الباب الأول - خطط السیاسیة لتوحید الأمة الإسلامیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

خطط السیاسیة لتوحید الأمة الإسلامیة - نسخه متنی

احمد حسین یعقوب اردنی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید






المقدمة



بسم الله الرحمن الرحيم
أحمدك اللهم مولاي على نعمك المتوالية التي لا تحصى، وأخص نعمتك التي أنعمت
علي مؤخرا والتي أضأت بها قلبي، وجنبات نفسي بنور الولاء لآل محمد، وعلمتني
من فضلهم ما لم أكن أعلم، رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي، وأن أعمل
صالحا ترضاه، وأصلح لي في ذريتي، واملأ القلوب بنور الولاء للآل الكرام.



وأسألك يا مولاي بأسمائك الحسنى، أن تصلي وتسلم وتبارك على خاتم الأنبياء
والرسل محمد، وعلى آله الكرام، سفن النجا، ونجوم الهدى، وأن تحشرني بزمرتهم،
وتجعلني من مواليهم، إنك لودود رحيم.



أما بعد:



فإن وحدة الأمة الإسلامية، أمنية غالبة على قلب كل مسلم صادق، وهدف عام
مشترك يسعى لتحقيقه الذين آمنوا في مشارق الأرض ومغاربها، وفضلا عن أن هذه
الوحدة فريضة ربانية أوجب الله تعالى على المؤمنين إقامتها، فقد أصبحت وحدة
الأمة الإسلامية ضرورة تقتضيها مصلحة المسلمين، وتفرضها ضرورات وجودهم
للوقوف أمام زحف الطامعين في أرضهم، وخيراتهم، وردتهم عن دينهم.




ثم إن وحدة الأمة الإسلامية هي الإطار الأمثل لإحساس الأفراد المسلمين
بكرامتهم، وتميزهم برسالتهم العالمية.



وعلى الرغم من أن الوحدة الإسلامية أمنية غالبة، وفريضة ربانية، وهدف
مشترك، وضرورة من ضرورات الحياة المعاصرة، إلا أن المسلمين مختلفون في
وسائل تحقيقها، سلميا وبدون عنف، بالحكمة والإقناع لا بالقوة والإكراه، والأحزاب
الدينية الإسلامية عرضت وجربت عشرات الخطط لإقامة الوحدة الإسلامية، ففشلت
خططها، وهي لا تتوقف عن اختراع خطط جديدة.



وتسهيلا لمهمة المنادين بوحدة الأمة الإسلامية وضعت هذا الكتاب (الخطط
السياسية لتوحيد الأمة الإسلامية) وقسمته إلى ثلاثة أبواب:



الباب الأول: الأركان الشرعية لوحدة الأمة الإسلامية، ومن خلاله عرضت
التقاطيع الأساسية والتفصيلية للخطة الإلهية لتوحيد الأمة الإسلامية، وقد قسمت
هذا الباب إلى اثني عشر فصلا، وقسمت كل فصل إلى عشرات الفقرات المترابطة،
سقت فيها مختلف الأفهام للنصوص الشرعية، وعملت من مختلف الجهات لتوضيح كل
خافية، وما أن ينتهي القارئ من قراءة هذا الباب حتى يقف حقيقة على الخطة الإلهية
لتوحيد الأمة الإسلامية.



وفي الباب الثاني: الاختلاف بعد الوحدة والائتلاف، بينت كيف انقسمت الأمة،
وبدأت الوحدة تتآكل من الداخل، ثم انهارت نهائيا وسقطت بسقوط آخر سلاطين
بني عثمان، وعلل هذا الانهيار يومذاك على أنه نتيجة لتآمر دول الغرب، مع أن تآمر
الأمم الكافرة على الأمة المسلمة لم يتوقف حتى في عهد النبوة، لكن السبب الجوهري
لانهيار وحدة الأمة الإسلامية يكمن في التآكل الداخلي الناتج عن الصراع الصامت
بين الشرعية والواقع، والتفاوت المذهل بين هذين البعدين.




أما الباب الثالث: فقد تشابكت فيه الشرعية مع الوقائع التاريخية تشابكا عجيبا،
وقد حاولت أن أفك الاشتباك والتداخل بين المنظومة الحقوقية الإلهية وبين أفعال
الحكام، بحيث تكون المنظومة الإلهية كيانا حقوقيا مستقلا، وأفعال الحكام كيانا
حقوقيا آخر مستقلا ومتميزا.



والعملية في غاية العسر والتعقيد، فقد اختلطت الشرعية بالوقائع التاريخية،
ووحدت المجموعتان معا، واستمرت هذه الوحدة 1200 عاما تقريبا.



وحتى نوضح المنظومة الحقوقية الإلهية تمهيدا لإبراز الخطة الإلهية لتوحيد الأمة
الإسلامية حتى تتميز بالكامل عن غيرها.



وحتى نفهم خطة أهل بيت النبوة لتوحيد الأمة الإسلامية يتوجب الوقوف عليها
من مصادرها النقية، وبالتالي تمييزها بالكامل عن غيرها.



وحتى نفهم خطة قادة التاريخ السياسي الإسلامي لتوحيد الأمة الإسلامية يجب
الإحاطة بالحادثات التاريخية وتمييزها عن غيرها.



وبذلك نضع أيدينا على ثلاثة نماذج من الخطط لتوحيد الأمة الإسلامية.



ولا بد من التنبه إلى أن شيعة قادة التاريخ السياسي الإسلامي وهم الحزب الحاكم لم
يكونوا أبدا على وفاق مع شيعة أهل بيت النبوة وهم الحزب المعارض، فكل حزب
من هذين الحزبين ينظر نظرة شك وحذر وريبة للحزب الآخر، فحزب قادة التاريخ
وهم أهل السنة يعتقدون أنهم الأحق بحكم الأمة، وحزب شيعة أهل البيت يعتقدون
أن أهل البيت هم الأحق بحكم الأمة، ويحشر كل حزب آلاف الأدلة لإثبات صواب
وجهة نظره، وبالتالي فإنه لا يمكن علميا الركون لرأي أي حزب من هذين الحزبين
بالآخر، والمثير حقا أن كل حزب من هذين الحزبين يزعم أنه مسلح بالخطة الإلهية،
وأنه على الحق.



والأصعب في البحث أنه لا بد من معرفة الماضي معرفة يقينية قدر الإمكان، لأن
الحاضر مبني على الماضي، فالماضي هو أساس الحاضر.




والكارثة أن الحاضر هو أساس المستقبل، فلا يمكنك أن تفك الارتباط بين هذه
الأبعاد الثلاثة، لأنها خلقت متشابكة أصلا، فكل بعد هو أساس للبعد الذي يليه.



وقد تبين لي أنه لا خلاف بين القوميين العرب بأن الهاشميين هم سادة العرب،
ودرة تاجهم، ولا خلاف بين الإسلاميين العرب بأن الهاشميين هم بطن النبي الأعظم،
وأنهم الآل الكرام الذين لا تجوز الصلاة المفروضة على العباد بغير الصلاة عليهم،
وأنهم الذين احتضنوا النبي واحتضنوا دين الإسلام، وأن العرب مجتمعة قد حاصرتهم
ثلاث سنين في شعب أبي طالب، وأنهم أهل المودة في القربى، وأصحاب خمس
الخمس، وأن منهم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، ومنهم نجوم
الهدى بالنص الشرعي، وسفن النجا بالنص، وأنهم خير بطون بني آدم بالنص، وهم
أحد الثقلين بالنص... إلخ.



والسؤال ما هو ضرر الأمة الإسلامية لو سلمت بحق أهل البيت بالإمارة،
واحتفظت لنفسها بمنصب الوزارة، فأصبح الهاشميون هم الهيئة التأسيسية لوحدة الأمة
الإسلامية، ونقطة تجمعها ومحور قيادتها، بوصفهم القاسم المشترك بين المسلمين؟



إذا سلمت الأحزاب الدينية والجماعات التي ترفع شعار الإسلام بهذا، فإنها
تتخلى عما تسميه بمكتسباتها، خاصة وأنه ليس بينها وبين الاستيلاء على السلطة
بالقوة إلا باع أو ذراع، فهل يعقل أن تسلم وتعطي تعبها لغيرها أي للهاشميين؟



فترى الأحزاب، والجماعات الدينية، تضفي هالة من القداسة على مؤسسيها، وترفع
شعار (النبي جد التقي ولو كان عبدا حبشيا) وتشكك هذه الأحزاب بالبطن الهاشمي،
وبأهل بيت النبوة، وتتجاهل النصوص الشرعية الآخذة بالأعناق، والتي تعطيهم
حق القيادة والولاية، مما يعني أن المطلب الأساسي للأحزاب والجماعات الدينية هو
الحكم، والدين ليس أكثر من حبل يتمرجحون عليه للوصول إلى غايتهم وهو
الاستيلاء على السلطة بالقوة.




نحن نؤمن بالسلم، ونكره العنف، ونحترم العقل البشري الذي جعله الله حجة
على خلقه، ونحترم حرية الإنسان وكرامته، ولا يضيق صدرنا بالرأي المعارض، لأن
غايتنا هي إدراك الحقائق الشرعية المجردة، فقد يخطئ عمر وتصيب امرأة، ولكن
لا بد من مرجعية شخصية شرعية تستمع لكل الآراء وتزنها بموازين الشرع الحكيم
فتؤيد من يصيب وترد من يخطئ إلى جادة الصواب.



إلهي وسيدي ومولاي تجاوز عني إن أخطأت، واغفر زلتي إن زللت، إنك أنت
الغفار، وأنت تعلم ما في نفسي، ولا أعلم ما في نفسك، إنك أنت علام الغيوب، فإن
أخطأت فإن الخطأ مني، وإن أصبت فأنت ولي النعم.



إلهي اجعل عملي هذا خالصا لوجهك لا اشتهاء فيه ولا ادعاء، وهدية خالصة
لمحمد ولآل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وصدقة تطفئ بها خطاياي وذنوبي، مولاي إنك أنت الودود الرحيم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي وآله.



المحامي



أحمد حسين يعقوب





الباب الأول



الأركان الشرعية لوحدة الأمة الإسلامية



الفصل الأول: ماهية وحدة الأمة الإسلامية



الأساس الأول: المرجعية والقيادة السياسية



الفصل الثاني: الأساس الثاني: أسس وحدة الأمة الإسلامية



الفصل الثالث: المنظومة الحقوقية الإلهية



الفصل الرابع: نقد النظرية الرسمية في جمع القرآن



الفصل الخامس: نظرية أهل البيت وشيعتهم في جمع القرآن



الفصل السادس: موقع بيان النبي من المنظومة الحقوقية



الفصل السابع: بيان النبي عند أهل البيت وشيعتهم



الفصل الثامن: قضية كتابة الحديث النبوي



الفصل التاسع: دربان مختلفان



الفصل العاشر: كتابة الحديث النبوي عند أهل البيت



الفصل الحادي عشر: الأساس الثالث للوحدة: الأمة


الفصل الأول ماهية وحدة الأمة الإسلامية



1 - ماهية وحدة الأمة



الوحدة على العموم مطلب عام لكل أفراد، وأسر، وقبائل، وجماعات، وشعوب،
وأمم، الجنس البشري، فكأن الوحدة عنصر من عناصر الحياة ذاتها، وأصل من
أصول الخليقة، ولازمة من لوازم الفطرة الإنسانية، ومن هنا فإنك لن تجد إنسانا
سويا على الإطلاق يجاهر بالقول بأنه ضد وحدة الأفراد، أو وحدة أسرته، أو قبيلته،
أو شعبه، أو أمته، أو أنه حتى ضد وحدة الجنس البشري، دون أن يعلل هذه
المجاهرة بعذر يستريح إليه ويطمئن به، وما ذلك إلا لأن الوحدة أنس جميع البشر
وأمنية الجميع أو أنها ضاربة الجذور بالفطرة الإنسانية، وأنها عاكسة لوحدة الخليقة،
ووحدة الجنس البشري أصلا وابتداءا، ولعل هذا هو السر في كونها مطلبا عاما للبشر.



وبالرغم من أن الوحدة على كل الأصعدة مطلب عام، إلا أن البشر اختلفوا في
وسائل تحقيقها، شأنها شأن أي مطلب عام إنساني. فكانوا طرائق قددا، واختلافهم
في وسائل تحقيق هذه الوحدة دليل قاطع على سعيهم المستمر لتحقيقها، وبرهان
ساطع على عميق إدراكهم لأهمية هذه الوحدة وجزيل نفعها.



وإذا تحققت وحدة الأمة الإسلامية على أساس سليم يغدو ميسورا أن تتحقق

وحدة الجنس البشري، لأنها مؤهلة - إذا اتحدت - لتأخذ بيد الجنس البشري،
وترشد الحركة الإنسانية نحو الأفضل والأقوم، وذلك لما عند هذه الأمة من ثروة
فكرية وعقائدية وحقوقية شاملة وقائمة على الجزم واليقين.



مضافا إلى أن الأمة الإسلامية هي أكبر تجمع بشري تجمع حول فكرة التوحيد
والوحدة طوال التاريخ البشري.



وفي عصرنا نرى أن الأمة الإسلامية قادتها ظروف معينة إلى مفترق طريقين فإما أن
تحقق وحدتها، وإما أن تفقد ذاتها مع ما يستتبع هذا الفقدان من ضياع ودمار شامل.



عبر مئات المحاورات والمناقشات التي دارت بيني وبين الكثير من الإسلاميين
والقوميين العرب حول أنجح الوسائل لتحقيق الوحدة، تبين لي أنهم يؤمنون تماما أن
الوحدة قرار حكومي صادر عن رؤساء الدول، وكذلك نوعية النظام.



فيكفي برأي الإسلاميين العرب أن يصدر زعيم أي بلد قرارا بتبني النظام السياسي
الإسلامي حتى يسود ذاك النظام فعلا، ويكفي برأي القوميين العرب أن يتفق الزعماء
العرب على الوحدة وأن يعلنوا هذا الاتفاق، عندئذ تتحقق الوحدة! ذلك مبلغ
الفريقين من العلم، فكأنهم لا يعرفون الواقع، وكأنهم يجهلون أن في قواميس اللغة
كلمة ومفهوما اسمه القناعة العامة، وأن القيادة السياسية ما هي في حقيقتها وجوهرها
إلا مرآة تعكس كل ما في هذه القاعدة من مؤتلف ومختلف معا وبذات الوقت، فإن لم
تفعل ذلك فقد خالفت الغاية من وجودها.



ليتهم يعرفون أن إكراه ألف عاقل على سلوك درب واحدة ليس معقولا ولا مقبولا،
فقد تنام أعين رجال الدرك الذين أكرهوا الألف، عندئذ يفر العاقلون ويتفرقون، ولا
يدري أحد ما الذي يجري نتيجة تفرقهم وفرارهم هذا.



ليتهم يعلمون أن هنالك ظروفا موضوعية وأركانا ولوازم أساسية لا بد من توفرها
وتواجدها وتحققها أولا، وأن استعجال الشئ قبل أوانه يؤدي لحرمانه.






2 - وحدة الأمة الإسلامية نعمة إلهية



وحدة الأمة الإسلامية من أكبر النعم الإلهية، وهي ثمرة طبيعية للاعتصام بحبل الله،
حيث تألفت القلوب وأصبح الأعداء إخوانا ونجوا من السقوط، وكانوا على شفا حفرة
من النار.



وتلك نعمة إلهية ما كان لها أن تتحقق بغير الوسائل الإلهية وبغير الانقياد التام لله
حتى لو أنفق رائد الوحدة (صلى الله عليه وآله وسلم) ما في الأرض جميعا وهذا فوق طاقته (لو أنفقت ما في
الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم) سورة الأنفال آية 62.



فالوحدة مكافأة إلهية على انقياد المؤمنين لله، وقوة الوحدة وضعفها بحجم هذا
الانقياد، فإذا توقف الانقياد تتبعثر الوحدة وينفرط عقدها بصورة آلية.



وإعمالا لفرض الوحدة الإلهي، وإقامة له، وبالوسائل الإلهية وتحت الإشراف
الإلهي المباشر، ومن خلال دعوة قادها النبي بنفسه تمخضت عن دولة ترأسها النبي
بنفسه، تحققت الوحدة المثلى لكل العرب بكلفة بشرية لا تتجاوز 389 قتيلا من
الطرفين - دعاة الوحدة ومعارضيها - وبمدة زمنية لا تتجاوز عمليا عشر سنين وهي
مدة رئاسته المباركة للدولة الإسلامية.



وقبل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كان مجرد التفكير بتوحيد القبائل العربية ضربا من الأوهام، أو
أشد الأحلام جنونا.



ولا بد من التذكير بأن القبائل العربية لم تتوحد مع بعضها على أساس أنها كلها عرب،
ولا توحدت تلك القبائل مع مواليها ومن ساكنها في الجزيرة على أساس الإنسانية، أو
على أي أساس آخر، إنما توحدوا بنعمة الله، وعلى أساس الإسلام الداعي لإقامة
الدولة العالمية التي تحكم العائلة البشرية كلها، وفق المنظومة الحقوقية الإلهية.



وبتحقيق وحدة العرب ومن ساكنهم ووالاهم، وباكتمال نزول القرآن الكريم وتمام
البيان المحمدي له، كمل الدين وتمت النعمة وانتهى عمليا دور النبي كنبي، فالأمة

متحدة ولها قانون نافذ وهو المنظومة الحقوقية بشقيها: القرآن الكريم والبيان المحمدي
لهذا القرآن.



ومن نافلة القول أن نذكر بأن هذه المنظومة بينت كل شئ على الإطلاق في الماضي
والحاضر والمستقبل، بالحال والمآل، وبينت القيادة السياسية والمرجعية من بعد النبي
على اعتبار أنها أهم الأشياء، وأعلن المسلمون تمسكهم، وإصرارهم وحرصهم عليه.



في هذا الوقت بالذات أعلن النبي أنه خير فاختار ما عند الله، وأنه قد دعي للموت
فأجاب.



* *


الفصل الثاني أسس وحدة الأمة الإسلامية



الأساس الأول: المرجعية والقيادة السياسية



1 - التلازم بين المنظومة الحقوقية وبين المرجعية والقيادة



أن الأساس الأول لتحقيق وحدة الإسلامية هو وجود مرجعية وقيادة سياسية
تبلغ الرسالة الإلهية، وتبينها بيانا يفهمه العامة والخاصة، بيانا قائما على الجزم واليقين،
لا على الفرض والتخمين بحيث، يكون بيان هذه المرجعية هو عين المقصود الإلهي،
المحدد بالمنظومة الحقوقية الإلهية، بدون زيادة ولا نقصان، وهي تقوم بدور المرجعية
والقيادة السياسية معا، بحيث تكون هي المرجع لجميع أفراد الأمة الإسلامية،
وهيئاتها وجماعاتها في كل ما يتعلق ببيان أحكام العقيدة، أو المنظومة الحقوقية الإلهية،
وهي بنفس الوقت مرجع الراغبين بدخول الدين والانضمام إلى الأمة الإسلامية.



وفوق ذلك، هي التي تسوس الأمة وفق قواعد وأحكام المنظومة الحقوقية الإلهية،
وتقود مسيرة الأمة، وترشد حركتها السياسية بحيث تبقى دائما ضمن إطار الشرعية
والمشروعية الإلهية.



والمرجعية والقيادة السياسية متلازمة بالضرورة مع المنظومة، ومترابطة معها
ترابطا عضويا، فالمرجعية والقيادة السياسية تنهل من المنظومة الحقوقية الإلهية،

والمهمة الأساسية للمرجعية والقيادة السياسية هي بيان أحكام المنظومة الحقوقية
الإلهية بيانا قائما على الجزم واليقين، فالنبي كمرجع وكقائد يبين أحكام هذه المنظومة
عين البيان الذي أراده الله، فهو المسؤول عن ترجمة نصوص وقواعد وغايات هذه
المنظومة من النظرية إلى التطبيق، ومن الكلمة إلى الحركة على صعيدي الدعوة
والدولة معا، وهو بنفس الوقت المسؤول عن قيادة مسيرة الأمة وترشيد حركتها
السياسية، فبيان النبي جزء من المنظومة الإلهية، ويحسب من جملة مضامينها لأنه نبي.



ويمكنك القول بكل ارتياح: أن المنظومة الحقوقية الإلهية - وهي القانون النافذ -
بمثابة السفينة، وأن المرجع والقائد السياسي بمثابة القبطان، وأن هذه المنظومة هي
المخططات العامة والتفصيلية اللازمة لمشروع الإنقاذ الإلهي، والمرجع والقائد
السياسي هو بمثابة المهندس الذي يتولى عملية توضيح وشرح هذه المخططات،
وبيانها، وترجمتها عمليا إلى واقع مادي محسوس وملموس.



وإن شئت فقل: إن المرجع والقائد السياسي هو بمثابة معلم البناء، والمنظومة هي
بمثابة المواد الأولية، إنه من الجنون حقا تحضير المواد الأولية اللازمة للبناء والشروع
بالبناء دون مشورة المهندس ومعلم البناء، ولقد عالجت موضوع القيادة السياسية
بمؤلف خاص، بعنوان (نظرية عدالة الصحابة والمرجعية السياسية في الإسلام)، وهو
كتاب لا غنى عنه لمن أراد أن يقف على الحقائق المجردة في هذا المجال.



2 - المرجعية والقيادة السياسية اختصاص وعمل فني بحت
بمعنى أن بيان المنظومة الحقوقية الإلهية وقيادة الأمة عملية فنية واختصاص تماما
كالطب، والهندسة، وعلم الذرة، والفلك إلخ.



فالمرجع والقائد السياسي معا هو
الأعلم والأفهم بالمنظومة الحقوقية الإلهية، وهو الأفضل من بين أتباعها، وهو
الأنسب لقيادة هؤلاء الأتباع، هذا هو وجه الاختصاص والفن بالمرجع والقائد
السياسي، فهو أعلم أهل زمانه بالمنظومة الإلهية، وأكثر أهل زمانه إخلاصا لها،

وأكثرهم اعتصاما بالله، وأفضلهم للقيادة والمرجعية معا، لأن المرجعية والقيادة هي
الحكم (بفتح الحاء) وهي الناطقة بالحكم الإلهي، وهي التي تقود مسيرة الأمة وترشد
حركتها في كل مجال، ويفترض أن ما تتبناه هذه المرجعية هو عين المقصود الإلهي
بدون زيادة ولا نقصان.



وكل هذه الصفات خفية لا يعلمها على وجه الجزم واليقين إلا الله تبارك وتعالى
العالم بالسر وما يخفى، وأي ادعاء بالعلم بهذه الصفات هو ادعاء قائم على الفرض
والتخمين بينما العلم الإلهي قائم على الجزم واليقين.



فالله سبحانه وتعالى وحده هو الذي يعرف من تتوفر فيه صفات المرجعية والقيادة
السياسية معا، وهذه الصفات مفصلة تفصيلا على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى كل الأنبياء والرسل،
ولا يجادل أحد من أهل الملة بذلك.



فكلهم يقرون بالعقل والشرع والضرورة أن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الأعلم وهو الأفهم
بالمنظومة الإلهية، وهو الأفضل من بين أتباعها، وهو الأنسب والأصلح لقيادة
هؤلاء الأتباع.



بل تكاد هذه الحقيقة أن تكون سنة فعلية يتعذر على الجنس البشري مجتمعا
ومنفردا إنكارها، ومحاولات إنكار هذه الظاهرة، أو الالتفاف عليها لإبطال مضمونها
أو تأويلها، محاولات مكشوفة دوما، بإذن الله.



3 - المرجعية والقيادة السياسية من بعد النبي



النبي بشر، ومعروف بالعقل والشرع أنه ميت لا محالة، ولا خلاف بأن النبي هو
المرجع الديني والقائد السياسي للمسلمين حال حياته لأنه الأعلم، والأفهم بالمنظومة
الإلهية، والأفضل من بين أتباعها، والأصلح لقيادة هؤلاء الأتباع، ولكن بعد وفاة
النبي الأعظم وشغور منصب المرجعية والقيادة السياسية، فمن الذي يقوم مقامه فيكون
هو مرجع الناس في دينهم وقائدهم السياسي في دنياهم؟




ما هو حكم المنظومة الإلهية بذلك؟ وهل لا ينبغي أن يكون الأعلم والأفهم
بالمنظومة الإلهية، والأفضل من بين أتباع الملة، والأصلح لقيادة المسلمين حتى يكون
أهلا لخلافة النبي، والقيام مقامه بمرجعية الدين، وقيادة المسلمين معا؟



فإذا كان كذلك فكيف نهتدي إليه ونعرفه؟ وكيف تنتقل المرجعية والقيادة
السياسية بيسر؟ وما هي القواعد الإلهية التي عالجت هذه الناحية؟ ما هو دور الأمة؟



وما هو دور القائد السياسي والمرجع القائم بكل ذلك... إلخ.؟



بعد وفاة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) شاعت مقولتان:



المقولة الأولى: مقولة الإنكار والتقول بالتخلية، ومفادها أن الله ورسوله لم يعينا
مرجعية للدين، ولا قيادة للمسلمين بعد وفاة النبي، وقد تركا هذه الناحية وخليا
على الناس أمرهم، لأن القيادة السياسية والمرجعية - حسب رأي منظري هذه المقولة
- شأن خاص بالمسلمين، فهم وحدهم الذين يهتدون للقيادة السياسية المثلى، فإذا
اهتدوا إليها تصبح القيادة السياسية هي بنفسها المرجعية.



ومنظروا هذه المقولة لا ينكرون أن المرجعية والقيادة السياسية هي خلافة للنبوة،
وهي ضرورة من ضرورات الحياة، وقد أدركوا في ما بعد بالعقل والشرع أن الأسرة
لها مرجعية وقيادة، وكذلك القبيلة، وكذلك الشعب، وكذلك الأمة، وكل عقيدة
إلهية أو وضعية لها مرجعية وقيادة بالضرورة، لأن المرجعية والقيادة عنصر أساسي
لكل دعوة ولكل دولة ولكل جماعة بشرية، ولا توجد منظومة حقوقية إلهية أو
وضعية إلا وقد بينت قواعدها بيانا يرفع الخلاف وفصلت تفصيلا كيفية تنصيب القيادة
السياسية وكيفية انتقالها.



ومع هذا فإن القائلين بالترك والتخلية يصرون على القول بأن الله ورسوله خليا
على الناس أمرهم، وأن المنظومة الإلهية لم تعالج تنصيب وانتقال القيادة السياسية،
ولما اكتشفوا أنه لا بد من سند شرعي صار فعل السابقين هو السند الشرعي لفعل
اللاحقين، وزيادة باليقين قالوا بأن السند الشرعي هو الإجماع، والإجماع مصدر من

مصادر التشريع، ولقد سادت هذه المقولة طوال التاريخ السياسي الإسلامي،
ورسختها وسائل الإعلان الرسمية، حتى استقرت في الأذهان كسنة من سنن الأولين،
وجاء الإصرار على ترسيخ هذه المقولة دعما لوقائع التاريخ السياسي الإسلامي،
وإرغاما من الحكام لأنوف أهل البيت الكرام خاصة، وبني هاشم عامة الذين يقولون
بنظرية شرعية تعاكس تماما مقولة الترك والتخلية.



قلت في مقال لي نشر في جريدة اللواء الأردنية العدد 955 تاريخ 17 صفر 1412 ما يلي:



الأحزاب الدينية العربية لا تجهل أن الرسالات الإلهية لبني البشر لم تتوقف طوال
التاريخ البشري على الأرض، فهل تتفضل هذه الأحزاب - مشكورة ومأجورة إن
شاء الله - فتبين للناس متى أرسل الله تعالى رسالة بدون رسول؟ ومتى خصهم بعقيدة
دون مرجع؟ ومتى رحمهم بهداية دون هاد؟



وهل تتفضل هذه الأحزاب مشكورة، فتدلني على أي نظام إلهي أو وضعي عرف
طوال التاريخ، يغفل كيفية تنصيب القيادة السياسية أو كيفية انتقالها؟



معكم الدنيا طولا وعرضا فوقا وتحتا من لدن آدم حتى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإن لم تفعلوا
ولن تفعلوا بإذن الله، فقد آن الأوان لترك التقليد الأعمى، وآن أوان الدخول إلى أفق
رحابة التكييف الإلهي للأحداث والأحكام.



يكمن سبب المصائب التي حلت بهذه الأمة ومزقت وحدتها، وبعثرت صفوفها،
وجعلتها شيعا وأحزابا وطرائق قددا - يكمن في الفصل بين المنظومة الإلهية وبين
المرجعية والقيادة السياسية التي عينها الله تبارك وتعالى، واستبدالها بالمرجعية
والقيادة السياسية التي فرضتها القوة والغلبة، واستكان لها الناس بحكم طاعة الغالب،
ثم بحكم التكرار والتقليد الأعمى.



فما سالت الدماء إلا من أجل رئاسة الدولة، وما اختلف المسلمون إلا بسبب هذه
الرئاسة، وما حدثت الحروب بينهم إلا طمعا بها، فهل يعقل أن يبين الشرع الحنيف

للناس كيف يدخلون إلى الخلاء ثم يتنظفون ويتطهرون ويغفل ويترك بيان من يتولى
رئاسة الدولة بعد النبي، وكيفية تنصيبه، وكيفية انتقال الرئاسة؟



فكل القواعد التي عالجت ظاهرة السلطة في الإسلام والتي نقدمها للعالم على أساس
أنها النظام السياسي الإسلامي وضعت بعد وفاة النبي الكريم، وهي قواعد التاريخ
السياسي الإسلامي، وشتان ما بين التاريخ وما بين النظام السياسي الإسلامي الذي
أنزله الله على عبده، ولكن ضغط التكرار والتقليد هونا علينا أن نضحي بدين الله
لنصحح تاريخ البشر!!



المقولة الثانية: وهي مقولة تعاكس المقولة الأولى تماما، وترى بأن الله ورسوله لم
يتركا الأمر سدى، إنما بينا للمسلمين الأعلم والأفهم والأفضل والأنسب للقيادة
والمرجعية من بعد النبي، وفي كل زمان حتى قيام الساعة، ومن المحال عقلا وشرعا
أن يكل الله القيادة والمرجعية إلى أهواء الناس، ومن المحال أن تخلو المنظومة الحقوقية
الإلهية من القواعد التي ترتب كيفية تنصيب المرجعية والقيادة، وكيفية انتقالهما بيسر
وسهولة، وتلك أمور لم يغفل عنها الشارع الوضعي على قصوره.



وقد نادى بهذه المقولة الثانية أئمة أهل البيت الكرام خاصة، وبنو هاشم عامة،
ومن شايعهم من العرب والعجم.



4 - المقولتان تحت أشعة البحث العلمي



فإذا قال المسلمون: أن الله ورسوله لم يعينا المرجعية والقيادة السياسية من بعد
النبي، ولم يحددا من الذي سيقوم بوظائف النبي من بعده، ولا حددا من يبين للناس
أحكام المنظومة الإلهية، ولا من يبقي الأمة داخل إطار الشرعية والمشروعية، ولا
بينا من هو ولي الأمة بعد النبي، ولا من هو ركن مجدها القائم مقامه، ولا من هو ثقلها،
ولا من هو مثلها الأعلى الحي المتحرك بعد النبي، ولا من الذي سيقود معركة تحرير
البشرية وإنقاذها... إلخ.



فإذا قال المسلمون ذلك، فإن قولهم هذا يناقض قاعدة كمال

الدين وتمام النعمة الإلهية، لأن هذه الأمور من صلب الدين، ومن صميم النعمة
الإلهية ومن المحال عقلا أن تغفلها المنظومة الحقوقية الإلهية التي بينت كل شئ على
الإطلاق!! أرجوكم كيف يكون الذهاب إلى الخلاء شيئا فتبينه المنظومة الإلهية للناس
ولا تكون المرجعية والقيادة السياسية شيئا؟!! ما لكم كيف تحكمون؟ بل وأين تفرون؟



فإنكم لو أصررتم على ذلك لوجدتم أن هذا الإصرار يتعارض مع العقل والمنطق،
وأساسيات الحياة، فضلا عن تناقضه الصارخ مع المنظومة الحقوقية، ومجافاته التامة
لقواعدها.



5 - الرجوع عن مقولة التخلية



بعد أن استتب الأمر للصديق (رضي الله عنه) بجهد خارق بذله بالتعاون مع الفاروق (رضي الله عنه)، وبعد
أن دنت منية الصديق اكتشفوا أن ترك أمة محمد بلا مرجعية وبلا قيادة سياسية أمر غير
عملي، ويؤدي للفتنة والخلاف، ومن هنا تداعوا لتجنب ذلك فعهد الصديق الفاروق،
وتعالت نداءات التأييد لفكرة العهد، ونبذ التخلية والترك.



ومن هذه النداءات:



1 - نداء السيدة عائشة أم المؤمنين:



قالت لعبد الله بن عمر بن الخطاب يا بني: أبلغ عمر سلامي وقل له: لا تدع أمة محمد بلا راع، استخلف عليهم ولا تدعهم
بعدك هملا، فإني أخشى عليهم الفتنة.



فأتى عبد الله، فأعلمه وهو يقاسي سكرات
الموت، فقال: ومن تأمرني أن أستخلف. راجع الإمامة والسياسة الطبعة
الأخيرة 1969 م صفحة 123.



فقد أدركت أم المؤمنين وهي امرأة أن عدم الاستخلاف، وترك الأمة بدون راع
يجعل المسلمين هملا، ويؤدي بهم إلى الفتنة، فهل يعقل أن تدرك هذه الأمور امرأة،
وتغيب على الشارع الحكيم؟!!!



لست أدري كيف تحكمون؟!!!






2 - نداء عبد الله بن عمر بن الخطاب:



دخل عبد الله بن عمر بن الخطاب على أبيه عمر وهو يجود بنفسه، فقال له: يا أمير المؤمنين، استخلف على أمة محمد، فإنه
لو جاءك راعي إبلك أو غنمك وترك إبله أو غنمه لا راعي لها للمته، وقلت له:



تركت أمانتك ضائعة، فكيف يا أمير المؤمنين بأمة محمد، فاستخلف عليهم.



راجع مروج الذهب مجلد 2 صفحة 249 للمسعودي - دار الكتب العلمية
بيروت، وراجع حلية الأولياء مجلد 1 صفحة 44 برواية مشابهة.



فهل يعقل أن عبد الله بن عمر يدرك مخاطر هذا الأمر، ولا يدركه الشارع الحكيم؟!!



لست أدري ثانية كيف تحكمون؟!! أن لكم لما تخيرون؟!!!



3 - نداء معاوية بن أبي سفيان:



فمعاوية هو صاحب عام الجماعة، وهو الذي هندس اصطلاح التسنن (أهل السنة) وهو الذي اخترع نظرية عدالة كل الصحابة
بثوبها الفضفاض. راجع الباب الأول من كتابنا: نظرية عدالة الصحابة
والمرجعية السياسية في الإسلام.



فقوله لا بد أن يكون حجة على أولئك الذين
قدموا التاريخ على الشرع، وفصلوا الشرع على وقائع التاريخ، فما وافق التاريخ
فهو شرع، وما خالفه فليس من الشرع.



قدم معاوية المدينة ليأخذ من أهل المدينة البيعة لابنه يزيد، فاجتمع مع عدة من
الصحابة، إلى أن أرسل إلى ابن عمر فأتاه وخلا به، فكلمه بكلام وقال: لأكره أن
أدع أمة محمد بعدي كالضأن لا راعي لها. راجع الإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري
صفحة 168 مجلد 1 طبعة مصر.



4 - من أقوال أئمة أهل البيت الكرام:



قال الإمام علي (عليه السلام) في نهج البلاغة (... لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة إما ظاهرا مشهورا وإما خائفا مغمورا لئلا تبطل حجج
الله وبيناته). راجع نهج البلاغة قصار الكلمات وصفحة 151 من معالم الحكومة الإسلامية للعلامة جعفر السبحاني.




وقال الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) (إن الأرض لا تخلو إلا وفيها إمام، كيما
إذا زاد الناس شيئا ردهم، وإذا أنقصوا شيئا أتمه لهم).



6 - ما هي الغاية من تأييد نظرية التخلية والترك



غاية أولئك الذين يقولون بأن النبي قد ترك هذه الأمة هملا لا راعي لها بعده،
ولا مرجعية ترجع إليها، وبمعنى أن الدين قد أغفل هذه الناحية، غايتهم واضحة ومحددة
وهي: إضفاء طابع الشرعية على ما جرى في التاريخ السياسي الإسلامي بعد وفاة
الرسول، وحتى سقوط آخر الخلفاء العثمانيين، فإذا سلموا بوجود النص فيثور السؤال:



لماذا تجاهله الذين قادوا التاريخ السياسي؟ فإذا تجاهلوه حقيقة فهم الذين يتحملون
مسؤولية دمار الأمة، وفرقتها بنسب مختلفة، وهذا أمر غير معقول ولا يصدقه العقل،
فهل يعقل أن شخصا رأى الحبيب محمدا وآمن به، أن يخطأ مع سبق الإصرار؟ هذا أمر
لا يصدق!



وأحرى بهم أن يؤولوا الدين تأويلا يضفي الصحة والشرعية على أعمال الذين
قادوا التاريخ السياسي، بمعنى أنهم يضحون بالدين وكماله لينقذوا الرجال، لأنهم
عرفوا الحق بالرجال، مع أن الرجال يعرفون بالحق، ولا يعرف الحق بالرجال.



7 - قادة التاريخ السياسي الإسلامي حكم ترضونه



الصديق على فراش الموت عهد بالخلافة لعمر، راجع تاريخ الطبري مجلد 2
صفحة 429، وسيرة عمر لابن الجوزي صفحة 27، وتاريخ ابن خلدون مجلد 2
صفحة 58، وكتابنا النظام السياسي صفحة 28، وكتابنا نظرية عدالة الصحابة،
والمرجعية السياسية في الإسلام صفحة 287 وما فوق، والإمامة والسياسة صفحة 5،
وكان معروفا للخاصة والعامة أن الصديق سيعهد بالأمر من بعده للفاروق، لأن
الفاروق موضع ثقة الصديق والفاروق هو الذي دعم خلافة الصديق، وهذا معنى قول
الإمام علي (عليه السلام) لعمر: إحلب حلبا لك شطره، واشدد له اليوم أمره يردده عليك غدا.




راجع الإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري مجلد 1 صفحة 5 - 11



والخلاصة أن الصديق لم يترك أمة محمد هملا، إنما استخلف عليها عمر.



وعمر على فراش الموت وقد افتقد أبا عبيدة، وافتقد سالم، وافتقد معاذ بن جبل،
وحتى لا يدع أمة محمد هملا وبغير راع، استخلف عليهم عمليا عثمان بن عفان،
وعثمان (رضي الله عنه) هذا موضع ثقة الصديق بدليل أنه عندما كتب العهد لعمر قال له الصديق:



لو كتبت نفسك لكنت أهلا لها. راجع صفحة 438 مجلد 2 من تاريخ الطبري،
وصفحة 37 من سيرة عمر لابن الجوزي، وصفحة 85 مجلد 2 من تاريخ ابن خلدون،
وصفحة 147 من كتابنا النظام السياسي في الإسلام، وباب القيادة السياسية من كتاب
المرجعية السياسية في الإسلام.



وكان موضع ثقة الفاروق أيضا، فكان الناس إذا
أرادوا أن يسألوا عمر بشئ رموه بعثمان، وكان عثمان يدعى في إمارة عمر بالرديف،
والرديف بلسان العرب الرجل الذي يأتي بعد الرجل، والعرب تقول ذلك للرجل
الذي يرجونه بعد زعيمهم. راجع نظام الحكم للقاسمي صفحة 419 كما نقلها عن
الطبري من ابتداء معركة القادسية.



والخلاصة أن الفاروق لم يترك أمة محمد هملا وبغير راع من بعده.



فتلك أمور معروفة، فالثلاثة الذين حضروا اجتماع السقيفة قد خرجوا من السقيفة
معا مثلما دخلوها معا، وترتبت حقيقة أن أبا بكر هو الخليفة الأول، وأن عمر هو
الخليفة الثاني، وأن أبا عبيدة هو الخليفة الثالث، وبموت أبي عبيدة وقع اختيار
الخليفتين على عثمان، ومن يدقق بالشروط التي وضعها عمر لأصحاب الشورى - الخمسة
لأن طلحة كان غائبا - يكتشف أن عثمان بن عفان قد عهد إليه عمر بالنص، أو إن
شئت فقل: سماه خليفة بالنص، راجع كتابنا النظام السياسي في الإسلام صفحة 148 وصفحة 328



وبعد أن تولى الأمويون رئاسة الدولة لم يتركوا الأمة هملا وبغير راع، بل أصبح
العهد هو الطريقة المتبعة على الأغلب في تولية الخليفة، وهكذا الحال في عهد العباسيين،

والعثمانيين، فإما يعهد الخليفة إلى ولده أو لأحد أفراد الأسرة الغالبة المالكة. راجع نظام
الحكم للقاسمي صفحة 245 وما فوق.



ولم يصدف أن ترك أي خليفة على الإطلاق أمة محمد بغير راع، وقد جرت العادة
في ما بعد أن يعين رئيس الدولة الحالي الخليفة من بعده، وقد صور هذا الأمر كأنه
حق شرعي فقال ابن خلدون (إن الإمام ينظر للناس في حال حياته، وتبع ذلك أن
ينظر لهم بعد وفاته، ويقيم لهم من يتولى أمرهم. راجع مقدمة ابن خلدون صفحة 177



والسند الشرعي لهذا كله، لا يكمن في وجود نص في الشريعة، سواء القرآن أو
السنة، فقد خلت الشريعة - برأيهم - تماما من أي نص في هذه الناحية.



والشئ
الوحيد الذي جعل هذا التصرف شرعيا هو عهد أبي بكر لعمر، وعهد عمر لعثمان أو
للستة.



* *



الفصل الثالث الأساس الثاني: المنظومة الحقوقية الإلهية



1 - ماهية المنظومة الحقوقية الإلهية



ما جاء في القرآن الكريم، وما قاله النبي وما فعله وما أقره، حق لا يأتيه الباطل
من بين يديه ولا من خلفه، ويقين لا مجال للشك فيه، وقد قدما تصورا يقينيا شاملا
وكاملا وقائما على الجزم واليقين، وهذا التصور يغطي بالكامل ساحة الأهداف
والوسائل وكافة نواحي الحياة، وهذا التصور هو بمثابة مخططات عامة وتفصيلية
ودقيقة لواقع ما هو كائن على الإطلاق، ومستقبل كل كائن على الإطلاق في دائرة
الواقع والممكن، وما ينبغي أن يكون عليه هذا الكائن في دائرة المنى الذي سيتحول
إلى واقع، بحيث يقودك هذا التصور اليقيني وتلك المخططات درجة درجة وخطوة
خطوة حتى تصل بك إلى الغاية المبرمجة شرعيا من أقصر الطرق، وبأقل التكاليف، وفي
كل أمر من الأمور.



عندئذ تكون المنظومة هي نبع الشرعية والمشروعية، وهي القائدة والموجهة.



إنها بنية حقوقية قائمة على الجزم واليقين، بعكس البنى الوضعية القائمة أصلا على
الفرض والتخمين.






2 - ركيزتا المنظومة الحقوقية الإلهية



تقوم المنظومة الحقوقية الإلهية على ركيزتين، وتتكون من شقين:



1 - كتاب الله المنزل.



2 - نبي الله المرسل بذاته وقوله وفعله وتقريره، ولا يمكن الفصل بين هذين الركنين، لأن الصلة بينهما عضوية لا تقبل الانفصام.



3 - القرآن الكريم



اقتضت حكمة الله تعالى أن ينزل القرآن مفرقا على عبده، وعلى مكث وفترات
زمنية غطت عهد النبوة كاملا، ومن المتفق عليه أن مدة إقامة النبي بالمدينة المنورة
كانت عشر سنين، أما مدة إقامته بمكة المكرمة بعد البعثة ففيه ثلاثة أقوال، فقد قيل
عشر سنين وقيل 13 سنة، وقيل 15 سنة، مما يعني أن مدة تنزيل القرآن استمرت
20 سنة، أو 23 سنة، أو 25 سنة.



قال تعالى (وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا) سورة الإسراء
آية 106 حيث كانت آيات القرآن الكريم تنزل حسب الحاجة، خمس آيات، وعشر
آيات، وأكثر، وأقل وصح نزول (غير أولي الضرر) وحدها وهي بعض آية، راجع
أضواء على السنة المحمدية للسيد محمود أبو ريه صفحة 246 - 247 مؤسسة
الأعلمي للمطبوعات.



ومع كل كوكبة تتنزل من القرآن الكريم توجيهات إلهية لتضع
كل آية بسورة محددة، وفي مكان محدد من هذه السورة، كما سنبين في ما بعد.



لكن كيف جمع القرآن الكريم بصورته الموجودة بين أيدينا؟



لقد انقسم المسلمون إلى فريقين تماما كما انقسموا في المرجعية والقيادة السياسية،
وسنبين الخطوط العريضة لهاتين النظريتين، ثم نزنهما بميزان الشرع الحكيم، وبميزان
العقل الراجح الذي جعله الله حجة باطنة على خلقه، وهاتان النظريتان هما:



1 - نظرية السلطة أو أهل السنة بوصفهم شيعة السلطة طوال التاريخ.



2 - نظرية المعارضة أو أهل الشيعة الذين كانوا شيعة لأهل بيت النبوة طوال التاريخ.






4 - ترك جديد وتخلية جديدة



لم يكتف أهل السنة بالقول بأن الرسول الأعظم خلى على الناس أمرهم وتركهم
دون قيادة سياسية ومرجعية دينية، بل تجاوزوا ذلك فقالوا إنه (صلى الله عليه وآله وسلم) ترك القرآن في
صدور الرجال دون جمع، وبما أن القرآن الكريم هو قانون الدولة الإسلامية النافذ الذي
لا غنى عنه، ومن غير الجائز أن يترك في صدور الرجال بدون جمع لأنه قد يضيع،
لهذا كله شمر الصديق، والفاروق، وذو النورين عن سواعدهم، وقاموا بهذا العمل
الجليل، واقتسموا هذا الشرف العظيم بينهم، ولولا خطواتهم المباركة لضاع القرآن،
ولما وصلنا، ولفقد قانون الدولة كما فقد رئيسها.



وقد نقل المتقي الهندي في كنزه عن ابن حبان في صحيحه، وعن الدارقطني في
سننه، وعن أحمد في مسنده، وعن البخاري ومسلم في صحيحيهما، وعن الترمذي في
سننه... أن عمر راجع زيد بن ثابت ليجمع القرآن، وأن أبا بكر راجعه أيضا، فقال
زيد لكل منهما كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله؟ فأجابه كل منهما بالقول (والله إنه
خير) ولم يزل كل واحد منهما يراجع زيدا حتى شرح الله صدر زيد لما شرح له صدر
أبي بكر وعمر، وعندئذ بدأ بتتبع القرآن يجمعه من الرقاع، واللخاف، والأكتاف،
وصدور الرجال، حتى وجد آخر سورة براءة مع خزيمة، ولم يجدها مع أحد من
المسلمين غيره، وكانت الصحف التي جمع فيها زيد القرآن عند أبي بكر طيلة حياته
حتى توفاه الله، ثم عند عمر طيلة حياته حتى توفاه الله، ثم عند حفصة بنت عمر.



راجع كنز العمال - طبعة مؤسسة الرسالة مجلد 2 صفحة 571 - 572 الحديث رقم 4751



وراجع صحيح بخاري مجلد 6 صفحة 48 باب جمع القرآن.



ولما تولى عثمان أرسل إليها
لتدفعه - القرآن المجموع - فأبت حتى عاهدها عثمان ليردنه إليها، فبعثت حفصة
بصحائف القرآن، فنسخها عثمان هذه المصاحف ثم ردها، فلم تزل عندها حتى

توفيت، ولما رجعوا من دفنها أرسل مروان بن الحكم إلى عبد الله بن عمر ليرسل إليه
بصحف القرآن التي كانت بحوزة أخته حفصة بنت عمر، فاستجاب عبد الله بن عمر
وأرسل تلك الصحف، عندئذ أمر بها مروان فشققت حتى لا يرتاب الناس في مصحف
عثمان. راجع كنز العمال مجلد 2 صفحة 572 - 574 الحديث 4751، وصحيح بخاري
مجلد 6 صفحة 48 باب جمع القرآن.



وقد ربطنا هذه الرواية بالرواية السابقة لتشكل
الروايتان وجهة نظر رسمية متكاملة.



5 - أبطال جمع القرآن الكريم وفرسانه



لقد تقاسم الخلفاء الثلاثة: الصديق، والفاروق وذو النورين مفخرة وشرف جمع
القرآن الكريم، ولولاهم لضاع القرآن، بعد أن تركه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دون جمع، بحسب
رأي أنصار هذه النظرية.



تعطي الروايات دور الفروسية لمجموعة من الصحابة الكرام، تفضلوا مشكورين
ومأجورين بمساعدة الخلفاء الثلاثة على جمع القرآن الكريم، وهم حصرا: زيد بن
ثابت الذي تكلف عناء جمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، وكم بحث عن
أواخر سورة التوبة فوجدها مع أبي خزيمة الأنصاري، راجع كنز العمال مجلد 2 صفحة
572 - 574 الحديث 4751، وصحيح بخاري مجلد 6 صفحة 48 باب جمع القرآن.



وحذيفة بن اليمان الذي أشار على عثمان بأن يدرك الأمة، فنسخ عثمان المصاحف،
راجع كنز العمال مجلد 2 صفحة 81 الحديث 4775، ونقله عن البخاري مجلد 6 صفحة
226 باب جمع القرآن، وجامع الأصول مجلد 2 صفحة 502، والترمذي كتاب التفسير
رقم 2102، وعن ابن حبان.



وسعيد بن العاص فهو أعرب الناس، تعاون مع أكتب الناس زيد بن ثابت ابن
الأنباري في المصاحف، الحديث رقم 4767.



ومالك بن أنس قال: كنت فيمن أملي
عليهم فربما اختلفوا في الآية الحديث 4776 مجلد 2 من الكنز نقله الخطيب في المتفق،

وعن ابن أبي داود والأنباري: وأبي بن كعب كان يملي وزيد بن ثابت يكتب وسعيد
بن العاص يعرب. الحديث 4789 مجلد 2 صفحة 587 نقله عن ابن سعد. وأبو هريرة
بارك الجمع، وروى لذي النورين حديثا عن رسول الله يبارك طريقة عثمان، فأعجب
عثمان بالحديث، وأمر لأبي هريرة بعشرة آلاف درهم، وقال له: والله ما علمت أنك
لتحبس علينا حديث نبينا. الحديث رقم 4796.



ومروان بن الحكم له دور! فقد استحضر الصحف الموجودة عند حفصة بعد موتها،
وأمر بحرق هذه الصحف، حتى لا يرتاب الناس في القرآن العثماني الموجود بين أيدي
الناس كما أسلفنا.



6 - وسيلة الأبطال والفرسان لإثبات القرآن



1 - لما كلف زيد بن ثابت بجمع القرآن الكريم قال: فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع،
واللخاف، والأكتاف، والعسب، وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة
التوبة مع خزيمة بن ثابت الأنصاري، ولم أجدها مع غيره. راجع كنز العمال مجلد 2
صفحة 571 - 572 حديث 4751، وقد نقلها عن ابن سعد، وأحمد في مسنده
وعن الترمذي في صحيحه، والنسائي في سننه، وابن حبان في صحيحه وعن
البخاري في صحيحه، وعن مسلم في صحيحه.



2 - خاف الصديق أن يضيع القرآن، فقال للفاروق عمر بن الخطاب، ولزيد بن
ثابت: أقعدا على باب المسجد، فمن جاءكما بشاهدين على شئ من كتاب الله
فاكتباه، مجلد 2 صفحة 572 من الكنز حديث 4754 ونقله عن ابن أبي داود
في المصاحف.



وروي مثل هذه الرواية أيضا عن ابن سعد، وعن الحاكم، وهي مثبتة بالحديث رقم 4756



3 - قام عمر بن الخطاب في الناس خطيبا فقال: من كان تلقى من رسول الله شيئا
من القرآن فليأتنا به... وكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد عليه شاهدان،
مجلد 2 صفحة 575 الحديث 4759




4 - خطب عثمان فقال: من كان عنده من كتاب الله شئ فليأتنا به، وكان لا يقبل
من ذلك شيئا حتى يشهد عليه شاهدان، فجاء خزيمة ومعه آيتان، فشهد معه
عثمان. مجلد 2 صفحة 575 الحديث 4759



5 - أرسل أبو بكر مناديا، فنادى في الناس: من كان عنده شئ من القرآن فليجئ
به... إلخ. كنز العمال مجلد 2 صفحة 576 الحديث 4764



6 - قال خزيمة: جئت بآية (لقد جاءكم رسول من أنفسكم) فقال زيد: من يشهد معك
بها؟ قلت: لا والله ما أدري، فقال عمر: أنا أشهد معه على ذلك. مجلد 2 صفحة
576 الحديث 4762 ومجلد 2 صفحة 578 الحديث 4766



7 - كان عمر لا يقبل آية من كتاب الله حتى يشهد عليها شاهدان، فجاء رجل من
الأنصار بآيتين، فقال عمر: لا أسألك عليها شاهدا غيرك... إلخ.



7 - مسك الختام، وتسمية القرآن



ولما تم لهذا الفريق ما أراد وجمع القرآن بهذه الكيفية، لم يبق عليهم إلا التسمية
فاحتاروا! فقد روى الزركشي والسيوطي وغيرهما وقالوا (لما جمع أبو بكر القرآن قال
سموه، قال بعضهم سموه إنجيلا، فكرهوه، وقال بعضهم: سموه السفر فكرهوه من يهود،
فقال ابن مسعود: رأيت للحبشة كتابا يدعونه المصحف فسموه). راجع الإتقان
للسيوطي صفحة 63 ومعالم المدرستين للعلامة السيد مرتضى العسكري مجلد 2 صفحة 14 - 15



وهكذا جمع القرآن، واختصوا بفضل جمعه من البداية إلى النهاية، ولولاهم لذهب
القرآن، ولضاع تماما، ولما قامت للدين قائمة.



ولما أنجزوا هذا العمل لم يبق عليهم إلا التسمية وإعمالا لمبدأ الشورى اقترح البعض
أن يسموا هذا المجموع إنجيلا، واقترح البعض الآخر أن يسمونه (سفرا) وسموه
مصحفا لأن للحبشة كتابا يدعونه بالمصحف.. ووضع هذا الإنجاز بين يدي المسلمين!!



/ 20