امامة و اهل البیت جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

امامة و اهل البیت - جلد 2

محمد بیومی مهران

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



الامامة و اهل البيت "المجلد 2"


تقديم



"والحمد لله رب العالمين"


"والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين"


"مولانا وسيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين"


"اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم وبارك على محمد وعلي آل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد".


تحدثنا في الجزء الأول من كتابنا هذا "الإمامة وأهل البيت" عن الإمامة، ثم عن التشيع لآل البيت النبوي الشريف. ونتابع- بمشيئة الله تعالى- في هذا الجزء الثاني مسيرتنا مع آل البيت، فنتحدث عن الإمام علي وأحقيته في الإمامة، وأدلة ذلك من الكتاب والسنة، ثم نتحدث عن الأئمة خلفاء الإمام علي في الجزء الثالث.


والله تعالى أسأل، أن يجنبنا الزلل، وأن يشملنا برحمته وغفرانه، وأن يعفو عنا- عن أخطائنا- وأن يجعل في هذه الدراسة "في رحاب النبي وآل بيته الطاهرين"- بأجزائها التي امتدت حتى أصبح هذا الجزء يمثل فيها "الجزء الحادي عشر"- أسأل الله تعالى أن يجعل فيها بعض النفع، ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين، "وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب".


وصلى الله على سيدنا ومولانا وجدنا، محمد رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته المكرمين.


والحمد لله حمدا يليق بجلاله، ويقربنا إلى مرضاته سبحان، فيقبلنا- بمنه وكرمه- في أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، عبادا لله قانتين، وللنبي الأمي الكريم تابعين، وبهديه مقتدين، إنه سميع قريب، مجيب الدعوات، رب العالمين.


بولكلي- رمل الإسكندرية في أول يناير 1993 م الثامن من رجب عام 1413 هـ:


دكتور محمد بيومي مهران


الأستاذ بكلية الآداب- جامعة الإسكندرية


الامام علي و الإمامة



من خصائص الإمام علي


الإمام علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، سيد القوم، محب المشهود، ومحبوب المعبود، باب مدينة العلم والعلوم ورأس المخاطبات، ومستنبط الإرشادات، راية المهتدين، ونور المطيعين، وولي المتقين، وإمام العادلين، أقدمهم إجابة وإيمانا، وأقومهم قضية وإتقانا، وأعظمهم حلما، وأوفرهم علما، قدوة المهتدين، وزينة العارفين، المنبئ عن حقائق التوحيد، المشير إلى لوامع علم التفريد، صاحب القلب العقول، واللسان السؤول، والأذن الواعي، والعهد الوافي، فقاء عيون الفتن، ووقي من فنون المحن، فدفع الناكثين، ووضع القاسطين، ودفع المارقين، الأخيشن في دين الله، الممسوس في ذات الله


[
أبو نعيم الأصفهاني: حلية الأولياء وطبقات الأصفياء "1 / 61- 62 دار الفكر".]


والإمام علي هو أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصهره، وابن عمه، وأبو سبطيه- الحسن والحسين- وكاتب وحيه، وحامل رايته، وأحد العشرة المبشرين بالجنة.


وكان الإمام علي يكنى "بأبي الحسن"- نسبة إلى ولده الإمام الحسن-


و "بأبي السبطين- نسبة إلى ولديه- الحسن والحسين- سبطي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكناه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، "بأبي الريحانتين"- الحسن والحسين- لقوله صلى الله عليه وسلم،:


"سلام عليك يا أبا الريحانتين" و "بأبي تراب"، وذلك عندما وجده نائما في المسجد النبوي الشريف، فأيقظه ومسح التراب عنه، وقال له: "قم يا أبا تراب"، وكانت تلك أحب كنى الإمام علي، وأقربها إلى قلبه، لأنها تسمية من حبيبه وكافله، وقدوته ومثله الأعلى، ولأنها اقترنت بمسحه بيده الشريفة، التي أزال التراب بها عن بدنه الطاهر.


وقد فسق ناس من بني أمية عن أمر ربهم، فأذاعوا بين من تبعهم من الناس على غيهم، أن هذه الكنية إنما تدل على الحط من مكانة الإمام علي، عند النبي صلى الله عليه وسلم، فساء قولهم، كما ساء فعلهم.


والإمام علي- رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة- هو رابع الخلفاء الراشدين، وأول الخلفاء الهاشميين، علم العلماء، وفارس الفرسان، وخطيب الخطباء، وأزهد الزهاد، أول الناس إسلاما، وأول من شرى نفسه في الله، ليلة الهجرة المباركة، وأول هاشمي يولد من أبوين هاشميين، هما أبناء عم في نفس الوقت، وقد ولد في الكعبة المشرفة، حوالي عام 600 م "23 قبل الهجرة"، وتوفي في الكوفة شهيدا في 17 رمضان سنة 40 هـ "25 يناير 661 م".


هذا وقد تميز الإمام علي بن أبي طالب- رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة- على غيره من أقرانه- فضلا عن أن يكون ذلك على أمة الإسلام جميعا- بميزات ثلاث هي:


ثناء النبي على الإمام علي أكثر من غيره من الصحابة



لقد أثنى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، على ربيبه، وابن عمه، وزوج ابنته الزهراء، وأبو سبطيه، الإمام علي بن أبي طالب، بما لم يثن به على غيره من الصحابة الكرام، رضوان الله عليهم.


روى الإمام أحمد في الفضائل بسنده عن عكرمة عن ابن عباس قال:


"سمعته يقول: ليس من آية في القرآن، يا أيها الذين آمنوا، إلا وعلي رأسها وأميرها وشريفها، ولقد عاتب الله أصحاب محمد في القرآن، وما ذكر عليا إلا بخير" "وذكره المحب الطبري في ذخائر العقبى، وفي الرياض النضرة"


[
الإمام أحمد بن حنبل: كتاب فضائل الصحابة 2 / 654- حديث رقم 1114 "بيروت 1983".]


وروى الحافظ أبو نعيم في حليته بسنده عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم،: "ما أنزل الله آية فيها "يا أيها الذين آمنوا"، إلا وعلي على رأسها وأميرها"


[
حلية الأولياء 1 / 64.]


وفي تاريخ الخلفاء: وأخرج "الطبراني"


[
الطبراني: هو أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الطبراني، ولد عام 262 هـ "873 م" في عكا، وتوفي في أصبهان عام 360 هـ "971 م"، أصل أبويه من طبريه، تلقى الحديث على ألف شيخ، أو يزيدون، على مدى 30 سنة، وأما أهم آثاره "المعجم الكبير في أسماء الصحابة- المعجم الأوسط- المعجم الصغير- مكارم الأخلاق- فضل الرمي وتعليمه- كتاب الأوائل- كتاب الدعاة- الأحاديث الطوال حديث لأهل البصرة" وأهم مصادر ترجمته "أخبار أصبهان لأبي نعيم 1 / 335- 336، التهذيب لابن عساكر 6 / 240- 242، تذكرة الحفاظ للذهبي ص 912- 917، ميزان الاعتدال للذهبي 1 / 408- 409، الأعلام 3 / 181، معجم المؤلفين 4 / 253، البداية والنهاية 11 / 270، مرآة الجنان للشافعي 2 / 372، لسان الميزان لابن حجر 3 / 73- 75، وفيات الأعيان 2 / 407، شذرات الذهب 3 / 30، سزكين: تاريخ التراث العربي 1 / 393- 396".] وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: ما أنزل "يا أيها الذين آمنوا"، إلا وعلي أميرها وشريفها، ولقد عاتب الله أصحاب محمد في غير مكان، وما ذكر عليا إلا بخير


[
السيوطي: تاريخ الخلفاء ص 171، ابن حجر الهيثمي: الصواعق المحرقة ص 196.]، وأخرج "ابن عساكر"


[
ابن عساكر: هو الحافظ أبو القاسم علي بن أبي محمد الحسن بن هبة الله أبي الحسن بن عبد الله بن الحسين المعروف "بابن عساكر" الدمشقي الملقب "ثقة الدين"، كان محدث الشام في وقته، ومن أعيان فقهاء الشافعية، غلب عليه الحديث فاشتهر به، ولد في أول المحرم عام 499 هـ، وتوفي في 11 رجب عام 571 هـ بدمشق، كتب تاريخ دمشق في ثمانين مجلدا، كما كتب الموافقات والأطراف للسنن ومعجم شيوخه ومناقب الشبان وفضل أصحاب الحديث، وتبيين كذب المفتري على الشيخ أبي الحسن الأشعري، وأما أهم مصادر ترجمته "وفيات الأعيان 3 / 309- 311، شذرات الذهب 4 / 239- 240، ومعجم الأدباء 13 / 73، وطبقات السبكي 4 / 273، البداية والنهاية 12 / 294 وعبر الذهبي 4 / 212".]، عن ابن عباس قال: ما نزل في أحد من كتاب الله تعالى، ما


نزل في علي، وأخرج "ابن عساكر" عن ابن عباس قال: نزلت في علي ثلاثمائة آية


[
السيوطي: تاريخ الخلفاء ص 171، الصواعق المحرقة 196.]


وأخرج الخطيب البغدادي في تاريخه بسنده عن ابن عباس قال: نزلت في علي ثلاثمائة آية


[
تاريخ بغداد 6 / 221.] وروى الحاكم في المستدرك


[
المستدرك للحاكم 3 / 107.] بسنده عن محمد بن منصور الطوسي يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، من الفضائل، ما جاء لعلي بن أبي طالب.


وقال إسماعيل القاضي والنسائي وأبو علي النيسابوري: لم يرد في حق أحد من الصحابة، بالأسانيد الحسان، أكثر ما جاء في علي


[
نور الأبصار ص 81، إسعاف الراغبين ص 150، الإستيعاب لابن عبد البر 3 / 51، ابن قتيبة:


الإمام والسياسة ص 93، النسائي: تهذيب خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ص 7، الصواعق المحرقة ص 186.]، وقال الذهبي في تلخيص الموضوعات: لم يرد لأحد من الصحابة في الفضائل، أكثر مما روي لعلي، رضي الله عنه، وهي ثلاثة أقسام: صحاح وحسان وضعاف


[
ابن حجر الهيثمي: الصواعق المحرقة ص 186.]


وقال "ابن عبد ربه" في عقده الفريد: قال بعض العلماء لولده: يا بني، إن الدنيا لم تبن شيئا، إلا هدمه الدين، وإن الدين لم يبن شيئا فهدمته الدنيا: ألا ترى أن قوما "يعني معاوية وبني أمية" لعنوا عليا، ليخفضوا منه، فكأنما أخذوا بناصيته إلى السماء


[
ابن عبد ربه: العقد الفريد 5 / 115 "بيروت 1983".]


وروى عبد الله بن عثمان الثقفي قال: حدثنا ابن أبي سيف قال: قال ابن


لعامر بن عبد الله بن الزبير لولده: لا تذكر يا بني عليا إلا بخير، فإن بني أمية لعنوه على منابرهم ثمانين سنة، فلم يزده الله بذلك إلا رفعة، إن الدنيا لم تبن شيئا قط، إلا رجعت على ما بنت فهدمته، وإن الدين لم يبن شيئا قط، وهدمه


[
ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة 13 / 221 "بيروت 1967".]


ولعل السبب في ذلك- فيما يرى السيد السمهودي في "جواهر العقدين"- إن الله تعالى أطلع نبيه صلى الله عليه وسلم، على ما يكون بعده، مما أبتلي به الإمام علي، وما وقع من الاختلاف لما آل إليه أمر الخلافة، فاقتضى ذلك نصح الأمة، بإشهاره بتلك الفضائل، لتحصل النجاة لمن تمسك به ممن بلغته، ثم لما وقع ذلك الخلاف، والخروج على الإمام علي، نشر من سمع من الصحابة تلك الفضائل، وبثها نصحا للأمة أيضا.


ثم لما اشتد الخطب، واشتغلت طائفة من بني أمية بتنقيص الإمام علي- رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة- وسبه على المنابر، ووافقهم الخوارج- لعنهم الله- بل قالوا: بكفره، اشتغلت جهابذة الحفاظ من أهل السنة، ببث فضائله: حتى كثرت نصحا للأمة، ونصرة للحق


[
نور الأبصار ص 81، الصواعق المحرقة ص 186.]


وأخرج السلفي في "الطيوريات" عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال:


سألت أبي عن علي ومعاوية، فقال: إعلم أن عليا كان كثير الأعداء، ففتش له أعداؤه عيبا فلم يجدوا، فجاءوا إلى رجل قد حاربه وقاتله، فأطروه كيادا منهم له


[
السيوطي تاريخ الخلفاء ص 199.]


وهكذا اهتم العلماء بتعداد مناقب الإمام علي وخصائصه منذ القدم، وقد لخص "الزمخشري"


[
الزمخشري "أنظر عن مصادر ترجمته: وفيات الأعيان 5 / 168- 174، لسان الميزان 6 / 4، الجواهر المضيئة 2 / 160، أبناء الرواة 3 / 265، شذرات الذهب 4 / 118- 121، عبر الذهبي 4 / 106، طبقات المعتزلة ص 20.] "467- 538 هـ"- الإمام الكبير في التفسير والحديث


والنحو واللغة وعلم البيان- شيئا منها، فيما صنفه عن مناقب العشرة المبشرين بالجنة، وأفرد لها الإمام النسائي


[
النسائي: هو الإمام أبو عبد الرحمن أحمد بن علي بن شعيب بن علي النسائي، ولد عام 215 هـ / 830 م، وتوفي في الرملة عام 303 هـ / 915 م، وسمع الحديث في خراسان والعراق والشام والحجاز ومصر، وأقام بها وقتا طويلا: ثم سكن دمشق، وقد اتهم بالتشيع، لأنه لما سئل عن فضائل معاوية قال: أما يرضى معاوية أن يخرج رأسا برأس حتى يفاضل، وفي رواية: ما أعرف له فضيلة، ألا لا أشبع الله بطنه، فأخرجوه من المسجد، وقد اشتهر بكتاب "السنن"، وكتاب خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وكتاب الضعفاء والمتروكين، وكتاب تسمية فقهاء الأمصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأهم مصادر ترجمته "وفيات الأعيان 1 / 77- 79، تذكرة الحفاظ ص 698- 701، شذرات الذهب 2 / 239، طبقات الشافعية للسبكي 2 / 83- 84، البداية والنهاية 11 / 123- 124، مرآة الجنان للشافعي 2 / 240- 241، الأعلام 1 / 164، معجم المؤلفين 1 / 244، حسن المحاضرة للسيوطي 1 / 197- 198، التهذيب لابن حجر 1 / 36- 39.] "215- 303" مصنفا خاصا سماه "خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه"


[
أنظر: النسائي: تهذيب خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه "دار الباز- بيروت 1983".]، وكتب "ابن المغازلي" كتابه "مناقب علي بن أبي طالب، رضي الله عنه"، وخصص الإمام أحمد بن حنبل معظم كتابه "فضائل الصحابة"، لمناقب الإمام علي


[
الإمام أحمد بن حنبل: فضائل الصحابة "1 / 528- 551، 2 / 555، 738"- بيروت 1983- نشر جامعة أم القرى بمكة المكرمة.]، هذا فضلا عن الكثير والكثير من الكتب التي صدرت في العصر الحديث عن سيدنا ومولانا الإمام علي بن أبي طالب- رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة- ومناقبه التي لا تبارى.


ومن المعروف أن بني أمية- وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان، مؤسس دولتهم- إنما كانوا يسبون الإمام علي- رضوان الله عليه- وآل بيته، على منابر المسلمين، حتى أن قوما من بني أمية أنفسهم، قالوا لمعاوية: يا أمير المؤمنين،


إنك قد بلغت ما أملت، فلو كففت عن لعن هذا الرجل "أي الإمام علي"، فقال: لا والله، حتى يربو عليها الصغير، ويهرم عليها الكبير، ولا يذكر له ذاكر فضلا


[
ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة 4 / 57 "بيروت 1979".]


ويحدثنا الإمام الطبري في تاريخه


[
تاريخ الطبري 5 / 253- 254 "دار المعارف- القاهرة 1979".]: أن معاوية بن أبي سفيان قال للمغيرة بن شعبة- حين ولاه الكوفة- "وقد أردت إيصاءك بأشياء كثيرة، فأنا تاركها، اعتمادا على بصرك، بما يرضيني، ويسعد سلطاني، ويصلح به رعيتي، ولست تاركا إيصاءك بخصلة: لا تتحم "لا تتورع" عن شتم علي وذمه، والترحم على عثمان والاستغفار له، والعيب على أصحاب علي، والإقصاء لهم، وترك الاستماع منهم، وبإطراء شيعة عثمان، رضوان الله عليه، والإدناء لهم، والاستماع منهم، فقال المغيرة: قد جبرت وجربت، وعملت قبلك لغيرك، فلم يذمم بي دفع، ولا رفع ولا وضع، فستبلو، فتحمد أو تذم، قال: بل نحمد، إن شاء الله.


وأقام المغيرة على الكوفة عاملا لمعاوية سبع سنين وأشهرا، وهو من أحسن سيرة: وأشد حبا للعافية: غير أنه لا يدع ذم علي: والوقوع فيه


[
أنظر: شرح نهج البلاغة 4 / 69- 70.]


واستمرت هذه المهزلة الأموية- أو قل الخسيسة المعاوية- دونما وازع من دين أو خلق، فأما الدين فإن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:- كما في رواية البخاري- "سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر"


[
صحيح البخاري 9 / 63.]، وأما في الخلق، فإن سب الموتى دناءة، خاصة إذا كان هذا الميت هو الإمام علي بن أبي طالب، أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن المعروف أن معاوية قد فعل الاثنين مع الإمام علي "السب والقتال".


وعلى أية حال، فلقد استمر معاوية وخلفاؤه الأمويون يشتمون ويلعنون أفضل أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، على منابر المساجد في كل جمعة، وفي كافة أنحاء العالم الإسلامي- وفي مكة والمدينة بوجه خاص- حتى كان عهد الخليفة الراشد "عمر بن عبد العزيز" "99- 101 هـ / 717- 720"- رضوان الله عليه-


ورغم أن الرجل أموي، فقد كان على غير سنة قومه، ولم يقترف بدعتهم هذه، فترك لعن الإمام علي على المنابر، وجعل مكانه قوله تعالى: "ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان * ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم"


[
سورة الحشر: آية 1.]، وقيل قول الله تعالى: "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى * وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون"


[
سورة النحل: آية 9.] وقيل: بل جعلهما معا، فاستعمل الناس ذلك في الخطبة إلى يوم الناس هذا.


ومن عجب أن الإمام علي إنما كان يعلم أن معاوية سيجبر الناس على سبه، فقال: "أما إنه سيظهر بعدي رجل، رحب البلعوم، مندحق البطن، يأكل ما يجد، ويطلب ما لا يجد، فاقتلوه، ولن تقتلوه، ألا وإنه سيأمركم بسبي والبراءة مني، فأما السب فسبوني، فإنه لي زكاة، ولكم نجاة، وأما البراءة فلا تتبرأوا مني، فإني ولدت على الفطرة، وسبقت إلى الإيمان والهجرة"


[
ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة 4 / 54، الإمام محمد عبده: نهج البلاغة ص 72 "كتاب الشعب".]


ولم يكتف معاوية بذلك، وإنما طلب من عبد الله بن عباس أن لا يتحدث عن فضائل الإمام علي وآل البيت، فقال: "قد كتبنا في الآفاق ننهى عن ذكر مناقب علي، فكف لسانك، قال ابن عباس: أتنهانا يا معاوية عن قراءة القرآن، قال معاوية: لا، قال ابن عباس: أتنهانا عن تأويله- أي تفسيره- قال معاوية:


نعم، قال ابن عباس: أنقرأه ولا نسأل عما أراد الله بكلامه، وأيهما واجب علينا


/ 45