غایة المرام و حجة الخصام فی تعیین الإمام جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

غایة المرام و حجة الخصام فی تعیین الإمام - جلد 1

سید هاشم بن سلیمان بحرانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

غاية المرام و حجة الخصام في تعيين الإمام من طريق الخاص و العام "المجلد 1"

تمهيد


الحمد للَّه رب العالمين وصلّى اللَّه على سيّد الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد وآله الطيبين الطاهرين.

وبعد: فانّه لم ينزل في القرآن الكريم ولم يرد في السنّة النبوية المباركة في أحدٍ من الصحابة مثلما ورد في أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام من الفضائل والمناقب الباهرة، وهذا يدلّ على أ نّه عليه السلام القدوة والأُسوة بعد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم وليس له ثمّة نظير في هذا المجال.

روى الخطيب البغدادي بسنده عن ابن عباس، قال: نزلت في عليّ رضى الله عنه ثلاثمائة آية.

[
تاريخ بغداد 221:6.] ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"،

[
ترجمة الإمام علي عليه السلام من تاريخ دمشق 941/431:2.] وابن حجر الهيتمي في "الصواعق".

[
الصواعق المحرقة: 76.]

وروى الشبلنجي عن ابن عباس، قال: ما أنزل اللَّه: ''يا أيها الذين آمنوا'' إلّا وعليّ أوّلها وأميرها وشريفها. قال: أخرجه الطبراني وابن أبي حاتم عن ابن عباس

[
نور الأبصار: 87 و90، المعجم الكبير للطبراني 11687/211:11.] ورواه أيضاً الحاكم الحسكاني

[
شواهد التنزيل 85 -67/54 - 48:1.] وابن عساكر

[
ترجمة الإمام عليّ عليه السلام من تاريخ دمشق 939 - 935/430 - 428:2.] والخوارزمي

[
المناقب: 188.] والكنجي الشافعي

[
كفاية الطالب: 139.] وغيرهم.

وقال الشبلنجي: أخرج ابن عساكر عن ابن عباس، قال: ما نزل في أحدٍ من كتاب اللَّه تعالى ما نزل في عليّ عليه السلام.

[
نور الأبصار: 90.]

وروى الحاكم باسناده عن أحمد بن حنبل، قال: ما جاء لأحدٍ من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم من الفضائل أكثر ما جاء لعليّ بن أبي طالب عليه السلام.

[
المستدرك 107:3.] رواه ابن عساكر

[
ترجمة الإمام عليّ عليه السلام من تاريخ دمشق 1117/83:3، طبقات الحنابلة 319:1، الاستيعاب 51:3.] وابن حجر.

وقال ابن حجر العسقلاني: وكذا قال النسائي وغير واحد، وفي هذا كفاية.

[
تهذيب التهذيب 339:7.]

وقد أ لّف القدامى رسائل خاصة أفردوها لما نزل من القرآن في عليّ عليه السلام، كابن عون القزويني، وأبي الفرج الأصفهاني، والحِبري، والمرزباني، والطبراني، وأبي نُعيم، ومحمّد بن مؤمن الشيرازي وغيرهم،

[
راجع أهل البيت في المكتبة العربية: 454 - 444.] أمّا التصنيف في فضائله ومناقبه ومايدلّ على خلافته لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم فلا يبلُغه الإحصاء.

قال ابن أبي الحديد: ما أقول في رجلٍ أقرّ له أعداؤه وخصومه بالفضل، ولم يمكنهم جحد مناقبه، ولا كتمان فضائله، فقد علمت أ نّه استولى بنو اُميّة على سلطان الاسلام في شرق الأرض وغربها، واجتهدوا بكلّ حيلةٍ في إطفاء نوره، والتحريض عليه، ووضع المعايب والمثالب له، ولعنوه على جميع المنابر، وتوعّدوا مادحيه، بل حبسوهم وقتلوهم، ومنعوا من رواية حديث يتضمّن له فضيلة، أو يرفع له ذكراً، حتى حظروا أن يسمّى أحد باسمه، فما زاده ذلك إلّا رفعة وسُمّواً، وكان كالمسك كلما سُتِر انتشر عَرفه، وكلّما كُتِم تضوّع نشره، وكالشمس لا تُستَر بالراح، وكضوء النهار إن حُجبت عنه عينٌ واحدةٌ أدركته عيونٌ كثيرة!

[
شرح ابن أبي الحديد 16:1.]

وقد ورد من بين فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ومناقبه الكثيرة مزيدٌ من النصوص الصحيحة والصريحة الدالّة على خلافة أمير المؤمنين عليه السلام لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم بلا فصل مطمئناً إلى توافر تلك النصوص وتواترها ورواية أعلام الصحابة لها، برواية أهل السنّة، حتى أ نّه عليه السلام قال لمن دعاه لتعجيل البيعة بعد رحلة الرسول صلى الله عليه و آله و سلم: ''ومن يطلب هذا الأمر غيرنا!''.

[
الإمامة والسياسة 4:1.]

ومن بين تلك النصوص قوله صلى الله عليه و آله و سلم في خطبة الغدير: ''من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه'' فقد أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده من تسعة عشر طريقاً،

[
مسند أحمد 331، 152، 119، 118، 88، 84:1، و372، 370، 368، 281:4، و419، 361، 358، 347:5.] وأخرجه ابن كثير في "البداية والنهاية" من نحو أربعين طريقاً.

[
البداية والنهاية 188 - 183:5، و363 - 359:7.]

ورواه باسانيد صحيحة الترمذي وابن ماجة والنسائي وابن أبي شيبة والحاكم،

[
سنن الترمذي 3713/633:5، سنن ابن ماجة 121/45:1، 116/43:1، خصائص النسائي: 74/70 و76/71، 75 و78/72، 77 و83/74، 82 - 80/73، 79، المصنف لابن أبي شيبة: 55/503، 29/499، 10/496، 9/495:7، المستدرك 110 - 109:3.] ونصّ الذهبي على تواتره.

[
البداية والنهاية 188:5.]

ومنها أيضاً قوله صلى الله عليه و آله و سلم: ''إنّ علياً منّي وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي''.

[
مسند أحمد 439:4، سنن الترمذي 3712/632:5، خصائص النسائي: 85/75، 64/63، المصنف لابن أبي شيبة 58/504:7، الاحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 6890/41:9، المعجم الكبير للطبراني 265/128:18.]

ومنها قوله صلى الله عليه و آله و سلم مشيراً إلى علي عليه السلام: ''إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا''.

[
تاريخ الطبري 217:2، الكامل في التاريخ 63:2، ترجمة الإمام علي عليه السلام من تاريخ دمشق 138/101:1، تفسير البغوي 278:4.] ومنها قوله صلى الله عليه و آله و سلم مخاطباً علياً عليه السلام: ''أنت منّي بمنزلة هارون من موسى، إلّا أنه لا نبيّ بعدي''.

[
مسند أحمد 173:1و 175و 182و 184و 331، صحيح البخاري 202/89:5، صحيح مسلم 2404/1870:4.] وما إلى ذلك من الأحاديث الواردة بطرقٍ صحيحةٍ متواترةٍ لا تقبل الجدال والتأويل والنزاع، هذا فضلاً عن الآيات الصريحة الدالّة على إمامته ووجوب إطاعته، وقد تكفّل مؤلف هذا الكتاب باستقصاء معظمها.

والملاحظ رغم هذه الادلّة الحاسمة التي لا تقبل النقاش والبحث في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام بعد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم ورغم كونه الأفضل بشهادة جمع كبير من الصحابة والتابعين والمؤرخين والمحدثين والمتكلمين، فقد خرج بعض الصحابة على تلك النصوص، وعملوا باجتهادهم مقابلها، بل إنّ جماعة منهم قد رجعوا القهقرى فعادوه وحاربوه كعائشة وطلحة والزبير وغيرهم، وآخرين قد أسّسوا دينهم ودنياهم على بغضه وسبّه ولعنه ومحاربة أهل بيته ومطاردتهم وقتلهم وسبيهم كمعاوية وعمرو بن العاص والمغيرة ومروان وغيرهم، وهو يدلّ على خبث سريرتهم وانطوائها على الحقد والضغينة، نعوذ باللَّه من سوء العاقبة والمنقلب.

أمّا معاوية فانه أمر الناس بالعراق والشام وغيرهما بسبّ عليّ عليه السلام والبراءة منه، وخطب بذلك على منابر الاسلام، وصار ذلك سُنّةً في أيّام بني اُميّة إلى أن قام عمر بن عبدالعزيز فأزاله.

قال ابن أبي الحديد: ذكر شيخنا أبو عثمان الجاحظ أنّ معاوية كان يقول في آخر خطبة الجمعة: ''اللهمّ إنّ أبا تراب ألحد في دينك، وصدّ عن سبيلك، فالعنه لعناً وبيلاً، وعذّبه عذاباً أليماً!'' وكتب بذلك إلى الآفاق، فكانت هذه الكلمات يشار بها على المنابر إلى خلافة عمر بن عبدالعزيز.

وروى أبو عثمان أيضاً أنّ قوماً من بني اُميّة قالوا لمعاوية: يا أمير المؤمنين، إنك قد بلغت ما أمّلت، فلو كففت عن لعن هذا الرجل. فقال: لا واللَّه، حتى يربو عليه الصغير، ويَهْرَم عليه الكبير، ولا يَذْكُر له ذاكرٌ فضلاً.

[
شرح ابن أبي الحديد 56:4.]

ولم يقف معاوية وسائر بني اُميّة عند هذا الحدّ، بل إنّ معاوية قتل الصحابيين الجليلين حُجر بن عَدي الكندي وعمرو بن الحَمِق الخُزاعي صبراً، لأ نّهما ردّا على من سبّ علياً عليه السلام على منابر المسلمين، وعمل معاوية على وضع الأحاديث في الطعن على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وأهل بيته، والاشادة بذكر بعض الصحابة على المنابر بأحاديث مفتعلة لا حقيقة لها.

قال أبو جعفر الاسكافي: إنّ معاوية وضع قوماً من الصحابة وقوماً من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي عليه السلام، تقتضي الطعن فيه والبراءة منه، وجعل لهم على ذلك جُعلاً يُرغَب في مثله، فاختلقوا ما أرضاه، منهم أبو هريرة، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، ومن التابعين عروة بن الزبير.

[
شرح ابن أبي الحديد 63:4.]

قال أبو جعفر: وقد روي أنّ معاوية بذل لسَمُرة بن جُنْدَب مائة ألف درهم حتى يروي أنّ هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب ''وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ، وَإذا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الفَسَادَ''،

[
البقرة 204:2 و205.] وأنّ الآية الثانية نزلت في ابن مُلْجَم، وهي قوله تعالى: ''وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ''

[
البقرة 207:2.] فلم يقبل، فبذل له مائتي ألف درهم فلم يقبل، فبذل له ثلاثمائة ألف فلم يقبل، فبذل له أربعمائة ألف فقبل، وروى ذلك.

[
شرح ابن أبي الحديد 73:4.]

وروى أبو الحسن عليّ بن محمد بن أبي سيف المداينيّ في كتاب "الأحداث" قال: كتب معاوية نسخة واحدة إلى عمّاله بعد عام الجماعة: ''أن برئت الذمّة ممّن روى شيئاً من فضل أبي تراب وأهل بيته''.

فقامت الخطباء في كلّ كُورة، وعلى كلِّ مِنْبر، يلعنون علياً، ويبرءون منه، ويقعون فيه وفي أهل بيته؛ وكان أشدَّ الناس بلاء حينئذٍ أهل الكوفة، لكثرة مَنْ بها من شيعة عليّ، فاستعمل عليهم زياد بن سُمَيّة، وضمّ إليه البصرة، فكان يتتبّع الشِّيعة وهو بهم عارف؛ لأ نّه كان منهم أيّام علي عليه السلام ؛ فقتلهم تحت كلّ حَجَر وَمَدر، وأخافهم، وقطع الأيديَ والأرجل، وسَمَل العيون، وصَلَبهم على جُذوع النّخل، وطردهم وشرّدهم عن العراق؛ فلم يبق بها معروف منهم.

وكتب معاويةُ إلى عُمّاله في جميع الآفاق: ''ألّا يجيزوا لأحدٍ من شيعة عليّ وأهل بيته شهادة''.

وكتب إليهم: ''أن انظروا مَن قِبلَكم من شِيعَةِ عثمان ومحبيّه وأهل ولايته، والذين يرون فضائلَه ومناقبه، فأدنُوا مجالسَهم وقرّبُوهم وأكرمُوهم، واكتبوا لي بكلّ ما يروي كلّ رجل منهم، واسمه واسم أبيه وعشيرته''.

ففعلوا ذلك، حتّى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه، لِمَا كان يبعثُه إليهم معاوية من الصّلات والكِساء والحِباء والقطائع، ويفيضه في العرب منهم والموالي، فكثر ذلك في كلّ مصر، وتنافسوا في المنازل والدنيا، فليس يجى ء أحدٌ مردود من النّاس عاملاً من عمال معاوية، فيروي في عثمان فضيلة أو منقبة إلّا كتب اسمه وقرّبه وشفّعه، فلبثوا بذلك حيناً.

ثمّ كتب إلى عمّاله: ''أنّ الحديث في عثمان قد كَثُر وفَشَا في كلّ مِصْر وفي كلّ وجه وناحية، فإذا جاءكم كتابي هذا فادعُوا الناس إلى الرّواية في فضائل الصّحابة والخلفاء الأولين، ولا تتركوا خبراً يرويه أحدٌ من المسلمين في أبي تراب إلّا وتأتوني بمناقِضٍ له في الصّحابة؛ فإنّ هذا أحبّ إليّ وأقرُّ لعيني، وأدحضُ لحجّة أبي تراب وشيعته، وأشدُّ إليهم من مناقب عثمان وفضله''.

فقرئت كتبه على النّاس، فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصّحابة مفتعلة لا حقيقة لها، وجدّ الناس في رواية ما يجري هذا المجرى حتّى أشادوا بذكر ذلك على المنابر، وأُلقِيَ إلى معلّمي الكتاتيب، فعلّموا صبيانَهم وغلمانَهم من ذلك الكثير الواسع حتّى رَووه وتعلّموه كما يتعلّمون القرآن، وحتّى علّموه بناتَهم ونساءَهم وخدمَهم وحشمَهم، فلبثوا بذلك ما شاء اللَّه.

ثمّ كتب إلى عمّاله نسخة واحدة إلى جميع البلدَان: ''انظروا مَنْ قامت عليه البيّنة أ نّه يحبّ علياً وأهل بيته، فامحُوه من الدّيوان، وأسقطوا عطاءه ورزقه''.

وشَفَع ذلك بنسخة أخرى: ''مَن اتّهمتمُوه بموالاة هؤلاء القوم، فنكّلوا به، واهدِمُوا داره'' فلم يكن البلاء أشدّ ولا أكثر منه بالعراق، ولا سيما بالكوفة، حتّى إنّ الرجلَ من شيعة عليّ عليه السلام لَيأتيه مَنْ يثق به، فيدخل بيتَه، فيلقي إليه سرّه، ويخاف من خادمه ومملوكه، ولا يحدّثه حتّى يأخذ عليه الأيمان الغليظة، ليكتُمَنّ عليه، فظهر حديث كثير موضوع، وبهتان منتشر، ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة، وكان أعظمَ النّاس في ذلك بليّةً القراء المراءون، والمستضعَفون، الّذِين يُظهرون الخشوع والنُّسُك، فيفتعلون الأحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم، ويقرّبوا مجالسهم، ويصيبوا به الأموال والضّياع والمنازل، حتّى انتقلت تلك الأخبار والأحاديث إلى أيدي الديّانين الذين لا يستحلّون الكذب والبهتان، فقبلوها ورووها، وهم يظنون أ نّها حقّ، ولو علموا أ نّها باطلة لما رووها، ولا تديّنوا بها.

[
شرح ابن أبي الحديد 46 - 44:11.]

وقد تعرض الكثيرون للقتل أو النفي والتشريد لروايتهم شيئاً من فضائل أمير المؤمنين عليه السلام والأمثلة على ذلك كثيرة، هاك مثلاً النسائي المتوفّى سنة 303 ه، فقد قال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني: كان الحافظ النسائي قد صنّف كتاب "الخصائص" في فضل علي بن أبي طالب رضى الله عنه وأهل البيت. فقيل له: ألا تصنّف كتاباً في فضائل الصحابة؟ فقال: دخلت دمشق والمنحرف عن علي عليه السلام كثير، فأردت أن يهديهم اللَّه تعالى بهذا الكتاب.

وسئل وهو في الشام عن معاوية وما رُوي من فضائله. فقال: أما يرضى معاوية أن يخرج رأساً برأس، حتّى يُفضّل؟!

وفي رواية اُخرى: قال: ما أعرف له فضيلةً إلّا: ''لا أشبع اللَّه بطنك''. قال الراوي: فما زالوا يدفعونه في حِضنه - وفي رواية: في خُصييه - وداسوه، ثمّ حُمِل إلى الرَّملة، فمات فيها.

[
سير أعلام النبلاء 125:14، وفيات الأعيان 77:1.]

وكذلك قُتِل في جامع دمشق سنة 658 فخر الدين محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي، واتّهموه بالرفض، لروايته مناقب أمير المؤمنين عليه السلام وفضائله وأحاديثه.

وبين هذا وذاك قيّض اللَّه تعالى لنصرة أمير المؤمنين عليه السلام وحفظ فضائله ومناقبه جمعٌ من الحفّاظ وأئمة الحديث من القدامى والمتأخرين، فاندفع جمعٌ كثير من أكابر رجال الحديث إلى جمع شتات خصائصه ومآثره عليه السلام وصحّحوا طرق الأحاديث الواردة في ذلك، وبيّنوا مطاعن ومغامز الوضّاعين الطاعنين في أمير المؤمنين عليه السلام مشيرين إلى الأحاديث المصنوعة والموضوعة التي لفّقها طلاب الدنيا بأجر زهيد، لتكون قبال مناقب أمير المؤمنين عليه السلام وفضائله، ولقد قام المحدّثون والحفّاظ بذلك انتصاراً للحقّ، لأ نّهم أدركوا أ نّ الحقّ يوجد حيثما يوجد علي عليه السلام، ومصداق ذلك قول الصادق المصدّق الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلّا وحي يوحى: ''عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض يوم القيامة''

[
تاريخ بغداد 321:14، مجمع الزوائد 235:7.] ولأ نّهم أدركوا أنّ من اقتدى في دينه بعليّ بن أبي طالب فقد اهتدى، لقوله صلى الله عليه و آله و سلم: ''اللهمّ أدر الحق مع عليّ حيث دار''.

[
تفسير الفخر الرازي 205:1.]

وكتابنا هذا ممّا يلمّ بشتات هذا الموضوع، حيث يروي ما تفرق من مناقب وفضائل أمير المؤمنين عليه السلام والأدلّة على النصّ عليه بالخلافة بعد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم، من مصادر لا يزال أكثرها متداولاً إلى عصرنا الحالي بين مطبوع ومخطوط، عسى أن يكون ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

/ 25