الولادة المكرمة في الكعبة المعظمة - ولادة المکرمة فی الکعبة المعظمة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ولادة المکرمة فی الکعبة المعظمة - نسخه متنی

علی موسی الکعبی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




الولادة المكرمة في الكعبة المعظمة


الولادة في الکعبة



بينما كان العالم يغرق في ظلام الجاهلية الجهلاء التي غطّت كلّ أفنائه بالوثنية والشرك، بدأ الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله يرى آثار فضل ربّه وإكرامه، ويسمع الهتاف من السماء قبل أن يظهر له أمين الوحي جبرئيل، فكان لا يمرّ بحجرٍ ولا شجرٍ إلّا سلّم عليه، وكُشِف له عن بصره، فشاهد أنواراً قدسية وأشخاصاً نورانيين، وبانت عليه علامات وصفات، وظهرت فيه آيات بيّنات استدلّ بها بَحرا الراهب على نبوّته، وهو في طريقه الى الشام، يصحب عمّه شيخ البطحاء أبا طالب رضى الله عنه في قافلته.


وما أن رأى النبي الأكرم صلى الله عليه وآله تباشير الخير والرحمة، وانقطع الى عبادة ربّه وهو في ربيعه الثلاثين، شاءت الإرادة الربانية أن يولد وصي النبي وصاحب سرّه وابن عمّه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في الكعبة المعظّمة.





  • وعام مولده العام الذي بدأت
    فيه الحجارة والأشجار قد هتفت
    وإذ درى المصطفى فيه ولادة مو
    وبات مستبشراً بالطفل قال به
    لنا من النعم الزهراء ضافيها



  • بشائر الوحي تأتي من أعاليها
    للمصطفى وهو رائيها وصاغيها
    لانا العليّ غدا بالبشر يطريها
    لنا من النعم الزهراء ضافيها
    لنا من النعم الزهراء ضافيها



[
الأبيات من القصيدة العلوية للشاعر عبدالمسيح الأنطاكي، راجع علي وليد الكعبة الأردوبادي:80.]



وكانت تلك الولادة المباركة من خصائص أمير المؤمنين التي لم يحز فضلها أحد قبله ولا بعده على مدى التاريخ البشري، لأنّها نالت شرف الاصطفاء في خصوصية الزمان، وتفرّدها في شرف المكان، فقد شاءت إرادة الربّ سبحانه أن يطلّ أمير المؤمنين عليه السلام على الدنيا في وقت إرهاصات النبوّة، ليتربّى في حجر ابن عمّه النبي الأكرم صلى الله عليه وآله دون أن تنجّسه الجاهلية بأنجاسها، أو تلبسه من مدلهمّات ثيابها، وأن يحرز قصب السبق الى الإسلام مكرّماً وجهه عن الشرك وعبادة الأصنام.


لقد تضاعف ابتهاج النبي الأعظم صلى الله عليه وآله بولادة أمير المؤمنين عليه السلام وتمّت بالوليد مسرّته، فكان يلي تربيته، ويراعيه في نومه ويقظته، ويحمله على صدره وعاتقه، ويحبوه بألطافه وتحفه، ويتكتّفه ويقول: هذا أخي وناصري، وصفيي ووصيي، وذخيرتي وكهفي وكان يحمله ويطوف به جبال مكّة وشعابها، وأوديتها وفجاجها


[
إثبات الوصية / المسعودي: 121، كنز الفوائد / الكراجكي255:1.]



وهكذا حصل الوصيّ على شرف التربية النبوية منذ نعومة أظفاره بعيداً عن أباطيل الجاهلية، مقتدياً بمكارم أخلاق معلّمه العظيم صلى الله عليه وآله، ومتأثّراً بعظمة نفسه وطهره ونقاء ضميره وحُسن سيرته وسلوكه، وأشارعليه السلام الى آثار تلك التربية الربّانية بقوله: قد علمتم موضعي من رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا وليد، يضمّني الى صدره، ويكنفني في فراشه، ويُمسّني جسده، ويُشمّني عرفه، وكان يمضغ الشي ء ثمّ يلقمنيه، ولقد قرن اللَّه به صلى الله عليه وآله من لدن أن كان فطيماً أعظم ملَكٍ من ملائكته، يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم ليله ونهاره، ولقد كنت أتّبعه اتّباع الفصيل أثر أمّه، يرفع لي في كلّ يومٍ من أخلاقه علماً، ويأمرني بالاقتداء به...


[
نهج البلاغة / صبحي الصالح: 300 / خ 192.]



وكان من مظاهر شرف الاصطفاء، هو انتقال وليد الكعبة منذ كان عمره ست سنين الى بيت النبي صلى الله عليه وآله، ذكر أحمد ين يحيى البلاذري وعلي بن الحسين الأصفهاني أنّ قريشاً أصابتها أزمة وقحط، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله لعمّيه حمزة والعباس: ألّا نحمل ثَقَل أبي طالب في هذا المَحْل! فجاءوا إليه، وسألوه أن يدفع إليهم ولده ليكفوه أمرهم، فقال: دعوا لي عقيلاً، وخُذوا من شئتم، فأخذ العباس طالباً، وأخذ حمزة جعفراً، وأخذ محمّدصلى الله عليه وآله علياًعليه السلام، وقال لهم: قد أخذت - من اختاره اللَّه لي عليكم - علياً


[
شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد15:1.]



فشاءت العناية الربّانية أن يعيش أمير المؤمنين عليه السلام مع محمّد الصادق الأمين صلى الله عليه وآله يتأدّب على يديه، ويتعلّم خصال نفسه الزكية، فكان من ثمار تلك العناية الإلهية والتربية النبوية أن صارت شخصية وصي النبي المصطفىصلى الله عليه وآله اختصاراً لشخصية المربي صلى الله عليه وآله، ونسخة ناطقة بشمائله وسيرته وعبادته وعلمه وشجاعته وكرمه وزهده وصبره، وأن ينال الذروة العُليا من مبادئ الاستقامة والشرف والعظمة والسيادة، وأن يتحلّى بخصائص فريدة ومناقب فذّة ومزايا عجيبة.


ومن بين تلك الخصائص الفريدة والمناقب الفذّة شرف السبق الى الإسلام والتقدّم الى الإيمان، وهو شرف عظيم لا يضاهى، وفضل كبير لا يُدانى، فليس في حياة علي عليه السلام يوم للشرك أو الوثنية، بل ولد في الإسلام دفعة واحدة وإلى الأبد، فكان مثار دهشة أبدية، أن يولد علي عليه السلام مسلماً في زمن الجاهلية.


حينما بلغ الوليد العاشرة كان الوحي قد أمر الرسول صلى الله عليه وآله بالدعوة، فكان علي عليه السلام ربيب الوحي وغرسة النبوة، يرى نور الوحي والرسالة، ويشمّ ريح النبوة، ويسبق الناس الى الإيمان بالواحد الأحد والتصديق بالنبي الخاتم صلى الله عليه وآله، والتقدّم الى محراب الصلاة مع ابن عمّه المبعوث رحمة الى العالمين.


قال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته القاصعة: ولقد كان يجاور في كلّ سنةٍ بحِراء، فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيت واحد يومئذٍ في الإسلام غير رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وخديجة، وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة، وأشمّ ريح النبوّة، ولقد سمعت رنّة الشيطان حين نزل الوحي عليه صلى الله عليه وآله فقلت: يا رسول اللَّه، ما هذه الرنّة؟ فقال: هذا الشيطان قد أيس من عبادته، إنّك تسمع ما أسمع، وترى ما أرى، إلّا أنّك لست بنبيّ، ولكنّك لوزير، وإنّك لعلى خير..


[
نهج البلاغة / صبحي الصالح: 301 / خ 192.]



وقال عليه السلام: أنا عبداللَّه وأخو رسول اللَّه، وأنا الصدّيق الأكبر، لا يقولها بعدي إلّا كاذب، صلّيت قبل الناس بسبع سنين قبل أن يعبده أحدٌ من هذه الأمّة


[
المستدرك على الصحيحين / الحاكم111:3-112.]



هذه إذن هي خصوصية الزمان الذي ولد فيه أمير المؤمنين عليه السلام وتربّى وعاش فتوّته.


أمّا تفرّده بفضل المكان، فقد ولدعليه السلام في الكعبة المعظّمة - بيت اللَّه الذي رفع قواعده أبوه إبراهيم عليه السلام - بطريقة إعجازية متلبّسة بالأسرار بما اشتملت عليه من انشقاق جدار البيت، ودخول فاطمة بنت أسد أمّ أمير المؤمنين عليه السلام في جوف الكعبة، ومن ثمّ التآم موضع الشقّ، وبقائها في البيت ثلاثة أيّام تأكل من طعام الجنّة، وطلوع الوليد شاخصاً بوجهه إلى السماء، مستقبلاً الأرض بكفّيه، ناطقاً باسم اللَّه، مديراً ظهره للأصنام.


ومعلوم أنّ البيت الحرام الذي جعله اللَّه سبحانه للناس قياماً هو موضع للعبادة لا دار للولادة، فولادة أمير المؤمنين عليه السلام فيه بما يكتنفها من ظواهر إعجازية خارجة عن المألوف وعن موارد المصادفة، دليل على أنّ تلك الولادة كانت اصطفاءً تتجلّى فيه آثار المشيئة الربّانية وتحفّه الإرادة الإلهيّة، وتلك هي خصوصيّة المكان التي تفرّد بها وليد الكعبة بمقتضى عناية اللَّه بوليّه، وتفضّله على وصيّ نبيّه صلى الله عليه وآله }واللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَّشاءُ واللَّهُ ذو الفَضْلِ العَظِيْم{


[
سورة البقرة: 105/2.]



وليس عبثاً أن تتجلّى مشيئة الخالق في ولادة وصيّ النبي الخاتم صلى الله عليه وآله في بيته العتيق، ما دام ثمّة تقارن وتواصل وتعاطٍ بين البيت والوصيّ في جهات عديدة، منها: الاصطفاء الإلهي، فقد جاء في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام: أنّ اللَّه اختار من كلّ شي ءٍ شيئاً، واختار من الأرض موضع الكعبة .


[
من لا يحضره الفقيه / الصدوق157:2 /679.]

وجاء عن الرسول صلى الله عليه وآله أنّه قال لابنته فاطمةعليها السلام: إنّ اللَّه اطّلع على أهل الدنيا فاختار من الخلائق أباك فبعثه نبيّاً، ثمّ اطّلع ثانيةً فاختار من الخلائق عليّاً، فأوحى إليّ فزوّجتكِ إياه، واتخذته وصيّاً ووزيراً


[
مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام / ابن المغازلي: 151، مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام / الخوارزمي: 206، كنز العمال / المتّقي الهندي604:11 /32923.]



ومنها: الفضل والخلافة، فالكعبة أكرم البيوت على وجه الأرض، وأوّل بيتٍ شرّفه اللَّه وعظّمه وجعله مثابة للعبادة في الأرض على نمط الضُّراح - أو البيت المعمور - الذين هو مثابةٌ لعبادة سكّان السماء، وقد جعل اللَّه سبحانه الكعبة نسخةً من البيت المعمور مضارعةً له في المكان والمنزلة. وكذلك وليد الكعبة هو أوّل قدوة مُثلى للبشر بعد النبي صلى الله عليه وآله في مسيرهم نحو مدارج الكمال في العلم والمعرفة ومكارم الأخلاق، وهو من النبي صلى الله عليه وآله بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعده صلى الله عليه وآله، والنبي صلى الله عليه وآله دار الحكمة وعلي عليه السلام بابها، وهوصلى الله عليه وآله مدينة العلم وعلي عليه السلام بابها، وعلي عليه السلام عيبة الأسرار الإلهيّة وخازن المآثر النبوية، وأعلم الناس بالكتاب العظيم، وأعملهم بسنّة النبي الكريم صلى الله عليه وآله.


ومنها: القصد والاختبار، فالبيت الحرام جعله اللَّه تعالى محلّ اختبار وامتحان للخلق، فقد أمر اللَّه سبحانه الخلق أن يثنوا أعطافهم نحوه، فصار مثابةً لمنتجع أسفارهم، وغايةً لمُلقى رحالهم، تهوي إليه ثمار الأفئدة من مفاوز سحيقة، ومهاوي فجاج عميقة، وجزائر بحار منقطعة، حتى يهزّوا مناكبهم ذللاً يهلّلون للَّه حوله، ويرمُلون على أقدامهم شُعثاً غُبراً له، قد نبذوا السرابيل وراء ظهورهم، وشوّهوا بإعفاء الشعور محاسن خلقهم، ابتلاءً عظيماً، وامتحاناً شديداً، واختباراً مبيناً، وتمحيصاً بليغاً، جعله اللَّه سبباً لرحمته، ووصلةً الى جنّته


[
نهج البلاغة / صبحي الصالح: 293 /192.]



وعن الإمام الصادق عليه السلام: هذا بيت استعبد اللَّه به خلقه، ليختبر طاعتهم في إتيانه، فحثّهم على تعظيمه وزيارته، وجعله محلَّ أنبيائه، وقبلةً للمصلّين إليه، فهو شعبة من رضوانه، وطريق يؤدّي الى غفرانه


[
الكافي / الكليني198:4 /1.]



وأمير المؤمنين عليه السلام مَثَله مثل الكعبة، يقصده الناس ولا يقصد أحداً، ويسألونه ولا يسأل أحداً، ويمتارون منه العلم ولا يمتار من أحد، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: يا علي أنت بمنزلة الكعبة تُؤتى ولا تأتي


[
ُسُد الغابة / ابن الأثير 31:4.]



وهو قبلة أفئدة المؤمنين الذين أُمروا بالتوجّه إليه والتمسّك بولايته، والاعتقاد بفرض طاعته ومودّته بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، باعتباره وصيّاً ووليّاً، وقائداً رساليّاً، وحبّ علي عليه السلام طريق يؤدّي الى الغفران، لأنّه أحبّ الخلق الى اللَّه تعالى والى رسوله صلى الله عليه وآله، ومن هنا كان محلّ ابتلاء واختبار، فحبّه علامة الإيمان، وبغضه علامة الكفر والنفاق، فلا يحبّه إلّا مؤمن، ولا يبغضه إلّا منافق.


ومنها: مظاهر العبادة والخضوع، ففي البيت تتجلّى مظاهر العبادة والخضوع للواحد القهّار، وتلك المظاهر تتجلّى في وليد البيت عليه السلام، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: مثل علي فيكم كمثل الكعبة؛ النظر إليها عبادة، والحجّ إليها فريضة


[
ترجمة علي عليه السلام من تاريخ دمشق /ابن عساكر406:2، المناقب / ابن المغازلي: 107/106.]



وقال صلى الله عليه وآله: النظر الى عليّ عبادة .


[
المستدرك / الحاكم142:3، حلية الأولياء / أبو نعيم182:2، الرياض النضرة / المحبّ الطبري197:3، المناقب / ابن المغازلي: 206-211 /244 وما بعده، كنز العمال / المتّقي الهندي601:11 /32895. وانظر كتاب الإفادة بطرق الحديث : والنظر إلى عليّ عبادة تأليف السيّد عبدالعزيز بن الصدّيق الحسني الغماري المغربي "1418 - 1338ه" المنشور في العدد الثالث من مجلّتنا هذه، السنة الثانية 1419ه في الصفحات "239-305".]

وقال صلى الله عليه وآله: ذِكرُ عليّ عبادة


[
وسيلة المتعبّدين / الملّأ: ج5: قسم2 ص: 168، المناقب / ابن المغازلي: 243/206، فردوس الأخبار / الديلمي244:2 /3151، كنز العمال / المتقي الهندي 601:11 /32894.]



أمّا التواصل والتعاطي بين البيت ووليده، فإنّ الوليد لم ينل شرف المكان وحسب، بل إنّ المكان تشرّف به، لأنّه ولد في بيت اللَّه الذي دنّسه الكفار والمشركون بأوثانهم وأصنامهم، ولد وهو مديرٌ ظهره لها، مكرّماً وجهه عن النظر إليها، فكانت خيبة الأصنام البلهاء بميلاد القادم الجديد "ففي خارج البيت العتيق كانت الإرادة الإلهيّة تهيّئ للناس رسولاً كريماً يتحدّى عالم الأوثان، وفي داخل البيت كانت الإرادة الإلهيّة قد هيّأت للمصطفى خليلاً أدار ظهره للأصنام منذ اللحظة الأولى للولادة"


[
علي بن أبي طالب سلطة الحق / عزيز السيد جاسم: 15.]



وهكذا كانت بعثة النبي الكريم صلى الله عليه وآله وولادة الوصيّ عليه السلام إيذاناً بتطهير البيت العتيق من الأصنام، ونشر مبادئ التوحيد في أُمّ القرى وما حولها، قال السيد شهاب الدين محمود الآلوسي ت 1270 ه في "سرح الخريدة الغيبيّة في شرح القصيدة العينية"، لعبد الباقي أفندي العمري ص: 75 عند قول الناظم مخاطباً أمير المؤمنين عليه السلام:





  • وأنت أنت الذي حطّت له قدمٌ
    في موضع يده الرحمن قد وضعا



  • في موضع يده الرحمن قد وضعا
    في موضع يده الرحمن قد وضعا





قيل: أحبّ عليه الصلاة والسلام - يعني علياًعليه السلام - أن يكافئ الكعبة حيث ولد في بطنها بوضع الصنم عن ظهرها، فإنّها - كما ورد في بعض الآثار - كانت تشتكي الى اللَّه تعالى عبادة الأصنام حولها وتقول: أي ربّ حتى متى تُعبَد هذه الأصنام حولي؟ واللَّه تعالى يعدها بتطهيرها من ذلك


[
الغدير / الأميني 22:6-23.]



وكان ثمّة موعد بين الكعبه ووليدها في تطهيرها من مظاهر الشرك والرجس، فكان اللقاء بينهما في يوم الفتح المبين، وبحضور ابن عمّه النبي المصطفىصلى الله عليه وآله، قال عليه السلام: انطلق بي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله حتى أتى بي الكعبة، فقال لي: اجلس، فجلست الى جنب الكعبة، فصعد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بمنكبي، ثمّ قال لي: انهض، فنهضت، فلمّا رأى ضعفي تحته قال لي: اجلس، فنزلت وجلست، ثمّ قال لي: يا علي اصعد على منكبي، فصعدت على منكبيه، ثمّ نهض بي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، فلمّا نهض بي خيّل إلي لو شئت نلت أُفق السماء، فصعدت فوق الكعبة، وتنحّى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فقال لي: ألق صنمهم الأكبر، صنم قريش، وكان من نحاس مُؤتدّاً بأوتادٍ من حديد الى الأرض، فقال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: عالجه، ورسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول لي: إيهٍ إيهٍ، جاء الحقّ وزهق الباطل، إنّ الباطل كان زهوقاً، فلم أزل أُعالجه حتى استمكنت منه، فقال: اقذفه، فقذفته فتكسّر، وتردّيت من فوق الكعبة...


[
المستدرك / الحاكم 367:2، مسند أحمد84:1 و 151، تاريخ بغداد / الخطيب البغدادي303:13، المناقب / ابن المغازلي: 240/202، مجمع الزوائد / الهيثمي23:6، علل الشرائع / الصدوق173:1 /1، معاني الأخبار / الصدوق: 1/350.]



وكان ذلك خاتمة مظاهر الشرك والرجس في البيت المقدّس، وأوّل مظاهر التطهير في عهد الإسلام على يد الوصيّ المرتضى "صلوات اللَّه عليه"، وهو بمنزلة سجدة شكرٍ من أمير المؤمنين عليه السلام لربّه الكريم حيث حباه أن يولد في بيته المعظّم، وقد أشار العلامة السيد رضا الهندي الى هذا المعنى بقوله:




  • لمّا دعاك اللَّه قدماً لأن
    شكرته بين قريش بأن
    طهّرت من أصنامهم بيته



  • تولد في البيت فلبّيته
    طهّرت من أصنامهم بيته
    طهّرت من أصنامهم بيته



[
ديوان السيد رضا الهندي: 25.]



اوهام الشكّ وأرقام اليقين



لا ريب أنّ ولادة أمير المؤمنين عليه السلام في الكعبة المشرّفة تعتبر منقبةً عظيمةً وفضيلةً باهرةً اختصّ بها دون سواه، لما فيها من الدلالة على أنّه عليه السلام محلّ عناية اللَّه سبحانه منذ يوم ولادته، لأنّه قد طهّره اللَّه سبحانه بأن جعل مولده في أعظم بيوت عبادته، وذلك من تجليات الاصطفاء الذي شاءته الإرادة الإلهية، ومن هنا فقد أبى أعداء فضله العميم وحسّاد مجده الأثيل أن ينصتوا الى صوت الحقّ الصادر من أعماق التاريخ على لسان المؤرّخين والمحدّثين الذين قالوا بتواتره وكونه محلّ اتّفاق بين المسلمين، فحاولوا أن يثيروا الشكوك حول هذه الفضيلة لصرف الأنظار عنها، وذلك في اتجاهين:


الأوّل: يثبت هذه الفضيلة لأمير المؤمنين عليه السلام لكنّه ينكر تفرّده بها.


الثاني: ينكر هذه الفضيلة ولا يثبتها لأمير المؤمنين عليه السلام.


أمّا أصحاب الاتّجاه الأوّل فيرون أنّ أوّل من ولد في الكعبة هو حكيم بن حزام، ولا ينكرون ولادة أمير المومنين عليه السلام فيها، قال الفاكهي في "أخبار مكّة": أوّل من ولد في الكعبة حكيم بن حزام


[
أخبار مكّة / الفاكهي236:3.]



وقال في موضع آخر: أوّل من ولد في الكعبة من بني هاشم من المهاجرين علي بن أبي طالب


[
أخبار مكّة / الفاكهي226:3.]



وغير الفاكهي كثيرون أثبتوا هذه الفضيلة لأمير المؤمنين عليه السلام وأشركوا معه غيره، وهو حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبدالعزّى القرشي الأسدي، ابن أخي خديجة أمّ المؤمنين "رضي اللَّه عنها". قيل: إنّه ولد في الكعبة قبل عام الفيل باثنتي عشرة سنة، أو بثلاث عشرة سنة، ومات سنة خمسين، أو أربع وخمسين. وقيل: عاش في الجاهلية ستين سنة، وعاش في الإسلام ستّين سنة


[
راجع ترجمته في جمهرة أنساب العرب / ابن حزم: 121، تهذيب الكمال /المزّي 170:7 /1454، المنتظم / ابن الجوزي286:5 /374، الإصابة / ابن حجر 32:2 /1695، تهذيب التهذيب / ابن حجر 446:2 /775، التاريخ الكبير / البخاري11:3 /42.]



ومستند أصحاب هذا الاتجاه ثلاث روايات:


الأولى: رواها الزبير بن بكّار "ت 256 ه"في "جمهرة نسب قريش"


[
جمهرة نسب قريش353:1.]

، ونقلها عنه أبو الفرج ابن الجوزي "ت 597 ه" في "صفة الصفوة"


[
صفة الصفوة725:1.]

، وفي "المنتظم"


[
المنتظم269:5 /374.]

، والمزّي "ت 742 ه" في "تهذيب الكمال"


[
تهذيب الكمال173:7.]

، والذهبي "ت 748 ه" في "سير أعلام النبلاء"


[
سير أعلام النبلاء46:3.]

، وابن حجر "ت 852" في "الإصابة"


[
الإصابة32:2.]

وغيرهم.


والثانية: رواها الحاكم النيسابوري "ت 405 ه" في "المستدرك"


[
المستدرك على الصحيحين482:3.]



والثالثة: رواها الأزرقي "ت 223 ه" في "أخبار مكّة"


[
أخبار مكّة174:1.]



وقد استقصى زميلنا الفاضل شاكر شبع في مقال له بعنوان "الولادة في الكعبة المعظّمة فضيلة لعلي عليه السلام خصّه بها ربّ البيت"


[
في مجلّة "تراثنا" العدد "26" ص: 7-42.]

المصادر الرئيسية لهذه الروايات وفق تسلسلها التاريخي، وأخضعها للبحث والتحقيق، وخرج بنتائج باهرة، أهمها: أنّ تلك الروايات جميعاً مرسلة، ورواتها ضعفاء، ومخالفة للمشهور، وتعرّضت بعض مصادرها للتحريف والتلاعب، ممّا يسقط الاعتماد عليها، فلا نعيد الكلام حول تقييم هذه الروايات هنا، ولكن نذكّر أنّ الإرسال في هذه الروايات ينبئ عن أنّها قد تكون وليدة الفترة الأموية التي اجتهد حكّامها - وعلى رأسهم معاوية - بكلّ حيلة في "إطفاء نور أمير المؤمنين عليه السلام، والتحريض عليه، ووضع المعايب والمثالب له، ولعنوه على جميع المنابر، وتوعّدوا مادحيه، بل حبسوهم وقتلوهم، ومنعوا من رواية حديث يتضمّن له فضيلة، أو يرفع له ذكراً، حتى حظروا أن يسمّى أحد باسمه"


[
شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد17:1.]



والرواية تناسب الأسلوب الذي ابتدعه معاوية في التغطية على فضائل أمير المؤمنين عليه السلام المتواترة والمتّفق عليها، بنسبتها الى غيره، إنكاراً لتفرّده بها، وقد كتب معاوية ذلك في كتاب عمّمه الى جميع الآفاق، جاء فيه، "إذا جاءكم كتابي هذا، فادعوا الناس الى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأوّلين، ولا تتركوا خبراً يرويه أحدٌ من المسلمين في أبي تراب؛ إلّا وتأتوني بمناقضٍ له في الصحابة، فإنّ هذا أحبّ إليّ، وأقرّ لعيني، وأدحض لحجّة أبي تراب وشيعته".


قال الراوي: فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها، فظهر حديث كثير موضوع، وبهتان منتشر


[
شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد46:11.]



ولكن ما زاد ذلك أمير المؤمنين عليه السلام إلّا رفعةً وسموّاً "وكان كالمسك كلّما ستر انتشر عرفه، وكلّما كتم تضوّع نشره، وكالشمس لا تستر بالراح، وكضوء النهار إن حُجِبت عنه عينٌ واحدة أدركته عيون كثيرة"


[
شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد17:1.]



وعلى تقدير صحّة الرواية بولادة حكيم بن حزام في الكعبة المشرّفة، فقد يكون ذلك لمحض المصادفة والاتّفاق، وقد صرّح بذلك عبدالرحمن الصفوري الشافعي ت 894 في "نزهة المجالس204:2 - القاهرة" حيث قال: وأمّا حكيم بن حزام فولدته أمّه في الكعبة اتّفاقاً لا قصداً


[
علي وليد الكعبة / الأردوبادي: 40.]



ويدلّ على ذلك أيضاً ما جاء في الرواية من لفظ "أعجلها الولاد" و"ولدت على النطع" كما جاء في رواية مصعب بن عثمان التي يقول فيها: دخلت أُمّ حكيم بن حزام الكعبة مع نسوة من قريش، وهي حامل مُتمّ بحكيم بن حزام، فضربها المخاض في الكعبة، فأُتيت بنطع حيث أعجلها الولاد، فولدت حكيم بن حزام في الكعبة على النطع


[
جمهرة نسب قريش / ابن بكار353:1.]



ولو تهيّأت أمّ حكيم للولادة لما جُعلت ثيابها لَقىً، كما جاء في رواية عبداللَّه بن أبي سليمان عن أبيه، قال: إن فاختة ابنة زهير بن الحارث بن أسد بن عبدالعزّى - وهي أمّ حكيم بن حزام - دخلت الكعبة وهي حامل، فأدركها المخاض فيها، فولدت حكيماً في الكعبة، فحُمِلت في نطعٍ، وأُخِذ ما تحت مَثْبِرها


[
المَثْبِر: الموضع الذي تلد فيه المرأة.]

، فغُسِل عند حوض زمزم، وأُخذت ثيابها التي ولدت فيها، فجُعلت لَقىً


[
أخبار مكّة / الأزرقي174:1.]



وعليه فإنّ ولادة حكيم بن حزام لا يترتّب عليها أدنى فضل أو مكرمة سوى طهارة المكان الذي ولد فيه وشرفِهِ، بينما اكتسبت ولادة أمير المؤمنين عليه السلام أهميّتها بشرف الاصطفاء الإلهي والمشيئة الربّانية لا بخصوص فضل المكان وحسب، فإذا كان حكيم بن حزام قد سبق بفضل المكان بمحض المصادفة والاتّفاق، فإنّ أمير المؤمنين عليه السلام قد تفرّد بشرف المكان وبكيفية الولادة على وفق الإرادة الإلهية والعناية الربانية.


الاتّجاه الثاني



إنّ أصحاب هذا الاتّجاه قد أمعنوا في إنكار هذه الفضيلة على الرغم من كونها من الحقائق الناصعة والمسلّمة تاريخيّاً، فادّعوا أنّه لم يولد قبل حكيم بن حزام ولا بعده أحد في الكعبة المعظّمة، وأنّ القول بولادة علي بن أبي طالب عليه السلام هو مزعمة كثير من الشيعة، وهو ضعيف عند العلماء، ولا يعترف به المحدّثون، ولم يثبت عند بعضهم، وفي ما يلي بعض أقوالهم:


1 - روى الحاكم في "المستدرك" بالإسناد عن مصعب بن عبداللَّه في نسب حكيم بن حزام، قال: وأمّه فاخته بنت زهير بن أسد بن عبدالعزّى، وكانت ولدت حكيماً في الكعبة، وهي حامل، فضربها المخاض وهي في جوف الكعبة، فولدت فيها، فحملت في نطع، وغسل ما كان تحتها من الثياب عند حوض زمزم، ولم يولد قبله ولا بعده في الكعبة أحد.


وكلام مصعب الأخير ينطوي على إنكار ولادة أمير المؤمنين عليه السلام في الكعبة، وقد ردّه الحاكم في ذيل الرواية بقوله: وهم مصعب في الحرف الأخير، فقد تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرّم اللَّه وجهه في جوف الكعبة


[
المستدرك / الحاكم483:3.]



2 - ذكر الشيخ علي بن برهان الدين الحلبي الشافعي ت 1044 ه في سيرته "إنسان العيون ج1 ص: 165"، أنّ أمير المؤمنين عليه السلام ولد في الكعبة، وعمره - يعني عمر النبي صلى الله عليه وآله - ثلاثون سنة.


ثمّ قال: وقيل: الذي ولد في الكعبة حكيم بن حزام. وقال بعضهم: لا مانع من ولادة كليهما في الكعبة لكن في "النور": حكيم بن حزام ولد في الكعبة، ولا يعرف ذلك لغيره، وأمّا ما روي أنّ عليّاًعليه السلام ولد فيها فضعيف عند العلماء


[
علي وليد الكعبة / الأردوبادي: 83.]



3 - ذكر ابن أبي الحديد في "شرح نهج البلاغة" أنّ حديث الولادة مزعمة كثير من الشيعة، والمحدّثون لا يعترفون بذلك، ويزعمون أنّ المولود في البيت حكيم ابن حزام


[
شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد 14:1.]



4 - قال الديار بكري في "تاريخ الخميس307:2": ولد |على عليه السلام| بمكّة بعد عام الفيل بسبع سنين، ويقال: كانت ولادته في داخل الكعبة، ولم يثبت


[
علي وليد الكعبة / الأردوبادي: 85.]



ولم يقل أحد بأنّ أمير المؤمنين عليه السلام ولد بعد عام الفيل بسبع سنين، فكيف ثبت ذلك عند الدياربكري، ولم تثبت ولادة أمير المؤمنين عليه السلام في الكعبة مع كثرة القائلين بذلك؟


ارقام اليقين



إنّ ما ذكره أصحاب الإتّجاه الثاني معارض بإجماع أهل البيت عليهم السلام وعلماء الطائفة، واعتراف كثير من المحدّثين والمحقّقين العامّة، وتصريح كثير من النسّابة والمؤرّخين والشعراء في إثبات هذه الفضيلة لأمير المؤمنين عليه السلام على الجزم واليقين.


وقد أجاد الشيخ الحجّة محمد علي الأردوبادي "ت 1380" في كتابه "علي عليه السلام وليد الكعبة" في تحقيق هذه المسألة، وكونها معتمدة عند العلماء وثابتة عند المؤرّخين والنسابة، ومتواترة مشهورة بين الأمّة. وفي ما يلي نذكر أرقام اليقين التي تدفع أوهام الشكّ وإثارات أصحاب الاتّجاه الثاني.


الولادة المعظّمة في حديث أهل البيت



نقل عن أهل البيت عليهم السلام الكثير من الأخبار والروايات التي تحدّثوا فيها عن طبيعة تلك الولادة ومحلّها وملابساتها، وقد حكى السيد هاشم البحراني "ت 1107 ه" تواتر حديث الولادة في الكعبة حيث قال: رواية أنّ أمير المؤمنين عليه السلام ولد في الكعبة بلغت حدّ التواتر، وهي معلومة في كتب العامّة والخاصّة.


[
غاية المرام / البحراني: 13.]

وفي ما يلي نذكر بعض رواياتهم عليهم السلام:


1 - روى ابن الفتال عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، قال: سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول: إنّ فاطمة بنت أسد ضربها الطلق وهي في الطواف، فدخلت الكعبة، فولدت أمير المؤمنين عليه السلام فيها


[
روضة الواعظين / ابن الفتال: 81، بحار الأنوار23:35 /17.]



2 - وروى ابن المغازلي الشافعي بالإسناد عن الإمام موسى بن جعفرعليه السلام، عن أبيه، عن محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين عليهم السلام قال: كنت جالساً مع أبي ونحن زائرون قبر جدّناصلى الله عليه وآله وهناك نسوان كثيرة، إذ أقبلت امرأة منهنّ، فقلت لها: من أنت يرحمك اللَّه؟ قالت: أنا زيدة بنت قريبة بن العجلان من بني ساعدة، فقلت لها: فهل عندك شي ء تحدّثينا؟ فقالت: إي واللَّه، حدّثتني أُمّي أمّ عمارة بنت عبادة بن نضلة بن مالك بن العجلان الساعدي، أنّها كانت ذات يوم في نساء من العرب، إذ أقبل أبو طالب كئيباً حزيناً، فقلت له: ما شأنك، يا أبا طالب؟ قال: إنّ فاطمة بنت أسد في شدّة المخاض، ثمّ وضع يديه على وجهه، فبينما هو كذلك إذ أقبل محمّدصلى الله عليه وآله، فقال له: ما شأنك يا عمّ؟ فقال: إنّ فاطمة بنت أسد تشتكي المخاض، فأخذ بيده وجاء وهي معه، فجاء بها الى الكعبة، فأجلسها في الكعبة، ثمّ قال: اجلسي على اسم اللَّه، فطلقت طلقة، فولدت غلاماً مسروراً نظيفاً منظّفاً، لم أرَ كحسن وجهه، فسمّاه أبو طالب عليّاً


[
وجاء في بعض الروايات أنّ الذي سماه هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وروي أيضاً أنّ أبا طالب سمع هاتفاً يقول له: سمّه عليّاً.]

، وحمله النبي صلى الله عليه وآله حتى أدّاه الى منزلها .


قال علي بن الحسين عليه السلام: فواللَّه ما سمعت بشي ءٍ قط إلّا وهذا أحسن منه


[
مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام / ابن المغازلي:3/6، الفصول المهمّة / ابن الصبّاغ: 30، كشف الغمّة / الإربلي59:1، عمدة عيون صحاح الأخبار / ابن البطريق: 8/27.]



3 - وروى الشيخ الطوسي في أماليه بعدّة أسانيد، منها عن أبي عبداللَّه جعفر ابن محمّدعليه السلام، عن آبائه عليه السلام - في حديثٍ طويل - قال: كان العبّاس بن عبدالمطّلب ويزيد بن قعنب جالسين ما بين فريق بني هاشم الى فريق عبدالعزّى بإزاء بيت اللَّه الحرام، إذ أتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أمّ أمير المؤمنين عليه السلام وكانت حاملة بأمير المؤمنين عليه السلام لتسعة أشهر وكان يوم التمام، قال: فوقفت بازاء البيت الحرام وقد أخذها الطلق، فرمت بطرفها نحو السماء، وقالت: أي ربّ، إنّي مؤمنة بك وبما جاء به من عندك من رسلٍ وكتب، وإنّي مصدّقة بكلام جدّي إبراهيم الخليل، وأنّه بنى بيتك العتيق، فأسألك بحقّ هذا البيت ومن بناه، وبهذا المولود الذي في أحشائي، الذي يكلّمني ويؤنسني بحديثه، وأنا موقنة أنّه إحدى آياتك ودلائلك، لمّا يسّرت عليَّ ولادتي...


قال العباس بن عبدالمطّلب ويزيد بن قعنب: لمّا تكلّمت فاطمة بنت أسد ودعت بهذا الدعاء، رأينا البيت قد انفتح من ظهره، ودخلت فاطمة فيه، وغابت عن أبصارنا، ثمّ عادت الفتحة والتزقت بإذن اللَّه، فرمنا أن نفتح الباب لتصل إليها بعض نسائنا فلم ينفتح الباب، فعلمنا أنّ ذلك أمرٌ من أمر اللَّه تعالى، وبقيت فاطمة في البيت ثلاثة أيّام.


قال: وأهل مكّة يتحدّثون بذلك في أفواه السكك، وتتحدّث المخدّرات في خدورهنّ، فلمّا كان بعد ثلاثة أيّام انفتح البيت من الموضع الذي كانت دخلت فيه، فخرجت فاطمة وعلي عليه السلام على يديها...


[
الأمالي / الشيخ الطوسي: 1511/706، بحار الأنوار / المجلسي 36:35 /370.]

الحديث.


4 - وروى ابن شهر آشوب عن الحسن بن محبوب، عن أبي عبداللَّه الصادق عليه السلام أنّه قال: انفتح البيت من ظهره، ودخلت فاطمة فيه، ثمّ عادت الفتحة والتصقت، وبقيت فيه ثلاثة أيّام، فأكلت من ثمار الجنّة... الحديث


[
المناقب / ابن شهر آشوب174:2، بحار الأنوار / المجلسي 18:35.]



وواضح أنّ بعض هذه الروايات قد اقتصر على الإشارة الإجمالية لمولده عليه السلام والتذكير بفضله، بينما توسّعت بعضها بسرد التفاصيل بحذافيرها، ومنها بيان كيفيّة دخول فاطمة بنت أسد البيت ودعائها وبقائها في البيت وأكلها من ثمار الجنّة.


5 - ولم يقتصر ذكر الولادة على الروايات وحسب، بل جاء في الأدعية والزيارات المأثورة عن أهل البيت عليهم السلام التصريح بولادة أمير المؤمنين عليه السلام في الكعبة المعظّمة، ففي زيارة أمير المؤمنين عليه السلام في يوم مولد النبي صلى الله عليه وآله في 17 ربيع الأوّل التي رواها محمد بن مسلم الثقفي، عن جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام: السلام عليك يا من شرّفت به مكّة... السلام عليك يا من ولد في الكعبة، وزوّج في السماء بسيّدة النساء... السلام على المخصوص بالطاهرة التقيّة ابنة المختار، المولود في البيت ذي الأستار


[
إقبال الأعمال / ابن طاوس: 608-610، المزار / الشهيد الأوّل: 91-95، بحار الأنوار374:100-375.]



وفي زيارة أخرى لأمير المؤمنين عليه السلام رواها ابن طاوس: السلام على المولود في الكعبة، المزوّج في السماء...


[
مصباح الزائر / ابن طاوس: 146، بحار الأنوار / المجلسي302:100 /22.]



حديث الولادة عن الصحابة والتابعين



وجاء حديث ولادة أمير المؤمنين عليه السلام في الكعبة المشرّفة على لسان بعض الصحابة والتابعين، ومنهم:


1 - جابر بن عبداللَّه الأنصاري رضى الله عنه، روى حديثه الكنجي في "كفاية الطالب ص: 406 - 405" وابن شهر آشوب في "مناقب آل أبي طالب ج2، ص: 173 - 172" وابن شاذان في "الفضائل: ص: 56 - 54".


2 - العباس بن عبدالمطّلب رضى الله عنه، روى حديثه الشيخ الطوسي في "الأمالي: ص: 1511 / 706" ورواه ابن شهر آشوب في "المناقب ج2 ص: 74" عن أنس بن مالك، عن العباس بن عبدالمطّلب.


3 - عائشة، روى حديثها الشيخ الطوسي في "الأمالي: ص: 1511 / 706".


4 - عتاب بن أسيد، روى حديثه الشيخ الطوسي في "مصباح المتهجّد ص: 819" والعلّامة المجلسي في "البحار ج35 ص: 7 / 7".


5 - ميثم التمّار، روى حديثه الشيخ أبو الفوارس الرازي في "أربعينه ص: 9 مخطوط" مسنداً


[
راجع علي عليه السلام وليد الكعبة / الأردوبادي: 61-62.]

، والطبري في "نوادر المعجزات ص: 32-33 /12" وابن شاذان في "الفضائل: ص: 2"، والشيخ حسين بن عبد الوهّاب المعاصر للسيد المرتضى في "عيون المعجزات ص: 25 - 24".


6 - يزيد بن قعنب، روى حديثه ابن شهر آشوب في "المناقب ج2 ص: 172 - 173"، وابن الفتال في "روضة الواعظين: ص: 76-81".


وروى الحديث مسنداً عن سعيد بن جبير، عن يزيد بن قعنب، الشيخ الصدوق في "علل الشرائع ج1 ص: 3 / 135" و"معاني الأخبار ص: 10/62" و"الأمالي ص: 206/194"، وعماد الدين الطبري في "بشارة المصطفى ص: 7-9"، والإربلي في "كشف الغمّة ج1 ص: 60"، والديلمي في "إرشاد القلوب: ص 211"، والعلامة الحلّي في "كشف اليقين: ص: 17" و"نهج الحقّ ص: 233".


اجماع أعلام الطائفة



أجمع أعلام الإمامية، وفيهم المحدّثون والمؤرّخون والنسّابة القدامى والمحدّثون، وبكلمات شتى مؤدّاها أنّ أمير المؤمنين عليه السلام ولد في الكعبة يوم الجمعة الثلاثين بعد عام الفيل، ولم يولد قبله ولا بعده مولود في بيت اللَّه تعالى سواه، وتلك فضيلة مختصّة به، لم يشركه فيها أحد قبله ولا بعده، إعلاءً لقدره وفضله، وإجلالاً لمحلّه من التعظيم عند ربّه، وفي ما يلي نذكر بعضهم مرتّبين حسب التسلسل التاريخي، مع الإشارة الى مراجع أقوالهم:


1 - السيد أبو الحسن محمّد بن الحسين الموسوي المعروف بالشريف الرضي، المتوفّى سنة 406 ه في كتاب "خصائص الأئمّةعليهم السلام ص: 39".


2 - الشيخ أبو عبداللَّه محمّد بن محمّد بن النعمان البغدادي، المعروف بالشيخ المفيد ت 413 ه في "المقنعة ص: 461" "الإرشاد ج1 ص: 5".


3 - السيد علم الهدى علي بن الحسين الموسوي المعروف بالشريف المرتضى ت 436 ه في "شرح القصيدة البائيّة المذهّبة للسيد الحميري ص: 51 طبعة مصر في سنة 1313 ه"


[
الغدير / الأميني24:6، علي عليه السلام وليد الكعبة / الاردوبادي: 26-27.]



4 - العلّامة المحدّث أبو الفتح محمّد بن علي الكراجكي ت449ه في "كنز الفوائد ج1 ص: 255".


5 - شيخ الطائفة أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ت 460ه، في كتاب المزار من "التهذيب ج1، ص: 19".


6 - أمين الإسلام الشيخ المفسّر أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في "إعلام الورى ص: 153" و"تاج المواليد ص: 12".


7 - الشيخ الفقيه أبو الحسين سعيد بن عبداللَّه بن الحسين بن هبة اللَّه، المعروف بالقطب الراوندي ت 573 ه في "الخرائج والجرائح ج2، ص: 888".


8 - الحافظ رشيد الدين أبو عبداللَّه محمّد بن علي بن شهر آشوب السروي المازندراني ت 588 ه في "مناقب آل أبي طالب ج2 ص: 175".


9 - الشيخ أبو علي محمّد بن الحسن الواعظ الشهيد النيسابوري، المعروف بابن الفتال، من أعلام القرن السادس في "روضة الواعظين ص: 76".


10 - الحافظ شمس الدين أبو الحسن يحيى بن الحسن الأسدي الحلّي الربعي، المعروف بابن البطريق ت 600 ه في "عمدة صحاح الأخبار ص: 24".


11 - السيد رضي الدين علي بن موسى بن طاوس الحلّي ت 664 ه في "إقبال الأعمال ص: 655".


12 - الشيخ الوزير بهاء الدين أبو الحسن علي بن عيسى الإربلي ت 693 في "كشف الغمّة ج1 ص: 59".


13 - العلّامة جمال الدين أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلي ت 726 ه في "نهج الحقّ وكشف الصدق ص: 232" و"كشف اليقين ص: 17".


14 - الشيخ المحدّث أبو محمدّ الحسن بن أبي الحسن الديلمي، من أعلام القرن الثامن في "إرشاد القلوب ص: 211".


15 - السيد حيدر بن علي الحسيني العبدلي الآملي، من أعلام القرن الثامن في "الكشكول في ما جرى على آل الرسول ص: 86 و189".


16 - الشيخ علي بن محمّد بن يونس البياضي ت 877 ه في "الصراط المستقيم ج2 ص: 215".


17 - الشيخ تقي الدين إبراهيم بن علي العاملي الكفعمي ت نحو 900 ه في "المصباح ص: 512".


النسّابة والمؤّرخون



ذكر كثير من النسّابة والمؤّرخين أنّ أمير المؤمنين عليه السلام ولد في الكعبة المعظّمة، وهم أعلم الناس بمواقع الولادة والأنساب، ومنهم:


1 - أبو الحسن علي بن الحسين بن علي الهذلي المسعودي ت 333 أو 345 في "مروج الذهب ج2، ص: 349".


وقال في "إثبات الوصيّة": روي أنّ فاطمة بنت أسد كانت تطوف بالبيت، فجاءها المخاض وهي في الطواف، فلمّا اشتدّ بها دخلت الكعبة، فولدته في جوف الكعبة على مثال ولادة آمنة النبي صلى الله عليه وآله


[
أي من حيث الكيفية، فقد ولدعليه السلام مستقبلاً الأرض بكفّيه رافعاً رأسه الى السماء، ذاكراً اسم اللَّه.]

، وما ولد في الكعبة قبله ولا بعده غيره


[
إثبات الوصية / المسعودي: 111.]



2 - وذكر ذلك المؤرخ الحسن بن محمّد بن الحسن القمّي في "تاريخ قم: 191" الذي ألّفه سنة 378 ه وقدّمه الى الصاحب بن عباد، وترجمه الى الفارسيّة الشيخ الحسن بن علي بن الحسن القمّي سنة 865 ه


[
الغدير / الأميني24:6.]



3 - السيد الشريف النسّابة نجم الدين أبو الحسن علي بن محمّد العلوي العمري، المعروف بابن الصوفي، من أعلام القرن الخامس الهجري، قال في "المجدي": ولدت فاطمة بنت أسد عليّاًعليه السلام في الكعبة، وما ولد قبله أحد فيها


[
المجدي في أنساب الطالبيين / العمري: 11.]



4 - الشيخ المؤرّخ النسّابة جمال الدين أحمد بن علي بن الحسين الحسيني، المعروف بابن عنبة ت 828 ه، قال في "عمدة الطالب" في معرض حديثه عن ولادة علي عليه السلام: ولد بمكّة في بيت اللَّه الحرام يوم الجمعة الثالث عشر من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل، ولم يولد قبله ولا بعده مولود في بيت اللَّه الحرام سواه إكراماً له وتعظيماً من اللَّه تعالى، وإجلالاً لمحلّه من التعظيم


[
عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب: 58.]



5 - وذكر ذلك أيضاً السيد محمد بن أحمد بن عميد الدين علي الحسيني في "المشجر الكشّاف للسادة الأشراف ص: 230 طبعة مصر"


[
الغدير / الأميني25:6 /20.]



6 - وذكره أيضاً محمّد بن عبدالغفار الغفاري القزويني في "تاريخ نگارستان ص: 10 طبعةسنة 1245 ه" وتاريخ تأليف الكتاب سنة 949 ه


[
الغدير / الأميني25:6 /22.]



7 - وفي أُرجوزة في مواليد الائمّةعليهم السلام ووفياتهم للعلّامة أبي صالح محمّد المهدي بن بهاء الدين محمّد الملقّب بالصالح بن الشيخ معتوق بن عبدالحميد الفتوني العاملي النباطي النجفي النسابة، المتوفّى سنة 1183 ه، صاحب "حديقة النسب" قال:





  • مولده الجمعة يوم السابع
    وقد خلت منه ثلاثون سنه
    من مولد النبيّ فاعلم سُنَنه



  • فى شهر شعبان ببيت الصانع
    من مولد النبيّ فاعلم سُنَنه
    من مولد النبيّ فاعلم سُنَنه



[
علي وليد الكعبة / الأردوبادي: 72.]



الكتب المؤلّفة في المولد العظيم



ولم تقتصر جهود العلماء على تسجيل هذه الحادثة في ثنايا كتبهم، بل أفردوها بالتأليف في كتب خاصّة بها، منها:


1 - مولد أمير المؤمنين وخبره مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله - للقاضي أبي البختري وهب بن وهب بن كثير بن عبداللَّه بن زمعة بن الأسود بن المطّلب القرشي المدني البغدادي قاضيهما، المتوفّى سنة 200 ه.


ترجم له ابن النديم في "الفهرست ص: 113" والخطيب في "تاريخ بغداد ج13 ص: 451"، وكتابه هذا ذكره النجاشي في فهرسته برقم 1155، وذكره الطوسي في فهرسته برقم 778 بهذا الاسم، ورواه عنه بإسناده إليه عن الصادق عليه السلام.


وذكره الخطيب في "تاريخ بغداد ج7 ص: 419" في ترجمة الحسن بن محمّد العلوي، باسم كتاب "مولد علي بن أبي طالب ومنشأه وبدء إيمانه وتزويجه فاطمة"، وذكره ابن شهر آشوب في "معالم العلماء برقم 859"


[
أهل البيت في المكتبة العربية / الطباطبائي: 802/637، الذريعة / آقا بزرك274:23.]



2 - مولد أمير المؤمنين عليه السلام - للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي المتوفّى 381 ه، ينقل عنه السيد ابن طاوس في كتاب "اليقين" في الباب43


[
الذريعة / آقا بزرك274:23.]



والذي في "اليقين" لابن طاوس ورد الكتاب بعنوان "مولد مولانا علي عليه السلام بالبيت"


[
راجع كتابخانه ابن طاوس / اتان كلبرك: 425.]



3 - مولد أمير المؤمنين عليه السلام - للحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمّد العطار الهمداني المقرئ، صدر الحفاظ وشيخ همدان وإمام العراقين ت 569 ه، نقل عنه السيد ابن طاوس في "اليقين" الباب 194 ص:485.


[
أهل البيت في المكتبة العربية / الطباطبائي: 801/636، كتابخانه ابن طاوس / اتان كلبرك: 332، مجلّة تراثنا.. العدد 25 ص: 84.]



4 - علي عليه السلام وليد الكعبة - للشيخ الفاضل والأديب الماهر الميرزا محمّد علي بن ميرزا أبي القاسم الأردوبادي النجفي ت 1380ه، طبع في النجف سنة وفاة المؤلّف 1380ه مع مقدّمة لسبطه السيد مهدي بن الميرزا محمد بن الميرزا جعفر بن الميرزا محمّد بن المجدّد الشيرازي، ثمّ أُعيد طبعه في قم، وطبع بتحقيق قسم الدراسات الإسلامية - مؤسّسة البعثة سنة 1412 ه، وترجم الكتاب الى الفارسية، وطبعت ترجمته، وهو كتاب فريد في بابه، عزيز في وجود نظائره، غزير في مادّته، ضمّنه مؤلّفه بحثاً استدلالياً لبيان حديث الولادة الميمونة.


5 - مولود كعبه - بلغة الأردو - للسيد علي نَقي اللكهنوي، طبع سنة 1351ه


[
الذريعة / آقا بزرك277:23.]



حديث الولادة على لسان أعلام العامّة



صرّح الكثير من أعلام العامّة بولادة أمير المؤمنين عليه السلام في الكعبة المشرّفة، وقال بعضهم بتواتر ذلك وشهرته في الدنيا كالحاكم النيسابوري والدهلوي والآلوسي وغيرهم، واعترف بعضهم بكون ذلك فضيلةً خصّه اللَّه بها، ولم يولد قبله ولا بعده في البيت سواه كالجويني والقفال وابن الصبّاغ وغيرهم، وفي ما يلي نذكر أقوالهم بحسب ترتيب وفياتهم:


1 - الحافظ الفقيه محمّد بن علي القفال الشاشي الشافعي ت 365 ه، قال في كتابه "فضائل أمير المؤمنين عليه السلام": لم يولد في الكعبة إلّا علي عليه السلام


[
إحقاق الحقّ / الشهيد التستري489:7.]



2 - الحاكم أبو عبداللَّه محمّد بن عبداللَّه الحافظ النيسابوري ت 405 ه، قال في "المستدرك": قد تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرّم اللَّه وجهه في جوف الكعبة


[
المستدرك / الحاكم483:3.]



وروى الحافظ أبو عبداللَّه محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي ت 658 ه عن الحافظ أبي عبداللَّه محمّد بن محمود النجّار مسنداً عن الحاكم النيسابوري أنّه قال: ولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بمكّة في بيت اللَّه الحرام، ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل، ولم يولد قبله ولا بعده مولود في بيت اللَّه الحرام سواه، إكراماً له بذلك، وإجلالاً لمحلّة في التعظيم


[
كفاية الطالب / الكنجي: 407.]



3 - محمد بن طلحة الشافعي ت 652 ه في كتابه "مطالب السؤول ص: 11". قال: ولد علي عليه السلام في الكعبة، البيت الحرام


[
علي وليد الكعبة / الأردوبادي: 76.]



4 - شمس الدين أبو المظفّر يوسف بن قزأُوغلي علي الشهير بسبط ابن الجوزي ت 654 ه قال في "تذكرة الخواص": روي أنّ فاطمة بنت أسد كانت تطوف بالبيت وهي حامل بعلي عليه السلام، فضربها الطلق، ففتح لها باب الكعبة، فدخلت فوضعته فيها


[
تذكرة الخواص / سبط ابن الجوزي: 10.]



5 - الحافظ أبو عبداللَّه محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي ت 658 ه، نقل في كتابه "كفاية الطالب" قول الحاكم النيسابوري وقد تقدّم، ونقل حديثاً طويلاً في ولادة أمير المؤمنين عليه السلام في الكعبة


[
راجع كفاية الطالب / الكنجي: 405.]



6 - الحافظ المحدّث إبراهيم بن محمّد الجويني الشافعي ت 730 ه، قال في "الفرائد": لم يولد في الكعبة إلّا علي عليه السلام


[
فرائد السمطين / الجويني425:1.]



7 - الحافظ نور الدين علي بن محمّد بن الصبّاغ المكّي المالكي ت 855 ه قال في "الفصول المهمّة": ولد علي عليه السلام بمكّة المشرّفة بداخل البيت الحرام في يوم الجمعة الثالث عشر من شهر اللَّه الأصمّ رجب الفرد، سنة ثلاثين من عام الفيل.... ولم يولد في البيت الحرام قبله أحد سواه، وهي فضيلة خصّة اللَّه تعالى بها إجلالاً له، وإعلاءً لمرتبته، وإظهاراً لتكرمته


[
الفصول المهمّة / ابن الصبّاغ: 30.]



وحكى ذلك عنه الفقيه المؤرّخ نور الدين علي بن عبداللَّه الشافعي السمهودي ت 911 ه في "جواهر العقدين"، والشيخ علي بن برهان الدين الحلبي ت 1044 ه في "إنسان العيون ص 165


[
علي وليد الكعبة / الأردوبادي: 114.]

، والشيخ مؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجي، من أعلام القرن الثالث عشر في "نور الأبصار"


[
نور الأبصار / الشبلنجي: 85.]



8 - عبدالرحمن الصفوري الشافعي ت 894 ه قال في "نزهة المجالس ج2، ص: 204 طبعة القاهرة": رأيت في "الفصول المهمّة في معرفة أحوال الأئمّة" لأبي الحسن المالكي بمكّة شرفّها اللَّه، أنّ عليّاًرضى الله عنه ولدته أمّه بجوف الكعبة شرّفها اللَّه، وهي فضيلة خصّه اللَّه تعالى بها، ذلك أنّ فاطمة بنت أسد رضي اللَّه عنها أصابها شدّة الطلق، فأدخلها أبو طالب الكعبة، فطلقت طلقة، فولدته يوم الجمعة في رجب سنة ثلاثين من عام الفيل بعد تزوّج النبي صلى الله عليه وآله خديجة بثلاث سنين، وأمّا حكيم بن حزام فولدته أمّه في الكعبة اتّفاقاً لا قصداً


[
علي وليد الكعبة / الأردوبادي: 40.]



9 - الشيخ علي بن برهان الدين الحلبي الشافعي ت 1044 ه في سيرته "إنسان العيون ص: 165" قال: إنّه عليه السلام ولد في الكعبة، وعمره - يعني عمر النبي صلى الله عليه وآله - ثلاثون سنة


[
علي وليد الكعبة / الأردوبادي: 82-83.]



10 - العلامة محمود بن محمّد بن علي الشيخاني القادري الشافعي المدني، من أعلام القرن الحادي عشر في "الصراط السوي ص: 152 مخطوطة المكتبة الناصرية في لكهنو بالهند". قال: لم يولد قبله ولا بعده مولود في بيت اللَّه الحرام سواه إكراماً له بذلك وإجلالاً لمحلّه في التعظيم


[
مجلّة تراثنا - العدد 26 - ص: 16.]



11 - العلامة صفي الدين أحمد بن الفضل بن محمّد باكثير الحضرمي الشافعي، من أعلام القرن الحادي عشر، قال في "وسيلة المآل": وكانت ولادته - يعني أمير المؤمنين عليه السلام - بالكعبة المشرّفة، وهو أوّل من ولد بها، بل لم يعلم أنّ غيره ولد بها


[
وسيلة المآل / ابن باكثير: 282 مخطوطة المكتبة المرعشية مكتوبة سنة 1280 ه.]



12 - المحدّث ولي اللَّه أحمد بن عبدالرحيم الدهلوي، الشهير بشاه ولي اللَّه ت 1179 ه، والد عبدالعزيز الدهلوي. قال في كتابه "إزالة الخفاء ج2، ص: 251 طبعة الهند": تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين عليّاًرضى الله عنه في جوف الكعبة، وأنّه ولد في يوم الجمعة ثالث عشر من شهر رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة في الكعبة، ولم يولد فيها أحدٌ سواه قبله ولا بعده


[
الغدير / الأميني 22:6، علي وليد الكعبة / الأردوبادي: 22.]



13 - العلّامة محمّد مبين بن محبّ اللَّه بن أحمد اللكهنوي الأنصاري الحنفي ت 1225 ه، قال في "وسيلة النجاة ص: 60 طبعة كلشن فيض لكهنو - الهند": ولادة معدن الكرامة - يريد أمير المؤمنين عليه السلام - في جوف الكعبة، ولم يولد أحدٌ فيها غيره، وقد خصّه اللَّه تعالى بهذه الفضيلة، وشرّف الكعبة بهذا الشرف


[
مجلّة تراثنا - العدد 26 ص: 21.]



14 - شهاب الدين أبو الثناء السيد محمود الآلوسي ت 1270 ه، في "سرح الخريدة الغيبية في شرح القصيدة العينية ص: 15"، والقصيدة العينية لعبد الباقي العمري، قال أبو الثناء عند قول الناظم:





  • أنت العليّ الذي فوق العُلى رُفعا
    ببطن مكّة عند البيت إذ وُضِعا



  • ببطن مكّة عند البيت إذ وُضِعا
    ببطن مكّة عند البيت إذ وُضِعا





في كون الأمير كرّم اللَّه وجهه ولد في البيت أمرٌ مشهور في الدنيا، وذكر في كتب الفريقين السُنّة والشيعة، الى أن قال: ولم يشتهر وضع غيره كرّم اللَّه وجهه كما اشتهر وضعه، بل لم تتّفق الكلمة عليه، وما أحرى بإمام الأئمّة أن يكون وضعه في ما هو قبلةٌ للمؤمنين، وسبحان من يضع الأشياء في مواضعها وهو أحكم الحاكمين


[
الغدير / الأميني22:6، علي عليه السلام وليد الكعبة / الأردوبادي: 23.]



15 - الشيخ محمد صديق خان الحسيني البخاري القنوجي ت 1307 ه قال في "تكريم المؤمنين بتقويم مناقب الخلفاء الراشدين ص: 99 - طبعة الهند - سنة 1307 ه" عند ذكره ولادة أمير المؤمنين عليه السلام: ولادته في مكّة المكرّمة في جوف بيت اللَّه الحرام، ولم يولد أحدٌ غيره في هذا المكان المقدّس


[
مجلّة تراثنا - العدد 26 - ص: 21.]



من وحي الولادة في الشعر العربي



نظمّ كثير من الشعراء هذه المأثرة الجليلة وصاغوها في قالب الشعر منذ القرن الثاني وإلى اليوم، وفي ما يلي مختارات من الشعر الذي يثبت خصوصية ولادة أميرالمؤمنين عليه السلام في الكعبة:


1 - السيد الحميري، المتوفى سنة 179 ه. قال في ميلاد أمير المؤمنين عليه السلام:





  • وَلَدَتْهُ في حرم الإله وأمْنِهِ
    بيضاءُ طاهرةُ الثياب كريمةٌ
    في ليلةٍ غابت نُحوسُ نُجومها
    ما لُفّ في خِرقِ القوابل مثله
    إلّا ابن آمنةَ النبيُّ محمّدُ



  • والبيتُ حيث فِناؤه والمسجدُ
    طابت وطاب وليدُها والمولدُ
    وبَدَتْ مع القمر المنير الأسعُدُ
    إلّا ابن آمنةَ النبيُّ محمّدُ
    إلّا ابن آمنةَ النبيُّ محمّدُ



[
المناقب / ابن شهر آشوب175:2، روضة الواعظين / ابن الفتال: 81.]



2 - محمد بن منصور السرخسي.


قال في ميلاده عليه السلام:





  • ولَدته منجبة وكان ولادها
    وسقاه ريقته النبيّ ويا لها
    حتّى ترعرع سيداً سنداً رضاً
    عَبَد الإله مع النبيّ وإنّه
    قد كان بعدُ يُعدّ في الصبيانِ



  • في جوف كعبة أفضل الأكنانِ
    من شربةٍ تُغني عن الألبانِ
    أسداً شديدَ القلب غير جبانِ
    قد كان بعدُ يُعدّ في الصبيانِ
    قد كان بعدُ يُعدّ في الصبيانِ



[
المناقب / ابن شهر آشوب175:2.]



3 - أبو الحسن علاء الدين الشيخ علي بن الحسين الحلّي، المعروف بابن الشهفية، المتوفّى نحو سنة 700 ه.


قال في غديرية طويلة:





  • أم هل ترى في العالمين بأسرهم
    في ليلة جبريل جاء بها مع ال
    فلقد سما مجداً عليُّ كما علا
    شرفاً به دون البقاع المسجدُ



  • بشراً سواه ببيت مكّة يولدُ
    -ملأ المقدّس حوله يتعبّدُ
    شرفاً به دون البقاع المسجدُ
    شرفاً به دون البقاع المسجدُ



[
الغدير / الأميني360:6.]



4 - السيد عبدالعزيز بن محمّد بن الحسن الحسيني السريجي الأوالي، المتوفّى نحو سنة 750 ه.


قال من قصيدة في مدح أمير المؤمنين عليه السلام:





  • ولي بودّ أمير النحل حيدرة
    هاتِ الحديث سميري عن مناقبه
    مَن غَيرُه بَطَن العلم الخفيّ ومن
    من كان في حرم الرحمن مولده
    وحاطه اللَّه من بأسٍ وعدوانِ



  • شغلٌ عن اللهو والإطراب ألهاني
    ودع حديث رُبى نجدٍ ونعمانِ
    سواه قال اسألوني قبل فقداني
    وحاطه اللَّه من بأسٍ وعدوانِ
    وحاطه اللَّه من بأسٍ وعدوانِ



[
الغدير / الأميني20:6-21.]



5 - السيد حسين بن شمس الحسيني المعاصر للشيخ علي بن محمد بن يونس البياضي، المتوفى سنة 877 ه.


قال من اُرجوزة في تواريخ الأئمّة المعصومين عليهم السلام:





  • ومولد الوصي أيضاً في الحرم
    من بعد عام الفيل في الحساب
    عشر وعشرين بلا ارتياب



  • بكعبة اللَّه العليّ ذي الكرم
    عشر وعشرين بلا ارتياب
    عشر وعشرين بلا ارتياب



[
الصراط المستقيم / البياضي215:2.]



6 - المولى محمد طاهر بن محمّد حسين القمّي، المتوفّى سنة 1098ه. قال من قصيدة في مدح أمير المؤمنين عليه السلام:





  • قد ردّت الشمس للمولى أبي حسن
    طوبى له كان بيت اللَّه مولده
    كمثل مولده ما كان للرسل



  • روحي فدا المرتضى ذي المعجز الجلل
    كمثل مولده ما كان للرسل
    كمثل مولده ما كان للرسل



[
الغدير / الأميني320:11.]



7 - المحدّث الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي، المتوفّى سنة 1104 ه.


قال من اُرجوزة له في تواريخ المعصومين عليهم السلام:





  • مولده بمكّة قد عُرفا
    وذاك في ثالث عشر من رجب
    على رُخامةٍ هناك حمرا
    فيالها مزيّة عليّه
    ما نالها قطّ نبيّ مرسل
    أما سمعت قصّة ابن قعنب
    وإنّه محقّق مشهور
    طوبى لمن أحبّه ووالى
    ويل لمن أبغضه ومن عصى
    وذاك بعض ما به قد خصّصا



  • في داخل الكعبة زيدت شرفا
    فقدره علا وحقّه وجب
    معروفة زادت بذاك قدرا
    تخفض كلّ رُتبة عليّه
    ولا وصيّ آخرٌ وأوّل
    ينطق عن مقصودنا بالعجب
    يثبته المدقّق النحرير
    ومن أطاعه يجازى فضلا
    وذاك بعض ما به قد خصّصا
    وذاك بعض ما به قد خصّصا



[
علي عليه السلام وليد الكعبة / الأردوبادي: 55-56.]



8 - المولى محمد مسيح المعروف بمسيحا الفسوي الشيرازي، المتوفّى سنة 1127 ه.


قال من قصيدة في مدح أمير المؤمنين عليه السلام:





  • هو الذي كان بيت اللَّه مولده
    هو الذي من رسول اللَّه كان له
    مقام هارون من موسى بن عمرانِ



  • فطهّر البيت من أرجاس أوثانِ
    مقام هارون من موسى بن عمرانِ
    مقام هارون من موسى بن عمرانِ




[
الغدير / الأميني370:11، علي عليه السلام وليد الكعبة / الأردوبادي: 88.]



9 - السيد نصر اللَّه الحائري، الشهيد سنة 1154 ه.


قال من قصيدة علوية:





  • مَن شرّف البيت بميلاده
    وقد صفا عيش الصفا فيه وال
    -مروة أضحت بالهنا تخطرُ



  • وحِجْرُهُ والحَجَرُ الأنورُ
    -مروة أضحت بالهنا تخطرُ
    -مروة أضحت بالهنا تخطرُ




[
علي عليه السلام وليد الكعبة / الأردوبادي: 88.]



10 - الشيخ حسين نجف التبريزي النجفي، المتوفّى سنة 1252 ه.


قال من قصيدته العلوية الكبيرة:





  • جعل اللَّه بيته لعليّ
    لم يشاركه في الولادة فيه
    علم اللَّه شوقها لعليّ
    إذ تمنّت لقاءه وتمنّى
    ما ادّعى مدّعٍ لذلك كلّا
    فاكتست مكّة بذاك افتخاراً
    بل به الأرض قد علت إذ حوته
    فغدت أرضها مطاف سماها



  • مولداً يا له عُلاً لا يُضاهى
    سيد الرسل لا ولا أنبياها
    علمه بالذي به من هواها
    فأراها حبيبه ورآها
    من ترى في الورى يروم ادّعاها
    وكذا المشعران بعد مناها
    فغدت أرضها مطاف سماها
    فغدت أرضها مطاف سماها



[
الغدير / الأميني29:6.]



11 - الشيخ صالح بن درويش التميمي الكاظمي ت1261ه.


قال في همزيته التي عارض بها همزية البوصيري:





  • غايةُ المدحِ في عُلاك ابتداءُ
    لم تَلِد هاشميّةٌ هاشمياً
    وضعتهُ ببطن أول بيتٍ
    ذاك بيتٌ بفخره الاكتفاءُ



  • ليتَ شِعري ما تصْنَعُ الشعراءُ
    كعليّ وكُلّهم نُجباءُ
    ذاك بيتٌ بفخره الاكتفاءُ
    ذاك بيتٌ بفخره الاكتفاءُ




[
أعيان الشيعة 63: 36 طبعة ثانية عام 1380ه وما بعدها.]



12 - الشيخ حسين بن محمّد بن علي الفتوني الهمداني، من أعلام القرن الثالث عشر.


قال في اُرجوزته المسمّاة بالدوحة المهدية، التي فرغ منها سنة 1278 ه.





  • وفي ضُحى الجمعة قد تولّدا
    وكان ذا في كعبة الرحمن
    وقد روي أنّ الإمام المنتجب
    مولده بعد ثلاثين سنه
    من مولد النبيّ يقفو سننه



  • مطهراً مكرّماً مسدّدا
    لسبعة خلون من شعبان
    مولده ثالث عشر من رجب
    من مولد النبيّ يقفو سننه
    من مولد النبيّ يقفو سننه



[
علي عليه السلام وليد الكعبة / الأردوبادي: 89.]



13 - الشيخ محمد الصالح، المولد سنة 1297 ه.


قال من قصيدةٍ علوية:





  • بالبيت قد وضعته فاطمةٌ
    للَّه أُمّ أرضعت أسداً
    تاللَّه لو كُشف الغطاء رأت
    نوراً ومُلْتَقِماً لها ضَرْعا



  • رفعاً له قد شُرّفت وضعا
    رضع النبيّ علومه رضعا
    نوراً ومُلْتَقِماً لها ضَرْعا
    نوراً ومُلْتَقِماً لها ضَرْعا



[
الغدير / الأميني 94:6.]



14 - الميرزا إسماعيل الشيرازي، المتوفّى سنة 1305ه.


قال في موشّحته بمناسبة المولد المقدّس:





  • حبّذا آناء أُنسٍ أقبلت
    وضعت أمّ العُلى ما حملت
    مالكاً ثقل ولاء الأمم
    مثلما آنس موسى نار طور
    قرع السمع نداءٌ كندا
    ولدت شمس الضحى بدر التمام
    زاد يا بشراكُم هذا غلام
    بسنا أنواره في الظلم
    أقبلت تحمل لاهوت الأبد
    فله الأملاك خرّت سُجّدا
    سيّدٌ فاق عُلاً كلّ الأنام
    شرف اللَّه به البيت الحرام
    فوطا تربته بالقدم
    فوطا تربته بالقدم



  • أدركت نفسي بها ما أمّلت
    طاب أصلاً وتعالى محتدا
    آنست نفسي من الكعبة نور
    يوم غشّى الملأ الأعلى سرور
    شاطئ الوادي طوى من حرمٍ
    فانجلت عنّا دياجير الظلام
    وجهه فلقة بدرٍ يهتدى
    هذه فاطمة بنت أسد
    فاسجدوا ذُلّاً له في من سجد
    إذ تجلّى نوره في آدم
    كان إذ لا كائنٌ وهو إمام
    حين أضحى لعلاه مولدا
    فوطا تربته بالقدم



[
الغدير / الأميني 29:6-32.]



14 - السيد مصطفى بن الحسين الكاشاني النجفي، المتوفّى سنة 1336.


قال من قصيدة يمدح بها أمير المؤمنين عليه السلام:





  • أنت شرّفت زمزماً والمصلّى
    حازت الكعبة التي خارها الل
    -ه بميلادك السعيد فَخَارا



  • بل وركن الحطيم والمستجارا
    -ه بميلادك السعيد فَخَارا
    -ه بميلادك السعيد فَخَارا




[
علي عليه السلام وليد الكعبة / الأردوبادي: 93.]



15 - عبدالمسيح الأنطاكي: المتوفّى سنة 1341ه.


قال في قصيدته العلوية التي تربو على خمسة آلاف بيت:





  • في رحبة الكعبة الزهرا قد انبثقت
    واستبشر الناس في زاهي ولادته
    قالوا ابن من فأُجيبوا إنّه ولد
    هنّوا أبا طالب الجواد والده
    إنّ الرضيع الذي شام الضياء ببي
    أمّا الوليد فلاقى الأرض مبتسماً
    فما رغا رهباً ما كان خاشيها



  • أنوار طفلٍ وضاءت في مغانيها
    قالوا السعود له لابدّ لاقيها
    من نسل هاشم من أسمى ذراريها
    والأُمّ فاطمة هبّوا نهنّيها
    -ت اللَّه عزّته لا عزّ يحكيها
    فما رغا رهباً ما كان خاشيها
    فما رغا رهباً ما كان خاشيها




[
علي عليه السلام وليد الكعبة / الأردوبادي: 79-80.]



17 - السيد رضا الهندي، المتوفّى سنة 1362 ه.


قال في مدح أمير المؤمنين عليه السلام:





  • لمّا دعاك اللَّه قدماً لأن
    شكرته بين قريش بأن
    طهّرت من أصنامهم بيته



  • تولد في البيت فلبّيته
    طهّرت من أصنامهم بيته
    طهّرت من أصنامهم بيته



[
ديوان السيد رضا الهندي: 25.]



18 - السيد حسن بن محمود الأمين، المتوفّى سنة 1368ه.


قال من قصيدة بائية طويلة:





  • وُلِدتَ في البيت بيت اللَّه فارتفعت
    وتلك منزلةٌ لم يؤتها بشرٌ
    بلى ومرتبة طالت على الرُّتبِ



  • أركانه بك فوق السبعة الحُجبِ
    بلى ومرتبة طالت على الرُّتبِ
    بلى ومرتبة طالت على الرُّتبِ



[
أعيان الشيعة285:5.]



18 - السيد محسن الأمين العاملي، المتوفّى سنة 1371 ه.


قال في مقصورته العلوية:





  • لك يا أمير المؤمنين مناقبٌ
    مشهورة لا يستطاع جحودها
    نصّ الغدير كفاك فضلاً إنّه
    هي من فضائلك العظيم الشأن إح
    وولدت في البيت الحرام ولم يكن
    يكفيك ما قد جاء في التطهير أو
    في "قُلْ تَعالَوْا" أو أتى في "هَلْ أتى"



  • ظهرت ظهورالشمس في وقت الضُّحى
    فالناس مذعنةٌ بها حتى العدى
    لك في الرقاب جميعها عقد الولا
    -داها إلى أمثالها الفضل انتهى
    هذا لغيرك من يكون ومن مضى
    في "قُلْ تَعالَوْا" أو أتى في "هَلْ أتى"
    في "قُلْ تَعالَوْا" أو أتى في "هَلْ أتى"



[
علي عليه السلام وليد الكعبة / الأردوبادي: 104-105.]



وله أيضاً:





  • ولدت ببيت اللَّه وهي فضيلة
    خُصصتَ بها إذ فيك أمثالها كُثرُ



  • خُصصتَ بها إذ فيك أمثالها كُثرُ
    خُصصتَ بها إذ فيك أمثالها كُثرُ




[
أعيان الشيعة323:1.]



20 - الأستاذ جعفر النقدي، المتوفّى سنة 1372 ه.


قال في قصيدةٍ يمدح بها أمير المؤمنين عليه السلام:





  • لا تعجبوا إذ أتى في البيت مولده
    لأنّ فوق الثرى من أجله رُفع الب
    يتُ العتيقُ وفيهِ خُصّ بالرُّتبِ



  • فليس ذلك من علياه بالعجب
    يتُ العتيقُ وفيهِ خُصّ بالرُّتبِ
    يتُ العتيقُ وفيهِ خُصّ بالرُّتبِ





وله أيضاً:





  • زهرت به أكناف مكّة منذ غدا
    ما البيت شرّفه ولكن شرّف ال
    -بيتُ الحرام بساطع الأنوار



  • ميلاده في البيت ذي الأستارِ
    -بيتُ الحرام بساطع الأنوار
    -بيتُ الحرام بساطع الأنوار



ِ


وله أيضاً:





  • من خصّ مولده في بيته شرفاً
    لذاك قبلة من صلّى لخالقه
    غدا ومقصد من للحجّ يأتيه



  • للبيت يوم أقام البيت بانيه
    غدا ومقصد من للحجّ يأتيه
    غدا ومقصد من للحجّ يأتيه



[
علي عليه السلام وليد الكعبة: 103.]



20 - السيد علي نقي النقوي الهندي، المتوفّى نحو سنة 1380 ه.


قال في موشّحة بمناسبة ميلاد أمير المؤمنين عليه السلام:





  • من بدا فازدهر البيت الحرام
    طرب الكون لبشرٍ وهَنَا
    وأَتَى الوحي ينادي معلنا
    وأبو الغرّ الهداة النجب
    ومزايا أشرقت غُرّاً وضاح
    فغدا مولده خير مقام
    إنّه أوّل بيت وضعا
    وعلى الحاضر والبادي معا
    طاعة تتّبع أقصى القرب
    وملاذ ترتجى فيه النجاة
    فلئن يأت إليه مستهام
    تلكم فاطمة بنت أسد
    ودعت خالقها الباري الصمد
    قد علّته قبسات اللهب
    قاضي الحاجات للمستصرخين
    إنّني جئتك من دون الأنام
    بينما كانت تناجي ربّها
    وإذا بالبشر غشّى قلبها
    عن سنا ثغرٍ له ذي شنب



  • وزهت منه ليالي رجب
    إذ بدا الفخر بنورٍ وسنا
    قد أتاكم حجّة اللَّه الإمام
    خصّه الرحمن بالفضل الصراح
    وسما منزله هام الضراح
    طأطأت فيه رؤوس الشُّهبِ
    للورى طُرّاً فأضحوا خُضّعا
    حجّة أصبح فرضاً ولزام
    وهو في القبلة في كلّ صلاة
    وقد استخلصه اللَّه حماة
    في ملمّ داعياً يستجبِ
    أمّت البيت بكرب وكمد
    بحشاً فيه من الوجد الضرام
    نادت اللهمّ ربّ العالمين
    كاشف الضّر مجيب السائلين
    أبتغي عندك كشف الكرب
    وإلى الرحمن تشكو كربها
    من جدار البيت إذ لاح ابتسام
    عن سنا ثغرٍ له ذي شنب




[
الشَّنب: جمال الثغر وصفاء الأسنان.]






  • دخلت فاطم فارتدّ الجدار
    إذ تجلّي النور وانجاب الشرار
    والورى تنجو به من عطب
    إذ تعالى عن مثيلٍ في علاه
    فغذاه درّه قبل الفطام
    آية اللَّه علي المرتضى
    حكمهُ جارٍ وعدلٌ ما قضى
    يرشد الناس الى دار السلام



  • مثلما كان ولم يكشف ستار
    عن سنا بدرٍ به يجلو الظلام
    لم يكن في البيت مولودٌ سواه
    أوتي العلم بتعليم الإله
    يرتوي منه بأهنا مشرب
    لم يزل للدين سيفاً منتضى
    يرشد الناس الى دار السلام
    يرشد الناس الى دار السلام




كلّهم من عجمٍ أو عرب


[
الغدير / الأميني33:6-35، شعراء الغري / اليعقوبي436:6-438.]



وله من قصيدة أُخرى ميلادية يباري بها قصيدة إيليا أبي ماضي:





  • طرب الكون من البشر وقد عمّ السرور
    وتهانت ساجعاتٍ في ذرى الأيك الطيور
    لم ذا البشر وما هذي التهاني؟



  • وغدا القمريّ يشدو في ابتسام للزهور
    لم ذا البشر وما هذي التهاني؟
    لم ذا البشر وما هذي التهاني؟








  • أشرقت طلعة نور عمّت الكون ضياءا
    وتفحّصت فلم أدرك هناك الكهرباءا
    فبماذا ضاء هذا الكون نورا؟



  • لا أرى بدراً على الأفُق ولم أبصر ذُكاءا
    فبماذا ضاء هذا الكون نورا؟
    فبماذا ضاء هذا الكون نورا؟








  • قمت أستكشف عنه سائلاً هذا وذاك
    وإذا الآراء طُرّاً في اصطدامٍ واصطكاك
    وأخيراً عمّها العجز فقالت:



  • فرأيت الكلّ مثلي في اضطراب وارتباك
    وأخيراً عمّها العجز فقالت:
    وأخيراً عمّها العجز فقالت:








  • وإذا نبّهني عاطفة الحبّ الدفين
    أنّه ميلاد مولانا أمير المؤمنين
    فدع الجاهل والقول بأنّي



  • وتظيَّنْتُ وظن الألمعي عين اليقين
    فدع الجاهل والقول بأنّي
    فدع الجاهل والقول بأنّي









  • لم يكن في كعبة الرحمن مولود سواه
    وتولّى ذكره في محكم الذكر الإله
    أيقول الغِرّ فيه بعد هذا:



  • إذ تعالى في البرايا عن مثيل في علاه
    أيقول الغِرّ فيه بعد هذا:
    أيقول الغِرّ فيه بعد هذا:





[
الغدير / الأميني35:6-37، شعراء الغري اليعقوبي438:6-441.]



21 - الشيخ محمّد علي الأردوبادي، المتوفّى سنة 1380ه.


قال من قصيدة في مدح أمير المؤمنين عليه السلام:





  • لقد شرف البيت في مولد
    بنفس الرسول وزوج البتول
    وباب مدينة علم النبي
    وجاء مطهّر بيت الإله
    أزاح عن البيت أوثانهم
    وكان الخليلُ له رافعاً
    فليس من البدع أن اُسدلت
    على شبله منه تلك السجف



  • زهت بسناه عراص النجف
    وأصل العقول ومعنى الشرف
    وصارم دعوته والخلف
    فعن مجده كلّ رجسٍ قذف
    وأزهق من عَن هُداه صدف
    قواعده فلّه ما رصف
    على شبله منه تلك السجف
    على شبله منه تلك السجف



[
علي عليه السلام وليد الكعبة / الأردوبادي: 105.]



وله أيضاً:





  • سبق الكرام فهاهمُ لم يلحقوا
    إذ خصّه المولى بفضل باهر
    لم يتّخذ ولداً وما أن يتّخذ
    في البيت مولده يحقّق أنّه
    دون الأنام ذُبالة في زيته



  • في حلبة العلياء شأو كُمَيْتِهِ
    فيه يميّزْ حيّه من مَيْتِهِ
    إلّا وكان ولاده في بَيْتِهِ
    دون الأنام ذُبالة في زيته
    دون الأنام ذُبالة في زيته



[
الغدير / الأميني33:6.]



وله أيضاً:





  • وليس ولادهُ في البيت بدعاً
    وهذا البيت بيت أبيه قدماً
    وفاطمة به وضعت غُلامه



  • فإبراهيم شاد له دعامه
    وفاطمة به وضعت غُلامه
    وفاطمة به وضعت غُلامه




[
علي عليه السلام وليد الكعبة / الأردوبادي: 94.]



22 - الشاعر المسيحي بولس سلامة


قال في ملحمته التاريخيّة الكبرى المسمّاة "عيد الغدير":


[
الغدير / الأميني37:6-38، علي عليه السلام وليد الكعبة / الأردوبادي: 105-106.]



وبعد عرض كلّ هذه الأرقام تبيّن لنا اتّفاق علماء المسلمين بمن فيهم المحدّثون والمؤرّخون المتقدّمون والمتأخرون على ولادة أمير المؤمنين عليه السلام في البيت العتيق، وليس ذلك من مزاعم الشيعة وحدهم، ولا هو ضعيف عند العلماء والمحدّثين، على ما ذكره أصحاب الاتّجاه الثاني في ما قدّمناه.


وآخر دعوانا أن الحمد للَّه ربّ العالمين




/ 2