کفایة تکرار الیمین وعدمها فی القسامة علی القتل نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

کفایة تکرار الیمین وعدمها فی القسامة علی القتل - نسخه متنی

السیدمحمود الهاشمی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید











كفاية تكرار اليمين وعدمها في القسامة علي القتل

آية اللّه‏ السيد محمود الهاشمي

المشهور بين الفقهاء أنّه إذا لم يكن لولي الدم خمسون نفرا يقسمون بل كانوا أقل من هذا العدد أو لم يكن إلاّ هو وحده كرّرت عليهم الأيمان حتي يتم عدد القسامة ثمّ يحكم له . وكذلك في طرف المدّعي عليه إذا لم يقسم المدّعي فانتقل الحلف إلي المدّعي عليه . وقد ادّعي عليه الإجماع في الغنية ( 1 ) والخلاف ( 2 ) والرياض ( 3 ) .


قال في المقنعة : « ولا تقوم البينة بالقتل إلاّ بشاهدين مسلمين عدلين ، أو بقسامة ؛ وهي خمسون رجلاً من أولياء المقتول يحلف كل واحد منهم باللّه‏ يمينا أنّه قتل صاحبهم . ولا تصح القسامة إلاّ مع التهمة للمدّعي عليه . فإن لم تكن قسامة علي ما ذكرناه أقسم أولياء المقتول خمسين يمينا ، ووجبت لهم الدية بعد ذلك » ( 4 ) .


وقال في النهاية : « ومتي لم يكن لأولياء المقتول من يشهد لهم من غيرهم ولا لهم قسامة من أنفسهم ، كان علي المدعي عليه أن يجيء بخمسين يحلفون عنه أنّه بريء مما ادّعي عليه . فإن لم يكن له من يحلف عنه كُرّرت عليه الأيمان خمسين يمينا ، وقد برئت عهدته » ( 5 ) .


وقال في الشرائع : « وهي في العمد خمسون يمينا ، فإن كان له قوم حلف كل واحد يمينا إن كانوا عدد القسامة ، وإن نقصوا عنه كررت عليهم الأيمان حتي يكملوا القسامة . وفي الخطأ المحض والشبيه بالعمد خمس وعشرون يمينا . ومن الأصحاب من سوّي بينهما ، وهو أوثق في الحكم ، والتفصيل أظهر في المذهب . ولو كان المدّعون جماعة قسّمت عليهم الخمسون بالسوية في العمد ، والخمس والعشرون في الخطأ . ولو كان المدّعي عليهم أكثر من واحد ففيه تردد أظهره أنّ علي كل واحد خمسين يمينا كما لو انفرد ؛ لأنّ كل واحد منهم يتوجّه عليه دعوي بانفراده ، أمّا لو كان المدعي عليه واحدا فأحضر من قومه خمسين يشهدون ببراءته حلف كل واحد منهم يمينا ، ولو كانوا أقل من الخمسين كُرّرت عليهم الأيمان حتي يكملوا العدد . ولو لم يكن للولي قسامة ولا حلف هو كان له إحلاف المنكر خمسين يمينا إن لم يكن له قسامة من قومه ، وإن كان له قوم كان كأحدهم » ( 6 ) .


وقال الإمام الخميني قدس‏سره في تحرير الوسيلة :


« مسألة 1 ـ إن كان له قوم بلغ مقدار القسامة حلف كل واحد يمينا ، وإن نقصوا عنه كررت عليهم الأيمان حتي يكملوا القسامة ، ولو كان القوم أكثر فهم مختارون في تعيين خمسين منهم في العمد وخمسة وعشرين في غيره .


مسألة 2 ـ لو لم يكن للمدعي قسامة ، أو كان ولكن امتنعوا كلاًّ أو بعضا ، حلف المدعي ومن يوافقه إن كان ، وكرر عليهم حتي تتم القسامة . ولو لم يوافقه أحد كرر عليه حتي يأتي بتمام العدد .


مسألة 6 ـ لو لم يحلف المدعي أو هو وعشيرته ، فله أن يردّ الحلف علي المدعي عليه ، فعليه أيضا خمسون قسامة ، فليُحضر من قومه خمسين يشهدون ببراءته ، وحلف كل واحد ببراءته . ولو كانوا أقل من الخمسين كررت عليهم الأيمان حتي يكملوا العدد ، وحكم ببراءته قصاصا وديةً . وإن لم يكن له قسامة من قومه يحلف هو خمسين يمينا ، فإذا حلف حكم ببراءته قصاصا وديةً » ( 7 ) .


واختار الاُستاذ الخوئي قدس‏سره في مباني تكملة المنهاج التفصيل بين قسامة المدّعي وقسامة المدّعي عليه ، فوافق المشهور في الاُولي وخالفهم في الثانية قائلاً : « فيه إشكال . . . فإن تم إجماع علي اعتبار حلف خمسين رجلاً بالإضافة إلي المدّعي عليه فهو ، وإلاّ فالظاهر كفاية خمسين يمينا من المدّعي عليه بلا حاجة إلي ضمّ شخص آخر إليه » ( 8 ) .


وفي قبال هذين القولين يوجد احتمالان آخران :


أحدهما ـ اشتراط تعدد الحالف خمسين رجلاً في المدّعي والمدّعي عليه معا ، وعدم الاكتفاء بتكرار اليمين عليهما .


الثاني ـ اشتراط تعدد الحالف خمسين رجلاً في طرف المدّعي ، والاكتفاء بتكرار اليمين خمسين مرة من المدّعي عليه عند فقد من يحلف من قومه ، أو مطلقا .


فالاحتمالات من هذه الناحية أربعة ، لابدّ من ملاحظة ما يوافق منها الأدلّة ، وهذا ما نورده ضمن جهات :


الجـهة الاُولي :


لا شك أنّ مقتضي الأصل الأولي عدم حجّية القسامة في مقام فصل الخصومة إذا لم يحصل منها علم ـ كالتواتر ـ للقاضي إلاّ إذا قام عليه الدليل ؛ لأ نّه مقتضي أصالة عدم حجّية ما يشك في حجيته ، بل هو مقتضي إطلاق أدلّة البينة علي المدعي واليمين علي من أنكر . والقدر المتيقن ثبوته بالروايات المستفيضة وبالإجماع والتسالم من المذهب الاكتفاء بقسامة خمسين رجلاً .


وأمّا اعتبار الأقل من ذلك والاكتفاء به ولو عند فقد خمسين نفرا فعلي القائل به إثبات ذلك من الأدلّة ، وإلاّ كان مقتضي القاعدة عدم الحجّية القضائية ، وهذا ظاهر .


الجـهة الثانية :


إنّ الروايات العديدة والمتضافرة دلّت علي أنّ القسامة من أدلّة الإثبات القضائي في القصاص والدية في الجملة ، وأنّها حق مكتوب عند الأئمة عليهم‏السلام ( 9 ) ، وأنّ النبي صلي‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم قد حكم بها في قضية مشهورة بين الأنصار واليهود ( 10 ) . إلاّ أنّ العامة اختلفت كلماتهم في قبولها مطلقا ، أو في خصوص إثبات الدية ، أو عدم قبولها مطلقا لكونها علي خلاف الأصل .


وقد انعكس هذا التردّد في رواياتنا الصادرة عن الأئمة عليهم‏السلام ، فجاء فيها التأكيد علي أنّها حق مكتوب عندنا ، وأنّها من قبل رسول اللّه‏ صلي‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم ، وقد حكم بها في قضية الأنصاري ، وأنّ بها حقن دماء المسلمين ومنع الفاجر الفاسق من اغتيال عدوّه ، وأنّها صنع رسول اللّه‏ صلي‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم لابدّ من التسليم له .


ويشهد علي هذا الاستنكار علي العامة ما في رواية حنان بن سدير قال : قال أبو عبد اللّه‏ عليه‏السلام : « سألني ابن شبرمة : ما تقول في القسامة في الدم ؟ فأجبته بما صنع النبي صلي‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم . فقال : أرأيت لو لم يصنع هكذا كيف كان القول فيه ؟ قال : فقلت له : أمّا ما صنع النبي صلي‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم فقد أخبرتك به ، وأمّا ما لم يصنع فلا علم لي به » ( 11 ) .


ورواية سليمان بن خالد قال : قال أبو عبد اللّه‏ عليه‏السلام : « سألني عيسي وابن شبرمة معه عن القتيل يوجد في أرض القوم ، فقلت : وجد الأنصار رجلاً في ساقية من سواقي خيبر ، فقالت الأنصار : اليهود قتلوا صاحبنا . فقال لهم رسول اللّه‏ صلي‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم : لكم بينة ؟ فقالوا : لا . فقال : أفتقسمون ؟ فقالت الأنصار : كيف نقسم علي ما لم نره ؟ ! فقال : فاليهود يقسمون . فقالت الأنصار : يقسمون علي صاحبنا ؟ ! قال : فوداه رسول اللّه‏ صلي‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم من عنده . فقال ابن شبرمة : أرأيت لو لم يوده النبي صلي‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم ؟ قال : قلت : لا نقول لما قد صنع رسول اللّه‏ صلي‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم : لو لم يصنعه ؟ قال : فقلت : فعلي من القسامة ؟ قال عليه‏السلام : علي أهل القتيل » ( 12 ) .


فالقسامة كدليل قضائي أصله مسلَّم في مذهبنا منصوص عليه في رواياتنا ، وهذا كله خارج عن بحثنا ، وإنّما المقصود هنا البحث عن كيفيّتها من ناحية لزوم تعدد الحالفين بعدد القسامة وعدمه . والروايات المتعرضة للقسامة من هذه الناحية يمكن تصنيفها إلي أربع طوائف :


الطائفة الاُولي : ما ليس فيه تعرّض إلاّ لأصل القسامة وتشريعها من دون النظر إلي كيفية إقامتها وعددها ؛ من قبيل صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه‏ عليه‏السلام قال : سألته عن القسامة كيف كانت ؟ فقال : « هي حق ، وهي مكتوبة عندنا ، ولولا ذلك لقتل الناس بعضهم بعضا ثمّ لم يكن شيء ؛ وإنّما القسامة نجاة للناس » ( 13 ) .


ومثلها روايات اُخري فيها المعتبرة ؛ كصحيح ابن سنان وروايته الاُخري ، ومعتبرة سليمان بن خالد وزرارة وحنان بن سدير ، وغيرها ( 14 ) .


الطائفة الثانية : ما دلّ علي أنّ القسامة خمسون رجلاً أو نفرا مما ظاهره اشتراط تعدد الحالف خمسين نفرا ؛ من قبيل صحيحة بريد بن معاوية عن أبي عبد اللّه‏ عليه‏السلام ، قال : سألته عن القسامة ، فقال : « الحقوق كلها البينة علي المدعي واليمين علي المدعي عليه إلاّ في الدم خاصة ؛ فإنّ رسول اللّه‏ صلي‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم بينما هو بخيبر إذ فقدت الأنصار رجلاً منهم فوجدوه قتيلاً ، فقالت الأنصار : إنّ فلانا اليهودي قتل صاحبنا . فقال رسول اللّه‏ صلي‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم للمطالبين : أقيموا رجلين عدلين من غيركم اُقِدْه برمّته ، فإن لم تجدوا شاهدين فأقيموا قسامة خمسين رجلاً اُقِدْه برمّته . فقالوا : يا رسول اللّه‏ ، ما عندنا شاهدان من غيرنا ، وإنّا لنكره أن نقسم علي ما لم نره . فوداه رسول اللّه‏ صلي‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم من عنده وقال : إنّما حقن دماء المسلمين بالقسامة ؛ لكي إذا رأي الفاجر الفاسق فرصة من عدوّه حجزه مخافة القسامة أن يُقتل به فكفّ عن قتله . وإلاّ حلف المدعي عليه قسامة خمسين رجلاً : ما قتلناه ولا علمنا قاتلاً . وإلاّ اُغرموا الدية إذا وجدوا قتيلاً بين أظهرهم إذا لم يقسم المدّعون » ( 15 ) .


ومثلها صحيحة زرارة ورواية لأبي بصير ( 16 ) .


وهذه الطائفة من الروايات ظاهرها شرطية تعدد الحالف خمسين رجلاً في طرفي الإثبات والنفي معا .


الطائفة الثالثة : ما دلّ علي اعتبار خمسين يمينا ، وهي رواية واحدة معتبرة لمسعدة بن زياد ، عن جعفر عليه‏السلام قال : « كان أبي رضي‏الله‏عنه إذا لم يُقم القوم المدّعون البينة علي قتل قتيلهم ولم يقسموا بأنّ المتّهمين قتلوه حلَّف المتهمين بالقتل خمسين يمينا باللّه‏ : ما قتلناه ولا علمنا له قاتلاً ، ثمّ يؤدّي الدية إلي أولياء القتيل . ذلك إذا قُتل في حي واحد ، فأمّا إذا قتل في عسكر أو سوق مدينة فديته تدفع إلي أوليائه من بيت المال » ( 17 ) .


وهذا الصنف قد يقال : إنّ مقتضي إطلاقه كفاية خمسين يمينا ولو من مدّعٍ واحد ، إلاّ أنّ الرواية قد تعرضت لذلك في طرف المنكر ونفي التهمة لا في طرف المدعي وإثبات القتل ، علي ما سيأتي تفصيل الحديث فيه
الطائفة الرابعة : ما ورد في الجروح والحكم بالقسامة فيها ستة نفر فيما تكون ديته ألف دينار ، وما يكون أقل من ذلك فبالنسبة بحساب ذلك ؛ وقد ورد هذا في كتاب ظريف المتعرض لأحكام وفتاوي أمير المؤمنين عليه‏السلام في الديات . والظاهر أنّه كتاب معروف بين الرواة ، وقد قرأه ظريف بن ناصح علي الإمام الصادق عليه‏السلام عن علي عليه‏السلام ويونس بن عبد الرحمن علي الإمام الرضا عليه‏السلام عن علي عليه‏السلام . وكتاب ظريف وإن كان فيه رفع إلي المعصوم عليه‏السلام إلاّ أنّه يمكن دعوي اعتباره ؛ لشهرته بين الرواة ، ووجود أسناد عديدة ـ فيها المعتبرة ـ تدلّ علي قراءته علي الأئمة وإمضائهم له . وفيما يتعلق بمسألتنا بالخصوص يوجد طريق معتبر له ، وهو معتبرة يونس بن عبد الرحمن عن الرضا عليه‏السلام « . . . فيما أفتي به أمير المؤمنين عليه‏السلام في الديات ، فمما أفتي به في الجسد وجعله ست فرائض : النفس ، والبصر ، والسمع ، والكلام ، ونقص الصوت من الغنن والبحح ، والشلل في اليدين والرجلين . ثمّ جعل مع كل شيء من هذه قسامة علي نحو ما بلغت الدية . والقسامة جعل في النفس علي العمد خمسين رجلاً ، وجعل في النفس علي الخطأ خمسة وعشرين رجلاً ، وعلي ما بلغت ديته من الجروح ألف دينار ستة نفر ، وما كان دون ذلك فبحسابه من ستة نفر ، والقسامة في : النفس ، والسمع ، والبصر ، والعقل ، والصوت من الغنن والبحح ، ونقص اليدين والرجلين ، فهو ستة أجزاء الرجل .


تفسير ذلك : إذا اُصيب الرجل من هذه الأجزاء الستة وقيس ذلك ؛ فإن كان سدس بصره أو سمعه أو كلامه أو غير ذلك حلف هو وحده ، وإن كان ثلث بصره حلف هو وحلف معه رجل واحد ، وإن كان نصف بصره حلف هو وحلف معه رجلان ، وإن كان ثلثي بصره حلف هو وحلف معه ثلاثة نفر ، وإن كان أربعة أخماس بصره حلف هو وحلف معه أربعة نفر ، وإن كان بصره كلّه حلف هو وحلف معه خمسة نفر . وكذلك القسامة في الجروح كلها ، فإن لم يكن للمصاب من يحلف معه ضوعفت عليه الأيمان ؛ فإن كان سدس بصره حلف مرّة واحدة ، وإن كان الثلث حلف مرتين ، وإن كان النصف حلف ثلاث مرات ، وإن كان الثلثين حلف أربع مرات ، وإن كان خمسة أسداس حلف خمس مرات ، وإن كان كلّه حلف ست مرات ، ثمّ يعطي » ( 18 ) .


ومثله ما رواه الكليني والصدوق والشيخ بأسانيدهم إلي كتاب ظريف عن أمير المؤمنين عليه‏السلام ، وفي ذيل رواية الصدوق والشيخ : « وإن أبي أن يحلف لم يعطَ إلاّ ما حلف عليه ووثق منه بصدق ، والوالي يستعين في ذلك بالسؤال والنظر والتثبّت في القصاص والحدود والقود » ( 19 ) .


وهذا الصنف من الروايات قد صرح فيه بمضاعفة الأيمان علي المدّعي إذا لم يكن معه غيره ، إلاّ أنّه وارد في الجروح وإعطاء الدية .


الجـهة الثالثة :


فيما يمكن أن يستدل به علي قول المشهور من كفاية مضاعفة اليمين عند فقد خمسين نفرا ، وهو عدة وجوه :


الوجه الأوّل : التمسك بإطلاق الطائفة الاُولي من الروايات ، حيث ورد في بعضها كبري كلية هي أنّه في باب الدماء قد حكم اللّه‏ سبحانه علينا بغير ما حكم به في الأموال ؛ فقد حكم في الأموال أنّ البينة علي المدعي واليمين علي المدعي عليه ، وحكم في الدماء أنّ البينة علي المدعي عليه واليمين علي من ادّعي ؛ لئلاّ يبطل دم امرئ مسلم ( 20 ) .


فيكون مقتضي هذه الكلية أنّه في باب الدماء مطلقا تكون اليمين علي المدّعي حتي لمن ليس معه خمسون نفرا يحلفون معه ، غاية الأمر حيث نعلم من الخارج بأنّه لا يكفي أقل من خمسين يمينا نقيّد إطلاقه به ، فيثبت مدعي المشهور من أنّه في فرض عدم وجود خمسين نفرا تُضاعَف الأيمان علي المدّعين ، وتثبت به الدعوي علي المنكر ما لم يُقم البيّنة علي النفي .


وفيه : ما تقدم من أنّ هذه الروايات ليست في مقام البيان من ناحية كيفية القسامة وموردها وشرائطها ، وإنّما بصدد بيان أصل هذا التشريع ، وانتقاضِ القاعدة الأولية في باب الدماء رغم ثبوت المال والدية فيه في الجملة ، ودفعِ الارتكاز أو الإنكار المزعوم من قِبل بعض العامة .


ومن هنا لم يتمسك الفقهاء بإطلاق هذه الروايات في موارد عدم اللوث والتهمة . هذا مضافا إلي أنّ هذا الإطلاق معارض بما في الطائفة الثانية من الروايات الظاهرة في اشتراط تعدد القسامة خمسين نفرا ، حيث تكون تلك الروايات المفسرة لكيفية القسامة مقيّدة بل مفسرة لهذه الروايات ، ودالة علي أنّ اليمين التي تثبت بها دعوي القتل من مدعيه في باب الدماء إنّما هي قسامة خمسين رجلاً لا مطلق اليمين .


ودعوي : أنّ تلك الطائفة من الروايات إنّما تدلّ علي اعتبار قسامة خمسين رجلاً إذا كان للمدعي ذلك ، وأمّا اشتراط ذلك وعدم كفاية خمسين يمينا مع عدم وجود خمسين نفرا فلا يستفاد من الطائفة الثانية لكي تكون معارضة مع الطائفة الاُولي ؛ لأنّهما مثبتتان للحكم ، فيمكن أن تكون إحداهما أوسع من الاُخري .


مدفوعة : بأنّ ظاهر الطائفتين النظر إلي حكم وتشريعٍ واحد ، غاية الأمر الطائفة الاُولي تعرضت لأصل الحكم والطائفة الثانية تعرضت للتفاصيل والكيفية ، فإذا اقتصرت علي ذكر اليمين من قِبل خمسين نفرا ولم تذكر الاكتفاء بخمسين يمينا ومضاعفتها علي المدعي عند فقد خمسين نفرا بل ينتقل الأمر إلي تحليف المدّعي عليه بمجرد ذلك . . يفهم منها لا محالة أنّ اليمين التي حكم بها له في باب الدماء إنّما هي قسامة خمسين رجلاً .


فالحاصل : هذه الروايات كما تقيّد تلك الكبري الكلية في الطائفة الاُولي بأنّ اليمين التي يحكم بها للمدعي لابدّ وأن تكون خمسين يمينا ، كذلك تقيّده بأنّه لابدّ وأن تكون قسامة خمسين رجلاً ؛ أي مع تعدد الحالف .


الوجه الثاني : التمسك بإطلاق الطائفة الثالثة من الروايات ـ أي معتبرة مسعدة بن زياد ( 21 ) ـ حيث ورد فيها عنوان « خمسين يمينا » ، وهو مطلق يشمل تعدد اليمين من الحالف الواحد .


وفيـه :


أوّلاً ـ أنّها متعرضة ليمين المدعي عليه لا المدعي ، واحتمال الفرق بينهما متجه جدا ؛ لأنّ المدّعي عليه مطلبه مطابق مع الأصل ، فيمكن أن يكتفي فيه بخمسين يمينا ولو من المدعي عليه وحده ، وهذا بخلاف المدعي الذي يريد إثبات القتل والحكم بالقصاص أو الدية فيه ؛ حيث يناسب أن يكون له دليل أقوي من ذلك ، ولا شك أنّ كاشفية مضاعفة اليمين علي الحالف الواحد أقل كثيرا من يمين خمسين رجلاً ، بل تلك في حكم مخبرٍ واحد وهذه في حكم خمسين مخبرا ، وهذا واضح عرفا ، فلا يمكن إلغاء الخصوصية والتعدي منه إلي المدّعي .


وثانيا ـ إمكان المنع عن أصل انعقاد الإطلاق المذكور في رواية مسعدة ؛ لأنّها ظاهرة في التعرض لجهة انتقال الحلف من القوم المدّعين إلي القوم المتّهمين .


فتمام النظر في الرواية إلي حيثية انتقال القسامة وخمسين يمينا إلي المتّهمين المدّعي عليهم ، أمّا أنّه كيف تؤخذ منهم : من خمسين رجلاً أو يكتفي بمضاعفة اليمين علي المتهم الواحد ؟ فليست الرواية بصدد البيان من هذه الناحية لا في طرف المدعي ولا المدعي عليهم ، فلا تتم مقدمات الحكمة والإطلاق فيها من هذه الجهة .


وثالثا ـ لو فرض تمامية الإطلاق لزم تقييدها أو تفسيرها بما تقدم في الطائفة الثانية ـ كصحيحة بريد ( 22 ) ـ الظاهرة في اشتراط تعدد القسامة خمسين رجلاً حتي في طرف المدعي عليه . والإشكال فيه بعدم التنافي لكونهما مثبتين قد عرفت جوابه . كما أنّ حمل صحيحة بريد علي إرادة الحلف خمسين مرّة وأن حلفه لابدّ وأن يكون بمثابة قسامة خمسين رجلاً ـ كما في مباني تكملة المنهاج ( 23 ) ـ خلاف الظاهر جدا ، خصوصا مع التعبير بقوله : « ما قتلناه ولا علمنا له قاتلاً » بصيغة الجمع . وأوضح من هذه الصحيحة رواية أبي بصير إلاّ أنّ في سندها علي بن أبي حمزة البطائني ( 24 ) .


الوجه الثالث : التمسك بالطائفة الرابعة ( 25 ) من الروايات ؛ حيث صرح فيها بمضاعفة اليمين من المدعي إذا لم يكن معه نفر . وهي وإن كانت واردة في الجروح والأعضاء ، إلاّ أنّه بإلغاء الخصوصية وعدم احتمال الفرق يتعدّي إلي قتل النفس أيضا .


ويلاحظ علي هذا الوجه :


أوّلاً ـ احتمال الفرق بين مورد هذه الطائفة ـ وهو الجروح والأعضاء ـ وبين قتل النفس كبيرٌ جدا ؛ لأهمية النفس ، ومن هنا لم يقبل فيه إلاّ خمسون يمينا في العمد وخمس وعشرون في الخطأ ، بخلاف الأعضاء حيث قُبل فيها ستة نفر فيما كانت ديته ألف دينار ، وبحسابه كلما كان أقل منه ، وقد تعرضت الرواية في صدرها لقسامة القتل ، وجعلتها خصوص الخمسين رجلاً في العمد والخمسة والعشرين في الخطأ بلا تعرض لمضاعفة اليمين .


وأيضا في مورد الجروح يكون المدعي هو المجروح والمصاب نفسه ـ كما صرّح به في الرواية ـ وهو عادةً يعلم عن حسّ بمن اعتدي عليه ، فيكون مستند يمينه إذا كان موثوقا صادقا أقوي كاشفية من قسامة القتل في موارد القتل واللوث وعدم الشاهد .


وثانيا ـ هذه الطائفة غاية ما تثبته بقسامة ستة نفر هو الدية لا القصاص ، بل في ذيل بعضها أنّ علي الوالي في الحدود والقصاص والقود ألاّ يكتفي بالقسامة ، وإنّما عليه أن يستعين بالنظر والتثبت والسؤال والفحص ، وهذا إن لم يدل علي عدم الاكتفاء بالقسامة في القصاص وأنّه لابدّ فيه من حصول اليقين أو الاطمئنان للقاضي حتي في قصاص الأطراف فضلاً عن النفس ، فلا إشكال في دلالته علي عدم صحة التسوية بينهما . بل لعل فيما ورد في صدر تلك الرواية في قسامة ستة نفر المثبت للدية ـ من التعبير بقوله : « وإن أبي أن يحلف لم يعطَ إلاّ ما حلف عليه ووثق منه بصدق » ـ دلالةً علي اشتراط حصول الوثوق والاطمئنان بصدق الحالف في باب القسامة مطلقا ؛ فلو كان متهما في قسمه لم يعطَ الدية أيضا .


وبهذا يظهر أنّه في قصاص الأطراف والجروح لا يثبت القصاص بقسامة ستة نفر . وأمّا ثبوته بقسامة خمسين نفرا فمبني علي استفادة الأولوية وعدم احتمال الفرق فقهيا بين قصاص النفس وقصاص الأطراف ، وليس ببعيد .


الوجه الرابع : التمسك بالإجماع وعدم نقل الخلاف من أحد من أصحابنا في المسألة ، مع عدم وجود نص صريح في كفاية مضاعفة اليمين في قسامة القتل ، مما يكشف عن انعقاد إجماع أو تسالم تعبدي في المسألة علي كفاية ذلك عند فقد خمسين نفرا .


ويلاحظ عليه :


أوّلاً ـ عدم وضوح إجماع أو تسالم في المسألة ، كيف ؟ ! وعبارة المفيد قدس‏سره ـ المتقدمة ـ في المقنعة ( 26 ) ظاهرة في أنّ الذي يَثبت مع قسم أولياء المقتول خمسين يمينا عند فقد خمسين نفرا إنّما هو الدية لا القصاص . كما أنّ عبارة الشيخ الطوسي قدس‏سره في النهاية ( 27 ) ظاهرة في أنّ مضاعفة الأيمان علي النفر الواحد إنّما تكون في طرف المدَّعي عليه دون المدّعي ؛ حيث خصَّص فرض عدم وجدان خمسين نفرا يحلفون وتكرار الحلف علي النفر الواحد : في طرف المدّعي عليه لا المدّعي ، فراجع عبارته وتأمَّل فيها ؛ فإنّه لا وجه لهذا التخصيص . اللهم إلاّ أن تحمل العبارة علي الغفلة والإجمال ، وأنّ مراده من قوله : « ولا قسامة لهم من أنفسهم » أنّه لم تكن لهم قسامة بنفس الترتيب . إلاّ أنّ العبارة غير ظاهرة في ذلك .


ومثل عبارة الشيخ في النهاية عبائر المهذَّب لابن البراج ( 28 ) ، فراجع .


وثانيا ـ لو سلّم تمامية التسالم أو الإجماع صغري ، مع ذلك لا يمكن الجزم بكونه إجماعا تعبديا غير متأثر بما تقدم من الوجوه التي ذكرناها لتخريج فتوي المشهور .


الوجه الخامس : ما ذكره في مباني التكملة : « انّ القسامة إنّما جعلت احتياطا للناس لئلاّ يغتال الفاسق رجلاً فيقتله حيث لا يراه أحد . فإذا كانت علّة جعل القسامة ذلك فكيف يمكن تعليق القود علي حلف خمسين رجلاً ؟ ! فإنّه أمر لا يتحقق إلاّ نادرا ، فكيف يمكن أن يكون ذلك موجبا لخوف الفاسق من الاغتيال ؟ ! » ( 29 ) .


وهذا الوجه مجرد استبعاد واستحسان ؛ وإلاّ فتحصيل خمسين نفرا في باب القسامة ـ مع فرض اللوثِ ووجود تهمة من خصومة ونحوها بين المتهم والمقتول ، وعدمِ اشتراط كون علم الحالف عن حسّ بل يكفي فيه وثوق الحالف ولو عن حدس ـ ليس فرضا نادرا . علي أنّ الوارد في لسان هذه الروايات ليس تعليلاً للحكم ، بل ردّ لما كان مركوزا لدي العامة ومستبعدا عندهم ، وبيان أنّ حجّية القسامة فيها مثل هذه الفائدة والثمرة ، وقد جعلت الروايات هذه الثمرة مترتبة علي قسامة خمسين رجلاً بالخصوص ، فلو كان فيه استبعاد وندرة واستهجان لكان واقعا علي كلّ حال ، ولا يكون إلحاق خمسين يمينا ثبوتا بذلك رافعا لهذا الاستهجان ما لم يكن مذكورا في الرواية إثباتا .


وهكذا يتلخص من مجموع ما تقدم : أنّ الاكتفاء بتكرار اليمين في إثبات القتل بالقسامة سواء في العمد أو الخطأ مشكل بل ممنوع ، فلابدّ من قسامة خمسين رجلاً أو خمسة وعشرين كذلك . هذا في طرف إثبات القتل ؛ أعني قسامة المدعي ، وأمّا في طرف المنكر ـ أي قسامة المدّعي عليه ـ فالاكتفاء فيها بتكرار اليمين عليه خمسين مرة ابتداءً وبلا حاجة إلي ضم حلف الآخرين مبني علي استفادة ذلك من صحيح مسعدة بن زياد ، كما استفاده في مباني تكملة المنهاج ولكنك قد عرفت الإشكال في تمامية الإطلاق فيها . ولو فرض تماميته في نفسه كان معارضا بما في صحيح بريد بن معاوية من لزوم قسامة خمسين رجلاً في طرف المدّعي عليه أيضا ، فلابدّ من تقييده به .


وحينئذٍ إذا استظهر من صحيح بريد شرطية خمسين رجلاً مطلقا كان الجمع بين الصحيحتين بحمل صحيح مسعدة علي إرادة خمسين يمينا من خمسين رجلاً ، فيكون المدعي عليه كالمدّعي لا يكتفي منه إلاّ بقسامة خمسين رجلاً . وهذا هو الاحتمال الثالث من الاحتمالات الأربعة المتقدمة .


وإذا استظهر من صحيح بريد شرطية خمسين رجلاً عند التمكن منه فقط لا أكثر ـ حيث إنّها ساكتة عن فرض عدم تمكن المدّعي عليه من خمسين نفرا ـ فيكون مقتضي الجمع بينه وبين صحيح مسعدة ـ بناءً علي استفادة الإطلاق منه ـ شرطية خمسين نفرا في فرض التمكن منه ، وأمّا في فرض عدم وجود خمسين فيكتفي بخمسين يمينا من الأقل ، بل ومن المدّعي عليه وحده أيضا ؛ فيثبت التفصيل بين قسامة المدعي وقسامة المدعي عليه بالنحو المذكور في صدر الاحتمال الرابع من الاحتمالات الأربعة المتقدمة في المسألة .


وإن فرضنا عدم التعارض بين مثل صحيح بريد وصحيح مسعدة أصلاً لكونهما مثبتين ، ثبت التفصيل بين المدّعي والمدّعي عليه بالنحو المذكور في ذيل الاحتمال الرابع ـ أي يشترط في طرف المدّعي قسامة خمسين رجلاً ـ لدلالة مثل صحيح بريد عليه ، وعدمِ وجود ما يدل علي كفاية غيره فيه . وأمّا في طرف المدعي عليه فلا يشترط أكثر من خمسين يمينا من قبل المدّعي عليه ولو مع التمكن من تحليف غيره معه ؛ لدلالة صحيح مسعدة عليه .











( 21 ) المصدر السابق : ح 6 .


( 3 ) الرياض 10 : 315 ـ 316 . ط ـ دار الهادي .


( 16 ) الوسائل 19 : 117 و 118 ، ب 10 ، أبواب دعوي القتل وما يثبت به ، ح 3 و 5 .


( 11 ) المصدر السابق : 118 ، ب 10 ، أبواب دعوي القتل وما يثبت به ، ح 4 .


( 15 ) تهذيب الأحكام 10 : 166 ، ح 1 . وفيه : « فلان اليهودي » والتصحيح من فروع الكافي .


( 1 ) الغنية : 440 ـ 441 .


( 5 ) النهاية : 741 .


( 17 ) المصدر السابق : 115 ، ب 9 ، أبواب دعوي القتل وما يثبت به ، ح 6 .


( 19 ) الكافي 7 : 397 ، ب 222 كتاب الديات ، ح 9 . من لا يحضره الفقيه 4 : 78 . تهذيب الأحكام 10 : 298 ، ح 26 .


( 12 ) المصدر السابق : 119 ، ح 7 .


( 26 ) المقنعة : 736 .


( 28 ) المهذب 2 : 501 .


( 22 ) المصدر السابق : 114 ، ب 9 ، أبواب دعوي القتل وما يثبت به ، ح 3 .


( 14 ) المصدر السابق : انظر : الباب 9 و 10 .


( 2 ) الخلاف 5 : 303 . ط ـ جماعة المدرسين .


( 4 ) المقنعة : 736 .


( 10 ) المصدر السابق : ح 3 .


( 23 ) مباني تكملة المنهاج 2 : 111 .


( 24 ) الوسائل 19 : 118 ، ب 10 ، أبواب دعوي القتل وما يثبت به ، ح 5 .


( 13 ) المصدر السابق : 114 ، ب 9 ، أبواب دعوي القتل وما يثبت به ، ح 2 .


( 20 ) انظر : الوسائل 19 : 115 ، ب 9 ، أبواب دعوي القتل وما يثبت به ، ح 4 .


( 25 ) المصدر السابق : 219 ، ب 3 ، أبواب ديات الأعضاء ، ح 1 .


( 6 ) شرائع الإسلام 4 : 225 . ط ـ النجف .


( 27 ) النهاية : 741 .


( 29 ) مباني تكملة المنهاج 2 : 109 .


( 9 ) الوسائل 19 : 114 ، ب 9 ، أبواب دعوي القتل وما يثبت به ، ح 2 .


( 8 ) مباني تكملة المنهاج 2 : 111 . ط ـ دار الزهراء عليها‏السلام .


( 18 ) المصدر السابق : 120 ، ب 11 ، أبواب دعوي القتل وما يثبت به ، ح 2 . وانظر : ص 219 ، ب 3 ، أبواب ديات الأعضاء ، ح 1 .


( 7 ) تحرير الوسيلة 2 : 477 ـ 478 . ط ـ جماعة المدرسين .


/ 1