالة و الفتنة و يحكم بعض المناطق و يقود جيشه بعدئذٍ لمحاربة الامام المهدي (ع) و وردت به روايات عديدة .

أما من جهة نسبه فهو من ذرية أبي سفيان بن حرب ، ففي عقد الدرر أخرج بسنده عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) : " يخرج رجلٌ يقال له السفياني في عمق دمشق ، و عامة من يتبعه من كلب ( اسم احدى القبائل ) فيقتل حتى يبقر بطون النساء و يقتل الصبيان " ./ عقد الدرر حديث 143 الباب 4 واخرجه ايضاً كنز العمال ج 7 ص 188 نقلاً عن المستدرك للحاكم .

و في العرف الوردي للسيوطي قال : قال حذيفة : حتى انه يطاف بالمرأة في مسجد دمشق في الثواب ( أي من غير ستر ) على مجلسِ مجلس ، حتى تأتي فخذ السفياني و هو في المحراب قاعد ، فيقوم رجلٌ مسلم من المسلمين فيقول : ويحكم إنّ هذا لا يحل فيقوم فيضرب عنقه و يقتل كل من شايعه على ذلك . / العرف الوردي ج2 ص 81 .

و أما أوصافه : فقد قال ابن الصباغ : . . . إن السفياني رجل من ولد خالد بن يزيد بن أبي سفيان ، ضخم الهامة ، بوجهه أثر الجدري ، بعينه نكته بيضاء . . . / إسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار ص 127 .

و أما موطنه : فقد أخرج في عقد الدرر بسنده عن أمير المؤمنين (ع) قال : " السفياني . . . يخرج من ناحية مدينة دمشق في وادٍ يقال له الوادي اليابس " . / عقد الدرر حديث 122 باب 4 و في حديث آخر بسنده عن علي (عليه السلام) من قرية يقال لها حرستا و هي موجودة الأن ، و قد ذكرت مسألة السفياني في : تفسير القرآن الطبري و تفسير القرآن للثعلبي الشافعي و في كتب أخرى كثيرة .

و أما حركته العسكرية : فبعد استيلائه على الكور الخمسة : دمشق ، حمص ، فلسطين ، الاردن ، قنسرين ، و بعد القتل و الحرق و العقر و ..... و ...... و ..... يجهز جيشاً لمحاربة الامام المهدي بعد أن يسمع بظهوره و يجهز جيشاً آخراً لسحق حركة التمرد و العصيان في العراق .

يقول ابو اسحاق الثعلبي في تفسيره : قال رسول الله (ص) و ذكر فتنة تكون بين المشرق و المغرب ، : فبينما هم كذلك ، إذْ خرج السفياني ، من الوادي اليابس ، في فورة ذلك ، حتى ينزل دمشق ضحى ، فيبعث جيشين ، جيشاً إلى الشرق ، و جيشاً الى المدينة ، حتى اذا نزلوا بأرض بابل ، بالمدينة الملعونة ، و البقعة الخبيثة ، فيقتلون اكثر من ثلاثة آلاف و يبقرون بها اكثر من مائة امرأة ، و يقتلون بها ثلاثمائة كبش من بني العباس ، ثم ينحدرون الى الكوفة ، فيخربون ما حولها ، ثم يخرجون متوجهين الى الشام ، فتخرج راية من الكوفة ، فيلحق ذلك الجيش منهم مسيرة ليلتين ، فيقتلونهم ، فلا يفلت منهم إلا مخبر ، و يستنقذون ، ما بأيديهم من السبي و الغنائم . . . " ./ راجع عقد الدرر : عن ابو اسحاق في تفسير الآية 8 من سورة سبأ .

و تكون نهاية السفياني على يدي الامام المهدي (ع) و يساعده في ذلك عيسى (ع) حيث انه ينزل و يصلي خلف المهدي (ع) كما اشارت الروايات ، و كل حركة السفياني لا تدوم أكثر من خمسة عشر شهراً .

اليماني

ان الأحاديث التي وردت في اليماني لم تكن مفصلة بما فيه الكفاية و يمكن تلخيص ما تشير اليه الأحاديث بأنه :

رجل من أهل اليمن ، يظهر من اليمن و معه قومه ، و يكون ظهوره قبل السفياني بفترة وجيزة ، أو مقارناً للسفياني ،

و رايته راية حق و هدى ، يناصر الدين ، و يدعو إلى راية المهدي ، و يقاتل السفياني و على من يشهده ان ينضم لنصرته .

الصيحة

و هذه العلامة الحتمية الثالثة ، و لعلها من أبرز الآيات ، و أوضح البراهين و العلامات على ظهور المهدي (ع) ، و من ميزات هذه الآية : انها تؤثر في نفوس البشرية لغرابتها ، و قد وصفت روايات كثيرة هذه الصيحة بانها توجب اضطراب النفوس ، و تسلب الناس صفائهم و استقرارهم ، و جاء في بعض الأحاديث ان هذه الصيحة ، توقظ النائم ، و تفزع اليقظان ، و تخرج الفتاة من خدرها من شدة الذهول الذي يصيبها ، حيث انها خارقة لقوانين الطبيعة ، و قد تكون الانذار الأخير لكثيرٍ من الناس ، للعودة الى رشدهم و هديهم .

و طبيعة النداء : ان نسمع صوتاً يعم الكون كله ، و كلٌ يفهمه بلغته ، في منتصف شهر رمضان المبارك أو آخره بأنه : ظهر الامام محمد بن الحسن المهدي (ع) و ان رايته راية حق .

قال في عقد الدرر : عن ابي عبدالله الحسين بن علي (ع) انه قال : " . . . و ينادي من السماء منادٍ ، باسم المهدي ، فيسمع من بالمشرق و المغرب ، حتى لا يبقى راقد الا استيقظ ، و لا قائم الا قعد و لا قاعد الا قام على رجليه فزعاً ، فرحم الله من سمع ذلك الصوت فأجاب ، فإن الصوت الأول صوت جبرائيل الروح الأمين (ع) " ./ عقد الدرر : حديث 148 الباب الرابع .

و أخرج عقد الدرر ايضاً بسنده عن المعجم الطبراني و من مناقب المهدي (ع) لأبي نعيم ، و رواه الحافظ ابو نعيم بن حمّاد في كتاب الفتن قال : اذا نادى منادٍ من السماء ، ان الحقّ في آل محمد ، فعند ذلك يخرج المهدي (ع) ./ عقد الدرر : حديث 183 الباب السادس .

الخسف في البيداء

و هي من الحتمية الرابعة ، والتي تكون بعد ظهور السفياني و بعد ظهور الامام (ع) و بعد الصيحة أيضاً .

فعند ظهور السفياني و استيلائه على عدة مناطق و مدن ، يسمع بظهور الامام المهدي (ع) ، وانه اقام في المدينة ، و هو المنازع الوحيد له فيرسل جيشاً جراراً لقتل المهدي ، و عند وصول الجيش إلى المدينة ، يعرفون أن المهدي قد خرج الى مكة ، فيستبيحون المدينة ثلاثة أيام ، ثم يخرجون متجهين الى مكة لطلب الامام و عند وصولهم منتصف الطريق بين مكة و المدينة ،: ينادي منادٍ : يا بيداء ابيدي القوم فيخسف بهم فلا يبقى منهم احداً .

و أشارت بعض الروايات الى بقاء شخصين احدهما يذهب الى السفياني ليخبره و آخر يذهب الى الامام المهدي (ع) ليبشره .

عن مسلم في صحيحه ، في حديث عن ام سلمة ، ان رسول الله (ص) قال : " سيعوذ بهذا البيت - يعني الكعبة - قوم ليست لهم منعة و لا عدد و لا عدة ، يبعث اليهم جيش ، حتى إذا كانوا ببيداء الأرض خسف بهم " ./ رواه مسلم في صحيحه : ج2 ص 494 .

و في عقد الدرر قال : ذكر ابو اسحاق الثعلبي ، في تفسير قوله تعالى من سورة سبأ : " إن نشأ نخسف بهم الأرض " ./ سورة سبأ ، آية 8 .

قال : قال رسول الله (ص) : و ذكر فتنة تكون بين أهل المشرق و المغرب . . . فيرحل جيشهم (جيش السفياني ) الى المدينة ، فينهبونها ثلاثة أيام و لياليها ، ثم يخرجون متوجهين الى مكة ، حتى اذا كانوا بالبيداء ، بعث الله عزوجل لهم جبرائيل ، فيقول : يا جبرائيل اذهب قاتلهم ، فيضربها ( الأرض) برجله ضربةً فيخسف الارض بهم ، و ذلك قوله في سورة سبأ .

قتل النفس الزكية

النفس الزكية هو رجل يقتل بلا ذنب ، و تشير الروايات بأنه من آل الرسول (ص) إما حسني أو حسيني .

يرسله الامام المهدي (ع) إلى أهل مكة ليستنصرهم إلى جانبه ، فلا يجيبوه بل ينقضون عليه و يقتلون ذبحاً بين الركن و المقام .

و يكون بين ذبحه و بين قيام المهدي (ع) خمسة عشر يوماً .

فعن عقد الدرر قال : قال الراوي : سألت عبدالله بن مسعود ، عن النفس الزكية قال : هو من أهل البيت ، و عند قتله ظهور المهدي (ع) . /عقد الدرر : الفصل الرابع حديث 158 .

و عن السيوطي قال : اخرج ابن أبي شيبه عن مجاهد قال : حدثني فلان رجل من اصحاب النبي (ص) : ان المهدي لا يخرج حتى تقتل النفس الزكية ، فإذا قتلت النفس الزكية ، غضب عليهم من في السماء ، و من في الأرض فأتى ( فيأتي) الناس المهدي (ع) فزفوه كما تزف العروس الى زوجها ليلة عرسها ، و هو يملأ الأرض قسطاً و عدلاً ، و تخرج الأرض نباتها ، و تمطر السماء مطرها ، و تنعم امتي في ولايته نعمةً لم تنعمها قط . / العرف الوردي في أخبار المهدي : جزء 2 ص 65 .

و تدل بعض الروايات بان هذه الحادثة تكون قبل الصيحة السماوية .

جاء في الملاحم و الفتن بسنده عن عمار بن ياسر قال : " اذا قتل النفس الزكية و اخوه يقتل بمكة ضيعة نادى منادٍ من السماء ، أن اميركم فلان ( المهدي ) و ذلك المهدي الذي يملأ الأرض ( حقاً أو ) خصباً و عدلاً ./ الملاحم و الفتن : ج1 ص 37 ، و أخرجه عقد الدرر باب 1 من الفصل الثالث ، حديث 109 .

و آخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة و السلام على محمد وآله و صحبه المنتجبين

* * *

/ 1