معرفة اهل البيت عليه السلام - معرفة اهل البیت (علیه السلام) فی ضوء الکتاب و السنه نسخه متنی

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

معرفة اهل البيت عليه السلام

المقدمه:

ان معرفة اهل البيت عليه السلام لها منزلة مهمه فيما بين البحوث العقائدية و ذلك لنزول آى من القرآن الكريم بهذا المصطلح و قد كثرت الروايات الواردة عن النبى 7 فى ذكر هذا الامر فلابد لنا من ان نعرف من هم اهل البيت 7 و ماهى حقوقهم على الامةالاسلاميه. و ما هى منزلتهم عندالله تعالى و ما هى المميزات و الخصائص التى يتميزون و يختصون بها دون غيرهم.و لماذا كثر العداء لاهل هذاالبيت. فتعرضوا لمزيد من الظلم و الاضطهاد و التشريد. و تعرّض تاريخهم المشرق لمزيد من التشويه و التحريف. و واجهتم السلطات الحاكمه باقصائهم عن المسرح السياسى و قاموا بتهميش دورهم فى المجتمع ولكنّ اللّه تعالى ابى الا ان يتم نوره ولو كرهالكافرون. كل هذا ما سنتعرف عليه من خلال هذه الدراسه الموجزه التى كلّفت بها من قبل الاخوة الاعزاء فى لجنة البحوث والتحقيق التابعه لبعثة ولى امر المسلمين سماحة الامام الخامنئى دام ظله،فلبيّت الطلب مجيبا على رغم كثرة الاعمال و زحمتها سائلا المولى القديران يوفقنى فى سعى هذا ويوفق المخلصين لما خدمة الاسلام و المسلمين. وسيكون البحث من خلال الاجابه لعدة اسئله وردت فى المقام مراعيا فى ذلك الاختصار مع وضوح المطلب و اللّه تعالى ولى التوفيق.

اولا:من هم اهل البيت النبى عليه السلام

لمعرفة معنى عبارة (اهل البيت) لابد لنا من أن نراجع نوعين من المصادر اللغويه:

النوع الاول:القواميس اللغويه العامه التى توضح المعنى الغوى من مثل لسان العرب، تاج العروس و غيرها من معاجم اللغه.

النوع الثانى:المعاجم الخاصه و المعاجم الحديثيه التى توضح المقصود من ذلك المصطلح من مثل مجمع البحرين و مفردات الراغب و غيرها.

فما ورد فى لسان العرب فى بيان معنى كلمة (اهل):

الاهل: اهل الرجل و اهل الدار. هل الرجل: عشيرته و ذوقرباه و الجمع اهلون و فى الحديث: اهل الاقرآن هم اهل اللّه و خاصته اى حفظة القرآن العاملون به هم اولياءاللّه و المختصون به اختصاص اهل الانسان و اهل المذهب من يدين به و اهل الرجل اخص الناس به(1).

عن جمع البحرين قال: اهل الرجل: آله و هم اشياعه و اتباعه و اهل ملته. ثم كثر استعمال الاهل و الال حتى سمى بها اهل بيت الرجل لانه اكثر من يتبعه(2).

بعدان تعرفنا على المعنى الغوى فهل لهذه المفردة من معنى اختصاصى و هل تعيّن المعنى الاختصاصى فصار حقيقة فيه نعم حصل ذلك بفعل كثرة الروايات التى وردت عن النبى صلى الله عليه وآله مرارا و تكرارا يبين فيها صلوات اللّه و سلامه عليه من المقصود بعبارة (اهل البيت عليه السلام)فكان النبّى صلى الله عليه وآله اراد ان ينقل الاذهان الى معنى متعيّن يكون حقيقة فيه على غرار كلمة حيث تم نقلها من معنى الى معنى آخر صار حقيقة فيه يغاير المعنى السابق او اخص منه.

فنقول: ان معنى عبارة (اهل البيت، و اهل بيت النبى صلى الله عليه وآله) المقصود من ذلك هم: على بن ابى طالب و فاطمة الزهراءو الحسن و الحسين ابناهما و الائمة الستعة المعصومين من بعد الحسين عليه السلام. و هذا هو مراد النبى رضى الله عنه كيف

و ذلك من خلال سنتعرّف حرف على جملة من الروايات التى وردت فى تبيان شأن النزول للاية الشريفة: اية التطهير ( بانما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت و يطهّركم تطهيرا )(3).

اذكان النبى صلى الله عليه وآله حريصا على تحديد و تشخيص عنوان (اهل البيت) الذى نزل فيهم قرآن من اللّه عزّوجّل مانعا عن استعمال هذا العنوان فى غير اهله و من ادخال من ليس منهم فيهم فكان يشخّصهم بأسمائهم كما فى روايات كثيرة ذكرت ذلك. و قد اوردها العلامة السيد الابطحى فى كتابه فنقل ذلك عن اكثر من خمسين صحابيا3 بل ذهب العلامه المحقق السيد الطباطبائيالى اكثر من ذلك فى تفسيره حيث جاء فيه:

(و ما ورد فى اسباب النزولان الاية الشريفة نزلت فى النبى صلى الله عليه وآله و على و فاطمة و الحسنين عليه السلام خاصة لايشاركهم فيها غيرهم. و هيروايات جمّه تزيد على سبعين حديثاً يربو ما ورد منها من طرق اهل السنّة على ما ورد منها من طرق الشيعه، فقد روتها اهل السنة بطرق كثيرة عن ام سلمه و عائشة و ابى سعيدالخدرى و سعد و واحلةبن الاسقع و ابى الحمراء و ابن عباس و ثوبان مولى النبى صلى الله عليه وآله و عبداللّه بن عفر و على و الحسين بن على فى قريب من الاربعين طريقاً وروتها الشيعه عن على و السجاد و الباقر و الصادق و الرضا و ام سلمه و ابى ذر و ابى ليلى و ابى الاسود الدؤلى و عمر بن ميمون الاودى و سعد بن ابى وقاص فى بضع و ثلاثين طريقاً(4).

ولكى ننعرف على حقيقة هذا المعنى لابد لنا من استعراض بعض هذها لروايات التى وردت فى كتب الفريقين:

1- اورد مسلم فى صحيحه قال:

حدثنا ابوبكر بن ابى شيبه و محمد بن عبداللّه بن نمير و اللفظ لابى بكر قالا: حدثنابن بشر عن زكريا عن مصعب بن شيبه عن صفيه بنت شيبه قالت: قالت عائشه: خرج النبى صلى الله عليه وآله غداة و عليه مرط مرحّل من شعر اسود فجاء الحسن بن على فأدخله ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمه فأدخلها ثم جاء على فأدخله ثم قال (انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت و يطهركم تطهيرا)(5).

2- اخرج الحاكم فى مستدركه: عن عبداللّه بن جعفر قال:

اخبرنا على بن احمد قال: اخبرنا احمد بن عبيد اخبرنا اسماعيل ابن الفضل،اخبرنا على بن على، اخبرنا ابوبكر بن ابى شيبه قال: اخبرنى ابن ابى فديك، عن موسى بن يعقوب قال: حدثنى ابن ابى مليكه عن اسماعيل بن عبداللّه بن جعفر الطيار عن ابيه قال:

لما نظر النبى صلى الله عليه وآله الى جبرئيل هابطاً من السماء قال صلى الله عليه وآله: من يدعو لى، من يدعو لى فقالت زينب انا يا رسول اللّه فقال: دعى لى عليا و فاطمه و حسناً و حسيناً فجعل حسناً عن يمينه و حسيناً عن يساره و علياً و فاطمه تجاهم ثم غشّاهم بكساء خيبرى و قال: الهم ان لكل نبى اهلاً و انّ هؤلاء اهلى فانزل اللّه تعالى (انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرّجس اهل البيت و يطهّركم تطهيرا) فقالت زينب الا ادخل معكم

قال صلى الله عليه وآله: مكانك فانّك على خير انشاءاللّه(6).

3- قال الامام احمد فى مسنده:

حدثنا عبداللّه بن نمير حدثناعبدالملك بن ابى سليمان عن عطاء بن ابى رباح، حدثنى من سمع امّ سلمة رضى اللّه عنها تذكر ان النبى 9 كان فى بيتها فأتته فاطمة رضى اللّه عنها ببرمة فيها خزيرة فدخلت عليه بها فقال صلى الله عليه وآله لها (ادعى زوجك و ابنيك) قالت: فجاء على و حسن و حسين رضى اللّه عنهم فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون الخزيرة و هو على منامة له و كان تحته كساء خيبرى قالت: و انا فى الحجرة اصلى. فأنزل اللّه عزوجل هذه الايه: (انما يريد اللّه) قالت (رضى اللّه عنها): فأخذ النبى صلى الله عليه وآله فضل الكساء فغطاهم به، ثم اخرج يده فألوى بها الى السماء ثم قال: (اللهم هؤلاء اهل بيتى و خاصيتى، فأدهب عنهم الرّجس و طهرهم تطهيرا) قالت فأدخلت رأسى البيت فقلت:و انا معكم يا رسول اللّه فقال النبى صلى الله عليه وآله (انك الى خير، انك الى خير...)(7).

4- قال ابن جزير لطبرى فى تفسيره:

حدثناابن حميد حدثنا عبداللّه بن عبدالقدوس عن الاعمش عن حكيم بن سعد قال: ذكرنا علىّ بن ابى طالب (رضى اللّه عنه) عند ام سلمة (رضى اللّه عنها) فقالت: فى بيتى نزلت اية (انما يريد اللّه ليذهب عنكم...) قالت ام سلمة: جاء رسول اللّه صلى الله عليه وآله الى بيت ى فقال: (لاتأذنى لأحد) فجاءت فاطمة (رضى اللّه عنها) فلم استطع ان جبها عن ابيها ثم جاء الحسن (رضى اللّه عنه) فلم استطع ان امنعه ان يدخل على جده و امه ثم جاء الحسين فلم اسطع ان حجبه عن جده صلى الله عليه وآله و امه (رضى اللّه عنها) ثم جاء علىّ (رضى اللّه عنه) فلم استطع ان احجبه، فاجتمعوا فجللّهم رسول اللّه صلى الله عليه وآله بكساءكان عليه ثم قال: (هؤلاء اهل بيتى فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا) فنزلت هذه الاية حين اجتمعوا على البساط قالت: يا رسول اللّه و انا قالت: فو اللّه ما انعم و قال: انّك الى خير(8).

5- اخرج الحاكم فى مستدركه و سحّحه على شرط الشخين قال :

اخبرنا محمد بن على بن محمد اخبرنا محمد بن الفضل بن محمد اخبرنا محمد بن اسحق اخبرنا محمد بن يزيد بن عبدالملك الاسفاطى قال: حدثنى ابوبكر ابن شيبة الخزامى، حدثنا محمد بن اسماعيل بن ابى فديك عن موسى بن يعقوب عن ابن ابى مليكه عن اسماعيل بن عبداللّه بن جعفر الطيار عن ابيه قالك لما نظر رسول اللّه صلى الله عليه وآله الى الرحمة هابطة قال: ادعوا لى ادعوا لى فقالت زينب (صفية خ): من يا رسول اللّه قال: علىّ و فاطمة و الحسن و الحسين، فجاءهم فالقى عليهم النبى صلى الله عليه وآله كساء له، ثم رفع يده فقال: اللهم انّ هؤلاء آلى فصلى على محمد و آل محمد و انزل اللّه تعالى (انما يزيد اللّه ليذهب عنكم...)(9).

و لا يخفى ما فى القطع الذى ورد فى الرواية اعلاه (اللهم هؤلاء آلى) من الدلالة على حصر اهل البيت فيهم و نفيه عن غيرهم لكل من عرف اساليب العرب، وامعاناً فى تشخيصهم و تحديدهم يحصرهم النبى صلى الله عليه وآله تحت الكساء و يرفض دعوة ام سلمه للانضام اليهم، فكأنما اراد رسول اللّه صلى الله عليه وآله ان يقطع على كل احد عذر الالتباس فتجاوز دلالات الكلام بحصرهم تحت كساء واحد ليكون اقوى فى الدلالة و ابلغ فى الحصر، فلا مجال لادخال زوجات النبى صلى الله عليه وآله فى اهل البيت عليه السلام.

6- و لنذكر ما ذكره المفسر محمد بن على الشوكانى فى تفسيره قال:

اخرج الترمذى و صحّحه و ابن جرير و ابن المنذر و الحاكم و صحّحهف و ابن مردويه، و البيهقى فى سننه من طرق عن ام سلمه قالت: فى بيتى نزلت الايه (انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت و يطهركم تطهيرا) و فى البيت فاطمه و على و الحسن و الحسين فجلّلهم رسول الله بكساء كان عليه ثم قال... الخ الحديث.

و اخرج ابن جرير و ابن المنذر و ابن ابى حاتم و الطبرانى و ابن مردويه عن ام سلمه ايضاً. و قد ذكر ابن كثير لحديث ام سلمه طرقاً كثيرة فى مسند احمد و غيره -بلغت اكثر من خمسة عشر طريقاً- و اخرج ابن مردويه و الخطيب من حديث ابى سعيد الخدرى نحوه. و اخرج الترمذى و ابن جرير و لطبرانى و ابن مردويه عن عمر بن ابى يوم على باب فاطمة حيث يجمع علياً و الزهراء و الحسنين بمرأى و مسمع من المسلمين و هذا ما تشير اليه كثير من الروايات فمنها:

اخرج ابن ابى شيبه و احمد و الترمزى و حسّنه و ابن جرير و ابن المنذر و الطبرانى و الحاكم و صحّحه و ابن مردويه عن انس قال: ان رسول اللّه صلى الله عليه وآله كان يمربباب فاطمة اذا خرج الى صلاة الفجر يقول: الصلاة يااهل البيت الصلاة (انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت و يطهركم تطهير)(10).

و عن ابن عباس قال:

شهدت رسول اللّه تسعة اشهر يأتى فى كل يوم باب على بن ابى طالب عليه السلام عنه وقت كل صلاة فيقول السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته اهل البيت (انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت و يطهركم تطهيرا...) فى ك يوم خمس مرات(11).

و يقول ابن حجر فى صواعقه: ان اكثر المسرفين على آنهانزلت فى على و فاطمة و الحسن و الحسين(12).

بعد هذا العمل الكبير الذى قام به النبى صلى الله عليه وآله و قد ذكره الرواة بروايات بلغت حد الاستفاضة فلاجمال للشك فى ان المراد من اهل بيت النبى صلى الله عليه وآله و هم على و فاطمة و الحسن و الحسين عليه السلام وت فى ختام هذه المسألة لعله يرد الى الاذهان السؤال التالى:

هل تشمل اية التطهير بقية الائمةعليه السلام فاذا كان المقصود بأهل البيت هم الخمسة اصحاب الكساء فماذا عن غسرهم من الئمة الاطهار، فهل تشملهم اية التطهير و تعينهم مباشرةام لا

يمكننا ملاحظة الجواب من خلال احاديث الائمة7 انفسهم و احاديث جدهم رسول اللّه اذ كان يقول 9 حسب روايه ابى سعيد الخدرى: نزلت اية التطهير فى خمسة فىّ و فى علىّ و فاطمه و حسن و حسين، او ما اعلنه عليه الصلاة و السلام بعد نزول الاية و اشار فى عدة روايات -وقد تقدمت- الى من تحت الكساء (اللهم ان هؤلاء اهل بيتى و عترتى فأدهب عنهم الرجس).

و هذان النوعان من التعبير -المنقولان عن النبى- يوحيان ان عنوان (اهل البيت) فى الاية الشريفة يشير الى الخمسة اصحاب الكساء على نحو الحصر، وقد ذهب الامام الصادق عليها السلام الى هذا الرأى (الاية بهؤلاء الخمسه) معقباً ان ربط بقية الائمة الاطهار بأية التطهير و شمولهم بمدلولها و ما تخلعه على مخاطبيها من العصمة و الطهريتم من خلال دخولهم فى قوله تعالى ( و أولوا الارحام بعضم اولى ببعض فى كتاب اللّه )(13)