ناصر تكميل همايون - سبل تحقیق حوار الثقافات والحضارات نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

سبل تحقیق حوار الثقافات والحضارات - نسخه متنی

ناصر تکمیل همایون

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




سُبُلُ تحقيقِ حوار الثقافات والحضارات


ناصر تكميل همايون


المقدمة:


مع ظهور أولي المجموعات البشرية في عصر ما قبل التاريخ وإقامة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية بينها والذي تبعه بروز الاختلافات المتعددة إثر اندلاع الصراعات والنزاعات العسكرية، عرف الناس الظاهرة الطبيعية ـ التاريخية التي عرفت ب (الطرق وسُبُل ادارتها) وما يتعلق بها من أمور في أنحاء العالم وذلك بنوعيها البري والبحري.


وقد طرأت عليها فيما بعد تغييرات كثيرة باختلاف المجتمعات والمراحل التاريخية. وبالتزامن مع هذه الاتصالات والارتباط ظهرت العلاقات الثقافية بين المجموعات البشرية الأولي وتأصلت هذه العلاقات وتواصلت تبعاً لهذه الحاجات الإنسانية ـ الاجتماعية وتحقيقاً للماهية الثقافية داخل هذه المجموعات وإقامة الارتباط والتعامل الثقافي السليم.


وهكذا يمكننا القول أنه من خلال هذه الطرق القصيرة منها أو الطويلة تبودلت مختلف أنواع السلع والبضائع بين القبائل وسكان المناطق المختلفة. فضلاً عن انتقال الأفكار والرؤي الثقافية والتقاليد والخصال الإيمانية والثقافية بين الأقوام والشعوب المختلفة.


مع تغير المجتمعات واجتياز عصور ما قبل التاريخ ودخول العصر الحضاري تطورت الطرق وخرجت من حالتها البدائية وتكاملت تزاماً مع تطور وتكامل باقي المؤسسات الاجتماعية.


بعبارة أخري تحولت الطرق الريفية المحدودة إلي طرق اقليمية سرعان ما تحولت في مراحل تاريخية أخري إلي طرق رئيسة وجديدة برز من بينها طريق رئيسي وطويل يعادل ربع محيط الكرة الأرضية ربط أجزاء كبيرة من قارة آسيا (الشرق) بأجزاء رئيسية من قارة أوروبا (الغرب)، حيث عرف عالمياً من قبل العلماء الأوروبيين في مطلع القرن العشرين ب (طريق الحرير) ما لبث أن أقر بهذه التسمية باقي العلماء والباحثين



إن هذه الظاهرة العالمية النادرة لم تتكون بشكل مفاجئ بل ان شبكات الطرق القريبة اتصلت فيما بينها تلبية للحاجات الاقليمية وأصبحت الطرق أكثر طولاً وأدي ذلك إلي تبادل ثقافات الأقوام البعيدة كما حصل بين ثقافات المناطق المجاورة. ومع ظهور حاجات عصر الحضارة الكبيرة والواسعة اتصلت الشبكات البعيدة مع بعضها تدريجياً؛ ودون أن يكون لها هدف معين ومحدد مسبقاً أظهرت إلي الوجود طريق الحرير الكبير في تاريخ الحضارة الإنساني، حيث لعب نوع الحكومات وأساليبها والتعامل الاقتصادي دوراً مهماً في تحقيق هذه الظاهرة التاريخية. وباختصار فإن طريق الحرير كانت عامرة وفعالة منذ 2100 عام وحتي عصر التسلط التكنولوجي وسيطرة القوي السياسية الغربية وذلك من خلال امتدادها علي مختلف الأراضي التي كان يسكنها أقوام ذوي حضارات وثقافات متفاوتة... ورغم أن التحولات السياسية المعاصرة التي حدثت خلال القرنين الأخيرين والاكتشافات البرية والبحرية التي قام بها الأوروبيون خلال هذه السنوات أدت إءلي المساس بطريق الحرير، لكنها لم تفلح في أبادتها في جميع المناطق.


أجل أن طريق الحرير بدأت من منطقة سيان ـ مركز التقاء الطرق الفرعية في الصين ومنطقة (اليابان وكوريا) ـ وبعد اجتيازها لصحاري تاكلاماكان (Taklamaka)القاحلة والمخيفة ووصولها لأراضي فرغانة وسغديانة ودخولها لخراسان وقومس والريّ وقزوين فإنها دخلت أراضي الامبراطورية الرومية (الشرقية والغربية) من خلال منطقتي أذربيجان والأناضول أو اكباتان وتيسفون والشام وبالتالي الاتصال بأوروبا عن طريق البحر المتوسط.


وخلال هذه المسيرة النادرة الطبيعة والجغرافية المتنوعة والتي أوجدت مناطق مختلفة لم يكن للطاقة البشرية سوي دور المسهل والمنظم، وقد سكنت هذه المناطق مجموعات بشرية ذات حضارات وثقافات وتقاليد وأديان ومذاهب وعادات ولغات ولهجات وأساليب حياة مختلفة وذلك في مراحل تاريخية متعددة.


إن هذه القضية التي لفتت إليها الآن أنظار الباحثين والعلماء والرحالة والمهتمين بطريق الحرير التاريخية كانت ذات جاذبية أكثر لأقوام وعلماء ورحّالة تلك المراحل التاريخية رغم عدم تقدمها التكنولوجي والفني حيث أن المصادر التاريخية والمذكرات والكتابات التي وصلتنا عن الرحلات التي قام بها علماؤنا والباحثون الأوروبيون تدل بكل وضوح علي تلك الحقيقة.


1 ـ العبور من خلال عالم الحضارات والأديان :


إن التنوع والتعدد القومي ـ الثقافي الذي عُرف خلال المسير الذي اجتازه طريق الحرير والذي استمر منذ القرن الأول قبل الميلاد وحتي القرن التاسع عشر الميلادي اتخذ شكلاً جديداً منذ تسلط الأنظمة الرأسمالية الغربية وتغلغلها وشن عدوانها مما أوجد تغييرات كبيرة في هذا الممر الطبيعي ـ الاجتماعي العالمي.


وهنا يمكننا أن نشير إلي أهم الحضارات التي شكلت المحطات الرئيسية في المسيرة التاريخية لهذا الطريق:


حضارة الصين، منذ عهد الهانهانيين الغربيين (221 ق.م ـ 90 م) وما بعده.


حضارة إيران، منذ عهد البارتيين والكوشانيين مع الاستزادة من حضارات بين النهرين والبحر المتوسط وآسيا.


حضارة اليونان، منذ المواجهة مع الحضارة الإيرانية وانقراض السلالة الحاخامنشية.


حضارة الهند، منذ عهد سقوط امبراطورية موريا (Maurya (183 ق.م) مع الاستزاة من الحضارات الهندية القديمة.


حضارة الروم، وتبعتها الحضارة البيزنطية (روم الشرقية).


الحضارة الإسلامية، مع وجود دعم الثقافات العربية والإيرانية والبيزنطية والتركية.


وهكذا فإن طريق الحرير الأصلية والفرعية اجتازت هذه الحضارات، وتميزت أرض إيران بمركزية خاصة من النواحي الجغرافية والتاريخية ـ السياسية والثقافية. ويبدو أن أي من الحضارات التي كانت تقع علي طرق الحرير لم تكن تتمتع بالموقع الجغرافي ـ الثقافي الذي تميزت به هذه الأرض وهي بحق (قلب العالم).


ويمكننا أن ننظر إلي هذه الحضارات الست من منظارين هما:


أولاً: إن كلاً من الحضارات تميزت بحالة تركيبية من الثقافات والابتكارات والانجازات المدنية.


ثانياً: الان كلاً من هذه الحضارات كان لها نوع من التعامل مع أقوام مثل الهونهانيين والهفتاليتيين والهياطلة والأتراك والمغول وغيرهم من الأقوام الذين يتميزون بحياة متفاوتة مع سكان المدن، حيث ان آثارها متجسدة في الحركات الحضارية عبر المسيرة التاريخية البشرية. هذا وقد خرجت من جوهر هذه الحضارات ـ التركيبية وغير التركيبية ـ عدة ديانات بصيغات مختلفة تغلغلت في هذا المسير التاريخي من خلال اجتيازها لطرق الحرير بل أنها من خلال اجتيازها للطرق الفرعية أخذت طابعاً عالمياً علي أسس من الاعتقادات والالتزامات.


إن أديان مثل البوذية والزرادشتية والكونفوشيوس وديانات مثل اليهودية والمسيحية (لا سيما الطريقة النستوريانية) ومذاهب تركيبية مثل المهركرائيّة والمانويت والبوغوموليسم (Bogomolisme) وبالتالي الدين الإسلامي أكدوا علي حياتهم المعنوية واستمراريتهم العقائدية إلي جانب الفرق والمذاهب والطرق العرفانية والصوفية المختلفة ووجدوا هذه الكنوز من خلال الطرق التي أوصلت مناطق العالم مع بعضها البعض وجعلتها كعروق الجسم الإنساني مترابطة ومتواصلة.


إن الأديان والاعتقادات من جميع الأنواع والأماكن عندما كانت تبدأ حركتها نحو أماكن أخري كانت تأخذ معها لغاتها وفنونها وابداعاتها وأمور أخري، وتتعرض هي بدورها للتغييرات مع مرور الزمن خلال هذه المسيرة وبالتالي تنصقل أكثر فضلاً عن أنها تجتذب إليها ألوان الطبيعة والجغرافيّة خلال اجتيازها الطرق البرية والبحرية وعبورها من الصحاري والوديان والسهول بحيث أن الديانة المسيحية أصبحت متفاوتة في الناصرة وبيت المقدس عما كانت عليه في بلخ وباكتريا وتم التبليغ لها هناك وكذلك الحال بالنسبة للبوذية التي تميزت بتفاوتها في معابد بينغ لينغ (Biglig) وموغائو (Mogao) عما هي عليه في أوروبا.


كما كان أفلاطون أكادموس (Akademos) أثينا أصبح في هذه الناحية من العالم «أسوة الزهد والعرفان» بل «المعالج لكل غرور وتكبر» بالنسبة للعرفاء، كما أن أرسطو لوكايوس (lukaios) أثينا الحكيم والمعلم الأول كان يرفع «قفل اسطورته» أحياناً عن «أحسن الملل».


كذلك فإن المصلين المسلمين في مساجد لنجو وتوفان وكاشغر لم تكن صلاتهم متطابقة كاملاً مع المصلين في مكة والمدينة في حياة الرسول الأكرم (ص) فضلاً عن أماكن صلاتهم لهم تكن تشبه مساجد القاهرة ودمشق وأياصوفية.


وبعبارة أخري فإن الزمن والطبيعة والجغرافية وكذلك الثقافات والتقاليد وسلوك الأقوام والشعوب وأذواقهم تركت تأثيراتها علي الأمور بحيث أن الوحدة الحضارية تجسدت في الكثرة المتناسقة.


لهذا يمكننا اعتبار المسيرة الطويلة لطرق الحرير التي امتدت لعدة آلاف من الكيلومترات أشبه ما تكون بنوع من الموزائيك الثقافي والاجتماعي الذي شاركت جميع الشعوب والأقوام في صنعه بشكل أو بآخر، حيث أن بعض المجتمعات لم يكن لها دور بارز في هذه المسيرة بينما لعبت مجتمعات أخري ومنها المجتمع الإيراني العريق دوراً ممتازاً فيها بسبب الظروف الجغرافية والموقع الثقافي المتميز.


2 ـ بحث حول طرق الحرير والمنظمات العالمية :


بادرت منظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة للأمم المتحدة اليونسكو (UNESCO) إلي عرض مشروع (العقد الثقافي)، وذلك من أجل الدفاع عن ثقافات شعوب العالم وتثمين الأمور غير المادية السائدة علي المنظمات العالمية، وكان الهدف الرئيس من ذلك هو أن يعمد العلماء والباحثون لكل دولة إلي تجميع أبحاثهم بمساعدة أبناء شعوبهم ومراكزهم العلمية والثقافية ومبادلة المعلومات والكنوز الثقافية التي يملكونها مع دول العالم الأخري وبالتالي ان توفر هذه المنظمة الظروف المساعدة والتسهيلات اللازمة لتحقيق هذا الأمر التاريخي ـ الثقافي.


من أبرز المشاريع التي أعدت ضمن مشروع (العقد الثقافي) هو مشروع طريق الحرير، حيث ان القائمين علي هذا المشروع التحقيقي لم يكونوا ينظرون إلي (طريق الحرير) كطريق تجاري فحسب بل كانوا يعتقدون ضرورة النظر إليه من منظار (ثقافي).. وهذا يعني أن هذه الطرق التاريخية كانت تضم في داخلها جميع العناصر الثقافية والفنية والعلمية ـ الاقتصادية والدينية واللغوية ـ لشعوب العالم المختلفة وذلك علي شكل علاقة متبادلة ومتواصلة ولن تتحقق المعرفة الكاملة والجامعة له قبل أن يتعاون جميع المتخصصين والخبراء والباحثين من جميع الدول في هذا المشروع الثقافي.


لا شك أنه في ظل هذه المعرفة العلمية التي تتميز بصبغتها العالمية والدولية فإنّ الشعوب تتعرف علي هويتها الثقافية والوطنية ويتجلي بكل وضوح الدور الابداعي الذي لعبته الشخصيات البارزة للأقوام والشعوب في تحقيق استمرارية الحياة الثقافية لهذه الأقوام والشعوب.


كما أن مثل هذه البحوث تكشف للعيان أن الحضارة تصنعها جميع الشعوب والأمم؛ وبعبارة أخري فإنها أشبه ما تكون بالنهر الكبير الذي تصب فيه جميع القنوات والفروع حيث تسوده الأذواق المختلفة مع الحفاظ علي حالة (الوحدة المدنية).


ان الحضارة هي كالروضة الجميلة في مسيرة طرق الحرير التي تزينها الورود الملونة، لذا فإن جميع الأقوام والشعوب من آسيا وأوروبا الشرقية لها دور معين في هذه المسيرة الثقافية. وهكذا فإنّ طرق الحرير أشبه ما تكون بعروق جسم الإنسان، حيث أن جميع الأجزاء الإنسانية يجب أن تأخذ مكانها في الحياة المتواصلة وينبغي عليها أن تتجدد باستمرار مع الحفاظ علي شموليتها وهويتها، وهذه الحالة لا تعني التراجع والعودة إلي الوراء بل أنها حركة نحو التجديد والتحديث، وإن ما تبذله اليونسكو من جهود تصب في هذه المسيرة وهي التي دعت الباحثين والمحققين في أنحاء العالم لدراسة طرق الحرير ودورها الثقافي.


في عالمنا المعاصر حيث برزت إلي الوجود العديد من الظواهر العالمية والقضايا السياسية والاقتصادية الجديدة ومطالبة الأقوام والشعوب الصغيرة في آسيا وأفريقيا باستعادة هوياتها الوطنية وخوض الشعوب كفاحها المرير ضد الاستعمار وأنواع الهيمنة العالمية فإن المشروع الرسالي الحديث (حوار الثقافات والحضارات) تجسد في مثل هذه الظروف. وفي هذه المسيرة التي طغت أكثر أساليب الحياة إنسانية علي حركة التاريخ العامة فإن إيران تقف في طليعة هذه المسيرة الخالدة وهي الأثيلة الجذور المتأصلة في تاريخها الثقافي الأصيل وقد عقدت العزم بكل قوة وصدق علي الدعوة لتحقيق أمر شهد بصوابه التاريخ الإنساني العريق والترحيب الذي لاقاه من قبل شعوب العالم.


نتيجة البحث:


في ختام الدراسة نؤكد أن الطرق التي ظهرت في العالم أصبحت محلاً لتبادل جميع مكاسب الإنسان وحاجاته عبر كافة مناطقه.. حيث أن المجموعات المفرقة والمتوزعة في مختلف المناطق كانت ترتبط مع بعضها عبر هذه الطرق وتتبادل الأفكار والثقافات والاعتقادات وأساليب الحياة ومختلف التجارب.


ان ظهور المصالح المشتركة بين المجموعات السكانية المختلفة وازالة العقبات وكذلك ظهور نوع من التطابق الاجتماعي والذي تبعه التعامل الثقافي وفّر ظروف مناسبة بتحقيق الحوار وتبادل الأفكار والمشاعر بين الناس فضلاً عن أن التقارب التاريخي ضاعف من قوة هذه المجموعات. لا شك أن تغلغل وهيمنة العوامل الخارجية أضعف من حالة التنسيق بينهاوفي بعض الأحيان سلبها قدرة التحرك والنشاط.


ان طرق الحرير أو الطريق التاريخي بين الشرق والغرب أو أي عنوان آخر من خلال ربطه بين أبعد نقطة في غرب الكرة الأرضية (مركز لنوع معين من الثقافة) وأبعد نقطة في المشرق (مركز لنوع آخر من الثقافة) عبر مسيرة نادرة علي وجه الأرض استطاع أن يحقق الحوار التاريخي المتواصل بين الثقافات والحضارات الإنسانية المعروفة طوال أكثر من 2000 عام ووفر فرصة التبادل المعرفي بينها.. كما ان اطلاق اسم (الحرير) علي هذه الطرق له بعد رمزي. ونِعْمَ ما فعلته منظمة (اليونيسكو) الثقافية عندما أعادت التعريف بهذه الطرق التاريخية من خلال ربطها ب (حوار الثقافات والحضارات).


من الواضح أن الحضارات والثقافات التي كانت في مسير طريق الحرير تعتبر من أكبر وأقدم وأعرق الحضارات والثقافات الإنسانية وهي لازالت حيّة وفعالة حيث أثبتت أن التفاعل والنزاع السياسي والاقتصادي بمختلف أنواعه لم يستطع أن يقضي كلياً علي التعامل التاريخي بين الحضارات العالمية، ويبدو أن العالم تركيب من الحضارات والثقافات وإن بناء أي سلطة علي أساس القوة (من أي نوع كانت) أمر خاطئ ومليء بالمخاطر بالنسبة لأية ثقافة أو حضارة ويسبب الضرر والأذي لحركة الإنسان وسموه وحياته المعنوية.


إن اجراء بحوث دقيقة بشأن ثقافات وحضارات طريق الحرير يدل علي وجود مشتركات كثيرة ويحدد تركيب الحضارة الإنسانية المستقبلية، تلك الحضارة التي سيشعر جميع أبناء العالم من كل القارات وبمختلف دياناتهم وعقائدهم ان لهم دوراً في تشييدها.


لذلك، يمكننا التأكيد هنا ان منظمة اليونسكو بطرحها للمشروع الثقافي (اجراء بحوث في طرق الحرير) لم تبادر إلي التعريف بجزء من التاريخ الإنساني المنصرم فحسب بل أنها أعادت التعرف علي المراكز الثقافية والحضارية في التاريخ الإنساني القديم، وبالتنسيق مع المنظمات الثقافية والبحثية والسياحية أوضحت طريق البحث العلمي الدقيق عن المستقبل دون أن تصدر (أوامر محددة).


والآن فإن الدول العالمية ذات التاريخ العريق في الثقافة والحضارة يجب أن تسعي في طريق تحقيق رسالتها الجديدة المتمثلة بإعادة قراءة التاريخ والثقافة الخاصة بمجتمعها والحوار مع المجتمعات المجاورة لها قبل بدء الحوار التدريجي مع جميع المجتمعات الإنسانية؛ وعن طريق القضاء علي أي نوع من التسلط والهيمنة في (القرية العالمية الجميلة) عليها أن تزين روضتها اليانعة بالزهور الملونة؛ وكما يقول الإيرانيون: كل لون جميل وكل زهرة لها عطر خاص بها؛ وكما قال ناصر خسرو: ان جميع الخلق هم براعم اللّه جلّ وعلا.


والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.

/ 1