عليٌّ أميرُالمؤمنينَ في تفاسيرِ علماءِ أهلِالسُّنَّةِ
محمد ابراهيم خليفة التستري (شوشتري)
الإنسانية في جامعةالشهيد بهشتي بطهران
الحمدُلِلّهِ رَبِالعالَمِينَ و صَلّياللّهُ علي خيرِ خلقِهِ أجمعين محمدٍ النَّبِيِالعظيمِ و أهل بيتهالطيبينالطاهرينَالمعصومينَ و سلَّمَ تسليماً كثيراً.
(رَبِّ اشْرَحْ لي صَدْري. و يَسِّرْ لِيْ أَمْرِيْ. وَ احْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي. يَفْقَهُوا قَوْلِيْ) (طه / 25-28).
إنه لاَفتخارٌ عظيمٌ حقاً أنْ يُوَفَّقَالباحثُ لإلقاءِالضَّوءِ علي جزء من بُعْدٍ منالأبعادِالكثيرةالمتنوعةِ لشخصيةِ أميرالمؤمنينَ عليِبنِ أبيطالبٍ عليهالسلامُ. تلكالشخصيةُالفَذَّةُالعظيمةُالتي تسابقَ ذَوُوالحكمةِ إلي إدراكها والإلمامِ بها. لكنَّ العَجْزَ والقُصُورَ قعدابهِمْ فأقَرُّوا و تصاغروا؛ لأنهالقرآنُالناطقُ قولاً و فعلاً، فهوالمعجزةُالخالدةُ دنياً و آخرة. إذ إنه بعدَ أنْ أَمَرَالناسَ بما أمرَهُمُاللّهُ بهِ و نَهاهُمْ عمّانَها هُمُاللّهُ عنه قال: «أَيُّهاالنّاسُ، إنّي ـ واللّهِ ـ ما أَحُثُّكُمْ علي طائَةٍ إلاّ و أسْبِقُكُمْ إليها، ولا أَنْهاكُمْ عن مَعصِيةٍ إلاّ و أَتَناهي قَبلَكُمْ عنها.» (نهجالبلاغه: الخطبة 175).
و إنَّ هذهالمقالة سَعْيٌ مُتَواضعٌ للإشارة إلي بعض الآياتالقرآنيةالكريمةالتي صرَّحَ في تفسيرِها علماءُالتفسيرِ منالسُّنَّةِ بأنَّها نزلَتْ في حَقِالنّبيِّ و أَهلِ بيتهِ ( عليٍ و فاطمةَ والحسنِ والحسين) صلّياللّه عليه و عليهم و سلّم. و كذاالتي صَرَّحُوا بنزولها في حَقِّ عليٍ أميرالمؤمنين ـ عليهالسلامُ ـوحدَهُ و كذلكالتي صَرَّحُوا بنزولها في حَقِّ عليٍ و أهلِ بيتهِ (فاطمةَ والحسنِ والحسينِ).
و لقد اقتَصَرْتُ في هذهالمقالةِالمختصرةِ علي عشرِ آياتٍ من ثماني سُوَرٍ. علماً بأنَّ سورةَ (الإنسان) قد نزلت كُلُّها في حَقِّ أهلِالبيت عليهمالسلام. و قد وجَدْتُ أنَّ تفاسيرَالعلماءِ لهذهالآياتِالكريمات نوعان هما:
الأول: التفاسيرالتي جزم فيهاالعلماء كُلُّهُمْ أو بعضهم بنزول تلكالآيات في أهلالبيت عليهمالسلامُ سواءٌ أكانَتْ نازلةً في حَقِّ عليّ ـ عليهالسلامُ ـ وَحْدَهُ مثل آيةِالولايةِ أم كانت نازلة في أهلِالبيت(ع) كآيةالتطهير.
الثاني: التفاسيرالتي ذكر فيهاالعلماءُ روايات نزولالآيات في عليّ(ع) مع روايات أخري تذكر نزولها في غيره مثلُالآيةِالسابعةِ والسِّتِّينَ من سورةالمائدة.
و إنَّ منهجي في هذه المقالة أنني أذكر أولاً الآيةَ الكريمةَ، و أكتبُ تحتها عنواناً مستفاداً و منتزعاً من نصوصالمفسرين. و بعد ذلك أنقلُ نصوصَالمفسرين من علماء السنةالبارزين. ثم أذكر ما فهمته و استنبطته من تلكالنصوصِ. علي أنني قد ناقشتُ بعضَالمفسرينَ لأنني وجدتُ ذلك لازماً.
و قد اعتمدتالمصادرالتالية أذكرها. بحسبالتّرتيبالزّمنيّ:
1. معانيالقرآن لأبي زكريا الفراء (المتوفي سنة 207 ه·· ق)
2. معانيالقرآن و إعرابه لأبي اسحق ابراهيمالزجاج (المتوفي سنة 311 ه·· ق)
3. إعرابالقرآن لأبي جعفرالنحاس (المتوفي سنة 338 ه·· ق)
4. أسبابالنزول لأبيالحسن عليبن أحمدالواحديّ (المتوفي سنة468 ه·· ق)
5. الكَشّاف لأبيالقاسم محمودبن عمرالزمخشريّ (المتوفي سنة 538 ه·· ق)
6. الُمحَرَّرُالوجيزُ في تفسيرالكتابالعزيز لابن عطيّةَالغِرناطيّ (المتوفي سنة 541 ه·· ق)
7. التفسيرالكبير لفخرالدين الرازيّ (المتوفي سنة 606 ه·· ق)
8. مسائلالرازيّ من غرائب آيالتنزيل لمحمدبن أبيبكربن عبدالقادرالرازي (المتوفي سنة 666 ه·· ق)
9. البحرالمحيط لأبي حيانالأندلسيّ (المتوفي سنة 754 ه·· ق)
10. لبابُالنُّقُولِ لجلالالدين السيوطيّ (المتوفي سنة 911 ه·· ق)
* و سأذكرالآياتالكريمة بحسب ترتيبالسورالقرآنية.
و مناللّه تعالي أَستَمِدُّالعَوْنَ والتَّسديدَ إنَّه نِعمَالمولي و نعمَالنَّصيرُ.
قالالزمخشريّ: «و عن رسولِاللّهِ ـ صلّياللّهُ عليه و سلَّم ـ :
(سُبّاقُالأُمَمِ ثِلاثَةٌ لَمْ يَكْفُرُوا باللّهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ: عليُّ بنُ أبي طالبٍ، و صاحبُ يس، و مُؤمِنُ آلِ فرعَونَ)» (الزمخشري: ج 4، ص 10).
و هذا يعني أنَّ علياً(ع) هوالمؤمنُالوحيدُالذي كانَ أفضلَالمؤمنينَ بعدالنّبيّ(ص)؛ لأنه سَبّاقُالأمَّةِالاسلاميةِ.
الآية الأولي
قالَاللّهُ تعالي:
الحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلا تَكُن مِّنَالمُمْتَرِيْنَ. فَمَنْ حَآجَّكَ فِيْهِ مِنْ بَعْدِ ما جَاءَكَ مِنَالْعِلْمِ فَقُلْ تَعَاْلَوْا نَدْعُ أَبْنَاْءَنا و أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَاللّهِ عليالكاذِبِيْنَ (آلعمران/60و61).
1. عَلِيٌّ هو نَفْسُ محمدٍ رسولِاللّهِ(ص)
قالالواحدي (أسبابالنزول: ص 68) و هو يُفسِّرُ و يذكر سببالنزول:
فغدا رسولُاللّهِ صلّياللّهُ عليه و سلّمَ، فأخذ بيدِ عليٍّ و فاطمةَ، و بيدِالحسن والحسين. ثم أرسلَ إليهما(1) فأبيا أنْ يُجيبا، فأقَرّا له بالخراج... قال جابرُبنُ عبداللّه: فنزلَتْ فيهم(2) هذهالآيةُ: (فقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أبناءَنا و أبناءَكُمْ و نساءَنا و نساءَكُمْ و أَنْفُسَنا و أَنْفُسَكُم.) قالالشِّعبِيّ: أبناءنا: الحسن والحسين، و نساءنا: فاطمة، و أنفسنا: عليُّبنُ أبي طالبٍ رضياللّهُ عنهم.
فالواحدي روي سببَالنزولِ بطريقين: الأول، الحسنالبصريّ؛ والثاني جابربن عبداللّه الأنصاريّ.
و قالالزمخشري (الكشّاف: ج 1، صص 368-369) و هو يُفسّرُ و يذكر سبب النزول:
فأتي رسولُاللّهِ صلّياللّه عليه و سلّمَ و قدغدا محتضناًالحسين آخذاً بيدِالحسن. و فاطمةُ تمشي خَلفَهُ، و عليٌ خَلفَها، و هو يقول: (إذا أنا دَعَوْتُ فأَمِّنُوا)، فقالَ أُسقُفُ نجران: يا معشرَالنصاري، إني لأري وجوهاً لوشاءَاللّهُ أنْ يُزيلَ جبلاً من مكانهِ لأزاله بها، فلا تُباهِلُوا فتهلكُوا، ولايبقي علي وجهِالأرضِ نصرانيٌ إلي يومِالقيامَةِ.
و قال فخرالدينالرازي (التفسيرالكبير: ج 8، ص 80) و هو يُفَسِّرُ و يذكر سببالنزول:
و كانَ رسولُاللّهِ صلّياللّهُ عليه و سلَّمَ خرج و عليه مرطٌ من شعرٍ أسود، و كان قد احتضنالحسين، و أخذ بيدالحسن، و فاطمة تمشي خلفه، و عليٌّ رضياللّه عنه خلفها، و هو يقول: (إذا دَعَوْتُ فَأَمِّنُوا)، فقال أُسقُفُ نَجرانَ... .
و قال أبوحيان الأندلسيّ(3) (البحر المحيط: ج 2، ص 479) و هو يفسرالآية و يذكر سبب نزولها:
(ندعُ أبناءَنا و أبناءَكُمْ و نساءَنا و نساءَكُمْ و أنفسَنا و أنفسَكُمْ)، أي: يدع كُلٌّ مِنِّي و منكم أبناءَهُ و نساءَهُ و نفسه إليالمباهلة. و ظاهر هذا أَنَالدعاء والمباهلة بينالمخاطب بـ (قُلْ) و بين مَن حاجّه. و فُسِّرَ علي هذاالوجه الأبناء بالحسن والحسين، والنساء بفاطمة، والأنفس بعليّ. قال الشّعبيّ: و يدل علي أنَّ ذلك مختص بالنّبيّ صلّياللّه عليه و سلم مع مَن حاجّه ما ثبت في صحيح مسلم من حديث سعدبن أبي وَقّاص قال: لمّا نزلت هذهالآية: (تعالَوا نَدعُ أبناءَنا و أبناءَكُمْ) دعا رسولُاللّهِ صلّياللّه عليه و سلَّمَ فاطمةَ و حسناً و حسيناً، فقال: (اللهُمَّ هؤلاءِ أَهْلِي).
إنَالنصوصالمتقدمة أجمعت علي أنها فسّرتِالأبناء بالحسن والحسين، والنساء بفاطمة، والأنفس بعليّبن أبيطالب، عليهمالسلام. و قد وجدت الزمخشري روي حديثاً شريفاً صرّح فيهالنّبيّ ـ صلّياللّه عليه و آله و سلّم ـ بأنَّ عليَّبنَ أبيطالب كنفسه؛ والحديث هوالآتي:
و قالالزمخشريّ (الكشّاف: ج 4، ص 360):
... فَغَضِبَ رسولُاللّهِ صلّياللّه عليه و سلَّمَ، وهَمَّ أنْ يغزوهم فبلغالقوم، فَوَرَدُوا، و قالوا: نَعُوذُ باللّهِ من غَضَبِهِ و غَضَبِ رسوله، فاتهمهم، فقال: (لَتَنْتَهُنَّ أو لاَءَبْعَثَنَّ إليكُمْ رجلاً هو عندي كنفِسي، يُقاتلُ مقاتلتكُمْ و يَسبِي ذَرارِيكُمْ)، ثم ضربَ بيدهِ علي كتفِ عليٍّ رضياللّه عنه.
فهذاالحديثالشريف شاهدٌ علي صِدْقِ ذلكالتفسيرالذي أجمع فيه المفسرون علي أنَّ علياً أميرَالمؤمنينَ هو نفسُ النّبيِّ محمدٍ صلّياللّهُ عليه و آله و سَلَّمَ.
الآيةالثانية
و قالَ اللّهُ تعالي:
إنَّما وَ لِيُّكُمُاللّهُ و رَسُولُهُ والَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقيِمُونَالصَّلاةَ وَ يُوْتُوْنَالزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (المآئدة/55)
2. عليٌّ(ع) صاحبُ الولايةِ بعدَ رسولااللّه(ص)
قالالواحدي (أسبابالنزول: صص 133-134) مفسراً و مبيناً سببالنزول:
قوله تعالي: (إنَّما وَلِيُّكُمُاللّهُ و رسولُهُ والذينَ آمَنُوا)،
قال جابربن عبداللّه:
جاء عبداللّهبن سلام إلي النّبيّ... و نحو هذا قالالكلبيّ و زاد: أنَّ آخرالآية في عليبن أبي طالب رضواناللّه عليه؛ لأنه أعطي خاتمه سائلاً و هو راكع فيالصلاة.
أخبرنا أبوبكرالتميمي... عن ابنعباس قال: أقبل عبداللّهبن سلام و معه نفرمن قومه قد آمنوا، فقالوا: يا رسولاللّه... ثم إنَالنّبيّ صلّياللّه عليه و سلّم خرج إليالمسجد والناس بين قائم و راكع، فنظر سائلاً، فقال: (هَلْ أعطاك أحدٌ شيئاً؟) قال: نعم، خاتم من ذهب، قال: (مَنْ أَعْطاكَهُ؟)، قال: ذلكالقائمُ، وَ أَوْمَأَ بيدِهِ إلي عليّبن أبيطالب رضياللّه عنه، فقال: (علي أيِّ حالٍ أعطاكَ؟)، قال: أعطاني و هو راكع. فكَبَّرَالنَّبيّ صلّياللّه عليه و سلَّم، ثم قرأ: (و مَنْ يَتَوَلَاللّهَ و رسولَهُ والذينَ آمَنُا فإنَّ حِزْبَاللّهِ هُمْالغالِبُونَ).
فالواحدي روي سببالنزول بطريقين: الأول، رواه عنالكلبيّ؛ و الثاني، عنابن عباس.
و إنَالذي فهمته منالخبرالذي نقلهالواحديّ في نصهالمتقدم عنابن عباس الأمرانالتاليان:
الأول: أنَّ تكبيرَالنَّبيّ ـ صلّياللّه عليه و آله و سلَّم ـ دليلٌ علي أنَالمقصود بالمؤمنين في الآيةالكريمة المتقدمة إنما هو عليٌ أميرُالمؤمنين ـ عليهالسلامُ ـ ، و أنَالنّبيَّ ـ صلّياللّه عليه و آله و سلَّم ـ قد سُرَّ و فرح بذلك و استبشرالخيرَ. كُلَالخيرِ
الثاني: أنَّ تِلاوةَ النَّبيِ ـ صلّياللّه عليه و آله و سلَّمَ ـ لقوله تعالي: (وَ مَنْ يَتَوَلَاللّهَ و رسولَهُ والذينَ آمَنُوا فإنَّ حِزْبَاللّهِ هُمُالغالِبُونَ) (المآئدة/56) في هذاالمورد خاصةً دليلٌ قاطعٌ علي أنَالمقصودَ بالمؤمنينَ إنما هو عليٌّ أميرُالمؤمنينَ ـ عليهالسلامُ ـ ، و أنَّ هذهالآيةَ قد نزلَتْ فيه(ع) أيضاً. و تجدرُالإشارةُ إلي أنَالزمخشري في نصهِالتالي قد بَيَّنَ صِحَّةَ إطلاقِ لَفْظِالجمع عليالواحدِ. و هذا يعني أنَالذينَ يَتَوَلَّوْنَاللّهَ و رسولَهُ و وَلِيَّهُ علياً هُمْ حِزبُاللّهِ، و أنَّهُمْ هُمُالمُتَّقُوْنَ؛ لأنهم هُمُالغالبونَ. و أنَالعاقبةَ للمتقين.
و قالالزمخشري (الكشّاف: ج 1، ص 649) مُفَسِّراً و مبيناً سببَالنزولِ:
و إنها نزلَتْ في عليٍ كرَّمَاللّهُ وَجْهَهُ، حِينَ سألَهُ سائِلٌ و هو راكِعٌ في صلاته فَطَرَحَ له خاتمَهُ، كأنه كانَ مَرِجاً في خِنصِرهِ، فلم يَتَكلَّفْ لِخَلْعِهِ كثيرَ عملٍ تَفْسُدُ بمثلِهِ صلاتُهُ. فانْ قُلتَ: كيفَ صَحَّ أنْ يكونَ لِعَليٍّ رضياللّه عنه، واللفظ لَفْظُ جماعةٍ؟. قلتُ: جيء بهِ علي لفظالجمعِ، و إنْ كانَالسببُ فيه رجلاً واحداً، لِيَرْغَبَالناسُ في مثلِ فِعْلِهِ، فينالُوا مِثل ثَوابهِ، و لِيُنَبِّهَ علي أَنَّ سَجِيّةَالمؤمنين يجبُ أنْ تكونَ علي هذهالغايةِ منالحرصِ عليالبِرِّ والإحسانِ، و تَفَقُّدِالفقراء، حتي إنْ لَزِمَهُمْ أَمْرٌ لا يَقْبَلُ التأخيرَ و هم في الصَّلاةِ، لم يُؤَخِّرُوْهُ إليالفراغِ منها.
إنَالذي فهمته من نصالزمخشريالمتقدمالأمرانالتاليان:
الأول: أنَالسببالوحيدَالذي ذكرهالزمخشري لنزول هذهالآية إنما هو نزولها في عليّ أميرالمؤمنين عليهالسلامُ متصدقاً فيالصلاة. و لم يذكر سبباً آخر، و لاروايةً أخري في هذاالمجالِ. و هذا يَدُلُّ دلالةَ واضحةً علي أنَّهُ مُعتَقِدٌ بذلك اعتقادَ جَزْمٍ و قَطْعٍ.
الثاني: أنَالزمخشري دافعَ دفاعاً علمياً عن صحةِ سببِالنزولِ هذا، و أكَّدَهُ بالأمورِ الثلاثةالتالية:
الأول: توجيهه لإطلاقِ لفظِالجَمعِ عليالواحدِ.
الثاني: بيانه أنَّ صلاةَ عليٍّ عليهالسلامُ لم تَبْطُلْ. بهذاالعملِ.
الثالث: استنباطه حكماً شرعياً منالعملِالذي قام به عليٌّ عليهالسلامُ. والحكمُ هو أنه إنْ لِزَمَالمؤمنينَ أمرٌ لا يَقْبَلُالتأخيرَ و هم فيالصلاةِ لم يُؤَخِّرُوا ذلكالأمرَ إليالفراغِ منها.
لكنَّ الزمخشريّ لم يذكر صريحاً أنَّ عليّاً أميرَالمؤمنين هوالوَلِيُ بعداللّه تعالي و رسولهِ محمدٍ صلّياللّهُ عليه و آلهِ و سلَّمَ.
أما فخرالدينالرازي فقد ذكر الولاية في نصهالتالي:
قال فخرالدينالرازي (التفسيرالكبير: ج 12، ص 26) مُفَسِّراً و مبيناً سببالنزول:
روي عطاء عنابن عباس أنها نزلت في عليّبن أبي طالبٍ عليهالسلامُ؛ روي أنَّ عبداللّهبن سلام قال: لمّا نزلت هذهالآية قلت: يا رسولاللّه، أنا رأيتُ عليّاً تَصَدَّقَ بخاتَمِهِ علي محتاج و هو راكع، فنحن نَتَوَلاّهُ. وروي عن أبي ذَرٍّ رضياللّه عنه أنه قال: صَلَّيتُ مع رسولِاللّهِ صلّياللّه عليه و سلَّمَ يوماً صلاةَالظهر. فسأل سائل فيالمسجد فلم يُعطِهِ أحدٌ، فرفعالسائلُ يده إليالسماءِ، و قال: اللهم اشهَدْ أنّي سألتُ في مسجدالرسولِ صلّياللّه عليه و سلَّم، فما أعطاني أحدٌ شيئاً، و عليٌ عليهالسلامُ، كانَ راكعاً، فَأَوْمَأَ إليه. بِخِنْصِرِهِ الُيمني، و كان فيها خاتمٌ، فأقبلالسائلُ حتي أخذالخاتمَ بِمَرأي النّبيِ صلّياللّه عليه و سلَّمَ، فقالَ: (اللهُمَّ إنَّ أخِي موسي سألكَ فقال: (ربِّ اشْرَحْ لي صَدْري) (طه/25)، إلي قوله: (و أَشْرِكْهُ في أَمْرِي) (طه/32)، فأنزلتَ قرآناً ناطقاً: (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بأخِيكَ و نَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً) (القصص/35) اللهُمَّ و أنا محمدٌ نَبِيُّكَ و صَفِيُّكَ فاشْرَحْ لي صدري، و يَسِّرْ لي أمري، و اجْعَلْ لي وزيراً من أهلي علياً اُشْدُدْ بهِ ظهري). قال أبوذَرٍّ: فواللّهِ ما أَتَمَّ رسولُاللّهِ هذهالكلمة حتي نزل جبريل، فقال: يا محمدُ اقْرَأْ: (إِنَّما وَلِيُّكُمُاللّهُ و رسولُهُ...)، إلي آخرها.
فالرازي روي هذالتفسير عن طريقين هما:
الأول: عن ابنِ عباسٍ.
الثاني: عن أبي ذَرٍّ.
و إني فهمت من نَصِالرازي المتقدم الأمورَالتالية:
الأول: أَنَّ علياً عليهالسلام هوالوَليُ، و هذا ما صَرَّح به عبداللّهبن سلام حين قاللرسول اللّه صلّياللّه عليه و آله و سلَّمَ: (يا رسولَاللّهِ أنا رأيتُ علياً تصَدّقَ بخاتمِه علي محتاج و هو راكعٌ، فنحن نَتوَلاّهُ). ثم إنَّ سكوتَ النَّبيّ صلّياللّه عليه و آله و سلّم دليلٌ علي صحةِ ذلك.
الثاني: أنَّ تَصَدُّقَ عليٍّ عليهالسلامُ بخاتَمهِ فيالصَّلاةِ لم يَحْصَلْ إلاّ بعدَ أن اضطَرَّ الفَقْرُالشديدُ والحاجَةُ الماسَّةُ ذلكالسائل إلي أنْ أَشْهَدَاللّه تعالي علي أنَّه قد أَعْلَنَ فَقْرَهُ و حاجَتَهُ في مَسجِدِالرّسولِ صلّياللّهُ عليه و آله و سلَّمَ، و لم يُعْطِهِ أحدٌ منالمسلمينَ شيئاً، و لم يُسْعِفْهُ أحدٌ منهم مما هو فيهِ منالفاقةِ. و هذا يعني أنَّ علياً أميرالمؤمنين عليهالسلامُ هوالشخصالوحيدُالذي أنجزَ هذاالعملَالخيرَ، و أَنْقَذَالمَوقفَ بل أنقذالمسؤولين منالهلاك؛ لأنه لو صدقالسائل لهلكالمسؤول. و حَفِظَ للمسلمينَ ماءَ وُجُوهِهمْ، فانه لا يَليقُ و لا يَصِحُّ أنْ يُعْلِنَ سائِلٌ فَقْرَهُ مُستجيراً بمسجدالرسول صلّياللّه عليه و آله و سلَّمَ، و بِمَنْ فيه من الأصحابِ الكرامِ ثم لم يُسْعِفْهُ أحدٌ منهم. هذا مع تأكيدِالدينِالاسلاميِّالحنيفِ علي مُساعَدَةِ الفقراء و رَحْمِهِمْ والعَطْفِ عليهم.
الثالث: أنَّ النّبِيَ صَرَّحَ أنَّ علياً عليهالسلامُ من أهلِهِ، و ذلك حينَ قالَ داعياً رَبَّهُ: (و اجْعَلْ لِي وَزيراً من أهلي علياً اُشْدُدْ بهِ ظهري).
و أنه(ص) قد طلب مناللّه تعالي في هذاالدعاءِ أنْ يُعَيِّنَ علياً وزيراً دون غيره منالمؤمنين.
الرابع: أنَالنّبِيَ ـ صلّياللّه عليه و آله و سَلَّمَ ـ إنما دعا بِدُعاءِ موسي عليهالسلامُ لِيُبَيِّنَ أنَّ منزلةَ عليٍّ منه كمنزلةِ هرونَ من موسي، والذي يَدعَمُ ذلك حديثٌ مشهورٌ بينَالمسلمين جميعاً صَرَّحَ فيهالنّبيّ صلّياللّهُ عليه و آله و سَلَّمَ بذلك؛ فقد رويالبخاري(4) (صحيحالبخاري: ج 3، ص 86) أنَالنّبيّ صلّياللّه عليه و آله و سلَّمَ حينَ أرادَالخروجَ إلي تبوك استخلفَ علياً، و قال له: (ألاترضي أنْ تكونَ مِنِّي بمنزلةِ هرونَ مِن موسي إلاّ أنّه ليسَ نَبِيٌّ بَعدِي).
الخامس: أنَّ اللّهَ تعالي قد استجابَ دعاء نبيهالكريم صلّياللّه عليه و آله و سلَّمَ بإنزال هذه الآيةالكريمة في عليٍ عليهالسلامُ، فجعله وزيراً و وليّاً، و شَدَّ بهِ ظَهْرَ نَبِيِّهِالعظيمِ صلّياللّه عليه و آله و سلَّمَ.
و قال أبوحيان الأندلسِيّ (البحرالمحيط: ج 3، ص 514):
و روي أنَّ علياً رضياللّه عنه تَصَدَّقَ بخاتمه و هو راكع فيالصلاةِ.
و قالالسيوطيّ (لبابُالنقول: ص 93) مفسراً و مبيناً سببالنزول:
قوله تعالي: (إنَّما وَلِيُّكُمُاللّهُ) الآية. أخرجالطبراني... عن عماربن ياسر، قال: وقف علي عليّبن أبيطالب سائل، و هو راكعٌ في تطوّع، فنزع خاتمَهُ، فأعطاه السائلَ، فنزلت: (إنَّما وَلِيُّكُمُاللّهُ و رسولُهُ) الآية، و له شاهد، و قال عبدالرزاق: حدثنا عبدالوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابنعباس: (إنَّما وليُّكُمُاللّهُ و رسولُه) الآية، قال: نزلت في عليّبن أبيطالب. و رويابن مردويه من وجه آخر عنابن عباس مثله. و أخرج أيضاً عن عليّ مثله. و أخرج ابن جرير عن مجاهد، و ابن أبي حاتم عن سلمةبن كهيل مثله. فهذه شواهدُ يُقَوِّي بَعضُها بعضاً.
يبدو أنَالسيوطي قدروي سببَالنزولِ هذا بستةِ طُرقٍ يُقَوِّي بعضُها بعضاً.
و المهم أنَّ الواحدي والزمخشري والرازي والسيوطي يَرْوُوْنَ نُزُولَ هذه الآية في عليّبن أبيطالب عليهالسلامُ.
ثم إنَّ الآيةالتالية (المآئدة/67) تؤيد ذلك و تعضده لأنها فيالولاية أيضاً كما ورد في حديث غدير خُمٍّ. و تجدرالاشارة الي أنَّ عبارةالسيوطي هذه: (و هو راكعٌ في تَطَوُّعٍ) تدل علي أنَّ ركوعَ عليٍ(ع) لم يكن واجباً، لذلك لم يبطل بإعطائهالخاتمَالسائلَ.
الآيةالثالثة:
قالاللّهُ تعالي:
يا أَيُّهاالرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إليكَ مِنْ رَبِّكَ و إنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رسالتَهُ واللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَالنّاسِ (المآئدة/67)
3. عليٌ هو مَولي مَنْ كانَ رسولُاللّهِ(ص) مَولاهُ، فَهُوَ الوَلِيُّ مِنْ بَعدِهِ
قالالواحدي (أسبابالنزول: ص 135) مُفَسِّراً و مبيناً سَببَالنزولِ:
قوله تعالي: (يا أيهاالرسولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إليكَ مِنْ رَبِّكَ...)... أخبرنا أبوسعيد محمدبن عليالصفار... عن أبي سعيد الخدريّ، قال: نزلت هذهالآيةُ: (يا أيُّها الرسولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إليكَ مِنْ رَبِّكَ) يومَ غديرِ خُمٍّ في عليّبنِ أبي طالبٍ اللّه عنه.
و قال فخرالدينالرازي (التفسيرالكبير: ج 12، صص 49-50) مُفَسِّراً و مبيناً سببَالنزول:
العاشر: نزلَتْ الآيةُ في فضل عليِّ بن أبي طالبٍ عليهالسلامُ، و لمّا نزلَتْ هذهالآيةُ أخذَ بيدهِ، و قال: (مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌ مولاهُ، اللهُمَّ و الِ مَنْ والاهُ، و عادِ مَنْ عاداهُ)، فلَقِيَهُ عُمَرُ رضياللّهُ عنه، فقالَ: (هنيئاً لكَ يا ابنَ أبي طالب، أصْحَبْتَ مَولايَ و مَولي كُلِّ مؤمنٍ و مؤمنةٍ)، و هو قول ابن عباس، والبراءبن عازب، و محمدبن عليّ».
فمجموعُ طُرُقِ سببِالنزول هذا عندَالواحديّ والرازيّ أربعةٌ هي الآتيةُ: طريق أبي سعيدالخدري. و طريق ابنعباس. و طريقالبراءبن عازب. و طريق محمدبن عليّ.
والمهم أنَالذي فهمته من نصَّيِالواحدي والرازي الأمورُالتاليةُ:
الأول: أنَالذي أُمِرَالنَّبِيُ ـ صلّياللّهُ عليه و آله و سلَّمَ ـ بتبليغه إنّما هو ولايةُ عليّبن أبيطالب(ع)، والوصايةُ له. و هذا هو سَببُالنزولِ. فالنّبيّ ـ صلّياللّهُ عليه و آله و سلَّمَ ـ بقوله: (مَنْ كُنتُ مولاهُ فعليٌ مَولاهُ) كانَ قد نَقَلَالولايةَ منه إلي عليٍّ(ع)، و يؤيدُ ذلكَ قَولُ عُمرَ(رض) لِعليّ(ع) مُهَنِّئاً و مباركاً له: (أصبحتَ مَولايَ و مَولي كُلِّ مؤمنٍ و مؤمنةٍ)؛ لأنَّ علياً(ع) لم تكنالولايةُ قد انتقلَتْ إليه قبلَ ذلك انتقالاً رسمياً. ثم إنَّ تهنئةَ عمرَ(رض) لعليٍّ(ع) بهذهالمناسبة إنَّما تَدُلُّ علي أنَّ علياً(ع) قد ارتقي واعتلي منصباً جديداً مهماً جداً يستحقُّ عليه التهنئةَ والتبريكَ.
الثاني: أنَّ النَّبيَّ ـ صلّياللّهُ عليه و آله و سلَّمَ ـ إنّما أخذَ بيدِ عليٍّ(ع) ـ مع أنه ذكرَ اسمَهُ ـ مبالغةً في تشخيصهِللحاضرينَ، و مَنْعاً لاحتمالِ وقوعِالاشتباه والالتباسِ في تعيينِ هذاالوَليِالمرتضي والمصطفي.
الثالث: أنَالنَّبيَ ـ صلّياللّهُ عليه و آلهِ و سلَّمَ ـ بعدَ أنْ بَلَّغَ ما أُمِرَبهِ بنقلِالولايةِ إلي عليٍّ(ع) دعاله قائلاً: (اللهُمَّ و الِ مَنْ ولاهُ، و عادِمَنْ عاداهُ) ـ و أكرِمْ بدعاءِالرسولِ و أَنْعِمْ بهِ فما أَسْرَعَ استجابتَهُ ـ والحَقُّ أنَالنّبيَّ ـ صلّياللّهُ عليه و آلهِ و سلَّمَ ـ ما كانَ لِيَدعُوَ لعليٍّ(ع) بهذاالدعاء المهم ـ الذي يَدلُ علي عُلُوِّ شأنِ هذاالوليِّ الجديدِ(ع) ـ إلاّ بعد أنْ ثبتَ أنَّ علياً(ع) معَالحَقِّ، و أنَالحَقَّ معَ عليٍّ(ع)؛ لأنَاللّهَ تعالي لا يُوالي إلاّ مَنْ كانَ معالحَقِّ، و كانَالحَقُّ معَهُ، و لا يُعادي إلاّ مَن كانَ معالباطلِ، و كانَالباطلُ معه، لذلك «ذكرَ أبومحمدٍ بنُ حَزمٍ أنَّ بُغضَ عليٍّ منالكبائرِ» (الاندلسي: ج 6، ص 221).
الرابع: أنَّ علياً(ع) هو مولي كُلِّ مَنْ كانَالرسولُ ـ صلّياللّهُ عليه و آلهِ و سلَّمَ ـ مولاهُ. و لقد عرف عَمرُ(رض) ذلك معرفةً دقيقةً؛ إذْقالَ لعليٍّ(ع) و هو يُهَنِّوُهُ: (أصبحتَ مولايَ، و مولي كلِّ مؤمنٍ و مؤمنةٍ).
أماالزمخشري فقد ذكر جملة من حديث غدير خُمٍّ عند تفسيره الآيةالتالية: قالاللّه تعالي: (إنَاللّهَ يَأمُرُ بالعَدلِ والإحسانِ و إيتاءِ ذِيالقُربي و يَنْهي عَنِالفَحْشاءِ والمُنكَرِ والبَغيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل/90).
قالالزمخشري و هو يُبيِّنُ سَببَ انتخابِ هذهالآيةِ الكريمةِ لخُطَبِ صَلاةِالجمعة، و يَلْعَنُالذي سَنَّ سَبَّ أميرِالمؤمنينَ عليٍّ عليهالسلامُ، و يُوضِّحُ أنَّ ذلكالسَّبَّ كانَالفاحشةَ والمنكرَ والبَغيَ؛ قالالزمخشري: (الكشّاف: ج 2، صص 629-630): العدلُ هوالواجبُ؛ لأنَّ اللّهَ تعالي عَدلَ فيهِ علي عبادهِ، فجعلَ ما فَرَضَهُ عليهم واقعاً تحتَ طاقاتِهم... و حينَ أُسقِطَتْ منالخُطَبِ لَعْنَةُالمَلاعينِ علي أميرالمؤمنينَ عليٍّ رضياللّهُ عنه، أُقِيمَتْ هذه الآيةُ مقامها. و لَعَمرِي إنها كانَتْ فاحِشَةً و مُنكراً و بَغياً. ضاعَفَاللّهُ لِمَنْ سَنَّها غَضَباً و نَكالاً و خِزْياً، إجابةً لدعوةِ نَبِيِّهِ: (وعادِ مَنْ عاداه)، و كانت سببَ إسلامِ عثمانَ بنِ مَظْعُونٍ.
و إنَالذي فهمته من نصالزمخشري هذا ما يلي:
أولاً: أنَالزمخشري روي حديث غدير خُمّ، بدليل ذكره طرفاً منه علي نحوالتأكيد و أنه حديث مُسَلَّمٌ به؛ لأنه ضَمَّ دعاءَهُ بالغضب والنكال والخزي علي مَنْ سَنَّ سَبَّ عليٍّ عليهالسلامُ، إلي دعاءِالنّبيّ ـ صلّياللّهُ عليه و آله و سَلَّمَ ـ الذي قال فيه: (وعادِ مَن عاداه). ثم إنَّ الزمخشري يُريدُ أنْ يقول: إنَّ دعاءَالنَّبِيّ ـ صلّياللّهُ عليه و آلهِ و سلَّمَ ـ شاملٌللذي سَنَّ ذلكالسّبَّ.
ثانياً: أنَالمسلمينَ حِينَ رُفِعَ ذلكالسَّبُّ مِن الخُطَبِانتَخَبُوا مكانَهُ هذهالآيةَالكريمةَ لخطبِ صلاةِالجمعةِ. و أنَّهُمْ إنَّما انتخبُوا هذه الآيةَالكريمةللسببينِ التاليين:
الأول: أَنَّهُمْ أجمعوا علي أنَّ ذلكالسَّبَّ هوالفحشاءُ والمنكرُ والبَغْيُ؛ فالنهيُ الموجودُ في هذهالآيةِالكريمة شامِلٌ لذلكالسَّبِّ.
الثاني: أنَّهُمْ أَرادُوا أنْ يَستنكِرُو ذلكَالسَّبَّ و يَرُدُّوهُ.
الآيةالرابعة:
قالَاللّهُ تعالي:
بَراءَةٌ مِنَاللّهِ و رَسُولِهِ إليالَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَالمُشْرِكينَ (التَّوبَة/1)
4. عليٌّ رَسُولُ رَسُولِاللّهِ»: «لا يُبَلِّغُ عَنِالنَّبِيِّ إلاّ عليٌّ»
«النَّبِيُ بَلَّغَ عَنِاللّهِ، و عَلِيٌّ بَلَّغَ عَنِالنَّبِيِّ»
قالالزمخشري: (الكشّاف: ج 2، صص 242-243) مفسراً و مبيناً سَببَالنزولِ:
قد أَذِنَاللّهُ في مُعاهَدةِالمشركينَ أولاً... فلمّا نَقَضُوالعَهدَ أوجبَاللّهُ تعالي النَّبذَ إليهم، فخُوطِبَالمسلمونَ بما تجدَّدَ من ذلك فقيل لهم: اعلَمُوا أنَاللّهَ و رسوله قدبَرِئا مما عاهَدتم بهِالمشركين... فأمَّرَ رسولُاللّهِ ـ صلّياللّه عليه و آله و سلَّمَ ـ أبابكر ـ رضياللّه عنه ـ علي موسم سنة تسع، ثم أتبعَهُ علياً ـ رضياللّهُ عنه ـ راكبَالعَضباءِ(5)، ليقرأها علي أهلِالمَوسمِ، فقيلَ لَهُ: لو بَعَثْتَ بها إلي أبي بكر ـ رضياللّه عنه.؟ فقال: (لا يُؤَدِّي عَنِّي إلاّ رجلٌ مِنِّي)، فلما دنا عليٌّ سَمِعَ أبوبكرٍالرُّغاءَ، فوقفَ، و قال: هذا رُغاءُ ناقةِ رسولاللّهِ ـ صلّياللّه عليه و سلَّم ـ فلما لِحَقَهُ قالَ: أميرٌ أو مأمورٌ؟. قال: مأمورٌ. و رُوِيَ أنَّ أبابكر لمّا كانَ ببعضالطريق هبط جبرئيل عليهالسلامُ، فقال: (يا محمدُ، لا يُبَلِّغَنَّ رِسالَتَكَ إلاّ رجلٌ منكَ)، فأرسلَ علياً، فرجع أبوبكرٍ ـ رضياللّه عنهما ـ إلي رسولِاللّهِ صلّياللّهُ عليه و آله و سلَّمَ، فقال: يا رسولَاللّهِ، أشيءٌ نزلَ منالسَّماءِ؟. قال: نَعَمْ سِرْ، و أنت عليالمَوسم. و عليٌّ يُنادي بالآي. فلمّا كانَ قبل ـ التَّرْوِيَةِ خطبَ أبوبكر ـ رضياللّهُ عنه ـ و حَدَّثَهُمْ عن مناسِكِهِمْ، و قام عليٌّ ـ رضياللّهُ عنه ـ يومَالنَّحرِ عندَ جَمْرَةِالعَقَبةِ، فقالَ: (يا أيُّهاالناسُ، إنّي رَسُولُ رَسُولِاللّهِ إليكُمْ). فقالوا: بماذا؟ فقرأَ عليهم ثلاثين، أو أربعين آيةً.
و قال أبوحيان الأندلسيّ (البحرالمحيط: ج 5، صص 6-7):
لمّا كانَ سنةَ تسعٍ أرادَ رسولُاللّهِ ـ صلّياللّهُ عليه و سلَّمَ ـ أن يحج، فكرِهَ أن يري المشركين يطوفونَ عُراة، فبعَثَ أبابكرٍ أميراً عليالمَوْسِمِ، ثُمّ أَتبعَهُ علياً لِيَقْرأَ هذهالآيات علي أهلِالموسمِ راكباً ناقَتَهُالعَضباءَ. فقيل له: لو بعثتَ بها إلي أبي بكر. فقال: (لا يُؤَدِّي عَنِّي إلاّ رَجُلٌ مِنِّي). فلمّا اجْتَمَعا، قال أبوبكر: أميرٌ أو مأمورٌ؟. قال: مأمورٌ. فلمّا كان يومُالتَّرْوِيَةِ خطبَ أبوبكر. و قام عليٌّ يومَالنَّحرِ بعد جَمْرَةِالعقبةِ، فقالَ: (يا أيُّهاالناسُ، إنِّي رَسُولُ رَسُولِاللّهِ ـ صلّياللّهُ عليه و سلَّمَ ـ إليكُمْ). فقالوا: بماذا؟ فقرأ عليهم ثلاثينَ آيةً أو أربعينَ.
إنَالذي فهمته من نَصَّيِ الزمخشري و أبي حيانالأمورُالتاليةُ:
الأول: أنَّ جبرائيل عليهالسلام قد نَهي النّبِيَ عن أنْ يُسنِدَ أمْرَالتبليغِ إلي رجل ليس منه. و أنَّ النبِيَ امتثل أمرَ رَبِّهِ فأرسَلَ ـ علياً ـ عليهالسلام ـ و أنه حين اعترض عليه بعضالصحابة رَدَّهُ قائلاً: (لا يُؤَدِّي عني إلاّ رجلٌ مِنّي).
كُلُّ ذلك إنما يدل علي أنَالتبليغَ منحصرٌ في عليّ عليهالسلام بأمراللّه تعالي، أو قُلْ: منحصرٌ في أهل بيته عليهمالسلام.
الثاني: أنَّ أبابكر(رض) حينما علم بإرسال النّبيّ ـ صلّياللّهُ عليه و آله و سلَّمَ ـ علياً(ع) رجع إليالنّبيّ ـ صلّياللّه عليه و آله و سلَّمَ ـ ليسأل عن سبب اختصاص عليّ ـ عليهالسلامُ ـ بالتبليغ عنالنّبيّ ـ صلّياللّه عليه و آله و سلَّمَ ـ مع أنّه أرسل أبابكر(رض) قبل ذلك. لذلك فهو(6) ـ بحسبالظاهر ـ أولي بهذاالأمر من غيره. لكنَّ أبابكر(رض) سرعانَ ما علم أنَّ ذلك إنما تَمَّ بأمرٍ مِنَاللّهِ تعالي، و انتخابٍ منالنَّبيّ ـ صلّياللّه عليه و آله و سلَّمَ ـ و لم يكن أبوبكر(رض) هوالشخصالوحيدالذي سأل عنالسبب. فقد مَرَّ علينا فيما سبق أنَّ بعضالأصحاب اعترض عليالنَّبيّ ـ صلّياللّهُ عليه و آله و سَلَّمَ ـ قائلاً: (لَوْ بَعَثْتَ بها إلي أبيبكر). لكنَّ النَّبيَّ ـ صلّياللّهُ عليه و آله و سلَّمَ ـ أبي إلاّ امتثالَ أمرِ رَبِّهِ. والمهم أنَّ كُلَّ ذلك إنما يَدُلُّ دلالةً واضحةً علي أهميةِ هذالأمرِ و خطورتهِ. فهو من الأهميةِ بحيثُ استلزمَ نزولَ الوحيِ.
الثالث: أننا إذا قَرَنّا كلامَ جبرائيل عليهالسلامُ و هو: (يا محمدُ. لا يُبَلِغَنَّ رسالتك إلاّ رجلٌ منك) بكلام النّبيّ ـ صلّياللّه عليه و آله و سلَّم ـ و هو: (لا يُؤَدِّي ـ أولا يُبَلِّغُ ـ عَنِّي إلاّ رجلٌ مِنِّي) وجدنا أنَّ فيالحديثالشريف كلمة (عَنِّي) تفسرلنا كلمة: (رسالتك) في كلام جبرائيل ـ عليهالسلامُ ـ و تُبَيِّنُ أنَالمقصودَ شمولُ جميعِ مواردالتبليغ. و أنَالتبليغَ غيرُ منحصرٍ في قصةِ سورةِ (براءَة) فحسب. بل يَستغرقُالتبليغَ عنالنّبيّ بجميع مواردِهِ.
الرابع: أنَّ انتخابَ عليٍّ ـ عليهالسلامُ ـ لكلمة (رسول) في قوله: (أنا رسولُ رسولِاللّهِ إليكُمْ) والإخبار بها عن نفسه إنما كانَ للإشارة إلي كلام جبرائيل ـ عليهالسلام ـ والحديثالشريف. يعني: لا يُبَلِّغُ عناللّهِ تعالي إلاّ رسولُاللّهِ، و لا يُبلِّغُ عن رسولِاللّهِ إلاّ رسولُهُ عليٌّ.
و قالالزجاج (معانيالقرآن و... : ج 2، صص 472-473) مفسراً و مبيناً سبب النزولِ:
و براءة نزلت في سنة تسع منالهجرة، و افتتحت مكةُ في سنة ثمان... فلمّا كان في سنة تسع ولّي رسولاللّه ـ صلّياللّهُ عليه و سلَّمَ ـ أبابكرالصديق الوقوفَ بالناس، و أَمَرَ بتلاوة براءة، و وَلّي تلاوَتَها علياً، و قال في ذلك: (لَنْ يُبَلِّغَ عَنِّي إلاّ رجلٌ مِنِّي)، و ذلك لأنَالعربَ جرَتْ عادَتُّها في عَقْدِ عُقُودِها و نقضها أنْ يتوَلّي ذلك عليالقبيلة رجلٌ منها. فكان جائزاً أن يقولَالعربُ إذا تُلِيَ عليها نَقْضُالعَهدِ منالرسولِ: هذا خلافُ ما نعرفُ فينا في نقضالعُهُودِ. فأزاحَ رسولُاللّهِ ـ صلّياللّهُ عليه و سلَّمَ ـ هذهالعلةَ. فَتُلِيَتْ بَراءَةُ فيالمَوقفِ.
مناقشة الزجاج: إنَّ قولالزجاج:
(و ذلك لأنَّ العربَ جرت عادتها...) إنما هو تعليل بالرأي دُونَ سندٍ من روايةٍ و حديث. و لو تركَ ذلك دونَ تعليل لكانَ خيراً له؛ لأنَالتعليلَالصحيحَ قدوردَ فيالأثرِ. و قد سَمِعَهُ أبوبكر مِنَالنَّبيِّ ـ صلّياللّهُ عليه و آلهِ و سلَّمَ ـ و اقتنعَ به، و عادَ لِيُنْجِزَ ما أُمِرَ بإنجازِه. فالسببُ ليس تَصرُّفاً شخصياً منالرسول ـ صلّياللّه عليه و آله و سلَّمَ ـ و إنما هوالوحيالذي نزلَ بهالروحُ الأمينُ، كما نصَّ عليهالزمخشري فيما سبق. و لوكان الأمركما قالالزجاج لما اقترحَ بعضُ الأصحاب عليالنّبيّ(ص) أنْ يبعثَ (براءة) إلي أبيبكر. بل لما تكلف أبوبكر العودةَ اليالنّبيّ(ص) ليسألَهُ عنالسببِ. ثم إنَّ هؤلاءالعربالمشركين قد فعلوا و قالوا ما هو أعظم مما احتملالزجاج أن يقولوه؛ لاِءنهم قد نقضواالعهد و أنَاللّه تعالي قد أعلنَالبراءَةَ منهم و من عهودهم و لم يَعبأ بهم و لا بما جرت به عادتُهم و لا بما يحتمل أن يقولوه فلا موجبَ و لا مجالَ لمسايرتهم و مداهنتهم في ذلك.
الآيةُالخامسةُ:
قالاللّه تعالي:
إنَالَّذِينَ آمَنُوا و عَمِلُوالصّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُالرَّحمنُ وُدّاً (مريم/96)
5.حُبُّ عليٍّ(ع) مِنَالإيمانِ و بُغْضُهُ مِنَالكبائِرِ
قالالزمخشري (الكشّاف: ج 3، ص 47) مفسراً و مبيناً سببالنزول:
و روي أنَالنّبيَّ ـ صلّياللّهُ عليه و سلَّم ـ قال لعليٍّ ـ رضياللّه عنه ـ :(يا عليُّ، قُلِ اللهُمَّ اجْعَلْ لِي عندكَ عَهْداً، واجْعَلَ لي في صدورِالمؤمنينَ مَوَدَّةً)، فأنزلَاللّه هذهالآيةَ. و عن ابنعباس ـ رضياللّه عنهما ـ : (يعني يُحِبُّهُمُاللّهُ، و يُحَبِّبُهُمْ إلي خَلْقِهِ).
و قال أبوحيان الأندلسيّ (البحرالمحيط: ج 6، ص 221):
و ذكرالنقاش أنها نزلت في عليّ بنِ أبيطالب. و قال محمدبنالحنفية: (لا تَجِدُ مؤمناً إلاّ و هو يُحِبُّ علياً و أهْلَ بيتِهِ.) انتهي. و من غريب هذا ما أنشَدَناهُ الإماماللغوي رضيّالدين أبوعبداللّه محمدبن عليبن يوسف الأنصاريالشاطبيّ ـ رحمهاللّه تعالي ـ لزبينا بن إسحاق النّصرانيّالرّسغيّ:
عَدِيٌ و تَيمٌ لا أُحاوِلُ ذِكْرَهُمْ
و ما تَعْتَرِينِي في عَلِيٍ وَ رَهْطِهِ
يقولونَ: ما بالُالنَّصاري تُحِبُّهُمْ
فقلتُ لهم: إنِّي لاَءَحْسَبُ حُبَّهُمْ
سري في قُلُوبِالخَلْقِ حتّيالبَهائِمِ
بِسُوءٍ و لكنّي مُحِبٌّ لهاشِمِ
إذا ذُكِرُوا فياللّهِ لَوْمَةَ لائِمِ
و أهلُالنُّهَي مِنْ أعْرُبٍ و أعاجِمِ
سري في قُلُوبِالخَلْقِ حتّيالبَهائِمِ
سري في قُلُوبِالخَلْقِ حتّيالبَهائِمِ
و إنَالذي استفدته من نصَّيِ الزمخشري و أبي حيّان الأمورالتاليةُ:
الأول: أنَّ الآيةَالكريمةَ نزلت في فضل عليبن أبي طالب(ع).
الثاني: أنَّ اللّه تعالي يُحِبُّ علياً(ع)، و أنه هوالذي حَبَّبَهُ إليالخلقِ.
الثالث: أنَّهُ لا يوجد مؤمنٌ إلاّ و هو يُحِبُّ علياً و أهلَ بيتهِ.
الرابع: أنَّ بُعضَ عليٍّ(ع) منالكبائر.
الخامس: أنَالنصاري يُحِبُّنَ علياً(ع) أيضاً للصفاتالتي تَفَرَّدَبها.
السادس: أنَاللّه تعالي قد جعلَ لعليٍّ(ع) عنده عهداً. هو عهدُالايمان و عملالخير والمودة.
الآيةالسادسة:
قالَاللّه تعالي:
أَفَمَنْ كانَ مُؤمناً كَمَنْ كانَ فاسقاً لا يَسْتَوُوْنَ (السجدة/18)
6. المؤمنُ هو عليٌّ(ع)
قالالواحدي (أسبابالنزول: صص 235-236):
قوله تعالي: (أفَمَنْ كانَ مؤمناً كمَنْ كانَ فاسقاً) الآية: نزلت في عليّبن أبي طالب، والوليدُبنُ عقبة.
أخبرنا أبوبكر أحمدبن محمدالأصفهاني قال: أخبرنا عبداللّهبن محمدالحافظ، قالَ: أخبرنا إسحاقبن بيان الأنماطيّ... عن سعيد ابن جبير، عن ابنعباس، قال: قالالوليدبن عقبةبن أبي معيط لعليّبن أبي طالب ـ رضياللّه عنه ـ : أنا أحَدُّ منكَ سِناناً، و أبْسَطُ منك لِساناً، و أَمْلاَءُ للكتيبةِ منكَ. فقال له عليٌّ (اُسكُتْ، فإنَّما أنتَ فاسِقٌ)، فنزل: (أفَمَنْ كان مؤمناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُوْنَ). قال: يعني بالمؤمن علياً، و بالفاسق الوليدَ بنَ عقبة.
و قالالزمخشري (الكشّاف: ج 3، صص 514-515):
و رُوِيَ في نزولها: أنه شَجَر بين عليّبن أبيطالب ـ رضياللّه عنه ـ والوليدبن عقبةبن أبي معيط يوم بدر كلام. فقال لهالوليد: اُسكُتْ، فانك صبيّ، أنا أشَبُّ منك شباباً، و أجْلَدُ منك جَلَداً، و أذرَبُ منك لساناً، و أشجع منك جناناً، و أملأُ منك حَشواً فيالكتيبة. فقال له عليٌّ ـ رضياللّه عنه: (اُسكُتْ، فانك فاسق)، فنزلت... و عنالحسن بن عليّ ـ رضياللّه عنهما ـ : أنه قالللوليد: كيفَ تشتُمُ علياً و قد سَمّاهُاللّهُ مؤمناً في عَشْرِ آياتٍ، و سمّاكَ فاسقاً؟.
و قال محمدبن أبيبكرالرازي (مسائل الرازي ... : ص 276):
الفاسق ـ هنا ـ بمعنيالكافر بدليل قوله تعالي بعده: (وَ قِيْلَ لَهُمْ ذُوقُوْا عَذابَالنارِ الذي كُنْتُمْ بهِ تُكَذِّبُونَ) (السجدة/20)، والتقسيم يقتضي كون الفاسقِالمذكورِ هنا كافراً، لاكونَ كلِّ فاسقٍ كافراً أماالسيوطي (لبابالنقول: ص 170) فقد نقل نصَالواحدي ثم أضاف قائلاً: و أخرج ابن جرير عن عطاء ابن يسار مثله، و أخرج ابن عديّ، والخطيب في تاريخه من طريق الكلبيّ عن أبي صالح عن ابن عباس مثله. و أخرجالخطيب و ابن عساكر من طريق ابن لهيعة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس: أنها نزلت في عليّبن أبيطالب و عقبةبن أبي معيط.
و يمكننا أن نستفيد الأمورالتالية منالنصوص المتقدمة:
الأول: أنَالقرآنالكريم قد شهد بإيمان عليّبن أبيطالب(ع)
الثاني: أنَالقرآنالكريم قد صدّقَ علياً(ع) في نسبتهالفسق إليالوليد.
الثالث: أنَّ علياً لم يُجِبِالوليدَ إلاّ بقوله: (فاسق)، و هذا الجواب ناشيء عن الثقافة الاسلامية؛ لأنَّ الفضلَ لا يَتحققُ إلاّ بالتقوي لذلك اكتفي عليٌّ(ع) بذكر صفةالفسقِ لأنَّها تُنافي التقوي، و لم يُجِبْهُ علي ما ذكر منالصفاتالتي افتخربها. فعليٌّ تكلمَ بلغةِالاسلامِ. والوليد تكلم بلغة الجاهلية.
الرابع: أنَّ كلمة (فاسق) في هذهالآية بمعني كافر. لذلك فالوليد كافر.
الخامس: أنَّ سببَالنزولِ كالُمجمعِ عليه. والواحدي لم يذكر سبياً آخر غيرَ هذا.
الآيةُ السابعةُ:
قالَاللّهُ تعالي:
إنَّما يُريدُاللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهلَالبيتِ و يُطَهِّرَكُمْ تَطهِيراً (الأحزاب/33)
7. أهلُ البيتِ هُمْ أصحابُ الكِساءِالخَمسَةُ
قالالواحدي (أسبابالنزول: ص 239):
... أخبرنا أبوبكر الحارثي قال... عن أبي سعيد (إنّما يُرِيدُاللّهُ لِيُذْهِبَ عنكُمُالرِّجْسَ أهلَالبيتِ و يُطَهِّرَكُمْ تَطهيراً)، قال: نزلت في خمسة؛ فيالنّبيّ ـ صلّياللّه عليه و سلَّمَ ـ و عليّ و فاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام.
و قال أبوجعفر النحاس (إعرابالقرآن: ج 3، ص 314):
إنَّما يُرِيدُاللّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أهلَالبيتِ)، قال أبو إسحاق: قيل: يُرادُبهِ نساءُالنّبيّ ـ صلّياللّه عليه و سلَّمَ ـ. و قيل: يُرادُ به نساؤُهُ و أهلُهُالذين هم أهلُ بيته. قال أبوجعفر: والحديث في هذا مشهور عن أمّ سَلَمة، و أبي سعيدالخدريّ، أنَّ هذا نزل في عليّ و فاطمة والحسن والحسين ـ رضياللّه عنهم ـ ، و كان عليهم كساء.
و قالالزمخشري (الكشّاف: ج 1، ص 369):
و عن عائشة ـ رضياللّه عنها ـ أنَّ رسولَاللّهِ ـ صلّياللّه عليه و سلّم ـ خرج و عليه مِرطٌ مرجل من شعرٍ أسودَ، فجاءالحسنُ، فأدخلَهُ، ثم جاءالحسين فأدخلَهُ، ثم فاطمةُ، ثم عليٌّ، ثم قال: (إنَّما يُريدُاللّهُ لِيُذْهِبَ عنكُمُالرِّجْسَ أهلَالبيتِ).
و قال فخرالدين الرازيّ (التفسيرالكبير: ج 8، ص 80):
و روي أنه عليهالسلام لمّا خرج في المرط الأسود. فجاء الحسن ـ رضي اللّه عنه ـ ، فأدخلَهُ، ثم جاءالحسين ـ رضياللّه عنه ـ ، فأدخلَهُ؛ ثم فاطمة، ثم عليٌّ ـ رضياللّهُ عنهما ـ ، ثم قال: (إنَّما يُريدُاللّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرجسَ أهلَالبيتِ و يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً). و اعلَمْ أنَّ هذهالروايةَ كالمتفق علي صحتها بين أهلالتفسير والحديث.
و قال أبوحيان الأندلسيّ (البحرالمحيط: ج 7، ص 231):
و قال أبو سعيدالخدريّ: هو خاصٌّ برسولاللّه و عليٍّ و فاطمةَ والحسنِ والحسينِ. وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ أنَسٍ و عائشةَ و أُمِّ سَلَمةَ.
و إنَالذي فهمته منالنصوص السابقة ما يلي:
أنَّ الرواياتِ الصحيحةَ كالُمجْمِعَةِ علي أنَّ المقصودَ بأهلالبيت في هذه الآيةِ الكريمة إنماهم أصحابُالكساءِالخمسةُ و هُمْ: النّبيّ(ص) و عليٌّ و فاطمةُ والحسنُ والحسينُ عليهمالسلامُ.
و أنَّ عائشةَ(رض) روَتْ أنَّ أهلَالبيتِ هم أصحابُالكساءِ الخمسةُ هؤلاءِ فقط. و لو كانت هي من أهلالبيت المقصودين بهذهِ الآيةِ الكريمةِ لَما صَحَّتْ عنها هذه الروايةُ التي صَرَّحَتْ فيها أنَّ أهلالبيت هم أصحابُ الكساءِالخمسة. كما وردَ ذلكَ في نصِالزمخشري المتقدم.
الآيةُالثامنةُ:
قالاللّهُ تعالي:
... قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عليه أَجْراً إلاّالمَوَدَّةَ فيالقُرْبي و مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فيها حُسناً إنَاللّهَ غَفُورٌ شَكُوْرٌ (الشّوُري/23)
8. القُربي هُمّ أهلُالبيتِ، والأجرُ مَوَدَّتُهُم
قالالزمخشري (الكشّاف: ج 4، صص 219-221):
ورُوِيَ أَنّها لَمّا نزلَتْ قيل: يا رسولَاللّهِ، مَنْ قَرابَتُكَ هؤلاءِالذين وجَبَتْ علينا مَوَدَّتُهُمْ؟ قال: (عليٌّ و فاطمةُ و ابناهما)، و يدل عليه ما روي عن عليّ ـ رضياللّه عنه ـ : (شَكَوْتُ إلي رسولِاللّه ـ صلّياللّهُ عليه و سلَّمَ ـ حَسَدَالناسِ لي. فقالَ: (أما ترضي أن تكونَ رابعَ أربعةٍ: أَوَّلُ مَنْ يَدخُلِالجَنَّةَ أنا و أنتَ والحسنُ والحسينُ. و أزواجنا عن أيماننا و شمائلنا. و ذريتنا خَلْفَ أزواجنا). و عنالنّبيّ ـ صلّياللّه عليه و سَلَّمَ ـ : (حُرِّمَتِالجَنَّةُ علي مَنْ ظَلَمَ أهلَ بيتي، و آذاني في عِتْرَتي...) ... و قال رسولاللّه ـ صلّياللّه عليه و سلَّم ـ : (مَنْ ماتَ علي حُبِّ آلِ محمدٍ ماتَ شهيداً، ألا و مَنْ ماتَ علي حُبِّ آلِ محمدٍ ماتَ مغفوراً لَهُ، ألا و مَنْ ماتَ علي حُبِّ آلِ محمدٍ ماتَ تائباً، ألا و مَنْ ماتَ علي حُبِّ آلِ محمدٍ ماتَ مؤمناً مُسْتَكْمِلَالإيمانِ، ألا و مَنْ ماتَ علي حُبِّ آلِ محمد بَشَّرَهُ مَلكُالموتِ بالجنّةِ، ثم منكرٌ و نكيرٌ، ألا و مَنْ ماتَ علي حُبِّ آلِ محمدٍ يُزَفُّ إليالجنّةِ كما تُزَفُالعروسُ إلي بيت زوجها، ألا و مَنْ ماتَ علي حُبِّ آلِ محمدٍ فُتِحَ له في قبره بابانِ إليالجنّةِ، ألا و مَن ماتَ علي حُبِّ آلِ محمدٍ جعلَاللّهُ قَبْرَهُ مَزارَ ملائكةِالرحمةِ، ألا و مَنْ ماتَ علي حُبِّ آلِ محمدٍ ماتَ عليالسُّنَّةِ والجَماعَةِ، ألا و مَنْ ماتَ علي بُغضِ آلِ محمد جاء يومَالقيامةِ مكتوباً بين عينيه: آيسٌ من رحمةِاللّهِ، ألا و مَنْ ماتَ علي بغض آل محمد ماتَ كافراً، ألا و مَن مات علي بغض آل محمد لم يَشُمَّ رائحةَالجنّةِ)... (مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً) عنالسُّدِّيّ أنهاالمودةُ في آلِ رسولِاللّهِ ـ صلّياللّه عليه و سلَّمَ ـ ... والظاهر: العموم في أيِّ حسنة كانت؛ إلاّ أنها لَمّا ذكرت عقيب ذكرالمودة فيالقربي دَلَّ ذلك علي أنها تناولتالمودةَ تناولاً أولياً، كأنَّ سائرالحسنات لها توابع.
و قال أبوحيان الأندلسيّ (البحرالمحيط: ج 7، ص 516):
فالمعني: لا أسألكُمْ مالاً ولا رياسة، و لكن أسألكُمْ أن ترعَوْا حَقَّ قرابتي، و تُصَدِّقُوني فيما جئتكم به... فنزلت علي معني أن لا تُؤذوني في قرابتي و تحفظوني فيهم. و قال بهذاالمعني عليّبنالحسينبن عليّبن أبيطالب، و استشهد بالآية حينَ سِيقَ إليالشام أسيراً، و هو قول ابن جبير والسُّدِّيّ و عمروبن شعيب، و علي هذاالتأويل قال ابن عباس: قيل يا رسولَاللّهِ: مَنْ قرابتكالذين أُمِرْنا بِمَوَدَّتِهِمْ؟ فقال: (عليٌّ و فاطمةُ و ابناهما)». ... (و مَنْ يقترفْ حسنةً): أي: يكتسب، والظاهر عمومالحسنة... فيندرجُ فيهاالمودة فيالقربي و غيرها. و عن ابن عباس والسّدِّيّ: أنهاالمودة في آلِ رسولِاللّهِ ـ صلّياللّهِ ـ عليه و سلم.
و إنَّ الذي فهمته من نصّي الزمخشري و أبي حيان الأمورالتالية:
الأول: أنَالمقصود بالقربي ـ هنا ـ قرابةُالنّبيّ ـ صلّياللّه عليه و آله و سلَّم ـ و هم أصحابُالكساءِ أهلالبيت و أنَّ الأجرَ مَوَدَّةُ أصحابِالكساءِ عليهمالسلامُ.
الثاني: أنَّ أصحابَالكساء هم أول مَن يَدخُلِالجنّةَ.
الثالث: أنَالجنّةَ مُحَرَّمَةٌ علي مَن ظلمَ أهلَالبيت و آذاهُمْ.
الرابع: أنَّ مَنْ آذي أصحابَالكساء فقد آذي النّبيّ ـ صلّياللّه عليه و آلهِ و سلّمـ
الخامس: أنَّ مَنْ ماتَ علي حُبِّ آل محمد ماتَ شهيداً مغفوراً له، و يُزَفُّ اليالجنة. و أنَّ مَنْ ماتَ علي بُغْضِ آلِ محمدٍ مات كافراً آيِساً من رحمةاللّه، و لم يَشُمَّ رائحةَالجنةِ.
السادس: أنَّ ابن عباس والسّدِّيّ قد ذكرا أنَالحسنةَ في هذهالآيةِ الكريمة إنما هي المودة في آلالرسول ـ صلّياللّه عليه و آله و سلَّم ـ ، و أنَالزمخشري قد استدَلَّ ـ علمياً ـ علي أنَّ سائِرَالحسناتِ توابعُ لِمَوَدَّةِ أهلالبيت عليهمالسلامُ.
السابع: أنَّ عليَّ بنَ أبيطالب(ع) كان محسوداً.
الثامن: أنَالذين ظلموا أهلَالبيتِ(ع) ـ و لم يَقِفْ بِهمْ حَسَدُهُمْ عِندَ عَدَمِ مَوَدَّتِهم فتجاوزوا ذلك إليالظلم ـ هم في عذابِ جهنّمَ خالدونَ.
الآيتانالتاسعة والعاشرة:
قالاللّه تعالي:
و يُطْعِمُونَالطَّعامَ علي حُبِّهِ مِسْكِيناً و يتيماً و أسِيراً. إنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِاللّهِ لا نُرِيدُ منكُمْ جَزاءاً و لا شُكُوْراً (الانسان/8 و 9)
9. اللّهُ يُهَنِّيءُ محمداً في أهلِ بيتِهِ
قالالواحدي (أسبابالنزول: ص 296):
(بِسْمِاللّهِالرَّحْمنِالرَّحِيْمِ) قوله تعالي: (و يُطْعِمُوْنَالطَّعامَ علي حُبِّهِ مسكيناً...)؛ قالَ عَطاءٌ عن ابن عباس: و ذلك أنَّ عليّبنَ أبي طالب ـ رضياللّه عنه ـ نوبة أجر نفسَهُ يسقي نخلاً بشيء من شعير ليلةً حتي أصبح، و قبضَالشعيرَ، و طحنَ ثلثه، فجعلوا منه شيئاً ليأكلوا، يقالُ له: الخزيرة، فلمّا تَمَّ إنْضاجُهُ، أتي مسكين فأخرجوا إليهالطعامَ، ثم عملَالثلثَالثاني، فلمّا تَمَّ إنْضاجُهُ، أتي يتيمٌ، فسألَ فأطعموهُ، ثم عملالثلثَالباقي، فلمّاتَمَّ إنْضاجُهُ أتي أسيرٌ منالمشركين، فأطعموهُ، و طَوَوْا يومَهُمْ ذلك، فأُنْزِلَتْ فيه هذهالآيةُ.
و قالالزمخشري (الكشّاف: ج 4، ص 670):
و عن ابن عباس ـ رضياللّه عنه: أنَالحسن والحسين مَرِضا، فعادهما رسولاللّه ـ صلّياللّه عليه و سلَّم ـ في ناسٍ معه، فقالوا: يا أباالحسن، لو نذرتَ علي وُلدِكَ، فنذر عليٌّ و فاطمة و فِضّةُ جارية لهما، إنْ بَرِء اممابهما: أن يصوموا ثلاثة أيام، فشُفِيا، و ما معهم شيء، فاستقرضَ عليٌ... ثلاثَ أَصْوُعٍ من شعير، فطحنت فاطمة صاعاً، و اختبزت خمسة أقراصٍ علي عددهم، فوضعوها بين أيديهم لِيَفْطُرُوا، فوقف عليهم سائلٌ، فقال: السلامُ عليكم أهلَ بيت محمد، مسكين من مساكينالمسلمين، أَطْعِمُوني، أَطعَمَكُمُاللّهُ مِن مَوائدِالجنّةِ، فآثروهُ، و باتُوالم يَذوقُوا إلاّ الماءَ، و أصبَحُوا صياماً، فلمّا أَمْسَوا، و وَضَعُوا الطعامَ بين أيديهم، وقف عليهم يتيمٌ، فآثروهُ، و وقف عليهم أسيرٌ فيالثالثة، ففعلوا مثلَ ذلك، فلمّا أصبحوا، أخذ عليٌّ ـ رضياللّه عنه ـ بيدالحسن والحسين، و أقبلوا إلي رسولِاللّهِ ـ صلّياللّه عليه و سلَّم ـ ، فلمّا أبصرَهُمْ و هم يَرتَعِشُونَ كالفِراخَ مِن شِدَّةِالجوعِ قال: (ما أشَدَّ ما يَسُوءُني ما أري بكم.) و قام فانطلقَ معَهُمْ، فرأي فاطمةَ في محرابها، قدالتصقَ ظهرها. ببطنها، و غارَتْ عيناها، فساءَهُ ذلك، فنزل جبريل: و قالَ: (خُذْها، يا محمدُ، هَنَّأَكَاللّهُ في أهلِ بَيتِكَ)، فأقْرَأهُالسُّوْرَةَ.
و قال فخرالدينالرازي (التفسيرالكبير: ج 3، صص 243-244) ذاكراً ما أثبتهالواحديّ والزمخشري:
والواحديّ من أصحابنا ذكر في كتابالبسيط أنها نزلت في حَقِّ عليٍّ عليهالسلامُ، و صاحبالكشاف منالمعتزلة ذكر هذهالقصة؛ فروي عن ابن عباس ـ رضياللّه عنهما ـ أنَالحسنَ والحسينَ ـ عليهماالسلام ـ مَرِضا فعادَهُما رسولُاللّهِ... ثم ذكرَالقصةَالتي ذكرَهاالزمخشريُّ.
و يمكننا أن نفهمَ الأمورالتالية منالنصوصالمتقدمة:
الأول: أنَّ اللّه تعالي قد هَنَّأَ محمداً ـ صلّياللّه عليه و آله و سلَّم ـ في أهل بيته.
الثاني: أنَّ أهلَالبيتِ هم: عليٌّ و فاطمةُ والحسنُ والحسينُ ـ عليهمالسلامُ ـ .
الثالث: أنَّ سورةَالإنسانِ قد نزلَتْ كُلُّها في فَضلِ أهلالبيت ـ عليهمالسلام ـ ، و هذا ما صرّح بهالزمخشري حين قال: «فأقرأَهُالسّورةَ».
الرابع: أنَّ سبب تصريحالواحدي بأنها نزلت في فضل عليّ(ع) ـ في حين أنها نزلت في حقه و حق أهل بيته ـ أنَّ علياً هو رَبُالبيت والآمرُ فيه، و أنَّ أهلَ بيته مشاركون له في هذالإطعام والتحمُّل و مشمولون به.
1. أي: أرسل النّبيّ(ص) إليالعاقب والسيد، و هما راهبا نجران.
2. أي: فنزلت في أهلِالبيت عليهمالسلامُ.
3. هو محمدبن يوسفبن عليّبن يوسفبن حيان أبوعبداللّه الأندلسيّالجيانيّ.
4. هو أبوعبدِاللّهِ محمدبن اسماعيلبن إبراهيم بن بردزبهالجعفيّ بالولاءِ.
5. هي ناقة رسولاللّهِ ـ صلّياللّهُ عليه و آلهِ و سَلَّمَ.
6. أي: فأبوبكر.
السيوطي، جلالالدين. ــ . لبابُالنُّقُولِ.
السيوطي، جلالالدين. ــ . لبابُالنُّقُولِ.
النحاس، أبي جعفر. ــ . إعرابالقرآن.
نهجالبلاغه
السيوطي، جلالالدين. ــ . لبابُالنُّقُولِ.
الغِرناطيّ، ابن عطيّهَ. ــ . المُحَرَّرُ الوجيزُ في تفسير الكتاب العزيز.
السيوطي، جلالالدين. ــ . لبابُالنُّقُولِ.
الفراء، أبي زكريا. ــ . معانيالقرآن.
الواحدي النيسابوري، أبو الحسن عليبن أحمد. ــ . أسبابالنزول.
السيوطي، جلالالدين. ــ . لبابُالنُّقُولِ.
السيوطي، جلالالدين. ــ . لبابُالنُّقُولِ.
السيوطي، جلالالدين. ــ . لبابُالنُّقُولِ.
السيوطي، جلالالدين. ــ . لبابُالنُّقُولِ.
السيوطي، جلالالدين. ــ . لبابُالنُّقُولِ.