سياسة الامام على ايام الامارة - موسوعة الامام علی بن ابی طالب فی الکتاب و السنة و التاریخ جلد 4

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

موسوعة الامام علی بن ابی طالب فی الکتاب و السنة و التاریخ - جلد 4

محمد محمدی ری شهری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید





سياسة الامام على ايام الامارة


المدخل



السياسة في المدرستين



تسنّم الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام الحكم في 18 ذي الحجّة عام 35 ه، وخرَّ شهيداً في محراب العبادة في 21 رمضان عام 40 للهجرة. وبذلك تكون مدّة حكمه قد بلغت أربع سنوات وتسعة أشهر وثلاثة أيّام.


[
سيوافيك تفصيل النصوص التي أفاد منها هذا التحليل خلال البحوث القادمة، ما عدا بعض الموارد الخاصّة حيث لم يرد لها ذكر هناك؛ فعمدنا إلى تخريجها من مصادرها وذكرها هنا في الهامش.]



أمّا البحوث التي تتّصل بهذا العهد فهي:


1- كيفيّة وصول الإمام إلى الحكم، وانطلاق الإصلاحات، والمرتكزات التي نهضت عليها سياسة الإصلاح العلوي.


2- ضروب المواجهة التي برزت إزاء سياسة الإصلاح العلوي، والفتن التي اشتعلت نتيجة لمناهضة الإصلاحات، والحروب التي اندلعت في عهد حكومة الإمام على قصره.


3- الضعف والتراخي الذي برز في جيش الإمام، وتفشّي العصيان وعدم الطاعة، وانطلاق الحملات العسكريّة والغارات لمعاوية، حتى صارت هذه المرحلة من أمضّ أيّام حكم الإمام، وأكثرها إيلاماً.


4- تيّار مؤامرة اغتيال الإمام الذي انتهى فعلاً بواقعة استشهاده.


5- حال أصحاب الإمام والقادة والاُمراء في نطاق عهده السياسي.


إنّ كلّ واحد من هذه العناوين الخمسة قد استحوذ على شطرٍ من هذه الموسوعة، بيدَ أن إدارة السلطة، وطبيعة السياسات التي انتهجها الإمام في الحكم تحظى بأهمّية خاصّة في العصر الحاضر، ولا سيما بالنسبة لقادة الجمهوريّة الإسلاميّة، نظراً لما تتمتّع به من فاعليّة وبُعد تعليميّ.


لكن قبل أن نعرض للنصوص التاريخيّة والحديثيّة ذات الصلة بنهج الإمام السياسي نمرّ في البدء على تعريف السياسة والمراد منها في كلٍّ من المدرستين: العلويّة والاُمويّة، ثمّ نعرض من خلال إشارات سريعة إلى العناوين الرئيسيّة للمرتكزات السياسيّة للإمام، والاُصول التي يعتمدها في الإدارة.


وعلى ضوء هاتين النقطتين ننتقل بعدئذٍ إلى معالجة الأسئلة التي تُثار حيال الرؤية السياسيّة للإمام والإجابة عنها، والدفاع عن سياسته عليه السلام ومعنى كونه سياسيّاً.


تعدّ الرؤية السياسيّة من وجهة نظر الإمام علي عليه السلام واحدة من أهمّ الشروط الأساسيّة للقيادة؛ فالإمام لا ينظر إلى السياسة بوصفها رمز دوام الرئاسة والقيادة، واستمرار إطاعة الاُمّة للقائد وحسب، بل ما برح يؤكّد أنّ المُلك سياسة .


إنّ الإمام أمير المؤمنين عليه السلام يتحدّث صراحة بأنّ العجز السياسي هو آفة تهدّد القادة، وأنّ اُولئك القادة الذين لا يتمتّعون ببصيرة سياسيّة نافذة تتآكل سلطتهم، ويهبط عهد رئاستهم إلى أقلّ مدىً زمني، وفي نهج الإمام فإنّ السياسات الخاطئة هي علامة سقوط الدول وزوال الحكومات.


وعلى هذا الأساس تذهب المدرسة العلويّة إلى أنّ إدارة المجتمع على ضوء الاُصول الإسلاميّة، هي عمليّة لا يمكن أن تتحقّق إلّا من خلال التأهّل السياسي لقادة ذلك المجتمع فقط. بتعبير آخر: يعدّ التأهّل السياسي أحد الاُصول العامّة للإدارة، من دون وجود اختلاف يُذكر على هذا الصعيد بين الإسلام وسائر المدارس والمنهجيّات الاُخَر.


ومن هذا المنظار سيتمّ عرض تعاليم الإمام علي عليه السلام في هذا المجال.


أمّا ما يميّز الإسلام على هذا الصعيد عن بقيّة المدارس والمنهجيّات فيكمن في مفهوم السياسة العلويّة في مقابل مفهوم السياسة الاُمويّة، وما ينطوي عليه هذا المصطلح من مضامين معنويّة.


السياسة في المدرسة الاُمويّة



تنظر المدرسة الاُمويّة إلى السياسة على أنّها: تشخيص الهدف وبلوغه بأيّ طريق ممكن . والحقيقة أنّ سياسيّي العالم في الماضي والحاضر الذين يتعاطون هذه الممارسة رسميّاً، لا يفهمون من السياسة أكثر من هذا.


وحقيقة الحال أنّ السياسة في المدرسة الاُمويّة بمعناها الشائع في التقليد السياسي للحكومات والأنظمة، لا تنهض على اُصولٍ ومرتكزات قيميّة. فهذا "شينفلر" أحد منظّري السياسة وفق هذا المبنى يقول: لا شأن للسياسي


المحترف في أن تكون الاُمور حقّاً أم باطلاً.


على المستوى ذاته حلّل "برتراند راسل" أيضاً الدوافع والألاعيب السياسيّة، وتعاطى وإيّاها من خلال المنظار نفسه، وهو يقول: يتمثّل الحافز السياسي عند أكثر الناس بالنفعيّّة والأنانيّة والتنافس وحبّ السلطة. على سبيل المثال: يكمن مصدر جميع الأعمال الإنسانيّة في الممارسة السياسيّة بالعوامل المذكورة آنفاً.


فالقائد السياسي الذي يستطيع إقناع الناس بقدرته على تلبية هذه الاحتياجات وإشباعها، تصل قدرته في احتواء جماهير الناس وضمّها إلى سلطته حدّاً تؤمن فيه أنّ اثنين زائد اثنين يساوي خمسة، أو أنّ جميع هذه الصلاحيّات قد فُوّضت إليه من قِبل اللَّه!


أمّا القائد السياسي الذي يُغضي عن مثل هذه الدوافع ويهملها، فهو لا يحظى عادة بتأييد الجماهير المستضعفة وحمايتها. وبذلك يدخل علم نفس القوى المحرّكة للجمهور كجزءٍ من أهمّ أجزاء إعداد القادة السياسييّن الناجحين، وكشرط في طليعة شروط تأهيلهم وتربيتهم .


[
منتخبات أفكار راسل "بالفارسيّة": 2 تا 3.]



يُضيف: إنّ أكثر القادة السياسييّن إنّما يغنمون مناصبهم من خلال إقناع قطّاع واسع من الجمهور بأنّهم يتحلّون بتطلّعات إنسانيّة، حيث صار واضحاً أنّ مثل هذا الاعتقاد يلقى قبولاً سريعاً، إثر وجود حالة الغليان والحماس.


إنّ غَلّ الأفراد ورسفهم بالقيود، ثمّ ممارسة إلقاء الكلام والخطابة العامّة، والتوسّل بالعقوبات غير القانونيّة، واللجوء إلى الحرب هي مراحل لتكوين حالة الحِراك الجماعي ومدّ الهياج العام وتوسعته.


أعتقد أنّ أنصار الفكر غير المنطقي يجدون فرصة أفضل في الحفاظ على حالة الهياج العام عند الأفراد، بُغية استغلالهم وخداعهم .


[
منتخبات أفكار راسل "بالفارسيّة": 222.]



إنّ ما جاء في هذا التحليل السياسي حيال القيادة السياسيّة للمجتمع يتطابق بالكامل مع تفسير السياسة ومعناها في المدرسة الاُمويّة؛ فمعاوية؛ مؤسِّس هذه المدرسة في تأريخ الإسلام، تحرّك على هذا الأساس، ومن خلال شعار المُلك عقيم


[
الأمالي للصدوق: 125:132 وراجع: القسم السادس/وقعة صفّين/اشتداد القتال/ذكرى دعوة الإمام إلى المبارزة.]

بحيث كان على اُهبة الاستعداد لممارسة أيّ شي ء من أجل بلوغ السلطة والدفاع عنها.


السياسة في المدرسة العلويّة



لكن مع الانتقال إلى الإمام عليّ عليه السلام، وهو يسجِّل: المُلك سياسة لم يكن يقصد أنّ التوسّل بأيّ وسيلة هو أمر مباح لبلوغ السلطة أو الحفاظ عليها، بل على العكس تماماً؛ إذ لا يجوز استعمال الأداة السياسيّة غير الشرعيّة في المدرسة العلويّة، حتى لو كلّف ذلك فقدان السلطة نفسها.


السياسة في المدرسة العلويّة: هي معرفة الأدوات السياسيّة المشروعة، وتوظيفها لإدارة المجتمع، وتأمين الرفاه المادّي والمعنوي للناس. بل أساساً لا تستحق السياسات غير الشرعيّة لقب السياسة في النهج العلوي ولا يطلق عليها هذا الوصف؛ إنّما هي المكر والخدعة والنكراء والشيطنة.


[
يقول الإمام الصادق عليه السلام في وصف دهاء معاوية السياسي: تلك النكراء! تلك الشيطنة! وهي شبيهة بالعقل وليست بالعقل "الكافي: 3:11:1".]



في النهج العلوي لا تحتاج عمليّة إدارة النظام والحفاظ على السلطة إلى أدوات سياسيّة غير مشروعة، بل يمكن حُكم القلوب من خلال توظيف السياسات الصحيحة والشرعيّة فقط، وسوق المجتمع صوب التكامل المادّي والمعنوي.


ربّما تكون السياسات غير الشرعيّة مفيدة مؤقتّاً لتحكيم هيمنة السياسييّن الرسمييّن، بيدَ أنّها لا يمكن أن تدوم، وهي تحمل إلى الناس أضراراً ماحقة.


حركة الإصلاح العَلَوي



على هذا الأساس انطلق الإمام مباشرة بعد أن بايعه الناس وتسلّم زمام السلطة السياسيّة بحركة إصلاح حكوميّة بدأَها من خلال شعار العدالة الاجتماعيّة والاقتصاديّة. لقد أعلن صراحة أنّ الفلسفة الكائنة وراء قبوله الحكم تكمن في إيجاد الإصلاحات، وكان عليه السلام يعتقد أنّ المجتمع الإسلامي قد تغيّر في المدّة التي كان فيها الإمام بعيداً عن المشهد السياسي، وأنَّ ما يُمارس باسم الحكومة الإسلاميّة ينأى بفاصلة كبيرة عن الإسلام وسيرة النبيّ صلى الله عليه و آله وسنّته.


من جهة اُخرى كان الإمام يعلم جيّداً بأنّ الطريق الجديد والإعلان عن نهج الإصلاح العلوي الذي هو نفسه الإصلاح المحمّدي، لا يتّسق مع مزاج المجتمع في ظلّ الأوضاع السياسيّة التي كانت سائدة، وبحسب قوله عليه السلام: لا تقوم له القلوب، ولا تثبت عليه العقول ، حيث تستتبع عمليّة مواجهة الانحرافات، ومكافحة الاعوجاج كثيراً من الاضطرابات السياسيّة.


من هذه الزاوية كانت عمليّة الإصلاح السياسي والاجتماعي الشامل بحاجة إلى إعداد وتخطيط عميق جدّاً ومحسوب.


سياسة الإمام في مواجهة الانحراف



لم يتعامل الإمام عليه السلام مع الانحرافات الموجودة بعجلة؛ لأنّ التعاطي مرّة واحدة وبشكل مباشر مع جميع الانحرافات التي كان المجتمع قد اعتاد عليها خلال سنوات، يجرّ إلى عدم الرضا العامّ، ويُفضي إلى الفرقة وضعف بنيان الحكم، بل ولجَ الإمام هذه الدائرة على أساس برنامج تمّ الإعداد له جيّداً، فقسَّم الإصلاحات التي ينبغي أن تضطلع بها حكومته إلى قسمين، هما:


1- مواجهة الفساد الإداري والاقتصادي.


2- مواجهة الانحرافات الثقافيّة.


سياسة الإصلاح الإداري والاقتصادي



لقد انطلقت سياسة الإصلاح العلوي في مواجهة الفساد الإداري والاقتصادي منذ الأيّام الاُولى لعهد الإمام السياسي، فعزَل الولاة غير الأكفّاء، وأعاد الأموال العامّة إلى بيت المال.


لقد أشار الإمام منذ يوم البيعة الأوّل إلى نهجه الاُصولي في الإصلاح، ونبَّه إلى سياساته على هذا الصعيد بشكل مقتضب وعامّ، وهو يقول: اعلموا أنّي إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم، ولم اُصغِ إلى قول القائل، وعتب العاتب .


[
العناوين التي أشرنا ونشير إليها هنا سيرد ذكرها بالتفصيل لاحقاً.]



وفي ثاني أيّام خلافته اعتلى المنبر، ثمّ راح يُصرّح بما كان قد أشار إليه في اليوم السابق، وهو يقول: ألا إنّ كلّ قطيعة أقطعها عثمان، وكلّ مال أعطاه من مال اللَّه فهو مردود في بيت المال؛ فإنّ الحقّ القديم لا يُبطله شي ء، ولو وجدتُه


وقد تُزوِّج به النساء وَفُرِّق في البلدان، لرددته إلى حاله؛ فإنّ في العدل سعة، ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق .


لقد تحدَّث الإمام بإسهاب في خطاب تفصيليّ ألقاه في ذلك اليوم عن مسؤوليّة قادة المجتمع في بسط العدالة الاجتماعيّة، وأعلن بوضوح أنّه لن يسمح لأحدٍ- دون استثناء- من استغلال المال العامّ، وأنّ اُولئك الذين راكموا ثرواتهم عبر غصب المال العامّ وحصلوا- عن هذا الطريق- على الأراضي الخصبة "القطائع" والخيول المسوّمة والجواري الحسان، سيعمد علي إلى مصادرة هذه الثروات المغصوبة بأجمعها وردّها إلى بيت المال.


كان هذا الحديث لأمير المؤمنين عليه السلام بمنزلة الصاعقة التي نزلت على رؤوس من يعنيهم الأمر، حيث راحت أصداء مواجهة نداء العدالة العلويّة تتجسّد في معارضة شخصيّات معروفة لحكم الإمام.


وفي اليوم الثالث من أيّام عهد الإمام دعا الناس إلى استلام أعطياتهم من بيت المال، حيث أمر عليه السلام كاتبه عبيد اللَّه بن أبي رافع أن يسير على النهج التالي: ابدأ بالمهاجرين فنادِهم وأعطِ كلّ رجلٍ ممّن حضر ثلاثة دنانير، ثمّ ثَنِّ بالأنصار فافعل معهم مثل ذلك، ومَن حضر من الناس كلّهم الأحمر والأسود فاصنع به مثل ذلك .


أدرك سُراةُ القوم وكبراؤهم أنّ العدالة الاقتصاديّة في ظلال حكم عليّ عليه السلام ليست شعاراً وحسب، بل هي نهج جادّ لا محيد عنه، فراحوا يتحجّجون ويتبرّمون أمام كاتب الإمام، وأبدَوا تذمّرهم من ذلك، فما كان من ابن أبي رافع إلّا أن رفع الأمر إلى أميرالمؤمنين عليه السلام، فلم يُفاجأ الإمام بانطلاق شرارة المعارضة والرفض من قبل الشخصيّات المرموقة، ليس هذا وحسب، بل أعلن بجزم عن


إدامة النهج الإصلاحي، وهو يقول: واللَّه إن بقيت وسلمت لهم لأقيمنّهم على المحجّة البيضاء .


من هذه البؤرة بالذات بدأت مسألة الطلب بثأر عثمان من الإمام! والذي يبعث على التأمّل أنّ بعض أصحاب الثروات كانوا قد قيّدوا بيعتهم للإمام بشرطين؛ الأوّل: أن لا يقترب الإمام من ثرواتهم التي كانوا جنوها على عهد عثمان، والثاني: أن يقتصّ من قتلة عثمان.


لقد كان الإمام يعلم أنّ مسألة إنزال القصاص بقَتَلة عثمان لم تكن أكثر من ذريعة لعدم استرداد الثروات غير المشروعة لهؤلاء، بيدَ أنه لم يُذعن إلى أيٍّ من هذين الشرطين، وواجه- بحزم وصلابة- الاقتراحات التساوميّة.


سياسة الإصلاح الثقافي



لقد كانت الأوضاع موائمة لبدء الإصلاح الإداري والاقتصادي نتيجةً لقيام عامّة الناس ضدّ الفساد الإداري والاقتصادي المستشري على عهد عثمان. على هذا الأساس انطلق الإمام بهذه الإصلاحات منذ الأيّام الأولى لتسنّمه أزمّة السلطة برغم تقديره لجميع التبعات التي تترتّب عليها، والمشكلات التي تؤدّي إليها. على عكس حركة الإصلاح الثقافي التي لم يكن الشروع الفوري بها ممكناً، بل كانت تحتاج إلى زمان حتى يستقرّ حكم الإمام. ولذلك كان عليه السلام يقول في هذا المضمار: لو استوت قدماي من هذه المداحض لغيّرت أشياء .


لم يكن سهلاً على الإمام أمير المؤمنين أن يواجه بشكل مباشر وفوري الإرث الثقافي الذي تطبّع عليه الناس واعتادوه خلال ربع قرن من الزمان؛ لأنّ هذه العمليّة- لو تمّت- كانت تجرّ إليها نفور الجمهور وسخطه، وتستتبع اختلاف



/ 34