التقيّة في الشريعة الإسلامية - مبدأ التقیة فی الشریعة الاسلامیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبدأ التقیة فی الشریعة الاسلامیة - نسخه متنی

عبدالکریم بهبهانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

التقيّة في الشريعة الإسلامية



تعتبر التقية من جملة المبادئ
العملية التي طرحها القرآن الكريم، وقد نصّ
على جوازها في قوله تعالى : (لا
يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون
المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء*
إلاّ أن تتقوا منهم تقاة ، ويحذركم الله نفسه
وإلى الله المصير) [1] .


وقوله تعالى: (من كفر
بالله من بعد إيمانه إلاّ من اُكره وقلبه
مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً
فعليهم غضب من الله ولهم عذاب أليم) [2] .


لقد نصّت هذه الآية على التقية
وحددت معناه، ذلك أن للإيمان ثلاثة أركان هي :
اعتقاد في القلب ، واظهار في اللسان ، وعمل
بالجوارح. هذا هو مقتضى الإيمان في الظروف
الطبيعية.


وحيث إن الإسلام شريعة عملية تنظر
إلى الواقع وتعالج كل ملابساته فمن الطبيعي
أن توضح للمكلفين كيفية التعامل مع الأحداث
في الظروف الطبيعية وغير الطبيعية، كما إذا
أصبح الإنسان مخيراً بين الموت أو الحرج
الشديد وبين التنازل عن بعض مستلزمات الإيمان
أو بعض مظاهره، فجاءت هذه الآية الكريمة
لتوضح أن الركن الأول وهو الاعتقاد بالقلب لا
يمكن التنازل عنه بحال من الأحوال لأنه قوام
الإيمان وجوهره، وهو ركن خفي بطبعه ، أما
الركن الثاني والثالث فأجازت الآية للمؤمنين
عدم التظاهر بالإسلام بشكل مؤقت إذا توقف على
ذلك دفع الموت أو الحرج الشديد عنهم ولم يلزم
منه هدم الدين وإضعافه، حيث وردت الآية في
قضية عمار بن ياسر عندما أمره المشركون بسبّ
الرسول(صلى الله عليه وآله) وامتداح الأصنام
ففعل ذلك تحت وطأة التعذيب الشديد، فلما أتى
الرسول، قال له : «ما وراءك »؟ قال : شرّ يا
رسول الله، ما تُركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم
بخير، فقال: «كيف تجد قلبك؟» قال : مطمئن
بالإيمان، قال:(صلى الله عليه وآله) «إن عادوا
فعد» [3] .


وقد استدلّ علماء المسلمين على
مشروعية مبدأ التقية بالآيتين المذكورتين
آنفاً وجعل المراغي في تفسيره من جملة موارد
التقية: مداراة الكفرة، والظلمة، والفسقة،
وإلانة الكلام لهم، والتبسم في وجوههم ، وبذل
المال لهم لكفّ أذاهم وصيانة العرض منهم،
وأخرج الطبراني، قوله(صلى الله عليه وآله) : «ما
وقى به المؤمن عرضه فهو صدقة» [4] .


ولا يعتبر هذا من النفاق الذي
أدانه القرآن الكريم واعتبره أشد من الكفر،
فإن النفاق هو كتمان الكفر أو العداوة،
وإظهار الإيمان أو المحبة، بينما التقية هي
كتمان الإيمان وإظهار ما يخالفه ، ولو كانت
التقية من جملة مصاديق النفاق فلماذا أباحها
الله سبحانه وتعالى نصّاً، ثم امتدح عليها
مؤمن آل فرعون وذكره بذكر حسن: (وقال
رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه) [5] ، وامتدح امرأة فرعون
وجعلها مثلاً للذين آمنوا ـ وقد عاشت مع فرعون
بالتقية ـ في آيتين من كتابه؟


كما تختلف التقية أيضاً عن
الاستسلام والمهادنة في أمر الدين اختلافاً
جوهرياً، فإن الاستسلام والمهادنة إذعان
للطرف المقابل والتنازل له عن المبادئ
المعتقد بها، بينما تعني التقية الاحتفاظ
بالرفض، وعدم التظاهر به بشكل مؤقت، وإظهار
موافقة العدو حتى انقضاء فترة الضعف ريثما
تحين فرصة إعداد القوة، فالتقية تدبير عقلائي
لغرض الحيلولة دون سقوط المؤمن في هوّة
الاستسلام والمهادنة، وتعبئته بدلاً عن ذلك
بمقوّمات الصمود الروحي والمعنوي لكي لا
ينهار أمام الضغوط المعادية، ولكي يحتفظ
بالحد الأدنى من الإيمان، وهو ينظر بعين
الأمل للمستقبل منتظراً حلول الفرصة
المناسبة للتغيير. بينما يخلو الاستسلام من
خصائص الصمود والأمل وفكرة التغيير في أوّل
فرصة ممكنة.


وبكلمة اُخرى ، إن التقية تعني
مغالبة الاستسلام واليأس والقنوط والمهادنة،
وغير ذلك من معاني الضعف والانهيار التي
يحاول العدوّ أن يفرضها على المؤمن، وأن
الردّ بالتقية على العدو يعني إلقاء هذه
المعاني في نفسه، فحينما يدرك العدو بأن
المؤمن يتمسك في مواجهته بالتقية وأنّ هذه
التقية تجعله إنساناً عنيداً لا يعرف
المساومة والانهيار ، سوف يقع في هوّة اليأس
من هدفه هذا.



عمل الصحابة والتابعين بالتقية


وإذا انتقلنا من الكتاب والسنّة
النبويّة الى عمل الصحابة والتابعين
والفقهاء من الرعيل الأوّل، وجدنا التاريخ
يدلّنا على أنّهم كانوا يعملون بالتقية كلّما
لزم الأمر منهم ذلك، ولهم في ذلك قصص معروفة،
مثل عبدالله بن مسعود، وأبي الدرداء، وأبي
موسى الأشعري، وأبي هريرة، وابن عباس، وسعيد
بن جبير، ورجاء بن حَيْوَة، وواصل بن عطاء،
وعمرو بن عبيد المعتزلي، وأبو حنيفة.


فقد روي عن الحارث بن سويد، قال:
سمعت عبدالله بن مسعود، يقول: ما من ذي سلطان
يريد أن يكلفني كلاماً يدرأ عني سوطاً أو
سوطين إلاّ كنت متكلماً به.


أخرجه ابن حزم في المحلّى، وقال:
ولا يعرف له من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ
مخالف [6] .


وأخرج البخاري في صحيحه بسنده عن
أبي الدرداء، أنّه كان يقول: إنّا لنكشّر في
وجوه أقوام، وإن قلوبنا لتلعنهم [7] .


ونسب هذا القول الى أبي موسى
الأشعري أيضاً [8] . والى
أمير المؤمنين [9] .


وأخرج البخاري بسنده عن أبي هريرة
أنّه قال: حفظت من رسول الله(صلى الله عليه
وآله) وعاءين: فأما أحدهما: فبثثته، وأما
الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم [10] .


وقد صرّح ابن حجر في فتح الباري بأن
العلماء حملوا الوعاء الذي لم يبثه على
الأحاديث التي تبيّن أسامي اُمراء السوء
وأحوالهم، وأنّه كان يكني عن بعضه ولا يصرّح
به خوفاً على نفسه منهم، كقوله: (أعوذ بالله من
رأس الستين وإمارة الصبيان) يشير الى حكم يزيد
بن معاوية; لأنّها كانت سنة ستين من الهجرة [11] .


وأخرج الطحاوي بسنده عن عطاء أنّه
قال: قال رجل لابن عباس: هل لك في معاوية أوتر
بواحدة؟ ـ وهو يريد أن يعيب معاوية ـ فقال ابن
عباس: أصاب معاوية.


هذا في الوقت الذي بيّن فيه
الطحاوي ما يدلّ على انكار ابن عباس صحة صلاة
معاوية، فقد أخرج بسنده عن عكرمة، قال: «كنت
مع ابن عباس عند معاوية نتحدث حتى ذهب هزيع من
الليل، فقام معاوية فركع ركعة واحدة، فقال
ابن عباس: من أين ترى أخذها الحمار؟».


قال الطحاوي بعد ذلك: وقد يجوز أن
يكون قول ابن عباس: (أصاب معاوية) على التقية
له، ثم أخرج عن ابن عباس في الوتر أنه ثلاث [12] .


وأخرج أبو عبيدة القاسم بن سلام عن
حسّان بن أبي يحيى الكندي، قال: سألت سعيد بن
جبير عن الزكاة؟ فقال: ادفعها الى ولاة الأمر.
قال: فلما قام سعيد تبعته، فقلت: إنّك أمرتني
أن أدفعها الى ولاة الأمر، وهم يصنعون بها
كذا، ويصنعون بها كذا؟! فقال: ضعها حيث أمرك
الله، سألتني على رؤوس الناس فلم أكن لاُخبرك[13] .


وأخرج أيضاً عن قتادة أنّه سأل
سعيد بن المسيب السؤال نفسه؟ فسكت ابن المسيب
ولم يجبه.


هذا، وقد أورد العلاّمة الأميني
تقية سعيد بن المسيب من سعد ابن أبي وقاص في
سؤاله إيّاه عن حديث الغدير، فراجع [14] .


وقال القرطبي المالكي: «وقال ادريس
بن يحيى: كان الوليد بن عبدالملك يأمر جواسيس
يتجسسون الخلق، ويأتون بالأخبار، فجلس رجل
منهم في حلقة رجاء بن حيوة فسمع بعضهم يقع في
الوليد، فرفع ذلك إليه.


فقال: يا رجاء! اُذكر بالسوء في
مجلسك ولم تغيّر؟!


فقال: ما كان ذلك يا أمير المؤمنين.


فقال له الوليد: قل الله الذي لا
إله إلاّ هو.


قال: الله الذي لا إله إلاّ هو.


فأمر الوليد بالجاسوس، فضرب سبعين
سوطاً، فكان يلقى رجاء فيقول: يا رجاء! بك
يُستسقى المطر وسبعين سوطاً في ظهري!


فيقول رجاء: سبعون سوطاً في ظهرك
خيرٌ لك من أن يُقتل رجل مسلم [15] .


وقد حصل نظير هذه التقية لسعد بن
أشرس ـ صاحب مالك بن أنس ـ مع سلطان تونس، إذ
كان قد آوى رجلاً يطلبه السلطان، ولما اُحضر
أنكر ذلك وحلف بأنّه ما آواه ولا يعلم له
مكاناً [16] .


وقال ابن الجوزي الحنبلي: خرج واصل
بن عطاء يريد سفراً في رهط، فاعترضهم جيش من
الخوارج فقال واصل: لا ينطقن أحد ودعوني معهم،
فقصدهم واصل، فلمّا قربوا بدأ الخوارج
ليُوقِعوا، فقال: كيف تستحلّون هذا وما تدرون
من نحن، ولا لأي شيء جئنا؟ فقالوا: نعم، من
أنتم؟ قال: قوم من المشركين جئناكم لنسمع كلام
الله. قال: فكفوا عنهم، وبدأ رجل منهم يقرأ
القرآن، فلما أمسك، قال واصل: قد سمعت كلام
الله، فأبلغنا مأمننا حتى ننظر فيه وكيف ندخل
في الدين! فقال: هذا واجب، سيروا. قال: فسرنا
والخوارج ـ والله ـ معنا يحموننا فراسخ، حتى
قربنا الى بلد لا سلطان لهم عليه، فانصرفوا [17] .


وفي خضمّ ثورة إبراهيم بن عبدالله
وأخيه محمد ذي النفس الزكيّة على المنصور
العباسي التي انتهت بقتلهما، قال المنصور ـ
يوماً ـ لعمرو بن عبيد: بلغني أن محمّداً بن
عبدالله بن الحسن كتب إليك كتاباً؟ قال عمرو:
قد جاءني كتاب يشبه أن يكون كتابه.


قال: فبم أجبته؟ قال: أوليس قد عرفت
رأيي في السيف أيام كنت تختلف إلينا، أنّي لا
أراه؟!


قال المنصور: أجل، ولكن تحلف لي
ليطمئن قلبي! قال عمرو: لئن كذبتك تقية،
لأحلفنّ لك تقية، قال المنصور: والله، والله!
أنت الصادق البر [18] .


وأخرج الخطيب البغدادي في تاريخه
بسنده عن سفيان بن وكيع، قال: جاء عمر بن حمّاد
ابن أبي حنيفة فجلس إلينا، فقال: سمعت أبي
حمّاد يقول: بعث ابن أبي ليلى الى أبي حنيفة
فسأله عن القرآن؟ فقال مخلوق، فقال: تتوب
وإلاّ أقدمت عليك؟ قال: فتابعه، فقال: القرآن
كلام الله .


قال: فدار به في الخلق يخبرهم أنّه
قد تاب، من قوله القرآن مخلوق.


فقال أبي: فقلت لأبي حنيفة: كيف صرت
الى هذا وتابعته؟


قال: يا بني، خفت أن يقدم عليّ
فأعطيته التقية [19] .


هذه جملة من الشواهد التطبيقية
لمسألة التقية في حياة أعلام بارزين من
الصحابة والتابعين والفقهاء; وهناك شواهد
تطبيقية اُخرى كثيرة أعرضنا عن ذكرها خشية
الإطالة، وقد روتها مصادر الجمهور، وقد بلغ
الأمر شهرة وذيوعاً في سلوك العاملين بشريعة
سيد المرسلين، كلّما ألجأتهم الظروف الى
التقية ، حتى أصبح ظاهرة في تاريخ الإسلام،
تلفت نظر كل باحث فيه عن حق وحقيقة، ممّا جعل
جمال الدين القاسمي، يشير الى ما ذكره الشيخ
مرتضى اليماني في عوامل خفاء الحق، وغموض
الحقيقة في كثير من الأحيان، حيث نقل عنه
قوله، وزاد الحق غموضاً وخفاءاً أمران:


أحدهما: «خوف العارفين مع قلّتهم
من علماء السوء، وسلاطين الجور وشياطين
الخلق، مع جواز التقية عند ذلك بنصّ القرآن
واجماع أهل الإسلام ومازال الخوف مانعاً من
اظهار الحق ولا برح المحق عدواً لأكثر الخلق» [20] .


ولأجل ما للتقية من دور لا يسع
المؤمن تجاهله، وجدنا الفقه الإسلامي في
مختلف أبوابه زاخراً بمواردها، بحيث يجد
المكلف للمسألة الفقهية الواردة في عبادة
معينة أو معاملة معينة حكماً عندما يكون
المكلف في حالة طبيعية، وحكماً آخر عندما
يكون في موقف اضطراري يُكره فيه على اختيار
معيّن ظلماً وعدواناً، وهذا باب واسع يتسع
لكل أبواب الفقه وكتبه من العبادات
والمعاملات، وليس هناك من ينكر توفّر فقه
مذاهب الجمهور على أحكام اضطرارية خاصة بمن
يُكره على عمل معين ظلماً وجوراً، وما هذه
الأحكام إلاّ من جملة مصاديق التقية ومواردها [21]




/ 6