تمهيد وتوطئة - ظلامة أم کلثوم نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ظلامة أم کلثوم - نسخه متنی

السید جعفر مرتضی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید






تـقـديـم:


بسم الله الرحمن الرحيم


والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه وأشرف بريّته محمد وآله الطيبين الطاهرين.. واللعنة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين..


وبعد..


فقد كثر السؤال عن حقيقة زواج السيدة أم كلثوم بنت أمير المؤمنين علي عليه الصلاة والسلام، بعمر بن الخطاب.. ربما لأن الأجوبة التي يسمعها السائلون لا تأتي عادة على درجة كافية من الوضوح والقوة، بل تكون في الغالب ممزوجة بقدر كبير من الترديد والشك والارتياب، الأمر الذي يدعو إلى المزيد من تداول الحديث حول هذا الأمر، وانتقال هذا الشك إلى آخرين عن هذا الطريق.. وليكثر بذلك السائلون، ولتزيد معاناة المسؤولين..


فمست الحاجة إلى التعرض لبحث هذه القضية بالمقدار الذي يعطي

تصوراً عن حقيقة ما جرى.. وكانت حصيلة معاناة ذلك هو هذا البحث الذي نقدمه إلى القارئ الكريم، على أمل أن يجد فيه ما يكفي للإجابة على ما يراود فكره من تساؤلات، وما يثيره الإبهام في هذا الأمر من شكوك.


وإذا جاز لي أن أثقل على من يطالع هذا البحث بشيء، فإن رجائي الأكيد منه هو أن لا يبخل علي بما يراه ضرورياً في توضيح المراد، أو تصحيح المفاد، فإني لا أبرئ نفسي من الخطأ والزلل..


والله هو العاصم والولي.. ومنه نطلب التوفيق والسداد، والهداية إلى طريق الرشاد، إنه ولي قدير.


والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.


شهر محرم الحرام سنة 1423 هـ ـ بيروت


جعفر مرتضى العاملي



تمهيد وتوطئة


سؤالان:


لقد ورد علينا سؤال يقول:


ما السبب في أنه ليس لأم كلثوم ذكر كثير، مثل السبطين وزينب (عليهما السلام)؟!.


وورد سؤال آخر يقول:


ققد تم إثبات عدم زواجها من الثاني.. إذن فمن هو زوجها؟ وهل كان ثمة من أطفال؟


الجواب عن السؤال الأول:


ونقول في الجواب عن السؤال عن السبب في عدم ذكر أم كلثوم كثيراً، ما يلي:


إنه مع وجود الأئمة الأطهار (عليهم السلام)، ومع وجود السيدة زينب (عليها السلام)، فإن طبيعة الأمور تقضي بأن تكون الحركة العامة والفاعلة والمؤثرة هي لهؤلاء، دون سواهم.


وذلك لأنهم القادة الحقيقيون ولهم دون غيرهم السيادة، ولا يسمح

الوجدان، والإنصاف والدين، لأحد سواهم أن يدخل في وهمه أن يجاريهم، فضلاً عن أن يتقدمهم، أو أن يعتقد لنفسه حقاً في شيء من ذلك دونهم.


علي (عليه السلام) مع الرسول (صلى الله عليه وآله):


وقد كان هذا هو حال علي (عليه السلام) مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فإنك لا تكاد تجد ذكراً كثيراً لأمير المؤمنين (عليه السلام) آنئذ، إلا في حدود العمل بالواجب الموكل إليه، وتنفيذ أوامر رسول الله (صلى الله عليه وآله). فكان (عليه السلام) الرجل السامع المطيع لله ولرسوله. الذي لا يجيز لنفسه أن يكون له صوت أو حركة إلا في سياق الاستجابة إلى ما يطلبه رسول الله منه، ويدفعه إليه.


وذلك يجعلك تشعر أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو المتصرف في الأمور، وهو وحده الذي يحكم ويقرر في كل شيء، أما علي (عليه السلام)، فإنك تكاد لا تشعر بأنه موجود أصلاً، إلا على النحو الذي أشرنا إليه..


أما غير علي صلوات الله وسلامه عليه، فإنهم كانوا جريئين على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فهم يعترضون ويجادلون، ويقترحون، ويرفضون، بجرأة تارة، ويقبلون على مضض أخرى، أو عن رضى ثالثة، ثم تعلو أصواتهم في بعض الحالات، حتى إذا جاء التهديد الإلهي كما حصل بالنسبة لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}(1).. فإنهم يستكينون ويسكتون حتى لا تكاد تسمع لهم صوتاً

إلا على سبيل الهمس والإشارة.


ولم يكن علي (عليه السلام) كهؤلاء أبداً، بل هو يرى أن للنبي (صلى الله عليه وآله) ـ دون سواه ـ الأمر والنهي، والقرار. والموقف. وليس عليه هو وعلى غيره إلا السمع والطاعة، والانقياد والتسليم..


وقد كان هذا هو الفرق أيضاً بين عائشة وأم سلمة في بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله).


وكان ذلك هو حال الحسنين مع أبيهما صلوات الله وسلامه عليهم. وحال الحسين عليه السلام مع الإمام الحسن عليه السلام.


وهكذا كان حال هارون مع موسى، فإن حال هؤلاء جميعاً لا يختلف عن حال علي مع رسول الله (صلى الله عليه وآله).


الزهراء.. وزينب (عليهما السلام):


فلا غرابة إذن في أنك لو رجعت إلى حياة الزهراء سلام الله عليها في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومع علي (عليه السلام)، فإنك لا تجد لها حركة ظاهرة ولا نشاطاً بارزاً، خصوصاً فيما يرتبط بالنشاطات الاجتماعية، أو السياسية، أو الثقافية العامة وما إلى ذلك، كما ربما يتوقعه بعض من يدعو إلى إعطاء أدوار للمرأة في هذه الأيام (!!!).


فلم تكن لها نشاطات اجتماعية، كالقيام بمشاريع رعاية أيتام، أو مساعدة فقراء، أو عجزة. ولا نشاطات ثقافية كإلقاء محاضرات. ولا مشاركة في ندوات، ولا ممارسة لأعمال سياسية، ولا تواجد لها في المواقع الإدارية العامة، ولا كان لها دور في مجلس الشورى.. ولا.. ولا.. ولا..


وكذلك الحال بالنسبة للسيدة زينب (عليها السلام)، فإن دورها الظاهر إنما هو في

قضية كربلاء، ودور الزهراء (عليها السلام) الظاهر إنما هو فيما جرى بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله).. وفيما عدا ذلك، فإن الحركة والنشاط بمختلف أشكاله إنما كان لأبيها (عليها السلام)، ولأمير المؤمنين، وللحسنين صلوات الله عليهم وعلى أبنائهم الأئمة الطاهرين.


وقد كان نفس تجسد كمال الزهراء (عليها السلام). ونفس وجودها المقدس هو المطلوب، وهو الغاية. وكذا الحال في زينب وخديجة، وأم سلمة، وغيرهن من النساء. وقد تحدثنا عن هذا الأمر في كتابنا: "مأساة الزهراء (عليها السلام) " فليراجع..


فلا معنى إذن لأن نطلب من أم كلثوم (عليها السلام) نشاطاً يضارع ما نراه من الحسنين (عليهما السلام)، أو حتى من زينب (عليها السلام).


الجواب عن السؤال الثاني:


وأما بالنسبة لقولكم في سؤالكم الثاني:


إنه قد تم إثبات عدم زواجها من الثاني؟ وهل كان ثمة من أطفال؟..


فنقول:


إن ذلك لم يتم إثباته بشكل حاسم وأكيد.. بل إن أهل السنة يؤكدون وقـوع هـذا الزواج(2) وهناك روايـات عديدة مـن طـرق السنة والشيعة

تؤكد وقوعه.


وعدد من الروايات الواردة من طريق الخاصة عن الأئمة (عليهم السلام) صحيح ومعتبر من حيث السند.


وقد ادعى الشيخ التستري تواترها(3). ولكنها دعوى يصعب إثباتها، نعم هي روايات مستفيضة بلا ريب.


ولكن ثبوت هذا الزواج، لا يعني أنه قد جاء في سياقه الطبيعي والمألوف.. إذ أن ثمة تأكيداً قوياً على أن هذا الزواج قد تم على سبيل الجبر والقهر. وقد نجد ما يؤيد ذلك ويدل عليه في روايات أهل السنة أيضاً.


ونحن نجمل الحديث حول هذه القضية في ما يأتي من فصول..





القسم الأول


حديث الزواج بين الأخذ والرد





الفصل الأول


من النصوص والآثار




روايات هذا الزواج:


إن في روايات زواج أم كلثوم بنت أمير المؤمنين (عليه السلام) بعمر بن الخطاب الكثير من الاختلاف، والتباين.


وسوف يفرض هذا البحث علينا التعرض إلى كثير من الجزئيات والخصوصيات والتفاصيل التي وردت في الروايات المختلفة، لكن تسهيل الأمر على القارئ، يفرض علينا أيضاً أن نقدم له من النصوص ما يستطيع أن يعطيه تصوراً أولياً لموضوع البحث.


وقد رأينا أن نختار نصوصاً يوردها أهل السنة، ويتحفظ الشيعة على بعض الخصوصيات الواردة فيها..


ثم نورد نصوصاً أخرى وردت في مصادر الشيعة الإمامية. ويتحفظ أهل السنة على بعض الخصوصيات الواردة فيها. فنقول:


نصوص رواها أهل السنة:


إن الأحاديث التي رواها أهل السنة، كثيرة ومتنوعة، ونكتفي هنا بذكر النص الذي أورده أحمد زيني دحلان، فإنه كاف في بيان ما نرمي إليه، والنص هو التالي:



"أخرج أبو يعلى والطبراني: أن عمر بن الخطاب (رض) خطب من علي ابنته أم كلثوم رضي الله عنهما، بنت فاطمة رضي الله عنها، وقال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسلم يقول: كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة ما خلا سببي ونسبي، وكل بني أنثى عصبتهم لأبيهم ما خلا ولدي فاطمة فإني أبوهم وعصبتهم.


ثم قال عمر: وإني وإن كانت لي صحبة للنبي (صلى الله عليه وآله) فأحببت أن يكون لي معها سبب ونسب.


وقصة تزوج عمر بأم كلثوم بنت علي رواها الأئمة من طرق كثيرة، منهم الطبراني، والبيهقي، والدارقطني.


وأكثر طرق الحديث مروية عن أكابر أهل البيت النبوي، منهم جعفر الصادق، عن أبيه محمد الباقر، عن أبيه زين العابدين، أن عليا عزل بناته لولد أخيه جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، فلقي عمر عليا رضي الله عنه، فـقـال: يا أبا الحسن، أنكحني ابنتك أم كلثوم بنت فاطمة بنت رسـول الله (صلى الله عليه وآله):


فقال: قد حبستهن لولد أخي جعفر.


فقال عمر: والله، ما على وجه الأرض يرصد من حسن صحبتها ما أرصد، فأنكحني يا أبا الحسن.


فقال علي: إنها صغيرة.


فقال عمر: ما ذاك بك، ولكن أردت منعي، فإن كانت كما تقول فابعثها إلي.


وفي رواية أنه لما قال له: إنها صغيرة قال له: ما بي حاجة إلى الباءة،

ولكن سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة ما خلا سببي ونسبي. وكل بني أنثى عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة، فأنا أبوهم وعصبتهم؛ فأحببت أن يكون لي من رسول الله سبب ونسب.


وفي رواية: وإنه كان لي صحبة، فأحببت أن يكون لي معها سبب.


فقال علي: إن لي أمراء حتى أستأذنهم.


وفي رواية: إن لي أسدين حتى أستأذنهما، يعني الحسن والحسين، فاستأذن ولد فاطمة، فأذنوا له.


وفي رواية: أنه لما استأذنهما، يعني الحسن والحسين وقال: إني كرهت أن أقضي أمراً دونكما، فسكت الحسين، لكون أخيه الحسن أكبر منه، وتكلم الحسن، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أبتاه، فمن بعد عمر صحب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وتوفي وهو عنه راض، ثم ولي الخلافة فعدل.


فقال له أبوه: صدقت، ولكن كرهت أن أقطع أمراً دونكما، ثم قال لها علي: انطلقي إلى أمير المؤمنين، فقولي له: إن أبي يقرئك السلام، ويقول لك: إنا قد قضينا حاجتك.


وفي رواية: فأعطاها حلة، وقال لها: قولي له: هذا البرد الذي قال لك.


فقالت ذلك لعمر، فقال: قولي له قد رضيت، حصان كريم، ما أحسنها وأجملها، ووضع يده على ساقها.


وفي رواية: فضمها إليه، فقالت: تفعل هذا؟ لولا أنك أمير المؤمنين لكسرت أنفك، ثم خرجت حتى أتت أباها، فأخبرته الخبر قالت: "بعثتني إلى شيخ سوء".


فقال: يا بنية، إنه زوجك. ثم زوجه إياها، فجاء عمر إلى مجلسه بين

الروضة والمنبر، حيث مجلس المهاجرين والأنصار، وذكر لهم الخبر.


وفي رواية قال لهم: رفئوني. أي قولوا لي: بالرفاه والبنين.


فقالوا: بمن يا أمير المؤمنين فقال: تزوجت أم كلثوم بنت علي، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم ذكر لهم الحديث السابق.


وجعل لها مهراً أربعين ألفاً. فولدت له زيداً ورقية، ولم يعقبا، ومات عمر عنها، وتزوجها بعده ابن عمها عون بن جعفر بن أبي طالب، فمات عنها، وتزوجها بعده أخوه محمد بن جعفر، فمات عنها. وتزوجها بعده أخوه عبد الله بن جعفر، فماتت عنده، ولم تلد لأحد من الثلاثة شيئاً(4).


نصوص رواها الشيعة الإمامية:


وأما النصوص التي رواها الشيعة، فنذكر منها ما يلي:


من كتاب الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام): لما خطب عمر إلى أمير المؤمنين(عليه السلام) قال له(عليه السلام): إنها صبية.


قال فأتى العباس فقال: ما لي؟ أبي بأس؟!


فقال له: وما ذاك.


قال خطبت إلى ابن أخيك فردني (وفي نص المرتضى: فدافعني وصانعني وأنف من مصاهرتي) أما والله لأعورن زمزم، ولا أدع لكم مكرمة إلا هدمتها، ولأقيمن عليه شاهدين أنه سرق. ولأقطعن يمينه، فأتاه العباس

فأخبره، وسأله أن يجعل الأمر إليه، فجعله إليه(5).


وقد رواها: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير.. والسند معتبر، كما هو ظاهر.


وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، وحمّاد، عن زرارة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في تزويج أم كلثوم، فقال: إن ذلك فرج غصبناه(6).


وقال البياضي (رحمه الله): "قد روى أهل المذاهب الأربعة عن جعفر بن محمد بن مالك الكوفي مسنداً إلى الصادق (عليه السلام): أنه قال: ذلك فرج غصبنا عليه. وروته الفرقة المحقة أيضا"(7).


وقد وصف المجلسي كلاً من هذين الحديثين - أي حديث هشام بن سالم، وحديث زرارة - بأنه: حسن. لكنه قال: إن هذين الخبرين لا يدلان على وقوع تزويج أم كلثوم من عمر(8).


وروي في الكافي بسند موثق عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن

محمد بن زياد، عن عبد الله بن سنان، ومعاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن المرأة المتوفى عنها زوجها: أتعتد في بيتها، أو حيث شاءت؟.


قال: حيث شاءت، إن علياً لما توفي عمر أتى أم كلثوم، فانطلق بها إلى بيته(9).


وروي أيضا نحو ذلك بسند صحيح. فقد روى محمد بن يعقوب الكليني عن محمد بن يحـيى وغيره، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، قال: "سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن امرأة توفي عنها زوجها أين تعتد؟ في بيت زوجها تعتد؟ أو حيث شاءت؟".


قال: حيث شاءت. ثم قال: إن علياً (عليه السلام) لما مات عمر أتى أم كلثوم، فأخذ بيدها، فانطلق بها إلى بيته(10).


وعن الشعبي قال: نقل علي رضي الله عنه أم كلثوم بعد قتل عمر رضي الله عنه بسبع ليال. ورواه سفيان الثوري في جامعه وقال: لأنها كانت في دار الإمارة(11).


وعن جعفر، عن أبيه(عليهما السلام): "نقل علي بن أبي طالب ابنته أم كلثوم في

عدتها، حين مات زوجها عمر بن الخطاب، لأنها كانت في دار الإمارة"(12).


وروى الشيخ عن محمد بن أحمد بن يحـيى، عن جعفر بن محمد القمي، عن قداح عن جعفر، عن أبيه(عليه السلام) قال: ماتت أم كلثوم بنت علي(عليه السلام) وابنها زيد بن عمر بن الخطاب في ساعة واحدة، لا يدرى أيهما هلك قبل، فلم يورث أحدهما من الآخر، وصلي عليهما جميعا(13).


وروى أبو القاسم الكوفي: ـ ونسب ذلك إلى رواية مشايخه عامة ـ أن عمر بعث العباس إلى علي يسأله أن يزوجه بأم كلثوم، فامتنع.


فأخبره بامتناعه فقال: أيأنف من تزويجي؟، والله، لئن لم يزوجني لأقتلنه.


فأعلم العباس علياً (عليه السلام) بذلك فأقام على الامتناع. فأعلم عمر بذلك، فقال عمر: أحضر في يوم الجمعة في المسجد، وكن قريباً من المنبر لتسمع ما يجري، فتعلم أني قادر على قتله إن أردت.


فحضر، فقال عمر للناس: إن ههنا رجلا من أصحاب محمد وقد زنى، وقد اطلع عليه أمير المؤمنين وحده، فما أنتم قائلون.


فقال الناس من كل جانب: إذا كان أمير المؤمنين اطلع عليه فما الحاجة إلى أن يطلع عليه غيره، وليمض في حكم الله.


فلما انصرف طلب عمر من العباس أن يعلم علياً بما سمع. فوالله، لئن لم يفعل لأفعلن.



فأعلم العباس علياً بذلك.


فقال(عليه السلام): أنا أعلم أن ذلك يهون عليه، وما كنت بالذي يفعل ما يلتمسه أبداً..


فأقسم عليه العباس أن يجعل أمرها إليه، ومضى العباس إلى عمر فزوجه إياها(14).


وقد اعتبر صاحب الإستغاثة.. أن نفس جعل علي (عليه السلام) أمر ابنته هذه دون سواها إلى العباس دليل على وجود قهر وإجبار كان قد مورس ضد علي (عليه السلام).


بل لقد ورد في نص آخر: أنه أمر الزبير أن يضع درعه على سطح علي، فوضعه بالرمح، ليرميه بالسرقة(15).


وقال السيد المرتضى: "وعمر ألحّ على علي (عليه السلام)، وتوعده بما خاف علي على أمر عظيم فيه من ظهور ما لم يزل يخفيه، فسأله العباس ـ لما رأى ذلك ـ رد أمرها إليه، فزوجها منه"(عليه السلام).


وقال في أعلام الورى: قال أصحابنا: إنما زوّجها منه بعد مدافعة كثيرة، وامتناع شديد، واعتلال عليه بشيء بعد شيء حتى ألجأته الضرورة إلى أن رد أمرها إلى العباس بن عبد المطلب، فزوجها إياه(16).




الفصل الثاني


الإختلاف.. والتناقض




بداية هذا الفصل:


وغني عن البيان: أنه إذا ظهرت التناقضات في النصوص التي تثبت حدثاً مّا، فإن الريب والشك في صحة تلك النصوص يصبح مبرراً وطبيعياً. بل إنه يفرض نفسه على الباحث، ويضطره للسعي لتميز الصحيح من المكذوب من تلك النصوص، هذا إن لم نقل: إن ذلك قد يثير في نفسه الشك في أصل صدور ذلك الحدث..


واللافت في قصة زواج أم كلثوم بعمر بن الخطاب، وجود تناقض شديد جداً بين نصوصها كما سيظهره هذا العرض المقتضب الذي نورده في هذا الفصل..


تناقض روايات أهل السنة:


إننا لا نبالغ إذا قلنا: إنك تجد التدافع والتناقض ظاهراً وكبيراً، ومستوعباً في روايات أهل السنة ونصوصهم التاريخية لهذا الحدث. وقلما تجد ذلك في روايات الشيعة الإمامية رضوان الله تعالى عليهم، وقد أشار الشيخ المفيد (رحمه الله) في المسائل السروية إلى هذا التناقض الشديد بين

روايات أهل السنة حول تزويجها رحمها الله(17) فراجع.


1 - التناقضات حول الأم وولدها:


ونذكر من هذه التناقضات: أن الروايات تارة تقول: إن عمر أولدها ولداً اسمه زيد(18).


وأخرى تقول: إنها ولدت له زيداً ورقية(19).


وفي نص آخر: فاطمة وزيدا.(20).



قال أبو عمر وغيره: ولدت أم كلثوم لعمر: زيداً الأكبر ورقية(21).


وقالوا تارة: إن زيداً هذا قد مات وهو صغير(22).


وقالوا تارة أخرى: إنه عاش حتى صار رجلاً.


بل قالوا: إن زيداً هذا هو الذي لطم سمرة بن جندب عند معاوية حين تنقص علياً(23).


وذكروا أيضاً: أن رقية قد تزوجت من إبراهيم بن نعيم النحام(24).


ونجد من جهة أخرى أن ثمة روايات تقول: إن عمر قد قتل قبل دخوله بها(25). فكيف تكون ولدت زيداً، أو رقية أو فاطمة؟.


والزرقاني أيضاً لم يرتض ولادة زيد لعمر من أم كلثوم. حيث قال: إن عمر قد مات عنها قبل بلوغها(26).


كما أن المسعودي لم يذكر زيداً في أولاد عمر.



ومن تناقضات روايات القسم الأول:


أنها تارة تقول: إن لزيد بن عمر عقباً.


وتارة تقول: إنه قتل ولا عقب له.


وتارة تدّعي: أنه وأمه ماتا في آن واحد(27).


وتارة تذكر: أن أمه بقيت بعده.


وهل صلى على أم كلثوم وزيد. عبد الله بن عمر، حيث قدمه الحسن بن علي (عليه السلام)، وعند ابن عساكر: الحسين بن علي (عليه السلام)(28)؟.


أم صلى عليهما سعيد بن العاص، وخلفه الحسن والحسين (عليهم السلام)، وأبو هريرة(29)؟!.


وذكروا في أولاد عمر بالإضافة إلى زيد الأكبر، وهو ابن أم كلثوم:



زيدا الأصغر أيضا(30).


فما هو الصحيح من بين ذلك كله يا ترى؟.


2 - التناقضات حول المهر.


وحول مهرها:


تارة تقول الروايات: إن عمر أمهرها عشرة آلاف دينار(31).


وأخرى تدعي: أن المهر كان أربعين ألف درهم(32).



وبعضها قالت: أربعين ألفاً بلا تعيين(33).


لكن بعضها نقل عن الدميري قوله:


"أعظم صداق بلغنا خبره صداق عمر، لما تزوج زينب بنت علي فإنه أصدقها أربعين ألف دينار"(34).


ورابعة ذكرت: أنه أصدقها أربعة آلاف درهم(35).


وخامسة: خمس مئة درهم، كما ذكره المفيد (رحمه الله) تعالى(36).


وذكر نص آخر: أنه أمهرها مئة ألف(37).


فأي ذلك هو الصحيح؟!


3 - أم كلثوم أم زينب:


وهل أم كلثوم هي غير زينب كما هو ظاهر كثيرين؟.


أم هي زينب نفسها، كما ذكر عن غير واحد، ومنهم الدميري كما

قدمناه آنفاً.


وهي التي توفيت ودفنت بغوطة دمشق كما ذكره النبهاني.(38) وغيره.


وقد زار الشيخ إبراهيم بن يحيى بن محمد بن سليمان العاملي المتوفي سنة 1214 هـ.. مقام السيدة زينب بدمشق، وكتب على الحائط:





  • مقام لعمرو الله ضم كريمة
    لها المصطفى جد، وحيدرة أب
    وفاطمة أم، وفاروقهم بعل(39)



  • زكا الفرع منه في البرية والأصل
    وفاطمة أم، وفاروقهم بعل(39)
    وفاطمة أم، وفاروقهم بعل(39)



4 - إكراه الاختيار:


ومن حيث الإكراه والاختيار تجد الروايات تختلف أيضاً، فبعضها يقول: إنه زوجه إياها مختاراً مؤثراً لذلك كما سيأتي عن الجاحظ وغيره.


وبعضها ـ وهو الأكثر ـ يقول: إنه زوجه إياها مكرهاً.


وسنذكر بعض الشواهد على ذلك في يلي من مطالب..


5 - أزواج أم كلثوم بعد عمر:


وهل تزوجها بعد عمر عون بن جعفر، فقط كما اقتصرت عليه بعض الروايات(40)، ثم عبدالله بن جعفر كما في نسب قريش لمصعب.


وادعى حسن قاسم وغيره: أن عبد الله بن جعفر قد طلق أختها زينب



/ 7